هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1745 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ ، كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ ، يَقْتُلُهُنَّ فِي الحَرَمِ : الغُرَابُ ، وَالحِدَأَةُ ، وَالعَقْرَبُ ، وَالفَأْرَةُ ، وَالكَلْبُ العَقُورُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1745 حدثنا يحيى بن سليمان ، قال : حدثني ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خمس من الدواب ، كلهن فاسق ، يقتلهن في الحرم : الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Aisha:

Allah's Messenger (ﷺ) said, Five kinds of animals are harmful and could be killed in the Haram (Sanctuary). These are: the crow, the kite, the scorpion, the mouse and the rabid dog.

'A'icha (): Le Messager d'Allah () dit: II y a cinq animaux qui sont tous pervers et peuvent être tués au Sanctuaire; ce sont: le corbeau, l'épervier, le scorpion, le rat et le chien qui blesse.

":"ہم سے یحییٰ بن سلیمان نے بیان کیا ، انہوں نے کہا مجھ سے ابن وہب نے بیان کیا ، انہوں نے کہا مجھے یونس نے خبر دی ، انہیں ابن شہاب نے خبر دی ، انہیں عروہ بن زبیر نے خبر دی اور انہیں ام المؤمنین حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا نے خبر دی کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا پانچ جانور ایسے ہیں جو سب کے سب موذی ہیں اور انہیں حرم میں بھی مارا جا سکتا ہے کوا ، چیل ، بچھو ، چوہا اور کاٹنے والا کتا ۔

'A'icha (): Le Messager d'Allah () dit: II y a cinq animaux qui sont tous pervers et peuvent être tués au Sanctuaire; ce sont: le corbeau, l'épervier, le scorpion, le rat et le chien qui blesse.

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    [ قــ :1745 ... غــ :1829] قَوْله أَخْبرنِي يُونُس هُوَ بن يَزِيدَ أَيْضًا وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ لِابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيهِ إِسْنَادَيْنِ سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَفْصَةَ وَعُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ كَانَ بن عُيَيْنَةَ يُنْكِرُ طَرِيقَ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا وَاللَّهِ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ مَعْمَرًا يَرْوِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَقَالَ حَدَّثَنَا وَاللَّهِ الزُّهْرِيُّ لَمْ يَذْكُرْ عُرْوَةَ.

قُلْتُ وَطَرِيقُ مَعْمَرٍ الْمُشَارُ إِلَيْهَا أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْهُ وَرَوَاهَا النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَعْمَرًا كَانَ يَذْكُرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَطَرِيقُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ رَوَاهَا أَيْضًا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَقَدْ تَابَعَ الزُّهْرِيَّ عَنْ عُرْوَةَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  خَمْسٌ التَّقْيِيدُ بِالْخَمْسِ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُهُ اخْتِصَاصَ الْمَذْكُورَاتِ بِذَلِكَ لَكِنَّهُ مَفْهُومُ عَدَدٍ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَعَلَى تَقْدِيرِ اعْتِبَارِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ غَيْرَ الْخَمْسِ يَشْتَرِكُ مَعَهَا فِي الْحُكْمِ فَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ أَرْبَعٌ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهَا بِلَفْظِ سِتٌّ فَأَمَّا طَرِيقُ أَرْبَعٍ فَأَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ عَنْهَا فَأَسْقَطَ الْعَقْرَبَ.
وَأَمَّا طَرِيقُ سِتٍّ فَأَخْرَجَهَا أَبُو عَوَانَةَ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ الْمُحَارِبِيِّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا فَأَثْبَتَهَا وَزَادَ الْحَيَّةَ وَيَشْهَدُ لَهَا طَرِيقُ شَيْبَانَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ مِنْ عِنْدِ مُسْلِمٍ وَإِنْ كَانَتْ خَالِيَةً عَنِ الْعَدَدِ وَأَغْرَبَ عِيَاضٌ فَقَالَ وَفِي غَيْرِ كِتَابِ مُسْلِمٍ ذِكْرُ الْأَفْعَى فَصَارَتْ سَبْعًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَفْعَى دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْحَيَّةِ وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذُكِرَتْ فِيهِ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ بن عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ فِي آخِرِ حَدِيثِ الْبَابِ قَالَ.

قُلْتُ لِنَافِعٍ فَالْأَفْعَى قَالَ وَمَنْ يَشُكُّ فِي الْأَفْعَى اه وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ نَحْوَ رِوَايَةِ شَيْبَانَ وَزَادَ السَّبُعَ الْعَادِي فَصَارَتْ سَبْعًا وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد بن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذِرِ زِيَادَةُ ذِكْرِ الذِّئْبِ وَالنَّمِرِ عَلَى الْخَمْسِ الْمَشْهُورَةِ فَتَصِيرُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تِسْعًا لَكِنْ أَفَادَ بن خُزَيْمَةَ عَنِ الذُّهْلِيِّ أَنَّ ذِكْرَ الذِّئْبِ وَالنَّمِرِ مِنْ تَفْسِيرِ الرَّاوِي لِلْكَلْبِ الْعَقُورِ وَوَقَعَ ذِكْرُ الذِّئْب فِي حَدِيث مُرْسل أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ وَالذِّئْبَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ وَبَرَةَ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الذِّئْبِ لِلْمُحْرِمِ وَحَجَّاجٌ ضَعِيفٌ وَخَالَفَهُ مِسْعَرٌ عَنْ وَبَرَةَ فَرَوَاهُ مَوْقُوفًا أَخْرَجَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ فَهَذَا جَمِيعُ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ زِيَادَةً عَلَى الْخَمْسِ الْمَشْهُورَةِ وَلَا يَخْلُو شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ مَقَالٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الدَّوَابِّ بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ دَابَّةٍ وَهُوَ مَا دَبَّ مِنَ الْحَيَوَانِ وَقَدْ أَخْرَجَ بَعْضُهُمْ مِنْهَا الطَّيْرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يطير بجناحيه الْآيَةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الدَّوَابِّ الْخَمْسِ الْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ وَيَدُلُّ عَلَى دُخُولِ الطَّيْرِ أَيْضًا عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رزقها وَقَولُهُ تَعَالَى وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رزقها الْآيَةَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي صِفَةِ بَدْءِ الْخَلْقِ وَخَلَقَ الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَلَمْ يُفْرِدِ الطَّيْرَ بِذِكْرٍ وَقَدْ تَصَرَّفَ أَهْلُ الْعُرْفِ فِي الدَّابَّةِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَخُصُّهَا بِالْحِمَارِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَخُصُّهَا بِالْفَرَسِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي الْحَلِفِ .

     قَوْلُهُ  كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ قيل فَاسق صفة لكل وَفِي يُقْتَلْنَ ضَمِيرٌ رَاجَعٌ إِلَى مَعْنَى كُلٍّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كُلُّهَا فَوَاسِقُ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ الَّتِي فِي بَدْءِ الْخَلْقِ خَمْسُ فَوَاسِقَ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِإِضَافَة خمس لَا بتنوينه وَجوز بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَشَارَ إِلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي فَإِنَّهُ قَالَ رِوَايَةُ الْإِضَافَةِ تُشْعِرُ بِالتَّخْصِيصِ فَيُخَالِفُهَا غَيْرُهَا فِي الْحُكْمِ مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَرِوَايَةُ التَّنْوِينِ تَقْتَضِي وَصْفَ الْخَمْسِ بِالْفِسْقِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَيُشْعِرُ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمُرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ الْقَتْلُ مُعَلَّلٌ بِمَا جُعِلَ وَصْفًا وَهُوَ الْفِسْقُ فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ فَاسِقٍ مِنَ الدَّوَابِّ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ يُونُسَ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَسْمِيَةُ هَذِهِ الْخَمْسِ فَوَاسِقَ تَسْمِيَة صَحِيحَة جَارِيَة على وَفْقِ اللُّغَةِ فَإِنَّ أَصْلَ الْفِسْقِ لُغَةً الْخُرُوجُ وَمِنْهُ فَسَقَتِ الرُّطَبَةُ إِذَا خَرَجَتْ عَنْ قِشْرِهَا وَقَوله تَعَالَى ففسق عَن أَمر ربه أَيْ خَرَجَ وَسُمِّيَ الرَّجُلُ فَاسِقًا لِخُرُوجِهِ عَنْ طَاعَة ربه فَهُوَ خُرُوج مَخْصُوص وَزعم بن الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي كَلَامِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا شِعْرِهِمْ فَاسِقٌ يَعْنِي بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ.
وَأَمَّا الْمَعْنَى فِي وَصْفِ الدَّوَابِّ الْمَذْكُورَةِ بِالْفِسْقِ فَقِيلَ لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْمِ غَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ فِي تَحْرِيمِ قَتْلِهِ وَقِيلَ فِي حِلِّ أَكْلِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَقَوْلِهِ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإنَّهُ لفسق وَقِيلَ لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْمِ غَيْرِهَا بِالْإِيذَاءِ وَالْإِفْسَادِ وَعَدَمِ الِانْتِفَاعِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْفَتْوَى فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ أَلْحَقَ بِالْخَمْسِ كُلَّ مَا جَازَ قَتْلُهُ لِلْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ وَفِي الْحِلِّ وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي أَلْحَقَ مَا لَا يُؤْكَلُ إِلَّا مَا نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ وَهَذَا قَدْ يُجَامِعُ الْأَوَّلَ وَمَنْ قَالَ بِالثَّالِثِ يَخُصُّ الْإِلْحَاقَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفْسَادُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أبي سعيد عِنْد بن مَاجَهْ قِيلَ لَهُ لِمَ قِيلَ لِلْفَأْرَةِ فُوَيْسِقَةٌ فَقَالَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ لَهَا وَقَدْ أَخَذَتِ الْفَتِيلَةَ لِتُحْرِقَ بِهَا الْبَيْتَ فَهَذَا يُومِئُ إِلَى أَنَّ سَبَبَ تَسْمِيَةِ الْخَمْسِ بِذَلِكَ لِكَوْنِ فِعْلِهَا يُشْبِهُ فِعْلَ الْفُسَّاقِ وَهُوَ يُرَجِّحُ الْقَوْلَ الْأَخِيرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ نَافِعٍ بِلَفْظِ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ وَعُرِفَ بِذَلِكَ أَنْ لَا إِثْمَ فِي قَتْلِهَا عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَا فِي الْحَرَمِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ لِلْحَلَالِ وَفِي الْحِلِّ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَقَدْ وَقَعَ ذِكْرُ الْحِلِّ صَرِيحًا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بِلَفْظِ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيُعْرَفُ حُكْمُ الْحَلَالِ بِكَوْنِهِ لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ وَهُوَ الْإِحْرَامُ فَهُوَ بِالْجَوَازِ أَوْلَى ثُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ فِي نَفْيِ الْجُنَاحِ وَكَذَا الْحَرَجُ فِي طَرِيقِ سَالِمٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ الْفِعْلِ عَلَى التَّرْكِ لَكِنْ وَرَدَ فِي طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ أَمَرَ وَكَذَا فِي طَرِيق معمر وَلأبي عوَانَة من طَرِيق بن نمير عَن هِشَام عَن أَبِيه بِلَفْظ ليقْتل الْمحرم وَظَاهر الْأَمر الْوُجُوب وَيحْتَمل النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ إِذْ ضَرَبَ شَيْئًا فَإِذَا هِيَ عَقْرَبٌ فَقَتَلَهَا وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ وَالْحِدَأَةِ لِلْمُحْرِمِ لَكِنَّ هَذَا الْأَمْرَ وَرَدَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِعُمُومِ نَهْيِ الْمُحْرِمِ عَنِ الْقَتْلِ فَلَا يَكُونُ لِلْوُجُوبِ وَلَا لِلنَّدْبِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ رِوَايَةُ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ أَذِنَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ لَكِنْ لَمْ يَسُقْ مُسْلِمٌ لَفْظَهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ خَمْسٌ قَتْلُهُنَّ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ .

     قَوْلُهُ  الْغُرَابُ زَادَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بن الْمسيب عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ الْأَبْقَعُ وَهُوَ الَّذِي فِي ظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ بَيَاضٌ وَأَخَذَ بِهَذَا الْقَيْد بعض أَصْحَاب الحَدِيث كَمَا حَكَاهُ بن الْمُنْذر وَغَيره ثمَّ وجدت بن خُزَيْمَةَ قَدْ صَرَّحَ بِاخْتِيَارِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ حَمْلِ الْمُطلق على الْمُقَيد وَأجَاب بن بَطَّالٍ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقد شَذَّ بذلك.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا تَثْبُتُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ.

     وَقَالَ  بن قُدَامَةَ الرِّوَايَاتُ الْمُطْلَقَةُ أَصَحُّ وَفِي جَمِيعِ هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ أَمَّا دَعْوَى التَّدْلِيسِ فَمَرْدُودَةٌ بِأَنَّ شُعْبَةَ لَا يَرْوِي عَنْ شُيُوخِهِ الْمُدَلِّسِينَ إِلَّا مَا هُوَ مَسْمُوعٌ لَهُمْ وَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بَلْ صَرَّحَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ شُعْبَةَ بِسَمَاعِ قَتَادَةَ.
وَأَمَّا نَفْيُ الثُّبُوتِ فَمَرْدُودٌ بِإِخْرَاجِ مُسْلِمٍ.
وَأَمَّا التَّرْجِيحُ فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ قَبُولِ الزِّيَادَةِ بَلِ الزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ مِنَ الثِّقَةِ الْحَافِظِ وَهُوَ كَذَلِك هُنَا نعم قَالَ بن قُدَامَةَ يَلْتَحِقُ بِالْأَبْقَعِ مَا شَارَكَهُ فِي الْإِيذَاءِ وَتَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إِخْرَاجِ الْغُرَابِ الصَّغِيرِ الَّذِي يَأْكُلُ الْحَبَّ مِنْ ذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُ غُرَابُ الزَّرْعِ وَيُقَالُ لَهُ الزَّاغُ وَأَفْتَوْا بِجَوَازِ أَكْلِهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ مِنَ الْغِرْبَانِ مُلْتَحِقًا بِالْأَبْقَعِ وَمِنْهَا الْغُدَافُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الرَّوْضَة بِخِلَاف تَصْحِيح الرَّافِعِيّ وسمى بن قُدَامَةَ الْغُدَافَ غُرَابَ الْبَيْنِ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ الْأَبْقَعُ قِيلَ سُمِّيَ غُرَابُ الْبَيْنِ لِأَنَّهُ بَانَ عَنْ نُوحٍ لَمَّا أَرْسَلَهُ مِنَ السَّفِينَةِ لِيَكْشِفَ خَبَرَ الْأَرْضِ فَلَقِيَ جِيفَةً فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى نُوحٍ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَشَاءَمُونَ بِهِ فَكَانُوا إِذَا نَعَبَ مَرَّتَيْنِ قَالُوا آذَنَ بِشَرٍّ وَإِذَا نَعَبَ ثَلَاثًا قَالُوا آذن بِخَير فَأبْطل الْإِسْلَام ذَلِك وَكَانَ بن عَبَّاسٍ إِذَا سَمِعَ الْغُرَابَ قَالَ اللَّهُمَّ لَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ وَلَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْمُرَادُ بِالْغُرَابِ فِي الْحَدِيثِ الْغُدَافُ وَالْأَبْقَعُ لِأَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ الْجِيَفَ.
وَأَمَّا غُرَابُ الزَّرْعِ فَلَا وَكَذَا اسْتَثْنَاهُ بن قُدَامَةَ وَمَا أَظُنُّ فِيهِ خِلَافًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ إِنْ صَحَّ حَيْثُ قَالَ فِيهِ ويرمى الْغُرَاب وَلَا يقْتله وروى بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ نَحْوَهُ عَنْ عَلِيٍّ وَمُجَاهِدٍ قَالَ بن الْمُنْذِرِ أَبَاحَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمُ قَتْلَ الْغُرَابِ فِي الْإِحْرَامِ إِلَّا مَا جَاءَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ فِي مُحْرِمٍ كَسَرَ قَرْنَ غُرَابٍ فَقَالَ إِنْ أَدْمَاهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ لَمْ يُتَابِعْ أَحَدٌ عَطَاءً عَلَى هَذَا انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ غُرَابَ الزَّرْعِ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ اخْتِلَافٌ آخَرُ فِي الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ هَلْ يَتَقَيَّدُ جَوَازُ قَتْلِهِمَا بِأَنْ يَبْتَدِئَا بِالْأَذَى وَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِكِبَارِهَا وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمْ كَمَا قَالَ بن شَاسٍ لَا فَرْقَ وِفَاقًا لِلْجُمْهُورِ وَمِنْ أَنْوَاعِ الْغِرْبَانِ الْأَعْصَمُ وَهُوَ الَّذِي فِي رِجْلَيْهِ أَوْ فِي جَنَاحَيْهِ أَوْ بَطْنِهِ بَيَاضٌ أَوْ حُمْرَةٌ وَلَهُ ذِكْرٌ فِي قِصَّةِ حَفْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِزَمْزَمَ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَبْقَعِ وَمِنْهَا الْعَقْعَقُ وَهُوَ قَدْرُ الْحَمَامَةِ عَلَى شَكْلِ الْغُرَابِ قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعُقُّ فِرَاخَهُ فَيَتْرُكُهَا بِلَا طُعْمٍ وَبِهَذَا يظْهر أَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْغِرْبَانِ وَالْعَرَبُ تَتَشَاءَمُ بِهِ أَيْضا وَوَقع فِي فَتَاوَى قاضيخان الْحَنَفِيِّ مَنْ خَرَجَ لِسَفَرٍ فَسَمِعَ صَوْتَ الْعَقْعَقَ فَرَجَعَ كَفَرَ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَبْقَعِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ حُكْمُ غُرَابِ الزَّرْعِ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ إِنْ أَكَلَ الْجِيَفَ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ .

     قَوْلُهُ  وَالْحِدَأُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ بِغَيْرِ مَدٍّ وَحَكَى صَاحِبُ الْمُحْكَمِ الْمَدَّ فِيهِ نُدُورًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْحِدَأَةُ بِزِيَادَةِ هَاءٍ بِلَفْظِ الْوَاحِدَةِ وَلَيْسَتْ لِلتَّأْنِيثِ بَلْ هِيَ كَالْهَاءِ فِي التَّمْرَةِ وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ فِيهَا حِدَوَةً بِوَاوٍ بَدَلَ الْهَمْزَةِ وَسَيَأْتِي فِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ حَدِيثِهَا بِلَفْظِ الْحُدَيَّا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ مَقْصُورٌ وَمِثْلُهُ لِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ الْوَجْهُ فِيهِ الْهَمْزَةُ وَكَأَنَّهُ سُهِّلَ ثُمَّ أُدْغِمَ وَقِيلَ هِيَ لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ حُدَيَّةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْغُرَابِ وَمِنْ خَوَاصِّ الْحِدَأَةِ أَنَّهَا تَقِفُ فِي الطَّيَرَانِ وَيُقَالُ إِنَّهَا لَا تَخْتَطِفُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ وَقَدْ مَضَى لَهَا ذِكْرٌ فِي الصَّلَاةِ فِي قِصَّةِ صَاحِبَةِ الْوِشَاحِ تَنْبِيهٌ يَلْتَبِسُ بِالْحِدَأِ الْحَدَأَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ فَأْسٌ لَهُ رَأْسَانِ .

     قَوْلُهُ  وَالْعَقْرَبُ هَذَا اللَّفْظُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَقَدْ يُقَالُ عَقْرَبَةٌ وَعَقْرَبَاءُ وَلَيْسَ مِنْهَا الْعُقْرُبَانُ بَلْ هِيَ دُوَيْبَّةٌ طَوِيلَةٌ كَثِيرَةُ الْقَوَائِمِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَيُقَالُ إِنَّ عَيْنَهَا فِي ظَهْرِهَا وَإِنَّهَا لَا تَضُرُّ مَيِّتًا وَلَا نَائِمًا حَتَّى يَتَحَرَّكَ وَيُقَالُ لَدَغَتْهُ الْعَقْرَبُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَلَسَعَتْهُ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ فِي ذِكْرِ الْحَيَّةِ بَدَلَهَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَمَنْ جَمَعَهُمَا وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبَّهَ بِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى عِنْدَ الِاقْتِصَارِ وَبَيَّنَ حُكْمَهُمَا مَعًا حَيْثُ جمع قَالَ بن الْمُنْذِرِ لَا نَعْلَمُهُمُ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ قَتْلِ الْعَقْرَبِ.

     وَقَالَ  نَافِعٌ لَمَّا قِيلَ لَهُ فَالْحَيَّةُ قَالَ لَا يُخْتَلَفُ فِيهَا وَفِي رِوَايَةٍ وَمَنْ يشك فِيهَا وَتعقبه بن عبد الْبر بِمَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ أَنَّهُ سَأَلَ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا فَقَالَا لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ وَلَا الْعَقْرَبَ قَالَ وَمِنْ حُجَّتِهِمَا أَنَّهُمَا مِنْ هَوَامِّ الْأَرْضِ فَيَلْزَمُ مَنْ أَبَاحَ قَتْلَهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْهَوَامِّ وَهَذَا اعْتِلَالٌ لَا مَعْنًى لَهُ نَعَمْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافٌ فِي قَتْلِ صَغِيرِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ الَّتِي لَا تَتَمَكَّنُ مِنَ الْأَذَى .

     قَوْلُهُ  وَالْفَأْرُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَيَجُوزُ فِيهَا التَّسْهِيلُ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ قَتْلِهَا لِلْمُحْرِمِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا جَزَاءٌ إِذَا قَتَلَهَا الْمحرم أخرجه بن الْمُنْذِرِ.

     وَقَالَ  هَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ وَخِلَافُ قَوْلِ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ لَمَّا ذَكَرُوا لَهُ هَذَا الْقَوْلَ مَا كَانَ بِالْكُوفَةِ أَفْحَشُ رَدًّا لِلْآثَارِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ لِقِلَّةِ مَا سَمِعَ مِنْهَا وَلَا أَحْسَنُ اتِّبَاعًا لَهَا مِنَ الشّعبِيّ لِكَثْرَة مَا سمع وَنقل بن شَاسٍ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافًا فِي جَوَازِ قَتْلِ الصَّغِيرِ مِنْهَا الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْأَذَى وَالْفَأْرُ أَنْوَاعٌ مِنْهَا الْجُرَذُ بِالْجِيمِ بِوَزْنِ عُمَرَ وَالْخُلْدُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَأْرَةُ الْإِبِلِ وَفَأْرَةُ الْمِسْكِ وَفَأْرَةُ الْغَيْطِ وَحُكْمُهَا فِي تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَجَوَازِ الْقَتْلِ سَوَاءٌ وَسَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ إِطْلَاقُ الْفُوَيْسِقَةِ عَلَيْهَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَتَقَدَّمَ سَبَبُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَقِيلَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا قَطَعَتْ حِبَالَ سَفِينَةِ نُوحٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ الْكَلْبُ مَعْرُوفٌ وَالْأُنْثَى كَلْبَةٌ وَالْجَمْعُ أَكْلُبٌ وَكِلَابٌ وَكَلِيبٌ بِالْفَتْحِ كَأَعْبُدٍ وَعِبَادٍ وَعَبِيدٍ وَفِي الْكَلْبِ بهيمية سبعية كَأَنَّهُ مُرَكَّبٌ وَفِيهِ مَنَافِعُ لِلْحِرَاسَةِ وَالصَّيْدِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَفِيهِ مِنِ اقْتِفَاءِ الْأَثَرِ وَشَمِّ الرَّائِحَةِ وَالْحِرَاسَةِ وَخِفَّةِ النَّوْمِ وَالتَّوَدُّدِ وَقَبُولِ التَّعْلِيمِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَهُ لِلْحِرَاسَةِ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ سَبَقَ الْبَحْثُ فِي نَجَاسَتِهِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَيَأْتِي فِي بَدْءِ الْخَلْقِ جُمْلَةٌ مِنْ خِصَالِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهِ هُنَا وَهَلْ لِوَصْفِهِ بِكَوْنِهِ عَقُورًا مَفْهُومٌ أَوْ لَا فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ الْأَسَدُ وَعَنْ سُفْيَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَقَالَ وَأَيُّ كَلْبٍ أَعَقْرُ مِنَ الْحَيَّةِ.

     وَقَالَ  زُفَرُ الْمُرَادُ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ هُنَا الذِّئْبُ خَاصَّةً.

     وَقَالَ  مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ كُلُّ مَا عَقَرَ النَّاسَ وَعَدَا عَلَيْهِمْ وَأَخَافَهُمْ مِثْلُ الْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ هُوَ الْعَقُورُ وَكَذَا نَقَلَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ سُفْيَانَ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ الْمُرَادُ بِالْكَلْبِ هُنَا الْكَلْبُ خَاصَّةً وَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ فِي هَذَا الْحُكْمِ سِوَى الذِّئْبِ وَاحْتَجَّ أَبُو عُبَيْدٍ لِلْجُمْهُورِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَقَتَلَهُ الْأَسَدُ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ عَنْ أَبِيهِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ فَاشْتَقَّهَا مِنِ اسْمِ الْكَلْبِ فَلِهَذَا قِيلَ لِكُلِّ جَارِحٍ عَقُورٌ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِلْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الْبَازِي وَالصَّقْرِ وَهُمَا مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اخْتِصَاصِ التَّحْرِيمِ بِالْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَكَذَلِكَ يَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِالْكَلْبِ وَمَا شَارَكَهُ فِي صِفَتِهِ وَهُوَ الذِّئْبُ وَتُعُقِّبَ بِرَدِّ الِاتِّفَاقِ فَإِنَّ مُخَالِفِيهِمْ أَجَازُوا قَتْلَ كُلِّ مَا عَدَا وَافْتَرَسَ فَيَدْخُلُ فِيهِ الصَّقْرُ وَغَيْرُهُ بَلْ مُعْظَمُهُمْ قَالَ يَلْتَحِقُ بِالْخَمْسِ كُلُّ مَا نُهِيَ عَنْ أَكْلِهِ إِلَّا مَا نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي غَيْرِ الْعَقُورِ مِمَّا لَمْ يُؤْمَرْ بِاقْتِنَائِهِ فَصَرَّحَ بِتَحْرِيمِ قَتْلِهِ الْقَاضِيَانِ حُسَيْنٌ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَوَقَعَ فِي الْأُمِّ لِلشَّافِعِيِّ الْجَوَازُ وَاخْتَلَفَ كَلَامُ النَّوَوِيِّ فَقَالَ فِي الْبَيْعِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ.

     وَقَالَ  فِي التَّيَمُّمِ وَالْغَصْبِ إِنَّهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ.

     وَقَالَ  فِي الْحَجِّ يُكْرَهُ قَتْلُهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَهَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ وَعَلَى كَرَاهَةِ قَتْلِهِ اقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَزَادَ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ كَمَا تَقَدَّمَ إِلَى إِلْحَاقِ غَيْرِ الْخَمْسِ بِهَا فِي هَذَا الْحُكْمِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنَى فَقِيلَ لِكَوْنِهَا مُؤْذِيَةً فَيَجُوزُ قَتْلُ كُلِّ مُؤْذٍ وَهَذَا قَضِيَّةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقِيلَ لِكَوْنِهَا مِمَّا لَا يُؤْكَلُ فَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يَجُوزُ قَتْلُهُ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيهِ وَهَذَا قَضِيَّةُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ قَسَّمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ الْحَيَوَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ يُسْتَحَبُّ كالخمس وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا يوذى وَقِسْمٌ يَجُوزُ كَسَائِرِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَهُوَ قِسْمَانِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ نَفْعٌ وَضَرَرٌ فَيُبَاحُ لِمَا فِيهِ مِنْ مَنْفَعَةِ الِاصْطِيَادِ وَلَا يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُدْوَانِ وَقِسْمٌ لَيْسَ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ وَلَا يَحْرُمُ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا أُبِيحَ أَكْلُهُ أَوْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ فَلَا يَجُوزُ فَفِيهِ الْجَزَاءُ إِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فَاقْتَصَرُوا عَلَى الْخَمْسِ إِلَّا أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا بِهَا الْحَيَّةَ لِثُبُوتِ الْخَبَرِ وَالذِّئْبَ لِمُشَارَكَتِهِ لِلْكَلْبِ فِي الْكَلْبِيَّةِ وَأَلْحَقُوا بِذَلِكَ مَنِ ابْتَدَأَ بِالْعُدْوَانِ وَالْأَذَى مِنْ غَيْرِهَا وَتُعُقِّبَ بِظُهُورِ الْمَعْنَى فِي الْخَمْسِ وَهُوَ الْأَذَى الطَّبِيعِيُّ وَالْعُدْوَانُ الْمُرَكَّبُ وَالْمَعْنَى إِذَا ظَهَرَ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ تَعَدَّى الْحُكْمُ إِلَى كُلِّ مَا وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى كَمَا وَافَقُوا عَلَيْهِ فِي مسَائِل الرِّبَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَالتَّعْدِيَةُ بِمَعْنَى الْأَذَى إِلَى كُلِّ مُؤْذٍ قَوِيٍّ بِالْإِضَافَةِ إِلَى تَصَرُّفِ أَهْلِ الْقِيَاسِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْإِيمَاءِ بِالتَّعْلِيلِ بِالْفِسْقِ وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنِ الْحَدِّ.
وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِحُرْمَةِ الْأَكْلِ فَفِيهِ إِبْطَالٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ إِيمَاءُ النَّصِّ مِنَ التَّعْلِيلِ بِالْفِسْقِ انْتَهَى.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ هُوَ رَاجِعٌ إِلَى تَفْسِيرِ الْفِسْقِ فَمَنْ فَسَرَّهُ بِأَنَّهُ الْخُرُوجُ عَنْ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانِ بِالْأَذَى عَلَّلَ بِهِ وَمَنْ قَالَ بِجَوَازِ الْقَتْلِ وَتَحْرِيمِ الْأَكْلِ عَلَّلَ بِهِ.

     وَقَالَ  مَنْ عَلَّلَ بِالْأَذَى أَنْوَاعُ الْأَذَى مُخْتَلِفَةٌ وَكَأَنَّهُ نَبَّهَ بِالْعَقْرَبِ عَلَى مَا يُشَارِكُهَا فِي الْأَذَى بِاللَّسْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ ذَوَاتِ السُّمُومِ كَالْحَيَّةِ وَالزُّنْبُورِ وَبِالْفَأْرَةِ عَلَى مَا يُشَارِكُهَا فِي الْأَذَى بِالنَّقْبِ وَالْقَرْضِ كَابْنِ عُرْسٍ وَبِالْغُرَابِ وَالْحِدَأِ عَلَى مَا يُشَارِكُهُمَا بِالِاخْتِطَافِ كَالصَّقْرِ وَبِالْكَلْبِ الْعَقُورِ عَلَى مَا يُشَارِكُهُ فِي الْأَذَى بِالْعُدْوَانِ وَالْعَقْرِ كَالْأَسَدِ وَالْفَهْدِ.

     وَقَالَ  مَنْ عَلَّلَ بِتَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَجَوَازِ الْقَتْلِ إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْخَمْسِ لِكَثْرَةِ مُلَابَسَتِهَا لِلنَّاسِ بِحَيْثُ يَعُمُّ أَذَاهَا وَالتَّخْصِيصُ بالغلبة لامفهوم لَهُ تَكْمِلَةٌ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنِ الْإِمَامِ أَنَّ هَذِهِ الْفَوَاسِقَ لَا مِلْكَ فِيهَا لِأَحَدٍ وَلَا اخْتِصَاصَ وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْخَمْسِ مِمَّا يَلْتَحِقُ بِهَا فِي الْمَعْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ مَنْ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ لِأَنَّ إِبَاحَةَ قَتْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُعَلَّلٌ بِالْفِسْقِ وَالْقَاتِلُ فَاسِقٌ فَيُقْتَلُ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّ فِسْقَ الْمَذْكُورَاتِ طَبِيعِيٌّ والمكلفة إِذا ارْتكب الْفسق هاتك لِحُرْمَةِ نَفْسِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِإِقَامَةِ مُقْتَضَى الْفِسْقِ عَلَيْهِ وَأَشَارَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ إِلَى أَنَّهُ بَحْثٌ قَابِلٌ لِلنِّزَاعِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيث بن مَسْعُود