هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1439 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : العَجْمَاءُ جُبَارٌ ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ ، وَالمَعْدِنُ جُبَارٌ ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1439 حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : العجماء جبار ، والبئر جبار ، والمعدن جبار ، وفي الركاز الخمس
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : العَجْمَاءُ جُبَارٌ ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ ، وَالمَعْدِنُ جُبَارٌ ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ .

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) said, There is no compensation for one killed or wounded by an animal or by falling in a well, or because of working in mines; but Khumus is compulsory on Rikaz.

D'après Abu Huryra (), le Messager d'Allah () dit: «[Le mal causé par un accident dû] à une bête, à un puits, à une mine n'est pas sujet au dédommagement.

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا کہ ہمیں امام مالک نے خبر دی ‘ انہیں ابن شہاب نے ‘ ان سے سعید بن مسیب اور ابوسلمہ بن عبدالرحمٰن نے بیان کیا ‘ اور ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایاجانور سے جو نقصان پہنچے اس کا کچھ بدلہ نہیں اور کنویں کا بھی یہی حال ہے اور کان کا بھی یہی حکم ہے اور رکاز میں سے پانچواں حصہ لیا جائے ۔

D'après Abu Huryra (), le Messager d'Allah () dit: «[Le mal causé par un accident dû] à une bête, à un puits, à une mine n'est pas sujet au dédommagement.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1499] .

     قَوْلُهُ  الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَجْمَاءُ عَقْلُهَا جُبَارٌ وَسَيَأْتِي فِي الدِّيَاتِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَسُمِّيَتِ الْبَهِيمَةُ عَجْمَاءَ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّمُ .

     قَوْلُهُ  وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ أَيْ هَدَرٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ وإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّ مَنِ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِلْعَمَلِ فِي مَعْدِنٍ مَثَلًا فَهَلَكَ فَهُوَ هَدَرٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنِ اسْتَأْجَرَهُ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي الدِّيَاتِ .

     قَوْلُهُ  وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي الرِّكَازِ وَأَنَّ الْجُمْهُورَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ الْمَالُ الْمَدْفُونُ لَكِنْ حَصَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ فِيمَا يُوجَدُ فِي الْمَوَاتِ بِخِلَافِ مَا إِذَا وَجَدَهُ فِي طَرِيقٍ مَسْلُوكٍ أَوْ مَسْجِدٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَإِذَا وَجَدَهُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ الَّذِي وَجَدَهُ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَإِنِ ادَّعَاهُ الْمَالِكُ فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِمَنْ تَلَقَّاهُ عَنْهُ إِلَى أَن يَنْتَهِي الْحَال إِلَى من أحيى تِلْكَ الْأَرْضَ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مَنْ قَالَ مِنَ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ إِمَّا مُطْلَقًا أَوْ فِي أَكْثَرِ الصُّوَرِ فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْحَدِيثِ وَخَصَّهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ لَا يخْتَص وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذِرِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَصْرِفِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ مَصْرِفُهُ مَصْرِفُ خُمُسِ الْفَيْءِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ مَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مَا إِذَا وَجَدَهُ ذِمِّيٌّ فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ يُخْرَجُ مِنْهُ الْخُمُسُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ بَلْ يَجِبُ إِخْرَاجُ الْخُمُسِ فِي الْحَال وَأغْرب بن الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فَحَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ الِاشْتِرَاطَ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ كتبه وَلَا من كتب أَصْحَابه ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ومحاسبة المصدقين مَعَ الإِمَام) قَالَ بن بَطَّالٍ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَىأَنَّ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا السُّعَاةُ الْمُتَوَلُّونَ لِقَبْضِ الصَّدَقَةِ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ حَدِيثُ الْبَابِ أَصْلٌ فِي مُحَاسَبَةِ المؤتمن وَأَن المحاسبة تَصْحِيح أَمَانَته.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ الْمَذْكُورُ صَرَفَ شَيْئًا مِنَ الزَّكَاةِ فِي مَصَارِفِهِ فَحُوسِبَ عَلَى الْحَاصِلِ وَالْمَصْرُوفِ.

.

قُلْتُ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ مَجْمُوعِ الطُّرُقِ أَنَّ سَبَبَ مُطَالَبَتِهِ بِالْمُحَاسَبَةِ مَا وُجِدَ مَعَهُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الصَّدَقَةِ وَادَّعَى أَنَّهُ أُهْدِيَ إِلَيْهِ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي قصَّة بن اللُّتْبِيَّةِ وَفِيهِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسِبُهُ وسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُسْتَوْفًى فِي الْأَحْكَامِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وبن اللُّتْبِيَّةِ الْمَذْكُورُ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَا ذَكَرَ بن سَعْدٍ وَغَيْرُهُ وَلَمْ أَعْرِفِ اسْمَ أُمِّهِ وَقَولُهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1499] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ».
[الحديث أطرافه في: 2355، 6912، 6913] .
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بفتح لام سلمة كلاهما (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال): (العجماء) بفتح العين المهملة وسكون الجيم والمد أي البهيمة لأنها لا تتكلم (جبار) بضم الجيم وتخفيف الموحدة أي هدر غير مضمون، ولمسلم جرحها جبار ولا بد في رواية البخاري من تقدير إذ لا معنى لكون العجماء نفسها هدرًا، وقد دلت رواية مسلم على أن ذلك المقدر هو الجرح فوجب المصير له لكن الحكم غير مختص به بل هو مثال نبه به على غيره، ولو لم تكن رواية أخرى على تعيين ذلك المقدّر لم يكن لرواية البخاري عموم في جميع المقدرات التي يستقيم الكلام بتقدير واحد منها هذا هو الصحيح في الأصول أن المقتضي لا عموم له، والمراد أنها إذا انفلتت وصدمت إنسانًا فأتلفته أو أتلفت مالاً غرم على مالكها أما إذا كان معها فعليه ضمان ما أتلفته سواء أتلفته ليلاً أو نهارًا وسواء كان سائقها أو راكبها أو قائدها وسواء كان مالكها أو أجيره أو مستأجرًا أو مستعيرًا أو غاصبًا وسواء أتلفت بيدها أو رجلها أو عضها أو ذنبها.
وقال مالك: القائد والراكب والسائق كلهم ضامنون لما أصابت الدابة إلا أن ترمح الدابة من غير أن يفعل بها شيء ترمح له.
وقال الحنفية: إن الراكب والقائد لا يضمنان ما نفحت الدابة برجلها أو ذنبها إلا إن أوقفها في الطريق واختلفوا في السائق فقال القدوري وآخرون: إنه ضامن لما أصابت بيدها ورجلها لأن النفحة بمرأى عينه فأمكنه الاحتراز عنها، وقال أكثرهم: لا يضمن النفحة أيضًا وإن كان يراها إذ ليس على رجلها ما يمنعها به فلا يمكنه التحرز عنه بخلاف الكدم لإمكان كبحها بلجامها، وصححه صاحب الهداية وكذا قال الحنابلة: إن الراكب لا يضمن ما تتلفه البهيمة برجلها (والبئر) يحفرها الرجل في ملكه أو في موات فيسقط فيها رجل أو تنهار على من استأجره لحفرها فيهلك (جبار) لا ضمان أما إذا حفرها في طريق المسلمين أو في ملك غيره بغير إذنه فتلف فيها إنسان وجب ضمانه على عاقلة حافرها والكفارة في مال الحافر، وإن تلف بها غير الآدمي وجب ضمانه في مال الحافر (والمعدن) إذا حفره في ملكه أو في موات أيضًا لاستخراجما فيه فوقع فيه إنسان أو انهار على حافره (جبار) لا ضمان فيه أيضًا (وفي الركاز) دفن الجاهلية (الخمس) في عطف الركاز على المعدن دلالة على تغايرهما وأن الخمس في الركاز لا في المعدن، واتفق الأئمة الأربعة وجمهور العلماء على أنه سواء كان في دار الإسلام أو في دار الحرب خلافًا للحسن حيث فرق كما مر وشرطه النصاب والنقدان لا الحول، ومذهب أحمد أنه لا فرق بين النقدين فيه وغيرهما كالنحاس والحديد والجواهر لظاهر هذا الحديث وهو مذهب الحنفية أيضًا، لكنهم أوجبوا الخمس وجعلوه فيئًا والحنابلة أوجبوا ربع العشر وجعلوه زكاة، وعن مالك روايتان كالقولين وحكي كل منهما عن ابن القاسم.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الحدود، والنسائي في الزكاة، وأورده البخاري في الأحكام.
67 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60] وَمُحَاسَبَةِ الْمُصَدِّقِينَ مَعَ الإِمَامِ (باب قول الله تعالى { والعاملين عليها} [التوبة: 60] أي على الصدقات وهم السعاة الذين يبعثهم الإمام لقبضها (ومحاسبة المصدقين مع الإمام).

