هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1855 حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1855 حدثنا معلى بن أسد ، حدثنا وهيب ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم ، واحتجم وهو صائم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ibn `Abbas:

The Prophet (ﷺ) was cupped while he was in the state of lhram, and also while he was observing a fast.

Ibn 'Abbâs (radiallahanho): Le Prophète (r ) s'était fait saigner avec des ventouses alors qu'il était en état d'ihrâm, et s'était fait saigner aussi alors qu'il était en était déjeune.

":"ہم سے معلی بن اسد نے بیان کیا ، ان سے وہیب نے ، وہ ایوب سے ، وہ عکرمہ سے ، وہ حضرت ابن عباس رضی اللہ عنہما سے روایت کرتے ہیں کہنبی اکرم صلی اللہ علیہ وسلم نے احرام میں اوروزے کی حالت میں پچھنا لگوایا ۔

Ibn 'Abbâs (radiallahanho): Le Prophète (r ) s'était fait saigner avec des ventouses alors qu'il était en état d'ihrâm, et s'était fait saigner aussi alors qu'il était en était déjeune.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1938] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ هَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبٍ عَنْ عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ وَتَابَعَهُ عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ مَوْصُولًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الطِّبّ وَرَوَاهُ بن عُلَيَّةَ وَمَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا وَاخْتُلِفَ عَلَى حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ النَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  مُهَنَّا سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَلَيْسَ فِيهِ صَائِمٌ إِنَّمَا هُوَ وَهُوَ مُحْرِمٌ ثمَّ سَاقه من طرق عَن بن عَبَّاسٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا طَرِيقُ أَيُّوبَ هَذِهِ والْحَدِيث صَحِيح لامرية فِيهِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَسَبَقَ إِلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَاعْتَرَضَ بن خُزَيْمَةَ بِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ صَائِمًا مُحْرِمًا قَالَ وَلَمْ يَكُنْ قَطُّ مُحْرِمًا مُقِيمًا بِبَلَدِهِ إِنَّمَا كَانَ مُحْرِمًا وَهُوَ مُسَافِرٌ وَالْمُسَافِرُ إِنْ كَانَ نَاوِيًا لِلصَّوْمِ فَمَضَى عَلَيْهِ بَعْضُ النَّهَارِ وَهُوَ صَائِمٌ أُبِيحَ لَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِذَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَحْتَجِمَ وَهُوَ مُسَافِرٌ قَالَ فَلَيْسَ فِي خبر بن عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى إِفْطَارِ الْمَحْجُومِ فَضْلًا عَنِ الْحَاجِمِ اه وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ مَا وَرَدَ هَكَذَا إِلَّا لِفَائِدَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُجِدَتْ مِنْهُ الْحِجَامَةُ وَهُوَ صَائِمٌ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ صَوْمه وَاسْتمرّ.

     وَقَالَ  بن خُزَيْمَةَ أَيْضًا جَاءَ بَعْضُهُمْ بِأُعْجُوبَةٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ لِأَنَّهُمَا كَانَا يَغْتَابَانِ قَالَ فَإِذَا قِيلَ لَهُ فَالْغِيبَةُ تُفْطِرُ الصَّائِمَ قَالَ لَا قَالَ فَعَلَى هَذَا لَا يَخْرُجُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ بِلَا شُبْهَةٍ انْتَهَى وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ ثَوْبَانَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلَهُ وَيَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ مَتْرُوكٌ وَحَكَمَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ.

     وَقَالَ  بن حَزْمٍ صَحَّ حَدِيثُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ بِلَا رَيْبٍ لَكِنْ وَجَدْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَرْخَصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْعَزِيمَةِ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِ الْفِطْرِ بِالْحِجَامَةِ سَوَاءٌ كَانَ حَاجِمًا أَوْ مَحْجُومًا انْتَهَى وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَكِنِ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَفْظُهُ أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَمَرَّ بِهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَفْطَرَ هَذَانِ ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ مِنْ رِجَالِ الْبُخَارِيِّ إِلَّا أَنَّ فِي الْمَتْنِ مَا يُنْكَرُ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْفَتْحِ وَجَعْفَرٌ كَانَ قُتِلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ عَنِ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَعَنِ الْمُوَاصَلَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَالْجَهَالَةُ بِالصَّحَابِيِّ لَا تَضُرُّ وَقَولُهُ إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ نَهَى وَقد رَوَاهُ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَلَفْظُهُ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَكَرِهَهَا للضعيف أَي لِئَلَّا يضعف

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ الْحِجَامَةُ وَالْقَيْءُ لِلصَّائِمِ)

أَيْ هَلْ يُفْسِدَانِ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا الصَّوْمَ أَوْ لَا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ جَمَعَ بَيْنَ الْقَيْءِ وَالْحِجَامَةِ مَعَ تَغَايُرِهِمَا وَعَادَتُهُ تَفْرِيقُ التَّرَاجِمِ إِذَا نَظَمَهَا خَبَرٌ وَاحِدٌ فَضْلًا عَنْ خَبَرَيْنِ وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِاتِّحَادِ مَأْخَذِهِمَا لِأَنَّهُمَا إِخْرَاجٌ وَالْإِخْرَاجُ لَا يقتضى الْإِفْطَار وَقد أوما بن عَبَّاسٍ إِلَى ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ إِيرَادَهُ لِلْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يَرَى عَدَمَ الْإِفْطَارِ بِهِمَا وَلِذَلِكَ عَقَّبَ حَدِيثَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ بِحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَّا الْقَيْءُ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَنْ سَبَقَهُ فَلَا يُفْطِرُ وَبَيْنَ مَنْ تَعَمَّدَهُ فيفطر وَنقل بن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلَانِ الصَّوْمِ بِتَعَمُّدِ الْقَيْءِ لَكِن نقل بن بطال عَن بن عَبَّاس وبن مَسْعُودٍ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَاسْتَدَلَّ الْأَبْهَرِيُّ بِإِسْقَاطِ الْقَضَاءِ عَمَّنْ تَقَيَّأَ عَمْدًا بِأَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَهُمْ قَالَ فَلَوْ وَجَبَ الْقَضَاءُ لَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ وَعَكَسَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُفْطِرَاتِ وَارْتَكَبَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ فَقَالُوا يَقْضِي وَيكفر وَنقل بن الْمُنْذِرِ أَيْضًا الْإِجْمَاعَ عَلَى تَرْكِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَلَمْ يَتَعَمَّدْهُ إِلَّا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ.

.
وَأَمَّا الْحِجَامَةُ فَالْجُمْهُورُ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْفِطْرِ بِهَا مُطْلَقًا وَعَنْ عَلِيٍّ وَعَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ يُفْطِرُ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ وَأَوْجَبُوا عَلَيْهِمَا الْقَضَاءَ وَشَذَّ عَطَاءٌ فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ أَيْضًا.

     وَقَالَ  بِقَوْلِ أَحْمَدَ من الشَّافِعِيَّة بن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذر وَأَبُو الْوَلِيد النَّيْسَابُورِي وبن حبَان وَنقل التِّرْمِذِيُّ عَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ عَلَّقَ الْقَوْلَ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَبِذَلِكَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَحُجَّةُ الْفَرِيقَيْنِ قَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ وَسَنَذْكُرُ الْبَحْثَ فِي ذَلِكَ فِي آخِرِ الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  لِي يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ مِنَ الصَّحِيحِ وَعَادَةُ الْبُخَارِيِّ الْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فِي الْمَوْقُوفَاتِ إِذَا أَسْنَدَهَا وَقَولُهُ فِي الْإِسْنَاد حَدثنَا يحيى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ .

     قَوْلُهُ  إِذَا قَاءَ فَلَا يُفْطِرْ إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلَا يُولِجُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَنه يخرج وَلَا يولج قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَن الصَّحَابَة كَانُوا يؤولون الظَّاهِرَ بِالْأَقْيِسَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَنَقَضَ غَيْرُهُ هَذَا الْحَصْرَ بِالْمَنِيِّ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَخْرُجُ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُفْطِرُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى مَا رَوَاهُ هُوَ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ قَالَ قَالَ لِي مُسَدَّدٌ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ قَالَ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِنِ اسْتِقَاءَ فَلْيَقْضِ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَمْ يَصِحَّ وَإِنَّمَا يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ ضَعِيفٌ جِدًّا وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَنَقَلَ عَنْ عِيسَى أَنَّهُ قَالَ زَعَمَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنَّ هِشَامًا وَهَمَ فِيهِ.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُدَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ لَيْسَ مِنْ ذَا شَيْءٌ وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ بِهِ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ وَسَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْهُ فَقَالَ لَا أرَاهُ مَحْفُوظًا انْتهى وَقد أخرجه بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ أَيْضًا عَنْ هِشَامٍ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ وَلَكِنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.

.

قُلْتُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا قَاءَ لَا يُفْطِرُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إِنَّهُ يُفْطِرُ مِمَّا فُصِّلَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا الْمَرْفُوعِ فَيَحْتَمِلُ .

     قَوْلُهُ  قَاءَ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الْقَيْءَ وَاسْتَدْعَى بِهِ وَبِهَذَا أَيْضًا يُتَأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مُصَحَّحًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَأَفْطَرَ أَيِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَأْوِيلِ مَنْ أَوَّلَهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى قَاءَ فَضَعُفَ فَأَفْطَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْقَيْءَ فَطَّرَهُ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ قَاءَ فَأفْطر بعد ذَلِك وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ الْحُكْمَ إِذَا عُقِّبَ بِالْفَاءِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْعِلَّةُ كَقَوْلِهِمْ سَهَا فَسَجَدَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خرج أما قَول بن عَبَّاس فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أبي ظبْيَان عَن بن عَبَّاسٍ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ قَالَ الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ وَالْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ قَالَ عبد الله يَعْنِي بن مَسْعُود فَذكر مثله وَإِبْرَاهِيم لم يلق بن مَسْعُودٍ وَإِنَّمَا أَخَذَ عَنْ كِبَارِ أَصْحَابِهِ.

.
وَأَمَّا قَول عِكْرِمَة فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَة مثله قَوْله وَكَانَ بن عُمَرَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَهُ فَكَانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ وَصَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَكَانَ إِذَا صَامَ لَمْ يَحْتَجِمْ حَتَّى يُفْطِرَ وَرُوِّيْنَاهُ فِي نُسْخَةِ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَانَ بن عُمَرَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ ثُمَّ تَرَكَهُ لِأَجْلِ الضَّعْفِ هَكَذَا وَجَدْتُهُ مُنْقَطِعًا وَوَصَلَهُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالم عَن أَبِيه وَكَانَ بن عُمَرَ كَثِيرَ الِاحْتِيَاطِ فَكَأَنَّهُ تَرَكَ الْحِجَامَةَ نَهَارًا لِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلًا وَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ مُمْسِيًا فَوَجَدْتُهُ يَأْكُلُ تَمْرًا وَكَامِخًا وَقَدِ احْتَجَمَ فَقُلْتُ لَهُ أَلَا تَحْتَجِمُ نَهَارًا قَالَ أَتَأْمُرُنِي أَنْ أُهْرِيقَ دَمِي وَأَنَا صَائِمٌ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ بَكْرٍ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ يَحْتَجِمُ لَيْلًا فَقُلْتُ أَلَا كَانَ هَذَا نَهَارًا فَقَالَ أَتَأْمُرُنِي أَنْ أُهْرِيقَ دَمِي وَأَنَا صَائِمٌ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ قَالَ الْحَاكِمُ سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ.

.

قُلْتُ لِعَبْدَانَ الْأَهْوَازِيِّ يَصِحُّ فِي أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ شَيْءٌ قَالَ سَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ قَدْ صَحَّ حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي مُوسَى.

.

قُلْتُ إِلَّا أَنَّ مَطَرًا خُولِفَ فِي رَفْعِهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُمُ احْتَجَمُوا صِيَامًا هَكَذَا أَخْرَجَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ يَظْهَرُ بِالتَّخْرِيجِ فَأَمَّا أَثَرُ سعد وَهُوَ بن أَبِي وَقَّاصٍ فَوَصَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ بن شِهَابٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَا يَحْتَجِمَانِ وَهُمَا صَائِمَانِ وَهَذَا مُنْقَطع عَن سعد لَكِن ذكره بن عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ.

.
وَأَمَّا أَثَرُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَرْمِيِّ عَنْ دِينَارٍ قَالَ حَجَّمْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَهُوَ صَائِمٌ وَدِينَارٌ هُوَ الْحَجَّامُ مَوْلَى جَرْمٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ لَا يُعْرَفُ إِلَّا فِي هَذَا الْأَثَرِ.

     وَقَالَ  أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ لَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ وَأما أثر أم سَلمَة فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ أَيْضًا عَنْ فُرَاتٍ عَنْ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ رَأَى أُمَّ سَلَمَةَ تَحْتَجِمُ وَهِيَ صَائِمَةٌ وَفُرَاتٌ هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثِقَةٌ لَكِنَّ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ مَجْهُول الْحَال قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ أَنَسٌ وَأَبُو سَعِيدٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثُمَّ سَاقَ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بُكَيْرٌ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلَا نُنْهَى أَمَّا بُكَيْرٌ فَهُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ.

.
وَأَمَّا أُمُّ عَلْقَمَةَ فَاسْمُهَا مُرْجَانَةُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ قَالَتْ كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ وَبَنُو أَخِي عَائِشَةَ فَلَا تَنْهَاهُمْ .

     قَوْلُهُ  وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَرْفُوعًا أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ بِهِ.

     وَقَالَ  عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ رَوَى يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ حَدِيثَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ ثَوْبَانَ وَرَوَاهُ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَرَوَاهُ مَطَرٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيٍّ وَرَوَاهُ أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُسَامَةَ زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَى عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فِي الصَّحَابِيِّ فَقِيلَ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ الْمُزَنِيُّ وَقِيلَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ وَرُوِيَ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَيْضًا وَقِيلَ عَنْ مَطَرٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مُعَاذٍ وَاخْتُلِفَ عَلَى قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ فِي الصَّحَابِيِّ فَقِيلَ أَيْضًا عَلِيٌّ وَقِيلَ أَبُو هُرَيْرَةَ.

.

قُلْتُ وَاخْتُلِفَ عَلَى يُونُسَ أَيْضًا كَمَا سَأَذْكُرُهُ قَالَ.

     وَقَالَ  أَبُو حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَإِنْ كَانَ حَفِظَهُ صَحَّتِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا.

.

قُلْتُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ أَبُو حُرَّةَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  لِي عَيَّاشٌ بِتَحْتَانِيَّةٍ وَمُعْجَمَةٍ وَعَبْدُ الْأَعْلَى هُوَ بن عبد الْأَعْلَى قَوْله حَدثنَا يُونُس هُوَ بن عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ أَيْ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ .

     قَوْلُهُ  قِيلَ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا مُتَابِعٌ لِأَبِي حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَيَّاشٌ فَذَكَرَهُ رَوَاهُ عَن بن الْمَدِينِيِّ فِي الْعِلَلِ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ حَدثنَا الْمُعْتَمِر هُوَ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ بِهِ وَرِوَايَةُ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ يُونُسَ وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ .

     قَوْلُهُ  وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ تَمَّامٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُسَامَةَ وَالِاخْتِلَافُ عَلَى الْحَسَنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاضِحٌ لَكِنْ نَقَلَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الْكَبِيرِ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ إِنْ كَانَ قَوْلُ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَحْفُوظًا صَحَّتِ الْأَقْوَال كُلُّهَا.

.

قُلْتُ يُرِيدُ بِذَلِكَ انْتِفَاءَ الِاضْطِرَابِ وَإِلَّا فالحسن لم يسمع من أَكثر للمذكورين ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنَ السِّيَاقِ أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَشُكُّ فِي رَفْعِهِ وَكَأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْجَزْمِ تَرَدُّدٌ وَحَمَلَ الْكِرْمَانِيُّ جَزْمَهُ عَلَى وُثُوقِهِ بِخَبَرِ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ وَتَرَدُّدُهُ لِكَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ فَلَا يُفِيدُ الْيَقِينَ وَهُوَ حَمْلٌ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادٍ وَثَوْبَانَ.

.

قُلْتُ فَكَيْفَ بِمَا فِيهِمَا مِنَ الِاخْتلَافِ يَعْنِي عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ كِلَاهُمَا عِنْدِي صَحِيحٌ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ رَوَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ شَدَّادٍ رَوَى الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا يَعْنِي فَانْتَفَى الِاضْطِرَابُ وَتَعَيَّنَ الْجَمْعُ بِذَلِكَ وَكَذَا قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ صَحَّ حَدِيثُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ مِنْ طَرِيقِ ثَوْبَانَ وَشَدَّادٍ قَالَ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ يَذْكُرُ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْمَرْوَزِيُّ.

.

قُلْتُ لِأَحْمَدَ إِنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَالَ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَثْبُتُ فَقَالَ هَذَا مُجَازَفَةٌ.

     وَقَالَ  بن خُزَيْمَة صَحَّ الحديثان جَمِيعًا وَكَذَا قَالَ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَأَطْنَبَ النَّسَائِيُّ فِي تَخْرِيجِ طُرُقِ هَذَا الْمَتْنِ وَبَيَانِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ فَأَجَادَ وَأَفَادَ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي بَابِ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.

.

قُلْتُ يُرِيد مَا أخرجه هُوَ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَافِعٍ لَكِنْ عَارَضَ أَحْمَدَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي هَذَا فَقَالَ حَدِيثُ رَافِعٌ أَضْعَفُهَا.

     وَقَالَ  البُخَارِيّ هُوَ غير مَحْفُوظ.

     وَقَالَ  بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ هُوَ عِنْدِي بَاطِلٌ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ سَأَلْتُ إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ عَنْهُ فَأَبِي أَنْ يُحَدِّثَنِي بِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.

     وَقَالَ  هُوَ غَلَطٌ.

.

قُلْتُ مَا عِلَّتُهُ قَالَ رَوَى هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدِيثَ مَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ وَرَوَى عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّ أَبَا أَسْمَاءَ حَدَّثَهُ أَنَّ ثَوْبَانَ أَخْبَرَهُ بِهِ فَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ يَحْيَى فَكَأَنَّهُ دَخَلَ لِمَعْمَرٍ حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَ شَدَّادٍ وَلَفْظُهُ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَمَانِ الْفَتْحِ فَرَأَى رَجُلًا يَحْتَجِمُ لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي أَفْطَرَ الْحَاجِمُ والمحجوم ثمَّ سَاق حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ قَالَ وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ أَمْثَلُهُمَا إِسْنَادًا فَإِنْ تَوَقَّى أَحَدٌ الْحِجَامَةَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ احْتِيَاطًا وَالْقِيَاسُ مَعَ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ وَالَّذِي أَحْفَظُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ أَحَدٌ بِالْحِجَامَةِ.

.

قُلْتُ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ لِحَدِيثِ بن عَبَّاسٍ عَقِبَ حَدِيثِ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْحِجَامَةَ تُفْطِرُ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ ذَلِكَ بِبَغْدَادَ.

.
وَأَمَّا بِمِصْرَ فَمَالَ إِلَى الرُّخْصَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُمَا سَيُفْطِرَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا أَي مَا يؤول إِلَيْهِ وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُ هَذَا التَّأْوِيلِ وَيُقَرِّبُهُ مَا قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ مَعْنَى قَوْلِهِ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ أَيْ تَعَرَّضَا لِلْإِفْطَارِ أَمَّا الْحَاجِمُ فَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُصُولَ شَيْءٍ مِنَ الدَّمِ إِلَى جَوْفِهِ عِنْدَ الْمَصِّ.

.
وَأَمَّا الْمَحْجُومُ فَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ ضَعْفَ قُوَّتِهِ بِخُرُوجِ الدَّم فيؤول أَمْرُهُ إِلَى أَنْ يُفْطِرَ وَقِيلَ مَعْنَى أَفْطَرَا فَعَلَا مَكْرُوهًا وَهُوَ الْحِجَامَةُ فَصَارَا كَأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَلَبِّسِينَ بِالْعِبَادَةِ وَسَأَذْكُرُ بَقِيَّةَ كَلَامِهِمْ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ

[ قــ :1855 ... غــ :1938] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ هَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبٍ عَنْ عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ وَتَابَعَهُ عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ مَوْصُولًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الطِّبّ وَرَوَاهُ بن عُلَيَّةَ وَمَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا وَاخْتُلِفَ عَلَى حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ النَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  مُهَنَّا سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ صَائِمٌ إِنَّمَا هُوَ وَهُوَ مُحْرِمٌ ثمَّ سَاقه من طرق عَن بن عَبَّاسٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا طَرِيقُ أَيُّوبَ هَذِهِ والْحَدِيث صَحِيح لامرية فِيهِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَسَبَقَ إِلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَاعْتَرَضَ بن خُزَيْمَةَ بِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ صَائِمًا مُحْرِمًا قَالَ وَلَمْ يَكُنْ قَطُّ مُحْرِمًا مُقِيمًا بِبَلَدِهِ إِنَّمَا كَانَ مُحْرِمًا وَهُوَ مُسَافِرٌ وَالْمُسَافِرُ إِنْ كَانَ نَاوِيًا لِلصَّوْمِ فَمَضَى عَلَيْهِ بَعْضُ النَّهَارِ وَهُوَ صَائِمٌ أُبِيحَ لَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِذَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَحْتَجِمَ وَهُوَ مُسَافِرٌ قَالَ فَلَيْسَ فِي خبر بن عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى إِفْطَارِ الْمَحْجُومِ فَضْلًا عَنِ الْحَاجِمِ اه وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ مَا وَرَدَ هَكَذَا إِلَّا لِفَائِدَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُجِدَتْ مِنْهُ الْحِجَامَةُ وَهُوَ صَائِمٌ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ صَوْمه وَاسْتمرّ.

     وَقَالَ  بن خُزَيْمَةَ أَيْضًا جَاءَ بَعْضُهُمْ بِأُعْجُوبَةٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ لِأَنَّهُمَا كَانَا يَغْتَابَانِ قَالَ فَإِذَا قِيلَ لَهُ فَالْغِيبَةُ تُفْطِرُ الصَّائِمَ قَالَ لَا قَالَ فَعَلَى هَذَا لَا يَخْرُجُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ بِلَا شُبْهَةٍ انْتَهَى وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ ثَوْبَانَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلَهُ وَيَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ مَتْرُوكٌ وَحَكَمَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ.

     وَقَالَ  بن حَزْمٍ صَحَّ حَدِيثُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ بِلَا رَيْبٍ لَكِنْ وَجَدْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَرْخَصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْعَزِيمَةِ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِ الْفِطْرِ بِالْحِجَامَةِ سَوَاءٌ كَانَ حَاجِمًا أَوْ مَحْجُومًا انْتَهَى وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَكِنِ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَفْظُهُ أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَمَرَّ بِهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَفْطَرَ هَذَانِ ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ مِنْ رِجَالِ الْبُخَارِيِّ إِلَّا أَنَّ فِي الْمَتْنِ مَا يُنْكَرُ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْفَتْحِ وَجَعْفَرٌ كَانَ قُتِلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ عَنِ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَعَنِ الْمُوَاصَلَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَالْجَهَالَةُ بِالصَّحَابِيِّ لَا تَضُرُّ وَقَولُهُ إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ نَهَى وَقد رَوَاهُ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَلَفْظُهُ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَكَرِهَهَا للضعيف أَي لِئَلَّا يضعف

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْحِجَامَةِ وَالْقَىْءِ لِلصَّائِمِ
وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: إِذَا قَاءَ فَلاَ يُفْطِرُ، إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلاَ يُولِجُ.
وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ

يُفْطِرُ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ..
     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ: الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَكَانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ.
وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلاً.
وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ احْتَجَمُوا صِيَامًا..
     وَقَالَ  بُكَيْرٌ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ: كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلاَ تَنْهَى.
وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَرْفُوعًا "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ"..
     وَقَالَ  لِي عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ، قِيلَ لَهُ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: نَعَمْ.
ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ.


( باب) حكم ( الحجامة والقيء للصائم) .

قال المؤلّف بالسند السابق: ( وقال لي يحيى بن صالح) الوحاظي الحمصي ( حدّثنا معاوية بن سلام) بتشديد اللام قال: ( حدّثنا يحيى) هو ابن أبي كثير ( عن عمر) بضم العين وفتح الميم ( ابن الحكم) بفتح الحاء والكاف ( ابن ثوبان) بالمثلثة والموحدة المفتوحتين المدني أنه ( سمع أبا هريرة -رضي الله عنه-) يقول؛ ( إذا قاء) الصائم بغير اختياره بأن غلبه ( فلا يفطر) ، لأن القيء ( إنما يخرج) من الخروج ( ولا يولج) .
من الإيلاج يعني أن الصيام لا ينقض إلا بشيء يدخل وللكشميهني مما في الفتح أنه أي القيء يخرج ولا يولج وهذا منقوض بالمني فإنه يخرج وهو موجب للقضاء والكفارة.

( ويذكر) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًا للمفعول ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( أنه يفطر) ، أي إذا تعمد القيء وإن لم يعد شيء منه إلى جوفه فهو محمول على حديثه المرفوع المروي عند المؤلّف في تاريخه الكبير بلفظ: من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء وإن استقاء فليقض لكن ضعفه المؤلّف، ورواه أصحاب السنن الأربعة.
وقال الترمذي: والعمل عند أهل العلم عليه، وبه يقول الشافعي وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق وقد صححه الحاكم وقال على شرط الشيخين وابن حبان.
وقال الحنفية: ولا يجب القضاء بغلبة القيء عليه وخروجه من فمه قل أو أكثر لا تعمده فإنه يفسده وعليه القضاء ويعتبر أبو يوسف في إفساده امتلاء الفم في التعمد وفي عوده إلى الداخل سواء أعاده أو لم يعده لوجوب القضاء لأنه إذا كان ملء الفم يعدّ خارجًا لانتقاض الطهارة به فيفسد الصوم، وإذا عاد حال كونه ملء الفم يعدّ داخلاً لسبق اتصافه بالخروج حكمًا ولا كذلك إذا لم يملأه فلا يفسد واعتبر محمد بن الحسن قصد الصائم وفعله في ابتداء القيء وفي عوده سواء كان ملء الفم أو لم يكن لقوله عليه السلام: "من استقاء عمدًا فعليه القضاء من غير فصل بين القليل والكثير وإذا أعاده يوجد منه الصنع في الإدخال إلى الجوف فيفسد به صومه وإن قل القيء، وخلاصة المفهوم مما سبق أن في صورة الاستقاءة يفسد الصوم عند أبي يوسف إذا كان ملء الفم سواء عاد القيء بعده أو لم يعد أو أعاده لاتصافه بالخروج.
وعند محمد: يفسد على كل الأحوال لوجود التعمد فيه، وأما إذا غلبه القيء فإن كان ملء الفم يفسد عند أبي يوسف عاد أو أعاده لما مر، وعند محمد لا يفسد إذا عاد

أو لم يعد لانعدام الصنع منه ويفسد إذا أعاد وإن لم يكن ملء الفم لا يفسد إذا عاد أو لم يعد اتفاقًا ويفسد عند محمد إذا أعاده، ( والأول) القائل أنه لا يفطر ( أصح) .

( وقال ابن عباس وعكرمة) -رضي الله عنهما- مما وصله ابن أبي شيبة ( الصوم) أي الإمساك واجب ( مما دخل) في الجوف ( وليس مما خرج) ولأبي ذر وابن عساكر في نسخة: الفطر بدل قوله الصوم.

( وكان ابن عمر -رضي الله عنهما-) مما وصله مالك في الموطأ ( يحتجم وهو صائم، ثم تركه فكان يحتجم) وهو صائم ( بالليل) .
لأجل الضعف، ( واحتجم أبو موسى) عبد الله بن قيس الأشعري فيما وصله ابن أبي شيبة ( ليلاً) .

( ويذكر) مبنيًّا للمفعول ( عن سعد) بسكون العين ابن أبي وقاص أحد العشرة مما وصله مالك في موطئه وفيه انقطاع لكن ذكره ابن عبد البر من وجه آخر ( وزيد بن أرقم) الأنصاري مما وصله عبد الرزاق ( وأم سلمة) أم المؤمنين مما وصله ابن أبي شيبة أنهم الثلاثة ( احتجموا) حال كونهم ( صيامًا) .

( وقال بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف ابن عبد الله بن الأشج ( عن أم علقمة) مرجانة كما سماها البخاري وذكرها ابن حبان في الثقات ووصل هذا المؤلّف في تاريخه أنها قالت: ( كنا نحتجم عند عائشة) -رضي الله عنها- أي ونحن صيام ( فلا تنهى) عائشة عن ذلك، ولأبوي ذر والوقت: فلا ننهى بضم النون الأولى التي للمتكلم ومعه غيره وسكون الثانية على صيغة المجهول.

( ويروى) مبنيًّا للمفعول ( عن الحسن) البصري ( عن غير واحد) من الصحابة وهم شداد بن أوس وأسامة بن زيد وأبو هريرة وثوبان ومعقل بن يسار ويحتمل أنه سمعه من كلهم ( مرفوعًا) إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال) : بالفاء وفي بعض الأصول وقال ولأبي ذر إسقاطهما ( أفطر الحاجم والمحجوم) وصله النسائي من طرق عن أبي حرة عن الحسن، وقال عليّ بن المديني: رواه يونس عن الحسن وقد أخذ بظاهره أحمد -رحمه الله- أنهما يفطران وعليه جماهير أصحابه وهو من المفردات وعنه: إن علما بالنهي أفطرا وإلاّ فلا.
وقال: في الفروع: ظاهر كلام أحمد والأصحاب أنه لا فطر إن لم يظهر دم قال وهو متجه، واختاره شيخنا وضعف خلافه وو خرج الدم بنفسه لغير التداوي بدل الحجامة لم يفطر اهـ.

وقال الأئمة الثلاثة: لا يفطر لما سيأتي وحملوا الحديث كما قال البغوي على معنى أنهما تعرضا للإفطار المحجوم للضعف والحاجم لأنه لا يأمن أن يصل إلى جوفه شيء بمص المحجم، لكن الحديث قد تكلم فيه فقال الدارقطني في العلل: اختلف على عطاء بن السائب في الصحابي وكذا اختلف على يونس أيضًا.


قال المؤلّف: ( وقال لي عياش) : بمثناة تحتية ومعجمة ابن الوليد الرقام البصري ( حدّثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي القرشي البصري قال: ( حدّثنا يونس) هو ابن عبيد بن دينار البصري التابعي ( عن الحسن) البصري التابعي ( مثله) أي مثل السابق أفطر الحاجم والمحجوم.

وقد أخرجه المؤلّف في تاريخه والبيهقي في طريقه ( قيل له) : أي للحسن ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : الذي يحدّث به أفطر الحاجم والمحجوم ( قال) ( نعم) عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ثم قال) : مترددًا بعد الجزم ( الله أعلم) .


[ قــ :1855 ... غــ : 1938 ]
- حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْتَجَمَ وَهْوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهْوَ صَائِمٌ".

وبالسند قال: ( حدّثنا معلى بن أسد) بضم الميم وتشديد اللام العمي أخو بهز بن أسد البصري قال: ( حدّثنا وهيب) هو ابن خالد ( عن أيوب) السختياني ( عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احتجم) ولابن عساكر قال: احتجم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وهو محرم، واحتجم) أيضًا ( وهو صائم) وهذا ناسخ لحديث "أفطر الحاجم والمحجوم" لأنه جاء في بعض طرقه أن ذلك كان في حجة الوداع وسبق إلى ذلك الشافعي، ولفظ البيهقي في كتاب المعرفة له بعد حديث ابن عباس أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احتجم وهو صائم.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله: وسماع ابن عباس عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفتح ولم يكن يومئذ محرمًا ولم يصحبه محرمًا قبل حجة الإسلام، فذكر ابن عباس حجامة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام حجة الإسلام سنة عشر.
وحديث أفطر الحاجم والمحجوم في الفتح سنة ثمان قبل حجة الإسلام بسنتين فإن كانا ثابتين فحديث ابن عباس ناسخ وحديث أفطر الحاجم والمحجوم منسوخ اهـ.

وقال ابن حزم: صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد أرخص النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الحجامة للصائم وإسناده صحيح فوجب الأخذ به لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة فدلّ على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجمًا أو محجومًا.

قال في الفتح: والحديث المذكور أخرجه النسائي وابن خزيمة والدارقطني ورجاله ثقات، ولكن اختلف في رفعه ووقفه وله شاهد من حديث أنس أخرجه الدارقطني ولفظه: أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمرّ به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: أفطر هذا ثم رخص رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد في الحجامة للصائم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ الحِجَامَةِ والْقَيءِ لِلْصَّائِمِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَحْكَام الْحجامَة والقيء هَل يرخصان للصَّائِم أَو لَا؟ وَإِنَّمَا أطلق وَلم يذكر الحكم لمَكَان الْخلاف فِيهِ، وَلَكِن الْآثَار الَّتِي أوردهَا فِي هَذَا الْبابُُ تشعر بِأَنَّهُ عدم الْإِفْطَار بهما..
     وَقَالَ  بَعضهم: بابُُ الْحجامَة والقيء للصَّائِم، أَي: هَل يفسدان هما أَو أَحدهمَا الصَّوْم؟ قلت: اللَّام فِي قَوْله: (للصَّائِم) ، تمنع هَذَا التَّقْدِير الَّذِي قدره، وَلَا يخفى ذَلِك على من لَهُ أدنى ذوق من أَحْوَال التَّرْكِيب، قيل: جمع بَين الْقَيْء والحجامة مَعَ تغايرهما، وعادته تَفْرِيق التراجم إِذا نظمهما خبر وَاحِد فضلا عَن خبرين، وَإِنَّمَا صنع ذَلِك لِاتِّحَاد مأخذهما، لِأَنَّهُمَا إِخْرَاج، والإخراج لَا يَقْتَضِي الْإِفْطَار.

وَقَالَ لِي يَحْيَى بنُ صَالِحٍ حدَّثنا مُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّم قَالَ حدَّثنا يَحْيَى عنْ عُمَرَ بنِ الحَكَمَ بن ثَوْبانَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يقُولُ إذَا قاءَ فَلاَ يُفْطِرُ إنَّمَا يُخْرجُ ولاَ يُولِجُ عَادَة البُخَارِيّ إِذا أسْند شَيْئا من الْمَوْقُوفَات يَأْتِي بِهَذِهِ الصِّيغَة، وَيحيى بن صَالح أَبُو زَكَرِيَّا الوحاظي الْحِمصِي وَمُعَاوِيَة ابْن سَلام، بتَشْديد اللَّام، مر فِي كتاب الْكُسُوف، وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير، وَعمر بن الحكم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْكَاف المفتوحتين: ابْن ثَوْبَان، بالثاء الْمُثَلَّثَة: الْحِجَازِي أَبُو حَفْص الْمدنِي.

قَوْله: (إِذا قاء) أَي الصَّائِم: قَوْله: (وَإِنَّمَا يخرج) ، من الْخُرُوج.
قَوْله: (وَلَا يولج) ، من الْإِيلَاج، أَي: لَا يدْخل، الْمَعْنى: أَن الصَّوْم لَا ينْقض إِلَّا بِشَيْء يدْخل، وَلَا ينْقض بِشَيْء يخرج.
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني أَنه يخرج وَلَا يولج، أَي: أَن الْقَيْء يخرج وَلَا يدْخل، وَهَذَا الْحصْر منقوض بالمني، فَإِنَّهُ مِمَّا يخرج وَهُوَ مُوجب للْقَضَاء وَالْكَفَّارَة.

وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْأَرْبَعَة مَرْفُوعا من حَدِيث هِشَام بن حسان عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من ذرعه الْقَيْء فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء، وَمن استقاء عمدا فليقض) ..
     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: حَدِيث أبي هُرَيْرَة حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه من حَدِيث هِشَام عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إلاَّ من حَدِيث عِيسَى بن يُونُس، قَالَ: وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من غَيره وَجهه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا يَصح إِسْنَاده..
     وَقَالَ  البُخَارِيّ: لم يَصح، وَإِنَّمَا يرْوى عَن عبد الله بن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة، وَعبد الله ضَعِيف، وَرَوَاهُ الدَّارمِيّ من طَرِيق عِيسَى ابْن يُونُس، وَنقل عَن عِيسَى أَنه قَالَ: زعم أهل الْبَصْرَة أَن هشاما وهم فِيهِ،.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: سَمِعت أَحْمد يَقُول: لَيْسَ من ذَا شَيْء..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: يُرِيد أَنه غير مَحْفُوظ،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: تفرد بِهِ عِيسَى وَهُوَ ثِقَة إلاَّ أَن أهل الحَدِيث أنكروه عَلَيْهِ، وَوهم عِنْدهم فِيهِ..
     وَقَالَ  أَبُو عَليّ الطوسي: هُوَ حَدِيث غَرِيب، وَالصَّحِيح رِوَايَة أبي الدَّرْدَاء وثوبان وفضالة بن عبيد: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قاء فَأفْطر) ..
     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ حَدِيث أبي الدَّرْدَاء أصح شَيْء فِي الْقَيْء والرعاف.

قلت: حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَوَاهُ الْأَرْبَعَة وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ، قَالَ: حَدثنَا ابْن مَرْزُوق، قَالَ: حَدثنَا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، قَالَ: حَدثنَا أبي عَن حُسَيْن الْمعلم عَن يحيى بن أبي كثير عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ عَن يعِيش بن الْوَلِيد عَن أَبِيه عَن معدان بن طَلْحَة (عَن أبي الدَّرْدَاء أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قاء فَأفْطر، قَالَ: فَلَقِيت ثَوْبَان فِي مَسْجِد دمشق، قلت: إِن أَبَا الدَّرْدَاء أَخْبرنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قاء فَأفْطر، فَقَالَ: صدق، أَنا صببت لَهُ وضوءه) .
ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَذهب قوم إِلَى أَن الصَّائِم إِذا قاء أفطر، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِهَذَا الحَدِيث.
قلت: أَرَادَ بالقوم: عَطاء وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبا ثَوْر.
ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ، وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ فَقَالُوا: إِن استقاء أفطر، وَإِن ذرعه الْقَيْء أَي: سبقه وَغلب عَلَيْهِ وَلم يفْطر، وَأَرَادَ بالآخرين: الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَابْن سِيرِين وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَالشعْبِيّ وعلقمة وَالثَّوْري وَأَبا حنيفَة وَأَصْحَابه ومالكا وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، ويروى ذَلِك عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَعبد الله بن عمر وَأبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَقد قَامَ الْإِجْمَاع على أَن من ذرعه الْقَيْء لَا قَضَاء عَلَيْهِ، وَنقل ابْن الْمُنْذر الْإِجْمَاع على أَن الاستقاء مفطر، وَنقل الْعَبدَرِي عَن أَحْمد أَنه قَالَ: من تقيأ فَاحِشا أفطر،.

     وَقَالَ  اللَّيْث وَالثَّوْري وَالْأَرْبَعَة بِالْقضَاءِ، وَعَلِيهِ الْجُمْهُور، وَعَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس: أَنه لَا يفْطر، وَلَكِن فِي (مُصَنف) ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاس: أَنه إِذا تقيأ أفطر، وَنقل ابْن التِّين عَن طَاوُوس عدم الْقَضَاء، قَالَ: وَبِه قَالَ ابْن بكير،.

     وَقَالَ  ابْن حبيب: لَا قَضَاء عَلَيْهِ فِي التَّطَوُّع دون الْفَرْض،.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو ثَوْر: عَلَيْهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة مثل كَفَّارَة الْأكل عَامِدًا فِي رَمَضَان، وَهُوَ قَول عَطاء، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث أبي الدَّرْدَاء الْمَذْكُور الَّذِي أخرجه ابْن حبَان وَالْحَاكِم أَيْضا فِي (صَحِيحَيْهِمَا) وَأجَاب أَبُو عمر: أَنه لَيْسَ بِالْقَوِيّ..
     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: قد يجوز أَن يكون قَوْله: (فَأفْطر) أَي: ضعف فَأفْطر، وَيجوز هَذَا فِي اللُّغَة يَعْنِي: يجوز هَذَا التَّقْدِير فِي اللُّغَة، لتضمن مثل ذَلِك لعلم السَّامع بِهِ كَمَا فِي حَدِيث فضَالة، وَلَكِنِّي قئت فضعفت عَن الصّيام فأفطرت، وَلَيْسَ فِيهِ أَن الْقَيْء كَانَ مُفطرا..
     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: معنى هَذَا الحَدِيث أَن انبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصبح صَائِما مُتَطَوعا فقاء فضعف فَأفْطر لذَلِك، هَكَذَا رُوِيَ فِي بعض الحَدِيث مُفَسرًا، وَأجَاب الْبَيْهَقِيّ بِأَن هَذَا الحَدِيث مُخْتَلف فِي إِسْنَاده فَإِن صَحَّ فَمَحْمُول على الْعَامِد، وَكَأَنَّهُ كَانَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مُتَطَوعا بصومه.

وَحَدِيث فضَالة رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ حَدثنَا ربيع الْمُؤَذّن، قَالَ: حَدثنَا أَسد قَالَ: حَدثنَا ابْن لَهِيعَة، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن أبي حبيب، قَالَ: حَدثنَا أَبُو مَرْزُوق عَن حَنش عَن فضَالة بن عبيد، قَالَ: دعى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشراب فَقَالَ لَهُ: ألم تصبح صَائِما يَا رَسُول الله؟ قَالَ: بلَى، وَلَكِن قئت) .
وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ أَيْضا، وَأَبُو مَرْزُوق اسْمه: حبيب بن الشَّهِيد، وَقيل: زَمعَة بن سليم، قَالَ الْعجلِيّ: مصري تَابِعِيّ ثِقَة، وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه، وحنش هُوَ ابْن عبد الله الصَّنْعَانِيّ، صنعاء دمشق، روى لَهُ الْجَمَاعَة غير البُخَارِيّ فَإِن قلت: ابْن لَهِيعَة فِيهِ مقَال؟ قلت: الطَّحَاوِيّ أخرجه من أَربع طرق: الأول: مَا ذَكرْنَاهُ الَّذِي فِيهِ ابْن لَهِيعَة والبقية عَن أبي بكرَة عَن روح وَعَن مُحَمَّد بن خُزَيْمَة عَن حجاج وَعَن حُسَيْن بن نصر عَن يحيى بن حسان، قَالُوا: حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن أبي مَرْزُوق عَن حَنش عَن فضَالة.
.
إِلَى آخِره،.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: وَالْعَمَل عِنْد أهل الْعلم على حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الصَّائِم إِذا ذرعه الْقَيْء فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ، وَإِذا استقاء عمدا فليقض، وَبِه يَقُول الشَّافِعِي وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأحمد وَإِسْحَاق..
     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: وَهُوَ قَول كل من يحفظ عَنهُ الْعلم، قَالَ: وَبِه أَقْوَال.
قَالَ أَصْحَابنَا: وَيَسْتَوِي فِيهِ ملْء الْفَم وَمَا دونه لإِطْلَاق حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَرْفُوع، فَإِن عَاد وَكَانَ ملْء الْفَم لَا يفْسد صَوْمه عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد، قَالَ فِي (الْمُحِيط) : وَهُوَ الصَّحِيح، وَذكر فَتى (قاضيخان) عَن مُحَمَّد وجده، وَعند أبي يُوسُف يفْسد وَإِن أَعَادَهُ، وَكَانَ أقل من ملْء الْفَم يفْسد عِنْد مُحَمَّد وَزفر، وَهَذَا إِذا تقيأ مرّة أَو طَعَاما أَو مَاء، فَإِن تقيأ ملْء فِيهِ بلغما لَا يفْسد عِنْدهمَا، خلافًا لأبي يُوسُف.

ويُذْكَرُ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّهُ يُفْطِرُ
يذكر على صِيغَة الْمَجْهُول عَلامَة التمريض، يَعْنِي: إِذا قاء الصَّائِم يفْطر، يَعْنِي: ينْتَقض صَوْمه، ذكره الْحَازِمِي عَنهُ رِوَايَة عَن بَعضهم، وَيُمكن الْجمع بَين قوليه بِأَن قَوْله: لَا يفْطر، يحمل على مَا فصل فِي حَدِيثه الْمَرْفُوع، وَيحمل قَوْله: أَنه يفْطر، على مَا إِذا تعمد الْقَيْء.

والأوَّلُ أصَحُّ أَي: عدم الْإِفْطَار أصح.
قَالَ: الْكرْمَانِي أَو الإيناد الأول؟ قلت: هُوَ قَوْله:.

     وَقَالَ  لي يحيى بن صَالح: حَدثنَا مُعَاوِيَة بن سَلام ... إِلَى آخِره.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ وعِكْرِمَةُ الْفِطْرُ مِمَّا دخَلَ ولَيْسَ مِمَّا خَرَجَ
هَذَانِ التعليقان رَوَاهُمَا ابْن أبي شيبَة.
فَالْأول: قَالَ: حَدثنَا وَكِيع عَن الْأَعْمَش عَن أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس فِي الْحجامَة للصَّائِم، فَقَالَ: الْفطر مِمَّا يدْخل وَلَيْسَ مِمَّا يخرج.
وَالثَّانِي: رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن هشيم عَن حُصَيْن عَن عِكْرِمَة مثله.

وكانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا يَحْتَجِمُ وهْوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَهُ فَكانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه احْتجم وَهُوَ صَائِم، ثمَّ ترك ذَلِك فَكَانَ إِذا صَامَ لم يحتجم حَتَّى يفْطر،.

     وَقَالَ  ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا ابْن علية عَن أَيُّوب عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ ... فَذكره، وَحدثنَا وَكِيع عَن هِشَام بن الْغَاز، وَحدثنَا ابْن إِدْرِيس عَن يزِيد عَن عبد الله عَن نَافِع بِزِيَادَة، فَلَا أَدْرِي لأي شَيْء تَركه كرهه أَو للضعف؟ وروى عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه: وَكَانَ ابْن عمر كثير الِاحْتِيَاط، فَكَأَنَّهُ ترك الْحجامَة نَهَارا لذَلِك.

واحْتَجَمَ أبُو مُوسَى لَيْلاً
أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، اسْمه: عبد الله بن قيس، هَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن أبي عدي عَن حميد عَن بكير بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن أبي الْعَالِيَة، قَالَ: دخلت على أبي مُوسَى وَهُوَ أَمِير الْبَصْرَة ممسيا فَوَجَدته يَأْكُل تَمرا وكامخا وَقد احْتجم، فَقلت لَهُ: أَلا تحتجم بنهار؟ قَالَ: أتأمرني أَن أهريق دمي وَأَنا صَائِم؟
ويُذْكَرُ عنْ سَعْدٍ وزَيْدِ بنِ أرْقَمَ وأُمِّ سَلَمَةَ احْتَجَمُوا صِياما
سعد هُوَ ابْن أبي وَقاص أحد الْعشْرَة، وَزيد بن أَرقم بن زيد الْأنْصَارِيّ الخزرجي، وَأم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ، وَاسْمهَا هِنْد بنت أبي أُميَّة.
قَوْله: (صياما) أَي: صَائِمين، نصب على الْحَال، وَإِنَّمَا ذكر هَذَا بِصِيغَة التمريض لسَبَب يظْهر بالتخريح.
أما أثر سعد فوصله مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) عَن ابْن شهَاب: أَن سعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن عمر كَانَا يحتجمان وهما صائمان، وَهَذَا مُنْقَطع عَن سعد، لَكِن ذكره أَبُو عمر من وَجه آخر عَن عَامر بن سعد عَن أَبِيه.
وَأما أثر زيد بن أَرقم فوصله عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن يُونُس بن عبد الله الْجرْمِي عَن دِينَار، حجمت زيد بن أَرقم، ودينار هُوَ الْحجام مولى جرم، بِفَتْح الْجِيم: لَا يعرف إلاَّ فِي هَذَا الْأَثر..
     وَقَالَ  أَبُو الْفَتْح الْأَزْدِيّ: لَا يَصح حَدِيثه.
وَأما أثر أم سَلمَة فوصله ابْن أبي شيبَة من طَرِيق الثَّوْريّ أَيْضا عَن فرات عَن مولى أم سَلمَة: أَنه رأى أم سَلمَة تحتجم وَهِي صَائِمَة، وفرات هُوَ ابْن أبي عبد الرَّحْمَن ثِقَة، وَلَكِن مولى أم سَلمَة مَجْهُول الْحَال.

وَقَالَ بُكيرٌ عنْ أُمَّ عَلقَمَةَ كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عائِشَةَ فَلا تَنْهَى
بكير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عبد الله بن الأشح، وَاسم أم عَلْقَمَة مرْجَانَة سَمَّاهَا البُخَارِيّ، وَذكرهَا ابْن حبَان فِي (الثِّقَات) ، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي تَارِيخه من طَرِيق مخرمَة بن بكير عَن أم عَلْقَمَة قَالَ: كُنَّا نحتجم عِنْد عَائِشَة وَنحن صِيَام، وَبَنُو أخي عَائِشَة فَلَا تنهاهم.
قَوْله: (فَلَا تنْهى) ، بِفَتْح التَّاء المثناء من فَوق، وَسُكُون النُّون أَي: فَلَا تنْهى عَائِشَة عَن الاحتجام.
ويروى: (فَلَا تُنْهَى) ، بِضَم النُّون الأولى الَّتِي للمتكلم مَعَ الْغَيْر، وَسُكُون الثَّانِيَة على صِيغَة الْمَجْهُول.

ويُرْوَى عنِ الحَسَنِ عنْ غَيْرِ واحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَرْفُوعا فَقَالَ أفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ
أَي: ويروى عَن الْحسن الْبَصْرِيّ عَن غير وَاحِد من الصَّحَابَة مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (فَقَالَ) بِالْفَاءِ، ويروى: قَالَ، بِدُونِ الْفَاء، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنه روى عَن الْحسن عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وهم أَبُو هُرَيْرَة وثوبان وَمَعْقِل بن يسَار وَعلي بن أبي طَالب وَأُسَامَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب عَن يُونُس عَن الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ،.
ثمَّ قَالَ: النَّسَائِيّ، ذكر اخْتِلَاف الناقلين لخَبر أبي هُرَيْرَة فِيهِ، ثمَّ روى من حَدِيث أبي عَمْرو عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، ثمَّ قَالَ: وَقفه إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، ثمَّ روى من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق آخر من حَدِيث شَقِيق بن ثَوْر عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: يُقَال: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، أما أَنا فَلَو احتجمت مَا باليت، أَبُو هُرَيْرَة يَقُول هَذَا) .
ثمَّ روى من حَدِيث عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَفِي لفظ عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة، وَلم يسمعهُ مِنْهُ، قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَفِي لفظ عَن عَطاء عَن رجل عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) .

وَأما حَدِيث: ثَوْبَان فَقَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ: روى حَدِيث (أفطر الحاجم والمحجوم) ، قَتَادَة عَن الْحسن عَن ثَوْبَان، وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة أبي قلَابَة أَن أَبَا أَسمَاء الرحي حَدثهُ: أَن ثَوْبَان مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرهُ أَنه سمع النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) .
وَأخرجه الْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك).

     وَقَالَ : صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ.

وَأما حَدِيث معقل بن يسَار فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة سُلَيْمَان بن معَاذ، (عَن عَطاء بن السَّائِب، قَالَ: شهد عِنْدِي نفر من أهل الْبَصْرَة مِنْهُم الْحسن عَن معقل بن يسَار، أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رأى رجلا يحتجم وَهُوَ صَائِم، فَقَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) .

وَأما حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة سعد بن أبي عرُوبَة عَن مطر عَن الْحسن عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) .

وَأما حَدِيث أُسَامَة بن زيد فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة أَشْعَث بن عبد الْملك عَن الْحسن عَن أُسَامَة بن زيد، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، قَالَ النَّسَائِيّ: وَلم يُتَابع أشعثَ أحدٌ علمناه على رِوَايَته..
     وَقَالَ  شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله: قد تَابعه عَلَيْهِ يُونُس بن عبيد، إلاَّ أَنه من رِوَايَة عبيد الله بن تَمام عَن يُونُس، رَوَاهُ الْبَزَّار فِي (زيادات الْمسند).

     وَقَالَ : وَعبيد الله هَذَا فَغير حَافظ.
انْتهى.

