1901 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } قَالَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ : عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ ، أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ ، إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ ، وَبَيَاضُ النَّهَارِ |
1901 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه ، قال : لما نزلت : { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } قال له عدي بن حاتم : يا رسول الله ، إني أجعل تحت وسادتي عقالين : عقالا أبيض وعقالا أسود ، أعرف الليل من النهار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن وسادتك لعريض ، إنما هو سواد الليل ، وبياض النهار |
'Adi b. Hatim (Allah be pleased with him) reported that when (this verse) was revealed:
Until the white streak of the dawn becomes distinct from the dark streak (ii. 187) Adi b. Hatim said: Messenger of Allah, verily I keep underneath my pillow two strings, one white and the other black, by which I distinguish night from dawn. Upon this the Messenger of Allah (ﷺ) said: Your pillow seems to be very large. For the word khait implies the blackness of the night and the whiteness of the dawn.
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[1090] .
قَوْلُهُ ( عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ لَمَّا نَزَلَتْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسود من الفجر قَالَ لَهُ عَدِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ) هَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ أَوْ أكثرها فَقَالَ لَهُ عَدِيٌّ وَفِي بَعْضِهَا قَالَ عَدِيٌّ بِحَذْفِ لَهُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَمَنْ أَثْبَتَهَا أَعَادَ الضَّمِيرَ إِلَى مَعْلُومٍ أَوْ مُتَقَدِّمِ الذِّكْرِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ أَوْ كَثِيرٍ مِنْهَا إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ وَفِي بَعْضِهَا إِنَّ وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ بِزِيَادَةِ تَاءٍ وَلَهُ وَجْهٌ أَيْضًا مَعَ قَوْلِهِ عَرِيضٌ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْوِسَادَةِ الْوِسَادُ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَعَادَ الْوَصْفُ عَلَى الْمَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ.
.
وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ شُرُوحٌ أَحْسَنُهَا كَلَامُ الْقَاضِي عِيَاضٍ رَحِمَهُ الله تعالى قال انما أخذ العقالين وَجَعَلَهُمَا تَحْتَ رَأْسِهِ وَتَأَوَّلَ الْآيَةَ لِكَوْنِهِ سَبَقَ إِلَى فَهْمِهِ أَنَّ الْمُرَادَبِهَا هَذَا وَكَذَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ فَعَلَ فِعْلَهُ حَتَّى نَزَلَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى مِنَ الْفَجْرِ فَعَلِمُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا كَانَ حُكْمَ الشَّرْعِ أَوَّلًا ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى مِنَ الفجر كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ وَالدَّاوُدِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ فَعَلَهُ وَتَأَوَّلَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ مِنْ الْأَعْرَابِ وَمَنْ لَا فِقْهَ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ لُغَتِهِ اسْتِعْمَالُ الْخَيْطِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَلِهَذَا أَنْكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدِيٍّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ إِنَّمَا هُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ قَالَ وَفِيهِ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمُشْتَرَكَةَ لَا يُصَارُ إِلَى الْعَمَلِ بِأَظْهَرِ وُجُوهِهَا وَأَكْثَرِ اسْتِعْمَالِهَا إِلَّا إِذَا عُدِمَ الْبَيَانُ وَكَانَ الْبَيَانُ حَاصِلًا بِوُجُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ وَالْخَيْطُ الْأَسْوَدُ اللَّيْلُ وَالْخَيْطُ اللَّوْنُ وَفِي هَذَا مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ هُوَ مِنَ النَّهَارِ لَا مِنَ اللَّيْلِ وَلَا فَاصِلَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَحُكِيَ فِيهِ شَيْءٌ عَنِ الْأَعْمَشِ وَغَيْرِهِ لَعَلَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ إِنْ جَعَلْتَ تَحْتَ وِسَادَكَ الْخَيْطَيْنِ الَّذِينَ أَرَادَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَوِسَادُكُ يَعْلُوهُمَا وَيُغَطِّيهِمَا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَرِيضًا وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا لِأَنَّ مَنْ يَكُونُ هَذَا وِسَادَهُ يَكُونُ عِظَمُ قَفَاهُ مَنْ نِسْبَتِهِ بِقَدْرِهِ وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّكَ لَضَخْمٌ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْغَبَاوَةِ أَوْ عَنِ السِّمَنِ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِ إِلَى بَيَانِ الْخَيْطَيْنِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمُرَادُ بِالْوِسَادِ النَّوْمُ أَيْ إِنَّ نَوْمَكَ كَثِيرٌ وَقِيلَ أَرَادَبِهِ اللَّيْلَ أَيْ مَنْ لَمْ يَكُنِ النَّهَارُ عِنْدَهُ إِلَّا إِذَا بَانَ لَهُ الْعِقَالَانِ طَالَ لَيْلُهُ وَكَثُرَ نَوْمُهُ وَالصَّوَابُ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الْخَيْطَ الْأَسْوَدَ وَالْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَلَا يَزَالُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رِئْيُهُمَا) هَذِهِ اللَّفْظَةُ ضبطت على ثلاثة أوجه أحدها رِئْيَهُمَا بِرَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ يَاءٍ وَمَعْنَاهُ مَنْظَرُهُمَا وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى أحسن أثاثا ورئيا وَالثَّانِي زِيُّهُمَا بِزَايٍ مَكْسُورَةٍ وَيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ بِلَا هَمْزَةٍ وَمَعْنَاهُ لَوْنُهُمَا وَالثَّالِثُ رَيُّهُمَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا غَلَطٌ هُنَا لِأَنَّ الرَّيَّ التَّابِعُ مِنَ الْجِنِّ قَالَ فَإِنْ صَحَّ رِوَايَةً فَمَعْنَاهُ مَرْي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[1090] قَالَ لَهُ عدي فِي نُسْخَة بِإِسْقَاط لَهُ وإعادة الضَّمِير فِي لَهُ إِلَى مَعْلُوم ذهنا إِن وِسَادك لَعَرِيض فِي نُسْخَة وِسَادَتك بِالتَّاءِ فَتذكر عريض على الْمَعْنى لِأَن الوسادة فِي معنى الوساد قَالَ القَاضِي مَعْنَاهُ إِن جعلت تَحت وِسَادك الْخَيْطَيْنِ اللَّذين ارادهما الله تَعَالَى وهما اللَّيْل وَالنَّهَار بِحَيْثُ يعلوهما ويغطيهما فَهُوَ عريض جدا وَقيل إِنَّه كِنَايَة عَن الغباوة
[ سـ
:1901 ... بـ
:1090]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ قَالَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ
قَوْلُهُ : ( عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ لَمَّا نَزَلَتْ : حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ قَالَ لَهُ عَدِيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ ) هَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ ، وَأَكْثَرِهَا ( فَقَالَ لَهُ عَدِيٌّ ) وَفِي بَعْضِهَا ( قَالَ عَدِيٌّ ) بِحَذْفِ ( لَهُ ) وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، وَمَنْ أَثْبَتَهَا أَعَادَ الضَّمِيرَ إِلَى مَعْلُومٍ أَوْ مُتَقَدِّمِ الذِّكْرِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ ، وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ أَوْ كَثِيرٍ مِنْهَا ( إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ ) وَفِي بَعْضِهَا ( إِنَّ وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ ) بِزِيَادَةِ ( تَاءٍ ) وَلَهُ وَجْهٌ أَيْضًا مَعَ قَوْلِهِ ( عَرِيضٌ ) وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْوِسَادَةِ الْوِسَادُ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، فَعَادَ الْوَصْفُ عَلَى الْمَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ .
وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ شُرُوحٌ : أَحْسَنُهَا كَلَامُ الْقَاضِي عِيَاضٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ : إِنَّمَا أَخَذَ الْعَقْلَيْنِ وَجَعَلَهُمَا تَحْتَ رَأْسِهِ ، وَتَأَوَّلَ الْآيَةَ لِكَوْنِهِ سَبَقَ إِلَى فَهْمِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هَذَا ، وَكَذَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ فَعَلَ فِعْلَهُ ، حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنَ الْفَجْرِ فَعَلِمُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا كَانَ حُكْمَ الشَّرْعِ أَوَّلًا ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : مِنَ الْفَجْرِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ وَالدَّاوُدِيُّ .
قَالَ الْقَاضِي : وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ فَعَلَهُ وَتَأَوَّلَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَلْ هُوَ مِنَ الْأَعْرَابِ وَمَنْ لَا فِقْهَ عِنْدَهُ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ لُغَتِهِ اسْتِعْمَالُ الْخَيْطِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ ، وَلِهَذَا أَنْكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدِيٍّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ إِنَّمَا هُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ ) قَالَ : وَفِيهِ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمُشْتَرَكَةَ لَا يُصَارُ إِلَى الْعَمَلِ بِأَظْهَرِ وُجُوهِهَا ، وَأَكْثَرِ اسْتِعْمَالِهَا إِلَّا إِذَا عُدِمَ الْبَيَانُ وَكَانَ الْبَيَانُ حَاصِلًا بِوُجُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ : الْفَجْرُ الصَّادِقُ ، وَالْخَيْطُ الْأَسْوَدُ : اللَّيْلُ ، وَالْخَيْطُ : اللَّوْنُ ، وَفِي هَذَا مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ هُوَ مِنَ النَّهَارِ لَا مِنَ اللَّيْلِ ، وَلَا فَاصِلَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا مَذْهَبُنَا ، وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ ، وَحُكِيَ فِيهِ شَيْءٌ عَنِ الْأَعْمَشِ وَغَيْرِهِ لَعَلَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ ) قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ إِنْ جَعَلْتَ تَحْتَ وِسَادَكَ الْخَيْطَيْنِ الَّذِينَ أَرَادَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَوِسَادُكُ يَعْلُوهُمَا وَيُغَطِّيهِمَا ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَرِيضًا ، وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ( إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا ) لِأَنَّ مَنْ يَكُونُ هَذَا وِسَادَهُ يَكُونُ عِظَمُ قَفَاهُ مَنْ نِسْبَتِهِ بِقَدْرِهِ ، وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( إِنَّكَ لَضَخْمٌ ) وَأَنْكَرَ الْقَاضِي قَوْلَ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْغَبَاوَةِ أَوْ عَنِ السِّمَنِ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِ إِلَى بَيَانِ الْخَيْطَيْنِ ،.
وَقَالَ بَعْضُهُمُ : الْمُرَادُ بِالْوِسَادِ النَّوْمُ ، أَيْ إِنَّ نَوْمَكَ كَثِيرٌ ، وَقِيلَ : أَرَادَ بِهِ اللَّيْلَ ، أَيْ مَنْ لَمْ يَكُنِ النَّهَارُ عِنْدَهُ إِلَّا إِذَا بَانَ لَهُ الْعِقَالَانِ طَالَ لَيْلُهُ وَكَثُرَ نَوْمُهُ ، وَالصَّوَابُ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .