هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
133 حَدَّثَنَا آدَمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ : مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ ؟ فَقَالَ : لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ ، وَلاَ العِمَامَةَ ، وَلاَ السَّرَاوِيلَ ، وَلاَ البُرْنُسَ ، وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
133 حدثنا آدم ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله : ما يلبس المحرم ؟ فقال : لا يلبس القميص ، ولا العمامة ، ولا السراويل ، ولا البرنس ، ولا ثوبا مسه الورس أو الزعفران ، فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين ، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ : مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ ؟ فَقَالَ : لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ ، وَلاَ العِمَامَةَ ، وَلاَ السَّرَاوِيلَ ، وَلاَ البُرْنُسَ ، وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ .

Narrated Ibn `Umar:

A man asked the Prophet (ﷺ) : What (kinds of clothes) should a Muhrim (a Muslim intending to perform `Umra or Hajj) wear? He replied, He should not wear a shirt, a turban, trousers, a head cloak or garment scented with saffron or Wars (kinds of perfumes). And if he has no slippers, then he can use Khuffs (socks made from thick fabric or leather) but the socks should be cut short so as to make the ankles bare. (See Hadith No. 615, Vol. 2).

0134 D’après ibn Umar, une fois, un homme demande ce que la personne en état d’ihrâm (sacralisation) doit mettre comme habit. Le Prophète  répondit : « Elle ne doit mettre ni tunique, ni turban, ni pantalon, ni burnous, ni habit touché par du wars (son nom scientifique est Memecylon tinctorium) ou du safran; et si elle ne trouve pas de souliers, qu’elle mette des bottines en les coupant de manière à ce qu’elles soient au-dessous des chevilles.« 

":"ہم سے آدم نے بیان کیا ، کہا ان کو ابن ابی ذئب نے نافع کے واسطے سے خبر دی ، وہ عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما سے روایت کرتے ہیں ، وہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے اور ( دوسری سند میں ) زہری سالم سے ، کہا وہ ابن عمر رضی اللہ عنہما سے ، وہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے روایت کرتے ہیں کہایک شخص نے آپ صلی اللہ علیہ وسلم سے پوچھا کہ احرام باندھنے والے کو کیا پہننا چاہیے ؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ نہ قمیص پہنے نہ صافہ باندھے اور نہ پاجامہ اور نہ کوئی سرپوش اوڑھے اور نہ کوئی زعفران اور ورس سے رنگا ہوا کپڑا پہنے اور اگر جوتے نہ ملیں تو موزے پہن لے اور انہیں ( اس طرح ) کاٹ دے کہ ٹخنوں سے نیچے ہو جائیں ۔

0134 D’après ibn Umar, une fois, un homme demande ce que la personne en état d’ihrâm (sacralisation) doit mettre comme habit. Le Prophète  répondit : « Elle ne doit mettre ni tunique, ni turban, ni pantalon, ni burnous, ni habit touché par du wars (son nom scientifique est Memecylon tinctorium) ou du safran; et si elle ne trouve pas de souliers, qu’elle mette des bottines en les coupant de manière à ce qu’elles soient au-dessous des chevilles.« 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [134] حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ فَقَالَ: «لاَ يَلْبَسِ الْقَمِيصَ وَلاَ الْعِمَامَةَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ وَلاَ الْبُرْنُسَ وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الْوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ».
[الحديث أطرافه في: 366، 1542، 1838، 1842، 5794، 5803، 5805، 5806، 5847، 5852] .
