هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2050 حَدَّثَنَا عَلِيٌّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، يُحَدِّثُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ - أَنَّهُ قَالَ : مَنْ عِنْدَهُ صَرْفٌ ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ : أَنَا حَتَّى يَجِيءَ خَازِنُنَا مِنَ الغَابَةِ ، قَالَ سُفْيَانُ : هُوَ الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ ، فَقَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ - سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُخْبِرُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ ، وَالبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أنه قال : من عنده صرف ؟ فقال طلحة : أنا حتى يجيء خازننا من الغابة ، قال سفيان : هو الذي حفظناه من الزهري ليس فيه زيادة ، فقال : أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخبر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Az-Zuhri from Malik bin Aus:

that the latter said, Who has change? Talha said, I (will have change) when our storekeeper comes from the forest. Narrated `Umar bin Al-Khattab: Allah's Messenger (ﷺ) said, The bartering of gold for silver is Riba, (usury), except if it is from hand to hand and equal in amount, and wheat grain for wheat grain is usury except if it is form hand to hand and equal in amount, and dates for dates is usury except if it is from hand to hand and equal in amount, and barley for barley is usury except if it is from hand to hand and equal in amount. (See Riba-Fadl in the glossary).

Directement de 'AU, directement de Sufyân à qui 'Amrû ibn Dinar rapportait [le hadîth suivant], et ce d'azZuhry, de Mâlik ibn 'Aws qui dit: «Qui estce qui a de quoi faire le sarfî — Moi, répondit Talha, [mais il faut attendre] le retour de notre trésorier de Ghâba.» Sufyân: «C'est ce que nous avons retenu d'azZuhry sans rien ajouter. Il dit: Mâlik ibn 'Aws m'a rapporté avoir entendu 'Umar ibn alKhattâb (radiallahanho) dire que le Messager d'Allah (salallahou alayhi wa sallam) avait dit: De l'or contre de l'or est une usure, sauf [si on se dit mutuellement]: Prends(1) Du froment contre du froment est une usure, sauf [si on se dit mutuellement]: Prends! Des dattes contre des dattes est une usure, sauf [si on se dit mutuellement]: Prends! De l'orge contre de l'orge est une usure, sauf [si on se dit mutuellement]: Prends! »

Directement de 'AU, directement de Sufyân à qui 'Amrû ibn Dinar rapportait [le hadîth suivant], et ce d'azZuhry, de Mâlik ibn 'Aws qui dit: «Qui estce qui a de quoi faire le sarfî — Moi, répondit Talha, [mais il faut attendre] le retour de notre trésorier de Ghâba.» Sufyân: «C'est ce que nous avons retenu d'azZuhry sans rien ajouter. Il dit: Mâlik ibn 'Aws m'a rapporté avoir entendu 'Umar ibn alKhattâb (radiallahanho) dire que le Messager d'Allah (salallahou alayhi wa sallam) avait dit: De l'or contre de l'or est une usure, sauf [si on se dit mutuellement]: Prends(1) Du froment contre du froment est une usure, sauf [si on se dit mutuellement]: Prends! Des dattes contre des dattes est une usure, sauf [si on se dit mutuellement]: Prends! De l'orge contre de l'orge est une usure, sauf [si on se dit mutuellement]: Prends! »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2134] فِي حَدِيثِ عُمَرَ حَدثنَا على هُوَ بن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ وَقَولُهُ كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ عِنْدَهُ صَرْفٌ فَقَالَ طَلْحَةُ أَيِ بن عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَا حَتَّى يَجِيءَ خَازِنُنَا مِنَ الْغَابَةِ تَأْتِي بَقِيَّتُهُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بَعْدَ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ بَابًا .

     قَوْلُهُ  قَالَ سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَولُهُ هَذَا الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ أَشَارَ إِلَى الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهُ حَفِظَ مِنَ الزُّهْرِيِّ الْمَتْنَ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَقَدْ حَفِظَهَا مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَبْعَدَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ غَرَضُ سُفْيَانَ تَصْدِيقُ عَمْرٍو وَأَنَّهُ حَفِظَ نَظِيرَ مَا رُوِيَ .

     قَوْلُهُ  الذَّهَب بالورق هَكَذَا رَوَاهُ أَكثر أَصْحَاب بن عُيَيْنَةَ عَنْهُ وَهِيَ رِوَايَةُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ فِيهِ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْله فِي آخر حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَيِ الْمُصَنِّفُ مُرْجِئُونَ أَيْ مُؤَخِّرُونَ وَهَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ وَقَوْلَهُ فِي الثَّانِي وَسَاقَ الْحَدِيثَ يَعْنِي بِهِمَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُمَا وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ عَادَةِ مُسْلِمٍ فَاحْفَظْ مَا حَقَّقْتُهُ لَكَ فَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْكُتَّابِ غَلِطَ فِيهِ وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ قَبْلَهُمَا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ الْمَعْرُوفُ مِنْ عَادَةِ مُسْلِمٍ حَتَّى إِنَّ هَذَا الْمُشَارَ إِلَيْهِ تَرْجَمَ لَهُ بَابًا مُسْتَقِلًّا وَتَرْجَمَ لِلطَّرِيقِ الثَّالِثِ بَابًا آخَرَ وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ فَاحْذَرْهُ وَإِذَا تَدَبَّرْتَ الطُّرُقَ الْمَذْكُورَةَ تَيَقَّنْتَ مَا حَقَقْتُهُ لَكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْمُ أَبِي مُحَمَّدٍ هَذَا نَافِعُ بْنُ عَبَّاسٍ الْأَقْرَعُ الْمَدَنِيُّ الْأَنْصَارِيُّ مَوْلَاهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعُمَرُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ .

     قَوْلُهُ  ( كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ انهزام وخيفة ذهبوا فيه وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ فِي بَعْضِ الْجَيْشِ.

.
وَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ فَلَمْ يُوَلُّوا وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِذَلِكَ مَشْهُورَةٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَقَدْ نَقَلُوا إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ انْهَزَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ انْهَزَمَ بِنَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْطِنٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ بَلْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِإِقْدَامِهِ وَثَبَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيعِ الْمَوَاطِنِ .

     قَوْلُهُ  ( فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يَعْنِي ظَهَرَ عَلَيْهِ وَأَشْرَفَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ صَرْعِهِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ لِقَتْلِهِ .

     قَوْلُهُ  ( فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ) هُوَ مَا بَيْنَ الْعُنُقِ وَالْكَتِفِ .

     قَوْلُهُ  ( فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ شِدَّةً كَشِدَّةِ الْمَوْتِ وَيَحْتَمِلُ قَارَبْتُ الْمَوْتَ .

     قَوْلُهُ  ( ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ والليث والثوري وأبو ثور وأحمد وإسحاق وبن جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمْ يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ سَلَبَ الْقَتِيلِ فِي جميع الحروبسَوَاءٌ قَالَ أَمِيرُ الْجَيْشِ قَبْلَ ذَلِكَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَمْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ قَالُوا وَهَذِهِ فَتْوَى مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإِخْبَارٌ عَنْ حُكْمِ الشَّرْعِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِ أَحَدٍ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُمَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ بِمُجَرَّدِ الْقَتْلِ سَلَبَ الْقَتِيلِ بَلْ هُوَ لِجَمِيعِ الْغَانِمِينَ كَسَائِرِ الْغَنِيمَةِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْأَمِيرُ قَبْلَ الْقِتَالِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى هَذَا وَجَعَلُوا هَذَا إِطْلَاقًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ بِفَتْوَى وَإِخْبَارِ عَامٍّ وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْقِتَالِ وَاجْتِمَاعِ الْغَنَائِمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَشْتَرِطُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ أَنْ يَغْزُوَ بِنَفْسِهِ فِي قَتْلِ كَافِرٍ مُمْتَنِعٍ فِي حَالِ الْقِتَالِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاتِلَ لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ رَضْخٌ وَلَا سَهْمَ لَهُ كَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ اسْتَحَقَّ السَّلَبَ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا الْمُقَاتِلُ.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّامِيُّونَ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إِلَّا فِي قَتِيلٍ قَتَلَهُ قَبْلَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ فَأَمَّا مَنْ قَتَلَ فِي الْتِحَامِ الْحَرْبِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَخْمِيسِ السَّلَبِ وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عند أصحابه لا يخمس وهو ظاهر الأحاديث وبه قال أحمد وبن جرير وبن الْمُنْذِرِ وَآخَرُونَ.

     وَقَالَ  مَكْحُولٌ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُخَمَّسُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ.

     وَقَالَ  عُمَرُ بْنُ الخطاب رضي الله عنه واسحاق وبن رَاهَوَيْهِ يُخَمَّسُ إِذَا كَثُرَ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ خَمَّسَهُ وَإِلَّا فَلَا.

.
وَأَمَّا قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ) فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِالدَّلَالَةِ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَاللَّيْثِ وَمَنْ وَافَقَهُمَا مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ السَّلَبَ لَا يُعْطَى إِلَّا لِمَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ وَلَا يُقْبَلُ .

     قَوْلُهُ  بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُعْطَى بِقَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ قَالَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ السَّلَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ الْقَاتِلُ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ وَقَدْ صَرَّحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا تُلْغَى وَقَدْ يَقُولُ الْمَالِكِيُّ هَذَا مَفْهُومٌ وَلَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُ وَيُجَابُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَلَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى الْحَدِيثُ فَهَذَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

.
وَأَمَّا مَا يَحْتَجُّ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ باقرار من هو في يده فضعيف لأن الْإِقْرَارَ إِنَّمَا يَنْفَعُ إِذَا كَانَ الْمَالُ مَنْسُوبًا إِلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَالْمَالُ هُنَا مَنْسُوبٌ إِلَى جَمِيعِ الْجَيْشِ وَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْبَاقِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَاهَا اللَّهِ إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ) هَكَذَا فِي جَمِيعِ رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَاهَا اللَّهِ إِذًا بِالْأَلِفِ وَأَنْكَرَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ وَقَالُوا هُوَ تَغْيِيرٌ مِنَ الرُّوَاةِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذا بغير ألف في أوله وقالوا وها بِمَعْنَى الْوَاوِ الَّتِي يُقْسَمُ بِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا وَاللَّهِ ذَا قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْمَازِرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعْنَاهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا يَمِينِي أَوْ ذَا قَسَمِي.

     وَقَالَ  أَبُو زَيْدٍ ذَا زَائِدَةٌ وَفِيهَا لُغَتَانِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ قَالُوا وَيَلْزَمُ الْجَرُّ بَعْدَهَا كَمَا يَلْزَمُ بَعْدَ الْوَاوِ قَالُوا وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَلَا يُقَالُ لَاهَا وَاللَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ تَكُونُ يَمِينًا قَالَ أَصْحَابُنَا إِنْ نَوَى بِهَا الْيَمِينَ كَانَتْ يَمِينًا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُتَعَارَفَةً فِي الْأَيْمَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  ( لَا يَعْمِدُ فَضَبَطُوهُ) بِالْيَاءِ وَالنُّونِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  بَعْدَهُ فَيُعْطِيكَ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ وَكِلَاهُمَا ظَاهِرٌ وَقَولُهُ ( يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَيْ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُصْرَةً لِدِينِ اللَّهِ وَشَرِيعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولتكون كلمة الله هي العليا) وفي هذا الحديث فضيلة ظاهرة لأبي بكر الصديق في إِفْتَائِهِ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتِدْلَالِهِ لِذَلِكَ وَتَصْدِيقِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفِي ذَلِكَ وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَبِي قَتَادَةَ فَإِنَّهُ سَمَّاهُ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ مَنْقَبَةٌ جَلِيلَةٌ مِنْ مَنَاقِبِهِ وَفِيهِ أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ يُعْطِيكَ سَلَبَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ) أَمَّا بَنُو سَلِمَةَ فَبِكَسْرِ اللَّامِ.

.
وَأَمَّا الْمَخْرَفُ فَبِفَتْحِ الميم والراء وهذا هوالمشهور.

     وَقَالَ  الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ كَالْمَسْجِدِ وَالْمَسْكِنِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْمُرَادُ بِالْمَخْرَفِ هُنَا الْبُسْتَانُ وَقِيلَ السِّكَّةُ مِنَ النَّخْلِ تَكُونُ صَفَّيْنِ يُخْرِفُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ أَيْ يَجْتَنِي.

     وَقَالَ  بن وَهْبٍ هِيَ الْجُنَيْنَةُ الصَّغِيرَةُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ هِيَ نَخَلَاتٌ يَسِيرَةٌ.

.
وَأَمَّا الْمِخْرَفُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ فَهُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ مَا يُجْتَنَى مِنَ الثِّمَارِ وَيُقَالُ اخْتَرَفَ الثَّمَرَ إِذَا جَنَاهُ وَهُوَ ثَمَرٌ مَخْرُوفٌ .

     قَوْلُهُ  ( فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ) هُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَ الْأَلِفِ أَيِ اقْتَنَيْتُهُ وَتَأَصَّلْتُهُ وَأَثَلَةُ الشَّيْءِ أَصْلُهُ .

     قَوْلُهُ  ( لَا تُعْطِهِ أُضَيْبِعَ مِنْ قُرَيْشٍ) قَالَ الْقَاضِي اخْتَلَفَ رُوَاةُ كِتَابِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَرْفِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا رِوَايَةُ السَّمَرْقَنْدِيِّ أُصَيْبِغَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالثَّانِي رِوَايَةُ سائر الرواة أضييع بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهِ رُوَاةُ الْبُخَارِيِّ فَعَلَى الثَّانِي هُوَ تَصْغِيرُ ضَبْعٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَأَنَّهُ لَمَّا وَصَفَ أبا قتادة بأنه أسد صغر هَذَا بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ وَشَبَّهَهُ بِالضُّبَيْعِ لِضَعْفِ افْتِرَاسِهَا وَمَا تُوصَفُ بِهِ مِنَ الْعَجْزِ وَالْحُمْقِ.

.
وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَوَصْفَهُ بِهِ لِتَغَيُّرِ لَوْنِهِ وَقِيلَ حَقَّرَهُ وَذَمَّهُ بِسَوَادِ لَوْنِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَاحِبُ لَوْنٍ غَيْرِ مَحْمُودٍ وَقِيلَ وَصَفَهُ بِالْمَهَانَةِ وَالضَّعْفِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْأُصَيْبِغُ نَوْعٌالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ وَقَوْلَهُ فِي الثَّانِي وَسَاقَ الْحَدِيثَ يَعْنِي بِهِمَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُمَا وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ عَادَةِ مُسْلِمٍ فَاحْفَظْ مَا حَقَّقْتُهُ لَكَ فَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْكُتَّابِ غَلِطَ فِيهِ وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ قَبْلَهُمَا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ الْمَعْرُوفُ مِنْ عَادَةِ مُسْلِمٍ حَتَّى إِنَّ هَذَا الْمُشَارَ إِلَيْهِ تَرْجَمَ لَهُ بَابًا مُسْتَقِلًّا وَتَرْجَمَ لِلطَّرِيقِ الثَّالِثِ بَابًا آخَرَ وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ فَاحْذَرْهُ وَإِذَا تَدَبَّرْتَ الطُّرُقَ الْمَذْكُورَةَ تَيَقَّنْتَ مَا حَقَقْتُهُ لَكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْمُ أَبِي مُحَمَّدٍ هَذَا نَافِعُ بْنُ عَبَّاسٍ الْأَقْرَعُ الْمَدَنِيُّ الْأَنْصَارِيُّ مَوْلَاهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعُمَرُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ .

     قَوْلُهُ  ( كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ انهزام وخيفة ذهبوا فيه وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ فِي بَعْضِ الْجَيْشِ.

.
وَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ فَلَمْ يُوَلُّوا وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِذَلِكَ مَشْهُورَةٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَقَدْ نَقَلُوا إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ انْهَزَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ انْهَزَمَ بِنَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْطِنٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ بَلْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِإِقْدَامِهِ وَثَبَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيعِ الْمَوَاطِنِ .

     قَوْلُهُ  ( فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يَعْنِي ظَهَرَ عَلَيْهِ وَأَشْرَفَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ صَرْعِهِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ لِقَتْلِهِ .

     قَوْلُهُ  ( فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ) هُوَ مَا بَيْنَ الْعُنُقِ وَالْكَتِفِ .

     قَوْلُهُ  ( فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ شِدَّةً كَشِدَّةِ الْمَوْتِ وَيَحْتَمِلُ قَارَبْتُ الْمَوْتَ .

     قَوْلُهُ  ( ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ والليث والثوري وأبو ثور وأحمد وإسحاق وبن جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمْ يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ سَلَبَ الْقَتِيلِ فِي جميع الحروبسَوَاءٌ قَالَ أَمِيرُ الْجَيْشِ قَبْلَ ذَلِكَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَمْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ قَالُوا وَهَذِهِ فَتْوَى مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإِخْبَارٌ عَنْ حُكْمِ الشَّرْعِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِ أَحَدٍ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُمَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ بِمُجَرَّدِ الْقَتْلِ سَلَبَ الْقَتِيلِ بَلْ هُوَ لِجَمِيعِ الْغَانِمِينَ كَسَائِرِ الْغَنِيمَةِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْأَمِيرُ قَبْلَ الْقِتَالِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى هَذَا وَجَعَلُوا هَذَا إِطْلَاقًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ بِفَتْوَى وَإِخْبَارِ عَامٍّ وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْقِتَالِ وَاجْتِمَاعِ الْغَنَائِمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَشْتَرِطُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ أَنْ يَغْزُوَ بِنَفْسِهِ فِي قَتْلِ كَافِرٍ مُمْتَنِعٍ فِي حَالِ الْقِتَالِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاتِلَ لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ رَضْخٌ وَلَا سَهْمَ لَهُ كَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ اسْتَحَقَّ السَّلَبَ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا الْمُقَاتِلُ.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّامِيُّونَ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إِلَّا فِي قَتِيلٍ قَتَلَهُ قَبْلَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ فَأَمَّا مَنْ قَتَلَ فِي الْتِحَامِ الْحَرْبِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَخْمِيسِ السَّلَبِ وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عند أصحابه لا يخمس وهو ظاهر الأحاديث وبه قال أحمد وبن جرير وبن الْمُنْذِرِ وَآخَرُونَ.

     وَقَالَ  مَكْحُولٌ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُخَمَّسُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ.

     وَقَالَ  عُمَرُ بْنُ الخطاب رضي الله عنه واسحاق وبن رَاهَوَيْهِ يُخَمَّسُ إِذَا كَثُرَ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ خَمَّسَهُ وَإِلَّا فَلَا.

.
وَأَمَّا قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ) فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِالدَّلَالَةِ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَاللَّيْثِ وَمَنْ وَافَقَهُمَا مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ السَّلَبَ لَا يُعْطَى إِلَّا لِمَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ وَلَا يُقْبَلُ .

     قَوْلُهُ  بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُعْطَى بِقَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ قَالَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ السَّلَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ الْقَاتِلُ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ وَقَدْ صَرَّحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا تُلْغَى وَقَدْ يَقُولُ الْمَالِكِيُّ هَذَا مَفْهُومٌ وَلَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُ وَيُجَابُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَلَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى الْحَدِيثُ فَهَذَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

.
وَأَمَّا مَا يَحْتَجُّ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ باقرار من هو في يده فضعيف لأن الْإِقْرَارَ إِنَّمَا يَنْفَعُ إِذَا كَانَ الْمَالُ مَنْسُوبًا إِلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَالْمَالُ هُنَا مَنْسُوبٌ إِلَى جَمِيعِ الْجَيْشِ وَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْبَاقِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَاهَا اللَّهِ إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ) هَكَذَا فِي جَمِيعِ رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَاهَا اللَّهِ إِذًا بِالْأَلِفِ وَأَنْكَرَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ وَقَالُوا هُوَ تَغْيِيرٌ مِنَ الرُّوَاةِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذا بغير ألف في أوله وقالوا وها بِمَعْنَى الْوَاوِ الَّتِي يُقْسَمُ بِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا وَاللَّهِ ذَا قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْمَازِرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعْنَاهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا يَمِينِي أَوْ ذَا قَسَمِي.

     وَقَالَ  أَبُو زَيْدٍ ذَا زَائِدَةٌ وَفِيهَا لُغَتَانِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ قَالُوا وَيَلْزَمُ الْجَرُّ بَعْدَهَا كَمَا يَلْزَمُ بَعْدَ الْوَاوِ قَالُوا وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَلَا يُقَالُ لَاهَا وَاللَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ تَكُونُ يَمِينًا قَالَ أَصْحَابُنَا إِنْ نَوَى بِهَا الْيَمِينَ كَانَتْ يَمِينًا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُتَعَارَفَةً فِي الْأَيْمَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  ( لَا يَعْمِدُ فَضَبَطُوهُ) بِالْيَاءِ وَالنُّونِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  بَعْدَهُ فَيُعْطِيكَ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ وَكِلَاهُمَا ظَاهِرٌ وَقَولُهُ ( يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَيْ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُصْرَةً لِدِينِ اللَّهِ وَشَرِيعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولتكون كلمة الله هي العليا) وفي هذا الحديث فضيلة ظاهرة لأبي بكر الصديق في إِفْتَائِهِ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتِدْلَالِهِ لِذَلِكَ وَتَصْدِيقِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفِي ذَلِكَ وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَبِي قَتَادَةَ فَإِنَّهُ سَمَّاهُ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ مَنْقَبَةٌ جَلِيلَةٌ مِنْ مَنَاقِبِهِ وَفِيهِ أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ يُعْطِيكَ سَلَبَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ) أَمَّا بَنُو سَلِمَةَ فَبِكَسْرِ اللَّامِ.

.
وَأَمَّا الْمَخْرَفُ فَبِفَتْحِ الميم والراء وهذا هوالمشهور.

     وَقَالَ  الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ كَالْمَسْجِدِ وَالْمَسْكِنِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْمُرَادُ بِالْمَخْرَفِ هُنَا الْبُسْتَانُ وَقِيلَ السِّكَّةُ مِنَ النَّخْلِ تَكُونُ صَفَّيْنِ يُخْرِفُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ أَيْ يَجْتَنِي.

     وَقَالَ  بن وَهْبٍ هِيَ الْجُنَيْنَةُ الصَّغِيرَةُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ هِيَ نَخَلَاتٌ يَسِيرَةٌ.

.
وَأَمَّا الْمِخْرَفُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ فَهُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ مَا يُجْتَنَى مِنَ الثِّمَارِ وَيُقَالُ اخْتَرَفَ الثَّمَرَ إِذَا جَنَاهُ وَهُوَ ثَمَرٌ مَخْرُوفٌ .

     قَوْلُهُ  ( فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ) هُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَ الْأَلِفِ أَيِ اقْتَنَيْتُهُ وَتَأَصَّلْتُهُ وَأَثَلَةُ الشَّيْءِ أَصْلُهُ .

     قَوْلُهُ  ( لَا تُعْطِهِ أُضَيْبِعَ مِنْ قُرَيْشٍ) قَالَ الْقَاضِي اخْتَلَفَ رُوَاةُ كِتَابِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَرْفِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا رِوَايَةُ السَّمَرْقَنْدِيِّ أُصَيْبِغَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالثَّانِي رِوَايَةُ سائر الرواة أضييع بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهِ رُوَاةُ الْبُخَارِيِّ فَعَلَى الثَّانِي هُوَ تَصْغِيرُ ضَبْعٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَأَنَّهُ لَمَّا وَصَفَ أبا قتادة بأنه أسد صغر هَذَا بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ وَشَبَّهَهُ بِالضُّبَيْعِ لِضَعْفِ افْتِرَاسِهَا وَمَا تُوصَفُ بِهِ مِنَ الْعَجْزِ وَالْحُمْقِ.

.
وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَوَصْفَهُ بِهِ لِتَغَيُّرِ لَوْنِهِ وَقِيلَ حَقَّرَهُ وَذَمَّهُ بِسَوَادِ لَوْنِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَاحِبُ لَوْنٍ غَيْرِ مَحْمُودٍ وَقِيلَ وَصَفَهُ بِالْمَهَانَةِ وَالضَّعْفِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْأُصَيْبِغُ نَوْعٌالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ وَقَوْلَهُ فِي الثَّانِي وَسَاقَ الْحَدِيثَ يَعْنِي بِهِمَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُمَا وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ عَادَةِ مُسْلِمٍ فَاحْفَظْ مَا حَقَّقْتُهُ لَكَ فَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْكُتَّابِ غَلِطَ فِيهِ وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ قَبْلَهُمَا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ الْمَعْرُوفُ مِنْ عَادَةِ مُسْلِمٍ حَتَّى إِنَّ هَذَا الْمُشَارَ إِلَيْهِ تَرْجَمَ لَهُ بَابًا مُسْتَقِلًّا وَتَرْجَمَ لِلطَّرِيقِ الثَّالِثِ بَابًا آخَرَ وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ فَاحْذَرْهُ وَإِذَا تَدَبَّرْتَ الطُّرُقَ الْمَذْكُورَةَ تَيَقَّنْتَ مَا حَقَقْتُهُ لَكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْمُ أَبِي مُحَمَّدٍ هَذَا نَافِعُ بْنُ عَبَّاسٍ الْأَقْرَعُ الْمَدَنِيُّ الْأَنْصَارِيُّ مَوْلَاهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعُمَرُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ .

     قَوْلُهُ  ( كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ انهزام وخيفة ذهبوا فيه وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ فِي بَعْضِ الْجَيْشِ.

.
وَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ فَلَمْ يُوَلُّوا وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِذَلِكَ مَشْهُورَةٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَقَدْ نَقَلُوا إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ انْهَزَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ انْهَزَمَ بِنَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْطِنٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ بَلْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِإِقْدَامِهِ وَثَبَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيعِ الْمَوَاطِنِ .

     قَوْلُهُ  ( فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يَعْنِي ظَهَرَ عَلَيْهِ وَأَشْرَفَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ صَرْعِهِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ لِقَتْلِهِ .

     قَوْلُهُ  ( فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ) هُوَ مَا بَيْنَ الْعُنُقِ وَالْكَتِفِ .

     قَوْلُهُ  ( فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ شِدَّةً كَشِدَّةِ الْمَوْتِ وَيَحْتَمِلُ قَارَبْتُ الْمَوْتَ .

     قَوْلُهُ  ( ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ والليث والثوري وأبو ثور وأحمد وإسحاق وبن جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمْ يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ سَلَبَ الْقَتِيلِ فِي جميع الحروبسَوَاءٌ قَالَ أَمِيرُ الْجَيْشِ قَبْلَ ذَلِكَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَمْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ قَالُوا وَهَذِهِ فَتْوَى مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإِخْبَارٌ عَنْ حُكْمِ الشَّرْعِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِ أَحَدٍ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُمَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ بِمُجَرَّدِ الْقَتْلِ سَلَبَ الْقَتِيلِ بَلْ هُوَ لِجَمِيعِ الْغَانِمِينَ كَسَائِرِ الْغَنِيمَةِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْأَمِيرُ قَبْلَ الْقِتَالِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى هَذَا وَجَعَلُوا هَذَا إِطْلَاقًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ بِفَتْوَى وَإِخْبَارِ عَامٍّ وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْقِتَالِ وَاجْتِمَاعِ الْغَنَائِمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَشْتَرِطُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ أَنْ يَغْزُوَ بِنَفْسِهِ فِي قَتْلِ كَافِرٍ مُمْتَنِعٍ فِي حَالِ الْقِتَالِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاتِلَ لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ رَضْخٌ وَلَا سَهْمَ لَهُ كَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ اسْتَحَقَّ السَّلَبَ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا الْمُقَاتِلُ.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّامِيُّونَ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إِلَّا فِي قَتِيلٍ قَتَلَهُ قَبْلَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ فَأَمَّا مَنْ قَتَلَ فِي الْتِحَامِ الْحَرْبِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَخْمِيسِ السَّلَبِ وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عند أصحابه لا يخمس وهو ظاهر الأحاديث وبه قال أحمد وبن جرير وبن الْمُنْذِرِ وَآخَرُونَ.

     وَقَالَ  مَكْحُولٌ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُخَمَّسُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ.

     وَقَالَ  عُمَرُ بْنُ الخطاب رضي الله عنه واسحاق وبن رَاهَوَيْهِ يُخَمَّسُ إِذَا كَثُرَ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ خَمَّسَهُ وَإِلَّا فَلَا.

.
وَأَمَّا قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ) فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِالدَّلَالَةِ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَاللَّيْثِ وَمَنْ وَافَقَهُمَا مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ السَّلَبَ لَا يُعْطَى إِلَّا لِمَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ وَلَا يُقْبَلُ .

     قَوْلُهُ  بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُعْطَى بِقَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ قَالَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ السَّلَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ الْقَاتِلُ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ وَقَدْ صَرَّحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا تُلْغَى وَقَدْ يَقُولُ الْمَالِكِيُّ هَذَا مَفْهُومٌ وَلَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُ وَيُجَابُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَلَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى الْحَدِيثُ فَهَذَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

.
وَأَمَّا مَا يَحْتَجُّ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ باقرار من هو في يده فضعيف لأن الْإِقْرَارَ إِنَّمَا يَنْفَعُ إِذَا كَانَ الْمَالُ مَنْسُوبًا إِلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَالْمَالُ هُنَا مَنْسُوبٌ إِلَى جَمِيعِ الْجَيْشِ وَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْبَاقِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَاهَا اللَّهِ إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ) هَكَذَا فِي جَمِيعِ رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَاهَا اللَّهِ إِذًا بِالْأَلِفِ وَأَنْكَرَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ وَقَالُوا هُوَ تَغْيِيرٌ مِنَ الرُّوَاةِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذا بغير ألف في أوله وقالوا وها بِمَعْنَى الْوَاوِ الَّتِي يُقْسَمُ بِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا وَاللَّهِ ذَا قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْمَازِرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعْنَاهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا يَمِينِي أَوْ ذَا قَسَمِي.

     وَقَالَ  أَبُو زَيْدٍ ذَا زَائِدَةٌ وَفِيهَا لُغَتَانِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ قَالُوا وَيَلْزَمُ الْجَرُّ بَعْدَهَا كَمَا يَلْزَمُ بَعْدَ الْوَاوِ قَالُوا وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَلَا يُقَالُ لَاهَا وَاللَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ تَكُونُ يَمِينًا قَالَ أَصْحَابُنَا إِنْ نَوَى بِهَا الْيَمِينَ كَانَتْ يَمِينًا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُتَعَارَفَةً فِي الْأَيْمَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  ( لَا يَعْمِدُ فَضَبَطُوهُ) بِالْيَاءِ وَالنُّونِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  بَعْدَهُ فَيُعْطِيكَ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ وَكِلَاهُمَا ظَاهِرٌ وَقَولُهُ ( يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَيْ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُصْرَةً لِدِينِ اللَّهِ وَشَرِيعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولتكون كلمة الله هي العليا) وفي هذا الحديث فضيلة ظاهرة لأبي بكر الصديق في إِفْتَائِهِ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتِدْلَالِهِ لِذَلِكَ وَتَصْدِيقِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفِي ذَلِكَ وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَبِي قَتَادَةَ فَإِنَّهُ سَمَّاهُ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ مَنْقَبَةٌ جَلِيلَةٌ مِنْ مَنَاقِبِهِ وَفِيهِ أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ يُعْطِيكَ سَلَبَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ) أَمَّا بَنُو سَلِمَةَ فَبِكَسْرِ اللَّامِ.

.
وَأَمَّا الْمَخْرَفُ فَبِفَتْحِ الميم والراء وهذا هوالمشهور.

     وَقَالَ  الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ كَالْمَسْجِدِ وَالْمَسْكِنِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْمُرَادُ بِالْمَخْرَفِ هُنَا الْبُسْتَانُ وَقِيلَ السِّكَّةُ مِنَ النَّخْلِ تَكُونُ صَفَّيْنِ يُخْرِفُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ أَيْ يَجْتَنِي.

     وَقَالَ  بن وَهْبٍ هِيَ الْجُنَيْنَةُ الصَّغِيرَةُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ هِيَ نَخَلَاتٌ يَسِيرَةٌ.

.
وَأَمَّا الْمِخْرَفُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ فَهُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ مَا يُجْتَنَى مِنَ الثِّمَارِ وَيُقَالُ اخْتَرَفَ الثَّمَرَ إِذَا جَنَاهُ وَهُوَ ثَمَرٌ مَخْرُوفٌ .

     قَوْلُهُ  ( فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ) هُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَ الْأَلِفِ أَيِ اقْتَنَيْتُهُ وَتَأَصَّلْتُهُ وَأَثَلَةُ الشَّيْءِ أَصْلُهُ .

     قَوْلُهُ  ( لَا تُعْطِهِ أُضَيْبِعَ مِنْ قُرَيْشٍ) قَالَ الْقَاضِي اخْتَلَفَ رُوَاةُ كِتَابِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَرْفِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا رِوَايَةُ السَّمَرْقَنْدِيِّ أُصَيْبِغَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالثَّانِي رِوَايَةُ سائر الرواة أضييع بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهِ رُوَاةُ الْبُخَارِيِّ فَعَلَى الثَّانِي هُوَ تَصْغِيرُ ضَبْعٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَأَنَّهُ لَمَّا وَصَفَ أبا قتادة بأنه أسد صغر هَذَا بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ وَشَبَّهَهُ بِالضُّبَيْعِ لِضَعْفِ افْتِرَاسِهَا وَمَا تُوصَفُ بِهِ مِنَ الْعَجْزِ وَالْحُمْقِ.

