هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1491 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ أَنَّهُ قَالَ : مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَمْ أَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَالَ : أَمَّا مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذْ انْحَدَرَ فِي الوَادِي يُلَبِّي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1491 حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثني ابن أبي عدي ، عن ابن عون ، عن مجاهد ، قال : كنا عند ابن عباس رضي الله عنهما ، فذكروا الدجال أنه قال : مكتوب بين عينيه كافر ، فقال ابن عباس : لم أسمعه ولكنه قال : أما موسى كأني أنظر إليه إذ انحدر في الوادي يلبي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ أَنَّهُ قَالَ : مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَمْ أَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَالَ : أَمَّا مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذْ انْحَدَرَ فِي الوَادِي يُلَبِّي .

Narrated Mujahid:

I was in the company of Ibn `Abbas and the people talked about Ad-Dajjal and said, Ad-Dajjal will come with the word Kafir (non-believer) written in between his eyes. On that Ibn `Abbas said, I have not heard this from the Prophet (ﷺ) but I heard him saying, 'As if I saw Moses just now entering the valley reciting Talbyia. '

Mujâhid dit: «Nous étions chez ibn 'Abbâs () lorsque les présents parlèrent du faux [Messie] et dirent que [le Prophète] avait dit: II est écrit Dénégateur entre ses yeux. Et ibn 'Abbâs de nier:

":"ہم سے محمد بن مثنیٰ نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے ابن عدی نے بیان کیا ، ان سے عبداللہ بن عون نے ان سے مجاہد نے بیان کیا ، کہا کہہم عبداللہ بن عباس رضی اللہ عنہما کی خدمت میں حاضر تھے ۔ لوگوں نے دجال کا ذکر کیا کہ آنحضور صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ہے کہ اس کی دونوں آنکھوں کے درمیان کافر لکھا ہوا ہو گا ۔ تو ابن عباس رضی اللہ عنہما نے فرمایا کہ میں نے تو یہ نہیں سنا ۔ ہاں آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے یہ فرمایا تھا کہ گویا میں موسیٰ علیہ السلام کو دیکھ رہا ہوں کہ جب آپ نالے میں اترے تو لبیک کہہ رہے ہیں ۔

Mujâhid dit: «Nous étions chez ibn 'Abbâs () lorsque les présents parlèrent du faux [Messie] et dirent que [le Prophète] avait dit: II est écrit Dénégateur entre ses yeux. Et ibn 'Abbâs de nier:

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1555] أَمَّا مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ قَالَ الْمُهَلَّبُ هَذَا وَهَمٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ أَثَرٌ وَلَا خَبَرٌ أَن مُوسَى حَيّ وَأَنه سيحج وَإِنَّمَا أَتَى ذَلِكَ عَنْ عِيسَى فَاشْتَبَهَ عَلَى الرَّاوِي وَيَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَيُهِلَّنَّ بن مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ انْتَهَى وَهُوَ تَغْلِيطٌ لِلثِّقَاتِ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ فَسَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ بِزِيَادَةِ ذِكْرِ إِبْرَاهِيمَ فِيهِ أَفَيُقَالُ إِنَّ الرَّاوِيَ غَلِطَ فَزَادَهُ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَة عَن بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى هَابِطًا مِنَ الثَّنِيَّةِ وَاضِعًا إِصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ قَالَهُ لَمَّا مَرَّ بِوَادِي الْأَزْرَقِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ تَسْمِيَةُ الْوَادِي وَهُوَ خَلْفَ أَمَجَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مِيلٌ وَاحِدٌ وَأَمَجُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَبِالْجِيمِ قَرْيَةٌ ذَاتُ مَزَارِعَ هُنَاكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا ذِكْرُ يُونُسَ أَفَيُقَالُ إِنَّ الرَّاوِيَ الْآخَرَ غَلِطَ فَزَادَ يُونُسُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ عَلَى أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ هُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَلَا مَانِعُ أَنْ يَحُجُّوا فِي هَذَا الْحَالِ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى مُوسَى قَائِمًا فِي قَبْرِهِ يُصَلِّي قَالَ الْقُرْطُبِيُّ حُبِّبَتْ إِلَيْهِمُ الْعِبَادَةُ فَهُمْ يَتَعَبَّدُونَ بِمَا يَجِدُونَهُ مِنْ دَوَاعِي أَنْفُسِهِمْ لَا بِمَا يُلْزَمُونَ بِهِ كَمَا يُلْهَمُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الذِّكْرَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ عَمَلَ الْآخِرَةِ ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ لقَوْله تَعَالَى دَعوَاهُم فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ الْآيَةَ لَكِنَّ تَمَامَ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْمَنْظُورَ إِلَيْهِ هِيَ أَرْوَاحُهُمْ فَلَعَلَّهَا مُثِّلَتْ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا كَمَا مُثِّلَتْ لَهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ.