وبالسند إلى المؤلف رحمه الله قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس ( قال: حدّثنا ابن أبي ذئب) بكسر الذال المعجمة والهمزة الساكنة واسمه محمد بن عبد الرحمن المدني ( عن نافع) مولى ابن عمر رضي الله عنهما ( عن ابن عمر) رضي الله عنهما، ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وعن الزهري)
محمد بن مسلم ( عن سالم) هو ابن عبد الله ( عن ابن عمر) بضم العين وهو والد سالم ( عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي والزهري بإسقاط حرف الجر وكلاهما عطف على قوله عن نافع عن ابن عمر فهما إسنادان أحدهما عن آدم عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر، والآخر عن آدم عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن ابن عمر، وفي بعض النسخ ح للتحويل قبل، وعن الزهري: ( أن رجلاً) لم أعرف اسمه ( سأله) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ما يلبس المحرم) بفتح المثناة التحتية والموحدة مضارع لبس بكسر الموحدة ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( لا يلبس) بفتح الأوّل والثالث ويجوز ضم السين على أن لا نافية وكسرها على أنها ناهية، والأوّل لأبي ذر ( القميص ولا العمامة) بكسر العين ( ولا السراويل ولا البرنس) بضم الموحدة والنون ( ولا ثوبًا مسّه الورس) بفتح الواو وسكون الراء آخره مهملة نبت أصفر من اليمن يصبغ به ( أو الزعفران) بفتح الزاي والفاء للأصيلي مسّه الزعفران أو الورس ( فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفّين وليقطعهما) بكسر اللام وسكونها عطف على فليلبس ( حتى) أن ( يكونا) أي غاية قطعهما ( تحت الكعبين) .
فإن قلت: السؤال قد وقع عما يلبس فكيف أجابه عليه السلام بما لا يلبس؟ أجيب: بأن هذا من بديع كلامه عليه الصلاة السلام وفصاحته لأن المتروك منحصر بخلاف الملبوس، لأن الإباحة هي الأصل فحصر ما يترك ليبيّن أن ما سواه مباح انتهى.
وفي هذا الحديث السؤال عن حالة الاختيار فأجابه عليه الصلاة والسلام عنها وزاده حالة الاضطرار في قوله: فإن لم يجد النعلين وليست أجنبية عن السؤال لأن حالة السفر تقتضي ذلك، وتأتي مباحث الحديث إن شاء الله تعالى في الحج بعون الله وقوته وفضله ومنّته.
وهذا آخر أحاديث كتاب العلم وعدة المرفوع منها مائة حديث وثلاثة أحاديث.
ولما فرغ المؤلف من ذكر أحاديث الوحي الذي هو مادة الأحكام الشرعية وعقبه بالإيمان ثم بالعلم شرع يذكر أقسام العبادات مرتبًا لذلك على ترتيب حديث الصحيحين "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمدًا رسول الله، وأقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان" قدم الصلاة بعد الشهادتين على غيرها لكونها أفضل العبادات بعد الإيمان، وابتدأ المؤلف بالطهارةلأنها مفتاح الصلاة كما في حديث أبي داود بإسناد صحيح ولأنها أعظم شروطها، والشرط مقدّم على المشروط طبعًا فقدّم عليه وضعًا فقال: بسم الله الرحمن الرحيم 4 - كتاب الوضوء ( بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الوضوء) وهو بالضم الفعل وبالفتح الماء الذي يتوضأ به، وحكي في كل الفتح والضم وهو مشتق من الوضاءة وهي الحسن والنظافة لأن الصلي يتنظف به فيصير وضيئًا، ولابن عساكر تأخير البسملة عن كتاب الوضوء، ولغير ابن عساكر وأَبي ذر باب بالتنوين في الوضوء.
1 - باب مَا جَاءَ فِي َقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَبَيَّنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ فَرْضَ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً، وَتَوَضَّأَ أَيْضًا مَرَّتَيْنِ، وَثَلاَثًا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلاَثٍ.
وَكَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ الإِسْرَافَ فِيهِ، وَأَنْ يُجَاوِزُوا فِعْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
هذا ( باب ما جاء) من اختلاف العلماء ( في) معنى ( قول الله تعالى) : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} أي مع المرافق، ودلّ على دخولها في الغسل الإجماع، كما استدل به الشافعي في الأم، وفعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما رواه مسلم أن أبا هريرة توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم اليسرى حتى أشرع في العضد الحديث.
