هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1769 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ ، فَقَالَتْ : إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1769 حدثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، قال : كان الفضل رديف النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاءت امرأة من خثعم ، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر ، فقالت : إن فريضة الله أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : نعم وذلك في حجة الوداع
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated 'Abdullah bin 'Abbas (ra): Al Fadl was riding behind the Prophet (ﷺ) (ﷺ) and a woman from the tribe of Khath'am came up. Al Fadl started looking at her and she looked at him. The Prophet (ﷺ) (ﷺ) turned Al-Fadl's face to the other side. She said, My father has come under Allah's obligation of performing Hajj but he is very old man and cannot sit properly on his Rahila (mount). Shall I perform Hajj on his behalf ? The Prophet (ﷺ) (ﷺ) replied affirmative. That happened during Hajjat-ul-Wada' of the Prophet (ﷺ) (ﷺ).

'AbdulLâh ibn 'Abbâs () dit: «AlFadI était en croupe du Prophète () lorsqu'une femme de Khath'am se présenta. Et alFad! de commencer à la regarder; elle aussi, elle le regardait. Le Prophète () se mit alors à détourner le visage d'alFad! de l'autre côté. Aussitôt, la femme dit: L'obligation [du hajj par] Allah a été prescrite alors que mon père était un vieillard avancé dans l'âge ne pouvant se tenir sur une monture; puisje faire le hajj à sa place? — Oui, répondit le Prophère (). Cela se passait durant le pèlerinage de l'Adieu.»

":"ہم سے عبداللہ بن مسلمہ نے بیان کیا ، ان سے امام مالک نے ، ان سے ابن شہاب زہری نے ، ان سے سلیمان بن یسار نے ، ان سے عبداللہ بن عباس رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہفضل بن عباس رضی اللہ عنہما رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی سواری پر پیچھے بیٹھے ہوئے تھے ۔ اتنے میں قبیلہ خشعم کی ایک عورت آئی ۔ فضل رضی اللہ عنہ اس کو دیکھنے لگے اور وہ فضل رضی اللہ عنہ کو دیکھنے لگی ۔ اس لیے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم فضل کا چہرہ دوسری طرف پھیرنے لگے ، اس عورت نے کہا کہ اللہ کا فریضہ ( حج ) نے میرے بوڑھے والد کو اس حالت میں پا لیا ہے کہ وہ سواری پر بیٹھ بھی نہیں سکتے تو کیا میں ان کی طرف سے حج کر سکتی ہوں ، آپ نے فرمایا کہ ہاں ۔ یہ حجۃ الوداع کا واقعہ ہے ۔

'AbdulLâh ibn 'Abbâs () dit: «AlFadI était en croupe du Prophète () lorsqu'une femme de Khath'am se présenta. Et alFad! de commencer à la regarder; elle aussi, elle le regardait. Le Prophète () se mit alors à détourner le visage d'alFad! de l'autre côté. Aussitôt, la femme dit: L'obligation [du hajj par] Allah a été prescrite alors que mon père était un vieillard avancé dans l'âge ne pouvant se tenir sur une monture; puisje faire le hajj à sa place? — Oui, répondit le Prophère (). Cela se passait durant le pèlerinage de l'Adieu.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1855] .

     قَوْلُهُ  كَانَ الْفضل يَعْنِي بن عَبَّاسٍ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ الْعَبَّاسِ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى .

     قَوْلُهُ  رَدِيفَ زَادَ شُعَيْبٌ عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ قَبِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ .

     قَوْلُهُ  فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فِيرِوَايَةِ شُعَيْبٍ وَكَانَ الْفَضْلُ رَجُلًا وَضِيئًا أَيْ جَمِيلًا وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ وَضِيئَةٌ فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا .

     قَوْلُهُ  يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِذَقَنِ الْفَضْلِ فَدَفَعَ وَجْهَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَكَانَ الْفَضْلُ غُلَامًا جَمِيلًا فَإِذَا جَاءَتِ الْجَارِيَةُ مِنْ هَذَا الشِّقِّ صَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ فَإِذَا جَاءَتْ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْهَا.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ رَأَيْتُ غُلَامًا حَدَثًا وَجَارِيَةً حَدَثَةً فَخَشِيتُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَهُمَا الشَّيْطَانُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشُعَيْبٍ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ إِنَّ أَبِي أدْركهُ الْحَج واتفقت الرِّوَايَات كلهَا عَن بن شِهَابٍ عَلَى أَنَّ السَّائِلَةَ كَانَتِ امْرَأَةً وَأَنَّهَا سَأَلَتْ عَنْ أَبِيهَا وَخَالَفَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ فَاتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَنْهُ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ رَجُلٌ ثُمَّ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ أَمَّا إِسْنَادُهُ فَقَالَ هُشَيْمٌ عَنْهُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْهُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَن الْفضل أخرجهُمَا النَّسَائِيّ.

     وَقَالَ  بن عُلَيَّةَ عَنْهُ عَنْ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي أَحَدُ ابْنَيِ الْعَبَّاسِ إِمَّا الْفَضْلُ وَإِمَّا عَبْدُ اللَّهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.

.
وَأَمَّا الْمَتْنُ فَقَالَ هُشَيْمٌ إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ فَقَالَ أَن أبي مَاتَ.

     وَقَالَ  بن سِيرِينَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ أُمِّي عَجُوزٌ كَبِيرَة.

     وَقَالَ  بن عُلَيَّةَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ أَبِي أَوْ أُمِّي وَخَالَفَ الْجَمِيعَ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ إِنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَنْ أُمِّهَا وَهَذَا الِاخْتِلَافُ كُلُّهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي سِيَاقِ غَيْرِهِ فَإِذَا كُرَيْبٌ قَدْ رَوَاهُ عَنِ بن عَبَّاسٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَوْفٍ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ.

