هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1972 وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو ، أَنَّ أَبَا النَّضْرِ ، حَدَّثَهُ أَنَّ عُمَيْرًا ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ الْفَضْلِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، تَقُولُ : شَكَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَنَحْنُ بِهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَعْبٍ فِيهِ لَبَنٌ ، وَهُوَ بِعَرَفَةَ ، فَشَرِبَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1972 وحدثني هارون بن سعيد الأيلي ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو ، أن أبا النضر ، حدثه أن عميرا ، مولى ابن عباس رضي الله عنهما ، حدثه أنه سمع أم الفضل ، رضي الله عنها ، تقول : شك ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام يوم عرفة ، ونحن بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسلت إليه بقعب فيه لبن ، وهو بعرفة ، فشربه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أم الفضل رضي الله عنها قالت: شك ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام يوم عرفة، ونحن بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأرسلت إليه بقعب فيه لبن وهو بعرفة فشربه.


المعنى العام

لا شك أن الصوم يقرب العبد من ربه، ويباعد بين المسلم وبين خضوعه للشهوات، ولا شك أن دعاء الصائم أرجى للقبول، ومن المعلوم أن يوم عرفة من أعظم الأيام التي تنزل فيها الرحمة، لهذا رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عرفة، وقال إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده.

لكن الحج سفر، والسفر مشقة، وقد رخص الله للمسافر أن يفطر في رمضان، وقال الرسول الكريم ليس من البر الصيام في السفر.

وفي أداء مناسك الحج مشقة ومشقة، تحتاج قوة وجلداً وصبراً، وبخاصة الوقوف بعرفة الذي لا بد فيه من البروز للشمس، والتعرض لحرارة الجو في مكان خال من مطالب الراحة ووسائلها.
فماذا في صوم الحاج يوم عرفة وهو واقف بعرفة؟ هل شأنه شأن المقيم في بلاده ودياره يستحب له الصوم؟ أو يستحب له الفطر؟ أو الحكم يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال؟ فيستحب في الشتاء وحيث لا يشق على الواقف؟ ولا يستحب في الحر، ولا لمن يشق عليه الصوم؟.

أو الصوم والفطر بالنسبة له سواء؟ إن صام فله أجره، وإن أفطر فله أجر الصائم؟ لقد أراد بعض الصحابة الواقفين بعرفة أن يتبينوا حال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة.

لقد قال بعضهم: هو صائم، وقال البعض: ليس بصائم.
فما هو القول الفصل؟ لا سبيل إلى سؤاله صلى الله عليه وسلم في زحام الموقف، وأقرب الناس إلى معرفة ذلك زوجته، ومضرب أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث قريب منهم، لقد وقفوا على بابها ومعها أختها أم الفضل.

وأخذوا يتجادلون، ورأت أم الفضل وميمونة أن السبيل الواضح لمعرفة حاله صلى الله عليه وسلم أن ترسلا إليه بقدح فيه لبن، فإن كان صائماً لن يشرب، فلما وصله اللبن وهو على ناقته صلى الله عليه وسلم يخطب الناس رفع القدح إلى فيه وشرب، والناس ينظرون إليه صلى الله عليه وسلم، فعلموا أنه ليس بصائم؛ فأفطر منهم من أفطر، وصام من صام حيث لا نهي.

المباحث العربية

( أم الفضل بنت الحارث) الهلالية زوجة العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنهما، والظاهر أنهما كانتا في خيمة واحدة في الموقف.

( أن ناساً تماروا) أي اختلفوا وتجادلوا، وفي موطأ مالك اختلف ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي روايتنا الثانية شك ناس، وفي الثالثة إن الناس شكوا في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فكأنهم شكوا ثم تماروا وتجادلوا فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم كما جاء في الرواية الأولى.

( فأرسلت إليه) التاء ساكنة، والفاعل ضمير الغائبة، وكذا في الرواية الثالثة، أما الثانية فالتاء ضمير المتكلمة.