وفيه: ثم قال هكذا رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتوضأ، فثبت غسله عليه الصلاة والسلام لها، وفعله بيان للوضوء المأمور به ولم ينقل تركه ذلك، ودل عليه الآية أيضًا بجعل اليد التي هي حقيقة إلى المنكب، وقيل إلى الكوع مجازًا إلى المرفق مع جعل إلى للغاية الداخلة هنا في المغيا أو للمعية كما في { مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [الصف: 14] أو بجعل اليد باقية على حقيقتها إلى المنكب مع جعل إلى غاية للغسل أو للترك المقدّر كما قال بكلٍّ منهما جماعة، فعلى الأوّل منهما تدخل الغاية لا لكونها إذا كانت من جنس ما قبلها تدخل كما قيل لعدم اطّراده كما قال التفتازاني وغيره فإنها قد تدخل كما في قرأت القرآن إلى آخره، وقد لا تدخل كما في قرأت القرآن إلى سورة كذا، بل لقرينتي الإجماع والاحتياط للعبادة، قال المتولي: بناء على أنها حقيقة إلى المنكب لو اقتصر على قوله: { وأيديكم} لوجب غسل الجميع، فلما قال: { إلى المرافق} أخرج البعض عن الوجوب فما تحقّقنا خروجه تركناه وما شككنا فيه أوجبناه احتياطًا للعبادة انتهى.
المعنى اغسلوا أيديكم من رؤوس أصابعها إلى المرافق، وعلى الثاني تخرج الغاية، والمعنى اغسلوا أيديكم واتركوا منها إلى المرافق { وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} بالجر، وللأصيلي بالنصب { إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] هل فيه تقدير أو الأمر على ظاهره وعمومه، فقال بالأوّل الأكثرون وأنه مطلق أُريد به التقييد، والمعنى إذا أردتم القيام إلى الصلاة محدثين.
وقال الآخرون: بل الأمر على عمومه من غير تقدير حذف إلا أنه في حق المحدث واجب وفي حق غيره مندوب، وقيل كان ذلك في أول الأمر ثم نسخ فصار مندوبًا.
واستدلوا له بحديث عبد الله بن حنظلة الأنصاري أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمره بالوضوء لكل صلاة طاهرًا كان أو غير طاهر، فلما شق عليه وضع عنه الوضوء إلا من حدث رواه أبو داود وهو ضعيف لقوله عليه الصلاة والسلام: "المائدة من آخر القرآن نزولاً فأحلّوا حلالها وحرّموا حرامها" وافتتح المؤلف رحمه الله الباب بهذه الآية للتبرّك أو لأصالتها في استنباط مسائله وإن كان حق الدليل أن يؤخر عن المدلول لأن الأصل في الدعوى تقديم المدّعى، وعبّر عن إرادة الفعل في قوله: { إذا قمتم} بالفعل المسبب عنها للإيجاز والتنبيه على أن من أراد العبادة ينبغي له أن يبادر إليها بحيث لا ينفك الفعل عن الإرادة.
واختلف في موجب الوضوء فصحح في التحقيق والمجموع، وشرح مسلم الحدث والقيام إلى الصلاة معًا وبعضهم القيام إلى الصلاة، ويدل له حديث ابن عباس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة" رواه أصحاب السُّنن.
وقال الشيخ أبو علي: الحدث وجوبًا موسعًا وعليه يتمشى نيّة الفرضية قبل الوقت، ويجوز أن يقال ما يعني بها لزوم الإتيان ولهذا يصح من الصبي، بل المعنى إقامة طهارة الحدث المشروطة للصلاة وشروط الشيء تسمى فروضه، وهل الحدث يحل جميع البدن كالجنابة حتى يمنع من مس المصحف بظهره وبطنه، أو مختص بالأعضاء الأربعة؟ خلاف.
والأصح الثاني؟ ووقع في رواية الأصيلي ما جاء في قوله الله دون ما قبله، وفي فرع اليونينية كأصلها ما جاء في الوضوء.
وقال الله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إلى { الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] ولكريمة باب في الوضوء وقول الله الخ.
وفي نسخة صدر بها في فرع اليونينية عقب البسملة كتاب الطهارة باب ما جاء في الوضوء، وهو أنسب من السابق لأن الطهارة أعمّ من الوضوء، والكتاب الذي يذكر فيه نوع من الأنواع ينبغي أن يترجم بنوع عام حتى يشمل جميع ذلك، ولا بدَّ من التقييد بالماء لأن الطهارة تطلق على التراب كما قاله الشافعي، والطهارة بالفتح مصدر طهر بفتح الهاء وضمها والفتح أفصح يطهر بالفتح فيهما وهي لغة النظافة والخلوص من الأدناس حسيّة كالأنجاس أو معنوية كالعيوب يقال: تطهرت بالماء وهم قوم يتطهرون أي يتنزهون عن العيب وشرعًا، كما قال النووي في شرح المهذب رفع حدث أو إزالة نجس، أو ما في معناهما أو على صورتهما كالتيمم والاغتسالات المسنونة وتجديد الوضوء والغسلة الثانية والثالثة ومسح الأُذنين والمضمضة ونحوها من نوافل الطهارة وطهارة المستحاضة وسلس البول.
( قال أبو عبد الله) يعني البخاري مما سيأتي موصولاً ( وبيَّن) وفي رواية الأصيلي قال: وبين ( النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن فرض الوضوء) المجمل في الآية السابقة غسل الأعضاء ( مرة) للوجه ( مرة) لليد إلى آخره، فالتكرار لإرادة التفصيل والنصب على أنه مفعول مطلق أو على الحال السادّة مسدّ الخبر أي يفعل مرة.
وقال في الفتح: وهو في روايتنا بالرفع على الخبرية اهـ.
وهو أقرب الأوجه، والأوّل هو الذي في فرع اليونينية فقط.
( وتوضأ) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أيضًا) وضوءًا ( مرتين مرتين) كذا في رواية أبي ذر ولغيره مرتين بغير تكرار، ( و) توضأ عليه الصلاة والسلام أيضًا ( ثلاثًا) أي ثلاث مرات، وفي رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي وثلاثًا بالتكرار ( ولم يزد) عليه الصلاة والسلام ( على ثلاث) أي ثلاث مرات، بل ورد أنه ذم من زاد عليها كما في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عند أبي داود وغيره بإسناد جيد أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- توضأ ثلاثًا ثلاثًا ثم قال: "من زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم" أي ظلم بالزيادة بإتلاف الماء ووضعه في غير موضعه، وظاهره الذم بالنقص عن الثلاث وهو مشكل.
وأجيب: بأن فيه حذفًا تقديره من نقص من واحدة فقد أساء.
ويؤيده ما رواه نعيم بن حماد مرفوعًا: "الوضوء مرة ومرتين وثلاثًا فمن نقص من واحدة أو زاد على ثلاث فقد أخطأ".
وهو مرسل ورجاله ثقات.
وقال في المجموع عن الأصحاب وغيرهم: إنّ المعنى زاد على الثلاث أو نقص منها.
قال: واختلف أصحابنا في معنى أساء وظلم، فقيل: أساء في النقص وظلم في الزيادة.
فإن الظلم مجاوزة الحدود ووضع الشيء في غير محله، وقيل: عكسه لأن الظلم يستعمل بمعنى النقص لقوله تعالى: { آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف: 33] وقيل: أساء وظلم فيهما.
واختاره ابن الصلاح لأنه ظاهر الكلام اهـ.
وأجيب أيضًا: بأن الرواة لم يتفقوا على ذكر النقص فيه، بل أكثرهم اقتصر على قوله فمن زاد فقط كما رواه ابن خزيمة في صحيحه وغيره بل عدّ مسلم قوله أو نقص مما أنكر على عمرو بن شعيب، وإنما تحسب غسله إذا استوعب العضو فلو شك في العدد أثناء الوضوء، فقيل: يأخذ بالأكثر حذرًا من زيادة رابعة، والأصح بالأقل كالركعات والشك بعد الفراغ لا عبرة به على الأصح لئلا يؤدّيه الأمر إلى الوسوسة المذمومة، وفي رواية أبي ذر وابن عساكر على ثلاثة بالهاء، والأصل عدمها إذ المعدود مؤنث لكنه أوّله بأشياء، وفي أخرى على ثلاث.
( وكره أهل العلم) المجتهدون ( الإسراف فيه) كراهة تنزيه وهذا هو الأصح من مذهبنا وعبارة إمامنا الشافعي في الأم: لا أحب أن يزيد المتوضئ على ثلاث، فإن زاد لم أكرهه أي لم أحرمه لأنه قوله: لا أحب يقتضي الكراهة.
وقال أحمد وإسحاق وغيرهما: لا تجوز الزيادة على الثلاث، وقال ابن المبارك: لا آمن أن يأثم.
ثم عطف المؤلف على السابق لتفسيره قوله ( وأن يجاوزوا) أي أهل العلم ( فعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، فليس المراد بالإسراف إلا المجاوزة عن فعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الثلاث، وفي مصنف ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: ليس بعد الثلاث شيء.
2 - باب لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُور هذا ( باب) بالتنوين ( لا تقبل) بضم المثناةالفوقية على ما لم يسم فاعله ( صلاة) بالرفع نائب عنه.
وفي رواية بفرع اليونينية موافقة لما عند المؤلف في ترك الحيل لا يقبل الله صلاة ( بغير طهور) بضم الطاء الفعل الذي هو المصدر، والمراد به ما هو أعم من الوضوء والغسل وبفتحها الماء الذي يتطهر به.
وهذه الترجمة لفظ حديث ليس على شرط المؤلف رواه مسلم وغيره من حديث ابن عمر، وقد قال القاضي عياض في شرحه: إنه نص في وجوب الطهارة، وتعقبه أبو عبد الله الأبّي بأن الحديث إنما فيه أنها شرط في القبول والقبول أخصّ من الصحة وشرط الأخص لا يكون شرطًا في الأعم، وإنما كان القبول أخص لأن حصول الثواب على الفعل، والصحة وقوع الفعل مطابقًا للأمر فكل متقبل صحيح دون العكس، والذي ينتفي بانتفاء الشرط الذي هو الطهارة القبول لا الصحة، وإذا لم تنتف الصحة لم يتم الاستدلال بالحديث، والفقهاء يحتجون به وفيه من البحث ما سمعت.
فإن قلت إذا فسرت الصحة بأنها وقوع الفعل مطابقًا للأمر فالقواعد تدل على أن الفعل إذا وقع مطابقًا للأمر كان سببًا في حصول الثواب، قلت: غرضنا إبطال التمسك بالحديث من قبل االشرطية وقد اتّضح، ثم نمنع أنها سبب في حصول الثواب لأن الأعم ليس سببًا في حصول أخصه المعين انتهى.
ويجاب بأن المراد بالقبول هنا ما يرادف الصحة وهو الأجزاء، وحقيقة القبول ثمرة وقوع الطاعة مجزئة رافعة لما في الذمة، ولما كان الإتيان بشروطها مظنة الأجزاء الذي القبول ثمرته عبّر عنه بالقبول مجازًا لأن الغرض من الصحة مطابقة العبادة للأمر، وإذا حصل ذلك ترتب عليه القبول، وإذا انتفى القبول انتفت الصحة لما قام من الأدلة على كون القبول من لوازمها، فإذا انتفى انتفت.
وأما القبول النفي في نحو قوله: من أتى عرّافًا لم يقبل له صلاة فهو الحقيقي لأنه قد يصح العمل ويتخلّف القبول، ولهذا كان بعض السلف يقول لأن تقبل لي صلاة واحدة أحبّ إلي من جميع الدنيا.