.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَج وَإِذا عَطاء الخرساني قَدْ رَوَى عَنْ أَبِي الْغَوْثِ بْنِ حُصَيْنٍ الْخَثْعَمِيِّ أَنَّهُ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَجَّةٍ كَانَتْ عَلَى أَبِيهِ أَخْرَجَهُمَا بن مَاجَهْ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَقْوَى إِسْنَادًا وَهَذَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ هُشَيْمٍ فِي أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ رَجُلٌ سَأَلَ عَنْ أَبِيهِ وَيُوَافِقُهُ مَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ ويوافقهما مُرْسل الْحسن عِنْد بن خُزَيْمَةَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ لَمْ يَحُجَّ الْحَدِيثَ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عَوْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ إِنَّ السَّائِلَ سَأَلَ عَن أمه قلت وَهَذَا يُوَافق رِوَايَة بن سِيرِينَ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ كَمَا تَقَدَّمَ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ أَنَّ السَّائِلَ رَجُلٌ وَكَانَتِ ابْنَتُهُ مَعَهُ فَسَأَلَتْ أَيْضًا وَالْمَسْئُولُ عَنْهُ أَبُو الرَّجُلِ وَأُمُّهُ جَمِيعًا وَيُقَرِّبُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَير عَن بن عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْرَابِيٌّ مَعَهُ بِنْتٌ لَهُ حَسْنَاءُ فَجَعَلَ الْأَعْرَابِيُّ يَعْرِضُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَاءَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ إِلَيْهَا وَيَأْخُذُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِي فَيَلْوِيهِ فَكَانَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّابَّةِ إِنَّ أَبِي لَعَلَّهَا أَرَادَتْ بِهِ جَدَّهَا لِأَنَّ أَبَاهَا كَانَ مَعَهَا وَكَأَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْمَعَ كَلَامَهَا وَيَرَاهَا رَجَاءَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا لَمْ يَرْضَهَا سَأَلَ أَبُوهَا عَنْ أَبِيهِ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَسْأَلَ أَيْضًا عَنْ أُمِّهِ وَتَحَصَّلَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ اسْمَ الرَّجُلِ حُصَيْنُ بْنُ عَوْفٍ الْخَثْعَمِيُّ.

.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ أَبُو الْغَوْثِ بْنُ حُصَيْنٍ فَإِنَّ إِسْنَادَهَا ضَعِيفٌ وَلَعَلَّهُ كَانَ فِيهِ عَنْ أَبِي الْغَوْثِ حُصَيْنٍ فَزِيدَ فِي الرِّوَايَةِ بْنُ أَوْ أَنَّ أَبَا الْغَوْثِ أَيْضًا كَانَ مَعَ أَبِيهِ حُصَيْنٍ فَسَأَلَ كَمَا سَأَلَ أَبُوهُ وَأُخْتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ وَهُوَأَبُو رَزِينٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وكَسْرِ الزَّايِ الْعُقَيْلِيُّ بِالتَّصْغِيرِ وَاسْمُهُ لَقِيطُ بْنُ عَامِرٍ فَفِي السُّنَنِ وصحيح بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ قَالَ حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ وَهَذِهِ قِصَّةٌ أُخْرَى وَمَنْ وَحَّدَ بَينهمَا وَبَيْنَ حَدِيثِ الْخَثْعَمِيِّ فَقَدْ أَبْعَدَ وَتَكَلَّفَ .

     قَوْلُهُ  شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَالَ الطَّيِّبِيّ شَيخا حَال وَلَا يَثْبُتُ صِفَةٌ لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيْضًا وَيَكُونَ مِنَ الْأَحْوَالِ الْمُتَدَاخِلَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِأَنْ أَسْلَمَ وَهُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَقَولُهُ لَا يَثْبُتُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشُعَيْبٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَة لَا يسْتَمْسك على الرحل وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ مِنَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ شَدَدْتُهُ خَشِيتُ أَنْ يَمُوتَ وَكَذَا فِي مُرْسل الْحسن وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد بن خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ وَإِنْ شَدَدْتُهُ بِالْحَبْلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ خَشِيتُ أَنْ أَقْتُلَهُ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَوِ الْأَمْنِ عَلَيْهِ مِنَ الْأَذَى لَوْ رُبِطَ لَمْ يُرَخَّصْ لَهُ فِي الْحَجِّ عَنْهُ كَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى مَحْمِلٍ مُوَطَّأٍ كَالْمِحَفَّةِ .