وَقد اخْتلف فِيهِ على الْحسن، فَقيل عَنهُ هَكَذَا، وَقيل: عَنهُ عَن ثَوْبَان، وَقيل: عَنهُ عَن عَليّ، وَقيل: عَنهُ عَن معقل بن يسَار، وَقيل: عَن معقل بن سِنَان، وَقيل: عَنهُ عَن أبي هُرَيْرَة، وَقيل: عَنهُ عَن سَمُرَة.
قَالَ شَيخنَا: وَيُمكن أَن يكون لَيْسَ باخْتلَاف، فقد رُوِيَ عَن الْحسن عَن رجال ذَوي عدد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاَّ أَن بعض من سمي من الصَّحَابَة لم يسمع مِنْهُ الْحسن، مِنْهُم: عَليّ وثوبان وَأَبُو هُرَيْرَة على مَا قيل،.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: حَدِيث أُسَامَة وَمَعْقِل بن سِنَان وَأبي هُرَيْرَة معلولة كلهَا، لَا يثبت مِنْهَا شَيْء من جِهَة النَّقْل.

وَاعْلَم أَنه قد رُوِيَ فِي هَذَا الْبابُُ عَن رَافع بن خديج عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَتفرد بِهِ، وَأخرجه الْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) وروى عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَالَ: لَا أعلم فِي الحاجم والمحجوم حَدِيثا أصح من هَذَا.
وَأخرجه الْبَزَّار فِي (زيادات الْمسند) من طَرِيق عبد الرَّزَّاق عَن معمر،.

     وَقَالَ : لَا نعلم يرْوى عَن رَافع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاَّ من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد..
     وَقَالَ  أَحْمد: تفرد بِهِ معمر، وَرُوِيَ أَيْضا عَن شَدَّاد بن أَوْس رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي قلَابَة عَن أبي الْأَشْعَث (عَن شَدَّاد بن أَوْس، أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، أَتَى عليَّ رجل بِالبَقِيعِ وَهُوَ آخذ بيَدي لثماني عشر خلت من رَمَضَان، فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَعَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، رَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة لَيْث عَن عَطاء عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَلَيْث هُوَ ابْن سليم مُخْتَلف فِيهِ، وَعَن ابْن عَبَّاس رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة قبيصَة بن عقبَة، حَدثنَا مطر عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَرَوَاهُ الْبَزَّار أَيْضا، قَالَ: وَرَوَاهُ غير وَاحِد عَن مطر عَن عَطاء مُرْسلا، وَعَن أبي مُوسَى رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي رَافع، قَالَ: دخلت على أبي مُوسَى.
.
الحَدِيث، وَفِيه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَعَن بِلَال، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة شهر عَن بِلَال عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَعَن ابْن عمر رَوَاهُ ابْن عدي من رِوَايَة نَافِع عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) .
وَعَن ابْن مَسْعُود رَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي (الضُّعَفَاء) من رِوَايَة الْأسود عَنهُ، قَالَ: (مر بِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجلَيْنِ يحجم أَحدهمَا الآخر، فاغتاب أَحدهمَا وَلم يُنكر عَلَيْهِ الآخر، فَقَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) .
وَعَن جَابر رَوَاهُ الْبَزَّار من رِوَايَة عَطاء عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) .
وَعَن سَمُرَة أَيْضا من رِوَايَة الْحسن عَن سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) .
وَعَن أبي زيد الْأنْصَارِيّ رَوَاهُ ابْن عدي من حَدِيث أبي قلَابَة عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَعَن أبي الدَّرْدَاء ذكره النَّسَائِيّ عِنْد ذكر طرق حَدِيث عَائِشَة فِي الِاخْتِلَاف على لَيْث، وَلما روى الطَّحَاوِيّ حَدِيث أبي رَافع وَعَائِشَة وثوبان وَشَدَّاد بن أَوْس وَأبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قَالَ: فَذهب قوم إِلَى أَن الْحجامَة تفطر الصَّائِم حاجما كَانَ أَو محجوما، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِهَذِهِ الْآثَار أَي: أَحَادِيث هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين.
قلت: أَرَادَ بالقوم هَؤُلَاءِ: عَطاء بن أبي رَبَاح وَالْأَوْزَاعِيّ ومسروقا وَمُحَمّد بن سِيرِين وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق، فَإِنَّهُم قَالُوا: الْحجامَة لَا تفطر مُطلقًا.
ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ، فَقَالُوا: لَا تفطر الْحجامَة حاجما أَو محجوما.
قلت: أَرَادَ بهم: عَطاء بن يسَار وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَعِكْرِمَة وَزيد بن أسلم وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأَبا الْعَالِيَة وَأَبا حنيفَة وَأَبا يُوسُف ومحمدا ومالكا وَالشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه إلاَّ ابْن الْمُنْذر فَإِنَّهُم قَالُوا: الْحجامَة لَا تفطر، ثمَّ قَالَ: وَمِمَّنْ روينَا عَنهُ ذَلِك من الصَّحَابَة سعد بن أبي وَقاص وَالْحُسَيْن بن عَليّ وَعبد الله بن مَسْعُود وَابْن زيد وَابْن عَبَّاس وَزيد بن أَرقم وَعبد الله بن عمر وَأنس بن مَالك وَعَائِشَة وَأم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

ثمَّ أجَاب الطَّحَاوِيّ عَن الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة بِأَنَّهُ: لَيْسَ فِيهَا مَا يدل على أَن الْفطر الْمَذْكُور فِيهَا كَانَ لأجل الْحجامَة، بل إِنَّمَا ذَلِك كَانَ لِمَعْنى آخر، وَهُوَ: أَن الحاجم والمحجوم كَانَا يغتابان رجلا، فَلذَلِك قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ، وَكَذَا قَالَ الشَّافِعِي، رَحمَه الله، فَحمل: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، بالغيبة على سُقُوط أجر الصَّوْم، وَجعل نَظِير ذَلِك أَن بعض الصَّحَابَة قَالَ للمتكلم يَوْم الْجُمُعَة: لَا جُمُعَة لَك، فَقَالَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صدق، وَلم يَأْمُرهُ بِالْإِعَادَةِ، فَدلَّ على أَن ذَلِك مَحْمُول على إِسْقَاط الْأجر.
قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَلَيْسَ إفطارهما ذَلِك كالإفطار بِالْأَكْلِ وَالشرب وَالْجِمَاع، وَلَكِن حَبط أجرهما باغتيابهما، فصارا بذلك كالمفطرين، لَا أَنه إفطار يُوجب عَلَيْهِمَا الْقَضَاء، وَهَذَا كَمَا قيل: الْكَذِب يفْطر الصَّائِم، لَيْسَ يُرَاد بِهِ الْفطر الَّذِي يُوجب الْقَضَاء، إِنَّمَا هُوَ على حبوط الْأجر.
قَالَ: وَهَذَا كَمَا يَقُول: فسق الْقَائِم، لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه فسق لأجل قِيَامه، وَلكنه فسق لِمَعْنى آخر غير الْقيام، ثمَّ روى بِإِسْنَادِهِ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: إِنَّا كرهنا الْحجامَة للصَّائِم من أحل الضعْف، وروى أَيْضا عَن حميد قَالَ سَأَلَ ثَابتا الْبنانِيّ أنس بن مَالك هَل كُنْتُم تَكْرَهُونَ الْحجامَة للصَّائِم؟ قَالَ: لَا إِلَّا من أجل الضعْف وَرُوِيَ أَيْضا عَن جَابر بن أبي جَعْفَر وَسَالم عَن سعيد ومغيرة عَن إِبْرَاهِيم وَلَيْث عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: إِنَّمَا كرهت الْحجامَة للصَّائِم مَخَافَة الضعْف.
انْتهى.

وَقد ذكرت وُجُوه أُخْرَى.
مِنْهَا مَا قيل: إِن فِيهَا التَّعَرُّض للإفطار، أما المحجوم فللضعف وَأما الحاجم فَلِأَنَّهُ لَا يُؤمن أَن يصل إِلَى جَوْفه من طعم الدَّم، وَهَذَا كَمَا يُقَال للرجل يتَعَرَّض للهلاك: قد هلك فلَان، وَإِن كَانَ سالما، وَكَقَوْلِه: من جعل قَاضِيا فقد ذبح بِغَيْر سكين، يُرِيد أَنه قد تعرض للذبح لَا أَنه ذبح حَقِيقَة.
وَمِنْهَا مَا قيل: إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بهما مسَاء، فَقَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، فَكَأَنَّهُ عُذْرهمَا بِهَذَا، أَو كَانَا أمسيا ودخلا فِي وَقت الْإِفْطَار، قَالَه الْخطابِيّ.
وَمِنْهَا مَا قيل: إِن هَذَا على التَّغْلِيظ لَهما، كَقَوْلِه: (من صَامَ الدَّهْر لَا صَامَ وَلَا أفطر) .
وَمِنْهَا مَا قيل: إِن مَعْنَاهُ: جَازَ لَهما أَن يفطرا كَقَوْلِه: أحصد الزَّرْع، إِذا حَان أَن يحصد.
وَمِنْهَا مَا قيل: إِن أَحَادِيث الحاجم والمحجوم مَنْسُوخَة بِحَدِيث ابْن عَبَّاس الَّذِي يَأْتِي عَن قريب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

وَقَالَ لِي عَيَّاش قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الأعْلَى قَالَ حدَّثنا يُونُس عنِ الحَسَنِ مِثْلَهُ قِيلَ لَهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ الله أعلم
عَيَّاش، بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره شين مُعْجمَة: ابْن الْوَلِيد الرقام الْقطَّان، أَبُو الْوَلِيد الْبَصْرِيّ، وَعبد الْأَعْلَى ابْن عبد الْأَعْلَى الشَّامي الْقرشِي الْبَصْرِيّ، وَيُونُس هُوَ بن عبيد بن دِينَار الْبَصْرِيّ التَّابِعِيّ، يروي عَن الْحسن الْبَصْرِيّ التَّابِعِيّ والإسناد كُله بصريون.

قَوْله: (مثله) ، أَي: مثل مَا ذكر من (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَقد أخرجه البُخَارِيّ فِي (تَارِيخه) وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيقه، قَالَ: حَدثنِي عَيَّاش ... فَذكره.
قَوْله: (قيل لَهُ) أَي: الْحسن (عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الَّذِي تحدث بِهِ من أفطر الحاجم والمحجوم؟ ، قَالَ: نعم من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَشَارَ بقوله: (الله أعلم) إِلَى أَنه ترددا فِي ذَلِك وَلم يجْزم بِالرَّفْع..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: (وَالله أعلم) ، يسْتَعْمل فِي مقَام التَّرَدُّد، وَلَفظ: نعم، حَيْثُ قَالَ أَولا يدل على الْجَزْم.
ثمَّ قَالَ: قلت: جزم حَيْثُ سَمعه مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحَيْثُ كَانَ خبر الْوَاحِد غير مُفِيد لليقين أظهر التَّرَدُّد فِيهِ، أَو حصل لَهُ بعد الْجَزْم تردد، أَو لَا يلْزم أَن يكون اسْتِعْمَاله للتردد.
وَالله أعلم..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَحمل الْكرْمَانِي مَا جزمه على وثوقه بِخَبَر من أخبر بِهِ، وتردده لكَونه خبر وَاحِد فَلَا يُفِيد الْيَقِين، وَهُوَ حمل فِي غَايَة الْبعد.
انْتهى.
قلت: استبعاده فِي غَايَة الْبعد، لِأَن من سمع خَبرا مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من رُوَاة ثِقَات يجْزم بِصِحَّتِهِ، ثمَّ إِنَّه إِذا نظر إِلَى كَونه أَنه خبر وَاحِد وَأَنه لَا يُفِيد الْيَقِين يحصل لَهُ التَّرَدُّد بِلَا شكّ، وَقد أجَاب الْكرْمَانِي بِثَلَاثَة أجوبة، فجَاء هَذَا الْقَائِل واستبعد أحد الْأَجْوِبَة من غير بَيَان وَجه الْبعد، وَسكت عَن الآخرين.



[ قــ :1855 ... غــ :1938 ]
- حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ قَالَ حدَّثنا وُهَيْبٌ عنْ أيُّوبَ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عنهُمَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتَجَمَ وهْوَ مُحرِمٌ واحْتَجَمَ وهْوَ صَائِمٌ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد ذكرُوا، فمعلى، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد اللَّام الْمَفْتُوحَة، مر فِي الْحيض، ووهيب تَصْغِير وهب مر غير مرّة، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ كَذَلِك.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة عبد الْوَارِث وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة حَمَّاد بن زيد مُتَّصِلا، ومرسلاً من غير ذكر ابْن عَبَّاس، وَرَوَاهُ مُرْسلا من رِوَايَة إِسْمَاعِيل ابْن علية وَمعمر عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة، وَمن رِوَايَة جَعْفَر بن ربيعَة عَن عِكْرِمَة مُرْسلا، وروى التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة مقسم (عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، احْتجم فِيمَا بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَهُوَ محرم صَائِم) .
وَرَوَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ عَن حبيب بن الشَّهِيد عَن مَيْمُون بن مهْرَان (عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، احْتجم وَهُوَ صَائِم) ..
     وَقَالَ : هدا حَدِيث حسن غَرِيب، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ وَزَاد: وَهُوَ محرم،.

     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث مُنكر لَا أعلم أحدا رَوَاهُ عَن حبيب غير الْأنْصَارِيّ، وَلَعَلَّه أَرَادَ أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تزوج مَيْمُونَة.

وَقَالَ: وَفِي الْبابُُ عَن أبي سعيد وَجَابِر وَأنس قلت: وَعَن ابْن عمر أَيْضا وَعَائِشَة ومعاذ وَأبي مُوسَى.
أما حَدِيث أبي سعيد فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي المتَوَكل (عَن أبي سعيد، قَالَ: رخص رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الْقبْلَة للصَّائِم والحجامة) .
وَأما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة أبي الزبير عَنهُ: (أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، احْتجم وَهُوَ صَائِم) .
وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة ثَابت عَنهُ وَفِيه: (ثمَّ رخص النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد فِي الْحجامَة للصَّائِم) .
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) من رِوَايَة نَافِع عَنهُ قَالَ: (احْتجم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ صَائِم محرم، وَأعْطى الْحجام أجره) .
وَأما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي (الْعِلَل) من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَنْهَا: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم وَهُوَ صَائِم) ..
     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث بَاطِل، وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز ضَعِيف.
وَأما حَدِيث معَاذ فَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي (الضُّعَفَاء) من حَدِيث جُبَير بن نفير عَنهُ (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم وَهُوَ صَائِم) .
وَأما حَدِيث أبي مُوسَى فَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي (الْعِلَل) عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول وَهُوَ مُحَمَّد بن سَلمَة فِي الحَدِيث الَّذِي يرويهِ عَن زِيَاد بن أبي مَرْيَم أَنه دخل على أبي مُوسَى وَهُوَ يحتجم وَهُوَ صَائِم، وَقد مر حَدِيث أبي مُوسَى فِي هَذَا الْبابُُ، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة.
وَقد ذكرنَا عَن قريب أَن أَحَادِيث: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، مَنْسُوخَة.

قَالَ الْمُنْذِرِيّ: حَدِيث ابْن عَبَّاس نَاسخ، لِأَن فِي حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي عَام الْفَتْح فِي رَمَضَان لرجل كَانَ يحتجم: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَالْفَتْح كَانَ فِي سنة ثَمَان.
وَحَدِيث ابْن عَبَّاس كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع فِي سنة عشر فَهُوَ مُتَأَخّر ينْسَخ الْمُتَقَدّم، فَإِن ابْن عَبَّاس لم يصحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم إلاَّ فِي حجَّة الْإِسْلَام، وَفِي حجَّة الْفَتْح لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محرما، وَقد أَشَارَ الإِمَام الشَّافِعِي إِلَى هَذَا.
وَمِمَّا يُصَرح فِيهِ بالنسخ حَدِيث أنس بن مَالك، أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عمر بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم النَّيْسَابُورِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن خَالِد بن زيد الرَّاسِبِي حَدثنَا مَسْعُود بن جويرة: حَدثنَا الْمعَافي بن عمرَان عَن ياسين الزيات عَن يزِيد الرقاشِي (عَن أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم وَهُوَ صَائِم بَعْدَمَا قَالَ: أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَهَذَا صَرِيح بانتساخ حَدِيث: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَاعْترض ابْن خُزَيْمَة بِأَن فِي هَذَا الحَدِيث يَعْنِي حَدِيث الْبابُُ أَنه كَانَ صَائِما محرما.
قَالَ: وَلم يكن قطّ محرما مُقيما بِبَلَدِهِ، إِنَّمَا كَانَ محرما وَهُوَ مُسَافر، وللمسافر إِن كَانَ نَاوِيا للصَّوْم فَمضى عَلَيْهِ بعض النَّهَار وَهُوَ صَائِم، الْأكل وَالشرب على الصَّحِيح، فَإِذا جَازَ لَهُ ذَلِك جَازَ لَهُ أَن يحتجم وَهُوَ مُسَافر.
قَالَ: وَلَيْسَ فِي خبر ابْن عَبَّاس مَا يدل على إفطار المحجوم، فضلا عَن الحاجم.
وَأجِيب: بِأَن الحَدِيث مَا ورد هَكَذَا إلاَّ لفائدة، فَالظَّاهِر أَنه وجدت مِنْهُ الْحجامَة وَهُوَ صَائِم لم يتَحَلَّل من صَوْمه، وَاسْتمرّ..
     وَقَالَ  ابْن حزم: صَحَّ حَدِيث (أفطر الحاجم والمحجوم) ، بِلَا ريب فِيهِ، لَكِن وجدنَا من حَدِيث أبي سعيد (أرخص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محرما فِي الْحجامَة للصَّائِم) ، وَإِسْنَاده صَحِيح، فَوَجَبَ الْأَخْذ بِهِ لِأَن الرُّخْصَة إِنَّمَا تكون بعد الْعَزِيمَة، فَدلَّ على نسخ الْفطر بالحجامة سَوَاء كَانَ حاجما أَو محجوما، وَقد مر حَدِيث أبي سعيد عَن قريب.