هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2330 وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : كَانَتِ الْأَنْصَارُ يَكْرَهُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، حَتَّى نَزَلَتْ : { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ، فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2330 وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن أنس ، قال : كانت الأنصار يكرهون أن يطوفوا بين الصفا والمروة ، حتى نزلت : { إن الصفا والمروة من شعائر الله ، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Anas (Allah be pleased with him) reported that the Ansar felt reluctant that they should circumambulate between al-Safa' and al-Marwa until it was revealed:

Verily al-Safa' and al-Marwa are among the Signs of Allah ; so whoever performs Hajj or 'Umra, for him there is no harm that he should circumambulate between them.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أنس رضي الله عنه قال: كانت الأنصار يكرهون أن يطوفوا بين الصفا والمروة.
حتى نزلت: { { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } }


المعنى العام

إن أكثر شعائر الحج تمثل وتذكر بمنسك من مناسك الله السابقة وبخاصة في شريعة إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، فتقديس البيت الحرام بالطواف وزمزم والحجر الأسود وعرفة ورمي الجمرات، أكثره موروث للعرب من ملة أبيهم إبراهيم عليه السلام أقره الإسلام أو أضفى عليه مسوح العبادة الصحيحة.

ومن هذه الموروثات السعي بين الصفا والمروة، فهو يذكرنا بأمنا هاجر يوم نفد ما معها من ماء وعطش ابنها وطفلها إسماعيل في صحراء لا ماء فيها، صعدت الصفا، لعلها ترى طيراً يحوم على ماء، أو إنساناً بعيداً تجري وراءه ليغيثها وابنها، وهبطت إلى الوادي لتصعد إلى جبل المروة ترجو الإنقاذ من الهلاك، فعلت ذلك سبع مرات، فإذا برحمة الله وفضله تفجر عين زمزم تحت أقدام الطفل إسماعيل، وكانت أساس العيش في واد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم، وكانت أساس الإقامة ثم التحضر في مكة المكرمة، وبقي السعي بين الصفا والمروة منسكاً عربياً، لكنه أصابته نوبة الشرك، وعبادة الأصنام، فوضع على الصفا صنم يمثل رجلا اسمه إساف، ونصب على المروة صنم يمثل امرأة اسمها نائلة، والعجيب أن في كتب أهل الكتاب أن إسافاً ونائلة كان رجلاً وامرأة زنيا في داخل الكعبة، فمسخهما الله تعالى إلى صنمين، حجرين، تمثالين، فوضعا على الصفا والمروة ليعتبر الناس بهما، وبعاقبة هذه الفاحشة الكبرى، العجيب أن تتحول هذه الحقيقة في غياهب الزمان إلى تقديس لهذين الصنمين وعبادة لهما، والذبح والتقرب إليهما ودعائهما ليقربا إلى الله زلفى.
وجاء الإسلام، وفي فتح مكة حطمت الأصنام، وحطم إساف ونائلة، وتطهرت عقيدة المسلمين من الأوثان وبقيت شعيرة السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة في الإسلام، وتحرج المسلمون من سعي كانوا يفعلونه في الجاهلية بين صنمين، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا نكره السعي بين الصفا والمروة، ونتحرج منه لما كنا عليه في الجاهلية، فأنزل الله تعالى: { { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم } } [البقرة: 158].
واجتهد المسلمون في فهم الآية، هل هي ترفع الحرج ليكون السعي مندوباً؟ أو ليكون واجباً؟ أو ليكون ركناً فرضاً، وكانت هذه الأحاديث فكراً إسلامياً عميقاً دقيقاً يشهد لعائشة رضي الله عنها وللمسلمين بالتفقه في الدين.

المباحث العربية

(إني لأظن رجلاً لو لم يطف بين الصفا والمروة ما ضره) أي ما حصل لحجه أو عمرته ضرر، وفي الرواية الثانية ما أرى علي جناحاً ألا أتطوف بين الصفا والمروة وفي الرواية الثالثة ما أرى على أحد لم يطف بين الصفا والمروة شيئاً، وما أبالي ألا أطوف بينهما ففي الأولى يتكلم عن غيره، وفي الثانية يتكلم عن نفسه، وفي الثالثة يتكلم عن غيره وعن نفسه، فربما كانت الثالثة هي الأصل والأولى والثانية تصرفاً من الرواة، وربما تعددت الأحاديث منه، والصفا رأس جبل معروف بجوار البيت بمكة، وهو في الأصل جمع صفاة ، وهي صخرة ملساء، ويجمع على أصفاء وصفا، والمروة التي تذكر مع الصفا رأسه الثاني، التي ينتهي السعي إليها، وهي في الأصل حجر أبيض براق، وبين الرأسين واد، منخفضة يسمى بطن المسيل، أي المكان الذي يجتمع فيه السيل.

