هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1443 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى ، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1443 حدثنا يحيى بن محمد بن السكن ، حدثنا محمد بن جهضم ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عمر بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى ، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ .

Narrated Ibn `Umar:

Allah's Messenger (ﷺ) enjoined the payment of one Sa' of dates or one Sa' of barley as Zakat-ul-Fitr on every Muslim slave or free, male or female, young or old, and he ordered that it be paid before the people went out to offer the `Id prayer. (One Sa' = 3 Kilograms approx.)

Ibn 'Umar () dit: «Le Messager d'Allah () prescrit l'obligation de la zakât d'alfîtr comme suit: un sa' de dattes ou d'orge pour tout musulman esclave, libre, mâle, femelle, jeune ou âgé. De plus, il ordonna de la faire avant que les gens ne sortent vers la prière [de la Fête].»

":"ہم سے یحییٰ بن محمد بن سکن نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا کہ ہم سے محمد بن جھضم نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا کہ ہم سے اسماعیل بن جعفر نے بیان کیا ‘ ان سے عمر بن نافع نے ان سے ان کے باپ نے اور ان سے حضرت عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فطر کی زکوٰۃ ( صدقہ فطر ) ایک صاع کھجور یا ایک صاع جَو فرض قرار دی تھی ۔ غلام ‘ آزاد ‘ مرد ‘ عورت ‘ چھوٹے اور بڑے تمام مسلمانوں پر ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم کا حکم یہ تھا کہ نماز ( عید ) کے لیے جانے سے پہلے یہ صدقہ ادا کر دیا جائے ۔

Ibn 'Umar () dit: «Le Messager d'Allah () prescrit l'obligation de la zakât d'alfîtr comme suit: un sa' de dattes ou d'orge pour tout musulman esclave, libre, mâle, femelle, jeune ou âgé. De plus, il ordonna de la faire avant que les gens ne sortent vers la prière [de la Fête].»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1503] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ بِالْجِيمِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَزْنُ جَعْفَرٍ وَعُمَرُ بْنُ نَافِعٍ هُوَ مولى بن عُمَرَ ثِقَةٌ لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْقَزَعِ .

     قَوْلُهُ  زَكَاةَ الْفِطْرِ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ مِنْ رَمَضَانَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ وَقْتُ وُجُوبِهَا طُلُوعُ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلصَّوْمِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ الْفِطْرُ الْحَقِيقِيُّ بِالْأَكْلِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّانِي قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ مَالِكٍ وَيُقَوِّيهِ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قِيلَ إِنَّ الْخِلَافَ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ الْفِطْرُ مِنْ رَمَضَانَ الْفِطْرُ الْمُعْتَادُ فِي سَائِرِ الشَّهْرِ فَيَكُونُ الْوُجُوبُ بِالْغُرُوبِ أَوِ الْفِطْرُ الطَّارِئُ بَعْدُ فَيَكُونُ بِطُلُوعِ الْفجْر.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ الِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ لِهَذَا الْحُكْمِ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إِلَى الْفِطْرِ لَا تَدُلُّ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ بَلْ تَقْتَضِي إِضَافَةَ هَذِهِ الزَّكَاةِ إِلَى الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ.

.
وَأَمَّا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَيُطْلَبُ مِنْ أَمْرٍ آخَرَ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْعِيدِ .

     قَوْلُهُ  صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ انْتَصَبَ صَاعًا عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَان وَلم تخْتَلف الطّرق عَن بن عُمَرَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ نَافِعٍ فَزَادَ فِيهِ السُّلْتَ وَالزَّبِيبَ فَأَمَّا السُّلْتُ فَهُوَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ نَوْعٌ مِنَ الشَّعِيرِ.

.
وَأَمَّا الزَّبِيبُ فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي حَدِيث أبي سعيد وَأما حَدِيث بن عُمَرَ فَقَدْ حَكَمَ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ التَّمْيِيزِ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيهِ بِالْوَهْمِ وَسَنَذْكُرُ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ .

     قَوْلُهُ  عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ ظَاهِرُهُ إِخْرَاجُ الْعَبْدِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ إِلَّا دَاوُدُ فَقَالَ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُمَكِّنَ الْعَبْدَ مِنَ الِاكْتِسَابِ لَهَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ الصَّلَاةِ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ وَالنَّاسُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَيْسَ فِي الْعَبْدِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ عِنْدِ الْبُخَارِيِّ قَرِيبًا بِغَيْرِ الِاسْتِثْنَاءِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا عَلَى السَّيِّدِ وَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءًأَوْ تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا السَّيِّدُ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَإِلَى الثَّانِي نَحَا الْبُخَارِيُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّرْجَمَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ .

     قَوْلُهُ  وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ظَاهِرُهُ وُجُوبُهَا عَلَى الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا زَوْجٌ أَمْ لَا وَبِهِ قَالَ الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة وبن الْمُنْذِرِ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ تَجِبُ عَلَى زَوْجِهَا إِلْحَاقًا بِالنَّفَقَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنْ أَعْسَرَ وَكَانَتِ الزَّوْجَةُ أَمَةً وَجَبَتْ فِطْرَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فَافْتَرَقَا وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُخْرِجُ عَنْ زَوْجَتِهِ الْكَافِرَةِ مَعَ أَنَّ نَفَقَتَهَا تَلْزَمُهُ وَإِنَّمَا احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بن عَليّ الباقر مُرْسلا نَحْو حَدِيث بن عُمَرَ وَزَادَ فِيهِ مِمَّنْ تَمُونُونَ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَزَادَ فِي إِسْنَادِهِ ذِكْرَ عَلِيٍّ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ ظَاهِرُهُ وُجُوبُهَا عَلَى الصَّغِيرِ لَكِنَّ الْمُخَاطَبَ عَنْهُ وَلِيُّهُ فَوُجُوبُهَا عَلَى هَذَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هِيَ عَلَى الْأَبِ مُطْلَقًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ صَامَ وَاسْتدلَّ لَهما بِحَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا صَدَقَةُ الْفِطْرِ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَ التَّطْهِيرِ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ كَمَا أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُذْنِبْ كَمُتَحَقِّقِ الصَّلَاحِ أَوْ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِلَحْظَةٍ وَنقل بن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الْجَنِينِ قَالَ وَكَانَ أَحْمَدُ يَسْتَحِبُّهُ وَلَا يُوجِبُهُ وَنَقَلَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ رِوَايَةً عَنْهُ بِالْإِيجَابِ وَبِهِ قَالَ بن حَزْمٍ لَكِنْ قَيَّدَهُ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ حَمْلِ أُمِّهِ بِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَبِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى صَغِيرًا لُغَةً وَلَا عرفا وَاسْتدلَّ بقوله فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ كَمَا تَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَفِي حَدِيثِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي صُغيْرٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ مَلَكَ نِصَابًا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَاسْتُدِلَّ لَهُمْ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَاضِلًا عَنْ قُوتِ يَوْمِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَته.

     وَقَالَ  بن بَزِيزَةَ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ النِّصَابِ فِيهَا لِأَنَّهَا زَكَاةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا مَالِيَّةٌ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِهَا وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي الْأَبْوَاب الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  وَأَمَرَ بِهَا إِلَخْ اسْتَدَلَّ بِهَا على كَرَاهَة تَأْخِيرهَا عَن ذَلِك وَحمله بن حَزْمٍ عَلَى التَّحْرِيمِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ بعد أَبْوَاب ( قَوْله بَاب صَدَقَة الْفطر على العَبْد وَغَيره مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَرَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ وَيُؤَيِّدُهُ عَطْفُ الصَّغِيرِ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُخْرِجُهَا غَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْمُسلمين قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ إِلَّا أَنَّ قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ بِدُونِهَا وَأَطْلَقَ أَبُو قلَابَة الرقاشِي وَمُحَمّد بن وضاح وبن الصَّلَاحِ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِهَا دُونَ أَصْحَابِ نَافِعٍ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِرِوَايَةِ عُمَرَبْنِ نَافِعٍ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ.

     وَقَالَ  أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ لَمْ يَقُلْ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ مَالِكٍ وَالضَّحَّاكِ وَرِوَايَةُ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ تَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُدَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَعُمَرَ بْنِ نَافِعٍ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمَشْهُورُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وبن الْجَارُودِ طَرِيقَ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ بَعْدَ رِوَايَةِ مَالِكٍ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ نَافِعٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

     وَقَالَ  فِي الْعِلَلِ الَّتِي فِي آخِرِ الْجَامِعِ رَوَى أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ نَافِعٍ مِثْلَ رِوَايَةِ مَالِكٍ مِمَّنْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى حِفْظِهِ انْتَهَى وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَوْلَى مِنْ عِبَارَتِهِ الْأُولَى وَلَكِنْ لَا يُدْرَى مَنْ عَنَى بِذَلِكَ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ رَوَاهُ ثِقَتَانِ غَيْرُ مَالِكٍ عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ وَالضَّحَّاكُ انْتَهَى وَقَدْ وَقَعَ لَنَا مِنْ رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ غَيْرِهِمَا مِنْهُمْ كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَالْحَاكِمِ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عِنْد الطَّحَاوِيّ والمعلى بن إِسْمَاعِيل عِنْد بن حبَان فِي صَحِيحه وبن أَبِي لَيْلَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن بن أَبِي لَيْلَى وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ تَرُدُّ عَلَى أَبِي دَاوُدَ فِي إِشَارَتِهِ إِلَى أَنَّ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ تَفَرَّدَ بِهَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ رُوَاته حمل لفظ بن أَبِي لَيْلَى عَلَى لَفْظِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَيُّوبَ أَيْضًا كَمَا اخْتُلِفَ على عبيد الله بن عمر فَذكر بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ خَالِدٍ ذَكَرَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ عَنْ يُوسُفَ الْقَاضِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ فَذكر فِيهِ من الْمُسلمين قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ خَطَأٌ وَالْمَحْفُوظُ فِيهِ عَنْ أَيُّوبَ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى وَقَدْ أخرجه بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ عَنْ أَيُّوبَ.

     وَقَالَ  فِيهِ أَيْضًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَذَكَرَ شَيْخُنَا سِرَاجُ الدِّينِ بْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِمُغَلْطَايْ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ نَافِعٍ وَفِيهِ الزِّيَادَةُ وَقَدْ تَتَبَّعْتُ تَصَانِيفَ الْبَيْهَقِيِّ فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَفِي الْجُمْلَةِ لَيْسَ فِيمَنْ رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَحَدٌ مِثْلَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّفِقْ عَلَى أَيُّوبَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ فِي زِيَادَتِهَا وَلَيْسَ فِي الْبَاقِينَ مِثْلُ يُونُسَ لَكِنْ فِي الرَّاوِي عَنْهُ وَهُوَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ مَقَالٌ وَاسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ فِي وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَلْ يُخْرِجُهَا عَنْ غَيْرِهِ كمستولدته الْمسلمَة مثلا نقل بن الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لَكِنْ فِيهِ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَهَلْ يُخْرِجُهَا الْمُسْلِمُ عَنْ عَبْدِهِ الْكَافِرِ قَالَ الْجُمْهُورُ لَا خِلَافًا لِعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَنَفِيَّةِ وَإِسْحَاقَ وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَأَجَابَ الْآخَرُونَ بِأَنَّ الْخَاصَّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ فَعُمُومُ قَوْلِهِ فِي عَبْدِهِ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْمُسْلِمِينَ صِفَةٌ لِلْمُخْرِجِينَ لَا لِلْمُخْرَجِ عَنْهُمْ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَأْبَاهُ لِأَنَّ فِيهِ الْعَبْدَ وَكَذَا الصَّغِيرُ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ وَهُمَا مِمَّنْ يُخْرَجُ عَنْهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ صِفَةَ الْإِسْلَامِ لَا تَخْتَصُّ بِالْمُخْرِجِينَ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الضَّحَّاكِ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ الْحَدِيثَ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَصَدَ بَيَانَ مِقْدَارِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْصِدْ فِيهِ بَيَانَ مَنْ يُخْرِجُهَاعَنْ نَفْسِهِ مِمَّنْ يُخْرِجُهَا عَنْ غَيْرِهِ بَلْ شَمَلَ الْجَمِيعَ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْآتِي فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُخْرِجُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَعَنْ غَيْرِهِمْ لِقَوْلِهِ فِيهِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُخْرِجِ وَبَيْنَ الْغَيْرِ مُلَابَسَةٌ كَمَا بَيْنَ الصَّغِيرِ وَوَلِيِّهِ وَالْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ وَالْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَالٌ مِنَ الْعَبْدِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَتَنْزِيلُهَا عَلَى الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ أَنَّهَا جَاءَتْ مُزْدَوَجَةً عَلَى التَّضَادِّ لِلِاسْتِيعَابِ لَا لِلتَّخْصِيصِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى فُرِضَ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

.
وَأَمَّا كَوْنُهَا فِيمَ وَجَبَتْ وَعَلَى مَنْ وَجَبَتْ فَيُعْلَمُ مِنْ نُصُوصٍ أُخْرَى انْتهى وَنقل بن الْمُنْذِرِ أَنَّ بَعْضَهُمُ احْتَجَّ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيث بن إِسْحَاق حَدثنِي نَافِع أَن بن عُمَرَ كَانَ يُخْرِجُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ حُرِّهِمْ وَعَبْدِهِمْ صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ مِنَ الرَّقِيقِ قَالَ وبن عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ وَقَدْ كَانَ يُخْرِجُ عَنْ عَبْدِهِ الْكَافِرِ وَهُوَ أَعْرَفُ بِمُرَادِ الْحَدِيثِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ عَنْهُمْ تَطَوُّعًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَاسْتُدِلَّ بِعُمُومِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1503] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ".
[الحديث 1305 - أطرافه في: 1504، 1507، 1509، 1511، 1512] .
وبالسند قال: ( حدّثنا يحيى بن محمد بن السكن) بفتح السين والكاف آخره نون البزار بالزاي المعجمة ثم الراء المهملة القرشي قال: ( حدّثنا محمد بن جهضم) بفتح الجيم والضاد المعجمة بينهما هاء ساكنة آخره ميم ابن عبد الله الثقفي قال: ( حدّثنا إسماعيل بن جعفر) الأنصاري ( عن عمر بن نافع) بضم العين وفتح الميم ( عن أبيه) نافع مولى عبد الله بن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال) : ( فرض) أي أوجب ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وما أوجبه فبأمر الله وما كان ينطق عن الهوى ( زكاة الفطر) من صوم رمضان ووقت وجوبها غروب الشمس ليلة العيد لكونه أضافها إلى الفطر وذلك وقت الفطر، وهذا قول الشافعي في الجديد وأحمد بن حنبل وإحدى الروايتين عن مالك.
وقال أبو حنيفة: طلوع الفجر يوم العيد وهو قول الشافعي في القديم ( صاعًا من تمر) بنصب صاعًا على التمييز أو هو مفعول ثان وهو خمسة أرطال وثلث رطل بالبغدادي وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وعلماء الحجاز، وهو مائة وثلاثون درهمًا على الأصح عند الرافعي، ومائة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم على الأصح عند النووي.
فالصاع على الأول ستمائة درهم وثلاثة وتسعون درهمًا وثلث درهم، وعلى الثاني ستمائة درهم وخمسة وثمانون درهمًا وخمسة أسباع درهم والأصل الكيل وإنما قدر بالوزن استظهارًا.
قال في الروضة: وقد يشكل ضبط الصاع بالأرطال فإن الصاع المخرج به في زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكيال معروف ويختلف قدره وزنًا باختلاف جنس ما يخرج كالذرة والحمص وغيرهما، والصواب ما قاله الدارمي إن الاعتماد على الكيل بصاع معاير بالصاع الذي كان يخرج به في عصر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن لم يجده لزمه إخراج قدر يتيقن أنه لا ينقص عنه وعلى هذا فالتقدير بخمسة أرطال وثلث تقريب، وقال جماعة من العلماء: الصاع أربع حفنات بكفي رجل معتدل الكفّين حكاه النووي في الروضة، وذهب أبو حنيفة ومحمد إلى أنه ثمانية أرطال بالرطل المذكور، وكان أبو يوسف يقول كقولهما ثم رجع إلى قول الجمهور لما تناظر مع مالك بالمدينة فأراه الصيعان التي توارثها أهل المدينة عن أسلافهم من زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( أو صاعًا من شعير) ظاهره أنه يخرج من أيهما شاء صاعًا ولا يجزئ غيرهما، وبذلك قال ابن حزم لكن ورد في روايات أخرى ذكر أجناس أخر تأتي إن شاء الله تعالى ( على العبد والحر) وظاهره أن العبد يخرج عن نفسه وهو قول داود الظاهري منفردًا به، ويرده قوله عليه الصلاة والسلام: ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر وذلك يقتضي أنها ليست عليه بل على سيده.
وقال القاضي البيضاوي: وجعل وجوب زكاة الفطر على السيد كالوجوب على العبد مجازًا إذ ليس هو أهلاً لأن يكلف بالواجبات المالية، ويؤيد ذلك عطف الصغير عليه ( والذكر والأنثى) والخنثى ( والصغير) أي: وإن كان يتيمًا خلافًا بن الحسن وزفر ( والكبير من المسلمين) دون الكفار لأنها طهرة والكفار ليسوا من أهلها.
نعم لا زكاة على أربعة من لا يفضل عن منزله وخادم يحتاج إليهما ويليقان به وعن قوته وقوت من تلزمه نفقته ليلة العيد ويومه ما يخرجه فيها وامرأة غنية لها زوج معسر وهي في طاعته فلا يلزمها إخراج فطرتها بخلاف ما إذا لم تكن في طاعته وبخلاف الأمة فإن فطرتها تلزم سيدها، والفرق تسليم الحرة نفسها بخلاف الأمة بدليل أن لسيدها أن يسافر بها ويستخدمها والمكاتب لا تجب فطرته عليه لضعف ملكهولا على سيده لأنه معه كالأجنبي والمغصوب أو الآبق لتعطيل فائدتهما على السيد، لكن الأصح وجوب الإخراج عليه عنهما تبعًا لنفقتهما وعن منقطع الخبر إذا لم تمض مدة لا يعيش في مثلها لأن الأصل بقاؤه حيًّا فإن مضت مدة لا يعيش في مثلها لم تجب فطرته، ويستثنى أيضًا عبد بيت المال والعبد الموقوف فلا تجب فطرتهما إذ ليس لهما مالك معين يلزم بها، ( وأمر) عليه الصلاة والسلام ( بها) أي بالفطرة ( أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) أي صلاة العيد.
تنبيه قوله: "من المسلمين" ذكر غير واحد أن مالكًا تفرد بها من بين الثقات وفيه نظر، فقد رواها جماعة ممن يعتمد على حفظهم منهم: عمر بن نافع، والضحاك بن عثمان، وكثير بن فرقد، والمعلى بن إسماعيل، ويونس بن يزيد، وابن أبي ليلى، وعبد الله بن عمر العمري وأخوه عبيد الله بن عمر، وأيوب السختياني على اختلاف عنهما في زيادتها، فأما رواية عمر بن نافع فأخرجها البخاري في صحيحه، وأما رواية الضحاك بن عثمان فأخرجها مسلم في صحيحه، وأما رواية كثير بن فرقد فرواها الدارقطني في سننه والحاكم، وأما رواية المعلى بن إسماعيل فرواها ابن حبان في صحيحه، وأما رواية يونس بن يزيد فرواها الطحاوي في بيان المشكل، وأما رواية ابن أبي ليلى وعبد الله بن عمر العمري وأخيه عبيد الله التي فيها بزيادة قوله من المسلمين فرواها الدارقطني في السنن، وأما رواية أيوب السختياني فذكرها الدارقطني، وهذه الزيادة تدل على اشتراط الإسلام في وجوب زكاة الفطر، ومقتضى ذلك أنه لا تجب على الكافر زكاة الفطر لا عن نفسه ولا عن غيره فأما عن نفسه فمتفق عليه وأما عن غيره من عبد وقريب فمختلف فيه.
وللشافعية وجهان مبنيان على أنها تجب على المؤدي ابتداء أو على المؤدى عنه ثم يتحملها المؤدي والأصح الوجوب بناء على الأصح وهو وجوبها على المؤدى عنه ثم يتحملها المؤدي وهو المحكي عن أحمد، أما عكسه وهو إخراج المسلم عن قريبه وعبده الكافرين فلا تجب عند مالك والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة بالوجوب.
وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث صحيح.
71 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( باب) وجوب ( صدقة الفطر على العبد وغيره من المسلمين) اختلف هل تجب على العبد ابتداء ثم يتحملها السيد عنه أو تجب على السيد ابتداء؟ وجهان للشافعية وإلى الأول نحا البخاري، قاله في الفتح.
وقال ابن بطال: إنه يقول بمذهب أهل الظاهر أنها تلزم العبد في نفسه وعلى سيده تمكينه من اكتساب ذلك وإخراجه عن نفسه.
وتعقبه في المصابيح بأن البخاري لم يرد هذا وإنما أراد التنبيه على اشتراط الإسلام فيمن تؤدى عنه زكاة الفطر لا غير، ولذا لم يترجم ترجمة أخرى على اشتراط الإسلام، وعبّر "بعلى" دون "عن" ليطابق لفظ الحديث، وقد سقط لفظ "المسلمين" لابن عساكر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ فَرْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ)
كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي وَاقْتَصَرَ الْبَاقُونَ عَلَى بَابٍ وَمَا بَعْدَهُ وَلِأَبِي نُعَيْمٍ كِتَابٌ بَدَلَ بَابٍ وَأُضِيفَتِ الصَّدَقَةُ لِلْفِطْرِ لكَونهَا تجب بِالْفطرِ من رَمَضَان.

     وَقَالَ  بن قُتَيْبَةَ الْمُرَادُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ صَدَقَةُ النُّفُوسِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْفِطْرَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الْخِلْقَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ كَمَا سَيَأْتِي زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ .

     قَوْلُهُ  وَرَأى أَبُو الْعَالِيَة وَعَطَاء وبن سِيرِينَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرِيضَةً وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جريج عَن عَطاء وَوَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنِ الْآخَرِينَ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ عَلَى ذِكْرِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ لِكَوْنِهِمْ صَرَّحُوا بِفَرْضِيَّتِهَا وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ بِالْوُجُوبِ دُونَ الْفَرْضِ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي التَّفْرِقَةِ وَفِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ مَعَ ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عُلَيَّةَ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ كَيْسَانَ الْأَصَمَّ قَالَا إِنَّ وُجُوبَهَا نُسِخَ وَاسْتُدِلَّ لَهُمَا بِمَا رَوَى النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا نَزَلَتِ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيًا مَجْهُولًا وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى النَّسْخِ لِاحْتِمَالِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ نُزُولَ فَرْضٍ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ فَرْضٍ آخَرَ وَنَقَلَ الْمَالِكِيَّةُ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أهل الظَّاهِر وبن اللَّبَّانِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَوَّلُوا قَوْلَهُ فَرَضَ فِي الحَدِيث بِمَعْنى قدر قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ هُوَ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ لَكِنْ نُقِلَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ إِلَى الْوُجُوبِ فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْلَى انْتَهَى وَيُؤَيِّدُهُ تَسْمِيَتُهَا زَكَاةً وَقَولُهُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالْأَمْرِ بِهَا فِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِ وَلِدُخُولِهَا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَآتُوا الزَّكَاةَ فَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَاصِيلَ ذَلِكَ وَمِنْ جُمْلَتِهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ.

     وَقَالَ  اللَّهُ تَعَالَى قد أَفْلح من تزكّى وَثَبَتَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ إِثْبَاتُ حَقِيقَةِ الْفَلَاحِ لِمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي الْآيَة وَذكر اسْم ربه فصلى فَيَلْزَمُ وُجُوبُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ خَرَجَ بِدَلِيلِ عُمُومِ هُنَّ خَمْسٌ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ

[ قــ :1443 ... غــ :1503] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ بِالْجِيمِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَزْنُ جَعْفَرٍ وَعُمَرُ بْنُ نَافِعٍ هُوَ مولى بن عُمَرَ ثِقَةٌ لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْقَزَعِ .

     قَوْلُهُ  زَكَاةَ الْفِطْرِ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ مِنْ رَمَضَانَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ وَقْتُ وُجُوبِهَا طُلُوعُ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلصَّوْمِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ الْفِطْرُ الْحَقِيقِيُّ بِالْأَكْلِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّانِي قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ مَالِكٍ وَيُقَوِّيهِ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قِيلَ إِنَّ الْخِلَافَ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ الْفِطْرُ مِنْ رَمَضَانَ الْفِطْرُ الْمُعْتَادُ فِي سَائِرِ الشَّهْرِ فَيَكُونُ الْوُجُوبُ بِالْغُرُوبِ أَوِ الْفِطْرُ الطَّارِئُ بَعْدُ فَيَكُونُ بِطُلُوعِ الْفجْر.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ الِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ لِهَذَا الْحُكْمِ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إِلَى الْفِطْرِ لَا تَدُلُّ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ بَلْ تَقْتَضِي إِضَافَةَ هَذِهِ الزَّكَاةِ إِلَى الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ.

.
وَأَمَّا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَيُطْلَبُ مِنْ أَمْرٍ آخَرَ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْعِيدِ .

     قَوْلُهُ  صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ انْتَصَبَ صَاعًا عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَان وَلم تخْتَلف الطّرق عَن بن عُمَرَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ نَافِعٍ فَزَادَ فِيهِ السُّلْتَ وَالزَّبِيبَ فَأَمَّا السُّلْتُ فَهُوَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ نَوْعٌ مِنَ الشَّعِيرِ.

.
وَأَمَّا الزَّبِيبُ فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي حَدِيث أبي سعيد وَأما حَدِيث بن عُمَرَ فَقَدْ حَكَمَ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ التَّمْيِيزِ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيهِ بِالْوَهْمِ وَسَنَذْكُرُ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ .

     قَوْلُهُ  عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ ظَاهِرُهُ إِخْرَاجُ الْعَبْدِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ إِلَّا دَاوُدُ فَقَالَ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُمَكِّنَ الْعَبْدَ مِنَ الِاكْتِسَابِ لَهَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ الصَّلَاةِ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ وَالنَّاسُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَيْسَ فِي الْعَبْدِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ عِنْدِ الْبُخَارِيِّ قَرِيبًا بِغَيْرِ الِاسْتِثْنَاءِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا عَلَى السَّيِّدِ وَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا السَّيِّدُ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَإِلَى الثَّانِي نَحَا الْبُخَارِيُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّرْجَمَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ .

     قَوْلُهُ  وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ظَاهِرُهُ وُجُوبُهَا عَلَى الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا زَوْجٌ أَمْ لَا وَبِهِ قَالَ الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة وبن الْمُنْذِرِ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ تَجِبُ عَلَى زَوْجِهَا إِلْحَاقًا بِالنَّفَقَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنْ أَعْسَرَ وَكَانَتِ الزَّوْجَةُ أَمَةً وَجَبَتْ فِطْرَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فَافْتَرَقَا وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُخْرِجُ عَنْ زَوْجَتِهِ الْكَافِرَةِ مَعَ أَنَّ نَفَقَتَهَا تَلْزَمُهُ وَإِنَّمَا احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بن عَليّ الباقر مُرْسلا نَحْو حَدِيث بن عُمَرَ وَزَادَ فِيهِ مِمَّنْ تَمُونُونَ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَزَادَ فِي إِسْنَادِهِ ذِكْرَ عَلِيٍّ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ ظَاهِرُهُ وُجُوبُهَا عَلَى الصَّغِيرِ لَكِنَّ الْمُخَاطَبَ عَنْهُ وَلِيُّهُ فَوُجُوبُهَا عَلَى هَذَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هِيَ عَلَى الْأَبِ مُطْلَقًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ صَامَ وَاسْتدلَّ لَهما بِحَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا صَدَقَةُ الْفِطْرِ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَ التَّطْهِيرِ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ كَمَا أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُذْنِبْ كَمُتَحَقِّقِ الصَّلَاحِ أَوْ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِلَحْظَةٍ وَنقل بن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الْجَنِينِ قَالَ وَكَانَ أَحْمَدُ يَسْتَحِبُّهُ وَلَا يُوجِبُهُ وَنَقَلَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ رِوَايَةً عَنْهُ بِالْإِيجَابِ وَبِهِ قَالَ بن حَزْمٍ لَكِنْ قَيَّدَهُ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ حَمْلِ أُمِّهِ بِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَبِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى صَغِيرًا لُغَةً وَلَا عرفا وَاسْتدلَّ بقوله فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ كَمَا تَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَفِي حَدِيثِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي صُغيْرٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ مَلَكَ نِصَابًا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَاسْتُدِلَّ لَهُمْ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَاضِلًا عَنْ قُوتِ يَوْمِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَته.

     وَقَالَ  بن بَزِيزَةَ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ النِّصَابِ فِيهَا لِأَنَّهَا زَكَاةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا مَالِيَّةٌ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِهَا وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي الْأَبْوَاب الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  وَأَمَرَ بِهَا إِلَخْ اسْتَدَلَّ بِهَا على كَرَاهَة تَأْخِيرهَا عَن ذَلِك وَحمله بن حَزْمٍ عَلَى التَّحْرِيمِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ بعد أَبْوَاب

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب فَرْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَرَأَى أَبُو الْعَالِيَةِ وَعَطَاءٌ وَابْنُ سِيرِينَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرِيضَةً
( باب فرض صدقة الفطر) .
أي من رمضان فأضيفت الصدقة للفطر لكونها تجب بالفطر منه أو مأخوذة من الفطرة التي هي الخلقة المرادة بقوله تعالى: { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] وهذا قاله ابن قتيبة، والمعنى أنها وجبت على الخلقة تزكية للنفس أي تطهيرًا لها وتنمية لعملها، ويقال للمخرج في زكاة الفطر فطرة بضم الفاء كما في الكفاية وهو غريب، والذي في

شرح المهذّب وغيره كسر الفاء لا غير قال: وهي مولدة لا عربية ولا معرّبة بل اصطلاحية للفقهاء انتهى.
فتكون حقيقة شرعية على المختار كالصلاة ويقال لها صدقة الفطر وزكاة رمضان وزكاة الصوم وصدقة الرؤوس وزكاة الأبدان، ولأبي ذر عن المستملي: أبواب صدقة الفطر باب فرض صدقة الفطر وكان فرضها في السنة الثانية من الهجرة في شهر رمضان قبل العيد بيومين.

( ورأى أبو العالية) رفيع بن مهران الرياحي بالمثناة التحتية ( وعطاء) هو ابن أبي رباح ( وابن سيرين) محمد فيما وصله عنه، وعن الأول ابن أبي شيبة من طريق عاصم الأحول وعبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء ( صدقة الفطر فريضة) وهو مذهب الشافعية والجمهور، ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على ذلك لكنه معارض بأن الحنفية يقولون بالوجوب دون الفرض وهو مقتضى قاعدتهم في أن الواجب ما ثبت بدليل ظني، وقال المرداوي من الحنابلة في تنقيحه: وهي واجبة وتسمى أيضًا فرضًا نصًّا، ونقل المالكية عن أشهب أنها سنة مؤكدة، قال بهرام: وروي ذلك عن مالك وهو قول بعض أهل الظاهر وابن اللبان من الشافعية وحملوا فرض في الحديث على التقدير كقولهم: فرض القاضي نفقة اليتيم وهو ضعيف مخالف للظاهر، وقال إبراهيم بن علية وأبو بكر بن كيسان الأصم نسخ وجوبها، واستدل لهما بحديث النسائي عن قيس بن سعد بن عبادة قال: أمرنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله، لكن في إسناده راوٍ مجهول وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ لأن الزيادة في جنس العبادة لا توجب نسخ الأصل المزيد عليه غير أن محل سائر الزكوات الأموال ومحل زكاة الفطر الرقاب كما نبه عليه الخطابي.


[ قــ :1443 ... غــ : 1503 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ".
[الحديث 1305 - أطرافه في: 1504، 1507، 1509، 1511، 1512] .

وبالسند قال: ( حدّثنا يحيى بن محمد بن السكن) بفتح السين والكاف آخره نون البزار بالزاي المعجمة ثم الراء المهملة القرشي قال: ( حدّثنا محمد بن جهضم) بفتح الجيم والضاد المعجمة بينهما هاء ساكنة آخره ميم ابن عبد الله الثقفي قال: ( حدّثنا إسماعيل بن جعفر) الأنصاري ( عن عمر بن نافع) بضم العين وفتح الميم ( عن أبيه) نافع مولى عبد الله بن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال) :
( فرض) أي أوجب ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وما أوجبه فبأمر الله وما كان ينطق عن الهوى ( زكاة الفطر) من صوم رمضان ووقت وجوبها غروب الشمس ليلة العيد لكونه أضافها إلى الفطر وذلك وقت الفطر، وهذا قول الشافعي في الجديد وأحمد بن حنبل وإحدى الروايتين عن مالك.
وقال أبو
حنيفة: طلوع الفجر يوم العيد وهو قول الشافعي في القديم ( صاعًا من تمر) بنصب صاعًا على التمييز أو هو مفعول ثان وهو خمسة أرطال وثلث رطل بالبغدادي وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وعلماء الحجاز، وهو مائة وثلاثون درهمًا على الأصح عند الرافعي، ومائة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم على الأصح عند النووي.
فالصاع على الأول ستمائة درهم وثلاثة وتسعون درهمًا وثلث درهم، وعلى الثاني ستمائة درهم وخمسة وثمانون درهمًا وخمسة أسباع درهم والأصل الكيل وإنما قدر بالوزن استظهارًا.
قال في الروضة: وقد يشكل ضبط الصاع بالأرطال فإن الصاع المخرج به في زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكيال معروف ويختلف قدره وزنًا باختلاف جنس ما يخرج كالذرة والحمص وغيرهما، والصواب ما قاله الدارمي إن الاعتماد على الكيل بصاع معاير بالصاع الذي كان يخرج به في عصر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن لم يجده لزمه إخراج قدر يتيقن أنه لا ينقص عنه وعلى هذا فالتقدير بخمسة أرطال وثلث تقريب، وقال جماعة من العلماء: الصاع أربع حفنات بكفي رجل معتدل الكفّين حكاه النووي في الروضة، وذهب أبو حنيفة ومحمد إلى أنه ثمانية أرطال بالرطل المذكور، وكان أبو يوسف يقول كقولهما ثم رجع إلى قول الجمهور لما تناظر مع مالك بالمدينة فأراه الصيعان التي توارثها أهل المدينة عن أسلافهم من زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( أو صاعًا من شعير) ظاهره أنه يخرج من أيهما شاء صاعًا ولا يجزئ غيرهما، وبذلك قال ابن حزم لكن ورد في روايات أخرى ذكر أجناس أخر تأتي إن شاء الله تعالى ( على العبد والحر) وظاهره أن العبد يخرج عن نفسه وهو قول داود الظاهري منفردًا به، ويرده قوله عليه الصلاة والسلام: ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر وذلك يقتضي أنها ليست عليه بل على سيده.
وقال القاضي البيضاوي: وجعل وجوب زكاة الفطر على السيد
كالوجوب على العبد مجازًا إذ ليس هو أهلاً لأن يكلف بالواجبات المالية، ويؤيد ذلك عطف الصغير عليه ( والذكر والأنثى) والخنثى ( والصغير) أي: وإن كان يتيمًا خلافًا بن الحسن وزفر ( والكبير من المسلمين) دون الكفار لأنها طهرة والكفار ليسوا من أهلها.
نعم لا زكاة على أربعة من لا يفضل عن منزله وخادم يحتاج إليهما ويليقان به وعن قوته وقوت من تلزمه نفقته ليلة العيد ويومه ما يخرجه فيها وامرأة غنية لها زوج معسر وهي في طاعته فلا يلزمها إخراج فطرتها بخلاف ما إذا لم تكن في طاعته وبخلاف الأمة فإن فطرتها تلزم سيدها، والفرق تسليم الحرة نفسها بخلاف الأمة بدليل أن لسيدها أن يسافر بها ويستخدمها والمكاتب لا تجب فطرته عليه لضعف ملكه ولا على سيده لأنه معه كالأجنبي والمغصوب أو الآبق لتعطيل فائدتهما على السيد، لكن الأصح وجوب الإخراج عليه عنهما تبعًا لنفقتهما وعن منقطع الخبر إذا لم تمض مدة لا يعيش في مثلها لأن الأصل بقاؤه حيًّا فإن مضت مدة لا يعيش في مثلها لم تجب فطرته، ويستثنى أيضًا عبد بيت المال والعبد الموقوف فلا تجب فطرتهما إذ ليس لهما مالك معين يلزم بها، ( وأمر) عليه الصلاة والسلام ( بها) أي بالفطرة ( أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) أي صلاة العيد.


تنبيه
قوله: "من المسلمين" ذكر غير واحد أن مالكًا تفرد بها من بين الثقات وفيه نظر، فقد رواها

جماعة ممن يعتمد على حفظهم منهم: عمر بن نافع، والضحاك بن عثمان، وكثير بن فرقد، والمعلى بن إسماعيل، ويونس بن يزيد، وابن أبي ليلى، وعبد الله بن عمر العمري وأخوه عبيد الله بن عمر، وأيوب السختياني على اختلاف عنهما في زيادتها، فأما رواية عمر بن نافع فأخرجها البخاري في صحيحه، وأما رواية الضحاك بن عثمان فأخرجها مسلم في صحيحه، وأما رواية كثير بن فرقد فرواها الدارقطني في سننه والحاكم، وأما رواية المعلى بن إسماعيل فرواها ابن حبان في صحيحه، وأما رواية يونس بن يزيد فرواها الطحاوي في بيان المشكل، وأما رواية ابن أبي ليلى وعبد الله بن عمر العمري وأخيه عبيد الله التي فيها بزيادة قوله من المسلمين فرواها الدارقطني في السنن، وأما رواية أيوب السختياني فذكرها الدارقطني، وهذه الزيادة تدل على اشتراط الإسلام في وجوب زكاة الفطر، ومقتضى ذلك أنه لا تجب على الكافر زكاة الفطر لا عن نفسه ولا عن غيره فأما عن نفسه فمتفق عليه وأما عن غيره من عبد وقريب فمختلف فيه.
وللشافعية وجهان مبنيان على أنها تجب على المؤدي ابتداء أو على المؤدى عنه ثم يتحملها المؤدي والأصح الوجوب بناء على الأصح وهو وجوبها على المؤدى عنه ثم يتحملها المؤدي وهو المحكي عن أحمد، أما عكسه وهو إخراج المسلم عن قريبه وعبده الكافرين فلا تجب عند مالك والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة بالوجوب.

وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث صحيح.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ فَرْض صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

أَي: هَذَا بابُُ بَيَان فرض صَدَقَة الْفطر، وَفِي بعض النّسخ: هَذَا الْمِقْدَار مَوْجُود وَمَا قبله غير مَوْجُود إلاَّ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي.

ورَأى أبُو العَالِيَةِ وعَطَاءٌ وابنُ سيرِينَ صَدَقَةَ الفِطْرِ فَرِيضَةً

أَبُو الْعَالِيَة من الْعُلُوّ على وزن: فاعلة اسْمه رفيع بن مهْرَان الريَاحي، بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، وَابْن سِيرِين هُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين.
قَوْله: وَرَأى، ويروى: وَرُوِيَ عَن أبي الْعَالِيَة، فتعليق أبي الْعَالِيَة وَابْن سِيرِين رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) عَن وَكِيع عَن عَاصِم عَن أبي الْعَالِيَة وَابْن سِيرِين أَنَّهُمَا قَالَا: صَدَقَة الْفطر فَرِيضَة، وَتَعْلِيق عَطاء وَصله عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن عَطاء.

ثمَّ اعْلَم أَن الْعلمَاء اخْتلفُوا فِي صَدَقَة الْفطر: هَل هِيَ فرض أَو وَاجِبَة أَو سنة أَو فعل خير مَنْدُوب إِلَيْهِ، فَقَالَت طَائِفَة: هِيَ فرض وهم الثَّلَاثَة المذكورون هُنَا: الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد،.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا: هِيَ وَاجِبَة،.

     وَقَالَ ت طَائِفَة: هِيَ سنة، وَهُوَ قَول مَالك فِي رِوَايَة ذكرهَا صَاحب الذَّخِيرَة،.

     وَقَالَ  بَعضهم: هِيَ فعل خير قد كَانَت وَاجِبَة ثمَّ نسخت، وَاسْتَدَلُّوا على هَذَا بِحَدِيث قيس بن سعد بن عبَادَة: ( قَالَ: أمرنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَدقَة الْفطر قبل أَن تنزل الزَّكَاة، فَلَمَّا نزلت لم يَأْمُرنَا وَلم ينهنا وَنحن نفعله) .
رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي ( الْمُسْتَدْرك) من رِوَايَة أبي عمار الْهَمدَانِي عَن قيس، وَاسم أبي عمار عريب بن حميد، كُوفِي ثِقَة.
قَالَه أَحْمد وَابْن معِين، وَبِحَدِيث قيس بن سعد أَيْضا من وَجه آخر أخرجه الْحَاكِم من حَدِيث الْقَاسِم بن مخيمرة عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل ( عَن قيس بن سعد بن عبَادَة، قَالَ: كُنَّا نَصُوم عَاشُورَاء ونؤدي صَدَقَة الْفطر، فَلَمَّا نزلت رَمَضَان وَنزلت الزَّكَاة لم نؤمر بِهِ وَلم ننه عَنهُ، وَنحن نفعله) ..
     وَقَالَ : صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ..
     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: إِن هَذَا لَا يدل على سُقُوط فرضيتها، لِأَن نزُول فرض لَا يُوجب سُقُوط آخر، وَقد أجمع أهل الْعلم على وجوب زَكَاة الْفطر، وَإِن اخْتلفُوا فِي تَسْمِيَتهَا فرضا فَلَا يجوز تَركهَا، وَقد نقل ابْن الْمُنْذر الْإِجْمَاع على فَرضِيَّة صَدَقَة الْفطر.
قلت: فِيهِ نظر لما ذكرنَا من الِاخْتِلَاف فِيهَا.



[ قــ :1443 ... غــ :1503 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّكَنِ قَالَ حدَّثنا محَمَّدُ بنُ جَهْضَمٍ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ عُمَرَ بنِ نَافِعٍ عنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَالَ فَرَضَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكاةَ الفِطْرِ صَاعا مِنْ تَمْرٍ أوْ صَاعا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ وَأمَرَ بِهَا أنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلاَةِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) .

ذكر رِجَاله: وهم: سِتَّة: الأول: يحيى بن مُحَمَّد بن السكن، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْكَاف وَفِي آخِره نون: ابْن حبيب أَبُو عبيد الله الْبَزَّار، بالزاي ثمَّ بالراء: الْقرشِي.
الثَّانِي: مُحَمَّد بن جَهْضَم، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْهَاء وَفتح الضَّاد الْمُعْجَمَة: ابْن عبد الله أَبُو جَعْفَر الثَّقَفِيّ.
الثَّالِث: إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن كثير أَبُو إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ.
الرَّابِع: عمر بن نَافِع، مولى عبد الله بن عمر.
الْخَامِس: أَبوهُ نَافِع.
السَّادِس: عبد الله بن عمر بن الْخطاب.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَأَنه مُحَمَّد بن جَهْضَم بصريان وَمُحَمّد هَذَا يمامي ثمَّ خراساني، ثمَّ سكن الْبَصْرَة فعد من أَهلهَا، وَعمر وَأَبوهُ مدنيان، وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن أَبِيه.
وَفِيه: أَن عمر لَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وَآخر فِي النَّهْي عَن الْفَزع.
وَفِيه: أَن شَيْخه مَذْكُور باسم أَبِيه وَاسم جده.

ذكر من أخرجه غَيره أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن يحيى بن مُحَمَّد شيخ البُخَارِيّ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن نَافِع ( عَن ابْن عمر: قَالَ: فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَدَقَة الْفطر على الذّكر وَالْأُنْثَى وَالْحر والمملوك صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير.
قَالَ: فَعدل النَّاس إِلَى نصف صَاع من بر)
،.

     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح..
     وَقَالَ  أَيْضا: حَدثنَا إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ حَدثنَا معن عَن مَالك عَن نَافِع ( عَن عبد الله ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرض زَكَاة الْفطر من رَمَضَان صَاعا من تمر أَو صاعآ من شعير على كل حر أَو عبد، ذكر أَو أُنْثَى من الْمُسلمين) .

     وَقَالَ : حَدِيث حسن صَحِيح.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( فرض رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قَالَ أَبُو عمر: قَوْله: ( فرض) ، يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا وَهُوَ الْأَظْهر: فرض بِمَعْنى أوجب، وَالْآخر: فرض بِمَعْنى قدر.
كَمَا تَقول: فرض القَاضِي نَفَقَة الْيَتِيم أَي: قدرهَا، وَالَّذِي أذهب إِلَيْهِ أَن لَا يزَال قَوْله: ( فرض) عَن معنى الْإِيجَاب إلاَّ بِدَلِيل الْإِجْمَاع، وَذَلِكَ مَعْدُوم، فَإِن القَوْل بِأَنَّهَا غير وَاجِبَة شذوذ أَو فِي معنى الشذوذ..
     وَقَالَ  أَصْحَابنَا: بِأَنَّهَا وَاجِبَة على حَقِيقَتهَا الاصطلاحية، وَهِي أَن تكون بَين الْفَرْض وَالسّنة..
     وَقَالَ  الشَّافِعِي: فرض بِنَاء على أَصله أَنه لَا فرق بَين الْوَاجِب وَالْفَرِيضَة..
     وَقَالَ  تَاج الشَّرِيعَة من أَصْحَابنَا: هِيَ وَاجِبَة حَتَّى لَا يكفر جاحدها، وَهُوَ الْفرق بَين الْفَرِيضَة وَالْوَاجِب..
     وَقَالَ  ابْن دَقِيق الْعِيد: أصل معنى الْفَرْض فِي اللُّغَة التَّقْدِير، وَلَكِن نقل فِي عرف الشَّرْع إِلَى الْوُجُوب، فالحمل عَلَيْهِ أولى، يَعْنِي: من الْحمل على مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ، وَقد ذكرنَا أَن بَعضهم ذَهَبُوا إِلَى أَنه سنة لأَنهم قَالُوا: معنى فرض فِي الْأَحَادِيث الَّتِي وَردت قدر، وَحَمَلُوهُ على مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الْمَفْهُوم من لفظ: فرض، بِحَسب عرف الشَّرْع: الْوُجُوب، وَلَا يجوز للراوي أَن يعبر بِالْفَرْضِ عَن الْمَنْدُوب مَعَ علمه بِالْفرقِ بَينهمَا.
قلت: يرد عَلَيْهِم أَنهم لم يفرقُوا بَين الْفَرْض وَالْوَاجِب مَعَ علمهمْ بِالْفرقِ بَينهمَا بِحَسب اللُّغَة.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه:
الأول: أَن صَدَقَة الْفطر من التَّمْر وَالشعِير صَاع، وَمذهب دَاوُد وَمن تبعه أَنه: لَا يجوز إلاَّ من التَّمْر وَالشعِير، وَلَا يجزىء عِنْده قَمح وَلَا دقيقه وَلَا دَقِيق شعير وَلَا سويق وَلَا خبز وَلَا زبيب وَلَا غير ذَلِك، وَاحْتج فِي ذَلِك بِهَذَا الحَدِيث، قَالَ: لِأَنَّهُ ذكر فِيهِ ابْن عمر التَّمْر وَالشعِير وَلم يذكر غَيرهمَا..
     وَقَالَ  أَبُو عمر: أجمع الْعلمَاء على أَن الشّعير وَالتَّمْر لَا يجزىء من أَحدهمَا إلاَّ صَاع كَامِل أَرْبَعَة أَمْدَاد.

الثَّانِي: قَوْله: ( على العَبْد) تعلق بِهِ دَاوُد فِي وُجُوبهَا على العَبْد وَأَن السَّيِّد يجب عَلَيْهِ أَن يُمكنهُ من كسبها كَمَا يُمكنهُ من صَلَاة الْفَرْض، وَمذهب الْجَمَاعَة وُجُوبهَا على السَّيِّد حَتَّى لَو كَانَ للتِّجَارَة، وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَابْن الْمُنْذر..
     وَقَالَ  عَطاء وَالنَّخَعِيّ وَالثَّوْري والحنفيون: إِذا كَانَ للتِّجَارَة لَا تلْزمهُ فطرته، وَأما الْمكَاتب فالجمهور أَنَّهَا لَا تجب عَلَيْهِ، وَعَن مَالك قَولَانِ: يُخرجهَا عَن نَفسه، وَقيل: سَيّده، وَلَا تجب على السَّيِّد عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد،.

     وَقَالَ  مَيْمُون بن مهْرَان وَعَطَاء وَأَبُو ثَوْر: يُؤَدِّي عَنهُ سَيّده، وَاسْتدلَّ لمن قَالَ: لَا تجب على السَّيِّد بِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يُؤَدِّي زَكَاة الْفطر عَن كل مَمْلُوك لَهُ فِي أرضه وَأَرْض غَيره، وَعَن كل إِنْسَان يعوله من صَغِير وكبير، وَعَن رَقِيق امْرَأَته وَكَانَ لَهُ مكَاتب بِالْمَدِينَةِ فَكَانَ لَا يُؤَدِّي عَنهُ..
     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: وَفِي رِوَايَة الثَّوْريّ عَن مُوسَى: كَانَ لِابْنِ عمر مكاتبان فَلَا يُعْطي عَنْهُمَا الزَّكَاة يَوْم الْفطر، وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن حَفْص عَن الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع.

الثَّالِث: قَوْله: ( وَالْأُنْثَى) ظَاهره وُجُوبهَا على الْمَرْأَة، سَوَاء كَانَ لَهَا زوج أَو لَا، وَأما الْمَرْأَة الْمُزَوجَة فَلَا تجب فطرتها على زَوجهَا عِنْد أبي حنيفَة وَالثَّوْري وَابْن الْمُنْذر وَمَالك..
     وَقَالَ  الشَّافِعِي وَمَالك فِي ( الصَّحِيح) وَإِسْحَاق: تلْزم على الزَّوْج، مستدلين بقول ابْن عمر: ( أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَدقَة الْفطر عَن الصَّغِير وَالْكَبِير مِمَّن تمونون) ..
     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: إِسْنَاده غير قوي.

الرَّابِع: قَوْله: ( وَالصَّغِير) ، جُمْهُور الْعلمَاء على وُجُوبهَا على الصَّغِير وَإِن كَانَ يَتِيما، قَالَ ابْن بزيزة:.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن الْحسن وَزفر: لَا يجب على الْيَتِيم زَكَاة الْفطر كَانَ لَهُ مَال أَو لم يكن، فَإِن أخرجهَا عَنهُ وَصِيّه ضمن، قَالَ: وأصل مَذْهَب مَالك وجوب الزَّكَاة على الْيَتِيم مُطلقًا، وَذكر صَاحب ( الْهِدَايَة) : يخرج عَن أَوْلَاده الصغار فَإِن كَانَ لَهُم مَال أدّى من مَالهم عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف خلافًا لمُحَمد،.

     وَقَالَ  ابْن بزيزة: قَالَ الْحسن: هِيَ على الْأَب فَإِن أَعْطَاهَا من مَال الابْن ضمن.
قَالَ: وَهل يجب إخْرَاجهَا عَن الْجَنِين أم لَا؟ فالجمهور أَنَّهَا غير وَاجِبَة عَلَيْهِ.
قَالَ: وَمن شواذ الْأَقْوَال أَنَّهَا تخرج عَن الْجَنِين، روينَا ذَلِك عَن عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَسليمَان بن يسَار.
وَفِي ( المُصَنّف) : حَدثنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة قَالَ: كَانُوا يُعْطون حَتَّى عَن الْحمل.
قَالَ ابْن بزيزة: قَالَ قوم من سلف الْعلمَاء: إِذا أكمل الْجَنِين فِي بطن أمه مائَة وَعشْرين يَوْمًا قبل انصداع الْفجْر من لَيْلَة الْفطر وَجب إِخْرَاج زَكَاة الْفطر عَنهُ كَأَنَّهُ اعْتمد على حَدِيث ابْن مَسْعُود: ( إِن خلق أحدكُم يجمع فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ صباحا) الحَدِيث.

الْخَامِس: قَوْله: ( من الْمُسلمين) : تكلم الْعلمَاء فِيهِ، قَالَ الشَّيْخ فِي ( الإِمَام) : وَقد اشتهرت هَذِه اللَّفْظَة من رِوَايَة مَالك حَتَّى قيل: إِنَّه تفرد بهَا.
قَالَ أَبُو قلَابَة: عبد الْملك بن مُحَمَّد لَيْسَ أحد يَقُول فِيهِ من الْمُسلمين غير مَالك،.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ بعد تَخْرِيجه لَهُ: زَاد مَالك ( من الْمُسلمين) ، وَقد رَوَاهُ غير وَاحِد عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَلم يَقُولُوا فِيهِ: من الْمُسلمين، وتبعهما على ذَلِك القَوْل جمَاعَة.
قَالَ الشَّيْخ: وَلَيْسَ بِصَحِيح، فقد تَابع مَالِكًا هَذِه اللَّفْظَة من الثِّقَات سَبْعَة، وهم: عمر بن نَافِع رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبابُُ، وَالضَّحَّاك بن عُثْمَان رَوَاهُ مُسلم عَنهُ عَن نَافِع ( عَن ابْن عمر: فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر من رَمَضَان على كل نفس من الْمُسلمين.
.
)
الحَدِيث، والمعلى بن أَسد رَوَاهُ ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) عَنهُ عَن نَافِع ( عَن ابْن عمر قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير عَن كل مُسلم) الحَدِيث، وَعبد الله بن عمر رَوَاهُ الْحَاكِم فِي ( مُسْتَدْركه) عَنهُ عَن نَافِع ( عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرض زَكَاة الْفطر صَاعا من تمر أَو صَاعا من بر على كل حر أَو عبد ذكر أَو أُنْثَى من الْمُسلمين، وَصَححهُ) ، وَكثير بن فرقد رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا عَنهُ عَن نَافِع ( عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرض زَكَاة الْفطر) لحَدِيث وَفِيه: ( من الْمُسلمين) وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ فِي ( مُشكل الْآثَار) وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي ( سنَنه) ، وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ عَن ابْن عمر نَحوه سَوَاء، وَيُونُس بن يزِيد رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ فِي ( مشكله) عَنهُ أَن نَافِعًا أخبرهُ قَالَ: ( قَالَ عبد الله بن عمر: فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النَّاس زَكَاة الْفطر من رَمَضَان صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير على كل إِنْسَان ذكر أَو أُنْثَى حرا أَو عبدا من الْمُسلمين) ، وَبِهَذَا احْتج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو ثَوْر على أَنه لَا تجب صَدَقَة الْفطر على أحد من عَبده الْكَافِر، وَهُوَ قَول سعيد بن الْمسيب وَالْحسن.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر من عَبده الْكَافِر.

وَهُوَ قَول عَطاء وَمُجاهد وَسَعِيد بن جُبَير وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالنَّخَعِيّ، وَرُوِيَ ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أَدّوا صَدَقَة الْفطر عَن كل صَغِير وكبير وَذكر أَو أُنْثَى يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ، حر أَو مَمْلُوك، نصف صَاع من بر أَو صَاعا من تمر أَو شعير) .
فَإِن قلت: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسند هَذَا الحَدِيث غير سَلام الطَّوِيل وَهُوَ مَتْرُوك، وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي ( الموضوعات) .

     وَقَالَ :.

     وَقَالَ  زِيَادَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ فِيهِ مَوْضُوعَة انْفَرد بهَا سَلام الطَّوِيل وَكَأَنَّهُ تعمدها وَاغْلُظْ فِيهِ القَوْل عَن النَّسَائِيّ وَابْن حبَان جازف ابْن الْجَوْزِيّ فِي مقَالَته من غير دَلِيل، وَقد أخرج الطَّحَاوِيّ فِي ( مشكله) مَا يُؤَيّد هَذَا: عَن ابْن الْمُبَارك عَن ابْن لَهِيعَة عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر عَن الْأَعْرَج ( عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: كَانَ يخرج صَدَقَة الْفطر عَن كل إِنْسَان يعول من صَغِير وكبير حر أَو عبد وَلَو كَانَ نَصْرَانِيّا مدّين من قَمح أَو صَاعا من تمر) .
وَحَدِيث ابْن لَهِيعَة يصلح للمتابعة، سِيمَا رِوَايَة ابْن الْمُبَارك عَنهُ وَلم يتْركهُ أحد، وَيُؤَيِّدهُ أَيْضا مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ: عَن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن نَافِع ( عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ يخرج صَدَقَة الْفطر عَن كل حر وَعبد صَغِير وكبير ذكر أَو أُنْثَى كَافِرًا أَو مُسلم) الحَدِيث.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وَعُثْمَان هَذَا هُوَ الْوَقَّاصِ، وَهُوَ مَتْرُوك.
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي ( مُصَنفه) عَن ابْن عَبَّاس ( قَالَ: يخرج الرجل زَكَاة الْفطر عَن كل مَمْلُوك لَهُ وَإِن كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا) وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) : عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن عمر بن مهَاجر عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: سمعته يَقُول: يُؤَدِّي الرجل الْمُسلم عَن مَمْلُوكه النَّصْرَانِي صَدَقَة الْفطر، حَدثنَا عبد الله ابْن دَاوُد عَن الْأَوْزَاعِيّ، قَالَ: بَلغنِي عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يُعْطي عَن مَمْلُوكه النَّصْرَانِي صَدَقَة الْفطر، وروى عَن إِبْرَاهِيم مثله، وَالْجَوَاب عَن قَوْله: ( من الْمُسلمين) أَن مَعْنَاهُ من يلْزمه إِخْرَاج الزَّكَاة عَن نَفسه وَعَن غَيره، وَلَا يكون إلاَّ مُسلما.
وَأما العَبْد فَلَا يلْزمه فِي نَفسه زَكَاة الْفطر، وَإِنَّمَا يلْزم مَوْلَاهُ الْمُسلم عَنهُ.
وَجَوَاب آخر: مَا قَالَه ابْن بزيزة، وَهُوَ: إِن قَوْله: ( من الْمُسلمين) زِيَادَة مضطربة من غير شكّ من جِهَة الْإِسْنَاد، وَالْمعْنَى: لِأَن ابْن عمر رَاوِيه كَانَ من مذْهبه إِخْرَاج الزَّكَاة عَن العَبْد الْكَافِر، والراوي إِذا خَالف مَا رَوَاهُ كَانَ تضعيفا لروايته.
وَجَوَاب آخر: أَن فِي صَدَقَة الْفطر نصان: أَحدهمَا: جعل الرَّأْس الْمُطلق سَببا، وَهُوَ الرِّوَايَة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا: من الْمُسلمين.
وَالْآخر: جعل الرَّأْس الْمُسلم سَببا، وَلَا تنَافِي فِي الْأَسْبابُُ كَمَا عرف كالملك يبث بِالشِّرَاءِ وَالْهِبَة وَالْوَصِيَّة وَالصَّدَََقَة وَالْإِرْث فَإِذا امْتنعت المزاجمة وَجب الْجمع بإجراء كل وَاحِد من الْمُطلق والمقيد على سنَنه من غير حمل أَحدهمَا على الآخر، فَيجب أَدَاء صَدَقَة الْفطر عَن العَبْد الْكَافِر بِالنَّصِّ الْمُطلق وَعَن الْمُسلم بالمقيد.
فَإِن قلت: إِذا لم يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد أدّى إِلَى إِلْغَاء الْمُقَيد، فَإِن حكمه يفهم من الْمُطلق، فَإِن حكم العَبْد الْمُسلم يُسْتَفَاد من إِطْلَاق إسم العَبْد فَلم يبْق لذكر الْمُقَيد فَائِدَة؟ قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل فِيهِ فَوَائِد، وَهِي: أَن يكون الْمُقَيد دَلِيلا على الِاسْتِحْبابُُ وَالْفضل، أَو على أَنه عَزِيمَة وَالْمُطلق رخصَة، أَو على أَنه أهم وأشرف حَيْثُ نَص عَلَيْهِ بعد دُخُوله تَحت الِاسْم الْمُطلق، كتخصيص صَلَاة الْوُسْطَى وَجِبْرِيل وَمِيكَائِيل، عَلَيْهِمَا السَّلَام، فِي مُطلق الصَّلَوَات، ودخولهما فِي مُطلق اسْم الْمَلَائِكَة، وَقد أمكن الْعَمَل بهما.
وَاحْتِمَال الْفَائِدَة قَائِم لَا يجوز إبِْطَال صفة الْإِطْلَاق.

السَّادِس: قَوْله: ( وَأمر بهَا أَن تُؤَدّى قبل خُرُوج النَّاس إِلَى الصَّلَاة) ، وَهَذَا أَمر اسْتِحْبابُُ، وَهُوَ قَول ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالقَاسِم وَأبي نَضرة وَعِكْرِمَة وَالضَّحَّاك وَالْحكم بن عُيَيْنَة ومُوسَى بن وردان وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَأهل الْكُوفَة، وَلم يحك فِيهِ خلاف، وَحكى الْخطابِيّ الْإِجْمَاع فِيهِ،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: الْأَمر فِيهِ للْوُجُوب فَيحرم تَأْخِيرهَا عَن ذَلِك الْوَقْت.