هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1901 حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاَثٍ : صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى ، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1901 حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا أبو التياح ، قال : حدثني أبو عثمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتي الضحى ، وأن أوتر قبل أن أنام
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

My friend (the Prophet (ﷺ) ) advised me to observe three things: (1) to fast three days a month; (2) to pray two rak`at of Duha prayer (forenoon prayer); and (3) to pray witr before sleeping.

D'après Abu 'Uthmân, Abu Hurayra (radiallahanho) dit: «Mon intime (r ) m'a recommandé d'observer trois choses: le jeûne de trois jours chaque mois, les deux rak'a du duhâ et de prier le witr avant de m'endormir.»

D'après Abu 'Uthmân, Abu Hurayra (radiallahanho) dit: «Mon intime (r ) m'a recommandé d'observer trois choses: le jeûne de trois jours chaque mois, les deux rak'a du duhâ et de prier le witr avant de m'endormir.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1981] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمَاعَةٌ كُلٌّ مِنْهُمْ أَبُو عُثْمَانَ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ فِي الْبُخَارِيِّ حَدِيثٌ مَوْصُولٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ النَّهْدِيِّ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا وَآخَرَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ شَيْبَانَ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ فِيهِ حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَتَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ هُنَاكَ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِهِ وَمِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهَا مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْصَانِي خَلِيلِي قَالَ فِي أَفْرَادِهِ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْقَدْرَ الْمُوصَى بِهِ هُوَ اللَّائِقُ بِحَالِهِ وَفِي قَوْلِهِ خَلِيلِي إِشَارَةٌ إِلَى مُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي إِيثَارِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَةِ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالدُّنْيَا لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَبَرَ عَلَى الْجُوعِ فِي مُلَازَمَتِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ مِنْ حَدِيثِهِ حَيْثُ قَالَ أَمَّا إِخْوَانِي فَكَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَابَهُ حَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِيثَارِهِ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى وَالْعُبُودِيَّةَ عَلَى الْمُلْكِ قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الِافْتِخَارُ بِصُحْبَةِ الْأَكَابِرِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى التَّحَدُّثِ بِالنِّعْمَةِ وَالشُّكْرِ لِلَّهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَاهَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ حَاصِلُ الْخِلَافِ فِي تَعْيِينِ الْبِيضِ تِسْعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا لَا تَتَعَيَّنُ بَلْ يُكْرَهُ تَعْيِينُهَا وَهَذَا عَنْ مَالِكٍ الثَّانِي أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ مِنَ الشَّهْرِ قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الثَّالِثُ أَوَّلُهَا الثَّانِي عَشَرَ الرَّابِعُ أَوَّلُهَا الثَّالِثَ عَشَرَ الْخَامِسُ أَوَّلُهَا أَوَّلُ سَبْتٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ مِنْ أَوَّلِ الثُّلَاثَاءِ مِنَ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا وَهُوَ عَنْ عَائِشَةَ السَّادِسُ أَوَّلُ خَمِيسٍ ثُمَّ اثْنَيْنِ ثُمَّ خَمِيسٍ السَّابِعُ أَوَّلُ اثْنَيْنِ ثُمَّ خَمِيسٍ ثُمَّ اثْنَيْنِ الثَّامِنُ أَوَّلُ يَوْمٍ وَالْعَاشِرُ وَالْعِشْرُونَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء التَّاسِع أول كل عشر عَن بن شَعْبَانَ الْمَالِكِيِّ.

.

قُلْتُ بَقِيَ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ آخَرُ ثَلَاثَةٍ مِنَ الشَّهْرِ عَنِ النَّخَعِيِّ فَتَمَّتْ عشرَة( قَولُهُ بَابُ مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ) أَيْ فِي التَّطَوُّعِ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ تُقَابِلُ التَّرْجَمَةَ الْمَاضِيَةَ وَهِيَ مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لَيُفْطِرُ فِي التَّطَوُّعِ وَمَوْقِعُهَا أَنْ لَا يَظُنَّ أَنَّ فِطْرَ الْمَرْءِ مِنْ صِيَامِ التَّطَوُّعِ لِتَطْيِيبِ خَاطِرِ أَخِيهِ حَتْمٌ عَلَيْهِ بَلِ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَنْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الصِّيَامُ فَمَتَى عَرَفَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى صَوْمِهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ صِيَامِ الْبِيضِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ صِيَامُ أَيَّامِ الْبِيضِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ إِلَخْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْبِيضِ اللَّيَالِي وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْقَمَرُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ حَتَّى قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ مَنْ قَالَ الْأَيَّامَ الْبِيضَ فَجَعَلَ الْبِيضَ صِفَةَ الْأَيَّامِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْيَوْم الْكَامِلَ هُوَ النَّهَارُ بِلَيْلَتِهِ وَلَيْسَ فِي الشَّهْرِ يَوْمٌ أَبْيَضُ كُلُّهُ إِلَّا هَذِهِ الْأَيَّامُ لِأَنَّ لَيْلَهَا أَبْيَضُ وَنَهَارَهَا أَبْيَضُ فَصَحَّ قَوْلُ الْأَيَّامِ الْبيض على الْوَصْف وَحكى بن بَزِيزَةَ فِي تَسْمِيَتِهَا بِيضًا أَقْوَالًا أُخَرَ مُسْتَنِدَةً إِلَى أَقْوَال واهية قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وبن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُمَا لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مُطْلَقٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَالْبِيضُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا ذُكِرَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي الْإِيمَاءِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْنَبٍ قَدْ شَوَاهَا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا وَأَمْسَكَ الْأَعْرَابِيُّ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْكُلَ فَقَالَ إِنِّي أَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَالَ إِنْ كُنْتَ صَائِمًا فَصُمِ الْغُرَّ أَيِ الْبِيضَ وَهَذَا الْحَدِيثُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا بَيَّنَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ إِنْ كُنْتَ صَائِمًا فَصُمِ الْبِيضَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ وَجَاءَ تَقْيِيدُهَا أَيْضًا فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ وَيُقَالُ بن مِنْهَالٍ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ بِلَفْظِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ.

