هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1415 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ ، يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي العَطَاءَ ، فَأَقُولُ : أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي ، فَقَالَ : خُذْهُ إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ شَيْءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ ، فَخُذْهُ وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1415 حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن يونس ، عن الزهري ، عن سالم : أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : سمعت عمر ، يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء ، فأقول : أعطه من هو أفقر إليه مني ، فقال : خذه إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل ، فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عُمَرَ ، يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي العَطَاءَ ، فَأَقُولُ : أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي ، فَقَالَ : خُذْهُ إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ شَيْءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ ، فَخُذْهُ وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ .

Narrated `Umar:

Allah's Messenger (ﷺ) used to give me something but I would say to him, would you give it to a poorer and more needy one than l? The Prophet (ﷺ) (p.b.u.h) said to me, Take it. If you are given something from this property, without asking for it or having greed for it take it; and if not given, do not run for it.

'AbdulLâh ibn 'Umar () dit: «J'ai entendu 'Umar dire: Le Messager d'Allah () me faisait des dons mais je [lui] disais: Donnele (1) à celui qui est plus pauvre que moi! — Prendsle, me disaitil, si tu reçois une part de ce genre de biens sans l'avoir demandé et sans en avoir de l'avidité, alors prendsla...; et ne convoite pas ce qu'on ne te donne pas. »

":"ہم سے یحییٰ بن بکیر نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا کہ ہم سے لیث نے بیان کیا ‘ ان سے یونس نے ‘ ان سے زہری نے ‘ ان سے سالم نے اور ان سے عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے کہمیں نے حضرت عمر رضی اللہ عنہ سے سنا وہ کہتے تھے کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم مجھے کوئی چیز عطا فرماتے تو میں عرض کرتا کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم مجھ سے زیادہ محتاج کو دے دیجئیے ۔ لیکن آنحضور صلی اللہ علیہ وسلم فرماتے کہ لے لو ‘ اگر تمہیں کوئی ایسا مال ملے جس پر تمہارا خیال نہ لگا ہوا ہو اور نہ تم نے اسے مانگا ہو تو اسے قبول کر لیا کرو ۔ اور جو نہ ملے تو اس کی پرواہ نہ کرو اور اس کے پیچھے نہ پڑو ۔

'AbdulLâh ibn 'Umar () dit: «J'ai entendu 'Umar dire: Le Messager d'Allah () me faisait des dons mais je [lui] disais: Donnele (1) à celui qui est plus pauvre que moi! — Prendsle, me disaitil, si tu reçois une part de ce genre de biens sans l'avoir demandé et sans en avoir de l'avidité, alors prendsla...; et ne convoite pas ce qu'on ne te donne pas. »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1473] قَوْلِهِ فَخُذْهُ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ فَقِيلَ هُوَ نَدْبٌ لِكُلِّ مَنْ أُعْطِيَ عَطِيَّةً أَبَى قَبُولَهَا كَائِنًا مَنْ كَانَ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ يَعْنِي بِالشَّرْطَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَقِيلَ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالسُّلْطَانِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ سَمُرَةَ فِي السُّنَنِ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ ذَا سُلْطَانٍ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ يَحْرُمُ قَبُولُ الْعَطِيَّةِ مِنَ السُّلْطَانِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ يُكْرَهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَتِ الْعَطِيَّةُ مِنَ السُّلْطَانِ الْجَائِرِ وَالْكَرَاهَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوَرَعِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ تَصَرُّفِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالتَّحْقِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ عَلِمَ كَوْنَ مَالِهِ حَلَالًا فَلَا تُرَدُّ عَطِيَّتُهُ وَمَنْ عَلِمَ كَوْنَ مَالِهِ حَرَامًا فَتَحْرُمُ عَطِيَّتُهُ وَمَنْ شَكَّ فِيهِ فَالِاحْتِيَاطُ رَدُّهُ وَهُوَ الْوَرَعُ وَمَنْ أَبَاحَهُ أَخَذَ بِالْأَصْلِ قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَاحْتَجَّ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي الْيَهُودِ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ للسحت وَقَدْ رَهَنَ الشَّارِعُ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْهُمْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَمْوَالِهِمْ مِنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمُعَامَلَاتِ الْفَاسِدَةِ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ إِذَا رَأَى لِذَلِكَ وَجْهًا وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَحْوَجَ إِلَيْهِ مِنْهُ وَأَنَّ رَدَّ عَطِيَّةِ الْإِمَامِ لَيْسَ مِنَ الْأَدَبِ وَلَا سِيَّمَا مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ الْآيَةوَأَنَّهَا مُكَفِّرَةٌ لِلْخَطَايَا الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْعُمْرَتَيْنِ وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ بَيَانُ هَذِهِ الْخَطَايَا وَبَيَانُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَحَادِيثِ تَكْفِيرِ الْوُضُوءِ لِلْخَطَايَا وَتَكْفِيرِ الصَّلَوَاتِ وَصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي نُصْرَةِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ فِي اسْتِحْبَابِ تَكْرَارِ الْعُمْرَةِ فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ مِرَارًا.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ يُكْرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ عُمْرَةٍ قَالَ الْقَاضِي.

     وَقَالَ  آخَرُونَ لَا يَعْتَمِرُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْ عُمْرَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ السَّنَةِ وَقْتٌ لِلْعُمْرَةِ فَتَصِحُّ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْهَا إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ هُوَ مُتَلَبِّسٌ بِالْحَجِّ فَلَا يَصِحُّ اعْتِمَارُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحَجِّ وَلَا تُكْرَهُ عِنْدَنَا لِغَيْرِ الْحَاجِّ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْأَضْحَى وَالتَّشْرِيقِ وَسَائِرِ السَّنَةِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ تُكْرَهُ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ يَوْمِ عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُفَ تُكْرَهُ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَهِيَ عَرَفَةُ وَالتَّشْرِيقُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْعُمْرَةِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وممن قال به عمر وبن عمر وبن عباس وطاوس وعطاء وبن الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَسْرُوقٌ وبن سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ هِيَ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً وَحُكِيَ أَيْضًا عَنِ النَّخَعِيِّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ) الْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ أَنَّ الْمَبْرُورَ هُوَ الَّذِيوَأَنَّهَا مُكَفِّرَةٌ لِلْخَطَايَا الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْعُمْرَتَيْنِ وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ بَيَانُ هَذِهِ الْخَطَايَا وَبَيَانُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَحَادِيثِ تَكْفِيرِ الْوُضُوءِ لِلْخَطَايَا وَتَكْفِيرِ الصَّلَوَاتِ وَصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي نُصْرَةِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ فِي اسْتِحْبَابِ تَكْرَارِ الْعُمْرَةِ فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ مِرَارًا.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ يُكْرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ عُمْرَةٍ قَالَ الْقَاضِي.

     وَقَالَ  آخَرُونَ لَا يَعْتَمِرُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْ عُمْرَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ السَّنَةِ وَقْتٌ لِلْعُمْرَةِ فَتَصِحُّ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْهَا إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ هُوَ مُتَلَبِّسٌ بِالْحَجِّ فَلَا يَصِحُّ اعْتِمَارُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحَجِّ وَلَا تُكْرَهُ عِنْدَنَا لِغَيْرِ الْحَاجِّ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْأَضْحَى وَالتَّشْرِيقِ وَسَائِرِ السَّنَةِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ تُكْرَهُ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ يَوْمِ عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُفَ تُكْرَهُ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَهِيَ عَرَفَةُ وَالتَّشْرِيقُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْعُمْرَةِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وممن قال به عمر وبن عمر وبن عباس وطاوس وعطاء وبن الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَسْرُوقٌ وبن سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ هِيَ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً وَحُكِيَ أَيْضًا عَنِ النَّخَعِيِّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ) الْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ أَنَّ الْمَبْرُورَ هُوَ الَّذِيوَأَنَّهَا مُكَفِّرَةٌ لِلْخَطَايَا الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْعُمْرَتَيْنِ وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ بَيَانُ هَذِهِ الْخَطَايَا وَبَيَانُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَحَادِيثِ تَكْفِيرِ الْوُضُوءِ لِلْخَطَايَا وَتَكْفِيرِ الصَّلَوَاتِ وَصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي نُصْرَةِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ فِي اسْتِحْبَابِ تَكْرَارِ الْعُمْرَةِ فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ مِرَارًا.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ يُكْرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ عُمْرَةٍ قَالَ الْقَاضِي.

     وَقَالَ  آخَرُونَ لَا يَعْتَمِرُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْ عُمْرَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ السَّنَةِ وَقْتٌ لِلْعُمْرَةِ فَتَصِحُّ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْهَا إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ هُوَ مُتَلَبِّسٌ بِالْحَجِّ فَلَا يَصِحُّ اعْتِمَارُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحَجِّ وَلَا تُكْرَهُ عِنْدَنَا لِغَيْرِ الْحَاجِّ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْأَضْحَى وَالتَّشْرِيقِ وَسَائِرِ السَّنَةِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ تُكْرَهُ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ يَوْمِ عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُفَ تُكْرَهُ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَهِيَ عَرَفَةُ وَالتَّشْرِيقُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْعُمْرَةِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وممن قال به عمر وبن عمر وبن عباس وطاوس وعطاء وبن الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَسْرُوقٌ وبن سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ هِيَ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً وَحُكِيَ أَيْضًا عَنِ النَّخَعِيِّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ) الْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ أَنَّ الْمَبْرُورَ هُوَ الَّذِي( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا)
أَيْ فَهُوَ مَذْمُوم قَالَ بن رَشِيدٍ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ أَصْرَحُ فِي مَقْصُودِ التَّرْجَمَةِ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ وَإِنَّمَا آثَرَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يُتَرْجِمَ بِالْأَخْفَى أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسُّؤَالِ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ النَّهْيُ عَنِ الْمَسَائِلِ الْمُشْكِلَةِ كَالْأُغْلُوطَاتِ أَوِ السُّؤَالِ عَمَّا لَا يُعنِي أَوْ عَمَّا لَمْ يَقَعْ مِمَّا يُكْرَهُ وُقُوعُهُ قَالَ وَأَشَارَ مَعَ ذَلِكَ إِلَى حَدِيثٍ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ وَفِيهِ وَمَنْ سَأَلَ النَّاسَ لِيُثْرِيَ مَالَهُ كَانَ خُمُوشًا فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُقِلَّ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُكْثِرْ انْتَهَى وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا هُوَ مُطَابِقٌ لِلَفْظِ التَّرْجَمَةِ فَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ أَشَارَ إِلَيْهِ أَوْلَى وَلَفَظُهُ مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا الْحَدِيثَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَسْأَلُ لِيَجْمَعَ الْكَثِيرَ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَيْهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1473] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ: خِذْهُ، إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَىْءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ".
[الحديث طرفاه في: 7163، 7164] .
وبالسند قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن يونس) بن يزيد الأيلي ( عن) ابن شهاب ( الزهري عن سالم أن) أباه ( عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال سمعت) أبي ( عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( يقول: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعطيني العطاء) أي بسبب العمالة كما في مسلم لا من الصدقات فليست من جهة الفقر ( فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني) عبر بأفقر ليفيد نكتة حسنة وهى كون الفقير هو الذي يملك شيئًا ما لأنه إنما يتحقق فقير وأفقر إذا كان الفقير له شيء يقل ويكثر، أما لو كان الفقير هو الذي لا شيء له البتة كان الفقراء كلهم سواء ليس فيهم أفقر قاله صاحب المصابيح ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( خذه) أي بالشرط المذكور بعد، وزاد في رواية شعيب عن الزهري في الأحكام: فتموّله وتصدق به أي أقبله وأدخله في ملكك ومالك، وهو يدل على أنه ليس من أموال الصدقات لأن الفقير لا ينبغي أن يأخذ من الصدقات ما يتخذه مالاً ( إذا جاءك من هذا المال شيء) أي من جنس المال ( وأنت غير مشرف) بسكون الشين المعجمة بعد الميم المضمومة، والجملة حالية أي غير طامع، والإشراف أن يقول مع نفسه يبعث إلي فلان بكذا ( ولا سائل) ، أي ولا طالب له وجواب الشرط في قوله إذا جاءك قوله ( فخذه) وأطلق الأخذ أولاً وعلقه ثانيًا بالشرط فحمل المطلق على المقيد وهو مقيد أيضًا بكونه حلالاً، فلو شك فيه فالاحتياط الرد وهو الورع.
نعم يجوز أخذه عملاً بالأصل وقد رهن الشارع عليه الصلاة والسلام درعه عند يهودي مع علمه بقوله تعالى في اليهود: { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42] وكذلك أخذ منهم الجزية مع العلم بأن أكثر أموالهم من ثمن الخنزير والخمر والمعاملة الفاسدة.
وقيل: يجب أن يقبل من السلطان دون غيره لحديث سمرة المروي في السنن: إلا أن يسأل ذا سلطان ( وما لا) يكون على هذه الصفة بأن لم يجيء إليك ومالت نفسك إليه ( فلا تتبعه نفسك) في الطلب واتركه.
وأخرجه المؤلّف أيضًا ومسلم في الزكاة وكذا النسائي.
52 - باب مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا ( باب من سأل الناس تكثرًا) نصب على المصدر أي سؤال تكثر أي مستكثر المال بسؤاله لا يريد به سدّ الخلة قاله في التنقيح، أو نصب على الحال إما بأن يجعل المصدر نفسه حالاً على جهة المبالغة نحو: زيد عدل أو بأن يقدر مضاف أي ذا تكثر، ويجوز أن يكون منصوبًا على المصدر التأكيدي لا النوعي أي يتكثر تكثرًا، والجملة الفعلية حال أيضًا قاله في المصابيح، وجواب الشرط محذوف أي من سأل لأجل التكثر فهو مذموم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حق للسَّائِل والمحروم)

فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي تَقْدِيمُ الْآيَةِ وَسَقَطَتْ لِلْأَكْثَرِ وَمُطَابَقَتُهَا لِحَدِيثِ الْبَابِ مِنْ جِهَةِ دَلَالَتِهَا عَلَى مَدْحِ مَنْ يُعْطِي السَّائِلَ وَغَيْرَ السَّائِلِ وَإِذَا كَانَ الْمُعْطِي مَمْدُوحًا فَعَطِيَّتُهُ مَقْبُولَةٌ وَآخِذُهَا غَيْرُ مَلُومٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ فِي الْمُرَادِ بالمحروم فروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق بن شِهَابٍ أَنَّهُ الْمُتَعَفِّفُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَأَخْرَجَهُ بن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن بن شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ وَأَخْرَجَ فِيهِ أَقْوَالًا أُخَرَ وَعَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ تَنْطَبِقُ التَّرْجَمَةُ وَالْإَشْرَافُ بِالْمُعْجَمَةِ التَّعَرُّضُ لِلشَّيْءِ وَالْحِرْصُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَشْرَفَ عَلَى كَذَا إِذَا تَطَاوَلَ لَهُ وَقِيلَ لِلْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ شَرَفٌ لِذَلِكَ وَتَقْدِيرُ جَوَابِ الشَّرْطِ فَلْيَقْبَلْ أَيْ مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَعَ انْتِفَاءِ الْقَيْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَلْيَقْبَلْ وَإِنَّمَا حَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ وَأَوْرَدَهَا بِلَفْظِ الْعُمُومِ وَإِنْ كَانَ الْخَبَرُ وَرَدَ فِي الْإِعْطَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لِلْفَقِيرِ فِي مَعْنَى الْعَطَاءِ لِلْغَنِيِّ إِذَا انْتَفَى الشَّرْطَانِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ إِشْرَافِ النَّفْسِ فَقَالَ بِالْقَلْبِ.

     وَقَالَ  يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْهُ فَقَالَ هُوَ أَنْ يَقُولَ مَعَ نَفْسِهِ يَبْعَثُ إِلَيَّ فَلَانٌ بِكَذَا.

     وَقَالَ  الْأَثْرَمُ يَضِيقُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَأَقُولُ أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي زَادَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ الْآتِيَةِ فِي الْأَحْكَامِ حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْتُ أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ وَذَكَرَ شُعَيْبٌ فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِسْنَادًا آخَرَ قَالَ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبَدِ الْعُزَّى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فِي خِلَافَتِهِ فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا هَذَا الْحَدِيثُ وَالسَّائِبُ فَمَنْ فَوْقَهُ صَحَابَةٌ فَفِيهِ أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي نَسَقٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِالْإِسْنَادَيْنِ لَكِنْ قَالَ فِيهِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْطي عمر فَذكره جعله من مُسْند بن عُمَرَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن بن السَّعْدِيّ عَن عمر لَكِن قَالَ فِيهِ بن السَّاعِدِيِّ وَزَادَ فِيهِ أَنَّ عَطِيَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ بِسَبَبِ الْعِمَالَةِ وَلِهَذَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَيْسَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّدَقَاتِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي يَقْسِمُهَا الْإِمَامُ وَلَيْسَتْ هِيَ مِنْ جِهَةِ الْفَقْرِ وَلَكِنْ مِنَ الْحُقُوقِ فَلَمَّا قَالَ عُمَرُ أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَعْطَاهُ لِمَعْنًى غَيْرَ الْفَقْرِ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الصَّدَقَاتِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ اخْتَلَفُوا فِي

[ قــ :1415 ... غــ :1473] قَوْلِهِ فَخُذْهُ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ فَقِيلَ هُوَ نَدْبٌ لِكُلِّ مَنْ أُعْطِيَ عَطِيَّةً أَبَى قَبُولَهَا كَائِنًا مَنْ كَانَ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ يَعْنِي بِالشَّرْطَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَقِيلَ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالسُّلْطَانِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ سَمُرَةَ فِي السُّنَنِ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ ذَا سُلْطَانٍ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ يَحْرُمُ قَبُولُ الْعَطِيَّةِ مِنَ السُّلْطَانِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ يُكْرَهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَتِ الْعَطِيَّةُ مِنَ السُّلْطَانِ الْجَائِرِ وَالْكَرَاهَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوَرَعِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ تَصَرُّفِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالتَّحْقِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ عَلِمَ كَوْنَ مَالِهِ حَلَالًا فَلَا تُرَدُّ عَطِيَّتُهُ وَمَنْ عَلِمَ كَوْنَ مَالِهِ حَرَامًا فَتَحْرُمُ عَطِيَّتُهُ وَمَنْ شَكَّ فِيهِ فَالِاحْتِيَاطُ رَدُّهُ وَهُوَ الْوَرَعُ وَمَنْ أَبَاحَهُ أَخَذَ بِالْأَصْلِ قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَاحْتَجَّ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي الْيَهُودِ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ للسحت وَقَدْ رَهَنَ الشَّارِعُ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْهُمْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَمْوَالِهِمْ مِنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمُعَامَلَاتِ الْفَاسِدَةِ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ إِذَا رَأَى لِذَلِكَ وَجْهًا وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَحْوَجَ إِلَيْهِ مِنْهُ وَأَنَّ رَدَّ عَطِيَّةِ الْإِمَامِ لَيْسَ مِنَ الْأَدَبِ وَلَا سِيَّمَا مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ الْآيَة

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلاَ إِشْرَافِ نَفْسٍ { وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19]
( باب من أعطاه الله شيئًا من غير مسألة ولا إشراف نفس) فليقبله ( { وفي أموالهم} ) أي المتقين المذكورين قبل هذه الآية ( { حق للسائل والمحروم} ) [الذاريات: 19] المتعفف الذي لا يسأل.

رواه الطبري من طريق ابن شهاب، وفي رواية المستملي تقديم الآية وسقطت للأكثر كذا قاله في الفتح، والذي في الفرع وأصله باب: من أعطاه الله شيئًا من غير مسألة ولا إشراف نفس وفي هامشها لأبي ذر عن المستملي باب بالتنوين: { وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} .


[ قــ :1415 ... غــ : 1473 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ: خِذْهُ، إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَىْءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ".
[الحديث 1473 - طرفاه في: 7163، 7164] .

وبالسند قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن يونس) بن يزيد الأيلي ( عن) ابن شهاب ( الزهري عن سالم أن) أباه ( عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال سمعت) أبي ( عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( يقول: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعطيني العطاء) أي بسبب العمالة كما في مسلم لا من الصدقات فليست من جهة الفقر ( فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني) عبر بأفقر ليفيد نكتة حسنة وهى كون الفقير هو الذي يملك شيئًا ما لأنه إنما يتحقق فقير وأفقر إذا كان الفقير له شيء يقل ويكثر، أما لو كان الفقير هو الذي لا شيء له البتة كان الفقراء كلهم سواء ليس فيهم أفقر قاله صاحب المصابيح ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( خذه) أي بالشرط المذكور بعد، وزاد في رواية شعيب عن الزهري في الأحكام: فتموّله وتصدق به أي أقبله وأدخله في ملكك ومالك، وهو يدل على أنه ليس من أموال الصدقات لأن الفقير لا ينبغي أن يأخذ من الصدقات ما يتخذه مالاً ( إذا جاءك من هذا المال شيء) أي من جنس المال ( وأنت غير مشرف) بسكون الشين المعجمة بعد الميم المضمومة، والجملة حالية أي غير طامع، والإشراف أن يقول مع نفسه يبعث إلي فلان بكذا ( ولا سائل) ، أي ولا طالب له وجواب الشرط في قوله إذا جاءك قوله ( فخذه) وأطلق الأخذ أولاً وعلقه ثانيًا بالشرط فحمل المطلق على المقيد وهو مقيد أيضًا بكونه حلالاً، فلو شك فيه فالاحتياط الرد وهو الورع.
نعم يجوز أخذه عملاً بالأصل وقد

رهن الشارع عليه الصلاة والسلام درعه عند يهودي مع علمه بقوله تعالى في اليهود: { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42] وكذلك أخذ منهم الجزية مع العلم بأن أكثر أموالهم من ثمن الخنزير والخمر والمعاملة الفاسدة.
وقيل: يجب أن يقبل من السلطان دون غيره لحديث سمرة المروي في السنن: إلا أن يسأل ذا سلطان ( وما لا) يكون على هذه الصفة بأن لم يجيء إليك ومالت نفسك إليه ( فلا تتبعه نفسك) في الطلب واتركه.
وأخرجه المؤلّف أيضًا ومسلم في الزكاة وكذا النسائي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَنْ أعْطَاهُ الله شَيْئا مِنْ غَيْرِ مَسْئلَةٍ وَلاَ إشْرَافِ نَفْسٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم من أعطَاهُ الله.
.
إِلَى آخِره، وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف تَقْدِيره: فليقبل، وَهَذَا هُوَ الحكم، وَإِنَّمَا حذفه اكْتِفَاء بِمَا دلّ عَلَيْهِ فِي حَدِيث الْبابُُ،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَإِنَّمَا حذفه للْعلم بِهِ وَفِيه نظر، لِأَن مُرَاده إِن كَانَ علمه من الْخَارِج فَلَا نسلم أَنه يُعلمهُ مِنْهُ، وَإِن كَانَ من الحَدِيث فَلَا يُقَال إلاَّ بِمَا قُلْنَا لِأَنَّهُ الْأَوْجه والأسد.
قَوْله: ( من غير مَسْأَلَة) أَي: من غير سُؤال، وَالْمَسْأَلَة مصدر ميمي من سَأَلَ.
قَوْله: ( وَلَا إشراف) ، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة، وَهُوَ التَّعَرُّض للشَّيْء والحرص عَلَيْهِ من قَوْلهم: أشرف على كَذَا إِذا تطاول لَهُ، وَمِنْه قيل للمكان المتطاول: شرف.

{ وَفِي أمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ والمَحْرُومِ} ( الذاريات: 91، المعارج: 42 و 52) .

لَيْسَ هَذَا بموجود عِنْد أَكثر الروَاة، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي الْآيَة مُقَدّمَة على قَوْله: من أعطَاهُ الله شَيْئا..
     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) : بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَفِي أَمْوَالهم حق للسَّائِل والمحروم} ( الذاريات: 91، المعارج: 42 و 52) .
وَكَذَا فِي نُسْخَة، وَفِي أُخْرَى: بابُُ من أعطَاهُ الله ... إِلَى آخِره، وَكَأَنَّهُ أليق بِالْحَدِيثِ.
قَوْله: { وَفِي أَمْوَالهم} ( الذاريات: 91، المعارج: 42 و 52) .
أَي: وَفِي أَمْوَال الْمُتَّقِينَ الْمَذْكُورين قبل هَذِه الْآيَة وَهِي قَوْله: { إِن الْمُتَّقِينَ فِي جنَّات وعيون آخذين مَا آتَاهُم رَبهم إِنَّهُم كَانُوا قبل ذَلِك محسنين كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون وبالأسحار هم يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالهم حق للسَّائِل والمحروم} ( الذاريات: 51 91) .
والسائل هُوَ الَّذِي يسْأَل النَّاس ويستجدي، والمحروم الَّذِي يحْسب غَنِيا فَيحرم الصَّدَقَة لتعففه.
وَقيل: المحروم المحارف الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَام سهم، وَقيل: المحارف الَّذِي لَا يكَاد يكْسب، وَعَن عِكْرِمَة: المحروم الَّذِي لَا ينمى لَهُ مَال، وَعَن زيد بن أسلم: هُوَ الْمُصَاب بثمره وزرعه أَو مَاشِيَته..
     وَقَالَ  مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: هُوَ صَاحب الْحَاجة، والمحارف، بِفَتْح الرَّاء: المنقوص الْحَظ الَّذِي لَا يُثمر لَهُ مَال، وَهُوَ خلاف الْمُبَارك، والعوام بِكَسْر الرَّاء، وَاسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة جمَاعَة من التَّابِعين، وَمن الصَّحَابَة أَبُو ذَر على أَن فِي المَال حَقًا غير الزَّكَاة..
     وَقَالَ  الْجُمْهُور: المُرَاد من الْحق هُوَ الزَّكَاة، وَاحْتَجُّوا على ذَلِك بِأَحَادِيث: مِنْهَا: حَدِيث الْأَعرَابِي فِي ( الصَّحِيح) ( هَل عَليّ غَيرهَا؟ قَالَ: لَا إلاَّ إِن تطوع) فَإِن قلت: روى مُسلم من حَدِيث أبي سعيد، قَالَ: ( بَينا نَحن مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي سفر إِذْ جَاءَ رجل على رَاحِلَته، فَجعل يصرفهَا يَمِينا وَشمَالًا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَ لَهُ فضل ظهر فليعد بِهِ على من لَا ظهر لَهُ، وَمن كَانَ عِنْده فضل زَاد فليعد بِهِ على من لَا زَاد لَهُ، حَتَّى ظننا أَنه لَا حق لأحد منا فِي الْفضل) .
فَفِيهِ: إِيجَاب إِنْفَاق الْفضل من الْأَمْوَال.
قلت: الْأَمر بإنفاق الْفضل أَمر إرشاد وَندب إِلَى الْفضل، وَقيل: كَانَ ذَلِك قبل نزُول فرض الزَّكَاة، وَنسخ بهَا كَمَا نسخ صَوْم عَاشُورَاء بِصَوْم رَمَضَان، وَعَاد ذَلِك فضلا وفضيلة بَعْدَمَا كَانَ فَرِيضَة.



[ قــ :1415 ... غــ :1473 ]
- حدَّثنا يَحْيى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ سالِمٍ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعْطِيني العَطَاءَ فأقُولُ أعْطِهِ مَنْ هُوَ أفْقَرُ إليْهِ مِنِّي فَقَالَ خُذْهُ إذَا جاءَكَ مِنْ هاذا المالِ شَيءٌ وأنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سائِلٍ فَخُذْهُ وَما لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( خُذْهُ إِذا جَاءَك من هَذَا المَال وَأَنت غير مشرف وَلَا سَائل) ، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَيُونُس وَالزهْرِيّ قد ذكرا فِي سَنَد حَدِيث الْبابُُ السَّابِق، وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَحْكَام عَن أبي الْيَمَان الحكم ابْن نَافِع عَن شُعَيْب.
وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن هَارُون بن مَعْرُوف وحرملة بن يحيى، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن مَنْصُور.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( فَأَقُول: أعْطه من هُوَ أفقر مني) ، زَاد فِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ الْآتِيَة فِي الْأَحْكَام: ( حَتَّى أَعْطَانِي مرّة مَالا فَقلت: أعْطه أفقر إِلَيْهِ مني، فَقَالَ: خُذْهُ فتموله وَتصدق بِهِ) .
وَذكر شُعَيْب فِيهِ عَن الزُّهْرِيّ إِسْنَادًا آخر، قَالَ: أَخْبرنِي السَّائِب بن يزِيد أَن حويطب بن عبد الْعُزَّى أخبرهُ أَن عبد الله بن السَّعْدِيّ أخبرهُ أَنه قدم على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي خِلَافَته، فَذكر قصَّة فِيهَا هَذَا الحَدِيث، والسائب وَمن فَوْقه صحابة فَفِيهِ أَرْبَعَة من الصَّحَابَة فِي نسق.
قَوْله: ( إِذا جَاءَك) شَرط وجزاؤه قَوْله: ( فَخذه) ، وَأطلق الْأَخْذ أَولا بِالْأَمر، وعلق ثَانِيًا بِالشّرطِ، فَحمل الْمُطلق على الْمُقَيد.
قَوْله: ( وَأَنت غير مشرف) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا، وَقد مضى تَفْسِير الإشراف.
قَوْله: ( وَمَا لَا) أَي: وَمَا لَا يكون كَذَلِك بِأَن لَا يَجِيء إِلَيْك وتميل نَفسك إِلَيْهِ ( فَلَا تتبعه نَفسك) فِي الطّلب واتركه.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ الطَّبَرِيّ: اخْتلف الْعلمَاء فِي قَوْله: ( فَخذه) بعد إِجْمَاعهم على أَنه أَمر ندب وإرشاد.
فَقَالَ بَعضهم: هُوَ ندب لكل من أعطي عَطِيَّة أَن يقبلهَا سَوَاء كَانَ الْمُعْطِي سُلْطَانا أَو غَيره، صَالحا كَانَ أَو فَاسِقًا، بعد أَن كَانَ مِمَّن تجوز عطيته.
رُوِيَ ( عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: مَا أحد يهدي إِلَيّ هَدِيَّة إلاَّ قبلتها، فَأَما أَن أسأَل، فَلَا) وَعَن أبي الدَّرْدَاء مثله، وَقبلت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، من مُعَاوِيَة..
     وَقَالَ  حبيب بن أبي ثَابت: رَأَيْت هَدَايَا الْمُخْتَار تَأتي ابْن عمر وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فيقبلانها،.

     وَقَالَ  عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، جوائز السُّلْطَان لحم ظَبْي زكي، وَبعث سعيد بن الْعَاصِ إِلَى عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِهَدَايَا فقبلها،.

     وَقَالَ : خُذ مَا أعطوك.
وَأَجَازَ مُعَاوِيَة الْحُسَيْن بأربعمائة ألف، وَسُئِلَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن هَدَايَا السُّلْطَان، فَقَالَ: إِن علمت أَنه من غصب وسحت فَلَا تقبله، وَإِن لم تعرف ذَلِك فاقبله، ثمَّ ذكر قصَّة بَرِيرَة،.

     وَقَالَ  الشَّارِع: هُوَ لنا هَدِيَّة،.

     وَقَالَ : مَا كَانَ من مأثم فَهُوَ عَلَيْهِم، وَمَا كَانَ من مهنأ فَهُوَ لَك، وَقبلهَا عَلْقَمَة وَالْأسود وَالنَّخَعِيّ وَالْحسن وَالشعْبِيّ..
     وَقَالَ  آخَرُونَ: بل ذَلِك ندب مِنْهُ أمته إِلَى قبُول عَطِيَّة غير ذِي سُلْطَان، فَأَما السُّلْطَان فَإِن بَعضهم كَانَ يَقُول: حرَام قبُول عطيته، وَبَعْضهمْ كرهها، وَرُوِيَ أَن خَالِد بن أسيد أعْطى مسروقا ثَلَاثِينَ ألفا فَأبى أَن يقبلهَا.
فَقيل لَهُ: لَو أَخَذتهَا فوصلت بهَا رَحِمك؟ فَقَالَ: أَرَأَيْت لَو أَن لصا نقب بَيْتا مَا أُبَالِي أَخَذتهَا أَو أخذت ذَلِك، وَلم يقبل ابْن سِيرِين وَلَا ابْن محيريز من السُّلْطَان،.

     وَقَالَ  هِشَام بن عُرْوَة: بعث إِلَيّ عبد الله ابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَإِلَى أخي بِخَمْسِمِائَة دِينَار، فَقَالَ أخي: درها فَمَا أكلهَا أحد وَهُوَ غَنِي عَنْهَا إلاَّ أحوجه الله إِلَيْهَا..
     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: كره جوائز السُّلْطَان مُحَمَّد بن وَاسع وَالثَّوْري وَابْن الْمُبَارك وَأحمد..
     وَقَالَ  آخَرُونَ: بل ذَلِك ندب إِلَى قبُول هَدِيَّة السُّلْطَان دون غَيره، وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِنَّا لَا نقبل إلاَّ من الْأُمَرَاء..
     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ: وَالصَّوَاب عِنْدِي أَنه ندب مِنْهُ إِلَى قبُول عَطِيَّة كل معط جَائِزَة لسلطان كَانَت أَو غَيرهَا لحَدِيث عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فندبه إِلَى قبُول كل مَا آتَاهُ الله من المَال من جَمِيع وجوهه من غير تَخْصِيص سوى مَا اسْتَثْنَاهُ، وَذَلِكَ مَا جَاءَ بِهِ من وَجه حرَام عَلَيْهِ، وَعلم بِهِ.

وَوجه من رد أَنه إِنَّمَا كَانَ على من كَانَ الْأَغْلَب من أمره أَنه لَا يَأْخُذ المَال من وَجهه، فَرَأى أَن الأسلم لدينِهِ وَالْإِبْرَاء لعرضه تَركه، وَلَا يدْخل فِي ذَلِك مَا إِذا علم حرمته.
وَوجه من قبل مِمَّن لم يبال من أَيْن أَخذ المَال وَلَا فِيمَا وَضعه أَنه يَنْقَسِم ثَلَاثَة أَقسَام: مَا علم حلّه يَقِينا فَلَا يسْتَحبّ رده، وَعَكسه فَيحرم قبُوله، وَمَا لَا فَلَا يُكَلف الْبَحْث عَنهُ، وَهُوَ فِي الظَّاهِر أولى بِهِ من غَيره مَا لم يسْتَحق.

وَأما مبايعة من يخالط مَاله الْحَرَام وَقبُول هداياه فكره ذَلِك قوم وَأَجَازَهُ آخَرُونَ.
فَمِمَّنْ كرهه: عبد الله بن يزِيد وَأَبُو وَائِل وَالقَاسِم وَسَالم، وَرُوِيَ أَنه توفيت مولاة لسالم كَانَت تبيع الْخمر بِمصْر فَترك مِيرَاثهَا أَيْضا..
     وَقَالَ  مَالك: قَالَ عبد الله بن يزِيد بن هُرْمُز: إِنِّي لَا أعجب مِمَّن يرْزق الْحَلَال ويرغب فِي الرِّبْح فِيهِ الشَّيْء الْيَسِير من الْحَرَام فَيفْسد المَال كُله، وَكره الثَّوْريّ المَال الَّذِي يخالطه الْحَرَام، وَمِمَّنْ أجَازه ابْن مَسْعُود، رُوِيَ عَنهُ أَن رجلا سَأَلَهُ فَقَالَ فِي جَار: لَا يتورع من أكل الرِّبَا وَلَا من أَخذ مَا لَا يصلح، وَهُوَ يَدْعُونَا إِلَى طَعَامه وَتَكون لنا الْحَاجة فنستقرضه؟ فَقَالَ: أجبه إِلَى طَعَامه واستقرضه، فَلَكَ المهنأ وَعَلِيهِ المأثم، وَسُئِلَ ابْن عمر عَن رجل أكل طَعَام من يَأْكُل الرِّبَا فَأَجَازَهُ، وَسُئِلَ النَّخعِيّ عَن الرجل يَأْتِي المَال من الْحَلَال وَالْحرَام، قَالَ: لَا يحرم عَلَيْهِ إلاَّ الْحَرَام بِعَيْنِه.
وَعَن سعيد بن جُبَير أَنه، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مر بالعشَّارين وَفِي أَيْديهم شماريخ، فَقَالَ: ناولونيها من سحتكم هَذَا إِنَّه حرَام عَلَيْكُم وعلينا حَلَال.
وَأَجَازَ الْبَصْرِيّ طَعَام العشار والضراب وَالْعَامِل وَعَن مَكْحُول وَالزهْرِيّ: إِذا اخْتَلَط الْحَرَام والحلال فَلَا بَأْس بِهِ فَإِنَّمَا يكره من ذَلِك شَيْء يعرف بِعَيْنِه، وَأَجَازَهُ ابْن أبي ذِئْب،.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: وَاحْتج من رخص فِيهِ بِأَن الله تَعَالَى ذكر الْيَهُود، فَقَالَ: { سماعون للكذب أكالون للسحت} ( الْمَائِدَة: 24) .
وقدرهن الشَّارِع درعه عِنْد يَهُودِيّ،.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ فِي إِبَاحَة الله تَعَالَى أَخذ الْجِزْيَة من أهل الْكتاب مَعَ علمه بِأَن أَكثر أَمْوَالهم أَثمَان الْخُمُور والخنازير، وهم يتعاملون بالربا أبين الدّلَالَة على أَن من كَانَ من أهل الْإِسْلَام بِيَدِهِ مَال لَا يدْرِي أَمن حرَام كَسبه أَو من حَلَال؟ فَإِنَّهُ لَا يحرم قبُوله لمن أعطَاهُ، وَإِن كَانَ مِمَّن لَا يُبَالِي اكْتَسبهُ من غير حلّه بعد أَن لَا يعلم أَنه حرَام بِعَيْنِه، وَبِنَحْوِ ذَلِك قَالَت الْأَئِمَّة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَمن كرهه فَإِنَّمَا ركب فِي ذَلِك طَرِيق الْوَرع وتجنب الشُّبُهَات والاستبراء لدينِهِ.

وَمن فَوَائِد الحَدِيث الْمَذْكُور أَن للْإِمَام أَن يُعْطي الرجل وَغَيره أحْوج إِلَيْهِ مِنْهُ إِذا رأى لذَلِك وَجها، وَأَن مَا جَاءَ من المَال الْحَلَال من غير سُؤال فَإِن أَخذه خير من تَركه، وَإِن رد عَطاء الإِمَام لَيْسَ من الْأَدَب،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: اخْتلفُوا فِيمَن جَاءَهُ مَال: هَل يجب قبُوله؟ الصَّحِيح الْمَشْهُور أَنه يسْتَحبّ فِي غير عَطِيَّة السُّلْطَان، وَأما عطيته فَالصَّحِيح أَنه إِن غلب الْحَرَام فِيمَا فِي يَده فَحَرَام، وإلاَّ فمباح.

     وَقَالَ ت طَائِفَة: الْأَخْذ وَاجِب من السُّلْطَان لقَوْله تَعَالَى: { وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ} ( الْحَشْر: 7) .
فَإِذا لم يَأْخُذهُ فَكَأَنَّهُ لم يأتمر..
     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: لَيْسَ معنى هَذَا الحَدِيث فِي الصَّدقَات، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْأَمْوَال الَّتِي يقسمها الإِمَام على أَغْنِيَاء النَّاس وفقرائهم، فَكَانَت تِلْكَ الْأَمْوَال يعطاها النَّاس لَا من جِهَة الْفقر، وَلَكِن من حُقُوقهم فِيهَا، فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر حِين أعطَاهُ قَوْله: ( أعْطه من هُوَ أفقر إِلَيْهِ مني) لِأَنَّهُ إِنَّمَا أعطَاهُ لِمَعْنى غير الْفقر، ثمَّ قَالَ لَهُ: خُذْهُ فتموله، كَذَا رَوَاهُ شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ، فَدلَّ أَن ذَلِك لَيْسَ من أَمْوَال الصَّدقَات، لِأَن الْفَقِير لَا يَنْبَغِي أَن يَأْخُذهُ من الصَّدقَات مَا يَتَّخِذهُ مَالا كَانَ عَن مَسْأَلَة أَو غير مَسْأَلَة.