( بقدح لبن) القدح بفتح الدال إناء يشرب به الماء أو اللبن أو نحوهما يشبه ما يسمى اليوم بالكأس، وفي الرواية الثانية فأرسلت إليه بقعب فيه لبن والقعب بفتح القاف وسكون العين القدح الضخم الغليظ، وفي الرواية الثالثة فأرسلت إليه ميمونة بحلاب اللبن بكسر الحاء، وهو الإناء الذي يجعل فيه اللبن، وقد يطلق على اللبن المحلوب.

( وهو واقف على بعيره بعرفة) في بعض الروايات وهو يخطب الناس بعرفة والمراد وهو واقف بعرفة راكباً بعيره جالساً عليه، فالوقوف بعرفة حضورها، واقفاً منتصباً أو مضطجعاً، وأطلق عليه الوقوف تغليباً.

( عن عمير مولى ابن عباس) في روايتين لمسلم والبخاري عن عمير مولى أم الفضل قال الحافظ: أم الفضل هي والدة ابن عباس، وقد انتقل إلى ابن عباس ولاء موالي أمه، فمن قال: مولى أم الفضل فباعتبار أصله، ومن قال: مولى ابن عباس فباعتبار ما آل إليه حاله.

( فأرسلت إليه ميمونة بحلاب اللبن) صريح في أن ميمونة هي التي أرسلت، والرواية الأولى صريحة في أن أم الفضل هي التي أرسلت؟ قال الحافظ ابن حجر: يحتمل التعدد [أي كل منهما حصل في خيمتها نقاش فأرسلت مع فارق في الزمن] ويحتمل أنهما معاً أرسلتا، فنسب ذلك إلى كل منهما، لأنهما كانتا أختين، فتكون ميمونة أرسلت بإشارة أم الفضل لكشف الحال في ذلك، ويحتمل العكس.

أما الشخص الذي أرسل فلم يسم في طريق حديث أم الفضل، لكن روى النسائي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس ما يدل على أنه كان الرسول بذلك.

فقه الحديث

هذا الحديث مرتبط بأحاديث صيام عرفة، وسيأتي بعد أبواب أنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وهذا الحديث صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصمه وهو واقف بعرفة فجمع بين الحديثين بحمل الاستحباب على غير الحاج دون الحاج.

وفي حكم صيام يوم عرفة الحاج قال النووي في المجموع: قال الشافعي والأصحاب: يستحب صوم يوم عرفة لغير من هو بعرفة، وأما الحاج الحاضر في عرفة فيستحب له فطره، وقال جماعة من أصحابنا: يكره له صومه، ولم يذكر الجمهور الكراهة، بل قالوا: يستحب فطره، واحتج لمن قال بالكراهة بحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة رواه أبو داود والنسائي بسند فيه مجهول، وروى الترمذي سئل ابن عمر عن صوم يوم عرفة، قال: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصمه، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه، ومع عثمان فلم يصمه فأنا لا أصومه، ولا آمر به، ولا أنهي عنه رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

قال النووي: وهذان الحديثان لا دلالة فيهما لمن قال بالكراهة، لأن الأول ضعيف، والثاني ليس فيه نهي، وإنما هو خلاف الأفضل.
قال وعلل الشافعي والأصحاب استحباب فطره ليقوى الحاج على الدعاء، لأن الحاج يبرز للشمس، فيناله بذلك مشقة يستحب أن لا يصوم معها.

وقال المتولي الأولى أن يصوم حيازة للفضيلة.

واختار مالك وأبو حنيفة والثوري الفطر، وقال عطاء: من أفطر يوم عرفة ليتقوى به على الذكر كان له مثل أجر الصائم.

وقال ابن عباس: يوم عرفة لا يصحبنا أحد يريد الصيام، فإنه يوم تكبير وأكل وشرب.

ونقل عن الشافعي في القديم أنه لو علم الرجل أن الصوم بعرفة لا يضعفه فصامه كان حسناً.

وقال عطاء: أصومه في الشتاء ولا أصومه في الصيف.

وكان الزبير وعائشة يصومان يوم عرفة.