.
وَأَمَّا أَجْسَادُهُمْ فَهِيَ فِي الْقُبُور قَالَ بن الْمُنِيرِ وَغَيْرُهُ يَجْعَلُ اللَّهُ لِرُوحِهِ مِثَالًا فَيَرَى فِي الْيَقَظَةَ كَمَا يَرَى فِي النَّوْمِ ثَانِيهَا كَأَنَّهُ مُثِّلَتْ لَهُ أَحْوَالُهُمُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَيْفَ تَعَبَّدُوا وَكَيْفَ حَجُّوا وَكَيْفَ لَبَّوْا وَلِهَذَا قَالَ كَأَنِّي ثَالِثُهَا كَأَنَّهُ أُخْبِرَ بِالْوَحْيِ عَنْ ذَلِكَ فَلِشِدَّةِ قَطْعِهِ بِهِ قَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ رَابِعُهَا كَأَنَّهَا رُؤْيَةُ مَنَامٍ تقدّمت لَهُ فَأخْبر عَنْهَا لما حج عِنْد مَا تذكرالنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ وَهُوَ حَلَالٌ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ وَاعْتَمَدُوا أَحَادِيثَ الْبَابِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ يَصِحُّ نِكَاحُهُ لِحَدِيثِ قِصَّةِ مَيْمُونَةَ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ بِأَجْوِبَةٍ أَصَحُّهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا حَلَالًا هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَرْوِ أنه تزوجها محرما الا بن عَبَّاسٍ وَحْدَهُ وَرَوَتْ مَيْمُونَةُ وَأَبُو رَافِعٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا وَهُمْ أَعْرَفُ بِالْقَضِيَّةِ لِتَعَلُّقِهِمْ به بخلاف بن عباس ولأنهم أضبط من بن عباس وأكثر الجواب الثاني تأويل حديث بن عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ وَيُقَالُ لِمَنْ هُوَ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمٌ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا وَهِيَ لُغَةٌ شَائِعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ومنه البيت المشهور ... قتلوا بن عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا ... ... أَيْ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ تَعَارَضَ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ وَالصَّحِيحُ حِينَئِذٍ عند الأصوليين ترجيح القول لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى الْغَيْرِ وَالْفِعْلُ قَدْ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ وَالرَّابِعُ جَوَابُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مِمَّا خُصَّ بِهِ دُونَ الْأُمَّةِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ حَرَامٌ فِي حَقِّهِ كَغَيْرِهِ وَلَيْسَ مِنَ الْخَصَائِصِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوَلَا يَنْكِحُ فَمَعْنَاهُ لَا يُزَوِّجُ امْرَأَةً بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُهُ أَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ فِي مُدَّةِ الْإِحْرَامِ مِنَ الْعَقْدِ لِنَفْسِهِ صَارَ كَالْمَرْأَةِ فَلَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَظَاهِرُ هَذَا الْعُمُومِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُزَوِّجَ بِوِلَايَةٍ خَاصَّةٍ كَالْأَبِ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ أَوْ بِوِلَايَةٍ عَامَّةٍ وَهُوَ السُّلْطَانُ وَالْقَاضِي وَنَائِبُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا.

     وَقَالَ  بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ الْمُحْرِمُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لِأَنَّهَا يُسْتَفَادُ بِهَا مَا لَا يُسْتَفَادُ بِالْخَاصَّةِ وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ تَزْوِيجُ الذِّمِّيَّةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ دُونَ الْخَاصَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَلَوْ عَقَدَ لَمْ يَنْعَقِدْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْرِمُ هُوَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ أَوِ الْعَاقِدُ لَهُمَا بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ مُحِلِّينَ وَوَكَّلَ الْوَلِيُّ أَوِ الزَّوْجُ مُحْرِمًا فِي الْعَقْدِ لَمْ يَنْعَقِدْ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَخْطُبُ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فِي نِكَاحٍ عَقَدَهُ الْمُحِلُّونَ.

     وَقَالَ  بعض أصحابنا لا ينعقد بشهادته لِأَنَّ الشَّاهِدَ رُكْنٌ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ كَالْوَلِيِّ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ انْعِقَادُهُ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ) ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهٍ قَالَ بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَكَانَ يَخْطُبُ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى ابْنِهِ هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ عَنْ أَيُّوبَ فِي رِوَايَةِ بِنْتِ شَيْبَةَ بْنِعُثْمَانَ وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ وَزَعَمَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ أَنَّهُ الصَّوَابُ وَأَنَّ مَالِكًا وَهِمَ فِيهِ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ بَلْ قَوْلُ مَالِكٍ هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّهَا بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ الحَجَبِيُّ كَذَا حَكَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ قَالَ الْقَاضِي وَلَعَلَّ مَنْ قَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ فَلَا يَكُونُ خَطَأً بَلِ الرِّوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ إِحْدَاهُمَا حَقِيقَةٌ وَالْأُخْرَى مَجَازٌ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ هَذِهِ الْبِنْتَ تُسَمَّى أَمَةَ الْحُمَيْدِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي إِسْنَادِ رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ رِوَايَةُ أَرْبَعَةِ تَابِعِيِّينِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَنَافِعٌ وَنُبَيْهٌ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى نَظَائِرَ كَثِيرَةٍ لِهَذَا سَبَقَتْ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ أَفْرَدْتُهَا فِي جُزْءٍ مَعَ رُبَاعِيَّاتِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  ( فَقَالَ له أبا أن لا أُرَاكَ عِرَاقِيًّا جَافِيًا) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا عِرَاقِيًّا وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عِرَاقِيًّا وَفِي بَعْضِهَا أَعْرَابِيًّا قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْ جَاهِلًا بِالسُّنَّةِ وَالْأَعْرَابِيُّالنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ وَهُوَ حَلَالٌ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ وَاعْتَمَدُوا أَحَادِيثَ الْبَابِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ يَصِحُّ نِكَاحُهُ لِحَدِيثِ قِصَّةِ مَيْمُونَةَ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ بِأَجْوِبَةٍ أَصَحُّهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا حَلَالًا هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَرْوِ أنه تزوجها محرما الا بن عَبَّاسٍ وَحْدَهُ وَرَوَتْ مَيْمُونَةُ وَأَبُو رَافِعٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا وَهُمْ أَعْرَفُ بِالْقَضِيَّةِ لِتَعَلُّقِهِمْ به بخلاف بن عباس ولأنهم أضبط من بن عباس وأكثر الجواب الثاني تأويل حديث بن عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ وَيُقَالُ لِمَنْ هُوَ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمٌ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا وَهِيَ لُغَةٌ شَائِعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ومنه البيت المشهور ... قتلوا بن عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا ... ... أَيْ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ تَعَارَضَ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ وَالصَّحِيحُ حِينَئِذٍ عند الأصوليين ترجيح القول لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى الْغَيْرِ وَالْفِعْلُ قَدْ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ وَالرَّابِعُ جَوَابُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مِمَّا خُصَّ بِهِ دُونَ الْأُمَّةِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ حَرَامٌ فِي حَقِّهِ كَغَيْرِهِ وَلَيْسَ مِنَ الْخَصَائِصِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوَلَا يَنْكِحُ فَمَعْنَاهُ لَا يُزَوِّجُ امْرَأَةً بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُهُ أَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ فِي مُدَّةِ الْإِحْرَامِ مِنَ الْعَقْدِ لِنَفْسِهِ صَارَ كَالْمَرْأَةِ فَلَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَظَاهِرُ هَذَا الْعُمُومِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُزَوِّجَ بِوِلَايَةٍ خَاصَّةٍ كَالْأَبِ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ أَوْ بِوِلَايَةٍ عَامَّةٍ وَهُوَ السُّلْطَانُ وَالْقَاضِي وَنَائِبُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا.

     وَقَالَ  بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ الْمُحْرِمُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لِأَنَّهَا يُسْتَفَادُ بِهَا مَا لَا يُسْتَفَادُ بِالْخَاصَّةِ وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ تَزْوِيجُ الذِّمِّيَّةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ دُونَ الْخَاصَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَلَوْ عَقَدَ لَمْ يَنْعَقِدْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْرِمُ هُوَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ أَوِ الْعَاقِدُ لَهُمَا بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ مُحِلِّينَ وَوَكَّلَ الْوَلِيُّ أَوِ الزَّوْجُ مُحْرِمًا فِي الْعَقْدِ لَمْ يَنْعَقِدْ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَخْطُبُ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فِي نِكَاحٍ عَقَدَهُ الْمُحِلُّونَ.

     وَقَالَ  بعض أصحابنا لا ينعقد بشهادته لِأَنَّ الشَّاهِدَ رُكْنٌ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ كَالْوَلِيِّ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ انْعِقَادُهُ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ) ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهٍ قَالَ بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَكَانَ يَخْطُبُ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى ابْنِهِ هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ عَنْ أَيُّوبَ فِي رِوَايَةِ بِنْتِ شَيْبَةَ بْنِعُثْمَانَ وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ وَزَعَمَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ أَنَّهُ الصَّوَابُ وَأَنَّ مَالِكًا وَهِمَ فِيهِ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ بَلْ قَوْلُ مَالِكٍ هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّهَا بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ الحَجَبِيُّ كَذَا حَكَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ قَالَ الْقَاضِي وَلَعَلَّ مَنْ قَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ فَلَا يَكُونُ خَطَأً بَلِ الرِّوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ إِحْدَاهُمَا حَقِيقَةٌ وَالْأُخْرَى مَجَازٌ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ هَذِهِ الْبِنْتَ تُسَمَّى أَمَةَ الْحُمَيْدِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي إِسْنَادِ رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ رِوَايَةُ أَرْبَعَةِ تَابِعِيِّينِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَنَافِعٌ وَنُبَيْهٌ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى نَظَائِرَ كَثِيرَةٍ لِهَذَا سَبَقَتْ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ أَفْرَدْتُهَا فِي جُزْءٍ مَعَ رُبَاعِيَّاتِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  ( فَقَالَ له أبا أن لا أُرَاكَ عِرَاقِيًّا جَافِيًا) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا عِرَاقِيًّا وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عِرَاقِيًّا وَفِي بَعْضِهَا أَعْرَابِيًّا قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْ جَاهِلًا بِالسُّنَّةِ وَالْأَعْرَابِيُّالنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ وَهُوَ حَلَالٌ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ وَاعْتَمَدُوا أَحَادِيثَ الْبَابِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ يَصِحُّ نِكَاحُهُ لِحَدِيثِ قِصَّةِ مَيْمُونَةَ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ بِأَجْوِبَةٍ أَصَحُّهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا حَلَالًا هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَرْوِ أنه تزوجها محرما الا بن عَبَّاسٍ وَحْدَهُ وَرَوَتْ مَيْمُونَةُ وَأَبُو رَافِعٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا وَهُمْ أَعْرَفُ بِالْقَضِيَّةِ لِتَعَلُّقِهِمْ به بخلاف بن عباس ولأنهم أضبط من بن عباس وأكثر الجواب الثاني تأويل حديث بن عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ وَيُقَالُ لِمَنْ هُوَ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمٌ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا وَهِيَ لُغَةٌ شَائِعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ومنه البيت المشهور ... قتلوا بن عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا ... ... أَيْ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ تَعَارَضَ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ وَالصَّحِيحُ حِينَئِذٍ عند الأصوليين ترجيح القول لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى الْغَيْرِ وَالْفِعْلُ قَدْ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ وَالرَّابِعُ جَوَابُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مِمَّا خُصَّ بِهِ دُونَ الْأُمَّةِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ حَرَامٌ فِي حَقِّهِ كَغَيْرِهِ وَلَيْسَ مِنَ الْخَصَائِصِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوَلَا يَنْكِحُ فَمَعْنَاهُ لَا يُزَوِّجُ امْرَأَةً بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُهُ أَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ فِي مُدَّةِ الْإِحْرَامِ مِنَ الْعَقْدِ لِنَفْسِهِ صَارَ كَالْمَرْأَةِ فَلَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَظَاهِرُ هَذَا الْعُمُومِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُزَوِّجَ بِوِلَايَةٍ خَاصَّةٍ كَالْأَبِ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ أَوْ بِوِلَايَةٍ عَامَّةٍ وَهُوَ السُّلْطَانُ وَالْقَاضِي وَنَائِبُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا.

     وَقَالَ  بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ الْمُحْرِمُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لِأَنَّهَا يُسْتَفَادُ بِهَا مَا لَا يُسْتَفَادُ بِالْخَاصَّةِ وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ تَزْوِيجُ الذِّمِّيَّةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ دُونَ الْخَاصَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَلَوْ عَقَدَ لَمْ يَنْعَقِدْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْرِمُ هُوَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ أَوِ الْعَاقِدُ لَهُمَا بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ مُحِلِّينَ وَوَكَّلَ الْوَلِيُّ أَوِ الزَّوْجُ مُحْرِمًا فِي الْعَقْدِ لَمْ يَنْعَقِدْ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَخْطُبُ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فِي نِكَاحٍ عَقَدَهُ الْمُحِلُّونَ.

     وَقَالَ  بعض أصحابنا لا ينعقد بشهادته لِأَنَّ الشَّاهِدَ رُكْنٌ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ كَالْوَلِيِّ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ انْعِقَادُهُ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ) ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهٍ قَالَ بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَكَانَ يَخْطُبُ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى ابْنِهِ هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ عَنْ أَيُّوبَ فِي رِوَايَةِ بِنْتِ شَيْبَةَ بْنِعُثْمَانَ وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ وَزَعَمَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ أَنَّهُ الصَّوَابُ وَأَنَّ مَالِكًا وَهِمَ فِيهِ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ بَلْ قَوْلُ مَالِكٍ هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّهَا بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ الحَجَبِيُّ كَذَا حَكَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ قَالَ الْقَاضِي وَلَعَلَّ مَنْ قَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ فَلَا يَكُونُ خَطَأً بَلِ الرِّوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ إِحْدَاهُمَا حَقِيقَةٌ وَالْأُخْرَى مَجَازٌ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ هَذِهِ الْبِنْتَ تُسَمَّى أَمَةَ الْحُمَيْدِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي إِسْنَادِ رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ رِوَايَةُ أَرْبَعَةِ تَابِعِيِّينِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَنَافِعٌ وَنُبَيْهٌ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى نَظَائِرَ كَثِيرَةٍ لِهَذَا سَبَقَتْ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ أَفْرَدْتُهَا فِي جُزْءٍ مَعَ رُبَاعِيَّاتِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  ( فَقَالَ له أبا أن لا أُرَاكَ عِرَاقِيًّا جَافِيًا) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا عِرَاقِيًّا وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عِرَاقِيًّا وَفِي بَعْضِهَا أَعْرَابِيًّا قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْ جَاهِلًا بِالسُّنَّةِ وَالْأَعْرَابِيُّالنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ وَهُوَ حَلَالٌ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ وَاعْتَمَدُوا أَحَادِيثَ الْبَابِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ يَصِحُّ نِكَاحُهُ لِحَدِيثِ قِصَّةِ مَيْمُونَةَ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ بِأَجْوِبَةٍ أَصَحُّهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا حَلَالًا هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَرْوِ أنه تزوجها محرما الا بن عَبَّاسٍ وَحْدَهُ وَرَوَتْ مَيْمُونَةُ وَأَبُو رَافِعٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا وَهُمْ أَعْرَفُ بِالْقَضِيَّةِ لِتَعَلُّقِهِمْ به بخلاف بن عباس ولأنهم أضبط من بن عباس وأكثر الجواب الثاني تأويل حديث بن عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ وَيُقَالُ لِمَنْ هُوَ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمٌ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا وَهِيَ لُغَةٌ شَائِعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ومنه البيت المشهور ... قتلوا بن عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا ... ... أَيْ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ تَعَارَضَ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ وَالصَّحِيحُ حِينَئِذٍ عند الأصوليين ترجيح القول لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى الْغَيْرِ وَالْفِعْلُ قَدْ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ وَالرَّابِعُ جَوَابُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مِمَّا خُصَّ بِهِ دُونَ الْأُمَّةِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ حَرَامٌ فِي حَقِّهِ كَغَيْرِهِ وَلَيْسَ مِنَ الْخَصَائِصِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوَلَا يَنْكِحُ فَمَعْنَاهُ لَا يُزَوِّجُ امْرَأَةً بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُهُ أَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ فِي مُدَّةِ الْإِحْرَامِ مِنَ الْعَقْدِ لِنَفْسِهِ صَارَ كَالْمَرْأَةِ فَلَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَظَاهِرُ هَذَا الْعُمُومِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُزَوِّجَ بِوِلَايَةٍ خَاصَّةٍ كَالْأَبِ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ أَوْ بِوِلَايَةٍ عَامَّةٍ وَهُوَ السُّلْطَانُ وَالْقَاضِي وَنَائِبُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا.

     وَقَالَ  بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ الْمُحْرِمُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لِأَنَّهَا يُسْتَفَادُ بِهَا مَا لَا يُسْتَفَادُ بِالْخَاصَّةِ وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ تَزْوِيجُ الذِّمِّيَّةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ دُونَ الْخَاصَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَلَوْ عَقَدَ لَمْ يَنْعَقِدْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْرِمُ هُوَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ أَوِ الْعَاقِدُ لَهُمَا بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ مُحِلِّينَ وَوَكَّلَ الْوَلِيُّ أَوِ الزَّوْجُ مُحْرِمًا فِي الْعَقْدِ لَمْ يَنْعَقِدْ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَخْطُبُ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فِي نِكَاحٍ عَقَدَهُ الْمُحِلُّونَ.

     وَقَالَ  بعض أصحابنا لا ينعقد بشهادته لِأَنَّ الشَّاهِدَ رُكْنٌ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ كَالْوَلِيِّ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ انْعِقَادُهُ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ) ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهٍ قَالَ بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَكَانَ يَخْطُبُ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى ابْنِهِ هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ عَنْ أَيُّوبَ فِي رِوَايَةِ بِنْتِ شَيْبَةَ بْنِعُثْمَانَ وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ وَزَعَمَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ أَنَّهُ الصَّوَابُ وَأَنَّ مَالِكًا وَهِمَ فِيهِ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ بَلْ قَوْلُ مَالِكٍ هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّهَا بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ الحَجَبِيُّ كَذَا حَكَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ قَالَ الْقَاضِي وَلَعَلَّ مَنْ قَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ فَلَا يَكُونُ خَطَأً بَلِ الرِّوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ إِحْدَاهُمَا حَقِيقَةٌ وَالْأُخْرَى مَجَازٌ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ هَذِهِ الْبِنْتَ تُسَمَّى أَمَةَ الْحُمَيْدِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي إِسْنَادِ رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ رِوَايَةُ أَرْبَعَةِ تَابِعِيِّينِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَنَافِعٌ وَنُبَيْهٌ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى نَظَائِرَ كَثِيرَةٍ لِهَذَا سَبَقَتْ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ أَفْرَدْتُهَا فِي جُزْءٍ مَعَ رُبَاعِيَّاتِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  ( فَقَالَ له أبا أن لا أُرَاكَ عِرَاقِيًّا جَافِيًا) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا عِرَاقِيًّا وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عِرَاقِيًّا وَفِي بَعْضِهَا أَعْرَابِيًّا قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْ جَاهِلًا بِالسُّنَّةِ وَالْأَعْرَابِيُّالنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ وَهُوَ حَلَالٌ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ وَاعْتَمَدُوا أَحَادِيثَ الْبَابِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ يَصِحُّ نِكَاحُهُ لِحَدِيثِ قِصَّةِ مَيْمُونَةَ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ بِأَجْوِبَةٍ أَصَحُّهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا حَلَالًا هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَرْوِ أنه تزوجها محرما الا بن عَبَّاسٍ وَحْدَهُ وَرَوَتْ مَيْمُونَةُ وَأَبُو رَافِعٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا وَهُمْ أَعْرَفُ بِالْقَضِيَّةِ لِتَعَلُّقِهِمْ به بخلاف بن عباس ولأنهم أضبط من بن عباس وأكثر الجواب الثاني تأويل حديث بن عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ وَيُقَالُ لِمَنْ هُوَ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمٌ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا وَهِيَ لُغَةٌ شَائِعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ومنه البيت المشهور ... قتلوا بن عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا ... ... أَيْ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ تَعَارَضَ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ وَالصَّحِيحُ حِينَئِذٍ عند الأصوليين ترجيح القول لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى الْغَيْرِ وَالْفِعْلُ قَدْ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ وَالرَّابِعُ جَوَابُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مِمَّا خُصَّ بِهِ دُونَ الْأُمَّةِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ حَرَامٌ فِي حَقِّهِ كَغَيْرِهِ وَلَيْسَ مِنَ الْخَصَائِصِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوَلَا يَنْكِحُ فَمَعْنَاهُ لَا يُزَوِّجُ امْرَأَةً بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُهُ أَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ فِي مُدَّةِ الْإِحْرَامِ مِنَ الْعَقْدِ لِنَفْسِهِ صَارَ كَالْمَرْأَةِ فَلَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَظَاهِرُ هَذَا الْعُمُومِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُزَوِّجَ بِوِلَايَةٍ خَاصَّةٍ كَالْأَبِ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ أَوْ بِوِلَايَةٍ عَامَّةٍ وَهُوَ السُّلْطَانُ وَالْقَاضِي وَنَائِبُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا.

     وَقَالَ  بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ الْمُحْرِمُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لِأَنَّهَا يُسْتَفَادُ بِهَا مَا لَا يُسْتَفَادُ بِالْخَاصَّةِ وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ تَزْوِيجُ الذِّمِّيَّةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ دُونَ الْخَاصَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَلَوْ عَقَدَ لَمْ يَنْعَقِدْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْرِمُ هُوَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ أَوِ الْعَاقِدُ لَهُمَا بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ مُحِلِّينَ وَوَكَّلَ الْوَلِيُّ أَوِ الزَّوْجُ مُحْرِمًا فِي الْعَقْدِ لَمْ يَنْعَقِدْ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَخْطُبُ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فِي نِكَاحٍ عَقَدَهُ الْمُحِلُّونَ.

     وَقَالَ  بعض أصحابنا لا ينعقد بشهادته لِأَنَّ الشَّاهِدَ رُكْنٌ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ كَالْوَلِيِّ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ انْعِقَادُهُ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ) ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهٍ قَالَ بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَكَانَ يَخْطُبُ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى ابْنِهِ هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ عَنْ أَيُّوبَ فِي رِوَايَةِ بِنْتِ شَيْبَةَ بْنِعُثْمَانَ وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ وَزَعَمَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ أَنَّهُ الصَّوَابُ وَأَنَّ مَالِكًا وَهِمَ فِيهِ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ بَلْ قَوْلُ مَالِكٍ هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّهَا بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ الحَجَبِيُّ كَذَا حَكَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ قَالَ الْقَاضِي وَلَعَلَّ مَنْ قَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ فَلَا يَكُونُ خَطَأً بَلِ الرِّوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ إِحْدَاهُمَا حَقِيقَةٌ وَالْأُخْرَى مَجَازٌ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ هَذِهِ الْبِنْتَ تُسَمَّى أَمَةَ الْحُمَيْدِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي إِسْنَادِ رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ رِوَايَةُ أَرْبَعَةِ تَابِعِيِّينِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَنَافِعٌ وَنُبَيْهٌ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى نَظَائِرَ كَثِيرَةٍ لِهَذَا سَبَقَتْ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ أَفْرَدْتُهَا فِي جُزْءٍ مَعَ رُبَاعِيَّاتِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  ( فَقَالَ له أبا أن لا أُرَاكَ عِرَاقِيًّا جَافِيًا) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا عِرَاقِيًّا وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عِرَاقِيًّا وَفِي بَعْضِهَا أَعْرَابِيًّا قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْ جَاهِلًا بِالسُّنَّةِ وَالْأَعْرَابِيُّذَلِكَ وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدِي لِمَا سَيَأْتِي فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ التَّصْرِيحِ بِنَحْوِ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ وَكَوْنُ ذَلِكَ كَانَ فِي الْمَنَامِ وَالَّذِي قَبْلَهُ أَيْضًا لَيْسَ بِبَعِيد وَالله أعلم قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ تَوْهِيمُ الْمُهَلَّبِ لِلرَّاوِي وَهَمٌ مِنْهُ وَإِلَّا فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ عِيسَى مُنْذُ رُفِعَ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ وإِنَّمَا ثَبَتَ أَنَّهُ سَيَنْزِلُ.

.

قُلْتُ أَرَادَ الْمُهَلَّبُ بِأَنَّ عِيسَى لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ سَيَنْزِلُ كَانَ كَالْمُحَقَّقِ فَقَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ الْمُهَلَّبُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي فِيهِ ليهلن بن مَرْيَم بِالْحَجِّ وَالله أعلم قَوْله إِذا انْحَدَرَ كَذَا فِي الْأُصُولِ وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ أَنْكَرَ إِثْبَاتَ الْأَلِفِ وَغَلَّطَ رُوَاتَهُ قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ إِذَا وَإِذْ هُنَا لِأَنَّهُ وَصَفَهُ حَالَةَ انْحِدَارِهِ فِيمَا مَضَى وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ التَّلْبِيَةَ فِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ وَأَنَّهَا تَتَأَكَّدُ عِنْدَ الْهُبُوطِ كَمَا تَتَأَكَّدُ عِنْدَ الصُّعُودِ تَنْبِيهٌ لَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ مِمَّنْ رَوَى هَذَا الحَدِيث عَن بن عَوْنٍ بِذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُرَادٌ لِأَنَّ ذَلِك لَا يَقُوله بن عَبَّاسٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَلَا عَنْ غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( قَولُهُ بَابُ كَيْفَ تُهِلُّ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ) أَيْ كَيْفَ تُحْرِمُ .

     قَوْلُهُ  أَهَلَّ تَكَلَّمَ بِهِ إِلَخْ هَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ أَصْلَ الْإِهْلَالِ رَفْعُ الصَّوْتِ لِأَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ يَقَعُ بِذِكْرِ الشَّيْءِ عِنْدَ ظُهُورِهِ .

     قَوْلُهُ  وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَهُوَ مِنَ اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ أَيْ أَنَّهُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِذَلِكَ فَاسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ أَيْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالصِّيَاحِ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَأُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ أَيْ رُفِعَ الصَّوْتُ بِهِ عِنْدَ الذَّبْحِ لِلْأَصْنَامِ وَمِنْهُ اسْتِهْلَالُ الْمَطَرِ وَالدَّمْعِ وَهُوَ صَوْتُ وَقْعِهِ بِالْأَرْضِ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ الظُّهُورُ غَالِبًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ التَّلْبِيَةِ إِذَا انْحَدَرَ فِي الْوَادِي)
أورد فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَمَّا مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذَا انْحَدَرَ إِلَى الْوَادِي يُلَبِّي وَفِيهِ قِصَّةٌ وَسَيَأْتِي بِهَذا الْإِسْنَادِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ وَقَولُهُ

[ قــ :1491 ... غــ :1555] أَمَّا مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ قَالَ الْمُهَلَّبُ هَذَا وَهَمٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ أَثَرٌ وَلَا خَبَرٌ أَن مُوسَى حَيّ وَأَنه سيحج وَإِنَّمَا أَتَى ذَلِكَ عَنْ عِيسَى فَاشْتَبَهَ عَلَى الرَّاوِي وَيَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَيُهِلَّنَّ بن مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ انْتَهَى وَهُوَ تَغْلِيطٌ لِلثِّقَاتِ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ فَسَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ بِزِيَادَةِ ذِكْرِ إِبْرَاهِيمَ فِيهِ أَفَيُقَالُ إِنَّ الرَّاوِيَ غَلِطَ فَزَادَهُ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَة عَن بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى هَابِطًا مِنَ الثَّنِيَّةِ وَاضِعًا إِصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ قَالَهُ لَمَّا مَرَّ بِوَادِي الْأَزْرَقِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ تَسْمِيَةُ الْوَادِي وَهُوَ خَلْفَ أَمَجَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مِيلٌ وَاحِدٌ وَأَمَجُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَبِالْجِيمِ قَرْيَةٌ ذَاتُ مَزَارِعَ هُنَاكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا ذِكْرُ يُونُسَ أَفَيُقَالُ إِنَّ الرَّاوِيَ الْآخَرَ غَلِطَ فَزَادَ يُونُسُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ عَلَى أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ هُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَلَا مَانِعُ أَنْ يَحُجُّوا فِي هَذَا الْحَالِ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى مُوسَى قَائِمًا فِي قَبْرِهِ يُصَلِّي قَالَ الْقُرْطُبِيُّ حُبِّبَتْ إِلَيْهِمُ الْعِبَادَةُ فَهُمْ يَتَعَبَّدُونَ بِمَا يَجِدُونَهُ مِنْ دَوَاعِي أَنْفُسِهِمْ لَا بِمَا يُلْزَمُونَ بِهِ كَمَا يُلْهَمُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الذِّكْرَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ عَمَلَ الْآخِرَةِ ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ لقَوْله تَعَالَى دَعوَاهُم فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ الْآيَةَ لَكِنَّ تَمَامَ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْمَنْظُورَ إِلَيْهِ هِيَ أَرْوَاحُهُمْ فَلَعَلَّهَا مُثِّلَتْ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا كَمَا مُثِّلَتْ لَهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ.

.
وَأَمَّا أَجْسَادُهُمْ فَهِيَ فِي الْقُبُور قَالَ بن الْمُنِيرِ وَغَيْرُهُ يَجْعَلُ اللَّهُ لِرُوحِهِ مِثَالًا فَيَرَى فِي الْيَقَظَةَ كَمَا يَرَى فِي النَّوْمِ ثَانِيهَا كَأَنَّهُ مُثِّلَتْ لَهُ أَحْوَالُهُمُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَيْفَ تَعَبَّدُوا وَكَيْفَ حَجُّوا وَكَيْفَ لَبَّوْا وَلِهَذَا قَالَ كَأَنِّي ثَالِثُهَا كَأَنَّهُ أُخْبِرَ بِالْوَحْيِ عَنْ ذَلِكَ فَلِشِدَّةِ قَطْعِهِ بِهِ قَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ رَابِعُهَا كَأَنَّهَا رُؤْيَةُ مَنَامٍ تقدّمت لَهُ فَأخْبر عَنْهَا لما حج عِنْد مَا تذكر ذَلِكَ وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدِي لِمَا سَيَأْتِي فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ التَّصْرِيحِ بِنَحْوِ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ وَكَوْنُ ذَلِكَ كَانَ فِي الْمَنَامِ وَالَّذِي قَبْلَهُ أَيْضًا لَيْسَ بِبَعِيد وَالله أعلم قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ تَوْهِيمُ الْمُهَلَّبِ لِلرَّاوِي وَهَمٌ مِنْهُ وَإِلَّا فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ عِيسَى مُنْذُ رُفِعَ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ وإِنَّمَا ثَبَتَ أَنَّهُ سَيَنْزِلُ.

.

قُلْتُ أَرَادَ الْمُهَلَّبُ بِأَنَّ عِيسَى لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ سَيَنْزِلُ كَانَ كَالْمُحَقَّقِ فَقَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ الْمُهَلَّبُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي فِيهِ ليهلن بن مَرْيَم بِالْحَجِّ وَالله أعلم قَوْله إِذا انْحَدَرَ كَذَا فِي الْأُصُولِ وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ أَنْكَرَ إِثْبَاتَ الْأَلِفِ وَغَلَّطَ رُوَاتَهُ قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ إِذَا وَإِذْ هُنَا لِأَنَّهُ وَصَفَهُ حَالَةَ انْحِدَارِهِ فِيمَا مَضَى وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ التَّلْبِيَةَ فِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ وَأَنَّهَا تَتَأَكَّدُ عِنْدَ الْهُبُوطِ كَمَا تَتَأَكَّدُ عِنْدَ الصُّعُودِ تَنْبِيهٌ لَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ مِمَّنْ رَوَى هَذَا الحَدِيث عَن بن عَوْنٍ بِذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُرَادٌ لِأَنَّ ذَلِك لَا يَقُوله بن عَبَّاسٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَلَا عَنْ غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب التَّلْبِيَةِ إِذَا انْحَدَرَ فِي الْوَادِي
( باب التلبية إذا انحدر) المحرم ( في الوادي) .


[ قــ :1491 ... غــ : 1555 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ "كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ أَنَّهُ قَالَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ أَسْمَعْهُ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: أَمَّا مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذِ انْحَدَرَ فِي الْوَادِي يُلَبِّي".
[الحديث 1555 - طرفاه في: 3355، 5913] .

وبالسند قال: ( حدّثنا محمد بن المثنى) المعروف بالزمن ( قال: حدثني) بالإفراد ( ابن أبي عدي) بفتح العين وكسر الدال المهملتين ثم المثناة التحتية المشددة وهو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي ( عن ابن عون) بفتح العين وسكون الواو عبد الله ( عن مجاهد) هو ابن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة المخزومي مولاهم المكي إمام في التفسير ( قال: كنا عند ابن عباس -رضي الله عنهما- فذكروا الدجال أنّه) أي الدجال والهمزة مفتوحة ( قال: مكتوب بين عينيه: كافر) في موضع رفع خبر إن وكافر رفع بقوله مكتوب واسم المفعول يعمل عمل فعله كاسم الفاعل، ( فقال ابن عباس: لم أسمعه) ، عليه الصلاة والسلام زاد في باب الجعد من كتاب اللباس قال ذلك ( ولكنه قال:) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( أما موسى كأني أنظر إليه) رؤيا حقيقية بأن يجعل الله لروحه مثالاً يرى في اليقظة كما يرى في النوم كليلة الإسراء والأنبياء أحياء عند ربهم يرزقون، وقد رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- موسى قائمًا في قبره يصلّي كما رواه مسلم عن أنس أو أنه عليه الصلاة والسلام نظر ذلك في المنام، وبذلك صرح موسى بن عقبة في روايته عن نافع.
ورؤيا الأنبياء حق ووحي أو أنه مثلت له حالة موسى عليه السلام التي كان عليها في الحياة، وكيف يحج ويلبي، أو أنه عليه الصلاة والسلام أخبر بالوحي عن ذلك فلشدة

قطعه به قال: كأني أنظر إليه ( إذ انحدر في الوادي) وادي الأزرق ( يلبي) بحذف الألف بعد الذال، ولأبي ذر: إذا بإثباتها، وأنكرها بعضهم فغلط راويها كما حكاه عياض.
قال: وهو غلط منه إذ لا فرق بين إذا وإذ هنا لأنه وصفة حالة انحداره فيما مضى، وقوله: كأني أنظر إليه جواب أما والأصل فكأني فحذف الفاء وهو حجة على من قال من النحاة أنه لا يجوز حذفها، لكن قد يقال: إن حذفه وقع من الراوي، وقد جوّز ابن مالك حذفها في السعة وخصه بعضهم بالضرورة، وقد اعترض المهلب قوله موسى وقال: إنه وهم من بعض الرواة، وصوّب أنه عيسى لأنه حي، واستدلّ بقوله في الحديث الآخر ليهلن ابن مريم بفج الروحاء.

وأجيب: بأنه لا فرق بين موسى وعيسى لأنه لم يثبت أن عيسى منذ رفع نزل إلى الأرض وإنما ثبت أنه سينزل عند أشراط الساعة، وقد أخرج مسلم الحديث من طريق أبي العالية عن ابن عباس بلفظ: كأني أنظر إلى موسى من الثنية واضعًا إصبعيه في أذنيه مارًا بهذا الوادي وله جوار إلى الله تعالى بالتلبية قاله لما مرّ بوادي الأزرق، وقد زاد في باب: الجعد من كتاب اللباس ذكر إبراهيم ولفظه قال ابن عباس: لم أسمعه قال ذلك، ولكنه قال: أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم، وأما موسى فرجل آدم جعد على جمل أحمر مخطوم بخلب كأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبي.
أفيقال: أن الراوي غلط فزاد إبراهيم، وفي الحديث أن التلبية في بطون الأودية من سنن المرسلين وأنها تتأكد عند الهبوط كما تتأكد عند الصعود.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في اللباس وفي أحاديث الأنبياء، ومسلم في الإيمان.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ التَّلْبِيَةِ إذَا انْحَدَرَ فِي الوَادِي)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان التَّلْبِيَة إِذا انحدر الْمحرم فِي الْوَادي، وَقد ورد فِي الحَدِيث أَن التَّلْبِيَة فِي بطُون الأودية من سنَن الْمُرْسلين، وَأَنَّهَا تتأكد عِنْد الهبوط كَمَا تتأكد عِنْد الصعُود.



[ قــ :1491 ... غــ :1555 ]
- حدَّثنا محَمَّدُ بنُ المُثَنَّى قَالَ حدَّثني ابنُ أبي عَدِيٍّ عنِ ابنِ عَوْنٍ عنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فذَكَرُوا الدَّجَّالَ أنَّهُ قالَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ فَقَالَ ابنُ عَبَّاس لمْ أسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَالَ أمَّا مُوسى كأنِّي أنْظُرُ إلَيْهِ إذَا انْحَدَرَ فِي الوَادِي يُلَبِّى.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( إِذا انحدر فِي الْوَادي يُلَبِّي) .

ذكر رِجَاله: وهم: خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد بن الْمثنى بن عبيد، أَبُو مُوسَى يعرف بالزمن الْعَنْبَري.
الثَّانِي: مُحَمَّد بن أبي عدي، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الدَّال وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: وَاسم أبي عدي: إِبْرَاهِيم، مَاتَ سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة.
الثَّالِث: عبد الله بن عون، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالنُّون، مر فِي: بابُُ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رب مبلّغ.
الرَّابِع: مُجَاهِد.
الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن الروَاة الثَّلَاثَة بصريون وَأَن مُجَاهدًا مكي.
وَفِيه: إثنان مذكوران بالإبن وَوَاحِد مُجَرّد.
.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَفِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَن بَيَان ابْن عَمْرو.
وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن مُحَمَّد بن الْمثنى بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( أَنه) بِفَتْح الْهمزَة أَي: أَن الدَّجَّال.
قَوْله: ( مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ: كَافِر) فِي مَحل الرّفْع على أَنه خبر: أَن.
وَقَوله: ( كَافِر) مَرْفُوع بقوله: مَكْتُوب، وَاسم الْمَفْعُول يعْمل عمل فعله كاسم الْفَاعِل.
قَوْله: ( وَلكنه قَالَ) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ) جَوَاب: أما، وَالْفَاء فِيهِ محذوفة، وَالْأَصْل: فَكَأَنِّي، وَهُوَ حجَّة على النُّحَاة حَيْثُ لم يجوزوا حذفهَا، كَذَا قَالُوا.
قلت: يحْتَمل أَن يكون حذف الْفَاء من الرَّاوِي.
قَوْله: ( إِذا انحدر) ، كَذَا وَقع فِي الْأُصُول بِكَلِمَة إِذا، وَحكى عِيَاض أَن بعض الْعلمَاء أنكر إِثْبَات الْألف وَغلط رُوَاته،.

     وَقَالَ : وَهُوَ غلط مِنْهُ إِذْ لَا فرق بَين إِذا وَإِذ، هُنَا لِأَنَّهُ وَصفه حَالَة انحداره فِيمَا مضى..
     وَقَالَ  الْمُهلب: ذِكْرُ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، هُنَا وهمٌ من بعض رُوَاته، لِأَنَّهُ لم يأتِ أثر وَلَا خبر أَن مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، حَيّ، وَأَنه سيحج، وَإِنَّمَا أُتِي ذَلِك عَن عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَاشْتَبَهَ على الرَّاوِي، وَيدل عَلَيْهِ قَوْله فِي الحَدِيث الآخر: ( ليهلن ابْن مَرْيَم بفج الروحاء) وَأجِيب عَنهُ: بِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي اللبَاس بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور وَبِزِيَادَة: ذكر إِبْرَاهِيم فِيهِ: أفيقال إِن الرَّاوِي غلط فِيهِ فزاده؟ وَقد روى مُسلم هَذَا الحَدِيث من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس بِلَفْظ: كَأَنِّي أنظر إِلَى مُوسَى هابطا من التَّثْنِيَة وَاضِعا إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ مارا بِهَذَا الْوَادي وَله جؤار إِلَى الله بِالتَّلْبِيَةِ.
وَكَذَلِكَ جَاءَ ذكر يُونُس فِي هَذَا الحَدِيث، أفيقال إِن الرَّاوِي الآخر غلط فِيهِ؟.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي فِي الرَّد: أما من روى إِذْ انحدر، بِلَفْظ: إِذْ للماضي فَيصح مُوسَى بِأَن يرَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام أَو يُوحى إِلَيْهِ بذلك، وَسلم الْغَلَط فِي رِوَايَة إِذا، لِأَنَّهُ إِخْبَار عَمَّا يكون فِي الْمُسْتَقْبل.
قلت: لَو اطلع الْكرْمَانِي على حَقِيقَة الحَدِيث لما قسم هَذَا التَّقْسِيم، فَلَا يحْتَاج إِلَى هَذَا التَّكْلِيف، لِأَن الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ.
فَلَا مَانع أَن يحجوا فِي هَذِه الْحَال كَمَا ثَبت فِي ( صَحِيح مُسلم) من حَدِيث أنس أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رأى مُوسَى قَائِما فِي قَبره يُصَلِّي.
فَإِن قلت: مَا الدَّاعِي إِلَى عِبَادَتهم بعد الْمَوْت وَمَوْضِع الْعِبَادَة دَار الدُّنْيَا؟ قلت: حببت إِلَيْهِم الْعِبَادَة فهم متعبدون بِمَا يجدونه بِمَا يجدونه من دواني أنفسهم لَا بِمَا يلزمون بِهِ، وَذَلِكَ كَمَا يلهم أهل الْجَاهِلِيَّة الذّكر، وَيُؤَيِّدهُ أَن أَعمال الْآخِرَة ذكر وَدُعَاء.
كَقَوْلِه تَعَالَى: { دَعوَاهُم فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ... } ( يُونُس: 01) .
الْآيَة، وَيجوز أَن يكون مثلت لَهُم أَحْوَالهم الَّتِي كَانَت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا كَيفَ تعبودا وَكَيف حجُّوا وَكَيف لبوا، وَلِهَذَا قَالَ: كَأَنِّي، وَيحْتَمل أَن يكون إخْبَاره ذَلِك بِالْوَحْي عَنهُ، وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك فِي الْمَنَام، ومنام الْأَنْبِيَاء وَحي، وَحَدِيث مُسلم الْمَذْكُور حجَّة على الْمُهلب، ورد لما قَالَه.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الْمُنَاسب لذكر الدَّجَّال ذكر عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قلت: قَالَ ذَلِك بِالنّظرِ إِلَى أَن عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، هُوَ الَّذِي يقتل الدَّجَّال، وَلَو كَانَ لَهُ اطلَاع على الحَدِيث الْمَذْكُور لما ادّعى هَذِه الْمُنَاسبَة.