     قَوْلُهُ  أَفَأَحُجُّ عَنْهُ أَيْ أَيَجُوزُ لِي أَنْ أَنُوبَ عَنْهُ فَأَحُجَّ عَنْهُ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا الْهَمْزَةُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشُعَيْبٍ فَهَلْ يَقْضِي عَنْهُ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَلْ يُجْزِئُ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ نَعَمْ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ وَاسْتدلَّ الْكُوفِيُّونَ بِعُمُومِهِ على جَوَاز صِحَة حج مَنْ لَمْ يَحُجَّ نِيَابَةً عَنْ غَيْرِهِ وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ فَخَصُّوهُ بِمَنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي السّنَن وصحيح بن خُزَيْمَة وَغَيره من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُلَبِّي عَنْ شُبْرُمَةَ فَقَالَ أَحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ فَقَالَ لَا قَالَ هَذِهِ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ احْجُجْ عَنْ شُبْرُمَةَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ تَكُونُ بِالْغَيْرِ كَمَا تَكُونُ بِالنَّفْسِ وَعَكَسَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِنَفْسِهِ لَمْ يُلَاقِهِ الْوُجُوبَ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنَ السَّائِلِ عَلَى جِهَةِ التَّبَرُّعِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ تَصْرِيحٌ بِالْوُجُوبِ وَبِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهَا كَالصَّلَاةِ وَقَدْ نَقَلَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ النِّيَابَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ قَالُوا وَلِأَنَّ الْعِبَادَاتِ فُرِضَتْ عَلَى جِهَةِ الِابْتِلَاءِ وَهُوَ لَا يُوجَدُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ إِلَّا بِإِتْعَابِ الْبَدَنِ فَبِهِ يَظْهَرُ الِانْقِيَادُ أَوِ النُّفُورُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ الِابْتِلَاءَ فِيهَا بِنَقْصِ الْمَالِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالنَّفْسِ وَبِالْغَيْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قِيَاسَ الْحَجِّ عَلَى الصَّلَاةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ عِبَادَةَ الْحَجِّ مَالِيَّةٌ بَدَنِيَّةٌ مَعًا فَلَا يَتَرَجَّحُ إِلْحَاقُهَا بِالصَّلَاةِ عَلَى إِلْحَاقِهَا بِالزَّكَاةِ وَلِهَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ مَنْ غَلَّبَ حُكْمَ الْبَدَنِ فِي الْحَجِّ أَلْحَقَهُ بِالصَّلَاةِ وَمَنْ غَلَّبَ حُكْمَ الْمَالِ أَلْحَقَهُ بِالصَّدَقَةِ وَقَدْ أَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ الْحَجَّ عَنِ الْغَيْرِ إِذَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَبِأَنَّ حَصْرَ الِابْتِلَاءِ فِي الْمُبَاشَرَةِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْآمِرِ مِنْ بَذْلِهِ الْمَالَ فِي الْأُجْرَةِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ لَا حُجَّةَ لِلْمُخَالِفِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّ قَوْلَهُ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ إِلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّ إِلْزَامَ اللَّهِ عِبَادَهُ بِالْحَجِّ الَّذِي وَقَعَ بِشَرْطِ الِاسْتِطَاعَةِ صَادَفَ أَبِي بِصِفَةِ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ فَهَلْ أَحُجُّ عَنْهُ أَيْ هَلْ يَجُوزُ لِي ذَلِكَ أَوْ هَلْ فِيهِ أَجْرٌ وَمَنْفَعَةٌ فَقَالَ نَعَمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ التَّصْرِيحَ بِالسُّؤَالِ عَنِ الْإِجْزَاءِ فَيَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ وَتَقَدَّمَ فِي بَعْضِ طُرُقِ مُسْلِمٍ إِنَّ أَبِي عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ وَلِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْخَثْعَمِيَّةِ كَمَا اخْتُصَّ سَالِمٌ مَوْلَى أبي حُذَيْفَة بِجَوَاز ارضاع الْكَبِير حَكَاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ لِذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ صَاحِبُ الْوَاضِحَةِ بِإِسْنَادَيْنِ مُرْسَلَيْنِ فَزَادَ فِي الْحَدِيثِ حُجَّ عَنْهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِضَعْفِ الْإِسْنَادَيْنِ مَعَ إِرْسَالِهِمَا وَقَدْ عَارَضَهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِالْجُهَنِيَّةِ الْمَاضِي فِي الْبَابِ اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ وَادَّعَى آخَرُونَ مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالِابْنِ يَحُجُّ عَنْ أَبِيهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ جُمُودٌ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ رَأَى مَالِكٌ أَنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ الْخثْعَمِيَّةِ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ فَرَجَّحَ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ وَلَا شَكَّ فِي تَرْجِيحِهِ مِنْ جِهَةِ تَوَاتُرِهِ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ قَوْلُ امْرَأَةٍ ظَنَّتْ ظَنًّا قَالَ وَلَا يُقَالُ قَدْ أَجَابَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُؤَالِهَا وَلَوْ كَانَ ظَنُّهَا غَلَطًا لَبَيَّنَهُ لَهَا لِأَنَّا نَقُولُ إِنَّمَا أَجَابَهَا عَنْ قَوْلِهَا أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ حُجِّي عَنْهُ لِمَا رَأَى مِنْ حِرْصِهَا عَلَى إِيصَالِ الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ لِأَبِيهَا اه وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي تَقْرِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا عَلَى ذَلِكَ حُجَّةً ظَاهِرَةً.