والذي تسترح إليه النفس أن فضل صيام يوم عرفة عظيم، لا يفرط فيه من لا يشق عليه الصيام بعرفة، ولا إخال الصوم يعوق الذكر والدعاء.
بل العكس صحيح، فالصوم ينبه للذكر ويصفيه ويقرب الدعاء من القبول، نعم قد يعوق الجهر بالتكبير والدعاء، لكن آثار الصوم في الذكر والدعاء أعظم من آثاره في الجهر بالتكبير.

أما أحاديث الباب فهي لا تدل على الفضل، فكثيراً ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على الرفق بالأمة، ويفعل خلاف الأفضل بالنسبة له لرفع الحرج عن غير القادرين، كما رأينا في فطره في رمضان في السفر.
وقيل: إنه أفطر لموافقته يومئذ يوم الجمعة، وقد نهي عن إفراده بالصوم.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم:

1- قال النووي: فيه استحباب الوقوف راكباً، وهو الصحيح في مذهبنا، ولنا قول أن غير الركوب أفضل.
قال الحافظ ابن حجر: اختلف أهل العلم في أيهما أفضل؟ الركوب أو تركه بعرفة؟ فذهب الجمهور إلى أن الأفضل الركوب، لكونه صلى الله عليه وسلم وقف راكباً، ومن حيث النظر فإن في الركوب عوناً على الاجتهاد في الدعاء والتضرع المطلوب حينئذ، كما ذكروا مثله في الفطر، وذهب آخرون إلى أن استحباب الركوب يختص بمن يحتاج الناس إليه لتعليمهم، وعن الشافعي قول أنهما سواء.

2- قال الحافظ ابن حجر: واستدل به على أن الوقوف على ظهر الدواب مباح، وأن النهي الوارد في ذلك محمول على ما إذا أجحف بالدابة.
اهـ.

3- وفيه جواز الشرب قائماً وراكباً.

4- وأباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم.

5- وإباحة قبول هدية المرأة المتزوجة من غير استفصال منها.
هل هو من مال زوجها؟ أو لا؟ أو أنه أذن فيه؟ أم لا؟ إذا كانت موثوقاً بدينها، قال الحافظ: ولعل ذلك من القدر الذي لا يقع فيه المشاححة.
قال المهلب: وفيه نظر، لما تقدم من احتمال أنه من بيت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

6- قال النووي: وفيه أن تصرف المرأة في مالها جائز، ولا يشترط إذن الزوج، سواء تصرفت في الثلث أو أكثر، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور.
وقال مالك: لا تتصرف فيما فوق الثلث إلا بإذنه.
قال: وموضع الدلالة من الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يسأل: هل هو من مالها؟ ويخرج من الثلث؟ أو بإذن الزوج أولاً؟ ولو اختلف الحكم لسأل.
اهـ.

وفيه نظر لاحتمال أن يكون من بيت زوجته ميمونة، كما سبق، كما أن كوب اللبن لا يحتمل أن يكون فوق ثلث ما يملك مرسله، فلا يحتاج إلى سؤال، ولا يستدل به على المطلوب.

7- وفيه أن صوم يوم عرفة كان معروفاً عندهم، معتاداً لهم في الحضر، وكأن من قال: إنه صائم استند إلى ما ألفه من العبادة، ومن قال: إنه ليس بصائم قامت عنده قرينة كونه مسافراً، وقد عرف نهيه عن صوم الفرض في السفر فضلاً عن النفل.

8- وفيه حرص الصحابة على التأسي به صلى الله عليه وسلم.

9- وفيه البحث والاجتهاد في حياته صلى الله عليه وسلم.

10- والمناظرة في العلم بين الرجال والنساء.

11- والتحيل على الاطلاع على الحكم من غير سؤال؛ حيث تماروا أمام من يطلبون سؤاله.

12- وفيه فطنة أم الفضل لاستكشافها عن الحكم الشرعي بهذه الوسيلة اللطيفة اللائقة بالحال، لأن ذلك كان في يوم حر بعد الظهيرة.

13- وفيه أن العيان أقطع للحجة وأنه فوق الخبر.

14- وأن الأكل والشرب في المحافل مباح، ولا كراهة فيه للضرورة.

والله أعلم