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ)

الرِّكَازُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ وَآخِرُهُ زَايٌ الْمَالُ الْمَدْفُونُ مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّكْزِ بِفَتْحِ الرَّاءِ يُقَالُ رَكَزَهُ يَرْكُزُهُ رَكْزًا إِذَا دَفَنَهُ فَهُوَ مَرْكُوزٌ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْدِنِ كَمَا سَيَأْتِي قَوْله.

     وَقَالَ  مَالك وبن إِدْرِيسَ الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَخْ أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْمَعْدِنُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ كَمَا تُؤْخَذُ مِنَ الزَّرْعِ حَتَّى يُحْصَدَ قَالَ وَهَذَا لَيْسَ بِرِكَازٍ إِنَّمَا الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطْلَبَ بِمَالٍ وَلَا يَتَكَلَّفُ لَهُ كَثِيرَ عَمَلٍ انْتَهَى وَهَكَذَا هُوَ فِي سَمَاعِنَا مِنْ الْمُوَطَّأِ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ لَكِنْ قَالَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

.
وَأَمَّا قَوْله فِي قَلِيله وَكَثِيره الْخمس فنقله بن الْمُنْذِرِ عَنْهُ كَذَلِكَ وَفِيهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ عَنْهُ اخْتِلَافٌ وَقَولُهُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْفَاءِ الشَّيْءُ الْمَدْفُونُ كَذِبْحٍ بِمَعْنَى مَذْبُوحٍ.

.
وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الْمَصْدَرُ وَلَا يُرَادُ هُنَا.

.
وَأَمَّا بن إِدْرِيس فَقَالَ بن التِّين قَالَ أَبُو ذَر يُقَال إِن بن إِدْرِيسَ هُوَ الشَّافِعِيُّ وَيُقَالُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ وَهُوَ أَشْبَهُ كَذَا قَالَ وَقَدْ جَزَمَ أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ أَحَدُ الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ بِأَنَّهُ الشَّافِعِيُّ وَتَابَعَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَجُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ ذَلِكَ وُجِدَ فِي عِبَارَةِ الشَّافِعِيِّ دُونَ الْأَوْدِيِّ فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالرِّكَازُ الَّذِي فِيهِ الْخُمُسُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ مَا وُجِدَ فِي غَيْرِ مِلْكٍ لِأَحَدٍ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ فَهُوَ .

     قَوْلُهُ  فِي الْقَدِيمِ كَمَا نَقله بن الْمُنْذِرِ وَاخْتَارَهُ.

.
وَأَمَّا الْجَدِيدُ فَقَالَ لَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ حَتَّى يَبْلُغَ نِصَابَ الزَّكَاةِ وَالْأَوَّلُ قَول الْجُمْهُور كَمَا نَقله بن الْمُنْذِرِ أَيْضًا وَهُوَ مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَعْدِنِ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ أَيْ فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا وَصَلَهُ فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً وَصَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ نَحْوُهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَعَلَ الْمَعْدِنَ بِمَنْزِلَةِ الرِّكَازِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْخُمُسُ ثُمَّ عَقَّبَ بِكِتَابٍ آخَرَ فَجَعَلَ فِيهِ الزَّكَاةَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الْحَسَنُ مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَفِيهِ الْخُمُسُ وَمَا كَانَ فِي أَرْضِ السّلم فَفِيهِ الزَّكَاة وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْهُ بِلَفْظِ إِذَا وُجِدَ الْكَنْزُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَفِيهِ الْخُمُسُ وَإِذَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ فَفِيهِ الزَّكَاة قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَرَّقَ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ غَيْرَ الْحَسَنِ .

     قَوْلُهُ  وَإِنْ وُجِدَتِ اللُّقَطَةُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَعَرَّفَهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَدُوِّ فَفِيهَا الْخُمُسُ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مَوْصُولًا وَهُوَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بَعْضُ النَّاس الْمَعْدن ركاز الخ قَالَ بن التِّينِ الْمُرَادُ بِبَعْضِ النَّاسِ أَبُو حَنِيفَةَ.

.

قُلْتُ وَهَذَا أَوَّلُ مَوْضِعٍ ذَكَرَهُ فِيهِ الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَبَا حَنِيفَةَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ مِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ قَالَ بن بَطَّالٍ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمَا إِلَى أَنَّ الْمَعْدِنَ كَالرِّكَازِ وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِقَوْلِ الْعَرَبِ أَرْكَزَ الرَّجُلُ إِذَا أَصَابَ رِكَازًا وَهِيَ قِطَعٌ مِنَ الذَّهَبِ تُخْرَجُ مِنَ الْمَعَادِنِ وَالْحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ تَفْرِقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَصَحَّ أَنَّهُ غَيْرُهُ قَالَ وَمَا أَلْزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ الْقَائِلَ الْمَذْكُورَ قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ الشَّيْءُ أَوْ رَبِحَ رِبْحًا كَثِيرًا أَوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ أَرْكَزْتَ حُجَّةً بَالِغَةً لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَسْمَاءِ الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَعْنَى إِلَّا إِنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ مَنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ وَإِنْ كَانَ يُقَالُ لَهُ أَرْكَزَ فَكَذَلِكَ الْمَعْدِنُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ نَاقَضَ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ فَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا أَجَازَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ أَنْ يَكْتُمَهُ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَأَوَّلُ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَنَصِيبًا فِي الْفَيْءِ فَأَجَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْخُمُسَ لِنَفْسِهِ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ أَسْقَطَ الْخُمُسَ عَنِ الْمَعْدِنِ اه وَقَدْ نَقَلَ الطَّحَاوِيُّ الْمَسْأَلَة الَّتِي ذكرهَا بن بَطَّالٍ وَنَقَلَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ فِي دَارِهِ مَعْدِنًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَبِهَذَا يَتَّجِهُ اعْتِرَاضُ الْبُخَارِيِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ أَنَّ الْمَعْدِنَ يَحْتَاجُ إِلَى عَمَلٍ وَمُؤْنَةٍ وَمُعَالَجَةٍ لِاسْتِخْرَاجِهِ بِخِلَافِ الرِّكَازِ وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الشَّرْعِ أَنَّ مَا غَلُظَتْ مُؤْنَتُهُ خُفِّفَ عَنْهُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ وَمَا خَفَّتْ زِيدَ فِيهِ وَقِيلَ إِنَّمَا جُعِلَ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ لِأَنَّهُ مَالُ كَافِرٍ فَنُزِّلَ مَنْ وَجَدَهُ مَنْزِلَةَ الْغَنَائِمِ فَكَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ.

     وَقَالَ  الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ كَأَنَّ الرِّكَازَ مَأْخُوذٌ مِنْ أَرْكَزْتُهُ فِي الْأَرْضِ إِذَا غَرَزْتُهُ فِيهَا.

.
وَأَمَّا الْمَعْدِنُ فَإِنَّهُ يَنْبُتُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ وَضْعِ وَاضِعٍ هَذِهِ حَقِيقَتُهُمَا فَإِذَا افْتَرَقَا فِي أَصْلِهِمَا فَكَذَلِكَ فِي حُكْمِهِمَا

[ قــ :1439 ... غــ :1499] .

     قَوْلُهُ  الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَجْمَاءُ عَقْلُهَا جُبَارٌ وَسَيَأْتِي فِي الدِّيَاتِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَسُمِّيَتِ الْبَهِيمَةُ عَجْمَاءَ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّمُ .

     قَوْلُهُ  وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ أَيْ هَدَرٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ وإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّ مَنِ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِلْعَمَلِ فِي مَعْدِنٍ مَثَلًا فَهَلَكَ فَهُوَ هَدَرٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنِ اسْتَأْجَرَهُ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي الدِّيَاتِ .

     قَوْلُهُ  وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي الرِّكَازِ وَأَنَّ الْجُمْهُورَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ الْمَالُ الْمَدْفُونُ لَكِنْ حَصَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ فِيمَا يُوجَدُ فِي الْمَوَاتِ بِخِلَافِ مَا إِذَا وَجَدَهُ فِي طَرِيقٍ مَسْلُوكٍ أَوْ مَسْجِدٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَإِذَا وَجَدَهُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ الَّذِي وَجَدَهُ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَإِنِ ادَّعَاهُ الْمَالِكُ فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِمَنْ تَلَقَّاهُ عَنْهُ إِلَى أَن يَنْتَهِي الْحَال إِلَى من أحيى تِلْكَ الْأَرْضَ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مَنْ قَالَ مِنَ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ إِمَّا مُطْلَقًا أَوْ فِي أَكْثَرِ الصُّوَرِ فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْحَدِيثِ وَخَصَّهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ لَا يخْتَص وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذِرِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَصْرِفِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ مَصْرِفُهُ مَصْرِفُ خُمُسِ الْفَيْءِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ مَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مَا إِذَا وَجَدَهُ ذِمِّيٌّ فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ يُخْرَجُ مِنْهُ الْخُمُسُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ بَلْ يَجِبُ إِخْرَاجُ الْخُمُسِ فِي الْحَال وَأغْرب بن الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فَحَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ الِاشْتِرَاطَ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ كتبه وَلَا من كتب أَصْحَابه

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ
وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ: الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ، فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ، وَلَيْسَ الْمَعْدِنُ بِرِكَازٍ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَعْدِنِ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ.
وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً..
     وَقَالَ  الْحَسَنُ: مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَمَا

كَانَ مِنْ أَرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ.
وَإِنْ وَجَدْتَ اللُّقَطَةَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَعَرِّفْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَدُوِّ فَفِيهَا الْخُمُسُ..
     وَقَالَ  بَعْضُ النَّاسِ الْمَعْدِنُ رِكَازٌ مِثْلُ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ، لأَنَّهُ يُقَالُ: أَرْكَزَ الْمَعْدِنُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَىْءٌ.
قِيلَ لَهُ: قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَىْءٌ أَوْ رَبِحَ رِبْحًا كَثِيرًا أَوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ أَرْكَزْتَ.
ثُمَّ نَاقَضَ.

     وَقَالَ : لاَ بَأْسَ أَنْ يَكْتُمَهُ فَلاَ يُؤَدِّيَ الْخُمُسَ.

هذا ( باب) بالتنوين ( في الركاز الخمس) ، بالرفع مبتدأ مؤخر، والركاز: بكسر الراء وتخفيف الكاف آخره زاي هو من دفين الجاهلية كأنه ركز في الأرض ركزًا أي غرز وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه.
( وقال مالك) : هو ابن أنس إمام دار الهجرة مما رواه أبو عبيد في كتاب الأموال ( وابن إدريس) هو الشافعي الإمام الأعظم صاحب المذهب كما جزم به أبو زيد المروزي أحد الرواة عن الفربري، وتابعه البيهقي وجمهور الأئمة وعبارة البيهقي كما رأيته في كتابه معرفة السنن والآثار قد حكى محمد بن إسماعيل البخاري مذهب مالك والشافعي في الركاز والمعدن في كتاب الزكاة من الجامع، وقال مالك وابن إدريس يعني الشافعي، وقيل المراد بابن إدريس عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي: ( الركاز دفن الجاهلية) بكسر الدال وسكون الفاء أي الشيء المدفون كذبح بمعنى مذبوح وبالفتح المصدر ولا يراد هنا كذا قاله ابن حجر كالزركشي.
وتعقبه في المصابيح بأنه
يصح الفتح على أن يكون مصدرًا أريد به المفعول مثل الدرهم ضرب الأمير وهذا الثوب نسج اليمن ( في قليله وكثيره الخمس) بضمتين وقد تسكن الميم وهذا قوم أبي حنيفة ومالك وأحمد وبه قال إمامنا الشافعي في القديم، وشرط في الجديد النصاب فلا تجب الزكاة فيما دونه إلا إذا كان في ملكه من جنس النقد الموجود، ( وليس المعدن) بكسر الدال أي المكان من الأرض يخرج منه شيء من الجواهر والأجساد كالذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص والكبريت وغير ذلك مأخوذ من عدن بالمكان إذا أقام به يعدن بالكسر عدونًا سمي بذلك لعدون ما أنبته الله فيه قاله الأزهري.
وقال في القاموس: والمعدن كمجلس منبت الجواهر من ذهب ونحوه لإقامة أهله فيه دائمًا أو لإنبات الله عز وجل إياه فيه ( بركاز) : لأنه لا يدخل تحت اسم الركاز ولا له حكمه، ( وقد قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:) كما وصله في آخر الباب من حديث أبي هريرة ( في المعدن جبار) بضم الجيم وتخفيف الموحدة آخره راء يعني إذا حفر معدنًا في ملكه أو في موات فوقع فيه شخص ومات أو استأجره لعمل في المعدن فهلك لا يضمنه بل دمه هدر، وليس المراد أنه لا زكاة فيه ( وفي الركاز) دفن الجاهلية ( الخمس) ، ففرق بينهما وجعل لكل منهما حكمًا ولو كانا بمعنى واحد بينهما فلما فرق بينهما دل على التغاير.
( وأخذ عمر بن عبد العزيز من المعادن) وهي المستخرجة من موضع خلقها ( من كل مائتين) من الدراهم ( خمسة) منها وهي ربع العشر، وفي قول الخمس كالركاز بجامع الخفاء في الأرض.
وهذا التعليق وصله أبو عبيد في كتاب الأموال.

( وقال الحسن) البصري مما وصله ابن أبي شيبة بمعناه ( مما كان من ركاز) دفن الجاهلية ( في أرض الحرب ففيه الخمس وما كان في أرض السلم) بكسر السين وسكون اللام أي الصلح، ولأبي
الوقت: وما كان من أرض السلم ( ففيه الزكاة) .
المعهودة وهي ربع العشر.
قال ابن المنذر: لا أعرف أحدًا فرق هذه التفرقة غير الحسن ( وإن وجدت اللقطة) بضم الواو مبنيًا للمفعول واللقطة بضم اللام المشددة وفتح القاف وسكونها وهذا من قول الحسن، ولأبي الوقت: وجدت لقطة ( في أرض العدوّ فعرّفها) لاحتمال أن تكون للمسلمين وفي الفرع كأصله وإن وجدت بفتح الواو مبنيًّا للفاعل اللقطة مفعول ( وإن كانت من العدوّ) أي من ماله فلا حاجة إلى تعريفها لأنها صارت ملكه ( ففيها الخمس.
وقال بعض الناس)
هو الإمام أبو حنيفة وهذا أوّل موضع ذكره فيه المؤلّف بهذه الصيغة، ويحتمل أن يكون أراد أبا حنيفة وغيره من الكوفيين ممن قال بذلك ( المعدن ركاز مثل دفن الجاهلية) ، بكسر الدال وفتحها على ما مر فيجب فيه أيضًا الخمس.
قال الزهري وأبو عبيد: الركاز المال المدفون والمعدن جميعًا ( لأنه يقال:) مما سمع من العرب ( أركز المعدن) بفتح الهمزة فعل ماض مبني للفاعل والضمير في لأنه للشأن واللام للتعليل ( إذا خرج منه شيء) بفتح الخاء المعجمة بغير همزة قبلها، ولأبي ذر: أخرج بهمزة مضمومة ( قيل له:) أي لبعض الناس ( قد يقال لمن وهب له شيء) بضم الواو وكسر الهاء مبنيًّا للمفعول شيء رفع نائب عن الفاعل ( أو ربح ربحًا كثيرًا أو كثر ثمره أركزت) .
بتاء الخطاب أي: فيلزم أن يقال لكل واحد من الموهوب والربح والثمر ركاز، ويقال لصاحبه أركزت ويجب فيه الخمس لكن الإجماع على خلافه وإنه ليس فيه الأربع العشر فالحكم مختلف وإن اتفقت التسمية، واعترضه بعضهم بأنه لم ينقل عن بعض الناس ولا عن العرب أنهم قالوا: أركز المعدن وإنما قالوا أركز الرجل فإذا لم يكن هذا صحيحًا فكيف يتوجه الإلزام بقول القائل قد يقال لمن وهب الخ.
ومعنى أركز الرجل صار له ركاز من قطع الذهب ولا يلزم منه أنه إذا وهب له شيء أن يقال له أركزت بالخطاب، وكذا إذا ربح ربحًا كثيرًا أو أكثر ثمره ولو علم المعترض أن معنى أفعل هنا ما هو لما اعترض ولا أفحش فيه، ومعنى أفعل هنا للصيرورة يعني لصيرورة الشيء منسوبًا إلى ما اشتق منه الفعل كأغدّ البعير أي صار ذا غدّة ومعنى أركز الرجل صار له ركاز من قطع الذهب كما مر ولا يقال إلا بهذا القيد لا مطلقًا ( ثم ناقض) أي بعض الناس لأنه قال المعدن ركاز ففيه الخمس ( وقال:) ثانيًا ( لا بأس أن يكتمه) عن الساعي ( فلا يؤدي الخمس) في الزكاة وهو عنده شامل للمعدن.
وقد اعترض ابن بطال المؤلّف في هذه المناقضة بأن الذي أجاز أبو حنيفة كتمانه إنما هو إذا كان محتاجًا إليه بمعنى أنه يتأول أن له حقًا في بيت المال ونصيبًا في الفيء فأجاز له أن يأخذ الخمس لنفسه عوضًا عن ذلك لا أنه أسقط الخمس عن المعدن بعدما أوجبه فيه.


[ قــ :1439 ... غــ : 1499 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ».
[الحديث 1499 - أطرافه في: 2355، 6912، 6913] .

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن ابن شهاب)

الزهري ( عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بفتح لام سلمة كلاهما ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( العجماء) بفتح العين المهملة وسكون الجيم والمد أي البهيمة لأنها لا تتكلم ( جبار) بضم الجيم وتخفيف الموحدة أي هدر غير مضمون، ولمسلم جرحها جبار ولا بد في رواية البخاري من تقدير إذ لا معنى لكون العجماء نفسها هدرًا، وقد دلت رواية مسلم على أن ذلك المقدر هو الجرح فوجب المصير له لكن الحكم غير مختص به بل هو مثال نبه به على غيره، ولو لم تكن رواية أخرى على تعيين ذلك المقدّر لم يكن لرواية البخاري عموم في جميع المقدرات التي يستقيم الكلام بتقدير واحد منها هذا هو الصحيح في الأصول أن المقتضي لا عموم له، والمراد أنها إذا انفلتت وصدمت إنسانًا فأتلفته أو أتلفت مالاً غرم على مالكها أما إذا كان معها فعليه ضمان ما أتلفته سواء أتلفته ليلاً أو نهارًا وسواء كان سائقها أو راكبها أو قائدها وسواء كان مالكها أو أجيره أو مستأجرًا أو مستعيرًا أو غاصبًا وسواء أتلفت بيدها أو رجلها أو عضها أو ذنبها.
وقال مالك: القائد والراكب والسائق كلهم ضامنون لما
أصابت الدابة إلا أن ترمح الدابة من غير أن يفعل بها شيء ترمح له.
وقال الحنفية: إن الراكب والقائد لا يضمنان ما نفحت الدابة برجلها أو ذنبها إلا إن أوقفها في الطريق واختلفوا في السائق فقال القدوري وآخرون: إنه ضامن لما أصابت بيدها ورجلها لأن النفحة بمرأى عينه فأمكنه الاحتراز عنها، وقال أكثرهم: لا يضمن النفحة أيضًا وإن كان يراها إذ ليس على رجلها ما يمنعها به فلا يمكنه التحرز عنه بخلاف الكدم لإمكان كبحها بلجامها، وصححه صاحب الهداية وكذا قال الحنابلة: إن الراكب لا يضمن ما تتلفه البهيمة برجلها ( والبئر) يحفرها الرجل في ملكه أو في موات فيسقط فيها رجل أو تنهار على من استأجره لحفرها فيهلك ( جبار) لا ضمان أما إذا حفرها في طريق المسلمين أو في ملك غيره بغير إذنه فتلف فيها إنسان وجب ضمانه على عاقلة حافرها والكفارة في مال الحافر، وإن تلف بها غير الآدمي وجب ضمانه في مال الحافر ( والمعدن) إذا حفره في ملكه أو في موات أيضًا لاستخراج ما فيه فوقع فيه إنسان أو انهار على حافره ( جبار) لا ضمان فيه أيضًا ( وفي الركاز) دفن الجاهلية ( الخمس) في عطف الركاز على المعدن دلالة على تغايرهما وأن الخمس في الركاز لا في المعدن، واتفق الأئمة الأربعة وجمهور العلماء على أنه سواء كان في دار الإسلام أو في دار الحرب خلافًا للحسن حيث فرق كما مر وشرطه النصاب والنقدان لا الحول، ومذهب أحمد أنه لا فرق بين النقدين فيه وغيرهما كالنحاس والحديد والجواهر لظاهر هذا الحديث وهو مذهب الحنفية أيضًا، لكنهم أوجبوا الخمس وجعلوه فيئًا والحنابلة أوجبوا ربع العشر وجعلوه زكاة، وعن مالك روايتان كالقولين وحكي كل منهما عن ابن القاسم.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الحدود، والنسائي في الزكاة، وأورده البخاري في الأحكام.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ فِي الرِّكَازِ الخُمُسُ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ فِي الرِّكَاز الْخمس، وَالْخمس مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ، وَفِي الرِّكَاز مقدما خَبره، وَقد مر تَفْسِير الرِّكَاز.

وَقَالَ مالِكٌ وَابنُ إدْرِيسَ الرِّكَازُ دِفْنُ الجَاهِلِيَّةِ فِي قَلِيلِهِ وكَثِيرِهِ الخُمُسُ ولَيْسَ المَعْدَنُ بِرِكَازٍ

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَمَالك هُوَ ابْن أنس صَاحب الْمَذْهَب الْمَشْهُور، وَابْن إِدْرِيس هُوَ مُحَمَّد بن إِدْرِيس، فَقَالَ ابْن التِّين: قَالَ أَبُو ذَر: يُقَال: هُوَ مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي، يَعْنِي صَاحب الْمَذْهَب، وَيُقَال: عبد الله بن إِدْرِيس الأودي الْكُوفِي، وَهُوَ الْأَشْبَه، وَقد جزم أَبُو زيد الْمروزِي أحد الروَاة عَن الْفربرِي بِأَنَّهُ الشَّافِعِي، يَعْنِي صَاحب الْمَذْهَب.
وَتَابعه الْبَيْهَقِيّ وَجُمْهُور الْأَئِمَّة.
قيل: يُؤَيّد ذَلِك أَنه وجد فِي عبارَة الشَّافِعِي دون الأودي، فروى الْبَيْهَقِيّ فِي (الْمعرفَة) من طَرِيق الرّبيع، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِي: والركاز الَّذِي فِيهِ الْخمس دفن الْجَاهِلِيَّة مَا وجد فِي غير ملك لأحد، وَأما فِي قَلِيله وكثيرة الْخمس فَهُوَ قَوْله فِي الْقَدِيم، كَمَا نَقله ابْن الْمُنْذر عَنهُ، وَاخْتَارَهُ.
وَأما فِي الْجَدِيد فَقَالَ: لَا يجب فِيهِ الْخمس حَتَّى يبلغ نِصَاب الزَّكَاة، وَالتَّعْلِيق عَن مَالك رَوَاهُ أَبُو عبيد فِي (كتاب الْأَمْوَال) : حَدثنِي يحيى بن عبد الله بن بكير عَن مَالك، قَالَ: الْمَعْدن بِمَنْزِلَة الزَّرْع تُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة كَمَا تُؤْخَذ من الزَّرْع تُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة كَمَا تُؤْخَذ من الزَّرْع حِين يحصد.
قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بركاز، وَإِنَّمَا الرِّكَاز دفن الْجَاهِلِيَّة الَّذِي يُوجد من غير أَن يطْلب بِمَال وَلَا يتَكَلَّف لَهُ كثير عمل.
انْتهى.
قَوْله: (دفن الْجَاهِلِيَّة) ، بِكَسْر الدَّال، بِمَعْنى: المدفون.
قَوْله: (فِي قَلِيله) ، هُوَ الَّذِي لَا يبلغ نِصَابا، وَفِي كَثِيره مَا بلغ نِصَابا، قَوْله: (وَلَيْسَ الْمَعْدن بركاز) فَيجب فِيهِ ربع العُشر لَا الْخمس لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى عمل ومعالجة واستخراج، بِخِلَاف الرِّكَاز، وَقد جرت السّنة أَن مَا غلظت مُؤْنَته خفف عَنهُ فِي مِقْدَار الزَّكَاة، وَمَا خفف زيد فِيهِ، وَسمي الْمَعْدن لإِقَامَة التبر فِيهِ، لِأَنَّهُ من العدن وَهُوَ الْإِقَامَة.

وقَدْ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي المَعْدِنِ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ

هَذَا من جملَة كَلَام مَالك وَابْن إِدْرِيس فِيمَا ذَهَبا إِلَيْهِ، أَرَادَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرق بَين الْمَعْدن والركاز، فَجعل الْمَعْدن جبارا وَأوجب فِي الرِّكَاز الْخمس، وَهَذَا التَّعْلِيق أسْندهُ فِي هَذَا الْبابُُ، فَعَن قريب يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، والجبار، بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره رَاء: وَهُوَ الهدر لَيْسَ فِيهِ شَيْء.

وَأخَذَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ مِنَ المَعَادِنِ مِنْ كْلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً
أَي: خَمْسَة دَرَاهِم وَهُوَ ربع الْعشْر، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو عبيد فِي (كتاب الْأَمْوَال) من طَرِيق الثَّوْريّ عَن عبد الله بن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم نَحوه، وروى الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة أَن عمر بن عبد الْعَزِيز جعل الْمَعْدن بِمَنْزِلَة الرِّكَاز يُؤْخَذ مِنْهُ الْخمس، ثمَّ عقب بِكِتَاب آخر فَجعل فِيهِ الزَّكَاة، قَالَ: وروينا عَن عبد الله بن أبي بكر أَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَخذ من الْمَعَادِن من كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم، وَعَن أبي الزِّنَاد قَالَ: جعل عمر بن عبد الْعَزِيز فِي الْمَعَادِن أَربَاع الْعشْر إلاَّ أَن يكون ركزه، فَإِذا كَانَ ركزه فَفِيهَا الْخمس.

وَقَالَ الحَسَنُ مَا كانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أرْضِ الحَرْبِ فَفِيهِ الخُمُسُ ومَا كانَ منْ أرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ
الْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، قَوْله: (السّلم) بِكَسْر السِّين وَسُكُون اللَّام، وَهُوَ: الصُّلْح، وَهَذِه التَّفْرِقَة لم تعرف عَن غَيره، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عَاصِم الْأَحول عَنهُ بِلَفْظ: (إِذا وجد الْكَنْز فِي أَرض الْعَدو فَفِيهِ الْخمس، وَإِذا وجد فِي أَرض الْعَرَب فَفِيهِ الزَّكَاة) .

وإنْ وَجَدْتَ اللقَطَةَ فِي أرْضِ العَدُوِّ فَعَرِّفْهَا وَإنْ كَانَتْ مِنَ العَدُوِّ فَفِيهَا الخُمُسُ
هَذَا من تَتِمَّة كَلَام الْحسن،.

     وَقَالَ  ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا عباد بن الْعَوام عَن هِشَام عَن الْحسن: الرِّكَاز الْكَنْز العادي وَفِيه الْخمس، واللقطة، بِفَتْح الْقَاف وسكونها، لَكِن الْقيَاس أَن يُقَال بِالْفَتْح للاّقط، وبسكون الْقَاف للملقوط، وَإِن كَانَت اللّقطَة مَال الْعَدو فَلَا حَاجَة إِلَى التَّعْرِيف، بل يملكهَا وَيجب فِيهَا الْخمس، وَلَا يكون لَهَا حكم اللّقطَة بِخِلَاف مَا لَو كَانَت فِي أَرض الْعَدو والمحتملة لكَونهَا للْمُسلمين.

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ المَعْدَنُ رِكَازٌ مِثْلُ دِفْنِ الجِاهِلِيَّةِ لأنَّهُ يُقَالُ أرْكَزَ المَعْدِنُ إذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيءٌ قِيلَ لَهُ قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَيءٌ أوْ رَبِحَ رِبْحا كَثِيرا أوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ أرْكَزْتَ ثُمَّ نَاقَضَ.

     وَقَالَ  لاَ بَأسَ أنْ يَكْتُمَهُ فَلاَ يُؤَدِّيَ الخُمُسَ
قَالَ ابْن التِّين: المُرَاد بِبَعْض النَّاس هُوَ أَبُو حنيفَة.
قلت: جزم ابْن التِّين بِأَن المُرَاد بِهِ هُوَ أَبُو حنيفَة من أَيْن أَخذه فَلم لَا يجوز أَن يكون مُرَاده هُوَ سُفْيَان الثَّوْريّ من أهل الْكُوفَة، وَالْأَوْزَاعِيّ من أهل الشَّام، فَإِنَّهُمَا قَالَا مثل مَا قَالَ أَبُو حنيفَة: أَن الْمَعْدن كالركاز وَفِيه الْخمس فِي قَلِيله وَكَثِيره، على ظَاهر قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (وَفِي الرِّكَاز الْخمس) ، وَلَكِن الظَّاهِر أَن ابْن التِّين لما وقف على مَا قَالَه البُخَارِيّ فِي (تَارِيخه) فِي حق أبي حنيفَة مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يذكر فِي حق أحد من أَطْرَاف النَّاس، فضلا أَن يُقَال فِي حق إِمَام هُوَ أحد أَرْكَان الدّين، صرح بِأَن المُرَاد بِبَعْض النَّاس أَبُو حنيفَة، وَلَكِن لَا يرْمى إلاَّ شجر فِيهِ ثَمَر، وَهَذَا ابْن بطال قَالَ: ذهب أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَغَيرهمَا إِلَى أَن الْمَعْدن كالركاز، وَاحْتج لَهُم بقول الْعَرَب: أركز الرجل إِذا أصَاب ركازا، وَهِي قطع من الذَّهَب تخرج من الْمَعَادِن، وَهَذَا قَول صَاحب الْعين، وَأبي عبيد.
وَفِي (مجمع الغرائب) : الرِّكَاز الْمَعَادِن.
وَفِي (النِّهَايَة) : لِابْنِ الْأَثِير: الْمَعْدن والركاز وَاحِد، فَإِذا علم ذَلِك بَطل التشنيع على أبي حنيفَة.

قَوْله: (مثل دفن الْجَاهِلِيَّة) بِكَسْر الدَّال كَمَا ذكرنَا عَن قريب بِمَعْنى: المدفون.
قَوْله: (لِأَنَّهُ يُقَال، أركز الْمَعْدن إِذا خرج مِنْهُ شَيْء) ، وَالضَّمِير فِي: لِأَنَّهُ، ضمير الشَّأْن، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى تَعْلِيل من يَقُول: إِن الْمَعْدن هُوَ الرِّكَاز، وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَنَّهُ لم ينْقل عَنْهُم وَلَا عَن الْعَرَب أَنهم قَالُوا: أركز الْمَعْدن، وَإِنَّمَا قَالُوا: أركز الرجل، فَإِذا لم يكن هَذَا صَحِيحا فَكيف يتَوَجَّه الْإِلْزَام بقول الْقَائِل: قد يُقَال لمن وهب لَهُ ... إِلَى آخِره؟ أَرَادَ أَنه يلْزم أَن يُقَال: كل وَاحِد من الْمَوْهُوب وَالرِّبْح وَالثَّمَر ركاز، فَيجب فِيهِ الْخمس، وَلَيْسَ كَذَلِك بل الْوَاجِب فِيهِ العُشر، وَمعنى: أركز الرجل صَار لَهُ ركاز من قطع الذَّهَب، كَمَا ذكرنَا، وَلَا يلْزم مِنْهُ أَنه أذا إِذا وهب لَهُ شَيْء أَن يُقَال لَهُ: أركزتَ، بِالْخِطَابِ، وَكَذَلِكَ إِذا ربح ربحا كثيرا أَو كثر ثمره، وَلَو علم الْمُعْتَرض أَن معنى: أفعل، هَهُنَا مَا هُوَ، وَلما اعْترض وَلَا أفحش فِيهِ، وَمعنى: أفعل، هُنَا للصيرورة يَعْنِي: لصيرورة الشَّيْء مَنْسُوبا إِلَى مَا اشتق مِنْهُ الْفِعْل، كأغدَّ الْبَعِير.
أَي: صَار ذَا غُدَّة.
وَمعنى: أركز الرجل، صَار لَهُ ركاز من قطع الذَّهَب، كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَلَا يُقَال إلاَّ بِهَذَا الْقَيْد، أَعنِي من قطع الذَّهَب، وَلَا يُقَال: أركز الرجل مُطلقًا.
قَوْله: (ثمَّ نَاقض) أَي: نَاقض هَذَا الْقَائِل قَوْله، وَجه هَذِه المناقضة على زَعمه أَنه قَالَ، أَولا: الْمَعْدن يجب فِيهِ الْخمس، لِأَنَّهُ ركاز،.

     وَقَالَ  ثَانِيًا: إِنَّه لَا يُؤدى الْخمس فِي الرِّكَاز، وَهُوَ متناول للمعدن.
قَوْله: (أَن يَكْتُمهُ) أَي: عَن السَّاعِي حَتَّى لَا يُطَالب بِهِ.
قلت: هَذَا لَيْسَ بمناقضة لِأَنَّهُ فهم من كَلَام هَذَا الْقَائِل غير مَا أَرَادَهُ فصدر هَذَا عَنهُ بِلَا تَأمل وَلَا ترو.

بَيَان ذَلِك أَن الطَّحَاوِيّ حكى عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ: من وجد ركازا فَلَا بَأْس أَن يُعْطي الْخمس للْمَسَاكِين وَإِن كَانَ مُحْتَاجا جَازَ لَهُ أَن يَأْخُذهُ لنَفسِهِ، قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو حنيفَة أَنه تَأَول أَن لَهُ حَقًا فِي بَيت المَال، ونصيبا فِي الْفَيْء، فَلذَلِك لَهُ أَن يَأْخُذ الْخمس لنَفسِهِ عوضا من ذَلِك، وَلَقَد صدق الشَّاعِر:
(وَكم من عائب قولا صَحِيحا ... وآفته من الْفَهم السقيم)

والكرماني أَيْضا مَشى فِي مشيهم، وَلكنه اعْترف أَن النَّقْض تعسف، حَكَاهُ عَن ابْن بطال، وَرَضي بِهِ..
     وَقَالَ  بَعضهم: نقل الطَّحَاوِيّ عَن أبي حنيفَة أَيْضا أَنه: لَو وجد فِي دَاره معدنا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء، ثمَّ قَالَ: وَبِهَذَا يتَّجه اعْتِرَاض الطَّحَاوِيّ.
قلت: مَعْنَاهُ: لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء فِي الْحَال إلاَّ إِذا حَال الْحول وَكَانَ نِصَابا يجب فِيهِ الزَّكَاة، وَبِه قَالَ أَحْمد، وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد: يجب الْخمس فِي الْحَال، وَعند مَالك وَالشَّافِعِيّ: الزَّكَاة فِي الْحَال، وَهَذَا مُخَالف لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول) ،.

     وَقَالَ  هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَالْفرق بَين الْمَعْدن والركاز أَن الْمَعْدن يحْتَاج إِلَى عمل ومؤونة ومعالجة، بِخِلَاف الرِّكَاز.
قلت: هَذَا شَيْء عَجِيب لِأَنَّهُ لَيْسَ بِهَذَا يعرف حَقِيقَة كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا هِيَ، وَالْفرق بَين الْأَشْيَاء بِبَيَان ماهياتها وحقائقها، وَالَّذِي ذكره هَذَا من اللوازم الخارجية عَن الْمَاهِيّة.



[ قــ :1439 ... غــ :1499 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ وعَنْ أبي سلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ العَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالبِئْرُ جُبَارٌ والمَعْدَنُ جُبارٌ وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ..
التَّرْجَمَة هِيَ عين متن الْجُزْء الْأَخير من الحَدِيث، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.

ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن مُحَمَّد بن رَافع عَن إِسْحَاق بن عِيسَى.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزَّكَاة وَفِي الرِّكَاز عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا وَأَصْحَاب السّنَن من رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ، وَأوردهُ البُخَارِيّ فِي الْأَحْكَام وَلَيْسَ فِي رِوَايَته، وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة ذكر لأبي سَلمَة، وَإِنَّمَا هُوَ عَن ابْن الْمسيب فَقَط، وَرَوَاهُ مُسلم من رِوَايَة الْأسود بن الْعَلَاء عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ؛ (الْبِئْر جرحها جَبَّار والمعدن جرحه جَبَّار وَفِي الرِّكَاز الْخمس) .
وَاتفقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ من رِوَايَة مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: (العجماء عقلهَا جَبَّار) الحَدِيث، وَقد ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي (الْعِلَل) وَقد سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث: إِنَّه اخْتلف فِيهِ على الزُّهْرِيّ فِي كَونه عَن ابْن الْمسيب وَأبي سَلمَة، أَو عَن سعيد فَقَط، أَو عَن أبي سَلمَة فَقَط، أَو عَن سعيد بن الْمسيب وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، أَو عَن عبيد الله وَحده، وَأَنه اخْتلف فِيهِ على اللَّيْث وعَلى مَالك وعَلى ابْن عُيَيْنَة وعَلى يُونُس ابْن يزِيد، فَقيل: عَن اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَحده، وَرَوَاهُ القعْنبِي وَمصْعَب عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد فَقَط،.

     وَقَالَ  ابْن وهب: عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَحده، وَرَوَاهُ شبيب بن سعيد عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة وَرَوَاهُ ابْن وهب عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله وَحده.
قَالَ: وَالصَّحِيح عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة.
قَالَ: وَحَدِيثه عَن عبيد الله غير مَدْفُوع لِأَنَّهُ قد اجْتمع عَلَيْهِ إثنان، وَلما رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا اللَّيْث بن سعد عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (العجماء جَبَّار) الحَدِيث.

قَالَ: وَفِي الْبابُُ عَن أنس بن مَالك وَعبد الله بن عَمْرو وَعبادَة بن الصَّامِت وَعَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ وَجَابِر.
قلت: وَفِي الْبابُُ أَيْضا عَن عبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَبَّاس وَزيد بن أَرقم وَأبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وسراء بنت نَبهَان الغنوية.
فَحَدِيث أنس عِنْد أَحْمد وَالْبَزَّار مطولا، وَفِيه: (هَذَا ركاز وَفِيه الْخمس) .
وَحَدِيث عبد الله بن عمر وَعند الشَّافِعِي من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي كنز وجده رجل فِي خربة جَاهِلِيَّة: (إِن وجدته فِي قَرْيَة مسكونة أَو سَبِيل مَيتا فَعرفهُ، فَإِن وجدته فِي خربة جَاهِلِيَّة أَو فِي قَرْيَة غير مسكونة فَفِيهِ وَفِي الرِّكَاز الْخمس) .
وَحَدِيث عبد الله بن الصَّامِت رَوَاهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة إِسْحَاق بن يحيى بن الْوَلِيد عَن عبَادَة بن الصَّامِت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: (قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْمَعْدن جَبَّار وجرحها جَبَّار) .
والعجماء: الْبَهِيمَة من الْأَنْعَام وَغَيرهَا، والجبار هُوَ الهدر لَا يغرم، وَهَذَا مُنْقَطع لِأَن إِسْحَاق لم يدْرك عبَادَة.
وَحَدِيث عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ رَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا من رِوَايَة ابْن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (العجماء جرحها جَبَّار والمعدن جَبَّار) ، وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) بِهَذَا الْإِسْنَاد مُقْتَصرا على قَوْله: (وَفِي الرِّكَاز الْخمس) .
وَحَدِيث جَابر رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار من رِوَايَة مجَالد عَن الشّعبِيّ عَن جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رسو ل الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (السائبة) الحَدِيث، وَفِيه: (فِي الرِّكَاز الْخمس) .
وَحَدِيث ابْن مَسْعُود رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من رِوَايَة عَلْقَمَة عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (العجماء جَبَّار والسائمة جَبَّار وَفِي الرِّكَاز الْخمس) .
وَحَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عِنْد ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) من رِوَايَة عِكْرِمَة عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الرِّكَاز الْخمس.
وَحَدِيث زيد بن أَرقم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة الشّعبِيّ عَن رجل عَن زيد بن أَرقم، قَالَ: (بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا عَاملا على الْيمن، فَأتى بركاز فَأخذ مِنْهُ الْخمس وَدفع بَقِيَّته إِلَى صَاحبه، فَبلغ ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعجبه) وَهَذَا مُنْقَطع لأجل الرجل الَّذِي لم يسم.
وَحَدِيث سراء بنت نَبهَان الغنوية رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من حَدِيث سَاكِنة بنت الْجَعْد عَن سراء بنت نَبهَان الغنوية، قَالَت: (احتفر الْحَيّ فِي دَار كلاب فَأَصَابُوا بهَا كنزا عاديا، فَقَالَت كُلَيْب: دَارنَا،.

     وَقَالَ  الْحَيّ: احتفرنا، فنافروهم فِي ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى بهم للحي وَأخذ مِنْهُم الْخمس) ، الحَدِيث فِيهِ أَحْمد بن الْحَارِث الغساني، قَالَ البُخَارِيّ فِيهِ نظر،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: مَتْرُوك.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (العجماء) أَي: الْبَهِيمَة، وَسميت العجماء لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم، وَعَن أبي حَاتِم: يُقَال لكل من لم يبين الْكَلَام من الْعَرَب والعجم وَالصغَار: أعجم ومستعجم، وَكَذَلِكَ من الطير والبهائم كلهَا، وَالِاسْم: العجمة.
قَوْله: (جَبَّار) ، بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره رَاء: وَهُوَ الهدر، يَعْنِي: لَيْسَ فِيهِ ضَمَان.
وَفِي (التَّلْوِيح) : الْجَبَّار الهدر الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَّةَ، وكل مَا أفسد وَأهْلك جَبَّار، ذكره ابْن سَيّده، وَفِيه حذف لَا بُد من تَقْدِيره، وَهُوَ فعل: العجماء جَبَّار، لِأَن الْمَعْلُوم أَن نفس العجماء لَا يُقَال لَهَا هدر، وَبلا تَقْدِير لَا يرتبط الْخَبَر بالمبتدأ.
قَوْله: (والبئر جَبَّار) ، مَعْنَاهُ الرجل يحْفر بِئْرا بفلاة أَو بِحَيْثُ يجوز لَهُ من الْعمرَان فَيسْقط فِيهَا رجل أَو يسْتَأْجر من يحْفر لَهُ بِئْرا فِي ملكه فينهار عَلَيْهِ فَلَا شيى عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمَعْدن إِذا اسْتَأْجر من يحفره، وَكَذَا فِي قَوْله: والبئر جَبَّار، حذف تَقْدِيره: وَسُقُوط الْبِئْر على الشَّخْص جَبَّار، أَو: سُقُوط الشَّخْص فِي الْبِئْر، وَكَذَا التَّقْدِير فِي الْمَعْدن، وَالْمَشْهُور فِي الْبِئْر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا همزَة سَاكِنة، وَيجوز تسهيلها..
     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: رَوَاهُ بَعضهم: النَّار جَبَّار،.

     وَقَالَ  أهل الْيمن يَكْتُبُونَ: النَّار، بِالْبَاء وَمَعْنَاهُ عِنْدهم أَن من استوقد نَارا يما يجوز لَهُ فتعدت إِلَى مَا لَا يجوز فَلَا شَيْء فِيهِ، وَرُوِيَ فِي حَدِيث جَابر، والجب جَبَّار، وَهَذَا يدل على أَن المُرَاد: الْبِئْر لَا النَّار، كَمَا هُوَ فِي الْكتب السِّتَّة الْمَشْهُورَة، وَورد فِي بعض طرق الحَدِيث: الرجل جَبَّار، فاستدل بِهِ من فرق فِي حَالَة كَون راكبها مَعهَا بَين أَن يضْرب بِيَدِهَا أَو يرمح برجلها، فَإِن أفسدت بِيَدِهَا ضمنه، وَإِن رمحت برجلها لَا يضمن.
قَوْله: (وَفِي الرِّكَاز الْخمس) أَي: يجب، أَو وَاجِب.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه: الأول: مَسْأَلَة العجماء، ظَاهر الحَدِيث مُطلق، وَلكنه مَحْمُول على مَا إِذا اتلفت شَيْئا بِالنَّهَارِ وأتلفت بِاللَّيْلِ من غير تَفْرِيط من مَالِكهَا، أَو أتلفت وَلم يكن مَعهَا أحد، والْحَدِيث مُحْتَمل أَيْضا أَن تكون الْجِنَايَة على الْأَبدَان، أَو على الْأَمْوَال، فَالْأول أقرب إِلَى الْحَقِيقَة، لِأَنَّهُ ورد فِي (صَحِيح مُسلم) وَفِي (البُخَارِيّ) أَيْضا فِي الدِّيات: العجماء جرحها جَبَّار، وَفِي لفظ: (عقلهَا جَبَّار) ، لما مر، وعَلى كل تَقْدِير لم يَقُولُوا بِالْعُمُومِ فِي إهدار كل متْلف من بدن أَو مَال عَن مَا بَين فِي كتب الْفُرُوع، وَالْمرَاد بِجرح العجماء إتلافها، سَوَاء كَانَ بِجرح أَو غَيره،.

     وَقَالَ  عِيَاض: أجمع الْعلمَاء على أَن جِنَايَة الْبَهَائِم بِالنَّهَارِ لَا ضَمَان فِيهَا إِذا لم يكن مَعهَا أحد، فَإِن كَانَ مَعهَا رَاكب أَو سائق أَو قَائِد، فجمهور الْعلمَاء على ضَمَان مَا أتلفت،.

     وَقَالَ  دَاوُد وَأهل الظَّاهِر: لَا ضَمَان بِكُل حَال، سَوَاء كَانَ بِرَجُل أَو بقدم لإِطْلَاق النَّص، إلاَّ أَن يحملهَا الَّذِي فَوْقهَا على ذَلِك، أَو يَقْصِدهُ فَيكون حِينَئِذٍ كالآلة، وَكَذَا إِذا تعدى فِي ربطها أَو إرسالها فِي مَوضِع لَا يجب ربطها فِيهِ..
     وَقَالَ ت الشَّافِعِيَّة بِالْإِطْلَاقِ، يَعْنِي سَوَاء كَانَ إتلافها بِيَدِهَا أَو رجلهَا أَو فمها، وَنَحْوه، فَإِنَّهُ يجب ضَمَانه فِي مَال الَّذِي هُوَ مَعهَا، سَوَاء كَانَ مَالِكهَا أَو مُسْتَأْجرًا أَو مستعيرا أَو غَاصبا أَو مودعا أَو وَكيلا أَو غَيره، إلاَّ أَن تتْلف آدَمِيًّا فَتجب دِيَته على عَاقِلَة الَّذِي مَعهَا، وَالْكَفَّارَة فِي مَاله..
     وَقَالَ  مَالك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ: لَا ضَمَان فِيمَا إِذا أَصَابَته بِيَدِهَا أَو رجلهَا، وَعند أبي حنيفَة أَنه: لَا ضَمَان فِيمَا رمحت برجلها دون يَدهَا لِإِمْكَان التحفظ من الْيَد دون الرجل، وَأما إِذا أتلفت بِالنَّهَارِ وَكَانَت مَعْرُوفَة بالإفساد وَلم يكن مَعهَا أحد، فَإِن مَالِكهَا يضمن، لِأَن عَلَيْهِ ربطها وَالْحَالة هَذِه، وَأما جنايتها بِاللَّيْلِ فَقَالَ مَالك: يضمن صَاحبهَا مَا أتلفته،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي وَأَصْحَابه: إِن فرط فِي حفظهَا ضمن وإلاَّ فَلَا..
     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة: لَا ضَمَان فِيمَا رعته نَهَارا..
     وَقَالَ  اللَّيْث وَسَحْنُون: يضمن، وَقد ورد حَدِيث صَحِيح مَرْفُوع فِي إتلافها بِاللَّيْلِ دون النَّهَار فِي الْمزَارِع، وَإنَّهُ يضمن كَمَا قَالَه مَالك، أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث حرَام بن محيصة عَن الْبَراء، وَمن حَدِيث حرَام عَن أَبِيه: أَن نَاقَة للبراء بن عَازِب دخلت حَائِط رجل فأفسدته فَقضى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على أهل الْأَمْوَال حفظهَا بِالنَّهَارِ، وعَلى أهل الْمَوَاشِي حفظهَا بِاللَّيْلِ.

الْوَجْه الثَّانِي: مَسْأَلَة الْبِئْر، وَقد ذَكرْنَاهُ.

الْوَجْه الثَّالِث: مَسْأَلَة الرِّكَاز، وَفِيه وجوب الْخمس وَهُوَ إِجْمَاع الْعلمَاء إلاَّ مَا رُوِيَ عَن الْحسن وَقد ذَكرْنَاهُ.
وَقد ذكرنَا أَيْضا أَن الرِّكَاز قطع من الذَّهَب تخرج من الْمَعَادِن..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هَل فِي الحَدِيث مَا يدل على أَن الْمَعْدن لَيْسَ بركاز؟ قلت: نعم حَيْثُ عطف الرِّكَاز على الْمَعْدن، وَفرق بَينهمَا بواو فاصلة فصح أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ، وَأَن الْخمس فِي الرِّكَاز لَا فِيهِ.
قلت: الْكرْمَانِي حفظ شَيْئا وَغَابَتْ عَنهُ أَشْيَاء، وروى الْبَيْهَقِيّ فِي (الْمعرفَة) من حَدِيث حبَان بن عَليّ عَن عبد الله بن سعيد بن أبي عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الرِّكَاز الذَّهَب الَّذِي ينْبت بِالْأَرْضِ) ، ثمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف عَن عبد الله بن سعيد عَن أَبِيه عَن جده عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (فِي الرِّكَاز الْخمس، قيل: وَمَا الرِّكَاز يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الذَّهَب الَّذِي خلقه الله تَعَالَى فِي الأَرْض يَوْم خلقت) .
انْتهى.
وَهَذَا يُنَادي بِأَعْلَى صَوته أَن الرِّكَاز هُوَ الْمَعْدن، وأصرح مِنْهُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي (الْعِلَل) وَإِن كَانَ تكلم فِيهِ حَدِيث أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الرِّكَاز الَّذِي ينْبت على وَجه الأَرْض) ، وَذكر حميد بن زَنْجوَيْه النَّسَائِيّ فِي (كتاب الْأَمْوَال) عَن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه جعل الْمَعْدن ركازا وَأوجب فِيهِ الْخمس، وَمثله عَن الزُّهْرِيّ، وروى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث مَكْحُول أَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، جعل الْمَعْدن بِمَنْزِلَة الرِّكَاز فِيهِ الْخمس.
فَافْهَم.

الْوَجْه الرَّابِع فِي الْمَعْدن، وَهُوَ أَنْوَاع ثَلَاثَة: مَا يذوب بالنَّار وَلَا ينطبع، كالجص والنورة والكحل والزرنيخ والمغرة.
وَمَا يُوجد فِي الْجبَال، كالياقوت والزمرد والبلخش والفيروزج، وَنَحْوهَا.
وَمَا يكون مَائِعا: كالقار والنفط وَالْملح المائي وَنَحْوهَا، فالوجوب يخْتَص بالنوع الأول دون النَّوْعَيْنِ الْأَخيرينِ عندنَا، وَأوجب أَحْمد فِي الْجَمِيع، وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة خَاصَّة، وَعُمُوم الحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ.

الْوَجْه الْخَامِس أَنه يجب فِي قَلِيله وَكَثِيره، وَلَا يشْتَرط فِيهِ النّصاب عندنَا، وَاشْترط مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد أَن يكون الْمَوْجُود نِصَابا وَلم يشترطوا الْحول.
وَقَالُوا: كم من حول قد مضى عَلَيْهِ؟ وَضعف هَذَا الْكَلَام ظَاهر، لِأَن الْأَحْوَال الَّتِي مَضَت عَلَيْهِ فِي غير ملك الْوَاجِد، فَكيف يحْسب عَلَيْهِ؟ وَاخْتَارَ دَاوُد وَإِسْحَاق وَابْن الْمُنْذر وَأحمد والمزني وَالشَّافِعِيّ والبويطي اشْتِرَاط النّصاب والحول فِي ذَلِك، وَلنَا النُّصُوص خَالِيَة عَن اشْتِرَاط النّصاب، فَلَا يجوز اشْتِرَاطه بِغَيْر دَلِيل سَمْعِي.

الْوَجْه السَّادِس: فِي مَكَانَهُ إِن وجد الْمُسلم أَو الذِّمِّيّ فِي دَاره معدنا فَهُوَ لَهُ وَلَا شَيْء فِيهِ عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد إلاَّ إِذا حَال عَلَيْهِ الْحول وَهُوَ نِصَاب فَفِيهِ الزَّكَاة، وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد: يجب الْخمس فِي الْحَال، وَعند مَالك وَالشَّافِعِيّ: الزَّكَاة فِي الْحَال والحانوت والمنزل كَالدَّارِ، وَالذَّهَب وَالْفِضَّة والعنبر واللؤلؤ يسْتَخْرج من الْبَحْر لَا خمس فِيهَا وَلَا زَكَاة عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد، بل جَمِيعهَا للواجد، وَبِه قَالَ مَالك، كَذَا فِي الْجَوَاهِر لِابْنِ شَاس.
وَعَن أبي يُوسُف: يجب فِيهَا الْخمس، وَعند الشَّافِعِي وَأحمد: تجب الزَّكَاة، لَكِن عِنْد الشَّافِعِي فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة خَاصَّة وَإِن وجده فِي الفلاة وَالْجِبَال والموات فَفِيهِ الْخمس وَبَاقِيه للواجد، وَإِن كَانَ فِي العامر وَكَانَ الإِمَام اختطه للغازي فَفِيهِ الْخمس وَأَرْبَعَة أَخْمَاس لصَاحب الخطة أَو لوَرثَته أَو وَرَثَة ورثته إِن عرفُوا وإلاَّ يُعْطي أقْصَى مَالك الأَرْض أَو ورثته، وَإِن لم يعرفوا، فلبيت المَال..
     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف: للواجد، وَهُوَ اسْتِحْسَان وَإِن لم يكن مَمْلُوكا لأحد كالجبال والمفاوز وَنَحْوهمَا فَأَرْبَعَة أخماسه للواجد اتِّفَاقًا.

الْوَجْه السَّابِع فِي الْوَاجِد، وَيَسْتَوِي عندنَا مُسلما كَانَ أَو ذِمِّيا أَو مستأمنا أَو امْرَأَة أَو مكَاتبا أَو عبدا إلاَّ الْحَرْبِيّ: قَالَ ابْن الْمُنْذر: أجمع كل من أحفظ عَنهُ على وجوب الْخمس فِيمَا وجده ذمِّي، مِنْهُم الشَّافِعِي ورده أَصْحَابه، وَالْكَافِر لَا تُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة، نصوا على هَذَا فِي كتبهمْ.

الْوَجْه الثَّامِن: فِي مصرفه، ومصرفه مصرف خمس الْغَنِيمَة والفيء عندنَا، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد فِي رِوَايَة، والمزني وَأَبُو حَفْص بن الْوَكِيل من الشَّافِعِيَّة، وَعَن مُحَمَّد: يصرف مِنْهُ إِلَى حَملَة الْقُرْآن ودواء المرضى وكتبة الْأُمَرَاء ودواب الْبرد، وَعند الشَّافِعِي: يصرف فِي مصارف الزَّكَاة وَإِن تصدق بِنَفسِهِ أَمْضَاهُ الإِمَام لِأَنَّهُ لم يدْخل فِي جبايته، وَبِه قَالَ أَحْمد وَابْن الْمُنْذر،.

     وَقَالَ  أَبُو ثَوْر: بضمنة الإِمَام لَو فعل، وللمحتاج أَن يصرفهُ إِلَى نَفسه..
     وَقَالَ  فِي (التُّحْفَة) : إِذا لم يغنه أَرْبَعَة الْأَخْمَاس، ورده عمر وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، على واجده، رَوَاهُ أَحْمد وَابْن الْمُنْذر، وَاخْتَارَهُ القَاضِي وَابْن عقيل من الْحَنَابِلَة، وَلم يجوزه الشَّافِعِي لكَونه زَكَاة على أَصله، وَيجوز صرفه إِلَى من شَاءَ من أَوْلَاده وآبائه المحتاجين، بِخِلَاف الزَّكَاة وَالْعشر وَصدقَة الْفطر وَالْكَفَّارَات وَالنُّذُور، ذكرهَا الاسبيجابي، رَحمَه الله، وَفِي (الْمَبْسُوط) : وَلَا يسْقط عَن الرِّكَاز والمعدن وَإِن كَانَ الْوَاحِد مدنيا أَو فَقِيرا لأطلاق النَّص، وَلَا فرق بَين أَرض العنوة وَأَرْض الصُّلْح وَأَرْض الْعَرَب.
وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد..
     وَقَالَ  مَالك: الرِّكَاز فِي أَرض الْعَرَب للواجد بعد الْخمس، وَفِي أَرض الصُّلْح لأهل تِلْكَ الْبِلَاد، وَلَا شَيْء فِيهِ للواجد، وَمَا يُوجد فِي أَرض العنوة لمن افتتحها بعد الْخمس، وَأما مَا يُوجد من الْجَوْهَر وَالْحَدِيد والرصاص وَنَحْوه فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول: فِيهِ الْخمس، ثمَّ رَجَعَ عَنهُ فَقَالَ: لَا شَيْء فِيهِ.