2048 حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ يُونُسَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، ح وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَقُولُ : لَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ وَلَأَصُومَنَّ النَّهَارَ ، مَا عِشْتُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آنْتَ الَّذِي تَقُولُ ذَلِكَ ؟ فَقُلْتُ لَهُ : قَدْ قُلْتُهُ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ ، وَنَمْ وَقُمْ ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ قَالَ قُلْتُ : فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ قَالَ قُلْتُ : فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا ، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام ، وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ قَالَ قُلْتُ : فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : لَأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي |
2048 حدثني أبو الطاهر ، قال : سمعت عبد الله بن وهب ، يحدث عن يونس ، عن ابن شهاب ، ح وحدثني حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني سعيد بن المسيب ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، أن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقول : لأقومن الليل ولأصومن النهار ، ما عشت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آنت الذي تقول ذلك ؟ فقلت له : قد قلته ، يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك لا تستطيع ذلك ، فصم وأفطر ، ونم وقم ، وصم من الشهر ثلاثة أيام ، فإن الحسنة بعشر أمثالها ، وذلك مثل صيام الدهر قال قلت : فإني أطيق أفضل من ذلك ، قال : صم يوما وأفطر يومين قال قلت : فإني أطيق أفضل من ذلك ، يا رسول الله ، قال : صم يوما وأفطر يوما ، وذلك صيام داود عليه السلام ، وهو أعدل الصيام قال قلت : فإني أطيق أفضل من ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أفضل من ذلك قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : لأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أحب إلي من أهلي ومالي |
'Abdullah b. 'Amr b. al-'As reported that the Messenger of Allah (ﷺ) was informed that he could stand up for (prayer) throughout the night and observe fast every day so long as he lived. Thereupon the Messenger of Allah (ﷺ) said:
Is it you who said this? I said to him: Messenger of Allah, it is I who said that. Thereupon the Messenger of Allah may peace be upon him) said: You are not capable enough to do so. Observe fast and break it; sleep and stand for prayer, and observe fast for three days during the month; for every good is multiplied ten times and this is like fasting for ever. I said: Messenger of Allah. I am capable of doing more than this. Thereupon he said: Fast one day and do not fast for the next two days. I said: Messenger of Allah, I have the strength to do more than that. The Prophet (ﷺ), said: Fast one day and break on the other day. That is known as the fasting of David (peace be upon him) and that is the best fasting. I said: I am capable of doing more than this. Thereupon the Messenger of Allah (ﷺ) said: There is nothing better than this. 'Abdullah b. 'Amr (Allah be pleased with them) said: Had I accepted the three days (fasting during every month) as the Messenger of Allah (ﷺ) had said, it would have been more dear to me than my family and my property.
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[1159] .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِعَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو.
.
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى اطلاقه وغير مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ (لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ ويوم ولوكَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ) مَعْنَاهُ يَكْفِيكَ أَنْ تَصُومَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) أَيْ زَائِرَكَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَأَكْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَبِرَ وَعَجَزَ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ وَوَظَّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ الليل وفي هذا الحديث وكلام بن عَمْرٍو أَنَّهُ يَنْبَغِي الدَّوَامُ عَلَى مَا صَارَ عَادَةً مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يُفَرِّطُ فِيهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حقا) فيهأَنَّ عَلَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى قَالَ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) مَعْنَاهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْفِرَارِ صَعْبَةٌ عَلَيَّ كَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ) سَبَقَ شَرْحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ) مَعْنَى هَجَمَتْ غَارَتْ وَنَهَكَتْ بِفَتْحِ النون وبفتح الهاء وكسرها والتاء ساكنة الْعَيْنُ أَيْ ضَعُفَتْ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ نُهِكْتَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نُهِكْتَ أَنْتَ أَيْ ضَنَيْتَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ (وَنَفِهَتِ النَّفْسُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْيَتْ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ) عَمْرٌو الاول هو بن دِينَارٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً) فِيهِ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْكِبَارِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ .
قَوْلُهُ (فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَمُجَانَبَةِالِاسْتِئْثَارِ عَلَى صَاحِبِهِ وَجَلِيسِهِ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَقَدْ سَبَقَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحِ سَلِيمٌ بِفَتْحِ السِّينِ غَيْرَهُ .
