هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2309 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ : لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مِنَ الْبَيْتِ ، إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2309 حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا الليث ، ح وحدثنا قتيبة ، حدثنا ليث ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر ، أنه قال : لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت ، إلا الركنين اليمانيين
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت، إلا الركنين اليمانيين.

المعنى العام

إن كثيراً من مناسك الحج تعبدي، لا يخضع للتحكيم العقلي، ولا تدرك علته، وقد شاء الله تعالى أن يكون الشرع الإسلامي في أغلب أحكامه معللاً، يحكم العقل بفائدته والدوافع إليه، كما شاءت حكمته أن يختبر المسلم بطلب الطاعة فيما لا يدرك حكمته وهي ما تسمى بلغة العصر بالطاعة العمياء، ليظهر مدى الاستجابة للأوامر والنواهي باعتبارها صادرة من الله فحسب، بل أكثر من هذا قد يرفض العقل الفعل المطلوب، ولا يقبله ولا يستسيغه، لكنه إذا تحقق أنه مطلوب المشرع لزم التسليم والاستجابة، وهذا هو قمة العبادة، وقمة الخضوع، وقمة طاعة المشرع، وكانت خطيئة إبليس أنه سقط في هذا الامتحان إذ أمر بالسجود لآدم.

ونجح عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال للحجر يسمع جماهير المسلمين: والله إني لأقبلك، وإني أعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك.
ونجح المسلمون الذين يقتدون برسول الله صلى الله عليه وسلم في مسحهم بأيديهم الركن اليماني من الكعبة في الطواف، وتقبيلهم الحجر الأسود ومسحه، أو استلامه ولو بعصا، وهم يؤمنون بأن هذه الجمادات مخلوقة كبقية المخلوقات، فهم حين يعظمونها إنما يعظمونها لأن الله أمرهم بتعظيمها، فالتعظيم إذن لله وأمره، وصدق الله العظيم إذ يقول { { ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } } [الحج: 32] .
لا يعظمونها لتقربهم إلى الله زلفى كما كان المشركون يعبدون الأصنام، فالأحجار لا تقرب إلى الله زلفى في عقيدة المسلمين، وإنما اتباع الأوامر أيا كانت هي التي تقرب إلى الله زلفى، وقد ضرب لنا المثل في ذلك أبونا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وابنه إسماعيل عليه السلام حيث قال { { يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين } } [الصافات: 102] .
فأسلما لله، وربط ابنه للسكين.

المباحث العربية

( لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين) وفي الرواية الثانية لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من أركان البيت إلا الركن الأسود والذي يليه من نحو دار الجمحيين وفي الرواية الثالثة كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني وفي الرواية السادسة لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم غير الركنين اليمانيين قال النووي: اعلم أن للبيت أربعة أركان، الركن الأسود، والركن اليماني، ويقال لهما اليمانيان، على سبيل التغليب، كما قيل في الأب والأم الأبوان، وفي الشمس والقمر القمران، واليمانيان بتخفيف الياء، هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة، وحكي فيها لغة أخرى بالتشديد، فمن خفف قال: هذه نسبة إلى اليمن [لأن هذا الركن يتجه ناحية اليمن] فالألف عوض من إحدى ياءي النسب، فتبقى الياء الأخرى مخففة، ولو شددناها [مع الألف] لكان جمعاً بين العوض والمعوض، وذلك ممتنع، ومن شدد قال: الألف في اليماني زائدة، وأصله اليمني فتبقى الياء مشددة، وتكون الألف زائدة، كما زيدت النون في صنعاني.

وأما الركنان الآخران فيقال لهما: الشاميان.

والاستلام هو المسح باليد، يقال: استلمت الحجر إذا لمسته، والركن الأسود أي الزاوية التي وضع فيها الحجر الأسود، وهي الزاوية القريبة من باب الكعبة، والحجر ليس أسود اللون، بل أحمر إلى السواد، لكنه بالنسبة لبقية حجارة الكعبة يعتبر أسود، وعرف بهذا الاسم من بناء الكعبة، وهو موضوع على ارتفاع ذراعين وثلثي ذراع من الأرض.

والركن الذي يليه المراد به من جهة الشرق، ولذلك فسره بقوله من نحو دار الجمحيين ومن المعلوم أن الطائف يجعل الحجر على يساره ويطوف، فالركن الذي يلي ركن الحجر بالنسبة للطائف هو في الحجر، وليس مراداً، بل المراد الركن الذي يليه الحجر أي الذي يقع الحجر بعده بالنسبة للطائف.

( في شدة ولا رخاء) أي في زحام أو فسحة.

( منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله) أي يفعل الاستلام، وليس تقبيل اليد.

( لقد علمت أنك حجر) في الرواية الثامنة والتاسعة إني لأعلم أنك حجر وفي الرواية التاسعة وأنك لا تضر ولا تنفع خاطب الحجر بصوت مرتفع، ليسمعه الناس، فهم المقصودون بالكلام، ومراد عمر رضي الله عنه إزالة ما قد يخطر على بال الجهال بأن استلام الحجر هو مثل ما كانت العرب تفعله مع أصنامهم، وهو قريبو عهد بذلك، فأراد رضي الله عنه- أن يعلمهم أن استلامه لا يقصد به إلا تعظيم الله عز وجل، والوقوف عند أمر نبيه صلى الله عليه وسلم وأن ذلك من شعائر الحج التي أمر الله بتعظيمها، وأن استلامه مخالف لفعل الجاهلية في عبادتهم الأصنام، لأنهم كانوا يعتقدون أنها تقربهم إلى الله زلفى، فنبه عمر على مخالفة هذا الاعتقاد، وأنه لا ينبغي أن يعبد إلا من يملك الضرر والنفع، وهو الله جل جلاله.

( قبل الحجر والتزمه) أي وثبت عليه، وتعلق به، قال النووي: وفيه إشارة إلى استحباب السجود عليه.

( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفياً) أي معنياً مهتماً محتفلاً مكرماً.

( يستلم الركن بمحجن) بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الجيم، عصا معوجة الرأس، يتناول بها الراكب ما سقط له، ويلتقط بها ما يريد التقاطه.
أي فكان يمسح الحجر بالطرف المعوج من عصا في يده، وإذا أطلق الركن أريد به الأسود.

( لأن يراه الناس) أي ركب على راحلته ليسهل على الناس رؤيته صلى الله عليه وسلم، فقد كانوا حريصين على ذلك.

( وليشرف) بضم الياء وسكون الشين وكسر الراء، يقال: أشرف أي علا وارتفع وأشرف على الشيء اطلع من فوق، وتعهده وتولاه.

( وليسألوه) وليسهل عليهم سؤاله عما يهمهم من أمور مناسكهم.

( فإن الناس غشوه) بضم الشين مخففة، أي ازدحموا عليه.

( كراهية أن يضرب عنه الناس) قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ يضرب بالباء، وفي بعضها يصرف بالصاد والفاء، وكلاهما صحيح.

فقه الحديث

قال النووي: الركن الأسود فيه فضيلتان.
إحداهما كونه على قواعد إبراهيم عليه السلام، والثانية كونه فيه الحجر الأسود، وأما اليماني ففيه فضيلة واحدة، وهي كونه على قواعد إبراهيم، وأما الركنان الآخران فليس فيهما شيء من هاتين الفضيلتين، فلهذا خص الحجر الأسود بشيئين: الاستلام والتقبيل، للفضيلتين، وأما اليماني فيستلمه، ولا يقبله، لأن فيه فضيلة واحدة، وأما الركنان الآخران، فلا يقبلان ولا يستلمان.
قال: وقد أجمعت الأمة على استحباب استلام الركنين اليمانيين، واتفق الجماهير على أنه لا يسمح الركنين الآخرين، واستحبه بعض السلف، وممن كان يقول باستلامهما الحسن والحسين ابنا علي وابن الزبير، وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك.
قال القاضي أبو الطيب: أجمعت أئمة الأمصار والفقهاء على أنهما لا يستلمان.

ثم قال: ويستحب تقبيل الحجر الأسود في الطواف بعد استلامه، وكذا يستحب السجود على الحجر أيضاً، بأن يضع جبهته عليه، فيستحب أن يستلمه، ثم يقبله، ثم يضع جبهته عليه.
قال: هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وانفرد مالك عن العلماء، فقال: السجود عليه بدعة، واعترف القاضي عياض المالكي بشذوذ مالك في هذه المسألة عن العلماء.