.
وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَوَصْفَهُ بِهِ لِتَغَيُّرِ لَوْنِهِ وَقِيلَ حَقَّرَهُ وَذَمَّهُ بِسَوَادِ لَوْنِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَاحِبُ لَوْنٍ غَيْرِ مَحْمُودٍ وَقِيلَ وَصَفَهُ بِالْمَهَانَةِ وَالضَّعْفِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْأُصَيْبِغُ نَوْعٌوَحْدَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَفْسِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَآخَرُونَ مُرْجِئُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ أَيْ مُؤَخَّرُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ يُقَالُ أَرْجَأْتُكَ أَيْ اخرتك وَأَرَادَ بِهِ البُخَارِيّ شرح قَول بن عَبَّاس وَالطَّعَام مرحا أَيْ مُؤَخَّرٌ وَيَجُوزُ هَمْزُ مُرْجَأٍ وَتَرْكُ هَمْزِهِ وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الْخَطَّابِيِّ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ بِغَيْرِ همز وَهُوَ للْمُبَالَغَة ( قَولُهُ بَابُ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) لَمْ يُذْكَرْ فِي حَدِيثَيِ الْبَابِ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى شَرْطِهِ فَاسْتَنْبَطَهُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ بِلَفْظِ قَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيَسْأَلُنِي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي أَبِيعُهُ مِنْهُ ثُمَّ أبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ فَقَالَ لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَلَفْظُهُ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَبَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ أَبِيعُكَ عَبْدًا أَوْ دَارًا مُعَيَّنَةً وَهِيَ غَائِبَةٌ فَيُشْبِهُ بَيْعَ الْغَرَرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَتْلَفَ أَوْ لَا يَرْضَاهَا ثَانِيهُمَا أَنْ يَقُولَ هَذِهِ الدَّارُ بِكَذَا عَلَى أَنْ أَشْتَرِيَهَا لَكَ مِنْ صَاحِبِهَا أَوْ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا لَكَ صَاحِبُهَا اه وَقِصَّةُ حَكِيمٍ مُوَافِقَةٌ لِلِاحْتِمَالِ الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ وَالْحُكْرَةِ)
أَيْ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ حَبْسُ السِّلَعِ عَنِ الْبَيْعِ هَذَا مُقْتَضَى اللُّغَةِ وَلَيْسَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ لِلْحُكْرَةِ ذِكْرٌ كَمَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَنْبَطَ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرِ بِنَقْلِ الطَّعَامِ إِلَى الرِّحَالِ وَمَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَلَوْ كَانَ الِاحْتِكَارُ حَرَامًا لَمْ يَأْمُرْ بِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ حَدِيثُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ لَكِنْ مُجَرّد إِيوَاءِ الطَّعَامِ إِلَى الرِّحَالِ لَا يَسْتَلْزِمُ الِاحْتِكَارَ الشَّرْعِيَّ لِأَنَّ الِاحْتِكَارَ الشَّرْعِيَّ إِمْسَاكُ الطَّعَامِ عَنِ البيع وانتظار الغلاء مَعَ الِاسْتِغْنَاء عَنْهُ وَحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ وَبِهَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ فِيمَنْ رَفَعَ طَعَامًا مِنْ ضَيْعَتِهِ إِلَى بَيْتِهِ لَيْسَتْ هَذِهِ بِحُكْرَةٍ وَعَنْ أَحْمَدَ إِنَّمَا يَحْرُمُ احْتِكَارُ الطَّعَامِ الْمُقْتَاتِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ أَرَادَ بِالتَّرْجَمَةِ بَيَانَ تَعْرِيفِ الْحُكْرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يُفَسِّرُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ فَسَاقَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا تَمْكِينُ النَّاسِ مِنْ شِرَاءِ الطَّعَامِ وَنَقْلِهِ وَلَوْ كَانَ الِاحْتِكَارُ مَمْنُوعًا لَمُنِعُوا مِنْ نَقْلِهِ أَوْ لَبُيِّنَ لَهُمْ عِنْدَ نَقْلِهِ الْأَمَدُ الَّذِي يَنْتَهُونَ إِلَيْهِ أَوْ لَأُخِذَ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ شِرَاءِ الشَّيْءِ الْكَثِيرِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الِاحْتِكَارِ وَكُلُّ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الِاحْتِكَارَ إِنَّمَا يُمْنَعُ فِي حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَمِّ الِاحْتِكَارِ أَحَادِيثُ مِنْهَا حَدِيث معمر الْمَذْكُور أَو لَا وَحَدِيثُ عُمَرَ مَرْفُوعًا مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طعامهم ضربه الله بالجذام والافلاس رَوَاهُ بن مَاجَهْ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَعَنْهُ مَرْفُوعًا قَالَ الْجَالِبُ مَرْزُوق والمحتكر مَلْعُون أخرجه بن ماجة وَالْحَاكِم وَإِسْنَاده ضَعِيف وَعَن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فقد برِئ من الله وبرىء مِنْهُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مَنِ احْتَكَرَ حُكْرَةً يُرِيدُ أَنْ يُغَالِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيث بن عُمَرَ فِي تَأْدِيبِ مَنْ يَبِيعُ الطَّعَامَ قَبْلَ أَن يؤويه إِلَى رَحْلِهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ بَابٍ الثَّانِي وَالثَّالِث حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ قَوْله فِي آخر حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَيِ الْمُصَنِّفُ مرجئون أَي مؤرخون وَهَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَفْسِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَآخَرُونَ مرجئون لأمر الله أَيْ مُؤَخَّرُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ يُقَالُ أَرْجَأْتُكَ أَيْ أخرتك وَأَرَادَ بِهِ البُخَارِيّ شرح قَول بن عَبَّاسٍ وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ أَيْ مُؤَخَّرٌ وَيَجُوزُ هَمْزُ مُرْجَأٍ وَتَرْكُ هَمْزِهِ وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الْخَطَّابِيِّ بتَشْديد الْجِيم بِغَيْر همز وَهُوَ للْمُبَالَغَة حَدِيث وبن عمر فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ الرَّابِعُ حَدِيثُ عُمَرَ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ اشْتِرَاطِ قَبْضِ الشَّعِيرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَبْضِ الطَّعَامِ بِغَيْرِ شَرْطٍ آخَرَ وَقَدِ استشعر بن بَطَّالٍ مُبَايَنَتَهُ لِلتَّرْجَمَةِ فَأَدْخَلَهُ فِي تَرْجَمَةِ بَابِ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَهُوَ مُغَايِرٌ لِلنُّسَخِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ الْبُخَارِيِّ وَقَولُهُ

[ قــ :2050 ... غــ :2134] فِي حَدِيثِ عُمَرَ حَدثنَا على هُوَ بن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ وَقَولُهُ كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ عِنْدَهُ صَرْفٌ فَقَالَ طَلْحَةُ أَيِ بن عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَا حَتَّى يَجِيءَ خَازِنُنَا مِنَ الْغَابَةِ تَأْتِي بَقِيَّتُهُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بَعْدَ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ بَابًا .

     قَوْلُهُ  قَالَ سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَولُهُ هَذَا الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ أَشَارَ إِلَى الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهُ حَفِظَ مِنَ الزُّهْرِيِّ الْمَتْنَ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَقَدْ حَفِظَهَا مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَبْعَدَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ غَرَضُ سُفْيَانَ تَصْدِيقُ عَمْرٍو وَأَنَّهُ حَفِظَ نَظِيرَ مَا رُوِيَ .

     قَوْلُهُ  الذَّهَب بالورق هَكَذَا رَوَاهُ أَكثر أَصْحَاب بن عُيَيْنَةَ عَنْهُ وَهِيَ رِوَايَةُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ فِيهِ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْله فِي آخر حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَيِ الْمُصَنِّفُ مُرْجِئُونَ أَيْ مُؤَخِّرُونَ وَهَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَفْسِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَآخَرُونَ مُرْجِئُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ أَيْ مُؤَخَّرُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ يُقَالُ أَرْجَأْتُكَ أَيْ اخرتك وَأَرَادَ بِهِ البُخَارِيّ شرح قَول بن عَبَّاس وَالطَّعَام مرحا أَيْ مُؤَخَّرٌ وَيَجُوزُ هَمْزُ مُرْجَأٍ وَتَرْكُ هَمْزِهِ وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الْخَطَّابِيِّ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ بِغَيْرِ همز وَهُوَ للْمُبَالَغَة

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :2050 ... غــ : 2134 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ عِنْدَهُ صَرْفٌ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا، حَتَّى يَجِيءَ خَازِنُنَا مِنَ الْغَابَةِ.
قَالَ سُفْيَانُ هُوَ الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ أنه سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ».
[الحديث 2134 - طرفاه في: 2170، 2174] .

وبه قال: ( حدّثنا عليّ) هو ابن المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( كان عمرو بن دينار يحدّث عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن مالك بن أوس) بهمزة مفتوحة وبعد الواو الساكنة سين مهملة التابعي وقيل له صحبة ولا يصح ( أنّه قال: من عنده) وفي رواية: من كان عنده ( صرف) أي دراهم يصرف بها دنانير ( فقال طلحة) هو ابن عبيد الله أحد العشرة المبشرة ( أنا) عندي الدراهم ولكن أصبر ( حتى يجيء خازننا) لم يسم هذا الخازن ( من الغابة) بالغين المعجمة والموحدة موضع قريب من المدينة من عواليها به أموال أهل المدينة ومنها عمل المنبر الشريف النبوي.

( قال سفيان) بن عيينة بالسند السابق ( هو) أي الذي كان عمرو بن دينار يحدّث عن الزهري هو ( الذي حفظناه عن الزهري ليس فيه زيادة) وقد حفظ الزيادة مالك وغيره عن الزهري ( فقال) بالفاء قبل القاف أي قال الزهري، ولأبي الوقت قال: ( أخبرني) بالإفراد ( مالك بن أوس) ولابن

عساكر زيادة ابن الحدثان بفتح المهملتين وبالمثلثة ( أنه سمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-) حال كونه ( يخبر عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( الذهب بالذهب) ولأبوي ذر والوقت: بالورق بفتح الواو وكسر الراء وهو رواية أكثر أصحاب ابن عيينة عنه وهي رواية أكثر أصحاب الزهري أي بيع الذهب بالذهب أو بالورق ( ربًا) بالتنوين من غير همز ( إلا هاء وهاء) بالمدّ وفتح الهمزة فيهما على الأفصح الأشهر وهي اسم فعل بمعنى خذ تقول هاء درهمًا أي خذ درهمًا فدرهمًا منصوب باسم الفعل كما ينصب بالفعل ويجوز كسر الهمزة نحو هات وسكونها نحو خف والقصر وأنكره الخطابي وأصلها هاك بالكاف فقلبت الكاف همزة حكاه الماوردي والنووي، وليس المراد بكون الكاف هي الأصل أنها من نفس الكلمة وإنما المراد أصلها في الاستعمال وهي حرف خطاب.
قال ابن مالك: وحقها أن لا تقع بعد إلا كما لا يقع بعدها خذ فإذا وقع يقدر قول قبله يكون به محكيًّا أي إلا مقولاً عنده من المتعاقدين هاء وهاء.

قال الطيبي: فإذا محله النصب على الحال والمستثنى منه مقدّر يعني بيع الذهب بالذهب ربًا في جميع الحالات لا حال الحضور والتقابض فكنى عن التقابض بقوله هاء وهاء لأنه لازمه انتهى.

وعبّر بذلك لأن المعطي قائل خذ بلسان الحال سواء وجد معه بلسان المقال أو لا فالاستثناء مفرّغ من الخبر وفيه حذف مضاف من المبتدأ وحذف مضاف مما بعد إلا.

( والبر بالبر) بضم الموحدة القمح وهو الحنطة أي بيع أحدهما بالآخر ( ربًا إلا) مقولاً عنده من المتعاقدين ( هاء وهاء) أي خذ ( والتمر بالتمر) أي بيع أحدهما بالآخر ( ربًا إلا) مقولاً عنده من المتبايعين ( هاء وهاء والشعير بالشعير) بفتح الشين المعجمة على المشهور وقد تكسر قال ابن مكي الصقلي كل فعيل وسطه حرف حلق مكسور يجوز كسر ما قبله في لغة تميم.
قال: وزعم الليث أن قومًا من العرب يقولون ذلك وإن لم تكن عينه حرف حلق نحو كبير وجليل وكريم أي بيع الشعير بالشعير ( ربًا إلا) مقولاً عنده من المتعاقدين ( هاء وهاء) أي يقول كل واحد منهما للآخر خذ ويؤخذ منه أن البر والشعير صنفان وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وفقهاء المحدثين وغيرهم.
وقال مالك والليث ومعظم علماء المدينة والشام وغيرهم من المتقدمين: أنهما صنف واحد واتفقوا على أن الذرة صنف والأرز صنف إلا الليث بن سعد وابن وهب المالكي فقالا: إن هذه الثلاثة صنف واحد، وبقية مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى بعد تسعة عشر بابًا حيث ذكره المؤلّف ولم يذكر في شيء من هذه الأحاديث الحكرة المترجم بها.

قال ابن حجر: وكأن المصنف استنبط من الأمر بنقل الطعام إلى الرحال ومنع بيع الطعام قبل استيفائه فلو كان الاحتكار حرًّا ما لم يأمر بما يؤول إليه وكأنه لم يثبت عنده حديث معمر بن عبد الله مرفوعًا: "لا يحتكر إلا خاطئ" أخرجه مسلم، لكن مجرد إيواء الطعام إلى الرحال لا يلزم الاحتكار لأن الاحتكار الشرعي إمساك الطعام عن البيع وانتظار الغلاء مع الاستغناء عنه وحاجة الناس إليه.


ويحتمل أن يكون البخاري أراد بالترجمة بيان تعريف الحكرة التي نهي عنها في غير هذا الحديث المراد بها قدر زائد على ما يفسره أهل اللغة وسياق الأحاديث التي فيها تمكين الناس من شراء الطعام ونقله، ولو كان الاحتكار ممنوعًا لمنعوا من نقله، وقد ورد في دم الاحتكار أحاديث كحديث عمر مرفوعًا: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس" أخرجه ابن ماجة بإسناد حسن وعنده والحاكم بإسناد ضعيف عنه مرفوعًا: "الجالب مرزوق والمحتكر ملعون".

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :2050 ... غــ :2134 ]
- حدَّثنا عَليٌّ قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ قَالَ كانَ عَمْرُو بنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُهُ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ مالِكِ بنِ أوْسٍ أنَّهُ قَالَ منْ عِندَهُ صَرْفٌ فَقَالَ طَلْحَةُ أَنا حتَّى يَجيءَ خازِنُنا مِنَ الغَابَةِ قَالَ سُفْيانُ هُوَ الَّذِي حَفِظْناهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ زِيادَةٌ فَقَالَ أخْبَرَنِي مالِكُ بنُ أوْسٍ أنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ ابنَ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يُخْبِرُ عنْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الذَّهَبُ بالذَّهَبِ رِبا إلاَّ هاءَ وهاءَ والْبُرُّ بالْبُرُّ رِبا إلاَّ هاءَ وهاءَ والتَّمْرُ بالتَّمْرِ رِبا إلاَّ هاءَ وهاءَ والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ رِبا إلاَّ هاءَ وهاءَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ اشْتِرَاط الْقَبْض لما فِيهِ من الربويات.
وَفِي التَّرْجَمَة مَا يشْعر بِاشْتِرَاط الْقَبْض فِي الطَّعَام.
وَزعم ابْن بطال: أَنه لَا مطابقته بَين الحَدِيث والترجمة هُنَا، فَلذَلِك أدخلهُ فِي: بابُُ بيع مَا لَيْسَ عنْدك، وَهُوَ مُغَاير للنسخ المروية عَن البُخَارِيّ، وَعلي هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَمَالك بن أَوْس، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو، وَفِي آخِره سين مُهْملَة: ابْن الْحدثَان، بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ وبالمثلثة التَّابِعِيّ عِنْد الْجُمْهُور.
قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ بَعضهم: لَهُ صُحْبَة وَلَا يَصح..
     وَقَالَ  بَعضهم: ركب بخيل فِي الْجَاهِلِيَّة، وَقيل: إِنَّه رأى أَبَا بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وروى عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مُرْسلا.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ، وَأخرجه مُسلم فِي الْبيُوع أَيْضا عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد ابْن رمح، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَزُهَيْر بن حَرْب.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي التِّجَارَات عَن مُحَمَّد بن رمح بِهِ وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن مُحَمَّد وَهِشَام بن عمار وَنصر بن عَليّ وَمُحَمّد بن الصَّباح، خمستهم عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( من عِنْده صرف) ، أَي: من عِنْده دَرَاهِم يعوضها بِالدَّنَانِيرِ، لِأَن الصّرْف بيع أحد النَّقْدَيْنِ بِالْآخرِ.
قَوْله: ( فَقَالَ طَلْحَة) ، هُوَ ابْن عبد الله أحد الْعشْرَة المبشرة، فَأَنا أُعْطِيك الدَّرَاهِم لَكِن إصبر حَتَّى يَجِيء الخازن من الغابة، والغابة: بالغين الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة فِي الأَصْل: الأجمة ذَات الشّجر، المتكاثف، سميت بهَا لِأَنَّهَا تغيَّب مَا فِيهَا، وَجَمعهَا: غابات، وَلَكِن المُرَاد بهَا هُنَا غابة الْمَدِينَة، وَهِي مَوضِع قريب مِنْهَا من عواليها، وَبهَا أَمْوَال أهل الْمَدِينَة، وَهِي الْمَذْكُورَة فِي عمل مِنْبَر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( قَالَ سُفْيَان) ، هُوَ ابْن عُيَيْنَة، قَالَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله: ( هُوَ الَّذِي حفظناه عَن الزُّهْرِيّ) أَي: الَّذِي كَانَ عَمْرو يحدثه عَن الزُّهْرِيّ هُوَ الَّذِي حفظناه عَن الزُّهْرِيّ بِلَا زِيَادَة فِيهِ، قَالَ الْكرْمَانِي: وغرضه مِنْهُ تَصْدِيق عَمْرو، وَقَالَ بَعضهم: أبعد الْكرْمَانِي فِي قَوْله: ( هَذَا!) قلت: مَا أبعد فِيهِ، بل غَرَضه هَذَا وَشَيْء آخر، وَهُوَ الْإِشَارَة إِلَى أَنه حفظه من الزُّهْرِيّ بِالسَّمَاعِ.
قَوْله: ( فَقَالَ: أَخْبرنِي) أَي: قَالَ الزُّهْرِيّ: أَخْبرنِي مَالك بن أَوْس.
قَوْله: ( بِخَبَر) جملَة حَالية.
قَوْله: ( الذَّهَب بِالذَّهَب) ويروى: ( الذَّهَب بالورق) ، بِكَسْر الرَّاء، وَهُوَ رِوَايَة أَكثر أَصْحَاب ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ، وَهِي رِوَايَة أَكثر أَصْحَاب الزُّهْرِيّ.
ثمَّ معنى قَوْله: ( الذَّهَب بِالذَّهَب) ، أَي: بيع الذَّهَب بِالذَّهَب رَبًّا إلاَّ أَن يَقُول كل وَاحِد من المتصارفين لصَاحبه: هَاء، يَعْنِي: خُذ أَو: هَات، فَإِذا قَالَ أَحدهمَا: خُذ، يَقُول الآخر: هَات، وَالْمرَاد أَنَّهُمَا يتقابضان فِي الْمجْلس قبل التَّفَرُّق مِنْهُ، وَأَن يكون العوضان متماثلين متساويين فِي الْوَزْن، كَمَا فِي حَدِيث أبي بكرَة، سَيَأْتِي: ( نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نبيع الذَّهَب بِالذَّهَب وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ إِلَّا سَوَاء بِسَوَاء) .
ثمَّ الْكَلَام فِي الذَّهَب: هَل مُذَكّر أم مؤنث؟ فَقَالَ فِي ( الْمُنْتَهى) : رُبمَا أنث فِي اللُّغَة الحجازية، والقطعة مِنْهُ ذهبة، وَيجمع على أذهاب وذهوب، وَفِي ( تَهْذِيب الْأَزْهَرِي) : لَا يجوز تأنيثه إلاَّ أَن يَجْعَل جمعا لذهبة، وَفِي ( الموعب) عَن صَاحب ( الْعين) : الذَّهَب التبر، والقطعة مِنْهُ: ذهبة، يذكر وَيُؤَنث.
وَعَن ابْن الْأَنْبَارِي: الذَّهَب أُنْثَى، وَرُبمَا ذكر، وَعَن الْفراء، وَجمعه ذهبان.
وَأما قَوْله: ( هَاء وهاء) ، فَقَالَ صَاحب ( الْعين) : هُوَ حرف يسْتَعْمل فِي المناولة، تَقول: هَاء وهاك، وَإِذا لم تجىء بِالْكَاف مددت فَكَانَ الْمدَّة فِي: هَاء، خلف من.
كَاف المخاطبة، فَنَقُول للرجل: هَاء، وللمرأة: هائي، وللاثنين: هاؤما، وللرجال: هاؤموا، وللنساء هاؤن.
وَفِي ( الْمُنْتَهى) : تَقول: هَاء يَا رجل، بِهَمْزَة سَاكِنة، مِثَال: هع، أَي: خُذ.
وَفِي ( الْجَامِع) : فِيهِ لُغَتَانِ بِأَلف سَاكِنة وهمزة مَفْتُوحَة، وَهُوَ اسْم الْفِعْل، ولغة إخرى: هايا رجل: كَأَنَّهُ من هاي يهاي،، فحذفت الْيَاء للجزم، وَمِنْهُم من يَجعله بِمَنْزِلَة الصَّوْت: هَا يَا رجل، وهايا رجلَانِ، وهايا رجال، وَهَا يَا امْرَأَة، وَهَا يَا امْرَأَتَانِ، وَهَا يَا نسْوَة.
وَفِي ( شرح الْمشكاة) : فِيهِ لُغَتَانِ الْمَدّ وَالْقصر، وَالْأول أفْصح وَأشهر.
وَأَصله: هاك، فأبدلت من الْكَاف، مَعْنَاهُ: خُذ، فَيَقُول صَاحبه مثله، والهمزة مَفْتُوحَة.
وَيُقَال بِالْكَسْرِ وَمَعْنَاهُ التَّقَابُض،.

     وَقَالَ  الْمَالِكِي: وَحقّ هَا أَن لَا يَقع بعْدهَا إلاَّ كَمَا لَا يَقع بعْدهَا: هَذ، وَبعد أَن وَقع يجب تَقْدِير قَول قبله يكون بِهِ محكيا، فَكَأَنَّهُ قيل: وَلَا الذَّهَب بِالذَّهَب إلاَّ مقول عِنْده من الْمُتَبَايعين هَاء وهاء،.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: وَمحله النصب على الظَّرْفِيَّة، والمستثنى مِنْهُ مُقَدّر.
يَعْنِي: بيع الذَّهَب بِالذَّهَب رَبًّا فِي جَمِيع الْأَزْمِنَة إلاَّ عِنْد الْحُضُور والتقابض.
قَوْله: ( وَالْبر بِالْبرِّ) ، أَي: وَبيع الْبر بِالْبرِّ، وَهَكَذَا يقدر فِي الْبَوَاقِي.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أجمع الْمُسلمُونَ على تَحْرِيم الرِّبَا فِي هَذِه الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة الَّتِي ذكرت فِي حَدِيث عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وشيئان آخرَانِ وهما: الْفضة وَالْملح، فَهَذِهِ الْأَشْيَاء السِّتَّة مجمع عَلَيْهَا، وَاخْتلفُوا فِيمَا سواهَا، فَذهب أهل الظَّاهِر ومسروق وطاووس وَالشعْبِيّ وَقَتَادَة وَعُثْمَان البتي فِيمَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ: إِلَى أَنه يتَوَقَّف التَّحْرِيم عَلَيْهَا..
     وَقَالَ  سَائِر الْعلمَاء: بل يتَعَدَّى إِلَى مَا فِي مَعْنَاهَا.
فَأَما الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَالْعلَّة فيهمَا عِنْد أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْوَزْن فِي جنس وَاحِد، فَالْحق بهما كل مَوْزُون.
وَعند الشَّافِعِي: الْعلَّة فيهمَا جنس الْأَثْمَان وَأما الْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة فَفِيهَا عشرَة مَذَاهِب.
الأول: مَذْهَب أهل الظَّاهِر أَنه: لَا رَبًّا فِي غير الْأَجْنَاس السِّتَّة.
الثَّانِي: ذهب أَبُو بكر الْأَصَم: إِلَى أَن الْعلَّة فِيهَا كَونهَا مُنْتَفعا بهَا، فَيحرم التَّفَاضُل فِي كل مَا ينْتَفع بِهِ، حَكَاهُ عَنهُ القَاضِي حُسَيْن.
الثَّالِث: مَذْهَب ابْن سِيرِين وَأبي بكر الأودي الشَّافِعِي: أَن الْعلَّة الجنسية، فَحرم كل شَيْء بيع بِجِنْسِهِ: كالتراب بِالتُّرَابِ مُتَفَاضلا، وَالثَّوْب بالثوبين وَالشَّاة بالشاتين.
الرَّابِع: مَذْهَب الْحسن بن أبي الْحسن: أَن الْعلَّة الْمَنْفَعَة فِي الْجِنْس، فَيجوز عِنْده بيع ثوب قِيمَته دِينَار بثوبين قيمتهمَا دِينَار، وَيحرم عِنْده بيع ثوب قِيمَته دِينَار بِثَوْب قِيمَته دِينَارَانِ.
الْخَامِس: مَذْهَب سعيد بن جُبَير: أَن الْعلَّة تفَاوت الْمَنْفَعَة فِي الْجِنْس، فَيحرم التَّفَاضُل فِي الْحِنْطَة بِالشَّعِيرِ لتَفَاوت منافعهما، وَكَذَلِكَ الباقلاء بالحمص والدخن بالذرة.
السَّادِس: مَذْهَب ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن: أَن الْعلَّة كَونه جِنْسا تجب فِيهِ الزَّكَاة، وَيحرم الرِّبَا فِي جنس تجب فِيهِ الزَّكَاة من الْمَوَاشِي والزروع وَغَيرهمَا، ونفاه عَمَّا لَا زَكَاة فِيهِ.
السَّابِع: مَذْهَب مَالك: كَونه مقتاتا مدخرا، فَحرم الرِّبَا فِي كل مَا كَانَ قوتا مدخرا، ونفاه عَمَّا لَيْسَ بقوت: كالفواكه، وَعَما هُوَ قوت لَا يدّخر: كَاللَّحْمِ.
الثَّامِن: مَذْهَب أبي حنيفَة: أَن الْعلَّة الْكَيْل مَعَ جنس، أَو الْوَزْن مَعَ جنس، فَحرم الرِّبَا فِي كل مَكِيل وَإِن لم يُؤْكَل: كالجص والنورة والأشنان، ونفاه عَمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن وَإِن كَانَ مَأْكُولا: كالسفرجل وَالرُّمَّان.
التَّاسِع: مَذْهَب سعيد بن الْمسيب، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم: أَن الْعلَّة كَونه مطعوما يُكَال أَو يُوزن فحرمه فِي كل مطعوم يُكَال أَو يُوزن، ونفاه عَمَّا سواهُ، وَهُوَ كل مَا لَا يُؤْكَل وَلَا يشرب، أَو يُؤْكَل وَلَا يُوزن: كالسفرجل والبطيخ.
الْعَاشِر: أَن الْعلَّة كَونه مطعوما فَقَط، سَوَاء كَانَ مَكِيلًا أَو مَوْزُونا أم لَا، وَلَا رَبًّا فِيمَا سوى المطعوم غير الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد.
وَفِي ( شرح الْمُهَذّب) : وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد وَابْن الْمُنْذر.