.
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَزَادَ فِي الْحَدِيثِ حَجَّ عَنْ أَبِيكَ فَإِنْ لَمْ يَزِدْهُ خَيْرًا لَمْ يَزِدْهُ شَرًّا فَقَدْ جَزَمَ الْحُفَّاظُ بِأَنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا فَلَا حُجَّةَ فِيهَا لِلْمُخَالِفِ وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنِ اسْتَقَرَّ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْعَضْبِ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَلِلْجُمْهُورِ ظَاهِرُ قِصَّةِ الْخثْعَمِيَّةِ وَأَنَّ مَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ وَقَعَ الْحَجُّ عَنِ الْمُسْتَنِيبِ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَقَالَ يَقَعُ عَنِ الْمُبَاشِرِ وَلِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا أَذَاعُوا فِي الْمَعْضُوبِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَيْئُوسًا مِنْهُ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى إِيجَابِ حَجَّتَيْنِ وَاتَّفَقَ مَنْ أَجَازَ النِّيَابَةَ فِي الْحَجِّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ فِي الْفَرْضِ إِلَّا عَنْ مَوْتٍ أَوْ عَضْبٍ فَلَا يَدْخُلُ الْمَرِيضُ لِأَنَّهُ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَلَا الْمَجْنُونُ لِأَنَّهُ تُرْجَى إِفَاقَتُهُ وَلَا الْمَحْبُوسُ لِأَنَّهُ يُرْجَى خَلَاصُهُ وَلَا الْفَقِيرُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِغْنَاؤُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا جَوَازُ الِارْتِدَافِ وَسَيَأْتِي مَبْسُوطًا قُبَيْلَ كِتَابِ الْأَدَبِ وَارْتِدَافُ الْمَرْأَةِ مَعَ الرَّجُلِ وَتَوَاضُعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْزِلَةُ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ وَبَيَانُ مَا رُكِّبَ فِي الْآدَمِيِّ مِنَ الشَّهْوَةِ وَجُبِلَتْ طِبَاعُهُ عَلَيْهِ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الصُّوَرِ الْحَسَنَةِ وَفِيهِ مَنْعُ النَّظَرِ إِلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ وَغَضُّ الْبَصَرِ قَالَ عِيَاضٌ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ إِلَّا عِنْدَ خَشْيَةِ الْفِتْنَةِ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ غَطَّى وَجْهَ الْفَضْلِ أَبْلَغُ مِنَ الْقَوْلِ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّ الْفَضْلَ لَمْ يَنْظُرْ نَظَرًا يُنْكَرُ بَلْ خَشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَئُولَ إِلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْأَمْرِ بِإِدْنَاءِ الْجَلَابِيبِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّفْرِيقُ بَيْنُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ وَجَوَازُ كَلَامِ الْمَرْأَةِ وَسَمَاعِ صَوْتِهَا لِلْأَجَانِبِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالِاسْتِفْتَاءِ عَنِ الْعِلْمِ وَالتَّرَافُعِ فِي الْحُكْمِ وَالْمُعَامَلَةِ وَفِيهِ أَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا فَيَجُوزُ لَهَا كشفه فِي الْإِحْرَام وروى أَحْمد وبن خُزَيْمَة من وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْفَضْلِ حِينَ غَطَّى وَجْهَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ هَذَا يَوْمٌ مَنْ مَلَكَ فِيهِ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَلِسَانَهُ غُفِرَ لَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا النِّيَابَةُ فِي السُّؤَالِ عَنِ الْعِلْمِ حَتَّى مِنَ الْمَرْأَةِ عَنِ الرَّجُلِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَأَنَّ الْمَحْرَمَ لَيْسَ مِنَ السَّبِيلِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْحَجِّ لَكِنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ أَبِيهَا قَدْ يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَالِاعْتِنَاءُ بِأَمْرِهِمَا وَالْقِيَامُ بِمَصَالِحِهِمَا مِنْ قَضَاءِ دَيْنٍ وَخِدْمَةٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ لِكَوْنِ الْخثْعَمِيَّةِ لَمْ تَذْكُرْهَا وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ تَرْكِ السُّؤَالِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِاسْتِفَادَةِ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْحَجِّ وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَبُوهَا قَدِ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث أبي رزين كَمَا تقدم.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ حَدِيثُ الْخثْعَمِيَّةِ أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ فِي الْحَجِّ خَارِجٌ عَنِ الْقَاعِدَةِ الْمُسْتَقِرَّةِ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى رِفْقًا مِنَ اللَّهِ فِي اسْتِدْرَاكِ مَا فَرَّطَ فِيهِ الْمَرْءُ بِوَلَدِهِ وَمَالِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ فِي عُمُومِ السَّعْيِ وَبِأَنَّ عُمُوم السَّعْي فِي الْآيَة مَخْصُوص اتِّفَاقًا( قَولُهُ بَابُ حَجِّ الصِّبْيَانِ) أَيْ مَشْرُوعِيَّتُهُ وَكَأَنَّ الْحَدِيثَ الصَّرِيحَ فِيهِ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ كُرَيْبٍ عَن بن عَبَّاس قَالَ رفعت امْرَأَة صَبيا لَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نعم وَلَك أجر قَالَ بن بَطَّالٍ أَجْمَعَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى عَلَى سُقُوطِ الْفَرْضِ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا حُجَّ بِهِ كَانَ لَهُ تَطَوُّعًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ إِحْرَامُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا يُحَجُّ بِهِ عَلَى جِهَةِ التَّدْرِيبِ وَشَذَّ بَعْضُهُمْ فَقَالَ إِذَا حَجَّ الصَّبِيُّ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ نَعَمْ فِي جَوَابِ أَلِهَذَا حَجٌّ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِذَلِكَ بَلْ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ زعم أَنه لَا حج لَهُ لِأَن بن عَبَّاسٍ رَاوِي الْحَدِيثِ قَالَ أَيُّمَا غُلَامٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى ثُمَّ سَاقَهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ قَالَ بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثّقل بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَالْقَاف وَيجوز اسكانها أَي الامتعة وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ مَنْ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ هُنَا أَن بن عَبَّاسٍ كَانَ دُونَ الْبُلُوغِ وَلِهَذِهِ النُّكْتَةِ أَرْدَفَهُ الْمُصَنِّفُ بِحَدِيثِهِ الْآخَرِ الْمُصَرِّحِ فِيهِ بِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ قَدْ قَارَبَ الِاحْتِلَامَ ثُمَّ بَيَّنَ بِالطَّرِيقِ الْمُعَلَّقَةِ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ مِنْ كِتَابِ الْعِلْمِ وَفِي بَاب ستْرَة الْمُصَلِّي من كتاب الصَّلَاة وَقَوله

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ حَجِّ الْمَرْأَةِ عَنِ الرَّجُلِ)
تَقَدَّمَ نَقْلُ الْخِلَافِ فِيهِ قَبْلَ بَابٍ

[ قــ :1769 ... غــ :1855] .

     قَوْلُهُ  كَانَ الْفضل يَعْنِي بن عَبَّاسٍ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ الْعَبَّاسِ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى .

     قَوْلُهُ  رَدِيفَ زَادَ شُعَيْبٌ عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ قَبِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ .

     قَوْلُهُ  فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ وَكَانَ الْفَضْلُ رَجُلًا وَضِيئًا أَيْ جَمِيلًا وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ وَضِيئَةٌ فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا .

     قَوْلُهُ  يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِذَقَنِ الْفَضْلِ فَدَفَعَ وَجْهَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَكَانَ الْفَضْلُ غُلَامًا جَمِيلًا فَإِذَا جَاءَتِ الْجَارِيَةُ مِنْ هَذَا الشِّقِّ صَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ فَإِذَا جَاءَتْ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْهَا.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ رَأَيْتُ غُلَامًا حَدَثًا وَجَارِيَةً حَدَثَةً فَخَشِيتُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَهُمَا الشَّيْطَانُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشُعَيْبٍ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ إِنَّ أَبِي أدْركهُ الْحَج واتفقت الرِّوَايَات كلهَا عَن بن شِهَابٍ عَلَى أَنَّ السَّائِلَةَ كَانَتِ امْرَأَةً وَأَنَّهَا سَأَلَتْ عَنْ أَبِيهَا وَخَالَفَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ فَاتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَنْهُ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ رَجُلٌ ثُمَّ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ أَمَّا إِسْنَادُهُ فَقَالَ هُشَيْمٌ عَنْهُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْهُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَن الْفضل أخرجهُمَا النَّسَائِيّ.