     وَقَالَ  هِيَ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ مَرْفُوعًا صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ أَيَّامُ الْبِيضِ صَبِيحَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ وَصِيَّةَ أَبِي هُرَيْرَةَ بذلك لَا تخْتَص بِهِ وأماما رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن وَصَححهُ بن خُزَيْمَة من حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ غُرَّةَ كُلِّ شَهْرٍ وَمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ وَالِاثْنَيْنِ مِنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَمَا قَبْلَهُمَا الْبَيْهَقِيُّ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُوم مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَا يُبَالِي مِنْ أَيِّ الشَّهْرِ صَامَ قَالَ فَكُلُّ مَنْ رَآهُ فَعَلَ نَوْعًا ذَكَرَهُ وَعَائِشَةُ رَأَتْ جَمِيعَ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ فَأَطْلَقَتْ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ وَحَثَّ عَلَيْهِ وَوَصَّى بِهِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ.

.
وَأَمَّا هُوَ فَلَعَلَّهُ كَانَ يَعْرِضُ لَهُ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ مُرَاعَاةِ ذَلِكَ أَوْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَكُلُّ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَتَتَرَجَّحُ الْبِيضُ بِكَوْنِهَا وَسَطَ الشَّهْرِ وَوَسَطُ الشَّيْءِ أَعْدَلُهُ وَلِأَنَّ الْكُسُوفَ غَالِبًا يَقَعُ فِيهَا وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِمَزِيدِ الْعِبَادَةِ إِذَا وَقَعَ فَإِذَا اتَّفَقَ الْكُسُوفُ صَادَفَ الَّذِي يَعْتَادُ صِيَامَ الْبِيضِ صَائِمًا فَيَتَهَيَّأُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ مِنَ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَصُمْهَا فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُ اسْتِدْرَاكُ صِيَامِهَا وَلَا عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ صِيَامَ التَّطَوُّعِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا إِنْ صَادَفَ الْكُسُوفَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ صِيَامَ الثَّلَاثَةِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ لِأَنَّ الْمَرْءَ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنَ الْمَوَانِعِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ يَصُومُ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ عَشْرَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا وَلَهُ وَجْهٌ فِي النَّظَرِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَهُوَ يُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو صُمْ مِنْ كُلِّ عَشْرَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ خَيْثَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ السَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَالِاثْنَيْنِ وَمِنَ الْآخَرِ الثُّلَاثَاءَ وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا وَهُوَ أَشْبَهُ وَكَأَنَّ الْغَرَضَ بِهِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ غَالِبَ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ بِالصِّيَامِ وَاخْتَارَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ أَنْ يَصُومَهَا آخِرَ الشَّهْرِ لِيَكُونَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الْأَمْرِ بِصِيَامِ سِرَارِ الشَّهْرِ.

     وَقَالَ  الرُّويَانِيُّ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ مُسْتَحَبٌّ فَإِنِ اتَّفَقَتْ أَيَّامُ الْبِيضِ كَانَ أَحَبَّ وَفِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا أَنَّ اسْتِحْبَابَ صِيَامِ الْبِيضِ غَيْرُ اسْتِحْبَابِ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ

[ قــ :1901 ... غــ :1981] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمَاعَةٌ كُلٌّ مِنْهُمْ أَبُو عُثْمَانَ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ فِي الْبُخَارِيِّ حَدِيثٌ مَوْصُولٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ النَّهْدِيِّ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا وَآخَرَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ شَيْبَانَ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ فِيهِ حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَتَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ هُنَاكَ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِهِ وَمِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهَا مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْصَانِي خَلِيلِي قَالَ فِي أَفْرَادِهِ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْقَدْرَ الْمُوصَى بِهِ هُوَ اللَّائِقُ بِحَالِهِ وَفِي قَوْلِهِ خَلِيلِي إِشَارَةٌ إِلَى مُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي إِيثَارِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَةِ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالدُّنْيَا لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَبَرَ عَلَى الْجُوعِ فِي مُلَازَمَتِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ مِنْ حَدِيثِهِ حَيْثُ قَالَ أَمَّا إِخْوَانِي فَكَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَابَهُ حَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِيثَارِهِ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى وَالْعُبُودِيَّةَ عَلَى الْمُلْكِ قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الِافْتِخَارُ بِصُحْبَةِ الْأَكَابِرِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى التَّحَدُّثِ بِالنِّعْمَةِ وَالشُّكْرِ لِلَّهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَاهَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ حَاصِلُ الْخِلَافِ فِي تَعْيِينِ الْبِيضِ تِسْعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا لَا تَتَعَيَّنُ بَلْ يُكْرَهُ تَعْيِينُهَا وَهَذَا عَنْ مَالِكٍ الثَّانِي أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ مِنَ الشَّهْرِ قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الثَّالِثُ أَوَّلُهَا الثَّانِي عَشَرَ الرَّابِعُ أَوَّلُهَا الثَّالِثَ عَشَرَ الْخَامِسُ أَوَّلُهَا أَوَّلُ سَبْتٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ مِنْ أَوَّلِ الثُّلَاثَاءِ مِنَ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا وَهُوَ عَنْ عَائِشَةَ السَّادِسُ أَوَّلُ خَمِيسٍ ثُمَّ اثْنَيْنِ ثُمَّ خَمِيسٍ السَّابِعُ أَوَّلُ اثْنَيْنِ ثُمَّ خَمِيسٍ ثُمَّ اثْنَيْنِ الثَّامِنُ أَوَّلُ يَوْمٍ وَالْعَاشِرُ وَالْعِشْرُونَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء التَّاسِع أول كل عشر عَن بن شَعْبَانَ الْمَالِكِيِّ.

.

قُلْتُ بَقِيَ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ آخَرُ ثَلَاثَةٍ مِنَ الشَّهْرِ عَنِ النَّخَعِيِّ فَتَمَّتْ عشرَة

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ: ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ
( باب صيام أيام) الليالي ( البيض) : وسقط لأبي الوقت وابن عساكر لفظ أيام وفي الفتح أنه رواية الأكثر وإثبات أيام رواية الكشميهني والأول هو الذي في الفرع والبيض صفة لمحذوف وهو الليالي وسميت بذلك لأنها مقمرة لا ظلمة فيها وهي ( ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة) ليلة البدر وما قبلها وما بعدها يكون القمر فيها من أول الليل إلى آخره، ولأبي ذر عن الكشميهني: ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر وهذا باعتبار الأيام والأول باعتبار الليالي ولا يقال البيض صفة للأيام كما لا يخفى.

وأما قوله في الفتح: إن اليوم الكامل هو النهار بليلته وليس في الشهر يوم أبيض كله إلا هذه الأيام لأن ليلها أبيض ونهارها أبيض فصح قوله الأيام البيض على الوصف فتعقبه في عمدة القاري بأن قوله أن اليوم الكامل هو النهار بليلته غير صحيح لأن اليوم الكامل في اللغة من طلوع الشمس إلى غروبها وفي الشرع من طلوع الفجر الصادق وليس لليلة دخل في حد النهار، وأما قوله ونهارها أبيض فيقتضي أن بياض نهار أيام البيض من بياض الليلة وليس كذلك لأن صيام الأيام كلها بالذات وأيام الشهر كلها بيض فسقط قوله وليس في الشهر يوم أبيض كله إلا هذه الأيام اهـ.

وهذا الذي قاله في الفتح سبقه إليه ابن المنير فقال: وأنكر بعض اللغوين أن يقال الأيام البيض وقال: إنما هي الليالي البيض وإلاّ فالأيام كلها بيض وهذا وهم منه، والحديث يرد عليه أي ما ذكره ابن بطال عن شعبة عن أنس بن سيرين عن عبد الملك بن المنهال عن أبيه قال أمرني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالأيام البيض وقال هو صوم الدهر.
قال: واليوم اسم يدخل فيه الليل والنهار وما كل يوم أبيض بجملته إلا هذه الأيام فإن نهارها أبيض وليلها أبيض فصارت كلها بيضًا وأظنه سبق إلى وهمه أن اليوم هو النهار خاصة اهـ.

قال في المصابيح: الظاهر أن مثل هذا ليس بوهم فإن اليوم وإن كان عبارة عن الليل والنهار جميعًا لكنه بالنسبة إلى الصوم إنما هو النهار خاصة وعليه فكل يوم يصام هو أبيض لعموم الضوء فيه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس اهـ.


وقال في الأنصاف: سميت بيضًا لابيضاضها ليلاً بالقمر ونهارًا بالشمس، وقيل لأن الله تعالى تاب فيها على آدم وبيض صحيفته.


[ قــ :1901 ... غــ : 1981 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَوْصَانِي خَلِيلِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثَلاَثٍ: صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَىِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ".

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين وسكون العين المهملة بينهما عبد الله بن عمرو المنقري المقعد قال: ( حدّثنا عبد الوارث) بن سهل التميمي قال: ( حدّثنا أبو التياح) بفتح المثناة الفوقية وتشديد التحتية آخره حاء مهملة يزيد بن حميد الضبعي ( قال: حدثني) بالإفراد ( أبو عثمان) هو عبد الرحمن النهدي ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال) : ( أوصاني خليلي) رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر) ، بجر صيام بدل من ثلاث ولم يعين الأيام بل أطلقها.

واستشكلت المطابقة بين الترجمة والحديث، وأجيب: بأن المؤلّف جرى على عادته في الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث عند النسائي وصححه ابن حبان من طريق موسى بن طلحة عن أبي هريرة قال: جاء أعرابي إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأرنب قد شواها فأمرهم أن يأكلوأ وأمسك الأعرابيّ فقال: ما منعك أن تأكل؟ قال: إني أصوم ثلاثة أيام من كل شهر قال: إن كنت صائمًا فصم الغر آي البيض وهذا الحديث اختلف فيه على موسى بن طلحة اختلافًا كثيرًا بينه وبين الدارقطني.

وفي بعض طرقه عند النسائي إن كنت صائمًا فصم البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وعنده أيضًا من حديث جرير بن عبد الله عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وأيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة وإسناده صحيح، وفي رواية أيام البيض بغير واو ففيه استحباب صوم الثلاثة التي أولها الثالث، والمعنى فيه أن الحسنة بعشر أمثالها فصومها كصوم الشهر ومن ثم سن صوم ثلاثة أيام من كل شهر ولو غير أيام البيض كما في البحر وغيره لإطلاق حديث الباب وغيره.

قال السبكي: والحاصل أنه يسن صوم ثلاثة أيام من كل شهر وأن تكون أيام البيض فإن صامها أتى بالسنتين وتترجح البيض بكونها وسط الشهر ووسط الشيء أعدله ولأن الكسوف غالبًا يقع فيها وقد ورد الأمر بمزيد العبادة إذا وقع.

