هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
155 حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟ ثَلَاثًا الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ - أَوْ قَوْلُ الزُّورِ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا ، فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا : لَيْتَهُ سَكَتَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أو قول الزور وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا ، فجلس فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It is narrated on the authority of 'Abdur-Rahman b. Abu Bakra that his father said:

We were in the company of the Messenger of Allah (ﷺ) that he observed: Should I not inform you about the most grievous of the grave sins? (The Holy Prophet) repeated it three times, and then said: Associating anyone with Allah, disobedience to parents, false testimony or false utterance. The Prophet was reclining, then he sat up, and he repeated it so many times that we wished that he should become silent.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [87] فِيهِ (أَبُو بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ)الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ قَوْلُ الزُّورِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ) قَالَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [87] عقوق الْوَالِدين قَالَ بن الصّلاح وَأقرهُ النَّوَوِيّ الْمحرم كل فعل يتَأَذَّى بِهِ الْوَالِد أَو نَحوه تأذيا لَيْسَ بالهين مَعَ كَونه لَيْسَ من الْأَفْعَال الْوَاجِبَة الزُّور أَصله تَحْسِين الشَّيْء وَوَصفه بِخِلَاف صفته حَتَّى يخيل إِلَى من سَمعه أَو رَآهُ أَنه بِخِلَاف مَا هُوَ بِهِ فَهُوَ تمويه الْبَاطِل بِمَا يُوهم أَنه حق

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ( ثلاثا) الإشراك بالله وعقوق الوالدين.
وشهادة الزور، ( أو قول الزور) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس.
فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.


المعنى العام

ومرة أخرى يسأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكبر الكبائر، ومرة أخرى يجيب صلى الله عليه وسلم جوابا يختلف عن الجواب الأول مراعاة لمقتضيات الأحوال.

نعم اتفق الجوابان على أن أعظم الذنوب وأكبر الكبائر الإشراك بالله.
واختلف الجوابان في الثاني والثالث، فالحديث السابق جعل المرتبة الثانية قتل الولد، والثالثة الزنا بحليلة الجار، وهذا الحديث في روايته الأولى جعل المرتبة الثانية عقوق الوالدين، والثالثة شهادة الزور، وفي روايتيه الثانية والثالثة أضاف قتل النفس، مرة بعد عقوق الوالدين، ومرة قبله ومع أن الحديث في مجموع رواياته قد قدم عقوق الوالدين على شهادة الزور، فإنه أعطاها من الأهمية ما يجعلها في الدرجة العليا من الكبائر، لما يلابسها من أخطار جسام، فمرة نبه إلى هذه الأهمية باعتدال الجلسة، واستجماع وسائل اليقظة والانتباه، ومرة كرر شهادة الزور مسبوقة بأداة التوكيد والاستفتاح، ومرة صدرها بتوكيد خاص ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟) عافانا الله منها ومن الكبائر عامة، وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

المباحث العربية

( ألا أنبئكم) بالتشديد والتخفيف، أي ألا أخبركم وألا - بفتح الهمزة وتخفيف اللام- للتنبيه والإشارة إلى أهمية ما بعدها، وهو في الأصل مركب من همزة الاستفهام ولا النافية، وهل فهمه الصحابة على الاستفهام فأجابوا؟ أو حمله الرسول على التنبيه فأخبر دون أن يجيبوا؟ الظاهر الأول، لرواية البخاري في كتاب الأدب قلنا: بلى يا رسول الله ويكون حذفه من رواياتنا اختصارا من الرواة.

( بأكبر الكبائر) جمع كبيرة، وهي الفعلة القبيحة، فهي في الأصل صفة لموصوف محذوف، وفي المراد منها شرعا خلاف يأتي في فقه الحديث.

( ثلاثا) مفعول لقال.
أي قال لهم صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات وكرره على عادته في تكرير الشيء ثلاث مرات تأكيدا وتنبيها للسامع على إحضار قلبه وفهمه للخبر الذي يذكره.

( الإشراك بالله) قال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يراد به مطلق الكفر [فيشمل منكر الألوهية، ومثبتها مع إنكار الرسالة واليوم الآخر] ويكون تخصيصه بالذكر لغلبته في الوجود لا سيما في جزيرة العرب، فذكر تنبيها على غيره من أصناف الكفر، ويحتمل أن يراد به خصوصه، إلا أنه يرد على هذا الاحتمال أنه قد يظهر أن بعض الكفر أعظم من الشرك، وهو التعطيل فيترجح الاحتمال الأول.
اهـ.

( وعقوق الوالدين) -بضم العين المهملة- مشتق من العق: وهو القطع، يقال: عق والده يعقه- بضم العين- فهو عاق: وهو الذي شق عصا الطاعة لوالديه، هذا قول أهل اللغة، وأما حقيقة العقوق المحرم شرعا، ففيه خلاف طويل يأتي في فقه الحديث.

( وشهادة الزور، أو قول الزور) أصل الزور تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته حتى يخيل إلى من سمعه أو رآه بخلاف ما هو به، فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق، وقد يضاف إلى القول، فيشمل الكذب والباطل، وقد يضاف إلى الشهادة فيخص بها، وقد يضاف إلى الفعل، ومنه: لابس ثوبي زور، ومنه تسمية الشعر الموصول زورا، وجاء في رواية قول الزور أو شهادة الزور بتقديم القول على الشهادة، وفي رواية بالواو بدل أو وفي رواية شهادة الزور وفي رواية ألا قول الزور دون عطف إحداهما على الأخرى، وسيأتي طريق الجمع بين هذه الروايات.

( وكان متكئا فجلس) وفي رواية وجلس وكان متكئا الاتكاء: الاضطجاع على الجنب، أو هو الاعتماد على الشيء بالجنب واليد، كوضع اليد على وسادة مع تجافي الجنب عن الأرض، فالاضطجاع اتكاء وزيادة.

وجلوسه صلى الله عليه وسلم من اتكائه يشعر بأنه اهتم بذلك حتى جلس بعد أن كان متكئا، وذلك يفيد تأكيد تحريمه وعظم قبحه وسيأتي سبب الاهتمام به.

( فما زال يكررها) أي يكرر هذه العبارة، أو هي شهادة الزور .

( حتى قلنا: ليته سكت) أي حتى قلنا ذلك في أنفسنا دون نطق، أي حتى تمنينا سكوته.

فقه الحديث

قرن الله تعالى العقوق بالشرك في قوله: { { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا } } [الإسراء: 23، 24] .
وقرن قول الزور بالشرك في قوله: { { فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور } } [الحج: 30] .

أما عقوق الوالدين المحرم شرعا فقل من ضبطه.
قال الإمام الشيخ أبو محمد بن عبد السلام: لم أقف في عقوق الوالدين، وفيما يختصان به من الحقوق على ضابط أعتمد عليه، فإنه لا يجب طاعتهما في كل ما يأمران به وينهيان عنه باتفاق العلماء.

وقد حرم على الولد الجهاد بغير إذنهما لما يشق عليهما من توقع قتله أو قطع عضو من أعضائه، ولشدة تفجعهما على ذلك، وقد ألحق بذلك كل سفر يخافان فيه على نفسه أو عضو من أعضائه.

وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في فتاويه: العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد - أو نحوه - تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة.
قال: وربما قيل: طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية، ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات قال: وليس قول من قال من علمائنا: يجوز له السفر في طلب العلم وفي التجارة بغير إذنهما مخالفا لما ذكرته، فإن هذا كلام مطلق، وفيما ذكرته بيان لتقييد ذلك المطلق.

وضبطه ابن عطية بوجوب طاعتهما في المباحات، فعلا وتركا، واستحبابها في المندوبات وفرض الكفاية كذلك، ومنه تقديمها عند تعارض الأمرين، وهو كمن دعته أمه ليمرضها مثلا بحيث يفوت عليه فعل واجب إن استمر عندها، ويفوت ما قصدته من تأنيسه لها وغير ذلك أن لو تركها وفعله، وكان مما يمكن تداركه مع فوات الفضيلة كالصلاة أول الوقت أو في الجماعة.

أما شهادة الزور أو قول الزور فقد قال ابن دقيق العيد: إن عطف الشهادة على القول ينبغي أن يكون تأكيدا للشهادة، لأنا لو حملناه على الإطلاق لزم أن تكون الكذبة الواحدة مطلقا كبيرة، وليس كذلك، فمراتب الكذب متفاوتة بحسب تفاوت مفاسده.
وقال غيره: يجوز أن يكون من عطف الخاص على العام، لأن كل شهادة زور قول زور بغير عكس.
قال الحافظ ابن حجر: والأولى ما قاله ابن دقيق العيد، ويؤيده وقوع الشك في ذلك في بعض الروايات، مما يدل على أن المراد شيء واحد، وهو شهادة الزور.

وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثالثة: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قال: قول الزور

ظاهره أنه خص أكبر الكبائر بقول الزور، وليس هذا الظاهر مرادا، لأن الشرك أكبر منه بلا شك، وكذا القتل، ثم إن الرواية الأولى تؤذن بأن الثلاثة المذكورات مشتركات في ذلك، فلا بد من تأويله، وفي تأويله ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه محمول على الكفر فإن الكافر شاهد بالزور وعامل به.

الثاني: أنه محمول على المستحل، فيصير بذلك كافرا.

الثالث: أن كلمة من مقدرة كما تقدم في نظائره أي ألا أنبئكم بما هو من أكبر الكبائر.

قال النووي: وهذا الثالث هو الظاهر أو الصواب، فأما حمله على الكفر فضعيف، لأن هذا خرج مخرج الزجر عن شهادة الزور في الحقوق، وأما قبح الكفر وكونه أكبر الكبائر فكان معروفا عندهم، ولا يتشكك أحد من أهل القبلة في ذلك، فحمله على الكفر يخرجه من الفائدة.

وإنما اهتم صلى الله عليه وسلم بشهادة الزور فوق اهتمامه بسائر الكبائر لأنها أسهل وقوعا على الناس، والتهاون بها أكثر، ومفسدتها أيسر وقوعا فإن الشرك ينبو عنه المسلم، والعقوق ينبو عنه الطبع، وأما شهادة الزور فإن الحوامل عليها كثيرة، كالعداوة والحسد وغيرها، ومفسدتها متعدية إلى غير الشاهد، فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمها، وليس ذلك لعظمها بالنسبة إلى ما ذكر معها من الإشراك.

وكان الزور من الكبائر لأنه يتوصل به إلى إتلاف النفس والمال وتحريم الحلال وتحليل الحرام.

وظاهر الأحاديث أنه لا فرق في كون شهادة الزور كبيرة بين أن تكون بحق عظيم أو حقير، حتى لو أتلف بها اليسير، وقال عز الدين: إنما ذلك إذا أتلف بها خطير، وقد يضبط بنصاب السرقة، فإن نقص احتمل أن يكون من الكبائر فطاما عن هذه المفاسد، وسدا للباب.

وقد اختلفت الروايات فيما يلي الشرك من الكبائر، ففي بعضها العقوق، وفي بعضها القتل، وفي بعضها السحر، وقد ذكرت بعض الروايات أمورا لم تذكرها الأخرى.

قال النووي: ووجه الجمع أنه إنما اختلف جوابه صلى الله عليه وسلم في ذلك، لأن جوابه كان بحسب ما الحاجة إلى بيانه حينئذ أمس، أي لكثرة ارتكابه أو خوف مواقعته.

وقال الطحاوي: يضم ما جعل ثاني الشرك في طريق إلى ما جعل ثانيا في الأخرى، ويجعلان في درجة واحدة من الإثم، وكذا ما جعل ثالثا.
اهـ.

والتحقيق أن الشيء الواحد قد يختلف في الإثم باختلاف ظروفه وملابساته وما يترتب عليه من مفاسد، فالغيبة بالقذف كبيرة، ولا تساويها الغيبة بقبح الهيئة مثلا، والعقوق بالضرب كبيرة، ولا يساويه العقوق بمخالفة أمرهما في الأكل والشرب مثلا، وقتل النفس الصالحة التي تختل بقتلها أمور المسلمين في المسجد الحرام وفي الأشهر الحرم كبيرة، ولا يساويه قتل نفس فاجرة ترتاح من شرورها كثرة من الآمنين.

فاختلف جوابه صلى الله عليه وسلم في ترتيب الكبائر التي تلي الشرك لأن كلا مما يليه في بعض الروايات يكون أحق بأن يكون ثانيا في بعض الأحوال.

ولا انحصار لأكبر الكبائر في عدد معين، كما أنه لا انحصار للكبائر كذلك في عدد محدود، فقد سئل ابن عباس عن الكبائر: أسبع هي؟ فقال: هي إلى سبعين ( ويروى: إلى سبعمائة) أقرب.

ولا خلاف في تقسيم الذنوب إلى كبائر وأكبر الكبائر، ولكن الخلاف في تقسيمها إلى كبائر وصغائر، فقد ذهبت طائفة منهم أبو إسحاق الإسفراييني إلى أنه ليس في الذنوب صغيرة، بل كل ما نهى الله عنه كبيرة، ونقل ذلك عن ابن عباس وحكاه القاضي عياض عن المحققين، واحتجوا بأن كل مخالفة لله فهي بالنسبة إلى جلاله كبيرة، ونسبه ابن بطال إلى بعض الأشعرية فقال: انقسام الذنوب إلى صغائر وكبائر هو قول عامة الفقهاء، وخالفهم من الأشعرية أبو بكر بن الطيب وأصحابه، فقالوا: المعاصي كلها كبائر، وإنما يقال بعضها صغيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها، كما يقال: القبلة المحرمة صغيرة بإضافتها إلى الزنا، وكلها كبائر، قالوا: ولا ذنب عندنا يغفر باجتناب ذنب آخر، بل كل ذلك كبيرة، ومرتكبه في المشيئة غير الكفر، لقوله تعالى: { { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } } [النساء: 48] قالوا: وجواز العقاب على الصغيرة كجوازه على الكبيرة.

وذهب الجمهور إلى انقسام الذنوب إلى صغائر وكبائر.
قال النووي: قد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة إلى القول بأن من الذنوب كبائر ومنها صغائر.

وقال الغزالي: إنكار الفرق بين الكبيرة والصغيرة لا يليق بالفقيه.

وقال القرطبي: ما أظنه يصح عن ابن عباس أن كل ما نهى الله عز وجل عنه كبيرة لأنه مخالف لظاهر القرآن في الفرق بين الصغائر والكبائر في قوله: { { الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم } } [النجم: 32] .

وقوله: { { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } } [النساء: 31] في المنهيات صغائر وكبائر، وفرق بينهما في الحكم إذ جعل تكفير السيئات في الآية مشروطا باجتناب الكبائر، واستثنى اللمم من الكبائر والفواحش فكيف يخفى ذلك على حبر القرآن.
اهـ.

قال النووي بعد اختياره رأي الجمهور: واختلفوا في ضبط الكبيرة اختلافا منتشرا، فروي عن ابن عباس: أنها كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب.
قال: وجاء نحو هذا عن الحسن البصري.

وقال آخرون: هي ما أوعد الله عليه بنار في الآخرة، أو أوجب فيه حدا في الدنيا، وممن نص على هذا الأخير الإمام أحمد، ومن الشافعية الماوردي.

وقد ضبط كثير من الشافعية الكبائر بضوابط أخرى، منها قول إمام الحرمين: كل جريمة تؤذن بقلة اكثراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة.
وقول الحليمي: كل محرم لعينه منهي عنه لمعنى في نفسه، وقال الرافعي: هي ما أوجب الحد واستشكل بأن كثيرا مما وردت النصوص بكونه كبيرة لا حد فيه كالعقوق.

ومن أحسن الضوابط، وهو الذي تستريح إليه النفس، ما قال القرطبي في المفهم، ونصه: الراجح أن كل ذنب نص على كبره أو عظمه أو توعد عليه بالعقاب، أو علق عليه حد، أو شدد النكير عليه فهو كبيرة.
اهـ.

ومما ورد النص بكونه كبيرة ( غير ما ورد في حديثنا) السحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات، واليمين الفاجرة، والإلحاد في الحرم أو استحلال البيت الحرام، وشرب الخمر، والسرقة، والتعرب بعد الهجرة، وفراق الجماعة، ونكث الصفقة، والغلول، والزنا، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، والبهتان، والألد الخصم، والمنان، والديوث، ومن غير منار الأرض، والنميمة، والغيبة، وترك التنزه عن البول، والنهبة، ومنع فضل الماء، ومن أتى حائضا أو كاهنا، والتسبب في لعن الوالدين، وما لم يرد فيه نص على كونه كبيرة مع كونه كبيرة لا ضابط له، وما نشك في كونه كبيرة يجب البعد عنه حذرا أن يكون كذلك.

قال الواحدي: ما لم ينص الشارع على كونه كبيرة فالحكمة في إخفائه أن يمتنع العبد من الوقوع فيه خشية أن يكون كبيرة.
كإخفاء ليلة القدر.
اهـ.

وهذا ومع إيماننا بانقسام الذنوب إلى كبائر وصغائر يجب أن نستشعر أن الذنب قد يعد بالنسبة إلى حق الأقران والزملاء صغيرة، ولكنه في حق الملك يكون كبيرة، والرب أعظم من عصي، فكل ذنب بالإضافة إلى مخالفته عظيم.

ثم إن الإصرار على الصغيرة، والإكثار من الصغائر يجعلها كبائر، لأن نفس الإصرار على العصيان كبيرة، ولأن التكرار أو الإكثار من الصغائر يؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين، فقد روي عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما رضي الله عنهما: لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار قال ابن عبد السلام: وحد الإصرار هو أن تتكرر منه الصغيرة تكرارا يشعر بقلة مبالاته بدينه، إشعار ارتكاب الكبيرة بذلك.
أما ما يحمل على فلتات النفس أو اللسان، ولا ينفك عن تندم يمتزج به تنغيص التلذذ بالمعصية فهو صغيرة، على أن ما يعد صغيرة في حق البعض قد يعد كبيرة في حق الآخرين، فهفوة الجهلاء والفاسقين ليست كهفوة العلماء والصالحين، وما لا يعد معصية في حق العامة قد يعد ذنبا في حق الأنبياء، ومن هنا قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.

ويؤخذ من الحديث

1- قال ابن دقيق العيد: يستفاد من قوله: أكبر الكبائر انقسام الذنوب إلى كبير وأكبر، ويستنبط منه أن في الذنوب صغائر وكبائر، ولا يلزم من كون الذي ذكر أنه أكبر الكبائر استواؤها، فإن الشرك بالله أعظم من جميع ما ذكر معه.

قال الحافظ ابن حجر: وفي استنباطه من الحديث أن في الذنوب صغائر وكبائر نظر، لأن من قال: كل ذنب كبيرة فالكبائر والذنوب عنده متواردات على شيء واحد، فكأنه قيل: ألا أنبئكم بأكبر الذنوب؟

2- التحريض على مجانبة كبائر الذنوب.

3- الزجر عن فعل ما ينهى عنه.

4- تغليظ أمر شهادة الزور، لما يترتب عليها من المفاسد، وإن كانت مراتبها متفاوتة، وفي معناها كل ما كان زورا من تعاطي المرء ما ليس له أهلا.

5- قال المهلب: يجوز للعالم والمفتي والإمام الاتكاء في مجلسه بحضرة الناس لألم يجده في بعض أعضائه، أو لراحة يرتفق بذلك، ولا يكون ذلك في عامة جلوسه.
اهـ وأقول: إن محل ذلك حيث يرضى جلساؤه به ويحبونه، أما حيث يتأفف منه الجلساء ويستنكرونه ويحملونه على الإهمال وسوء الأدب فلا يجوز.

6- استحباب إعادة الموعظة ثلاثا لتفهم.

7- انزعاج الواعظ في وعظه ليكون أبلغ في الوعي عنه.

8- إشفاق التلميذ على شيخه إذا رآه منزعجا.

9- تمني عدم غضبه لما يترتب على الغضب من تغيير مزاجه.

10- ما كان عليه الصحابة من كثرة الأدب معه صلى الله عليه وسلم والمحبة له والشفقة عليه.
والله أعلم.

هذا وللحديث صلة وثيقة بشرح الحديث الآتي فليراجع.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب بَيَانِ الْكَبَائِرِ وَأَكْبَرِهَا
[ سـ :155 ... بـ :87]
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ قَوْلُ الزُّورِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ
بَابُ الْكَبَائِرِ وَأَكْبَرِهَا
فِيهِ ( أَبُو بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ قَوْلُ الزُّورِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ ) قَالَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكَبَائِرِ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَقَوْلُ الزُّورِ )