ثم قال: وأما الركن اليماني فيستلمه ولا يقبله، بل يقبل اليد بعد استلامه، هذا مذهبنا، وقال أبو حنيفة لا يستلمه.
وقال مالك وأحمد: يستلمه ولا يقبل اليد بعده، وعن مالك رواية أنه يقبله، وعن أحمد رواية أنه يقبله.
اهـ

ويؤخذ من الأحاديث:

1- يؤخذ من الرواية الأولى والثانية والثالثة والرابعة والسادسة أنه لا يمسح ولا يستلم من أركان البيت إلا الركنين اليمانيين، وقد روى البخاري عن أبي الشعثاء أنه قال: ومن يتقي شيئاً من البيت؟ وكان معاوية يستلم الأركان، فقال له ابن عباس رضي الله عنهما إنه لا يستلم هذان الركنان، فقال: ليس شيء من البيت مهجوراً.

قال التيمي: الركنان اللذان يليان الحجر ليسا بركنين أصليين، لأن وراء ذلك حجر إسماعيل، وهو من البيت، فلو رفع جدار الحجر، وضم إلى الكعبة في البناء، كما كان على بناء إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يكونا ركنين.

2- ومن الرواية الخامسة من تقبيله يده بعد الاستلام أنه يستحب تقبيل اليد بعد استلام الحجر الأسود إذا عجز عن تقبيل الحجر.
قال النووي: وهذا الحديث محمول على من عجز عن تقبيل الحجر، وإلا فالقادر يقبل الحجر، ولا يقتصر على اليد والاستلام بها وهذا الذي ذكرناه من استحباب تقبيل اليد بعد الاستلام للعاجز عن تقبيل الحجر هو مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال القاسم بن محمد التابعي المشهور: لا يستحب التقبيل، وبه قال مالك في أحد قوليه.

3- ومن أحاديث عمر رضي الله عنه وتقبيله الحجر وقوله ما قال: التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيه، قال الخطابي: فيه تسليم الحكمة، وترك طلب العلل وحسن الاتباع فيما لم يكشف لنا عنه من المعنى، وأمور الشريعة على ضربين: ما كشف عن علته، وما لم يكشف، وهذا ليس فيه إلا التسليم.

4- وفيه قاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله، ولو لم تعلم الحكمة فيه.

5- وفيه دفع ما وقع لبعض الجهال من أن في الحجر الأسود خاصية ترجع إلى ذاته وأما ما رواه الحاكم من أن عليا رضي الله عنه قال لعمر رضي الله عنه -إنه يضر وينفع، ثم نسب إليه أنه يشهد لمن يستلمه بالتوحيد فهذا الحديث ضعيف، وعلى فرض صحته فإنه ليس نافعاً لذاته بل هو كالأرض والزمان يشهدان للإنسان أو عليه، والنفع والضر سببه عمل الإنسان نفسه.

6- وفيه بيان السنن بالقول والفعل.

7- وأن الإمام إذا خشى على أحد من فعله فساد اعتقاده بادر إلى بيان الأمر والتوضيح.

8- وفي قول الراوي الأصلع أو الأصيلع أنه لا بأس بذكر الإنسان بلقبه أو وصفه الذي لا يكرهه، وإن كان قد يكره غيره مثله.

9- وفي الروايات الثانية عشرة والثالثة عشرة وما بعدها جواز الطواف راكباً، قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: الأفضل أن يطوف ماشياً، ولا يركب إلا لعذر مرض أو نحوه، أو كان ممن يحتاج الناس إلى ظهوره ليستفتي ويقتدي بفعله، فإن طاف راكباً بلا عذر جاز بلا كراهة، لكنه خالف الأولى، كذا قال جمهور أصحابنا، وقال إمام الحرمين: في القلب -من إدخال البهيمة التي لا يؤمن تلويثها المسجد- شيء، فإن أمكن الاستيثاق فذلك، وإلا فإدخالها المسجد مكروه.
ثم قال النووي: وجزم جماعة من أصحابنا بكراهة الطواف راكباً من غير عذر، والمشهور الأول، والمرأة والرجل في الركوب سواء.

ثم قال: ونقل الماوردي إجماع العلماء على أن طواف الماشي أولى من طواف الراكب، فلو طاف راكباً لعذر، أو غيره صح طوافه، ولا دم عليه عندنا في الحالين، وهذا هو الصحيح من مذهب أحمد، وقال مالك وأبو حنيفة: إن طاف راكباً لعذر أجزأه ولا شيء عليه، وإن طاف راكباً لغير عذر فعليه دم، قال أبو حنيفة: وإن كان بمكة أعاد الطواف واحتجا بأنها عبادة تتعلق بالبيت، فلا يجزئ فعلها على الراحلة كالصلاة، وقالوا: إنما طاف صلى الله عليه وسلم راكباً لشكوى عرضت له، ورد عليهم بأن الأحاديث الصحيحة الثابتة من رواية جابر وعائشة مصرحة بأن طوافه صلى الله عليه وسلم راكباً لم يكن لمرض بل كان ليراه الناس ويسألوه ولا يزاحموا عليه، وقياسهم على الصلاة فاسد لأن الصلاة لا تصح راكباً إذا كانت فريضة، وقد سلموا صحة الطواف، ولكن ادعوا وجوب الدم، ولا دليل لهم في ذلك.
اهـ

والحق أن قول الشافعية: إن طاف راكباً بلا عذر جاز بلا كراهة قول يعوزه الدليل وما في رواياتنا عذر، معلل، بل الرواية السابعة عشرة يفيد مفهومها تقييد الجواز بالعذر وإلا لما اشتكت أم سلمة رضي الله عنها.

10- واستدل به أصحاب مالك وأحمد على طهارة بول ما يؤكل لحمه وروثه، لأنه لا يؤمن ذلك من البعير، فلو كان نجساً لما عرض المسجد له، قال النووي: ومذهبنا ومذهب أبي حنيفة وآخرين نجاسة ذلك، وهذا الحديث لا دلالة فيه، لأنه ليس من ضرورته أن يبول أو يروث في حال الطواف، وإنما هو محتمل، وعلى تقدير حصوله ينظف المسجد منه، وقد أقر صلى الله عليه وسلم إدخال الصبيان والأطفال المسجد مع أنه لا يؤمن بولهم، بل قد وجد ذلك، ولأنه لو كان ذلك محققاً لنزه المسجد منه، سواء كان نجساً أو طاهراً، لأنه مستقذر.

11- وفي قوله يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبل المحجن في الرواية السادسة عشرة دليل على استحباب استلام الحجر الأسود، وأنه إذا عجز عن استلامه بيده، بأن كان راكباً أو غيره استلمه بعصا ونحوها، ثم قبل ما استلم به.
وهذا مذهب الشافعية.

12- وفي قوله طوفي وراء الناس وأنت راكبة في الرواية السابعة عشرة أن سنة النساء في الطواف التباعد عن الرجال.

13- وأن الراكب في الطواف لا يقرب من البيت لئلا يؤذى الناس بدابته.

14- وفي قوله في حجة الوداع في الرواية الثالثة عشرة والرابعة عشرة جواز قول: حجة الوداع، وقد كره بعض العلماء أن يقال لها: حجة الوداع.
قال النووي: وهو غلط، والصواب جواز ذلك.

15- وفي مفهوم الرواية السابعة عشرة أنه لا يستحب للنساء تقبيل الحجر، ولا استلامه إلا عند خلو المطاف في الليل أو غيره، لما فيه من ضررهن وضرر الرجال بهن، قاله النووي.

16- وفيه أن استحباب قرب الطائف من البيت إنما هو في حق الرجل، أما المرأة فيستحب لها أن لا تدنو في حال الطواف عند زحمة الرجال، بل تكون في حاشية المطاف بحيث لا تخالط الرجال، فإن كان المطاف خالياً من الرجال استحب لها القرب من البيت كالرجال.
والله أعلم.