     وَقَالَ  بن عُلَيَّةَ عَنْهُ عَنْ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي أَحَدُ ابْنَيِ الْعَبَّاسِ إِمَّا الْفَضْلُ وَإِمَّا عَبْدُ اللَّهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.

.
وَأَمَّا الْمَتْنُ فَقَالَ هُشَيْمٌ إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ فَقَالَ أَن أبي مَاتَ.

     وَقَالَ  بن سِيرِينَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ أُمِّي عَجُوزٌ كَبِيرَة.

     وَقَالَ  بن عُلَيَّةَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ أَبِي أَوْ أُمِّي وَخَالَفَ الْجَمِيعَ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ إِنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَنْ أُمِّهَا وَهَذَا الِاخْتِلَافُ كُلُّهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي سِيَاقِ غَيْرِهِ فَإِذَا كُرَيْبٌ قَدْ رَوَاهُ عَنِ بن عَبَّاسٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَوْفٍ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ.

.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَج وَإِذا عَطاء الخرساني قَدْ رَوَى عَنْ أَبِي الْغَوْثِ بْنِ حُصَيْنٍ الْخَثْعَمِيِّ أَنَّهُ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَجَّةٍ كَانَتْ عَلَى أَبِيهِ أَخْرَجَهُمَا بن مَاجَهْ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَقْوَى إِسْنَادًا وَهَذَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ هُشَيْمٍ فِي أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ رَجُلٌ سَأَلَ عَنْ أَبِيهِ وَيُوَافِقُهُ مَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ ويوافقهما مُرْسل الْحسن عِنْد بن خُزَيْمَةَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ لَمْ يَحُجَّ الْحَدِيثَ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عَوْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ إِنَّ السَّائِلَ سَأَلَ عَن أمه قلت وَهَذَا يُوَافق رِوَايَة بن سِيرِينَ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ كَمَا تَقَدَّمَ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ أَنَّ السَّائِلَ رَجُلٌ وَكَانَتِ ابْنَتُهُ مَعَهُ فَسَأَلَتْ أَيْضًا وَالْمَسْئُولُ عَنْهُ أَبُو الرَّجُلِ وَأُمُّهُ جَمِيعًا وَيُقَرِّبُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَير عَن بن عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْرَابِيٌّ مَعَهُ بِنْتٌ لَهُ حَسْنَاءُ فَجَعَلَ الْأَعْرَابِيُّ يَعْرِضُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَاءَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ إِلَيْهَا وَيَأْخُذُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِي فَيَلْوِيهِ فَكَانَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّابَّةِ إِنَّ أَبِي لَعَلَّهَا أَرَادَتْ بِهِ جَدَّهَا لِأَنَّ أَبَاهَا كَانَ مَعَهَا وَكَأَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْمَعَ كَلَامَهَا وَيَرَاهَا رَجَاءَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا لَمْ يَرْضَهَا سَأَلَ أَبُوهَا عَنْ أَبِيهِ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَسْأَلَ أَيْضًا عَنْ أُمِّهِ وَتَحَصَّلَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ اسْمَ الرَّجُلِ حُصَيْنُ بْنُ عَوْفٍ الْخَثْعَمِيُّ.

.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ أَبُو الْغَوْثِ بْنُ حُصَيْنٍ فَإِنَّ إِسْنَادَهَا ضَعِيفٌ وَلَعَلَّهُ كَانَ فِيهِ عَنْ أَبِي الْغَوْثِ حُصَيْنٍ فَزِيدَ فِي الرِّوَايَةِ بْنُ أَوْ أَنَّ أَبَا الْغَوْثِ أَيْضًا كَانَ مَعَ أَبِيهِ حُصَيْنٍ فَسَأَلَ كَمَا سَأَلَ أَبُوهُ وَأُخْتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ وَهُوَ أَبُو رَزِينٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وكَسْرِ الزَّايِ الْعُقَيْلِيُّ بِالتَّصْغِيرِ وَاسْمُهُ لَقِيطُ بْنُ عَامِرٍ فَفِي السُّنَنِ وصحيح بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ قَالَ حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ وَهَذِهِ قِصَّةٌ أُخْرَى وَمَنْ وَحَّدَ بَينهمَا وَبَيْنَ حَدِيثِ الْخَثْعَمِيِّ فَقَدْ أَبْعَدَ وَتَكَلَّفَ .

     قَوْلُهُ  شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَالَ الطَّيِّبِيّ شَيخا حَال وَلَا يَثْبُتُ صِفَةٌ لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيْضًا وَيَكُونَ مِنَ الْأَحْوَالِ الْمُتَدَاخِلَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِأَنْ أَسْلَمَ وَهُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَقَولُهُ لَا يَثْبُتُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشُعَيْبٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَة لَا يسْتَمْسك على الرحل وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ مِنَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ شَدَدْتُهُ خَشِيتُ أَنْ يَمُوتَ وَكَذَا فِي مُرْسل الْحسن وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد بن خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ وَإِنْ شَدَدْتُهُ بِالْحَبْلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ خَشِيتُ أَنْ أَقْتُلَهُ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَوِ الْأَمْنِ عَلَيْهِ مِنَ الْأَذَى لَوْ رُبِطَ لَمْ يُرَخَّصْ لَهُ فِي الْحَجِّ عَنْهُ كَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى مَحْمِلٍ مُوَطَّأٍ كَالْمِحَفَّةِ .

     قَوْلُهُ  أَفَأَحُجُّ عَنْهُ أَيْ أَيَجُوزُ لِي أَنْ أَنُوبَ عَنْهُ فَأَحُجَّ عَنْهُ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا الْهَمْزَةُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشُعَيْبٍ فَهَلْ يَقْضِي عَنْهُ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَلْ يُجْزِئُ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ نَعَمْ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ وَاسْتدلَّ الْكُوفِيُّونَ بِعُمُومِهِ على جَوَاز صِحَة حج مَنْ لَمْ يَحُجَّ نِيَابَةً عَنْ غَيْرِهِ وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ فَخَصُّوهُ بِمَنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي السّنَن وصحيح بن خُزَيْمَة وَغَيره من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُلَبِّي عَنْ شُبْرُمَةَ فَقَالَ أَحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ فَقَالَ لَا قَالَ هَذِهِ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ احْجُجْ عَنْ شُبْرُمَةَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ تَكُونُ بِالْغَيْرِ كَمَا تَكُونُ بِالنَّفْسِ وَعَكَسَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِنَفْسِهِ لَمْ يُلَاقِهِ الْوُجُوبَ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنَ السَّائِلِ عَلَى جِهَةِ التَّبَرُّعِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ تَصْرِيحٌ بِالْوُجُوبِ وَبِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهَا كَالصَّلَاةِ وَقَدْ نَقَلَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ النِّيَابَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ قَالُوا وَلِأَنَّ الْعِبَادَاتِ فُرِضَتْ عَلَى جِهَةِ الِابْتِلَاءِ وَهُوَ لَا يُوجَدُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ إِلَّا بِإِتْعَابِ الْبَدَنِ فَبِهِ يَظْهَرُ الِانْقِيَادُ أَوِ النُّفُورُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ الِابْتِلَاءَ فِيهَا بِنَقْصِ الْمَالِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالنَّفْسِ وَبِالْغَيْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قِيَاسَ الْحَجِّ عَلَى الصَّلَاةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ عِبَادَةَ الْحَجِّ مَالِيَّةٌ بَدَنِيَّةٌ مَعًا فَلَا يَتَرَجَّحُ إِلْحَاقُهَا بِالصَّلَاةِ عَلَى إِلْحَاقِهَا بِالزَّكَاةِ وَلِهَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ مَنْ غَلَّبَ حُكْمَ الْبَدَنِ فِي الْحَجِّ أَلْحَقَهُ بِالصَّلَاةِ وَمَنْ غَلَّبَ حُكْمَ الْمَالِ أَلْحَقَهُ بِالصَّدَقَةِ وَقَدْ أَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ الْحَجَّ عَنِ الْغَيْرِ إِذَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَبِأَنَّ حَصْرَ الِابْتِلَاءِ فِي الْمُبَاشَرَةِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْآمِرِ مِنْ بَذْلِهِ الْمَالَ فِي الْأُجْرَةِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ لَا حُجَّةَ لِلْمُخَالِفِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّ قَوْلَهُ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ إِلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّ إِلْزَامَ اللَّهِ عِبَادَهُ بِالْحَجِّ الَّذِي وَقَعَ بِشَرْطِ الِاسْتِطَاعَةِ صَادَفَ أَبِي بِصِفَةِ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ فَهَلْ أَحُجُّ عَنْهُ أَيْ هَلْ يَجُوزُ لِي ذَلِكَ أَوْ هَلْ فِيهِ أَجْرٌ وَمَنْفَعَةٌ فَقَالَ نَعَمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ التَّصْرِيحَ بِالسُّؤَالِ عَنِ الْإِجْزَاءِ فَيَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ وَتَقَدَّمَ فِي بَعْضِ طُرُقِ مُسْلِمٍ إِنَّ أَبِي عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ وَلِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْخَثْعَمِيَّةِ كَمَا اخْتُصَّ سَالِمٌ مَوْلَى أبي حُذَيْفَة بِجَوَاز ارضاع الْكَبِير حَكَاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ لِذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ صَاحِبُ الْوَاضِحَةِ بِإِسْنَادَيْنِ مُرْسَلَيْنِ فَزَادَ فِي الْحَدِيثِ حُجَّ عَنْهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِضَعْفِ الْإِسْنَادَيْنِ مَعَ إِرْسَالِهِمَا وَقَدْ عَارَضَهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ الْجُهَنِيَّةِ الْمَاضِي فِي الْبَابِ اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ وَادَّعَى آخَرُونَ مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالِابْنِ يَحُجُّ عَنْ أَبِيهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ جُمُودٌ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ رَأَى مَالِكٌ أَنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ الْخثْعَمِيَّةِ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ فَرَجَّحَ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ وَلَا شَكَّ فِي تَرْجِيحِهِ مِنْ جِهَةِ تَوَاتُرِهِ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ قَوْلُ امْرَأَةٍ ظَنَّتْ ظَنًّا قَالَ وَلَا يُقَالُ قَدْ أَجَابَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُؤَالِهَا وَلَوْ كَانَ ظَنُّهَا غَلَطًا لَبَيَّنَهُ لَهَا لِأَنَّا نَقُولُ إِنَّمَا أَجَابَهَا عَنْ قَوْلِهَا أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ حُجِّي عَنْهُ لِمَا رَأَى مِنْ حِرْصِهَا عَلَى إِيصَالِ الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ لِأَبِيهَا اه وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي تَقْرِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا عَلَى ذَلِكَ حُجَّةً ظَاهِرَةً.

.
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَزَادَ فِي الْحَدِيثِ حَجَّ عَنْ أَبِيكَ فَإِنْ لَمْ يَزِدْهُ خَيْرًا لَمْ يَزِدْهُ شَرًّا فَقَدْ جَزَمَ الْحُفَّاظُ بِأَنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا فَلَا حُجَّةَ فِيهَا لِلْمُخَالِفِ وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنِ اسْتَقَرَّ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْعَضْبِ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَلِلْجُمْهُورِ ظَاهِرُ قِصَّةِ الْخثْعَمِيَّةِ وَأَنَّ مَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ وَقَعَ الْحَجُّ عَنِ الْمُسْتَنِيبِ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَقَالَ يَقَعُ عَنِ الْمُبَاشِرِ وَلِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا أَذَاعُوا فِي الْمَعْضُوبِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَيْئُوسًا مِنْهُ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى إِيجَابِ حَجَّتَيْنِ وَاتَّفَقَ مَنْ أَجَازَ النِّيَابَةَ فِي الْحَجِّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ فِي الْفَرْضِ إِلَّا عَنْ مَوْتٍ أَوْ عَضْبٍ فَلَا يَدْخُلُ الْمَرِيضُ لِأَنَّهُ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَلَا الْمَجْنُونُ لِأَنَّهُ تُرْجَى إِفَاقَتُهُ وَلَا الْمَحْبُوسُ لِأَنَّهُ يُرْجَى خَلَاصُهُ وَلَا الْفَقِيرُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِغْنَاؤُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا جَوَازُ الِارْتِدَافِ وَسَيَأْتِي مَبْسُوطًا قُبَيْلَ كِتَابِ الْأَدَبِ وَارْتِدَافُ الْمَرْأَةِ مَعَ الرَّجُلِ وَتَوَاضُعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْزِلَةُ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ وَبَيَانُ مَا رُكِّبَ فِي الْآدَمِيِّ مِنَ الشَّهْوَةِ وَجُبِلَتْ طِبَاعُهُ عَلَيْهِ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الصُّوَرِ الْحَسَنَةِ وَفِيهِ مَنْعُ النَّظَرِ إِلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ وَغَضُّ الْبَصَرِ قَالَ عِيَاضٌ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ إِلَّا عِنْدَ خَشْيَةِ الْفِتْنَةِ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ غَطَّى وَجْهَ الْفَضْلِ أَبْلَغُ مِنَ الْقَوْلِ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّ الْفَضْلَ لَمْ يَنْظُرْ نَظَرًا يُنْكَرُ بَلْ خَشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَئُولَ إِلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْأَمْرِ بِإِدْنَاءِ الْجَلَابِيبِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّفْرِيقُ بَيْنُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ وَجَوَازُ كَلَامِ الْمَرْأَةِ وَسَمَاعِ صَوْتِهَا لِلْأَجَانِبِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالِاسْتِفْتَاءِ عَنِ الْعِلْمِ وَالتَّرَافُعِ فِي الْحُكْمِ وَالْمُعَامَلَةِ وَفِيهِ أَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا فَيَجُوزُ لَهَا كشفه فِي الْإِحْرَام وروى أَحْمد وبن خُزَيْمَة من وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْفَضْلِ حِينَ غَطَّى وَجْهَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ هَذَا يَوْمٌ مَنْ مَلَكَ فِيهِ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَلِسَانَهُ غُفِرَ لَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا النِّيَابَةُ فِي السُّؤَالِ عَنِ الْعِلْمِ حَتَّى مِنَ الْمَرْأَةِ عَنِ الرَّجُلِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَأَنَّ الْمَحْرَمَ لَيْسَ مِنَ السَّبِيلِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْحَجِّ لَكِنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ أَبِيهَا قَدْ يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَالِاعْتِنَاءُ بِأَمْرِهِمَا وَالْقِيَامُ بِمَصَالِحِهِمَا مِنْ قَضَاءِ دَيْنٍ وَخِدْمَةٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ لِكَوْنِ الْخثْعَمِيَّةِ لَمْ تَذْكُرْهَا وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ تَرْكِ السُّؤَالِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِاسْتِفَادَةِ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْحَجِّ وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَبُوهَا قَدِ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث أبي رزين كَمَا تقدم.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ حَدِيثُ الْخثْعَمِيَّةِ أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ فِي الْحَجِّ خَارِجٌ عَنِ الْقَاعِدَةِ الْمُسْتَقِرَّةِ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى رِفْقًا مِنَ اللَّهِ فِي اسْتِدْرَاكِ مَا فَرَّطَ فِيهِ الْمَرْءُ بِوَلَدِهِ وَمَالِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ فِي عُمُومِ السَّعْيِ وَبِأَنَّ عُمُوم السَّعْي فِي الْآيَة مَخْصُوص اتِّفَاقًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب حَجِّ الْمَرْأَةِ عَنِ الرَّجُلِ
( باب حج المرأة عن الرجل) .


[ قــ :1769 ... غــ : 1855 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) الإمام ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن سليمان بن يسار) الهلالي ( عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الفضل) ابن عباس ( رديف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد شعيب في روايته على عجز راحلته ( فجاءت امرأة) لم تسم ( من خثعم) بغير صرف وفي الفرع مصروف منون ( فجعل الفضل) بن العباس وكان غلامًا جميلاً ( ينظر إليها وتنظر) الخثعمية ( إليه فجعل) بالفاء ولأبي الوقت وجعل ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصرف وجه الفضل) إلى الشق الآخر الذي ليس فيه المرأة خشية الافتتان ( فقالت) : أي الخثعمية يا رسول الله ( إن فريضة الله) أي في الحج كما في حديث الباب السابق ( أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة) لا يثبت صفة بعد صفة أو من الأحوال المتداخلة أو شيخًا بدل لكونه موصوفًا أي: وجب عليه الحج بأن أسلم وهو شيخ كبير أو حصل له المال في هذا الحال والأول أوجه قاله في شرح المشكاة ( أفأحج عنه) ؟ أي: أيصح أن أنوب عنه فأحج عنه؟ ( قال) عديه الصلاة والسلام:
( نعم) أي حجي عنه وفيه دليل على أنه يجوز للمرأة أن تحج عن الرجل خلافًا لمن زعم أنه لا

يجوز معللاً بأن المرأة تلبس في الإِحرام ما لا يلبسه الرجل فلا يحج عنه إلا رجل مثله ( وذلك) أي ما ذكر ( في حجة الوداع) بمنى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ حَجِّ المَرْأةِ عنِ الرَّجُلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز حج الْمَرْأَة عَن الرجل، وَفِيه خلاف ذَكرْنَاهُ عَن قريب.



[ قــ :1769 ... غــ :1855 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مَالِكٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ كانَ الْفَضْلُ رَديفَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَتْ امْرأةٌ مِنْ خَثْعَمَ فجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إلَيْهَا وتَنْظُرُ إلَيْهِ فجَعَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصْرِفُ وجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخرِ فقالَتْ إنَّ فَرِيضَةَ الله أدْرَكَتْ أبِي شَيْخا كَبِيرا لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أفأحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ وذالِكَ فِي حَجِّةِ الوَدَاعِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (أفأحج عَنهُ؟ قَالَ: نعم) وَهُوَ يخبر بِجَوَاز حج الْمَرْأَة عَن الرجل.

قَوْله: (كَانَ الْفضل) وَهُوَ ابْن عَبَّاس، وَهُوَ أَخُو عبد الله، وَكَانَ أكبر ولد الْعَبَّاس، وَبِه كَانَ يكنى، وَكَانَ شَقِيق عبد الله، وأمهما أم الْفضل لبابَُُة الْكُبْرَى بنت الْحَارِث بن حزن الْهِلَالِيَّة، مَاتَ فِي طاعون عمواس بِنَاحِيَة الْأُرْدُن سنة ثَمَانِي عشرَة من الْهِجْرَة فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَوْله: (رَدِيف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَزَاد شُعَيْب فِي رِوَايَة: (على عجز رَاحِلَته) .
قَوْله: (من خثعم) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة: قَبيلَة مَشْهُورَة.
قَوْله: (فَجعل الْفضل ينظر إِلَيْهَا) ، وَفِي رِوَايَة شُعَيْب: (وَكَانَ الْفضل رجلا وضيئا) .
أَي: جميلاً.
(وَأَقْبَلت امْرَأَة من خثعم وضيئة، فَطَفِقَ الْفضل ينظر إِلَيْهَا وَأَعْجَبهُ حسنها.
قَوْله: (يصرف وَجه الْفضل) ، وَفِي رِوَايَة شُعَيْب: (فَالْتَفت النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْفضل ينظر إِلَيْهَا فأخلف بِيَدِهِ، فَأخذ بذقن الْفضل فَعدل وَجهه عَن النّظر إِلَيْهَا) .
وَوَقع فِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ، فِي حَدِيث عَليّ: (وَكَانَ الْفضل غُلَاما جميلاً، فَإِذا جَاءَت الْجَارِيَة من هَذَا الشرق صرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجه الْفضل إِلَى الشق الآخر، فَإِذا جَاءَت إِلَى الشق الآخر صرف وَجهه عَنهُ) ..
     وَقَالَ  فِي آخِره: (رَأَيْت غُلَاما حَدثا وَجَارِيَة حدثة، فَخَشِيت أَن يدْخل بَينهمَا الشَّيْطَان) .
قَوْله: (إِن فَرِيضَة الله أدْركْت أبي شَيخا كَبِيرا) ، وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز وَشُعَيْب: (إِن فَرِيضَة الله على عباده فِي الْحَج) .
وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من طَرِيق يحيى بن أبي إِسْحَاق عَن سُلَيْمَان بن يشار: (إِن أبي أدْركهُ الْحَج) واتفقت الرِّوَايَات كلهَا عَن ابْن شهَاب على أَن السائلة كَانَت امْرَأَة، وَأَنَّهَا سَأَلت عَن أَبِيهَا وَخَالفهُ يحيى بن أبي إِسْحَاق عَن سُلَيْمَان، فاتفق الروَاة عِنْد عَليّ أَن السَّائِل رجل.

وَاعْلَم أَنهم اخْتلفُوا على سُلَيْمَان بن يسَار فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَمَتنه، أما إِسْنَاده فَقَالَ هشيم عَن ابْن شهَاب عَن سُلَيْمَان عَن عبد الله بن عَبَّاس،.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن سِيرِين عَن ابْن شهَاب عَن سُلَيْمَان عَن الْفضل، أخرجهُمَا النَّسَائِيّ.

     وَقَالَ  ابْن علية: عَنهُ عَن سُلَيْمَان حَدثنِي أحد ابْني الْعَبَّاس إِمَّا الْفضل وَإِمَّا عبد الله، أخرجه أَحْمد.
وَأما الْمَتْن فَقَالَ هشيم: إِن رجلا سَأَلَ فَقَالَ: إِن أبي مَاتَ.

     وَقَالَ  ابْن سِيرِين: فجَاء رجل فَقَالَ: إِن أُمِّي عَجُوز كَبِيرَة،.

     وَقَالَ  ابْن علية: فجَاء رجل فَقَالَ: إِن أبي وَأمي، وَخَالف الْجَمِيع معمر عَن يحيى بن أبي إِسْحَاق، فَقَالَ فِي رِوَايَته إِن الْمَرْأَة سَأَلت عَن أمهَا.
قَوْله: (لَا يثبت على الرَّاحِلَة) وَوَقع فِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز وَشُعَيْب: (لَا يسْتَمْسك على الرحل) ، وَفِي رِوَايَة يحيى بن أبي إِسْحَاق زِيَادَة وَهِي: (إِن شددته خشيت أَن يَمُوت) ، وَكَذَا فِي مُرْسل الْحسن.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه ابْن خُزَيْمَة بِلَفْظ: (وَإِن شددته بالحبل على الرَّاحِلَة خشيت أَن أَقتلهُ) .
قَوْله: (أفأحج عَنهُ؟) أَي: أَيجوزُ أَن أنوب عَنهُ؟ وَإِنَّمَا قَدرنَا هَكَذَا لِأَن مَا بعد الْفَاء الدَّاخِلَة عَلَيْهَا الْهمزَة معطوفة على مُقَدّر، وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز وَشُعَيْب: (فَهَل يقْضى عَنهُ؟) وَفِي حَدِيث عَليّ: (هَل يجزىء عَنهُ؟) قَوْله: (قَالَ: نعم) ، وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: (فَقَالَ: أحجج عَن أَبِيك) .

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: جَوَاز الْحَج عَن الْغَيْر وَقد ذَكرْنَاهُ.
وَفِيه: جَوَاز الارتداف.
وَفِيه: جَوَاز كَلَام الْمَرْأَة وَسَمَاع صَوتهَا للأجانب عِنْد الضَّرُورَة كالاستفتاء عَن الْعلم والترافع فِي الحكم والمعاملة.
وَفِيه: منع النّظر إِلَى الأجنبيات وغض الْبَصَر.
وَفِيه: بَيَان مَا ركب فِي الْآدَمِيّ من الشَّهْوَة وَمَا جبلت طباعه عَلَيْهِ من النّظر إِلَى الصُّورَة الْحَسَنَة.
وَفِيه: تواضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِيه: ظُهُور منزلَة الْفضل بن عَبَّاس عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِيه: إِزَالَة الْمُنكر بِالْيَدِ.