وسئل الحسن البصري: لم صام الناس الأيام البيض وأعرابي يسمع؟ فقال الأعرابي: لأنه لا يكون الكسوف إلا فيهن ويحب الله أن لا تكون في السماء آية إلا كان في الأرض عبادة، والاحتياط صوم الثاني عشر مع أيام البيض لأن في الترمذي أنها الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر، ورجح بعضهم صيام الثلاثة في أول كل شهر لأن المرء لا يدري ما يعرض له من الموانع.


وفي حديث ابن مسعود عند أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وقال بعضهم: يصوم من أول كل عشرة أيام يومًا.
وفي حديث عبد الله بن عمر وعند النسائي: صم من كل عشرة أيام يومًا.

وروى أبو داود والنسائي من حديث حفصة: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصوم من كل شهر ثلاثة أيام الاثنين والخميس والاثنين من الجمعة الأخرى.

وروى الترمذي عن عائشة: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس، وقد جمع البيهقي بين ذلك وبين ما قبله بما في مسلم عن عائشة قالت: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ما يبالي من أي الشهر صام قال: فكل من رآه فعل نوعًا ذكره وعائشة رأت جميع ذلك وغيره فأطلقت.

وروى أبو داود عن أم سلمة قالت: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأمرتي أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر أولها الاثنين والخميس، والمعروف من قول مالك كراهة تعيين أيام النفل أو يجعل لنفسه شهرًا أو يومًا يلتزم صومه، وروي عنه كراهة تعمد صيام الأيام البيض وقال: ما كان ببلدنا.
وروي عنه أنه كان يصومها وأنه كتب إلى الرشيد يحضه على صومها.
قال ابن رشد: وإنما كرهها لسرعة أخذ الاسم بمذهبه فيظن الجاهل وجوبها، والمشهور من مذهبه استحباب ثلاثة أيام من كل شهر وكراهة كونها البيض لأنه كان يفر من التحديد.

وقال الماوردي: ويسن صوم أيام السود الثامن والعشرين وتالييه، وينبغي أيضًا أن يصام معها السابع والعشرون احتياطًا، وخصت أيام البيض وأيام السود بذلك لتعميم ليالي الأولى بالنور وليالي الثانية بالسواد فناسب صوم الأولى شكرًا والثانية لطلب كشف السواد، ولأن الشهر ضيف قد أشرف على الرحيل فناسب تزويده بذلك والحاصل مما سبق أقوال.

أحدها: استحباب ثلاثة أيام من الشهر غير معينة.

الثاني: استحباب الثالث عشر وتالييه وهو مذهب الشافعي وأصحابه وابن حبيب من المالكية وأبي حنيفة وصاحبيه وأحمد.

الثالث: استحباب الثاني عشر وتالييه وهو في الترمذي.

الرابع: استحباب ثلاثة أيام من أوّل الشهر.

الخامس: السبت والأحد والاثنين من أول شهر ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس من أوّل الشهر الذي يليه.

السادس: استحبابها في آخر الشهر.


السابع: أولها الخميس والاثنين والخميس.

الثامن: الاثنين والخميس والاثنين من الجمعة الأخرى.

التاسع: أن يصوم من أوّل كل عشرة أيام يومًا.

( وركعتي الضحى) عطف على السابق أي: قال أبو هريرة: وأوصاني خليلي عليه الصلاة والسلام بصلاة ركعتي الضحى، وزاد أحمد في كل يوم ( وأن أوتر) أي وبالوتر ( قبل أن أنام) وليست الوصية بذلك خاصة بأبي هريرة، فقد وردت وصيته عليه الصلاة والسلام بالثلاث أيضًا لأبي ذر كما عند النسائي، ولأبي الدرداء كما عند مسلم، وقيل في تخصيص الثلاثة بالثلاثة لكونهم فقراء لا مال لهم فوصاهم بما يليق بهم وهو الصوم والصلاة وهما من أشرف العبادات البدنية.

وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول، ورواته الأول بصريون، وأبو عثمان كوفي نزل البصرة، وقد مضى في باب: صلاة الضحى في السفر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ صِيَامِ البِيضِ ثَلاثَ عَشَرَةَ وَأرْبَعَ عَشَرَةَ وخَمْسَ عَشَرَةَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل صِيَام أَيَّام الْبيض، وَهِي الْأَيَّام الَّتِي لياليهن مقمرات لَا ظلمَة فِيهَا، وَهِي الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة: لَيْلَة الْقدر وَمَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا وَالْبيض، بِكَسْر الْبَاء جمع أَبيض أضيف إِلَيْهَا الْأَيَّام تَقْدِيره: أَيَّام اللَّيَالِي الْبيض.
وَقيل: المُرَاد بالبيض: اللَّيَالِي، وَهِي الَّتِي يكون الْقَمَر فِيهَا من أول اللَّيْل إِلَى آخِره، حَتَّى قَالَ الجواليقي: من قَالَ الْأَيَّام الْبيض فَجعل الْبيض صفة الْأَيَّام فقد أَخطَأ.
قَالَ بَعضهم: فِيهِ نظر لِأَن الْيَوْم الْكَامِل هُوَ النَّهَار بليلته، وَلَيْسَ فِي الدَّهْر يَوْم أَبيض كُله إلاَّ هَذِه الْأَيَّام، لِأَن لَيْلهَا أَبيض ونهارها أَبيض، فصح قَول: الْأَيَّام الْبيض على الْوَصْف.
انْتهى.
قلت: هَذَا كَلَام واهٍ، وَتصرف غير موجه، لِأَن قَوْله: لِأَن الْيَوْم الْكَامِل هُوَ النَّهَار بليلته غير صَحِيح، لِأَن الْيَوْم الْكَامِل فِي اللُّغَة عبارَة عَن طُلُوع الشَّمْس إِلَى غُرُوبهَا، وَفِي الشَّرْع عَن طُلُوع الْفجْر الصَّادِق، وَلَيْسَ لليلة دخل فِي حد النَّهَار.
قَوْله: (ونهارها أَبيض) يَقْتَضِي أَن بَيَاض نَهَار الْأَيَّام الْبيض من بَيَاض اللَّيْلَة وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن بَيَاض الْأَيَّام كلهَا بِالذَّاتِ وَأَيَّام الشَّهْر كلهَا بيض، فَسقط قَوْله: وَلَيْسَ فِي الشَّهْر يَوْم أَبيض كُله إلاَّ هَذِه الْأَيَّام، وَهل يُقَال ليَوْم من أَيَّام الشَّهْر غير أَيَّام الْبيض: هَذَا يَوْم بياضه غير كَامِل، أَو يُقَال: هَذَا كُله لَيْسَ بأبيض، أَو يُقَال: بعضه أَبيض؟ فَبَطل قَوْله، فصح قَول الْأَيَّام الْبيض على الْوَصْف، وَالْقَوْل مَا قَالَه الجواليقي:
(إِذا قَالَت حذام فصدقوها)

ثمَّ سَبَب التَّسْمِيَة بأيام الْبيض مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: إِنَّمَا سميت بأيام الْبيض لِأَن آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لما أهبط إِلَى الأَرْض أحرقته الشَّمْس فاسودَّ.
فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ أَن صم أَيَّام الْبيض، فصَام أول يَوْم فأبيضَّ ثلث جسده، فَلَمَّا صَامَ الْيَوْم الثَّانِي ابيضَّ ثلثا جسده، فَلَمَّا صَامَ الْيَوْم الثَّالِث ابيضَّ جسده كُله.
وَقيل: سميت بذلك لِأَن ليَالِي أَيَّام الْبيض مُقْمِرَة، وَلم يزل الْقَمَر من غرُوب الشَّمْس إِلَى طُلُوعهَا فِي الدُّنْيَا فَتَصِير اللَّيَالِي وَالْأَيَّام كلهَا بيضًا.

قَوْله: (ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (صِيَام أَيَّام الْبيض: ثَلَاثَة عشر وَأَرْبَعَة عشر وَخَمْسَة عشر) .
وَذَلِكَ بِاعْتِبَار الْأَيَّام، وَالْأول بِاعْتِبَار اللَّيَالِي.
فَإِن قلت: كَيفَ عين الثَّالِث عشر وَالرَّابِع عشر وَالْخَامِس عشر من الشَّهْر؟ والْحَدِيث الَّذِي ذكره فِي الْبابُُ لَيْسَ فِيهِ التَّعْيِين لذَلِك؟ قلت: جرت عَادَته فِي الْإِشَارَة إِلَى مَا ورد فِي بعض طرق الحَدِيث، وَإِن لم يكن على شَرطه، فقد روى القَاضِي يُوسُف بن إِسْمَاعِيل فِي كتاب الصّيام: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة حَدثنَا حُسَيْن بن عَليّ عَن زَائِدَة بن قدامَة عَن حَكِيم بن جُبَير عَن مُوسَى بن طَلْحَة، قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لأبي ذَر وعمار وَأبي الدَّرْدَاء، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم: (أتذكرون يَوْمًا كُنَّا مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بمَكَان كَذَا وَكَذَا، فَأَتَاهُ رجل بأرنب، فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي رَأَيْت بهَا دَمًا، فَأمر فأكلنا وَلم يَأْكُل؟ قَالُوا: نعم.
ثمَّ قَالَ لَهُ: ادنه فأطعم! قَالَ: إِنِّي صَائِم، قَالَ: أَي صَوْم؟ قَالَ: صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، أَوله وَآخره، وكما تيسَّر عَليّ فَقَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: هَل تَدْرُونَ الَّذِي أَمر بِهِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالُوا: نعم، يَصُوم ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة.
قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: هَكَذَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) .
وَحَكِيم بن جُبَير ضعفه الْجُمْهُور، ومُوسَى بن طَلْحَة عَن عمر مُرْسل، قَالَه أَبُو زرْعَة، وَبَينهمَا ابْن الحوتكية.

وأصل الحَدِيث عِنْد النَّسَائِيّ فِي كتاب الصَّيْد وَلَيْسَ فِيهِ ذكر لعمَّار وَأبي الدَّرْدَاء، رَوَاهُ من طَرِيق حَكِيم بن جُبَير وَعَمْرو بن عُثْمَان وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن عَن مُوسَى بن طَلْحَة (عَن ابْن الحوتكية، قَالَ: قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: من حاضرنا يَوْم القاحة قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء) فَذكر الحَدِيث، وَفِيه: (قَالَ: فَأَيْنَ أَنْت عَن الْبيض الغر: ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة ... ؟) وَابْن الحوتكية سَمَّاهُ بَعضهم يزِيد،.

     وَقَالَ  ابْن أبي حَاتِم فِي (الْجرْح وَالتَّعْدِيل) : وَمَا سَمَّاهُ أحد إلاَّ الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن عُثْمَان بن عبد الله بن موهب عَن مُوسَى بن طَلْحَة عَن يزِيد بن الحوتكية.
والقاحة، بِالْقَافِ وَتَخْفِيف الْحَاء الْمُهْملَة، مَكَان من الْمَدِينَة على ثَلَاث مراحل.

وروى النَّسَائِيّ من رِوَايَة زيد بن أبي أنيسَة عَن أبي إِسْحَاق عَن جرير بن عبد الله، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر صِيَام الدَّهْر، وَأَيَّام الْبيض صَبِيحَة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة) .
وَإِسْنَاده صَحِيح، وَفِي رِوَايَة: (أَيَّام الْبيض) بِغَيْر وَاو، وَرُوِيَ: (أَيَّام الْبيض صَبِيحَة) ، بِالرَّفْع فيهمَا، وروى بِالْجَرِّ فيهمَا، حَكَاهُ صَاحب (الْمُفْهم) : وروى ابْن مَاجَه: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون قَالَ: أخبرنَا شُعْبَة عَن أنس بن سِيرِين عَن عبد الْملك بن الْمنْهَال عَن أَبِيه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَأْمر بصيام أَيَّام الْبيض: ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة، وَيَقُول: (هُوَ كَصَوْم يَوْم الدَّهْر.
أَو كَهَيئَةِ صَوْم الدَّهْر) وروى أَيْضا: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، قَالَ: حَدثنَا حَيَّان بن هِلَال، قَالَ: حَدثنَا همام عَن أنس بن سِيرِين قَالَ: حَدثنِي عبد الْملك بن قَتَادَة بن ملْحَان الْقَيْسِي عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ إلاَّ أَنه قَالَ: قدامَة بن ملْحَان قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنَا بالصيام أَيَّام اللَّيَالِي الغر الْبيض: ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد إلاَّ أَنه قَالَ: عَن أنس عَن ابْن ملْحَان الْقَيْسِي عَن أَبِيه ... فَذكره وَلم يسمه،.

     وَقَالَ  الْحَافِظ الْمزي تبعا لِلْحَافِظِ ابْن عَسَاكِر: وَيُشبه أَن يكون ابْن كثير أَي شيخ أبي دَاوُد نسبه إِلَى جده،.

     وَقَالَ  الْحَافِظ أَبُو الْحسن عَليّ بن الْمفضل الْمَقْدِسِي: قيل: إِنَّه ملْحَان بن شبْل الْبكْرِيّ وَالِد عبد الْملك بن ملْحَان، ذكره ابْن عبد الْبر فِي الصَّحَابَة، قَالَ: وَقيل: بل هُوَ قَتَادَة ابْن ملْحَان وَالِد عبد الْملك بن قَتَادَة بن ملْحَان، ولقتادة هَذَا صُحْبَة فِيمَا ذكره ابْن أبي حَاتِم وَلم يذكر أَبَاهُ فِي كِتَابه، وَلَا أَبُو الْقَاسِم البقوي فِي (مُعْجم الصَّحَابَة) ، قَالَ: وذكرهما أَعنِي: قَتَادَة وملحان أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي (الِاسْتِيعَاب) فَإِن قلت: روى النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح من رِوَايَة سعيد بن أبي هِنْد أَن مطرفا حَدثهُ أَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: (صيامٌ حسنٌ ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر) وَأخرجه ابْن حبَان أَيْضا فِي (صَحِيحه) هَذَا وَلم يعين فِيهِ أَيَّامًا بِعَينهَا، وروى النَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث حَفْصَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: (أَربع لم يكن يدعهن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صِيَام عَاشُورَاء، وَأول الْعشْر، وَثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، وَرَكْعَتَيْنِ قبل الْغَدَاة) .
وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث حَفْصَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام من الشَّهْر: الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس والإثنين من الْجُمُعَة الْأُخْرَى) .
وَهَذَا فِيهِ غير أَيَّام الْبيض.

وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة الْحسن بن عبيد الله عَن هنيدة الْخُزَاعِيّ عَن أمه، قَالَت: دخلت على أم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فسألتها عَن الصّيام؟ فَقَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنِي أَن أَصوم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر: أَولهَا الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس) ، وَالْخَمِيس لفظ أبي دَاوُد..
     وَقَالَ  النَّسَائِيّ: يَأْمر بصيام ثَلَاثَة أَيَّام: أول خَمِيس والإثنين، وَقد رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة الْحر بن الصَّباح عَن هنيدة عَن امْرَأَته عَن بعض أَزوَاج النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، غير مُسَمَّاة، وروى ابْن عدي فِي (الْكَامِل) من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء، قَالَ: (أَوْصَانِي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِغسْل يَوْم الْجُمُعَة، وركعتي الضُّحَى، ونوم على وتر، وَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر) .

وروى يُوسُف القَاضِي فِي (كتاب الصّيام) من حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (صَوْم شهر الضبر وَثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر صَوْم الشَّهْر، وَيذْهب بوحر الصَّدْر) .
والوحر، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة: الغل.
وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (المعجم الْكَبِير) من حَدِيث النمر بن تولب من حَدِيث الْجريرِي عَن أبي الْعَلَاء، قَالَ: كُنَّا بالمربد، فَأَتَانَا أَعْرَابِي وَمَعَهُ قِطْعَة أَدِيم، فَقَالَ: انْظُرُوا مَا فِيهَا! فَإِذا كتاب من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِيه: (فَقلت أَنْت سَمِعت هَذَا من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: نعم، وسمعته يَقُول: صَوْم شهر الصَّبْر وَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام من الشَّهْر يذْهبن وغر الصَّدْر) ، وَفِيه: (فَسَأَلت عَنهُ، فَقيل: هَذَا نمر بن تولب) .
وأصل الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، وَلَيْسَت فِيهِ قصَّة الصّيام وَلم يسم فِيهِ الصَّحَابِيّ.
والوغر، بالتسكين: الضغن والعداوة، وبالتحريك: الْمصدر.
قلت: هُوَ بالغين الْمُعْجَمَة، وَأَصله من الوغرة وَهِي شدَّة الْحر.

وروى أَبُو نعيم فِي (الْحِلْية) من حَدِيث جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: (خرج علينا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: أَلا أخْبركُم بغرف الْجنَّة) الحَدِيث، وَفِيه: (فَقُلْنَا: لمن تِلْكَ؟ فَقَالَ: لمن أفشى السَّلَام وأدام الصّيام.
.
) الحَدِيث، وَفِيه: (وَمن صَامَ رَمَضَان، وَمن كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام فقد أدام الصّيام) .
قلت: التَّوْفِيق بَين هَذِه الْأَحَادِيث أَن كل من رأى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فعل نوعا ذكره، وَكَانَت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، رَأَتْ مِنْهُ جَمِيع ذَلِك، فَلذَلِك أطلقت فِيمَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيثهَا أَنَّهَا قَالَت: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصُوم من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام مَا يُبَالِي من أَي الشَّهْر صَامَ) ، وَالَّذِي أَمر بِهِ وحث عَلَيْهِ ووصَّى لَهُ، وَرُوِيَ ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا نذكرهُ، فَهُوَ أولى من غَيره.
وَأما النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَعَلَّهُ كَانَ يعرض لَهُ مَا يشْغلهُ عَن مُرَاعَاة ذَلِك، أَو كَانَ يفعل ذَلِك لبَيَان الْجَوَاز.
فَإِن قلت: أَي: الْفَصْلَيْنِ يتَرَجَّح؟ قلت: أَيَّام الْبيض، لكَونهَا وسط الشَّهْر، ووسط الشَّهْر أعدله، وَلِأَن الْكُسُوف غَالِبا يَقع فِيهَا، فَإِذا اتّفق الْكُسُوف صَادف الَّذِي يعتاده صِيَام الْبيض صَائِما فيتهيأ أَن يجمع بَين أَنْوَاع الْعِبَادَات من الصّيام وَالصَّلَاة وَالصَّدَََقَة، بِخِلَاف من لم يصمها فَإِنَّهُ لَا يتهيأ لَهُ اسْتِدْرَاك صيامها.

فَإِن قلت: قَالَ القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ: ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر صَحِيح،.

     وَقَالَ  القَاضِي أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ فِي صِيَام الْبيض: قد رُوِيَ فِي إِبَاحَة تعمدها بِالصَّوْمِ أَحَادِيث لَا تثبت.
قلت: بل فِي التَّعْيِين أَحَادِيث صَحِيحَة.
مِنْهَا: حَدِيث جرير، فَهُوَ صَحِيح لَا اخْتِلَاف فِيهِ، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب وَقد صَححهُ من الْمَالِكِيَّة أَبُو الْعَبَّاس الْقُرْطُبِيّ فِي (الْمُفْهم) وَفِيه تعْيين الْبيض.
وَمِنْهَا: حَدِيث قُرَّة بن إِيَاس الْمُزنِيّ فَهُوَ صَحِيح أَيْضا لَا اخْتِلَاف فِيهِ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الكبيرُّ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد التمار الْبَصْرِيّ، حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ حَدثنَا شُعْبَة عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (صِيَام الْبيض صِيَام الدَّهْر وإفطاره) ، وقرة هُوَ ابْن إِيَاس بن هِلَال بن ذياب الْمُزنِيّ، وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) وَلَكِن لَيْسَ عِنْده تعْيين الْبيض.
وَصحح ابْن حبَان أَيْضا حَدِيث أبي ذَر وَحَدِيث عبد الْملك ابْن منهال عَن أَبِيه فِي تعْيين الْأَيَّام الْبيض، وَصحح أَيْضا حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي تعْيين غرَّة الشَّهْر.
فَحَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه الإِمَام أَبُو مُحَمَّد بن عبد الله بن عَطاء الإبراهيمي من حَدِيث يُونُس بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي صَادِق (عَن أبي هُرَيْرَة: أَوْصَانِي خليلي بِثَلَاث: الْوتر قبل أَن أَنَام، وأصلي الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ، وَصَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر: ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة، وَهِي الْبيض) .
وَحَدِيث أبي ذَر رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث مُوسَى بن طَلْحَة، قَالَ: سَمِعت أَبَا ذَر يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يَا أَبَا ذَر! إِذا صمت من الشَّهْر ثَلَاثَة أَيَّام فَصم ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة) ،.

     وَقَالَ : حَدِيث أبي ذَر حَدِيث حسن، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا.
وَحَدِيث عبد الْملك بن منهال قد مر عَن قريب.

وَأما حكم الْمَسْأَلَة، فقد حكى النَّوَوِيّ فِي (شرح مُسلم) الِاتِّفَاق على اسْتِحْبابُُ صِيَام الْأَيَّام الْبيض، وَهِي: الثَّالِث عشر وَالرَّابِع عشر وَالْخَامِس عشر، قَالَ: وَقيل: هِيَ الثَّانِي عشر وَالثَّالِث عشر وَالرَّابِع عشر،.

     وَقَالَ  شَيخنَا، وَفِيمَا حَكَاهُ من الِاتِّفَاق نظر، فقد روى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي (الْمَجْمُوعَة) أَنه سُئِلَ عَن صِيَام أَيَّام الغر: ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة؟ فَقَالَ: مَا هَذَا ببلدنا، وَكره تعمد صَومهَا،.

     وَقَالَ : الْأَيَّام كلهَا لله تَعَالَى،.

     وَقَالَ  ابْن وهب: وَإنَّهُ لعَظيم أَن يَجْعَل على نَفسه شَيْئا كالفرض، وَلَكِن يَصُوم إِذا شَاءَ، قَالَ: وَاسْتحبَّ ابْن حبيب صَومهَا،.

     وَقَالَ : أَرَاهَا صِيَام الدَّهْر..
     وَقَالَ  ابْن حبيب: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يَصُوم من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام: أول الْيَوْم وَيَوْم الْعَاشِر وَيَوْم الْعشْرين، وَيَقُول: هُوَ صِيَام الدَّهْر، كل حَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا.

وَقَالَ شَيخنَا: وَحَاصِل الْخلاف أَن فِي الْمَسْأَلَة تِسْعَة أَقْوَال: أَحدهَا: اسْتِحْبابُُ صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من الشَّهْر غير مُعينَة، فَأَما تَعْيِينهَا فمكروه، وَهُوَ الْمَعْرُوف من مَذْهَب مَالك، حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ.
الثَّانِي: اسْتِحْبابُُ الثَّالِث عشر وَالرَّابِع عشر وَالْخَامِس عشر، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم، وَبِه قَالَ عمر ابْن الْخطاب وَعبد الله بن مَسْعُود وَأَبُو ذَر وَآخَرُونَ من التَّابِعين، وَالشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وَابْن حبيب من الْمَالِكِيَّة، وَأَبُو حنيفَة وصاحباه وَأحمد وَإِسْحَاق.
الثَّالِث: اسْتِحْبابُُ الثَّانِي عشر وَالثَّالِث عشر وَالرَّابِع عشر، حُكيَ ذَلِك عَن قوم.
الرَّابِع: اسْتِحْبابُُ ثَلَاثَة من أول الشَّهْر، وَبِه قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ.
الْخَامِس: اسْتِحْبابُُ السبت والأحد والإثنين من أول شهر، ثمَّ الثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس من أول الشَّهْر الَّذِي بعده، وَهُوَ اخْتِيَار عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فِي آخَرين.
السَّادِس: استحبابُها من آخر الشَّهْر، وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ.
السَّابِع: استحبابُها فِي الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس.
الثَّامِن: اسْتِحْبابُُ أول يَوْم الشَّهْر والعاشر وَالْعِشْرين، وَرُوِيَ ذَلِك عَن أبي الدَّرْدَاء.
التَّاسِع: اسْتِحْبابُُ أول يَوْم وَالْحَادِي عشر، وَالْعِشْرين، وَهُوَ اخْتِيَار أبي إِسْحَاق ابْن شعْبَان من الْمَالِكِيَّة.



[ قــ :1901 ... غــ :1981 ]
- حدَّثنا أبُو مَعْمَرٍ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ قَالَ حدَّثنا أبُو التَّيَّاحِ قَالَ حدَّثني أبُو عُثْمَانَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ أوْصَانِي خَلِيلي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلاثٍ صِيامِ ثلاثَةَ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ورَكْعَتَيْ الضُّحَى وأنْ أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ.
(انْظُر الحَدِيث 8711) .
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَابْن بطال وَآخَرُونَ: لَيْسَ فِي الحَدِيث الَّذِي أوردهُ البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبابُُ مَا يُطَابق التَّرْجَمَة، لِأَن الحَدِيث مُطلق فِي ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، والترجمة مَذْكُورَة بِمَا ذكره.
قلت: قد أجبنا عَن هَذَا عِنْد تفسيرنا قَوْله: (ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة) على أَنا قد ذكرنَا عَن قريب عَن أبي هُرَيْرَة فِي بعض طرق حَدِيثه مَا يُوَافق التَّرْجَمَة.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو معمر، بِفَتْح الميمين: واسْمه عبد الله بن عَمْرو الْمنْقري المقعد.
الثَّانِي: عبد الْوَارِث بن سعيد التَّيْمِيّ.
الثَّالِث: أَبُو التياح، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره حاء مُهْملَة: واسْمه يزِيد بن حميد الضبعِي.
الرَّابِع: أَبُو عُثْمَان، هُوَ أَبُو عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ.
الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين.
وَفِيه: ثَلَاثَة من الروَاة مذكورون بالكنى، وَقيل: أَبُو التياح لقب غير كنية، ويكنى أَبَا حَمَّاد.
وَفِيه: أَن رُوَاته الثَّلَاثَة الأول كلهم بصريون، وَأَبُو عُثْمَان كُوفِي، وَلكنه سكن الْبَصْرَة، وَقد روى عَن أبي هُرَيْرَة جمَاعَة مِنْهُم أَبُو عُثْمَان لَكِن لم يَقع فِي البُخَارِيّ حَدِيث مَوْصُول من رِوَايَة أبي عُثْمَان عَن أبي هُرَيْرَة إلاَّ من رِوَايَة النَّهْدِيّ، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا وَآخر فِي الْأَطْعِمَة، وَوَقع عِنْد مُسلم: عَن شَيبَان عَن عبد الْوَارِث بِهَذَا الْإِسْنَاد، فَقَالَ فِيهِ: حَدثنِي أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي: بابُُ صَلَاة الضُّحَى فِي السّفر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن شُعْبَة عَن عَبَّاس الْجريرِي عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، وَبَين بعض متنيه اخْتِلَاف، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
قَوْله: (خليلي) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (بِثَلَاث) ، أَي: بِثَلَاث أَشْيَاء.
قَوْله: (صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام) ، بِالْجَرِّ على أَنه بدل من: ثَلَاث.
قَوْله: (وركعتي الْفجْر) ، عطف عَلَيْهِ.
قَوْله: (وَأَن أوتر) كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي: بِأَن أوتر، أَي: بالوتر، أَي: بِصَلَاتِهِ قبل أَن أَنَام، أَي قبل النّوم، وَإِنَّمَا أفرده بِهَذِهِ الْوَصِيَّة لِأَنَّهُ كَانَ يُوَافقهُ فِي إِيثَار الِاشْتِغَال بِالْعبَادَة على الِاشْتِغَال بالدنيا، لِأَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يصبر على الْجُوع فِي ملازمته النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ألاَ ترى كَيفَ قَالَ: أما إخْوَانِي فَكَانَ يشغلهم الصفق بالأسواق، وَكنت ألزم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.