هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2295 حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ فَإِنْ كَانَ فِيهَا صَاحِبُهَا فَلْيَسْتَأْذِنْهُ ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَلْيُصَوِّتْ ثَلَاثًا ، فَإِنْ أَجَابَهُ فَلْيَسْتَأْذِنْهُ وَإِلَّا فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِلْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2295 حدثنا عياش بن الوليد الرقام ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة بن جندب ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه ، فإن أذن له فليحتلب وليشرب ، فإن لم يكن فيها فليصوت ثلاثا ، فإن أجابه فليستأذنه وإلا فليحتلب وليشرب ولا يحمل
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Samurah ibn Jundub:

The Prophet (ﷺ) said: When one of you comes to the cattle, he should seek permission of their master if he is there; if he permits, he should milk (the animals) and drink. If he is not there, he should call three times. If he responds, he should seek his permission; otherwise, he may milk (the animals) and drink, but should not carry (with him).

شرح الحديث من عون المعبود لابى داود

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    [2619] ( عَلَى مَاشِيَةٍ) فِي الْقَامُوسِ الْمَاشِيَةُ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ ( فَإِنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَاشِيَةِQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث يَزِيد بْن هَارُون عَنْ سَعِيد الْجَرِيرِيّ عَنْ أَبِي نَضْرَة عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيّ قَالَ إِذَا أَتَى أَحَدكُمْ عَلَى رَاعٍ فَلْيُنَادِ يَا رَاعِي الْإِبِل ثَلَاثًا فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا ( فَلْيُصَوِّتْ) أَيْ فَلْيُنَادِ ( وَلَا يَحْمِلْ) أَيْ لِيَذْهَبْ بِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا فِي الْمُضْطَرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ طَعَامًا وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ التلف فإذاQفَلْيَحْلُبْ وَلْيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِلَنَّ
وَإِذَا أَتَى أَحَدكُمْ عَلَى حَائِط فَلْيُنَادِ ثَلَاثًا يَا صَاحِب الْحَائِط
فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا فَلْيَأْكُلْ وَلَا يَحْمِلَنَّ وَهَذَا الْإِسْنَاد عَلَى شَرْط مُسْلِم
وَإِنَّمَا أَعَلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ سَعِيدًا الْجَرِيرِيّ تَفَرَّدَ بِهِ وَكَانَ قَدْ اِخْتَلَطَ فِي آخِر عُمْره وَسَمَاع يَزِيد بْن هَارُون مِنْهُ فِي حَال اِخْتِلَاطه وَأُعِلَّ حَدِيث سَمُرَة بِالِاخْتِلَافِ فِي سَمَاع الْحَسَن مِنْهُ
وَهَاتَانِ الْعِلَّتَانِ بَعْد صِحَّتهمَا لَا يُخْرِجَانِ الْحَدِيثَيْنِ عَنْ دَرَجَة الْحَسَن الْمُحْتَجّ بِهِ فِي الْأَحْكَام عِنْد جُمْهُور الْأُمَّة
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْل بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْإِمَام أَحْمَد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَقَدْ قِيلَ مَنْ مَرَّ بِحَائِطٍ فَلْيَأْكُلْ وَلَا يَتَّخِذ خُبْنَة
وَرُوِيَ فِيهِ حَدِيث لَوْ كَانَ ثَبَتَ عِنْدنَا لَمْ نُخَالِفهُ
وَالْكِتَاب وَالْحَدِيث الثَّابِت
أَنَّهُ لَا يَجُوز أَكْل مَال أَحَد إِلَّا بِإِذْنِهِ
وَالْحَدِيث الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيّ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث يَحْيَى بْن سليم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن النبي قَالَ مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فَلْيَأْكُلْ وَلَا يَتَّخِذ خُبْنَة قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ حَدِيث يَحْيَى بْن سُلَيْم أخبرنا قتيبة أخبرنا الليث عن بن عَجْلَان عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عن جده أن النبي سُئِلَ عَنْ الثَّمَر الْمُعَلَّق فَقَالَ مَنْ أَصَابَ مِنْهُ مِنْ ذِي حَاجَة غَيْر مُتَّخِذ خُبْنَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث حَسَن
فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاء فِي الْقَوْل بِمُوجَبِ هَذِهِ الأحاديث
فذهبت طائفة منهم إِلَى أَنَّهَا مُحْكَمَة وَأَنَّهُ يَسُوغ الْأَكْل مِنْ الثِّمَار وَشُرْب اللَّبَن لِضَرُورَةٍ وَغَيْرهَا
وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ
وَهَذَا ( الْمَشْهُور عَنْ أَحْمَد) وَقَالَتْ طَائِفَة لَا يَجُوز لَهُ شَيْء مِنْ ذَلِكَ إِلَّا لِضَرُورَةٍ مَعَ ثُبُوت الْعِوَض فِي ذِمَّته
وَهَذَا الْمَنْقُول عَنْ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَاحْتُجَّ لِهَذَا الْقَوْل بِحُجَجٍ
إِحْدَاهَا قَوْله تَعَالَى { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} وَالتَّرَاضِي مُنْتَفٍ فِي هَذِهِ الصُّورَة
الثَّانِيَة الْحَائِط وَالْمَاشِيَة لَوْ كَانَا لِيَتِيمٍ فَأَكَلَ مِنْهُمَا كَانَ قَدْ أَكَلَ مَال الْيَتِيم ظُلْمًا فَيَدْخُل تحت الوعيد كَانَ كَذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا الصَّنِيعَ
وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّ هَذَا شَيْءٌ قَدْ مَلَّكَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ فَهُوَ مُبَاحٌ لَهُ لَا يَلْزَمُ لَهُ قِيمَةٌ
وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ قِيمَتَهُ لَازِمَةٌ لَهُ يُؤَدِّيهَا إِلَيْهِ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبَةِ نَفْسٍ مِنْهُ انْتَهَى
قَالَQالثَّالِثَة مَا خَرَّجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث أبي بكرة
أن النبي قَالَ فِي خُطْبَته فِي حَجَّة الْوَدَاع إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَام كَحُرْمَةِ يَوْمكُمْ هَذَا فِي بَلَدكُمْ هَذَا فِي شَهْركُمْ هَذَا وَمِثْله فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ جَابِر
الرَّابِعَة مَا فِي الصَّحِيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ النبي قَالَ كُلّ الْمُسْلِم عَلَى الْمُسْلِم حَرَام
دَمه وَمَاله وَعِرْضه
الْخَامِسَة مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صحيح من حديث بن عباس أن النبي خَطَبَ فِي حَجَّة الْوَدَاع فَذَكَرَ الْحَدِيث
وَفِيهِ ولا يحل لامرىء مِنْ مَال أَخِيهِ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيب نَفْس
السَّادِسَة مَا رَوَاهُ مُسْلِم فِي صحيحه عن بن عمر عن النبي أَنَّهُ قَامَ فَقَالَ لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدكُمْ مَاشِيَة أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنه أَيُحِبُّ أَحَدكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَته فَيُكْسَر بَاب خِزَانَته الْحَدِيث
السَّابِعَة أَنَّ هَذَا مَال مِنْ أَمْوَال الْمُسْلِم فَكَانَ مُحْتَرَمًا كَسَائِرِ أَمْوَاله
قَالَ الْأَوَّلُونَ لَيْسَ فِي شَيْء مِمَّا ذَكَرْتُمْ مَا يُعَارِض أَحَادِيث الْجَوَاز إِلَّا حديث بن عُمَر فَإِنَّهُ فِي الظَّاهِر مُخَالِف لِحَدِيثِ سَمُرَة
وَسَيَأْتِي بَيَان الْجَمْع بَيْنهمَا إِنْ شَاءَ اللَّه
أَمَّا قَوْله تَعَالَى { لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ} فَلَا يَتَنَاوَل مَحَلّ النِّزَاع
فَإِنَّ هَذَا أَكْل بِإِبَاحَةِ الشَّارِع فَكَيْف يَكُون بَاطِلًا
وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَاب تَخْصِيص الْعَامّ فِي شَيْء بَلْ هَذِهِ الصُّورَة لَمْ تَدْخُل فِي الْآيَة كَمَا لَمْ يَدْخُل فِيهَا أَكْل الْوَالِد مَال وَلَده
وَأَيْضًا فَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يَدُلّ عَلَى تَحْرِيم الْأَكْل بِالْبَاطِلِ الَّذِي لَمْ يَأْذَن فِيهِ الشَّارِع وَلَا الْمَالِك فَإِذَا وُجِدَ الْإِذْن الشَّرْعِيّ أَوْ الْإِذْن مِنْ الْمَالِك لَمْ يَكُنْ بَاطِلًا
وَمَعْلُوم أَنَّ إِذْن الشَّرْع أَقْوَى مِنْ إِذْن الْمَالِك
فَمَا أَذِنَ فِيهِ الشَّرْع أَحَلّ مِمَّا أَذِنَ فِيهِ الْمَالِك وَلِهَذَا كَانَتْ الْغَنَائِم مِنْ أَحَلّ الْمَكَاسِب وَأَطْيَبهَا وَمَال الْوَلَد بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَب مِنْ أَطْيَب الْمَكَاسِب وَإِنْ لَمْ يَأْذَن لَهُ الْوَلَد
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِنْ الْمُسْتَحِيل أَنْ يَأْذَن النبي فِيمَا حَرَّمَهُ اللَّه وَمَنَعَ مِنْهُ
فَعُلِمَ أَنَّ الْآيَة لَا تَتَنَاوَل مَحَلّ النِّزَاع أَصْلًا
وَبِهَذَا خَرَجَ الْجَوَاب عَنْ الدَّلِيل الثَّانِي وَهُوَ كَوْنه مِثْل كَوْنه مِثْل مَال الْيَتِيم مَعَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا} الْآيَة يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَحِقّ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وَذَكَرَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ قَالَ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ صَحِيحٌ
قَالَ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَقَالَ إِنَّمَا يُحَدِّثُ عَنْ صَحِيفَةَ سَمُرَةَQالْوَعِيد مَنْ أَكَلَهَا أَكْلًا غَيْر مَأْذُون فِيهِ شَرْعًا فَأَمَّا مَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِع مِنْهَا فَلَا يَتَنَاوَلهُ الْوَعِيد
وَلِهَذَا كَانَ لِلْفَقِيرِ أَنْ يَأْكُل مِنْهَا أَقَلّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ حَاجَته أَوْ قَدْر عَمَله
وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظُلْمًا لِإِذْنِ الشَّارِع فِيهِ
وَهَذَا هُوَ بِعَيْنِهِ الْجَوَاب عَنْ قوله إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَام فَإِنَّ التَّحْرِيم يَتَنَاوَل مَا لَمْ يَقَع فِيهِ الْإِذْن مِنْ الشَّارِع وَلَا مِنْ الْمَالِك وَأَمَّا مَا أَذِنَ فِيهِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدهمَا فَلَيْسَ بِحَرَامٍ
وَلِهَذَا يُنْتَزَع مِنْهُ الشِّقْص الْمَشْفُوع فِيهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ لِإِذْنِ الشَّارِع وَيُنْزَع مِنْهُ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ ضَرُورَة مِنْ طَعَام أَوْ شَرَاب إِمَّا مَجَّانًا عَلَى أَحَد الْقَوْلَيْنِ أَوْ بِالْمُعَارَضَةِ عَلَى الْقَوْل الْآخَر
وَيُكْرَه عَلَى إِخْرَاج مَاله لِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوق وَغَيْر ذَلِكَ
وَهَذِهِ الصُّوَر وَأَمْثَالهَا لَيْسَتْ مُسْتَثْنَاة مِنْ هَذِهِ النُّصُوص بَلْ النُّصُوص لَمْ تَتَنَاوَلهَا وَلَا أُرِيدَتْ بِهَا قطعا
وأما حديث بن عُمَر لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدكُمْ مَاشِيَة أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنه فَحَدِيث صَحِيح مُتَّفَق عَلَى صِحَّته
وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الرِّوَايَة عَنْ الْإِمَام أَحْمَد فِي جَوَاز اِحْتِلَاب الْمَاشِيَة لِلشُّرْبِ
وَلَا خِلَاف فِي مَذْهَبه أَنَّهُ لَا يَجُوز اِحْتِلَابهَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ كَالْخُبْنَةِ فِي الثِّمَار فَمَنَعَهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَخْذًا بحديث بن عُمَر وَجَوَّزَهُ فِي الْأُخْرَى أَخْذًا بِحَدِيثِ سَمُرَة
ومن رجح المنع قال حديث بن عُمَر أَصَحّ
فَإِنَّ حَدِيث سَمُرَة مِنْ رِوَايَة الْحَسَن عَنْهُ وَهُوَ مُخْتَلَف فِي سَمَاعه مِنْهُ
وأما حديث بن عُمَر فَمِنْ رِوَايَة اللَّيْث وَغَيْره عَنْ نَافِع عَنْهُ
وَلَا رَيْب فِي صِحَّته
قَالُوا وَالْفَرْق بَيْنه وَبَيْن الثَّمَرَة
أَنَّ اللَّبَن مَخْزُون فِي الضَّرْع كَخَزْنِ الْأَمْوَال فِي خِزَانَتهَا وَلِهَذَا شَبَّهَهَا النبي بِذَلِكَ وَأَخْبَرَ أَنَّ اِسْتِخْرَاجهَا مِنْ الضُّرُوع كَاسْتِخْرَاجِ الْأَمْوَال مِنْ الْخَزَائِن بِكَسْرِهَا
وَهَذَا بِخِلَافِ الثَّمَرَة فَإِنَّهَا ظَاهِرَة بَادِيَة فِي الشَّجَرَة غَيْر مَخْزُونَة
فَإِذَا صَارَتْ إِلَى الْخِزَانَة حَرُمَ الْأَكْل مِنْهَا إِلَّا بِإِذْنِ الْمَالِك
قَالُوا وَأَيْضًا فَالشَّهْوَة تَشْتَدّ إِلَى الثِّمَار عِنْد طِيبهَا
لِأَنَّ الْعُيُون تَرَاهَا وَالنُّفُوس شَدِيدَة الْمَيْل إِلَيْهَا
وَلِهَذَا جَوَّزَ النَّبِيّ فِيهَا الْمُزَابَنَة فِي خَمْسَة أَوْسُق أَوْ دُونهَا فِي الْعَرَايَا لَمَّا شَكَوْا إِلَيْهِ شَهْوَتهمْ إِلَيْهَا وَأَنَّهُ لَا ثَمَن بِأَيْدِيهِمْ بِخِلَافِ اللَّبَن فَإِنَّهُ لَا يُرَى وَلَا تَشْتَدّ الشَّهْوَة إِلَيْهِ كَاشْتِدَادِهَا إِلَى الثِّمَار
قَالُوا وَأَيْضًا فَالثِّمَار لَا صُنْع فِيهَا لِلْآدَمِيِّ بِحَالٍ بَلْ هِيَ خَلْق اللَّه سُبْحَانه لَمْ تَتَوَلَّد مِنْ كَسْب ...............................
Qآدَمِيّ وَلَا فِعْله بِخِلَافِ اللَّبَن فَإِنَّهُ لَا يَتَوَلَّد مِنْ عَيْن مَال الْمَالِك وَهُوَ الْعَلَف
وَإِنْ كَانَتْ سَائِمَة فَلَا بُدّ مِنْ قِيَامه عَلَيْهَا وَرَعْيه إِيَّاهَا وَلَا بُدّ مِنْ إِعَالَته لَهَا كُلّ وَقْت
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي الثِّمَار إِلَّا أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَاشِيَة قَلِيل جِدًّا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاج أَنْ يَقُوم عَلَى الشَّجَر كُلّ يَوْم فَمُؤْنَتهَا أَقَلّ مِنْ مُؤْنَة الْمَاشِيَة بِكَثِيرٍ
فَهِيَ بِالْمُبَاحَاتِ أَشْبَه مِنْ أَلْبَان الْمَوَاشِي إِلَّا إِنَّ اِخْتِصَاص أَرْبَابهَا بِأَرْضِهَا وَشَجَرهَا أَخْرَجَهَا عَنْ حُكْم الْمُبَاحَات الْمُشْتَرَكَة الَّتِي يَسُوغ أَكْلهَا وَنَقْلهَا فَعُمِلَ الشَّبَه فِي الْأَكْل الَّذِي لَا يُجْحِف الْمَالِك دُون النَّقْل الْمُضِرّ لَهُ
فَهَذِهِ الْفُرُوق إِنْ صَحَّتْ بَطَلَ إِلْحَاق الثِّمَار بِهَا فِي الْمَنْع
وَكَانَ الْمَصِير إِلَى حَدِيث الْمَنْع فِي اللَّبَن أَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ غَيْر مُؤَثِّرَة وَلَا فَرْق بَيْن الْبَابَيْنِ كَانَتْ الْإِبَاحَة شاملة لهما
وحينئذ فيكون فحديث النَّهْي مُتَنَاوِلًا لِلْمُحْتَلِبِ غَيْر الشَّارِب
بَلْ مُحْتَلِبه كَالْمُتَّخِذِ خُبْنَة مِنْ الثِّمَار
وَحَدِيث الْإِبَاحَة مُتَنَاوِل لِلْمُحْتَلِبِ الشَّارِب فَقَطْ دُون غَيْره
وَيَدُلّ عَلَى هَذَا التَّفْرِيق قَوْله فِي حَدِيث سَمُرَة فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِل فَلَوْ اِحْتَلَبَ لِلْحَمْلِ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ
فَهَذَا هُوَ الِاحْتِلَاب الْمَنْهِيّ عَنْهُ في حديث بن عُمَر
وَاَللَّه أَعْلَم
وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ فِي حَدِيث الْمَنْع مَا يُشْعِر بِأَنَّ النَّهْي إِنَّمَا هُوَ عَنْ نَقْل اللَّبَن دُون شُرْبه
فَإِنَّهُ قَالَ أَيُحِبُّ أَحَدكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَته فيكسر باب خزانته فَيُنْتَثَل طَعَامه
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى الْجَوَاز حَدِيث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي سُئِلَ عَنْ التَّمْر الْمُعَلَّق فَقَالَ مَنْ أَصَابَ مِنْهُ مِنْ ذِي حَاجَة غَيْر مُتَّخِذ خُبْنَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ رِوَايَة مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ عَمْرو وَمُحَمَّد بْن عَجْلَان اِحْتَجَّ بِهِ مُسْلِم
وَالْحَدِيث حَسَن أَخْرَجَهُ أَهْل السُّنَن
فَإِنْ قِيلَ
فَهَذَا دَلِيل عَلَى جَوَاز أَكْل الْمُحْتَاج وَنَحْنُ نَقُول لَهُ أَنْ يَأْكُل عِنْد الضَّرُورَة وَعَلَيْهِ الْقِيمَة وَقَوْله
لَا شَيْء عَلَيْهِ هُوَ نَفْي لِلْعُقُوبَةِ لَا لِلْغُرْمِ
فَالْجَوَاب أَنَّ هَذَا الْحَدِيث رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَحَدهمَا وَإِنْ أَكَلَ بِفِيهِ وَلَمْ يَأْخُذ فَيَتَّخِذ خُبْنَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
وَهَذَا صَرِيح فِي أَنَّ الْأَكْل لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَجِب الضَّمَان عَلَى مَنْ اِتَّخَذَ خُبْنَة
وَلِهَذَا جَعَلَهُمَا قِسْمَيْنِ
وَاللَّفْظ الثَّانِي قَوْله وَمَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَة غَيْر مُتَّخِذ خُبْنَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَة مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَة
وَهَذَا صَرِيح فِي أَنَّ الْأَكْل مِنْهُ لِحَاجَةٍ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَأَنَّ الضَّمَان إِنَّمَا يَجِب عَلَى الْمُخْرِج مِنْهُ غَيْر ...............................
Qمَا أَكَلَهُ
وَالْمُنَازِعُونَ لَا يُفَرِّقُونَ بَلْ يُوجِبُونَ الضَّمَان عَلَى الْآكِل وَالْمُخْرِج مَعًا وَلَا يُفَرِّقُونَ فِيهِ بَيْن الْمُحْتَاج وَغَيْره
وَهَذَا جَمْع بَيْن مَا فَرَّقَ الرَّسُول بَيْنه وَالنَّصّ صَرِيح فِي إِبْطَاله
فَالْحَدِيث حُجَّة عَلَى اللَّفْظَيْنِ مَعًا
فَإِنْ قِيلَ فَالْمُجَوِّزُونَ لَا يَخُصُّونَ الْإِبَاحَة بِحَالِ الْحَاجَة بَلْ يُجَوِّزُونَ الْأَكْل لِلْمُحْتَاجِ وَغَيْرهَا فَقَدْ جَمَعُوا بَيْن مَا فَرَّقَ الشَّارِع بَيْنه قِيلَ الْحَاجَة الْمُسَوِّغَة لِلْأَكْلِ أَعَمّ مِنْ الضَّرُورَة وَالْحُكْم مُعَلَّق بِهَا وَلَا ذِكْر لِلضَّرُورَةِ فِيهِ وَإِنَّمَا الْجَوَاز دَائِر مَعَ الْحَاجَة وَهُوَ نَظِير تَعْلِيق بَيْع الْعَرَايَا بِالْحَاجَةِ فَإِنَّهَا الْحَاجَة إِلَى أَكْل الرُّطَب
وَلَا تُعْتَبَر الضَّرُورَة اِتِّفَاقًا فَكَذَلِكَ هُنَا
وَعَلَى هَذَا فَاللَّفْظ قَدْ خَرَجَ مَخْرَج الْغَالِب
وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا مَفْهُوم لَهُ اِتِّفَاقًا
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى الْجَوَاز أَيْضًا حَدِيث رَافِع بْن عَمْرو الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْكِتَاب وَقَدْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيّ
وَلَا يَصِحّ حَمْله عَلَى المضطر لثلاثة أوجه
أحدها أن النبي أَطْلَقَ لَهُ الْأَكْل وَلَمْ يَقُلْ كُلْ إِذَا اضطررت واترك عند زويل الضَّرُورَة كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْمَيْتَة وَكَمَا قال النبي لِلَّذِي سَأَلَهُ عَنْ رُكُوب هَدْيه اِرْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْت إِلَيْهَا حَتَّى تَجِد ظَهْرًا الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْإِبَاحَة إِنَّمَا هِيَ لِأَجْلِ الضَّرُورَة فَقَطْ لَثَبَتَ الْبَدَل فِي ذِمَّته كَسَائِرِ الأموال والنبي لَمْ يَأْمُرهُ بِبَدَلٍ وَتَأْخِير الْبَيَان عَنْ وَقْت الْحَاجَة مُمْتَنِع
الثَّالِث أَنَّ لَفْظ الْحَدِيث فِي كِتَاب أَبِي دَاوُدَ لَيْسَ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ ذِكْر فَإِنَّهُ قَالَ يَا غُلَام لِمَ تَرْمِي النَّخْل قَالَ آكُل
فَقَالَ لَا تَرْمِ النَّخْل وَكُلْ مَا سَقَطَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يَرْمِيهَا لِلْأَكْلِ لَا لِلْحَمْلِ فَأَبَاحَ لَهُ السَّاقِط وَمَنَعَهُ مِنْ الرَّمْي لِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَة الْأَذَى وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَلَفْظه قَالَ يَا رَافِع لِمَ تَرْمِي نَخْلهمْ قَالَ قُلْت يَا رَسُول اللَّه الْجُوع
قَالَ لَا تَرْمِ وَكُلْ مَا وَقَعَ أَشْبَعَك اللَّه فَهَذَا اللَّفْظ لَيْسَ مُعَارِضًا لِلْأَوَّلِ
وَكِلَاهُمَا يَدُلّ عَلَى إِبَاحَة الْأَكْل وَأَنَّ الْإِبَاحَة عِنْد الْجُوع أَوْلَى
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى الْجَوَاز أَيْضًا حَدِيث عَبَّاد بْن شُرَحْبِيل وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْبَاب وَهُوَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَالِاسْتِدْلَال بِهِ فِي غَايَة الظُّهُور
وَقَدْ تَكَلَّفَ بَعْض النَّاس رَدّه بِإِنَّهُ لَمْ يُحَدِّث بِهِ عَنْ أَبِي بِشْر إِلَّا جَعْفَر بْن إِيَاس وَهَذَا تَكَلُّف بَارِد
فَإِنَّ أَبَا بِشْر هَذَا مِنْ الْحُفَّاظ الثِّقَات الَّذِينَ لَمْ تُغْمَز قَنَاتهمْ
وَتَكَلَّفَ آخَرُونَ مَا هُوَ أَبْعَد مِنْ هَذَا
فَقَالُوا الْحَدِيث رواه بن ماجه والنسائي ولفظه فأقره النبي فَرَدَّ إِلَيْهِ ثَوْبه وَأَمَرَ لَهُ بِوَسْقٍ مِنْ طَعَام
قَالُوا فَالْمَأْمُور لَهُ بِالْوَسْقِ هُوَ الْأَنْصَارِيّ صَاحِب الْحَائِط وَكَانَ هَذَا تَعْوِيضًا مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يُحَدِّثُ عَنْ صَحِيفَةَ سَمُرَةَQسُنْبُله وَهَذَا خَطَأ بَيِّن
فَإِنَّ الْمَأْمُور لَهُ بِالْوَسْقِ إِنَّمَا هُوَ آكِل السُّنْبُل عباد بْن شُرَحْبِيل وَالسِّيَاق لَا يَدُلّ إِلَّا عَلَيْهِ
وَالنَّبِيّ رَدَّ إِلَيْهِ ثَوْبه وَأَطْعَمَهُ وَسْقًا
وَلَفْظ أَبِي دَاوُدَ صَرِيح فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ فَرَدَّ عَلَيَّ ثَوْبِي وَأَعْطَانِي وَسْقًا
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى الجواز أيضا ما رواه الترمذي
حدثنا بن أَبِي الشَّوَارِب حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سُلَيْم عَنْ عبيد الله بن عمر عن النبي قَالَ مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فَلْيَأْكُلْ وَلَا يَتَّخِذ خُبْنَة وَهَذَا الْحَدِيث وَإِنْ كَانَ مَعْلُولًا قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَاب الْعِلَل الْكَبِير لَهُ سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ يَحْيَى بْن سُلَيْم يَرْوِي أَحَادِيث عَنْ عُبَيْد اللَّه يَهِم فِيهَا
تَمَّ كَلَامه
وَقَالَ يَحْيَى بْن مَعِين هَذَا الْحَدِيث غَلَط
وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ يَحْيَى بْن سُلَيْم هَذَا مَحَلّه الصِّدْق وَلَيْسَ بِالْحَافِظِ وَلَا يُحْتَجّ بِهِ
وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْس وَهُوَ مُنْكَر الْحَدِيث عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو وَلَكِنْ لَوْ حَاكَمْنَا مُنَازِعِينَا مِنْ الْفُقَهَاء إِلَى أُصُولهمْ لَكَانَ هَذَا الْحَدِيث حُجَّة عَلَى قَوْلهمْ
لِأَنَّ يَحْيَى بْن سُلَيْم مِنْ رِجَال الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ لَوْ اِنْفَرَدَ بِلَفْظَةٍ أَوْ رَفْع أَوْ اِتِّصَال وَخَالَفَهُ غَيْره فِيهِ لَحَكَمُوا لَهُ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى مَنْ خَالَفَهُ وَلَوْ كَانَ أَوْثَق وَأَكْثَر فَكَيْف إِذَا رَوَى مَا لَمْ يُخَالَف فِيهِ بَلْ لَهُ أُصُول وَنَظَائِر
وَلَكِنَّا لَا نَرْضَى بِهَذِهِ الطَّرِيقَة فَالْحَدِيث عِنْدنَا مَعْلُول وَإِنَّمَا سُقْنَاهُ اِعْتِبَارًا لَا اِعْتِمَادًا
وَاَللَّه أَعْلَم
فَإِنْ قِيلَ فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو عُبَيْد الْقَاسِم بْن سَلَّام في الغريب عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاء قَالَ رَخَّصَ رَسُول اللَّه لِلْجَائِعِ الْمُضْطَرّ إِذَا مَرَّ بِالْحَائِطِ أَنْ يَأْكُل مِنْهُ وَلَا يَتَّخِذ خُبْنَة وَهَذَا التَّقْيِيد يُبَيِّن الْمُرَاد مِنْ سَائِر الْأَحَادِيث
قِيلَ هَذَا مِنْ الْمَرَاسِيل الَّتِي لَا يُحْتَجّ بِهَا فَضْلًا عَنْ أَنْ يُعَارَض بِهَا الْمُسْنَدَات الصَّحِيحَة ثَمَّ وَلَوْ كَانَ حُجَّة فَهُوَ لَا يُخَالِف مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحَادِيث بَلْ مَنْطُوقه يُوَافِقنَا وَمَفْهُومه يَدُلّ عَلَى أَنَّ غَيْر الْمُضْطَرّ يُخَالِف الْمُضْطَرّ فِي ذَلِكَ وَهَذَا حَقّ وَالْمَفْهُوم لَا عُمُوم لَهُ بَلْ فِيهِ تَفْصِيل
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى الْجَوَاز أَيْضًا حَدِيث أَبِي سَعِيد وَقَدْ تَقَدَّمَ وَإِسْنَاده على شرط مسلم
ورواه بن حِبَّان فِي صَحِيحه وَأَمَّا تَعْلِيل الْبَيْهَقِيِّ لَهُ بِأَنَّ سَعِيدًا الْجَرِيرِيّ تَفَرَّدَ بِهِ وَكَانَ قَدْ اِخْتَلَطَ فِي آخِر عُمْره وَاَلَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ يَزِيد بْن هَارُون وَإِنَّمَا رَوَى عَنْهُ بَعْض الِاخْتِلَاط فَجَوَابه مِنْ وَجْهَيْنِ
أَحَدهمَا أَنَّ حَمَّاد بْن سَلَمَة قَدْ تَابَعَ يَزِيد بْن هَارُون عَلَى رِوَايَته
ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا
وَسَمَاع حَمَّاد مِنْهُ قَدِيم
الثَّانِي أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَكُون عِلَّة إِذَا كَانَ الرَّاوِي مِمَّنْ لَا يُمَيِّز حَدِيث الشَّيْخ صَحِيحه مِنْ سَقِيمه
وَأَمَّا يَزِيد بْن هَارُون وَأَمْثَاله إِذَا رَوَوْا عَنْ رَجُل قَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثه بَعْض الِاخْتِلَاط فَإِنَّهُمْ يُمَيِّزُونَ حَدِيثه وَيَنْتَقُونَهُ
هَذَا مَعَ أَنَّ حَدِيثه مُوَافِق لِأَحَادِيث الْبَاب كَأَحَادِيث سَمُرَة وَرَافِع بْن عَمْرو وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَعَبَّاد بْن شُرَحْبِيل وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مَحْفُوظ وَأَنَّ له أصلا
ولهذا صححه بن حبان وغيره