قلت: مَذْهَب مَالك فِي الْمُوَطَّأ أَن الْعلَّة هِيَ الإدخار للْأَكْل غَالِبا، وَإِلَيْهِ ذهب ابْن نَافِع، وَفِي ( التَّمْهِيد) قَالَ مَالك: فَلَا تجوز فِي الْفَوَاكِه الَّتِي تيبس وتدخر إلاَّ مثلا بِمثل يدا بيد، إِذا كَانَت من صنف وَاحِد، وَيَجِيء على مَا روى عَن مَالك: أَن الْعلَّة الإدخار للاقتيات أَن لَا يجرى الرِّبَا فِي الْفَوَاكِه الَّتِي تيبس، لِأَنَّهَا لَيست بمقتات، وَلَا يجْرِي الرِّبَا فِي الْبيض، لِأَنَّهَا وَإِن كَانَت مقتاتة فَلَيْسَتْ بمدخرة، وَذكر صَاحب ( الْجَوَاهِر) : يَنْقَسِم مَا يطعم إِلَى ثَلَاثَة أَقسَام: إِحْدَاهَا: مَا اتّفق على أَنه طَعَام يجْرِي فِيهِ حكم الرِّبَا: كالفواكه وَالْخضر والبقول والزروع الَّتِي تُؤْكَل غداء أَو يعتصر مِنْهَا مَا يتغدى من الزَّيْت: كحب القرطم وزريعة الفجل الْحَمْرَاء وَمَا أشبه ذَلِك.
وَالثَّانِي: مَا اتّفق على أَنه لَيْسَ بغداء بل هُوَ دَوَاء، وَذَلِكَ: كالبر والزعفران والشاهترج وَمَا يشبهها.
وَالثَّالِث: مَا اخْتلف فِيهِ للِاخْتِلَاف فِي أَحْوَاله وعادات النَّاس فِيهِ، فَمِنْهُ الطّلع والبلح الصَّغِير، وَمِنْه التوابل كالفلفل والكزبرة وَمَا فِي مَعْنَاهَا من الكمونين والزاريانج والأنيسون، فَفِي إِلْحَاق كل وَاحِد مِنْهَا بِالطَّعَامِ قَولَانِ، وَمِنْهَا الحلبة وَفِي إلحاقها بِالطَّعَامِ ثَلَاثَة أَقْوَال مفرق فِي الثَّالِث، فَيلْحق بِهِ الخضراء دون الْيَابِسَة، وَمِنْهَا المَاء العذب قيل بإلحاقه بِالطَّعَامِ لما كَانَ مِمَّا يتطعم، وَبِه قوام الْأَجْسَام.
وَقيل: يمْنَع إِلْحَاقه لِأَنَّهُ مشروب وَلَيْسَ بمطعوم.
وَأما الْعلَّة فِي تَحْرِيم الرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ الثمنية، وَهل الْمُعْتَبر فِي ذَلِك كَونهمَا ثمنين فِي كل الْأَمْصَار أَو جلها وَفِي كل الْأَعْصَار؟ فَتكون الْعلَّة بِحَسب ذَلِك قَاصِرَة عَلَيْهَا، أَو الْمُعْتَبر مُطلق الثمنية، فَتكون متعدية إِلَى غَيرهمَا فِي ذَلِك خلاف يبْنى عَلَيْهِ الْخلاف فِي جَرَيَان الرِّبَا فِي الْفُلُوس إِذا بيع بَعْضهَا بِبَعْض أَو بِذَهَب أَو بورق، وَفِي ( الرَّوْضَة) : وَالْمرَاد بالمطعوم مَا يعد للطعم غَالِبا تقوتا أَو تأدما أَو تفكها أَو غَيرهَا، فَيدْخل فِيهِ الْفَوَاكِه والحبوب والبقول والتوابل وَغَيرهَا، وَسَوَاء مَا أكل نَادرا كالبلوط والطرثوب، وَمَا أكل غَالِبا، وَمَا أكل وَحده أَو مَعَ غَيره، وَيجْرِي الرِّبَا فِي الزَّعْفَرَان على الْأَصَح، وَسَوَاء أكل للتداوي كالاهليلج والبليلج والسقمونيا وَغَيرهَا، وَمَا أكل لغَرَض آخر.
وَفِي ( التَّتِمَّة) وَجه: أَن مَا يقتات كَثِيره وَيسْتَعْمل قَلِيله فِي الْأَدْوِيَة كالسقمونيا لَا رَبًّا فِيهِ، وَهُوَ ضَعِيف، والطين الْخُرَاسَانِي لَيْسَ ربويا على الْأَصَح، ودهن الْكتاب والسمك وَحب الْكَتَّان وَمَاء الْورْد وَالْعود لَيْسَ ربويا على الْأَصَح، والزنجبيل والمصطكى رِبَوِيّ على الْأَصَح، وَالْمَاء إِذا صححنا بَيْعه رِبَوِيّ على الْأَصَح، وَلَا رَبًّا فِي الْحَيَوَان، لَكِن مَا يُبَاح أكله على هَيئته كالسمك الصَّغِير على وَجه لَا يجْرِي فِيهِ الرِّبَا فِي الْأَصَح، وَأما الذَّهَب والفضية فَقيل: يثبت فيهمَا الرِّبَا لعينهما لَا لعِلَّة..
     وَقَالَ  الْجُمْهُور: الْعلَّة فيهمَا صَلَاحِية التمنية الغالية، وَإِن شِئْت قلت: جوهرية الْأَثْمَان غَالِبا، والعبارتان تشملان التبر والمضروب والحلي والأواني مِنْهُمَا.
وَفِي تعدِي الحكم إِلَى الْفُلُوس إِذا أراجت وَجه، وَالصَّحِيح أَنَّهَا لَا رَبًّا فِيهَا لانْتِفَاء الثمنية الْغَالِبَة، وَلَا يتَعَدَّى إِلَى غير الْفُلُوس من الْحَدِيد والرصاص والنحاس وَغَيرهَا قطعا.
انْتهى.