17- استدل بعضهم بهذه الأحاديث على مشروعية تقبيل الأماكن الشريفة، وتقبيل المصحف وكتب الحديث على قصد التعظيم والتبرك، وكذلك تقبيل أيدي الصالحين ويرون أن ذلك حسن محمود باعتبار القصد والنية.
والتحقيق منع تقبيل ما لم يرد الشرع بتقبيله من الأحجار وغيرها، والاقتصار في ذلك على ما ورد الشرع به، ليكون الدافع هو الاستجابة لأمر الشرع فحسب.
أما تقبيل النافع من الأحياء لنفعه وفضله فهو مشروع، ومنه تقبيل يد الأبوين، ومن في حكمهما، ويد العلماء والصالحين.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب اسْتِحْبَابِ اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ فِي الطَّوَافِ دُونَ الرُّكْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ
[ سـ :2309 ... بـ :1267]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مِنْ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ
قَوْلُهُ : ( لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ وَالَّذِي يَلِيهِ مِنْ نَحْوِ دُورِ الْجُمَحِيِّينَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( لَا يَسْتَلِمُ إِلَّا الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَ ) هَذِهِ الرِّوَايَاتُ مُتَّفِقَةٌ ، فَالرُّكْنَانِ الْيَمَانِيَانِ هُمَا الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ وَالرُّكْنُ الْيَمَانِيُ ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُمَا الْيَمَانِيَانِ لِلتَّغْلِيبِ ، كَمَا قِيلَ : فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ : الْأَبَوَانِ ، وَفِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ : الْقَمَرَانِ ، وَفِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - : الْعُمَرَانِ ، وَفِي الْمَاءِ وَالتَّمْرِ : الْأَسْوَدَانِ ، وَنَظَائِرُهُ مَشْهُورَةٌ ، ( وَالْيَمَانِيَانِ ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ هَذِهِ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِيهَا لُغَةً أُخْرَى بِالتَّشْدِيدِ ، فَمَنْ خَفَّفَ قَالَ : هَذِهِ نِسْبَةٌ إِلَى الْيَمَنِ ، فَالْأَلِفُ عِوَضٌ مِنْ إِحْدَى يَائَيِ النَّسَبِ ، فَتَبْقَى الْيَاءُ الْأُخْرَى مُخَفَّفَةً ، وَلَوْ شَدَّدْنَاهَا لَكَانَ جَمْعًا بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ ، وَمَنْ شَدَّدَ قَالَ : الْأَلِفُ فِي الْيَمَانِي زَائِدَةٌ ، وَأَصْلُهُ الْيَمَنِيُّ فَتَبْقَى الْيَاءُ مُشَدَّدَةً ، وَتَكُونُ الْأَلِفُ زَائِدَةً ، كَمَا زِيدَتِ النُّونُ فِي صَنْعَانِيٍّ وَرَقَبَانِيٍّ ، وَنَظَائِرِ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( يَمْسَحُ ) فَمُرَادُهُ يَسْتَلِمُ ، وَسَبَقَ بَيَانُ الِاسْتِلَامِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْبَيْتِ أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ : الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ .
وَالرُّكْنُ الْيَمَانِيُ ، وَيُقَالُ لَهُمَا الْيَمَانِيَانِ كَمَا سَبَقَ ،.

وَأَمَّا الرُّكْنَانِ الْآخَرَانِ فَيُقَالُ لَهُمَا : الشَّامِيَّانِ ، فَالرُّكْنُ الْأَسْوَدُ فِيهِ فَضِيلَتَانِ ، إِحْدَاهُمَا : كَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالثَّانِيَةُ كَوْنُهُ فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ ،.

وَأَمَّا الْيَمَانِيُ فَفِيهِ فَضِيلَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ كَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ ، .

وَأَمَّا الرُّكْنَانِ الْآخَرَانِ فَلَيْسَ فِيهِمَا شَيْءٌ مِنْ هَاتَيْنِ الْفَضِيلَتَيْنِ ، فَلِهَذَا خُصَّ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ بِشَيْئَيْنِ : الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ لِلْفَضِيلَتَيْنِ ،.

وَأَمَّا الْيَمَانِيُ فَيَسْتَلِمُهُ وَلَا يُقَبِّلُهُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً وَاحِدَةً ،.

وَأَمَّا الرُّكْنَانِ الْآخَرَانِ فَلَا يُقَبَّلَانِ وَلَا يُسْتَلَمَانِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى اسْتِحْبَابِ اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ ، وَاتَّفَقَ الْجَمَاهِيرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ الرُّكْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ ، وَاسْتَحَبَّهُ بَعْضُ السَّلَفِ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ بِاسْتِلَامِهِمَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ابْنَا عَلِيٍّ وَابْنُ الزُّبَيْرِ ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - .
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ : أَجْمَعَتْ أَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ وَالْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُمَا لَا يُسْتَلَمَانِ ، قَالَ : وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ خِلَافٌ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، وَانْقَرَضَ الْخِلَافُ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُمَا لَا يُسْتَلَمَانِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .