هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
134 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ : مَا الحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ ، قَالَ : فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
134 حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن همام بن منبه ، أنه سمع أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ قال رجل من حضرموت : ما الحدث يا أبا هريرة ؟ ، قال : فساء أو ضراط
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أبي هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ : مَا الحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ ، قَالَ : فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ .

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) said, The prayer of a person who does Hadath (passes urine, stool or wind) is not accepted till he performs the ablution. A person from Hadaramout asked Abu Huraira, What is 'Hadath'? Abu Huraira replied, 'Hadath' means the passing of wind.

00135 D’après Ma’mar, Hammâm ben Munabbih entendit Abu Hurayra dire : Le Messager de Dieu a dit : « La prière de celui qui laisse sortir une impureté (hadath) ne peut être acceptée que lorsqu’il fait des ablutions mineures.« Un homme de Hadramawt interrogea alors : « O Abu Hurayra ! c’est quoi le hadath ? »« Une vesse ou un pet », répondit Abu Hurayra.  

":"ہم سے اسحاق بن ابراہیم الحنظلی نے بیان کیا ۔ انہیں عبدالرزاق نے خبر دی ، انہیں معمر نے ہمام بن منبہ کے واسطے سے بتلایا کہ انھوں نے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے سنا ، وہ کہہ رہے تھے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جو شخص حدث کرے اس کی نماز قبول نہیں ہوتی جب تک کہ وہ ( دوبارہ ) وضو نہ کر لے ۔ حضرموت کے ایک شخص نے پوچھا کہ حدث ہونا کیا ہے ؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ ( پاخانہ کے مقام سے نکلنے والی ) آواز والی یا بےآواز والی ہوا ۔

00135 D’après Ma’mar, Hammâm ben Munabbih entendit Abu Hurayra dire : Le Messager de Dieu a dit : « La prière de celui qui laisse sortir une impureté (hadath) ne peut être acceptée que lorsqu’il fait des ablutions mineures.« Un homme de Hadramawt interrogea alors : « O Abu Hurayra ! c’est quoi le hadath ? »« Une vesse ou un pet », répondit Abu Hurayra.  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [135] .

     قَوْلُهُ  أَحْدَثَ أَيْ وُجِدَ مِنْهُ الْحَدَثُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بِأَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ تَنْبِيهًا بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَغْلَظِ وَلِأَنَّهُمَا قَدْ يَقَعَانِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمَا.

.
وَأَمَّا بَاقِي الْأَحْدَاثِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ كَمَسِّ الذَّكَرِ وَلَمْسِ الْمَرْأَةِ وَالْقَيْءِ مِلْءَ الْفَمِ وَالْحِجَامَةِ فَلَعَلَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ لَا يَرَى النَّقْضَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلَّا من المخرجين وَقِيلَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ اقْتَصَرَ فِي الْجَوَابِ عَلَى مَا ذُكِرَ لِعِلْمِهِ أَنَّ السَّائِلَ كَانَ يَعْلَمُ مَا عَدَا ذَلِكَ وَفِيهِ بُعْدٌ وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ سَوَاءٌ كَانَ خُرُوجُهُ اخْتِيَارِيًّا أَمِ اضْطِرَارِيًّا وَعَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِأَنَّ الْقَبُولَ انْتَفَى إِلَى غَايَةِ الْوُضُوءِ وَمَا بَعْدَهَا مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهَا فَاقْتَضَى ذَلِكَ قَبُولَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا .

     قَوْلُهُ  يَتَوَضَّأُ أَيْ بِالْمَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ فَأَطْلَقَ الشَّارِعُ عَلَى التَّيَمُّمِ أَنَّهُ وَضُوءٌ لِكَوْنِهِ قَامَ مَقَامَهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَبُولِ صَلَاةِ مَنْ كَانَ مُحْدِثًا فَتَوَضَّأَ أَيْ مَعَ بَاقِي شُرُوط الصَّلَاة وَالله أعلم ( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ الْوُضُوءِ وَالْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ) كَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِالرَّفْعِ وَهُوَ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ لِمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنْتُمُ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوِ الْوَاوُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ وَالْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَهُمْ فَضْلٌ أَوِ الْخَبَرُ .

     قَوْلُهُ  مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ بِالْعَطْفِ عَلَى الْوُضُوءِ أَيْ وَفَضْلِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [135] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».
قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ: مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ.
[الحديث طرفه في: 6954] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) بالظاء المعجمة ( قال: أخبرنا عبد الرزاق) بن همام ( قال: أخبرنا معمر) هو ابن راشد ( عن همام بن منبه) بتشديد ميم الأوّل وضم ميم الثاني وفتح النون وتشديد الموحدة المكسورة ( أنّه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه ( يقول) : ( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لا تقبل) بضم المثناة الفوقية ( صلاة من) أي الذي ( أحدث) وصلاة بالرفع نائب عن الفاعل وفي رواية لا يقبل الله بالنصب على المفعولية من أحدث أي وجد منه الحدث الأكبر كالجنابة والحيض والأصغر الناقض للوضوء ( حتى) أي إلى أن ( يتوضأ) بالماء أو ما يقوم مقامه فيقبل حينئذ.
قال في المصابيح، قال لي بعض الفضلاء: يلزم من حديث أبي هريرة أن الصلاة الواقعة في حال الأحدث إذا وقع بعدها وضوء صحّت، فقلت له: الإجماع يدفعه.
فقال: يمكن أن يدفع من لفظ الشارع وهو أولى من التمسك بدليل خارج، وذلك بأن تجعل الغاية للصلاة لا لعدم القبول، والمعنى صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ لا تقبل اهـ.
والذي يقوم مقام الوضوء بالماء هو التيمم أو أنه يسمى وضوءًا كما عند النسائي بإسناد صحيح من حديث أبي ذر أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين" فأطلق عليه الصلاة والسلام على التيمم أنه وضوء لكونه قائمًا مقامه، وإنما اقتصر ذكر الوضوء نظرًا إلى كونه الأصل، ولا يخفى أن المراد بقبول صلاة من كان محدثًا فتوضأ أي مع باقي شروط الصلاة.
واستدل بهذا الحديث على أن الوضوء لا يجب لكل صلاة لأن القبول انتفى إلى غاية الوضوء وما بعدها مخالف لما قبلها، فاقتضى ذلك قبول الصلاة بعد الوضوء مطلقًا وفيه الدليل على بطلان الصلاة بالحدث سواء كان خروجه اختياريًّا أو اضطراريًا لعدم التفرقة في الحديث بين حدث وحدث في حالة دون حالة.
( قال رجل من حضرموت) بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة وفتح الراء والميم بلد باليمن وقبيلة أيضًا: ( ما الحدث) وفي رواية فما الحدث.
( يا أبا هريرة؟ قال) هو ( فساء) بضم الفاء والمد ( أو ضراط) بضم الضاد وهما يشتركان في كونهما ريحًا خارجًا من الدبر، لكن الثاني مع صوت، وإنما فسر أبو هريرة الحدث بهما تنبيهًا بالأخف على الأغلظ، أو أنه أجاب السائل بما يحتاج إلى معرفته في غالب الأمر، وإلاّ فالحدث يطلق على الخارج المعتاد وعلى نفس الخروج وعلى الوصف الحكمي المقدر قيامه بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية وعلى المنع من العبادة المترتب على كل واحد من الثلاثة، وقد جعل في الحديث الوضوء رافعًا للحدث فلا يعني بالحدث الخارج المعتاد ولا نفس الخروج، لأن الواقع لا يرتفع فلم يبق أن يعني إلا المنع أو الصفة.
3 - باب فَضْلِ الْوُضُوءِ، وَالْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ هذا ( باب فضل الوضوء) بالجرّ على الإضافة ( والغرّ المحجلون) بالرفع عطفًا على باب أي وباب الغرّ المحجلين فأقيم المضاف إليه مقام باب المحذوف أو الغرّ مبتدأ أو خبره محذوف أي مفضلون على غيرهم، ووقع في رواية الأصيلي وفضل الغرّ المحجلين ( من آثار الوضوء) جمع أثر الشيء وهو بقيته.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ)
هُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ رَوَاهُ مُسلم وَغَيره من حَدِيث بن عُمَرَ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْمُلَيْحِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ وَلَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ فَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِهِ فِي التَّرْجَمَةِ وَأَوْرَدَ فِي الْبَابِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ .

     قَوْلُهُ  لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي رِوَايَتِنَا بِالضَّمِّ عَلَى الْبِنَاءِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَأَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَرْكِ الْحِيَلِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ وَالْمرَاد بِالْقبُولِ هُنَا مَا يُرَادِفُ الصِّحَّةَ وَهُوَ الْإِجْزَاءُ وَحَقِيقَةُ الْقَبُولِ ثَمَرَةُ وُقُوعِ الطَّاعَةِ مُجْزِئَةً رَافِعَةً لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَلَمَّا كَانَ الْإِتْيَانُ بِشُرُوطِهَا مَظِنَّةَ الْإِجْزَاءِ الَّذِي الْقَبُولُ ثَمَرَتُهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْقَبُولِ مَجَازًا.

.
وَأَمَّا الْقَبُولُ الْمَنْفِيُّ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَتَى عَرَّافًا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ فَهُوَ الْحَقِيقِيُّ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ الْعَمَلُ وَيَتَخَلَّفُ الْقَبُولُ لِمَانِعٍ وَلِهَذَا كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُولُ لَأَنْ تُقْبَلَ لِي صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَمِيعِ الدُّنْيَا قَالَه بن عُمَرَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ

[ قــ :134 ... غــ :135] .

     قَوْلُهُ  أَحْدَثَ أَيْ وُجِدَ مِنْهُ الْحَدَثُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بِأَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ تَنْبِيهًا بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَغْلَظِ وَلِأَنَّهُمَا قَدْ يَقَعَانِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمَا.

.
وَأَمَّا بَاقِي الْأَحْدَاثِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ كَمَسِّ الذَّكَرِ وَلَمْسِ الْمَرْأَةِ وَالْقَيْءِ مِلْءَ الْفَمِ وَالْحِجَامَةِ فَلَعَلَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ لَا يَرَى النَّقْضَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلَّا من المخرجين وَقِيلَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ اقْتَصَرَ فِي الْجَوَابِ عَلَى مَا ذُكِرَ لِعِلْمِهِ أَنَّ السَّائِلَ كَانَ يَعْلَمُ مَا عَدَا ذَلِكَ وَفِيهِ بُعْدٌ وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ سَوَاءٌ كَانَ خُرُوجُهُ اخْتِيَارِيًّا أَمِ اضْطِرَارِيًّا وَعَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِأَنَّ الْقَبُولَ انْتَفَى إِلَى غَايَةِ الْوُضُوءِ وَمَا بَعْدَهَا مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهَا فَاقْتَضَى ذَلِكَ قَبُولَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا .

     قَوْلُهُ  يَتَوَضَّأُ أَيْ بِالْمَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ فَأَطْلَقَ الشَّارِعُ عَلَى التَّيَمُّمِ أَنَّهُ وَضُوءٌ لِكَوْنِهِ قَامَ مَقَامَهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَبُولِ صَلَاةِ مَنْ كَانَ مُحْدِثًا فَتَوَضَّأَ أَيْ مَعَ بَاقِي شُرُوط الصَّلَاة وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُور
هذا ( باب) بالتنوين ( لا تقبل) بضم المثناة الفوقية على ما لم يسم فاعله ( صلاة) بالرفع نائب عنه.
وفي رواية بفرع اليونينية موافقة لما عند المؤلف في ترك الحيل لا يقبل الله صلاة ( بغير طهور) بضم الطاء الفعل الذي هو المصدر، والمراد به ما هو أعم من الوضوء والغسل وبفتحها الماء الذي يتطهر به.
وهذه الترجمة لفظ حديث ليس على شرط المؤلف رواه مسلم وغيره من حديث ابن عمر، وقد قال القاضي عياض في شرحه: إنه نص في وجوب الطهارة، وتعقبه أبو عبد الله الأبّي بأن الحديث إنما فيه أنها شرط في القبول والقبول أخصّ من الصحة وشرط الأخص لا يكون شرطًا في الأعم، وإنما كان القبول أخص لأن حصول الثواب على الفعل، والصحة وقوع الفعل مطابقًا للأمر فكل متقبل صحيح دون العكس، والذي ينتفي بانتفاء الشرط الذي هو الطهارة القبول لا الصحة، وإذا لم تنتف الصحة لم يتم الاستدلال بالحديث، والفقهاء يحتجون به وفيه من البحث ما سمعت.

فإن قلت إذا فسرت الصحة بأنها وقوع الفعل مطابقًا للأمر فالقواعد تدل على أن الفعل إذا وقع مطابقًا للأمر كان سببًا في حصول الثواب، قلت: غرضنا إبطال التمسك بالحديث من قبل االشرطية وقد اتّضح، ثم نمنع أنها سبب في حصول الثواب لأن الأعم ليس سببًا في حصول أخصه المعين انتهى.

ويجاب بأن المراد بالقبول هنا ما يرادف الصحة وهو الأجزاء، وحقيقة القبول ثمرة وقوع الطاعة مجزئة رافعة لما في الذمة، ولما كان الإتيان بشروطها مظنة الأجزاء الذي القبول ثمرته عبّر عنه بالقبول مجازًا لأن الغرض من الصحة مطابقة العبادة للأمر، وإذا حصل ذلك ترتب عليه القبول، وإذا انتفى القبول انتفت الصحة لما قام من الأدلة على كون القبول من لوازمها، فإذا انتفى انتفت.

وأما القبول النفي في نحو قوله: من أتى عرّافًا لم يقبل له صلاة فهو الحقيقي لأنه قد يصح العمل ويتخلّف القبول، ولهذا كان بعض السلف يقول لأن تقبل لي صلاة واحدة أحبّ إلي من جميع الدنيا.

قال ابن عمر: لأن الله تعالى قال: { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين} [المائدة: 27] .



[ قــ :134 ... غــ : 135 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».
قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ: مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ.
[الحديث 135 - طرفه في: 6954] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) بالظاء المعجمة ( قال: أخبرنا عبد الرزاق) بن همام ( قال: أخبرنا معمر) هو ابن راشد ( عن همام بن منبه) بتشديد ميم الأوّل وضم ميم الثاني وفتح النون وتشديد الموحدة المكسورة ( أنّه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه ( يقول) :

( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لا تقبل) بضم المثناة الفوقية ( صلاة من) أي الذي ( أحدث) وصلاة بالرفع نائب عن الفاعل وفي رواية لا يقبل الله بالنصب على المفعولية من أحدث أي وجد منه الحدث الأكبر كالجنابة والحيض والأصغر الناقض للوضوء ( حتى) أي إلى أن ( يتوضأ) بالماء أو ما يقوم مقامه فيقبل حينئذ.
قال في المصابيح، قال لي بعض الفضلاء: يلزم من حديث أبي هريرة أن الصلاة الواقعة في حال الأحدث إذا وقع بعدها وضوء صحّت، فقلت له: الإجماع يدفعه.
فقال: يمكن أن يدفع من لفظ الشارع وهو أولى من التمسك بدليل خارج، وذلك بأن تجعل الغاية للصلاة لا لعدم القبول، والمعنى صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ لا تقبل اهـ.

والذي يقوم مقام الوضوء بالماء هو التيمم أو أنه يسمى وضوءًا كما عند النسائي بإسناد صحيح من حديث أبي ذر أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين" فأطلق عليه الصلاة والسلام على التيمم أنه وضوء لكونه قائمًا مقامه، وإنما اقتصر ذكر الوضوء نظرًا إلى كونه الأصل، ولا يخفى أن المراد بقبول صلاة من كان محدثًا فتوضأ أي مع باقي شروط الصلاة.

واستدل بهذا الحديث على أن الوضوء لا يجب لكل صلاة لأن القبول انتفى إلى غاية الوضوء وما بعدها مخالف لما قبلها، فاقتضى ذلك قبول الصلاة بعد الوضوء مطلقًا وفيه الدليل على بطلان الصلاة بالحدث سواء كان خروجه اختياريًّا أو اضطراريًا لعدم التفرقة في الحديث بين حدث وحدث في حالة دون حالة.

( قال رجل من حضرموت) بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة وفتح الراء والميم بلد باليمن وقبيلة أيضًا: ( ما الحدث) وفي رواية فما الحدث.
( يا أبا هريرة؟ قال) هو ( فساء) بضم الفاء والمد ( أو ضراط) بضم الضاد وهما يشتركان في كونهما ريحًا خارجًا من الدبر، لكن الثاني مع صوت، وإنما فسر أبو هريرة الحدث بهما تنبيهًا بالأخف على الأغلظ، أو أنه أجاب السائل بما يحتاج إلى معرفته في غالب الأمر، وإلاّ فالحدث يطلق على الخارج المعتاد وعلى نفس الخروج وعلى الوصف الحكمي المقدر قيامه بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية وعلى المنع من العبادة المترتب على كل

واحد من الثلاثة، وقد جعل في الحديث الوضوء رافعًا للحدث فلا يعني بالحدث الخارج المعتاد ولا نفس الخروج، لأن الواقع لا يرتفع فلم يبق أن يعني إلا المنع أو الصفة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ لَا تقبل صَلَاة بِغَيْر طهُور)
بابُُ منون غير مُضَاف خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هَذَا بابُُ وَفِي بعض النّسخ لَا يقبل الله صَلَاة بِغَيْر طهُور وَهُوَ بِضَم الطَّاء وَهُوَ الْفِعْل الَّذِي هُوَ الْمصدر وَالْمرَاد بِهِ هَهُنَا أَعم من الْوضُوء وَالْغسْل وَلَيْسَ كَمَا قَالَه الْكرْمَانِي وَالْمرَاد بِهِ هَهُنَا الْوضُوء وَأما بِفَتْح الطَّاء فَهُوَ المَاء الَّذِي يتَطَهَّر بِهِ وَتَقْدِيم هَذَا الْبابُُ على مَا بعده من الْأَبْوَاب ظَاهر لِأَن الْكتاب فِي أَحْكَام الْوضُوء وَالْغسْل اللَّذين لَا تجوز الصَّلَاة أصلا إِلَّا بِأَحَدِهِمَا وَهَذِه التَّرْجَمَة لفظ حَدِيث رَوَاهُ مُسلم وَغَيره من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا بِزِيَادَة قَوْله وَلَا صَدَقَة من غلُول وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من طَرِيق أبي الْمليح عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ لَا يقبل الله تَعَالَى صَدَقَة من غلُول وَلَا صَلَاة بِغَيْر طهُور وَله طرق كَثِيرَة لَكِن لَيْسَ فِيهَا شَيْء على شَرط البُخَارِيّ فَلهَذَا عدل عَنهُ إِلَى مَا ذكره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَعَ أَن حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا مُطَابق لما ترْجم لَهُ وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة يقوم مقَامه

[ قــ :134 ... غــ :135 ]
- ( حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي قَالَ أخبرنَا عبد الرَّزَّاق قَالَ أخبرنَا معمر عَن همام بن مُنَبّه أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقبل صَلَاة من أحدث حَتَّى يتَوَضَّأ قَالَ رجل من حضر موت مَا الْحَدث يَا أَبَا هُرَيْرَة قَالَ فسَاء أَو ضراط) قيل أَن الحَدِيث لَيْسَ بمطابق للتَّرْجَمَة لِأَن التَّرْجَمَة عَام والْحَدِيث خَاص وَجَوَابه أَنه وَإِن كَانَ خَاصّا وَلكنه يسْتَدلّ بِهِ على أَن الْأَعَمّ مِنْهُ نَحوه بل أولى على أَنا قُلْنَا أَن الْأَحَادِيث الَّتِي تطابق التَّرْجَمَة بِحَسب الظَّاهِر لَيست على شَرطه فَلذَلِك لم يذكرهَا وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا على شَرطه فَذكره عوضا عَنْهَا لِأَنَّهُ يقوم مقَامهَا من الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن ( بَيَان رِجَاله) وهم خَمْسَة كلهم ذكرُوا وَأخرج أَصْحَاب السِّتَّة للْجَمِيع إِلَّا إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فَإِن ابْن مَاجَه لم يخرج لَهُ وَإِسْحَق بن إِبْرَاهِيم هُوَ الْمَشْهُور بِابْن رَاهَوَيْه وَعبد الرَّزَّاق هُوَ ابْن همام وَمعمر هُوَ ابْن رَاشد ومنبه بِضَم الْمِيم وَفتح النُّون وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الْمَكْسُورَة ( بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والإخبار والعنعنة وَمِنْهَا أَن رُوَاته كلهم يمانيون إِلَّا إِسْحَق وَمِنْهَا أَنهم كلهم أَئِمَّة أجلاء أَصْحَاب مسانيد ( بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي ترك الْحِيَل عَن إِسْحَق بن نصر وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن مُحَمَّد بن رَافع وَأَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل وَالتِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مَحْمُود بن غيلَان كلهم عَن عبد الرَّزَّاق بِهِ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح.
( بَيَان اللُّغَات) قَوْله أحدث أَي وجد مِنْهُ الْحَدث أَو أَصَابَهُ الْحَدث أَو دخل فِي الْحَدث من الْحُدُوث وَهُوَ كَون شَيْء لم يكن قَالَ الصغاني أحدث الرجل من الْحَدث فَأَما قَول الْفُقَهَاء أحدث أَي أَتَى مِنْهُ مَا نقض طَهَارَته فَلَا تعرفه الْعَرَب قَوْله من حضر موت بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْمِيم وَهُوَ اسْم بلد بِالْيمن وقبيلة أَيْضا وهما اسمان جعلا اسْما وَاحِدًا وَالِاسْم الأول مِنْهُ مَبْنِيّ على الْفَتْح على الْأَصَح إِن قيل ببنائهما وَقيل بإعرابهما فَيُقَال حضر موت بِرَفْع الرَّاء وجر التَّاء.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ فِيهِ لُغَتَانِ التَّرْكِيب وَمنع الصّرْف وَالثَّانيَِة الْإِضَافَة فَإِذا أضيف جَازَ فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ الصّرْف وَتَركه وَفِي الْمطَالع حضر موت من بِلَاد الْيمن وهذيل وَيُقَال حضر موت بِضَم الْمِيم وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ حضرمي والتصغير حضيرموت يصغر الْمصدر مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ الْجمع فَيُقَال فلَان من الحضارمة قَوْله فسَاء بِضَم الْفَاء وبالمد والضراط بِضَم الضَّاد وهما مشتركان فِي كَونهمَا ريحًا خَارِجا من الدبر ممتازان بِكَوْن الأول بِدُونِ الصَّوْت وَالثَّانِي مَعَ الصَّوْت وَفِي الصِّحَاح فسا يفسو فسوا وَالِاسْم الفساء بِالْمدِّ وتفاست الخنافس إِذا أخرجت استها لذَلِك وَفِي الْعبابُ قَالَ ابْن دُرَيْد الضراط مَعْرُوف يُقَال ضرط يضرط ضرطا وضروطا وضريطا وضراطا.
( بَيَان الْإِعْرَاب) قَوْله يَقُول جملَة وَقعت حَالا قَوْله لَا يقبل الله إِلَى آخِره مقول القَوْل قَوْله صَلَاة مَنْصُوب أَو مَرْفُوع على اخْتِلَاف الرِّوَايَتَيْنِ مُضَاف إِلَى قَوْله من وَهِي مَوْصُولَة وأحدث جملَة صلتها قَوْله حَتَّى للغاية بِمَعْنى إِلَى وَالْمعْنَى عدم قبُول الصَّلَاة مغيا بالتوضىء قَوْله قَالَ رجل فعل وفاعل وَقَوله من حضر موت جملَة فِي مَحل الرّفْع على أَنَّهَا صفة لرجل قَوْله مَا الْحَدث جملَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَقعت مقول القَوْل قَوْله يابا هُرَيْرَة حذفت الْهمزَة للتَّخْفِيف قَوْله فسَاء مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هُوَ فسَاء أَي الْحَدث فسَاء أَو ضراط ( بَيَان الْمعَانِي) قَوْله لَا يقبل الله صَلَاة من أحدث كَذَا وَقع فِي بعض النّسخ وَهَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي ترك الْحِيَل عَن إِسْحَاق بن نصر وَكَذَا روى أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد بن حَنْبَل كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق وَفِي أَكثر النّسخ لَا تقبل صَلَاة من أحدث على الْبناء لما لم يسم فَاعله وَالْمرَاد بِالْقبُولِ هُنَا مَا يرادف الصِّحَّة وَهُوَ الْإِجْزَاء وَحَقِيقَة الْقبُول وُقُوع الطَّاعَة مجزئة رَافِعَة لما فِي الذِّمَّة وَلما كَانَ الْإِتْيَان بشروطها مَظَنَّة الْإِجْزَاء الَّذِي هُوَ الْقبُول عبر عَنهُ بِالْقبُولِ مجَازًا وَأما الْقبُول الْمَنْفِيّ فِي مثل قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من أَتَى عرافا لم تقبل لَهُ صَلَاة فَهُوَ الْحَقِيقِيّ لِأَنَّهُ قد يَصح الْعَمَل وَلَكِن يتَخَلَّف الْقبُول لمَانع وَلِهَذَا كَانَ يَقُول بعض السّلف لِأَن تقبل لي صَلَاة وَاحِدَة أحب إِلَيّ من جَمِيع الدُّنْيَا.
وَالتَّحْقِيق هَهُنَا أَن الْقبُول يُرَاد بِهِ شرعا حُصُول الثَّوَاب وَقد تخلف عَن الصِّحَّة بِدَلِيل صِحَة صَلَاة العَبْد الْآبِق وشارب الْخمر مَا دَامَ فِي جسده شَيْء مِنْهَا وَالصَّلَاة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة على الصَّحِيح عِنْد الشَّافِعِيَّة أَيْضا وَأما مُلَازمَة الْقبُول للصِّحَّة فَفِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يقبل الله صَلَاة حَائِض إِلَّا بخمار وَالْمرَاد بالحائض من بلغت سنّ الْحيض فَإِنَّهَا لَا تقبل صلَاتهَا إِلَّا بالسترة وَلَا تصح وَلَا تقبل مَعَ انكشاف الْعَوْرَة وَالْقَبُول يُفَسر بترتب الْغَرَض الْمَطْلُوب من الشَّيْء على الشَّيْء فَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يقبل الله صَلَاة من أحدث حَتَّى يتَوَضَّأ عَام فِي عدم الْقبُول فِي جَمِيع الْمُحدثين فِي جَمِيع أَنْوَاع الصَّلَاة وَالْمرَاد بِالْقبُولِ وُقُوع الصَّلَاة مجزئة بمطابقتها لِلْأَمْرِ فعلى هَذَا يلْزم من الْقبُول الصِّحَّة ظَاهرا وَبَاطنا وَكَذَلِكَ الْعَكْس وَنقل عَن بعض الْمُتَأَخِّرين أَن الصِّحَّة عبارَة عَن ترَتّب الثَّوَاب والدرجات على الْعِبَادَة والإجزاء عبارَة عَن مُطَابقَة الْأَمر فهما متغايران أَحدهمَا أخص من الآخر وَلَا يلْزم من نفى الْأَخَص نفى الْأَعَمّ فالقبول على هَذَا التَّفْسِير أخص من الصِّحَّة فَكل مَقْبُول صَحِيح وَلَا عكس قَوْله من أحدث قد قُلْنَا أَن مَعْنَاهُ من وجد مِنْهُ الْحَدث وَهُوَ عبارَة عَمَّا نقض الْوضُوء وَهُوَ بموضوعه يُطلق على الْأَكْبَر كالجنابة وَالْحيض وَالنّفاس والأصغر كنواقض الْوضُوء وَقد يُسمى الْمَنْع الْمُرَتّب عَلَيْهِ حَدثا وَبِه يَصح قَوْلهم رفعت الْحَدث ونويت رَفعه وَإِلَّا اسْتَحَالَ مَا يرفع أَن لَا يكون رَافعا وَكَأن الشَّارِع جعل أمد الْمَنْع الْمُرَتّب على خُرُوج الْخَارِج إِلَى اسْتِعْمَال المطهر وَبِهَذَا يقوى قَول من يرى أَن التَّيَمُّم يرفع الْحَدث لكَون الْمُرْتَفع هُوَ الْمَنْع وَهُوَ مُرْتَفع بِالتَّيَمُّمِ لكنه مَخْصُوص بِحَالَة مَا أَو بِوَقْت مَا وَلَيْسَ ذَلِك ببدع فَإِن الْأَحْكَام قد تخْتَلف باخْتلَاف محلهَا وَقد كَانَ الْوضُوء فِي صدر الْإِسْلَام وَاجِبا لكل صَلَاة فقد ثَبت أَنه كَانَ مُخْتَصًّا بِوَقْت مَعَ كَونه رَافعا للْحَدَث اتِّفَاقًا وَلَا يلْزم من انتهائه فِي ذَلِك الْوَقْت بانتهاء وَقت الصَّلَاة إِلَّا يكون رَافعا للْحَدَث ثمَّ زَالَ ذَلِك الْوُجُوب كَمَا عرف.
وَقد ذكر الْفُقَهَاء أَن الْحَدث وصف حكمي مُقَدّر قِيَامه بالأعضاء على معنى الْوَصْف الْحسي وينزلون الْوَصْف الْحكمِي منزلَة الْحسي فِي قِيَامه بالأعضاء فَمن يَقُول بِأَن التَّيَمُّم لَا يرفع الْحَدث يَقُول أَن الأمد الْمُقدر الْحكمِي بَاقٍ لم يزل وَالْمَنْع الَّذِي هُوَ مُرَتّب عَلَيْهِ التَّيَمُّم زائل قَوْله حَتَّى يتَوَضَّأ نفى الْقبُول إِلَى غَايَة وَهُوَ الْوضُوء وَمَا بعد الْغَايَة مُخَالف لما قبلهَا فَاقْتضى قبُول الصَّلَاة بعد الْوضُوء مُطلقًا وَدخل تَحْتَهُ الصَّلَاة الثَّانِيَة قبل الْوضُوء لَهَا ثَانِيًا وتحقيقه أَن لفظ صَلَاة اسْم جنس فَيعم ثمَّ اعْلَم أَن معنى قَوْله حَتَّى يتَوَضَّأ بِالْمَاءِ أَو مَا يقوم مقَامه لِأَنَّهُ قد أَتَى بِمَا أَمر بِهِ على أَن التَّيَمُّم من أَسْمَائِهِ الْوضُوء قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم وَإِن لم يجد المَاء عشر سِنِين رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن أبي ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَأطلق الشَّارِع على التَّيَمُّم أَنه وضوء لكَونه قَامَ مقَامه وَإِنَّمَا اقْتصر على ذكر الْوضُوء نظرا إِلَى كَونه الأَصْل وَهَهُنَا قيد آخر ترك ذكره للْعلم بِهِ وَهُوَ حَتَّى يتَوَضَّأ مَعَ بَاقِي شُرُوط الصَّلَاة وَالضَّمِير فِي قَوْله حَتَّى يتَوَضَّأ يرجع إِلَى قَوْله من أحدث وَسَماهُ مُحدثا وَإِن كَانَ طَاهِرا بِاعْتِبَار مَا كَانَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَآتوا الْيَتَامَى أَمْوَالهم} وَقَوله حَتَّى يتَوَضَّأ هُوَ آخر الحَدِيث وَالْبَاقِي إدراج وَالظَّاهِر أَنه من همام قَوْله فسَاء أَو ضراط قَالَ ابْن بطال إِنَّمَا اقْتصر على بعض الْأَحْدَاث لِأَنَّهُ أجَاب سَائِلًا سَأَلَهُ عَن الْمُصَلِّي يحدث فِي صلَاته فَخرج جَوَابه على مَا سبق الْمُصَلِّي من الإحداث فِي صلَاته لِأَن الْبَوْل وَالْغَائِط وَنَحْوهمَا غير مَعْهُود فِي الصَّلَاة.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ لم يرد بِذكر هذَيْن النَّوْعَيْنِ تخصيصهما وَقصر الحكم عَلَيْهِمَا بل دخل فِي مَعْنَاهُ كل مَا يخرج من السَّبِيلَيْنِ وَالْمعْنَى إِذا كَانَ أوسع من الحكم كَانَ الحكم للمعنى وَلَعَلَّه أَرَادَ بِهِ أَن يثبت الْبَاقِي بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ للمعنى الْمُشْتَرك بَينهمَا قلت وَلَعَلَّ ذَلِك لِأَن مَا هُوَ أغْلظ من الفساء بِالطَّرِيقِ الأولى وَيحْتَمل أَن يُقَال الْمجمع عَلَيْهِ من أَنْوَاع الْحَدث لَيْسَ إِلَّا الْخَارِج النَّجس من الْمُعْتَاد وَمَا يكون مَظَنَّة لَهُ كزوال الْعقل فَأَشَارَ إِلَيْهِ على سَبِيل الْمِثَال كَمَا يُقَال الِاسْم زيد أَو كزيد وَيُسمى مثله تعريفا بالمثال أَو يُقَال كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يعلم أَنه عَارِف بِسَائِر أَنْوَاع الْحَدث جَاهِل بكونهما حَدثا فتعرض لحكمهما بَيَانا لذَلِك كَذَا قَالَ بعض الشَّارِحين وَفِيه بعد وَالْأَقْرَب أَن يُقَال أَنه أجَاب السَّائِل بِمَا يحْتَاج إِلَى مَعْرفَته فِي غَالب الْأَمر كَمَا ورد نَحْو ذَلِك فِي حَدِيث آخر لَا ينْصَرف حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا.
( بَيَان استنباط الْأَحْكَام) الأول فِيهِ الدّلَالَة على أَن الصَّلَوَات كلهَا مفتقرة إِلَى الطَّهَارَة وَيدخل فِيهَا صَلَاة الْجِنَازَة وَالْعِيدَيْنِ وَغَيرهمَا وَحكى عَن الشّعبِيّ وَمُحَمّد بن جرير الطَّبَرِيّ أَنَّهُمَا أجازا صَلَاة الْجِنَازَة بِغَيْر وضوء وَهُوَ بَاطِل لعُمُوم هَذَا الحَدِيث وَالْإِجْمَاع وَمن الْغَرِيب أَن قَوْلهمَا قَالَ بِهِ بعض الشَّافِعِيَّة فَلَو صلى مُحدثا مُتَعَمدا بِلَا عذر أَثم وَلَا يكفر عِنْد الْجُمْهُور وَبِه قَالَت الشَّافِعِيَّة وَحكى عَن أبي حنيفَة أَنه يكفر لتلاعبه الثَّانِي فِيهِ الدَّلِيل على بطلَان الصَّلَاة بِالْحَدَثِ سَوَاء كَانَ خُرُوجه اختياريا أَو اضطراريا لعدم التَّفْرِقَة فِي الحَدِيث بَين حدث وَحدث فِي حَالَة دون حَالَة الثَّالِث قَالَ بعض الشَّارِحين هَذَا الحَدِيث رد على من يَقُول إِذا سبقه الْحَدث يتَوَضَّأ وَيَبْنِي على صلَاته قلت هَذَا قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله وَحكى عَن مَالك وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم وَهُوَ لَيْسَ يرد عَلَيْهِم أصلا لِأَن من سبقه الْحَدث إِذا ذهب وَتَوَضَّأ وَبنى على صلَاته يصدق عَلَيْهِ أَنه تَوَضَّأ وَصلى بِالْوضُوءِ وَإِن كَانَ الْقيَاس يَقْتَضِي بطلَان صلَاته على أَنه ورد الْأَثر فِيهِ الرَّابِع قَالَ الْكرْمَانِي فِيهِ أَن الطّواف لَا يجزىء بِغَيْر طهُور لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَمَّاهُ صَلَاة فَقَالَ الطّواف صَلَاة إِلَّا أَنه أُبِيح فِيهِ الْكَلَام قلت اشْتِرَاط الطَّهَارَة للطَّواف بِخَبَر الْوَاحِد زِيَادَة على النَّص وَهِي نسخ فَلَا يثبت بِهِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { وليطوفوا بِالْبَيْتِ} غير أَنا نقُول بِوُجُوبِهَا لخَبر الْوَاحِد وَمعنى الحَدِيث الطّواف كَالصَّلَاةِ والتشبيه فِي الثَّوَاب دون الحكم لِأَن التَّشْبِيه لَا عُمُوم لَهُ أَلا ترى أَن الانحراف وَالْمَشْي فِيهِ لَا يُفْسِدهُ