(قالت: لم؟) أي لماذا تظن هذا الظن؟ وفي الرواية الثالثة بئس ما قلت يا ابن أختي فهو ابن أختها أسماء بنت أبي بكر، قال النووي: هكذا هو في أكثر النسخ، وفي بعضها يا ابن أخي وكلاهما صحيح فالزبير زوج أختها في مقام أخيها]، والأول أصح وأشهر، وهو المعروف في غير هذه الرواية.

{ { إن الصفا والمروة من شعائر الله } } إلى آخر الآية) موطن الاستدلال في بقية الآية { { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم } } والظاهر أنه قرأ الآية لخالته كاملة، أو أنه قرأ هذا الجزء فقط مشيراً به إلى الجزء الآخر معتمداً على حفظها وفهمها رضي الله عنها.

والشعائر جمع شعيرة، والشعائر أعمال الحج، وكل ما جعل علماً لطاعة الله تعالى، وقال الزجاج: هي جميع متعبدات الله التي أشعرها الله، أي جعلها إعلاماً لنا، وقال الحسن: شعائر الله دين الله.

ووجهة نظر عروة أن قوله تعالى: { { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } } يفيد إباحة الطواف بين الصفا والمروة، فيفيد إباحة عدم الطواف بهما، ذلك لأن رفع الجناح معناه رفع الإثم، ورفع الإثم علامة المباح، ويزيد المستحب إثبات الأجر ويزيد الوجوب عقاب التارك، فلو كان مستحباً أو واجباً لما اكتفى برفع الحرج، الذي يستعمل أكثر ما يستعمل في المباح دون الواجب.

ووجهة نظر عائشة -رضي الله عنها- أن نفي الجناح عن الفعل ليس نصاً في المباح فإن المستحب والواجب منفي عنه الجناح، فنفي الجناح عن الفعل لا يلزمه نفي الجناح عن الترك، ولو أريد رفع الجناح على الترك لقيل: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما.
بزيادة لا.

وإنما جاءت الآية بذلك لتطابق الموقف، فإنهم كانوا يتحرجون من الطواف بين الصفا والمروة، فقيل لهم: لا تتحرجوا، ولا جناح عليكم في هذا الفعل، بل هو واجب لا حرج فيه، كما تقول: لا تتحرج من قول الحق وشهادة الحق على أبيك، ولم تتعرض الآية للوجوب، فهو يستفاد من دليل آخر، ورفعت الجناح والحرج ليزول وقت أداء الفعل.

(أن الأنصار كانوا يهلون) أي يحجون.

(في الجاهلية لصنمين على شط البحر، يقال لهما إساف ونائلة، ثم يجيئون، فيطوفون بين الصفا والمروة) قال النووي: قال القاضي عياض: هكذا وقع في هذه الرواية.
قال: وهو غلط، والصواب ما جاء في الروايات الأخرى في الباب يهلون لمناة [جاء ذلك في رواياتنا الثانية والثالثة والخامسة] قال: وهذا هو المعروف، قال: ومناة صنم كان نصبه عمرو بن لحي في جهة البحر بالمشلل، مما يلي قديداً، وكانت الأزد وغسان تهل له بالحج، وأما إساف ونائلة فلم يكونا قط في ناحية البحر، وإنما كانا فيما يقال رجلاً وامرأة، فالرجل اسمه إساف بن بقاء، ويقال: ابن عمرو، والمرأة اسمها نائلة بنت ذئب ويقال: بنت سهل، قيل: كانا من جرهم، فزنيا داخل الكعبة، فمسخهما الله حجرين، فنصبا عند الكعبة، وقيل: على الصفا والمروة، ليعتبر الناس بهما ويتعظوا، ثم حولهما قصي بن كلاب فجعل أحدهما ملاصق الكعبة، والآخر بزمزم، وقيل: جعلهما بزمزم، ونحر عندهما، وأمر بعبادتهما، فلما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة كسرهما.
هذا آخر كلام القاضي.

وجزم محمد بن إسحق بأن عمرو بن لحي نصب مناة على ساحل البحر، مما يلي قديداً، فكانت الأزد وغسان يحجونها ويعظمونها، إذا طافوا بالبيت، وأفاضوا من عرفات وفرغوا من منى أتوا مناة، فأهلوا لها، فمن أهل لها لم يطف بين الصفا والمروة.
قال: وكانت مناة للأوس والخزرج والأزد من غسان ومن دان دينهم من أهل يثرب.
فالتحرج على هذا عن الطواف بين الصفا والمروة لكونهم كانوا لا يفعلونه في الجاهلية، والروايتان الثانية والثالثة صريحة في هذا، ففي الثانية كانوا إذا أهلوا أهلوا لمناة في الجاهلية، فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة وفي الثالثة وإنما كان من أهل لمناة الطاغية التي بالمشلل لا يطوفون بين الصفا والمروة أما على الرواية الأولى -إذا صححنا خطأها، وحذفنا كلمة على شط البحر -فقد كانوا يهلون لإساف ونائلة، ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة، فالتحرج على هذا مخافة أن يفعلوا فعلاً يضاهي فعل الجاهلية، تصرح بذلك الرواية الأولى، وفيها فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما، للذي كانوا يصنعون في الجاهلية.

قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون الأنصار في الجاهلية فريقين، منهم من كان يطوف بينهما [على ما تقتضيه روايتنا الأولى] ومنهم من كان لا يطوف بينهما [على ما تقتضيه روايتنا الثانية والثالثة] واشترك الفريقان في الإسلام على التوقف [أي والتحرج] عن الطواف بينهما.

(وإنما كان من أهل لمناة الطاغية التي بالمشلل) الطاغية صفة إسلامية لمناة والمشلل بضم الميم وفتح الشين وتشديد اللام الأولى مفتوحة اسم موضع قريب من قديد وقيل: ثنية مشرفة على قديد.
وقديد -كما سبق- قرية جامعة بين مكة والمدينة.

(فأعجبه ذلك، وقال: إن هذا العلم) قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا.
قال القاضي: وروي إن هذا لعلم بالتنوين، وكلاهما صحيح، ومعنى الأول: إن هذا هو العلم المتقن، ومعناه استحسان قول عائشة رضي الله عنها، وبلاغتها في تفسير الآية.

فقه الحديث

قال النووي في المجموع: مذهبنا أن السعي ركن من أركان الحج والعمرة، لا يتم واحد منهما إلا به، ولا يجبر بدم، ولو بقي منه خطوة لم يتم حجه، ولم يتحلل من إحرامه حتى يأتي بما بقي، وإن طال ذلك سنين، وبه قالت عائشة ومالك في المشهور عنه وأحمد في رواية وداود، وقال أبو حنيفة: هو واجب ليس بركن، فيجبر بدم، وقال ابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وابن الزبير وأنس: هو تطوع، ليس بركن، ولا واجب، ولا دم في تركه.
اهـ وهو رواية عن أحمد.

أما القول الأول فدليلهم قول عائشة في روايتنا الأولى ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة وفي الرواية الثانية فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة وإن الرسول صلى الله عليه وسلم سعى بين الصفا والمروة هو وأصحابه، وقال: لتأخذوا عني مناسككم كما استدلوا بما رواه الشافعي وأحمد في مسنده والدارقطني والبيهقي من رواية حبيبة بنت تجراه، ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس.
اسعوا، فإن السعي قد كتب عليكم.

ويجيب المخالفون بأن نفي عائشة لتمام الحج والعمرة لا يدل على أن السعي ركن فمن ترك الواجب، بل من ترك المستحب فحجه غير تام، بل فيه نقص عن التمام والكمال، وعلى فرض أنها تريد الركنية فهو رأي لها، واجتهاد منها، لا يلتزم به غيرها، وأما سعي الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقوله: لتأخذوا عني مناسككم فلا يدل على الركنية، فقد فعل من المناسك ما هو ركن وما هو واجب وما هو مستحب.

وأما حديث أيها الناس.
اسعوا، فإن السعي قد كتب عليكم ففي إسناده ضعف، لا يحتج به، قال ابن عبد البر في الاستيعاب: فيه اضطراب، وقال ابن المنذر: إن ثبت حديث بنت أبي تجراه أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي فهو ركن قال الشافعي: وإلا فهو تطوع، قال: وحديثها رواه عبد الله بن المؤمل، وقد تكلموا فيه.

ودافع البدر العيني عن مذهب الحنفية، فقال: إن قول عائشة -رضي الله عنها- [في روايتنا الرابعة] قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما يدل على الوجوب، ورفع الجناح في الآية ينفي الفرضية، فهو واجب ليس بركن قال ابن قدامة عن مذهب الحنفية: وهو أقرب إلى الحق.
أما القول الثالث، وأنه تطوع فيمثله ابن عباس رضي الله عنهما، وقد وضح تمسكه بهذا القول في رواياتنا الخامسة والثمانين من باب وجوه الإحرام، والسادسة والثمانين، والسابعة والثمانين.
واحتج القائلون بهذا القول بقوله تعالى: { { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } } وفي قراءة شاذة لابن مسعود -وهي في قوة حديث { { فلا جناح عليه ألا يطوف بهما } } ورفع الجناح في الطواف بهما يدل على أنه مباح، لا واجب ثم قوله تعالى: { { ومن تطوع خيراً } } بعد قوله: { { فلا جناح عليه أن يطوف بهما } } يدل على أن السعي تطوع ومندوب، ومن البعيد قولهم: إنه راجع إلى أصل الحج والعمرة، لا إلى خصوص السعي، وقولهم: إن السعي وحده لا يتطوع به لإجماع المسلمين على أن التطوع بالسعي لغير الحاج والمعتمر غير مشروع، لأن الكلام في الحاج والمعتمر، والسعي بالنسبة لهما، وليس في السعي بدون حج أو عمرة، فالآية تفيد أن السعي للحاج والمعتمر تطوع خير.
ثم قول عائشة وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدل على أنه جعله ركناً، وتفسير سن بفرض وشرع خلاف الأصل، في حاجة إلى قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي، ولا قرينة.
والله أعلم.

وفي كيفية السعي وواجباته يقول النووي: إذا فرغ من ركعتي الطواف فالسنة أن يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه، ثم يخرج من باب الصفا إلى المسعى، فيأتي سفح جبل الصفا، فيرقى عليه قدر قامة، حتى يرى البيت، وهو يتراءى له من باب الصفا، بخلاف المروة، إذا صعد استقبل الكعبة، وهلل وكبر ودعا، فإذا فرغ من الذكر والدعاء نزل من الصفا متوجهاً إلى المروة، فيمشي على سجية مشيه المعتاد، حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلق بركن المسجد على يساره قدر ست أذرع، ثم يسعى سعياً شديداً حتى يتوسط الميلين الأخضرين اللذين أحدهما في ركن المسجد، والآخر متصل بدار العباس رضي الله عنه، ثم يترك شدة السعي، ويمشي على عادته، حتى يأتي المروة فيصعد عليها، حتى يظهر له البيت إن ظهر، فيأتي بالذكر والدعاء.
فهذه مرة من سعيه.
ثم يعود من المروة إلى الصفا، فيمشي في موضع مشيه، ويسعى في موضع سعيه، فإذا وصل إلى الصفا صعده، وفعل من الذكر والدعاء ما فعله أولاً، وهذه مرة ثانية من سعيه، وهكذا حتى يكمل سبع مرات، يبدأ بالصفا، ويختم بالمروة، ويستحب أن يدعو بين الصفا والمروة في مشيه وسعيه، ويستحب قراءة القرآن فيه.

ثم قال: أما الواجبات فأربعة: أحدها أن يقطع المسافة كاملة بين الصفا والمروة، فلو بقي منها بعض خطوة لم يصح سعيه.
ثانيها: الترتيب: وهو أن يبدأ بالصفا، فإن بدأ بالمروة لم يحسب مروره منها إلى الصفا.
ثالثها: إكمال سبع مرات.
رابعها: كون السعي بعد طواف صحيح.

ثم قال: والموالاة بين أشواط السعي سنة، فلو تخلل فصل يسير أو طويل بينهن لم يضر، وإن كان شهراً أو سنة.
أما المرأة فالجمهور على أنها لا تسعى في موضع السعي، بل تمشي جميع المسافة نهاراً أو ليلاً.

ثم قال: ويسن للرجال الاضطباع في المسعى جميعه.
والله أعلم.

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم:

1- فقه عائشة -رضي الله عنها- وعلمها، ودقة فهمها، وبلاغتها.

2- الاجتهاد والمناقشة بين الصغير والكبير، وإبداء الصغير رأيه أمام الكبير.

3- توجيه الكبير للصغير برفق، وشرح المطلوب وإيضاحه وبيانه.

4- ومن قول أبي بكر بن عبد الرحمن ولقد سمعت رجالاً من أهل العلم....
إلخ إظهار العلم وعدم كتمانه.

5- ومن قوله إن هذا العلم استحباب الثناء على المحسن في العلم، واستحسان القول الحسن.

6- ومن الرواية السابعة أن الطواف بين الصفا والمروة لا يكرر للقارن بين الحج والعمرة.

7- قال النووي: وفيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حجة الوداع قارناً.

والله أعلم