قَوْلُهُ (سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ) هُوَ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَالْقَصْرُ أَشْهَرُ
(باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر (وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس)
[1159] أَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ الْقُرْطُبِيّ حَدِيث بن عَمْرو اشْتهر وَكَثُرت رُوَاته فَكثر اختلافه حَتَّى ظن من لَا يبصره أَنه مُضْطَرب وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ إِذا تتبع اختلافه وَضم بعضه إِلَى بعض انتظمت صورته وتناسب مساقه إِذْ لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَاف تنَاقض وَلَا تهاتر بل يرجع إختلافه إِلَى أَن ذكر بَعضهم مَا سكت عَنهُ غَيره وَفصل بعض مَا أجمله غَيره فَإنَّك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك قَالَ النَّوَوِيّ علم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَال عبد الله أَنه لَا يَسْتَطِيع الدَّوَام على ذَلِك فَنَهَاهُ وَعلم من حَمْزَة بن عَمْرو أَنه يَسْتَطِيع سرد الصَّوْم حَتَّى فِي السّفر فأقره لَا أفضل من ذَلِك قيل هُوَ على إِطْلَاقه فَيكون أفضل من السرد وَقيل هُوَ خَاص لعبد الله أَي لَا أفضل من ذَلِك فِي حَقك بحسبك أَن تَصُوم أَي يَكْفِيك ان تَصُوم والنحاة يعربون بحسبك فِي بحسبك دِرْهَم درهما مُبْتَدأ زيدت فِيهِ الْبَاء وَكَانَ شَيخنَا الْعَلامَة محيي الدّين الكافيجي يخالفهم ويعربه خَبرا مقدما ودرهما مُبْتَدأ مُؤَخرا ويعلله بِأَنَّهُ محط الْفَائِدَة وَهَذَا الحَدِيث شَاهد لَهُ فَإِن أَن وَالْفِعْل إِذا وَقعت فِي تركيب حكم لَهَا بِأَنَّهَا هِيَ الْمُبْتَدَأ أَو مَا حل مَحَله قَالَ تَعَالَى ثمَّ لم تكن فتنتهم إِلَّا أَن قَالُوا نصب فتنتهم على أَنه خبر تكن مقدما وَأَن قَالُوا اسْمهَا مُؤَخرا فَتعين ان يكون بحسبك هُوَ الْخَبَر كَمَا قَالَه شَيخنَا وَمَا بعده الْمُبْتَدَأ وَالْمَسْأَلَة مبسوطة فِي كتبنَا النحوية ولزورك أَي زائرك فَلَا تفعل قَالَ الْقُرْطُبِيّ نهى عَن الِاسْتِمْرَار فِي فعل مَا الْتَزمهُ لما يُؤَدِّي إِلَيْهِ من الْمفْسدَة قَالَ من لي بِهَذِهِ أَي الْخصْلَة الْأَخِيرَة وَهِي عدم الْفِرَار أَي من يتكفل لي بهَا فَإِنَّهَا صعبة لَا صَامَ من صَامَ الْأَبَد قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا هُوَ فِي النّسخ مُكَرر مرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضهَا ثَلَاث مَرَّات وَمَعْنَاهُ قيل الدُّعَاء عَلَيْهِ وَقيل الْإِخْبَار بِأَنَّهُ لم يَأْتِ بِشَيْء إِذْ لَا يجد من مشقته مَا يجدهَا غَيره.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الْأَبَد من انْتِهَاء الدَّهْر وَالْمرَاد بِهِ هُنَا سرد الصّيام دَائِما هجمت أَي غارت ونهكت بِفَتْح النُّون وَالْهَاء وبكسرها وَالتَّاء سَاكِنة أَي ضعفت وَضبط بَعضهم بِضَم النُّون وَكسر الْهَاء وَفتح التَّاء خطابا لَهُ أَي ضنيت ونفهت نَفسك بِفَتْح النُّون وَكسر الْفَاء أَي أعيت صم يَوْمًا وَلَك أجر مَا بَقِي قَالَ بَعضهم أَي من الْعشْر كَمَا فِي الرِّوَايَة الأولى وَلَك أجر تِسْعَة وَكَذَا فِي قَوْله صم يَوْمَيْنِ وَلَك أجر مَا بَقِي أَي من الْعشْرين وصم ثَلَاثَة أَيَّام وَلَك أجر مَا بَقِي أَي من الشَّهْر قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا الِاعْتِبَار حسن جَار على قِيَاس تَضْعِيف الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا غير أَنه يفرغ تَضْعِيف الشَّهْر عِنْد صَوْم الثَّلَاثَة فَيبقى قَوْله صم أَرْبَعَة أَيَّام وَلَك أجر مَا بَقِي لم يبْق لَهُ من الشَّهْر شَيْء فيضاف لَهُ عشر من الشَّهْر الآخر أَي مَا بَقِي من أَرْبَعِينَ قَالَ.
وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين إِنَّه يَعْنِي بذلك من الشَّهْر وعَلى هَذَا يكون صَوْم الرَّابِع لَا أجر فِيهِ وَهُوَ مُخَالف لقياس التَّضْعِيف فَالْأول أولى
[ سـ
:2048 ... بـ
:1159]
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ يُحَدِّثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ح وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَقُولُ لَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ وَلَأَصُومَنَّ النَّهَارَ مَا عِشْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آنْتَ الَّذِي تَقُولُ ذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ قَدْ قُلْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَنَمْ وَقُمْ وَصُمْ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ قَالَ.
قُلْتُ فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ قَالَ.
قُلْتُ فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ قَالَ.
قُلْتُ فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي
( بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ لِمَنْ تَضَرَّرَ بِهِ أَوْ فَوَّتَ بِهِ حَقًّا
أَوْ لَمْ يُفْطِرِ الْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقَ وَبَيَانِ تَفْضِيلِ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ )
فِيهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ جَمَعَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - طُرُقَهُ فَأَتْقَنَهَا ، وَحَاصِلُ الْحَدِيثِ : بَيَانُ رِفْقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمَّتِهِ ، وَشَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ ، وَإِرْشَادِهِمْ إِلَى مَصَالِحِهِمْ ، وَحَثِّهِمْ عَلَى مَا يُطِيقُونَ الدَّوَامَ عَلَيْهِ ، وَنَهْيِهِمْ عَنِ التَّعَمُّقِ وَالْإِكْثَارِ مِنَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يُخَافُ عَلَيْهِمُ الْمَلَلُ بِسَبَبِهَا أَوْ تَرْكِهَا أَوْ تَرْكِ بَعْضِهَا ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ) ، وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ : ( لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ ) ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : ( أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ ) ، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى قَوْمًا أَكْثَرُوا الْعِبَادَةَ ثُمَّ فَرَّطُوا فِيهَا فَقَالَ تَعَالَى : وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ النَّهْيُ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ ؛ فَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى مَنْعِ صِيَامِ الدَّهْرِ نَظَرًا لِظَوَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : وَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى جَوَازِهِ إِذَا لَمْ يَصُمِ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا وَهِيَ الْعِيدَانِ وَالتَّشْرِيقُ ، وَمَذْهَبُالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ : أَنَّ سَرْدَ الصِّيَامِ إِذَا أَفْطَرَ الْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقَ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ ، بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَلْحَقَهُ بِهِ ضَرَرٌ ، وَلَا يُفَوِّتَ حَقًّا ، فَإِنْ تَضَرَّرَ أَوْ فَوَّتَ حَقًّا فَمَكْرُوهٌ ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ ؟ فَقَالَ : إِنْ شِئْتَ فَصُمْ .
وَلَفْظُ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ : فَأَقَرَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَرْدِ الصِّيَامِ ، وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَمْ يُقِرَّهُ ، لَا سِيَّمَا فِي السَّفَرِ ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَسْرُدُ الصِّيَامَ ، وَكَذَلِكَ أَبُو طَلْحَةَ وَعَائِشَةُ وَخَلَائِقُ مِنَ السَّلَفِ ، قَدْ ذَكَرْتُ مِنْهُمْ جَمَاعَةً فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ ، وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ ( لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ ) بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِأَنْ يَصُومَ مَعَهُ الْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقَ ، وَبِهَذَا أَجَابَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَضَرَّرَ بِهِ أَوْ فَوَّتَ بِهِ حَقًّا ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ النَّهْيَ كَانَ خِطَابًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ عَنْهُ أَنَّهُ عَجَزَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَنَدِمَ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَقْبَلِ الرُّخْصَةَ ، قَالُوا : فَنَهْيُ ابْنِ عَمْرٍو كَانَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيَعْجَزُ وَأَقَرَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو لِعِلْمِهِ بِقُدْرَتِهِ بِلَا ضَرَرٍ .
وَالثَّالِثَ : أَنَّ مَعْنَى ( لَا صَامَ ) : أَنَّهُ لَا يَجِدُ مِنْ مَشَقَّتِهِ مَا يَجِدُهَا غَيْرُهُ ، فَيَكُونُ خَبَرًا لَا دُعَاءً .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ مِنْ حَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ .
بِخِلَافِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو ..
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَهُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ غَيْرَ مُخْتَصٍّ بِهِ ، بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا : يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا ، بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ ، وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ ؛ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ ، وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ ، بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ ، وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ ، وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ : ( لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ ، فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ : هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ ؛ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ ، وَتَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ ، وَتَقْدِيرُهُ : لَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكَ ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ ، وَأَرْشَدَهُ إِلَى يَوْمٍ وَيَوْمٍ ، وَلَوْ كَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ ، وَبَيَّنَهُ لَهُ ، فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .