هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1885 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً ، فَقَالَ لَهَا : مَا شَأْنُكِ ؟ قَالَتْ : أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا ، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ ؟ قَالَ : فَإِنِّي صَائِمٌ ، قَالَ : مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ ، قَالَ : فَأَكَلَ ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ ، قَالَ : نَمْ ، فَنَامَ ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ : نَمْ ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ : سَلْمَانُ قُمِ الآنَ ، فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ : إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَدَقَ سَلْمَانُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1885 حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا جعفر بن عون ، حدثنا أبو العميس ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، قال : آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان ، وأبي الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذلة ، فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما ، فقال : كل ؟ قال : فإني صائم ، قال : ما أنا بآكل حتى تأكل ، قال : فأكل ، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم ، قال : نم ، فنام ، ثم ذهب يقوم فقال : نم ، فلما كان من آخر الليل قال : سلمان قم الآن ، فصليا فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق سلمان
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Juhaifa:

The Prophet (ﷺ) made a bond of brotherhood between Salman and Abu Ad-Darda.' Salman paid a visit to Abu Ad-Darda' and found Um Ad-Darda' dressed in shabby clothes and asked her why she was in that state. She replied, Your brother Abu Ad-Darda' is not interested in (the luxuries of) this world. In the meantime Abu Ad-Darda' came and prepared a meal for Salman. Salman requested Abu Ad- Darda' to eat (with him), but Abu Ad-Darda' said, I am fasting. Salman said, I am not going to eat unless you eat. So, Abu Ad-Darda' ate (with Salman). When it was night and (a part of the night passed), Abu Ad-Darda' got up (to offer the night prayer), but Salman told him to sleep and Abu Ad- Darda' slept. After sometime Abu Ad-Darda' again got up but Salman told him to sleep. When it was the last hours of the night, Salman told him to get up then, and both of them offered the prayer. Salman told Abu Ad-Darda', Your Lord has a right on you, your soul has a right on you, and your family has a right on you; so you should give the rights of all those who has a right on you. Abu Ad- Darda' came to the Prophet (ﷺ) and narrated the whole story. The Prophet (ﷺ) said, Salman has spoken the truth.

D'après 'Awn ibn Abu Juhayfa, son père rapporta: «Le Prophète (r ) avait établi le lien de fraternité entre Salmân et Abu adDardâ'. [Une fois,] en rendant visite à Abu adDardâ', Salmân remarqua qu'Um adDardâ' portait des habits usés. Qu'estce que tu as? lui demandatil. — C'est ton frère Abu adDardâ', lui expliquatelle, qui ne montre aucun désir à la vie. Et, à son arrivée, Abu adDardâ' prépara quelque chose à manger pour Salmân, [mais] celuici dit: Mange! — Mais je jeûne, répondit Abu adDardâ'. — Je ne mangerai, insista Salmân, que si tu manges. Alors, Abu adDardâ' mangea. Et lorsque, la nuit tombée, il voulait la passer en priant, Salmân lui demanda expressément de dormir; il dormit. Abu adDardâ' se réveilla ensuite pour prier mais Salmân lui répéta: Dors! A la fin de la nuit, ce dernier dit [à son frère]: Tu peux te lever maintenant. Et ils prièrent ensemble. Après quoi, Salmân lui dit: Envers ton Seigneur, tu as des devoirs; envers ta personne, tu as des devoirs; envers ta femme, tu as des devoirs. Remplis alors chaque devoir envers qui de droit. «Comme Abu adDardâ' contacta le Prophète (r ) et lui raconta ce qui s'était passé, celuici dit: Salmân dit juste! »

D'après 'Awn ibn Abu Juhayfa, son père rapporta: «Le Prophète (r ) avait établi le lien de fraternité entre Salmân et Abu adDardâ'. [Une fois,] en rendant visite à Abu adDardâ', Salmân remarqua qu'Um adDardâ' portait des habits usés. Qu'estce que tu as? lui demandatil. — C'est ton frère Abu adDardâ', lui expliquatelle, qui ne montre aucun désir à la vie. Et, à son arrivée, Abu adDardâ' prépara quelque chose à manger pour Salmân, [mais] celuici dit: Mange! — Mais je jeûne, répondit Abu adDardâ'. — Je ne mangerai, insista Salmân, que si tu manges. Alors, Abu adDardâ' mangea. Et lorsque, la nuit tombée, il voulait la passer en priant, Salmân lui demanda expressément de dormir; il dormit. Abu adDardâ' se réveilla ensuite pour prier mais Salmân lui répéta: Dors! A la fin de la nuit, ce dernier dit [à son frère]: Tu peux te lever maintenant. Et ils prièrent ensemble. Après quoi, Salmân lui dit: Envers ton Seigneur, tu as des devoirs; envers ta personne, tu as des devoirs; envers ta femme, tu as des devoirs. Remplis alors chaque devoir envers qui de droit. «Comme Abu adDardâ' contacta le Prophète (r ) et lui raconta ce qui s'était passé, celuici dit: Salmân dit juste! »

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( قَولُهُ بَابُ مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ)
وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذَا كَانَ اوفق لَهُ ذكر فِيهِ حَدِيث بن أَبِي جُحَيْفَةَ فِي قِصَّةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَسَلْمَانَ فَأَمَّا ذِكْرُ الْقَسَمِ فَلَمْ يَقَعْ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي سَاقَهَا كَمَا سَأُبَيِّنُهُ.
وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ إِلَّا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَقَدْ أَقَرَّهُ الشَّارِعُ وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ لَهُ مَعَ حَاجَتِهِ إِلَى الْبَيَانِ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ صَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَلَمَّا وُضِعَ قَالَ رَجُلٌ أَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاكَ أَخُوكَ وَتَكَلَّفَ لَكَ أَفْطِرْ وَصُمْ مَكَانَهُ إِنْ شِئْتَ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بن الْمُنْكَدِرِ عَنْهُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ الْإِيجَابِ وَقَولُهُ إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ قَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْجَوَازَ وَعَدَمَ الْقَضَاءِ لِمَنْ كَانَ مَعْذُورًا بِفِطْرِهِ لَا مَنْ تَعَمَّدَهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ تَنْبِيهٌ .

     قَوْلُهُ  أَوْفَقَ لَهُ يُرْوَى بِالْوَاوِ السَّاكِنَةِ وَبِالرَّاءِ بَدَلَ الْوَاوِ وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ فِيهِمَا

[ قــ :1885 ... غــ :1968] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ بِمُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرٌ اسْمُهُ عُتْبَةُ وَلَمْ أَرَ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَلَا رَأَيْتُ لَهُ رَاوِيًا عَنْهُ إِلَّا جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ وَإِلَى تَفَرُّدِهِمَا بِذَلِكَ أَشَارَ الْبَزَّارُ .

     قَوْلُهُ  آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ذَكَرَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي أَنَّ الْمُؤَاخَاةَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ الْأُولَى قَبْلَ الْهِجْرَةِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ خَاصَّةً عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَالْمُنَاصَرَةِ فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ أُخُوَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ وَذَلِكَ بَعْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةُ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ قُدُومِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَالْمَسْجِدُ يَبْنِي وَقد سمي بن إِسْحَاقَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً مِنْهُمْ أَبُو ذَرٍّ وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو فَأَبُو ذَرٍّ مُهَاجِرِيٌّ وَالْمُنْذِرُ أَنْصَارِيٌّ وَأَنْكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ لِأَنَّ أَبَا ذَرٍّ مَا كَانَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدُ وَإِنَّمَا قَدِمَهَا بَعْدَ سَنَةِ ثَلَاث وَذكر بن إِسْحَاقَ أَيْضًا الْأُخُوَّةَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ كَالَّذِي هُنَا.
وَتَعَقَّبَهُ الْوَاقِدِيُّ أَيْضًا فِيمَا حَكَاهُ بن سَعْدٍ أَنَّ سَلْمَانَ إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَأَوَّلُ مَشَاهَدِهِ الْخَنْدَقُ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ التَّارِيخَ الْمَذْكُورَ لِلْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ ابْتِدَاءُ الْأُخُوَّةِ ثُمَّ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَاخِي بَيْنَ مَنْ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ وَهَلُمَّ جَرًّا وَلَيْسَ بِاللَّازِمِ أَنْ تَكُونَ الْمُؤَاخَاةُ وَقَعَتْ دَفْعَةً وَاحِدَةً حَتَّى يَرِدَ هَذَا التعقب فصح مَا قَالَه بن إِسْحَاقَ وَأَيَّدَهُ هَذَا الْخَبَرُ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ وَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ بِهَذَا التَّقْرِيرِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَاعْتَرَضَ الْوَاقِدِيُّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَرُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ كُلَّ مُؤَاخَاةٍ وَقَعَتْ بَعْدَ بَدْرٍ يَقُولُ قَطَعَتْ بَدْرٌ الْمَوَارِيثَ.

قُلْتُ وَهَذَا لَا يَدْفَعُ الْمُؤَاخَاةَ مِنْ أَصْلِهَا وَإِنَّمَا يَدْفَعُ الْمُؤَاخَاةَ الْمَخْصُوصَةَ الَّتِي كَانَتْ عُقِدَتْ بَيْنَهُمْ لِيَتَوَارَثُوا بِهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَسْخِ التَّوَارُثِ الْمَذْكُورِ أَنْ لَا تَقْعَ الْمُؤَاخَاةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَنِحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ الْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ غَيْرِ هَذِهِ وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَسَلْمَانَ فَذَكَرَ قصَّة لَهما غير الْمَذْكُورَة هُنَا وروى بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَنَزَلَ سَلْمَانُ الْكُوفَةَ وَنَزَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ الشَّامَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ .

     قَوْلُهُ  فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَعْنِي فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ أَبَا الدَّرْدَاءِ غَائِبًا .

     قَوْلُهُ  مُتَبَذِّلَةً بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ لَابِسَةً ثِيَابَ الْبِذْلَةِ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ وَهِيَ الْمِهْنَةُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَارِكَةٌ لِلُبْسِ ثِيَابِ الزِّينَةِ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ مُبْتَذِلَةً بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَةِ وَالتَّخْفِيفِ وَزْنَ مُفْتَعِلَةٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَفِي تَرْجَمَةِ سَلْمَانَ مِنَ الْحِلْيَةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ سَلْمَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ فَرَأَى امْرَأَتَهُ رَثَّةَ الْهَيْئَةِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ هَذِهِ هِيَ خَيْرَةُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بِنْتُ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيَّةُ صَحَابِيَّةٌ بِنْتُ صَحَابِيٍّ وَحَدِيثُهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَمَاتَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ هَذِهِ قَبْلَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَلِأَبِي الدَّرْدَاءِ أَيْضًا امْرَأَةٌ أُخْرَى يُقَالُ لَهَا أُمُّ الدَّرْدَاءِ تَابِعِيَّةٌ اسْمُهَا هَجِيمَةُ عَاشَتْ بَعْدَهُ دَهْرًا وَرَوَتْ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ زَادَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ يَا أُمَّ الدَّرْدَاء أَمُتَبَذِّلَةً .

     قَوْلُهُ  لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ فِي نِسَاءِ الدُّنْيَا وَزَادَ فِيهِ بن خُزَيْمَةَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ زَادَ التِّرْمِذِيُّ فَرَحَّبَ بِسَلْمَانَ وَقَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ لَهُ كُلْ قَالَ فَإِنِّي صَائِمٌ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالْقَائِلُ كُلْ هُوَ سَلْمَانُ وَالْمَقُولُ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهُوَ الْمُجِيبُ بِإِنِّي صَائِمٌ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ فَقَالَ كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ وَعَلَى هَذَا فَالْقَائِلُ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَالْمَقُولُ لَهُ سَلْمَانُ وَكِلَاهُمَا يُحْتَمَلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَلْمَانَ وَهُوَ الضَّيْفُ أَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ حَتَّى يَأْكُلَ مَعَهُ وَغَرَضُهُ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ رَأْيِهِ فِيمَا يَصْنَعُهُ مِنْ جَهْدِ نَفْسِهِ فِي الْعِبَادَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا شَكَتْهُ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ فِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ أَقْسَمْتُ عَلَيْك لتفطرن وَكَذَا رَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ وَالْعَبَّاس بن عبد الْعَظِيم وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَيْثَمَةَ كُلُّهُمْ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ بِهِ فَكَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْجُمْلَةَ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَبَلَغَ الْبُخَارِيَّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ فَاسْتَعْمَلَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي التَّرْجَمَةِ مُشِيرًا إِلَى صِحَّتِهَا وَإِنَّ لَمْ تَقَعْ فِي رِوَايَتِهِ وَقَدْ أَعَادَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَيْضًا وَأَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ كَابْنِ الْمُنِيرِ إِنَّ الْقَسَمَ فِي هَذَا السِّيَاقِ مُقَدَّرٌ قَبْلَ لَفْظِ مَا أَنَا بِآكِلٍ كَمَا قُدِّرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا وَتَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ بَابُ صُنْعِ الطَّعَامِ وَالتَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى حَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ سَلْمَانَ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يُقَرِّبُ لِضَيْفِهِ مَا عِنْدَهُ وَلَا يَتَكَلَّفُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَيَسُوغُ حِينَئِذٍ التَّكَلُّفُ بِالطَّبْخِ وَنَحْوِهِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَيْ فِي أَوَّلِهِ وَفِي رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِ ثُمَّ بَاتَ عِنْدَهُ .

     قَوْلُهُ  يَقُومُ فَقَالَ نَمْ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ فَقَالَ لَهُ سلمَان نم زَاد بن سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُرْسَلٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَتَمْنَعُنِي أَنْ أَصُومَ لِرَبِّي وَأُصَلِّيَ لِرَبِّي .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ أَيْ عِنْدَ السَّحَرِ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ بن خُزَيْمَةَ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ ولِلدّارَقُطْنِيِّ فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ .

     قَوْلُهُ  فَصَلَّيَا فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فَقَامَا فَتَوَضَّآ ثُمَّ رَكَعَا ثُمَّ خَرَجَا إِلَى الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  وَلِأَهْلِكَ عَلَيْك حَقًا زَاد التِّرْمِذِيّ وبن خُزَيْمَةَ وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَصَلِّ وَنَمْ وَائْتِ أَهْلَكَ .

     قَوْلُهُ  فَأَتَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ فَأَتَيَا بِالتَّثْنِيَةِ وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ ثُمَّ خَرَجَا إِلَى الصَّلَاةِ فَدَنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ لِيُخْبِرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي قَالَ لَهُ سَلْمَانُ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا مِثْلَ مَا قَالَ سَلْمَانُ فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ إِلَيْهِمَا بِأَنَّهُ عَلِمَ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ مَا دَارَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ فَيَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَنَّهُ كَاشَفَهُمَا بِذَلِكَ أَوَّلًا ثُمَّ أَطْلَعَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى صُورَةِ الْحَالِ فَقَالَ لَهُ صَدَقَ سَلْمَانُ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ مُرْسَلًا فَعَيَّنَ اللَّيْلَةَ الَّتِي بَاتَ سَلْمَانُ فِيهَا عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَلَفْظُهُ قَالَ كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يُحْيِي لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَصُومُ يَوْمَهَا فَأَتَاهُ سَلْمَانُ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً وَزَادَ فِي آخِرِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُوَيْمِرُ سَلْمَانُ أَفْقَهُ مِنْكَ انْتَهَى وَعُوَيْمِرُ اسْمُ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ أُوتِيَ سلمَان من الْعلم وَفِي رِوَايَة بن سَعْدٍ الْمَذْكُورَةِ لَقَدْ أُشْبِعَ سَلْمَانُ عِلْمًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَشْرُوعِيَّةُ الْمُؤَاخَاةِ فِي اللَّهِ وَزِيَارَةُ الْإِخْوَانِ وَالْمَبِيتُ عِنْدَهُمْ وَجَوَازُ مُخَاطَبَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالسُّؤَالُ عَمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمَصْلَحَةُ وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّائِلِ وَفِيهِ النُّصْحُ لِلْمُسْلِمِ وَتَنْبِيهُ مَنْ أَغْفَلَ وَفِيهِ فَضْلُ قِيَامِ آخِرِ اللَّيْلِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ تَزَيُّنِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَثُبُوتُ حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ فِي حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ ثُبُوتُ حَقِّهَا فِي الْوَطْءِ لِقَوْلِهِ وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ثُمَّ قَالَ وَائْتِ أَهْلَكَ وَقَرَّرَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ النَّهْيِ عَنِ الْمُسْتَحَبَّاتِ إِذَا خَشِيَ أَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى السَّآمَةِ وَالْمَلَلِ وَتَفْوِيتِ الْحُقُوقِ الْمَطْلُوبَةِ الْوَاجِبَةِ أَوِ الْمَنْدُوبَةِ الرَّاجِحِ فِعْلُهَا عَلَى فِعْلِ الْمُسْتَحَبِّ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا الْوَعِيدُ الْوَارِدُ عَلَى مِنْ نَهَى مُصَلِّيًا عَنِ الصَّلَاةِ مَخْصُوصٌ بِمَنْ نَهَاهُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا وَفِيهِ كَرَاهِيَةُ الْحَمْلِ عَلَى النَّفْسِ فِي الْعِبَادَةِ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَفِيهِ جَوَازُ الْفِطْرِ مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ كَمَا تَرْجَمَ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَلَمْ يَجْعَلُوا عَلَيْهِ قَضَاءً إِلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاق عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ ضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا كَمَنْ ذَهَبَ بِمَالٍ لِيَتَصَدَّقَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِبَعْضِهِ وَأَمْسَكَ بَعْضَهُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ صَائِمَةٌ فَدَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ ثُمَّ سَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَكُنْتِ تَقْضِينَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ قَالَتْ لَا قَالَ فَلَا بَأْسَ وَفِي رِوَايَةٍ إِنْ كَانَ مِنْ قَضَاءٍ فَصَوْمِي مَكَانَهُ وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَإِنْ شِئْتِ فَاقْضِهِ وَإِنْ شِئْتِ فَلَا تَقْضِهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَعَنْ مَالِكٍ الْجَوَازُ وَعَدَمُ الْقَضَاءِ بِعُذْرٍ وَالْمَنْعُ وَإِثْبَاتُ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ مُطلقًا ذكره الطَّحَاوِيّ وَغَيره وَشبهه بِمن أفسد حج التَّطَوُّع فَإِن عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ اتِّفَاقًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَجَّ امْتَازَ بِأَحْكَامٍ لَا يُقَاسُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ فِيهَا فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ يُؤْمَرُ مُفْسِدُهُ بِالْمُضِيِّ فِي فَاسِدِهِ وَالصِّيَامُ لَا يُؤْمَرُ مُفْسِدُهُ بِالْمُضِيِّ فِيهِ فَافْتَرَقَا وَلِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ وَأغْرب بن عَبْدِ الْبَرِّ فَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَمَّنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ بِعُذْرٍ وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ بِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ فَعُرِضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَرَتْنِي إِلَيْهِ حَفْصَةُ وَكَانَتْ بِبَيْتِ أَبِيهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ فَقَالَ اقْضِيَا يَوْمًا آخر مَكَانَهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ رَوَاهُ بن أَبِي حَفْصَةَ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَ هَذَا وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَزِيَادُ بن سعد وبن عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْحُفَّاظِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَة مُرْسلا وَهُوَ أصح لِأَن بن جُرَيْجٍ ذَكَرَ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ عَنْهُ فَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَكِنْ سَمِعْتُ مِنْ نَاسٍ عَنْ بَعْضِ مَنْ سَأَلَ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ ثُمَّ أَسْنَدَهُ كَذَلِكَ.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ هَذَا خطا.

     وَقَالَ  بن عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَتِهِ سُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنْهُ أَهْوَ عَنْ عُرْوَةَ فَقَالَ لَا.

     وَقَالَ  الْخَلَّالُ اتَّفَقَ الثِّقَاتُ عَلَى إِرْسَالِهِ وَشَذَّ مَنْ وَصَلَهُ وَتَوَارَدَ الْحُفَّاظُ عَلَى الْحُكْمِ بِضَعْفِ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَقَدْ رَوَاهُ مَنْ لَا يُوثَقُ بِهِ عَنْ مَالِكٍ مَوْصُولًا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ وَبَيَّنَ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ إِنَّ صِيَامَهُمَا كَانَ تَطَوُّعًا وَلَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ زُمَيْلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِجَهَالَةِ حَالِ زُمَيْلٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا فَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُفْطِرُ مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي بَابِ مَنْ نَوَى بِالنَّهَارِ صَوْمًا وَزَادَ فِيهِ بَعْضُهُمْ فَأَكَلَ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ أَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ وَقَدْ ضَعَّفَ النَّسَائِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَحَكَمَ بِخَطَئِهَا وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَمْرِ بِالْقَضَاءِ عَلَى النَّدْبِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْقُرْطُبِيِّ يُجَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ بِأَنَّ إِفْطَارَ أَبِي الدَّرْدَاءِ كَانَ لِقَسَمِ سَلْمَانَ وَلِعُذْرِ الضِّيَافَةِ فَيُتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعُذْرَ مِنَ الْأَعْذَارِ الَّتِي تُبِيحُ الْإِفْطَارَ وَقَدْ نَقَلَ بن التِّينِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ لِضَيْفٍ نَزَلَ بِهِ وَلَا لِمَنْ حَلَفَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ هُوَ بِاللَّهِ لَيُفْطِرَنَّ كَفَّرَ وَلَا يُفْطِرُ وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا زَارَ أُمَّ سُلَيْمٍ لَمْ يفْطر وَكَانَ صَائِما تَطَوّعا وَقد انصف بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ فَقَالَ لَيْسَ فِي تَحْرِيمِ الْأَكْلِ فِي صُورَةِ النَّفْلِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إِلَّا الْأَدِلَّةُ الْعَامَّةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم إِلَّا أَنَّ الْخَاصَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ كَحَدِيثِ سَلْمَانَ وَقَوْلُ الْمُهَلَّبِ إِنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَفْطَرَ مُتَأَوِّلًا وَمُجْتَهِدًا فَيَكُونُ مَعْذُورًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَا يَنْطَبِقُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَلَوْ أَفْطَرَ أَحَدٌ بِمِثْلِ عُذْرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَهُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوَّبَ فِعْلَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَتَرْقَى عَنْ مَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ إِلَى نَصِّ الرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَمَنِ احْتَجَّ فِي هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم فَهُوَ جَاهِلٌ بِأَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ النَّهْيُ عَنِ الرِّيَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ بِالرِّيَاءِ بَلْ أَخْلِصُوهَا لِلَّهِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ بِارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ النَّهْيَ عَنْ إِبْطَالِ مَا لَمْ يَفْرِضْهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِنَذْرٍ وَغَيْرِهِ لَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِفْطَارُ إِلَّا بِمَا يُبِيحُ الْفِطْرَ مِنَ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ الَّتِي فَرَغْنَا مِنْهَا الْآنَ أَوَّلُ أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ بَدَأَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا بِحُكْمِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ هَلْ يَلْزَمُ تَمَامُهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ أَمْ لَا ثُمَّ أَوْرَدَ بَقِيَّةَ أَبْوَابِهِ على مَا اخْتَارَهُ من التَّرْتِيب