قال ابن عمر: لأن الله تعالى قال: { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين} [المائدة: 27] .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَه
( باب من أجاب السائل بأكثر) وفي رواية ابن عساكر أكثر ( مما سأله) فلا يلزم مطابقة الجواب للسؤال بل إذا كان السؤال خاصًّا والجواب عامًّا جاز وأما ما وقع في كلام كثير من أهل الأصول أنَّ الجواب يجب أن يكون مطابقًا للسؤال.
فليس المراد بالمطابقة عدم الزيادة، بل المراد أن الجواب يكون مفيدًا للحكم المسؤول عنه ولفظ باب سقط عند الأصيلي.



[ قــ :133 ... غــ : 134 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ فَقَالَ: «لاَ يَلْبَسِ الْقَمِيصَ وَلاَ الْعِمَامَةَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ وَلاَ الْبُرْنُسَ وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الْوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ».
[الحديث 134 - أطرافه في: 366، 1542، 1838، 1842، 5794، 5803، 5805، 5806، 5847، 5852] .

وبالسند إلى المؤلف رحمه الله قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس ( قال: حدّثنا ابن أبي ذئب) بكسر الذال المعجمة والهمزة الساكنة واسمه محمد بن عبد الرحمن المدني ( عن نافع) مولى ابن عمر رضي الله عنهما ( عن ابن عمر) رضي الله عنهما، ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وعن الزهري)
محمد بن مسلم ( عن سالم) هو ابن عبد الله ( عن ابن عمر) بضم العين وهو والد سالم ( عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي والزهري بإسقاط حرف الجر وكلاهما عطف على قوله عن نافع عن ابن عمر فهما إسنادان أحدهما عن آدم عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر، والآخر عن آدم عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن ابن عمر، وفي بعض النسخ ح للتحويل قبل، وعن الزهري:
( أن رجلاً) لم أعرف اسمه ( سأله) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ما يلبس المحرم) بفتح المثناة التحتية والموحدة مضارع لبس بكسر الموحدة ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( لا يلبس) بفتح الأوّل والثالث ويجوز ضم السين على أن لا نافية وكسرها على أنها ناهية، والأوّل لأبي ذر ( القميص ولا العمامة) بكسر العين ( ولا السراويل ولا البرنس) بضم الموحدة والنون ( ولا ثوبًا مسّه الورس) بفتح الواو وسكون الراء آخره مهملة نبت أصفر من اليمن يصبغ به ( أو الزعفران) بفتح الزاي والفاء للأصيلي مسّه الزعفران أو الورس ( فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفّين وليقطعهما) بكسر اللام وسكونها عطف على فليلبس ( حتى) أن ( يكونا) أي غاية قطعهما ( تحت الكعبين) .


فإن قلت: السؤال قد وقع عما يلبس فكيف أجابه عليه السلام بما لا يلبس؟ أجيب: بأن هذا من بديع كلامه عليه الصلاة السلام وفصاحته لأن المتروك منحصر بخلاف الملبوس، لأن الإباحة هي الأصل فحصر ما يترك ليبيّن أن ما سواه مباح انتهى.

وفي هذا الحديث السؤال عن حالة الاختيار فأجابه عليه الصلاة والسلام عنها وزاده حالة الاضطرار في قوله: فإن لم يجد النعلين وليست أجنبية عن السؤال لأن حالة السفر تقتضي ذلك، وتأتي مباحث الحديث إن شاء الله تعالى في الحج بعون الله وقوته وفضله ومنّته.
وهذا آخر أحاديث كتاب العلم وعدة المرفوع منها مائة حديث وثلاثة أحاديث.

ولما فرغ المؤلف من ذكر أحاديث الوحي الذي هو مادة الأحكام الشرعية وعقبه بالإيمان ثم بالعلم شرع يذكر أقسام العبادات مرتبًا لذلك على ترتيب حديث الصحيحين "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمدًا رسول الله، وأقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم

رمضان" قدم الصلاة بعد الشهادتين على غيرها لكونها أفضل العبادات بعد الإيمان، وابتدأ المؤلف بالطهارة لأنها مفتاح الصلاة كما في حديث أبي داود بإسناد صحيح ولأنها أعظم شروطها، والشرط مقدّم على المشروط طبعًا فقدّم عليه وضعًا فقال:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ من أجَاب السَّائِل بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ)
أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان من أجَاب الشَّخْص الَّذِي سَأَلَ عَنهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ اشْتِمَال كل مِنْهُمَا على السُّؤَال وَالْجَوَاب وَهُوَ ظَاهر
[ قــ :133 ... غــ :134 ]
- ( حَدثنَا آدم قَالَ حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَعَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا سَأَلَهُ مَا يلبس الْمحرم فَقَالَ لَا يلبس الْقَمِيص وَلَا الْعِمَامَة وَلَا السَّرَاوِيل وَلَا الْبُرْنُس وَلَا ثوبا مَسّه الورس أَو الزَّعْفَرَان فَإِن لم يجد النَّعْلَيْنِ فليلبس الْخُفَّيْنِ وليقطعهما حَتَّى يَكُونَا تَحت الْكَعْبَيْنِ)
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله فَإِن لم يجد النَّعْلَيْنِ فليلبس الْخُفَّيْنِ إِلَى آخِره لِأَن هَذَا الْمِقْدَار زَائِد على السُّؤَال وَقيل أَنه نبه على مَسْأَلَة أصولية وَهِي أَن اللَّفْظ يحمل على عُمُومه لَا على خُصُوص السَّبَب لِأَنَّهُ جَوَاب وَزِيَادَة فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَن مُطَابقَة الْجَواب للسؤال حِين يكون عَاما أما إِذا كَانَ السُّؤَال خَاصّا فَغير لَازم لَا سِيمَا إِذا كَانَ الزَّائِد لَهُ تعلق.
( بَيَان رِجَاله) وهم سِتَّة كلهم ذكرُوا.
وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس وَابْن أبي ذِئْب بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وبالهمزة الساكنة هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْمدنِي وَنَافِع هُوَ مولى ابْن عمر.
وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُم وَهنا إسنادان أَحدهمَا عَن آدم عَن ابْن أبي ذِئْب عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَالْآخر عَن آدم عَن ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر.
وَقَوله وَعَن الزُّهْرِيّ عطف على قَوْله عَن نَافِع وَفِي بعض النّسخ وَقع لَفْظَة ( ح) قبل قَوْله وَعَن الزُّهْرِيّ إِشَارَة إِلَى التَّحْوِيل من إِسْنَاد إِلَى إِسْنَاد آخر قبل ذكر الْمَتْن ( بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والعنعنة.
وَمِنْهَا أَن رُوَاته كلهم مدنيون مَا خلا آدم وَمِنْهَا مَا قيل أصح الْأَسَانِيد الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَنسب هَذَا القَوْل إِلَى أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله.
وَمِنْهَا أَن فِيهِ رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ وهما الزُّهْرِيّ وَسَالم.
( بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ من طَرِيق نَافِع هَهُنَا عَن آدم عَن ابْن أبي ذِئْب عَنهُ بِهِ وَمن طَرِيق سَالم هَهُنَا أَيْضا عَن آدم عَن ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم بِهِ وَفِي اللبَاس أَيْضا عَن آدم عَنهُ بِهِ وَفِي الصَّلَاة عَن عَاصِم بن عَليّ عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه مُسلم عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَأَبُو دَاوُد عَن عبد الله بن مسلمة عَن مَالك وَابْن مَاجَه عَن أبي مُصعب عَن مَالك وَالنَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَعمر بن عَليّ كِلَاهُمَا عَن يزِيد عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمر بن نَافِع عَن أَبِيه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا ( بَيَان اللُّغَات) قَوْله لَا يلبس من اللّبْس بِضَم اللَّام يُقَال لبس الثَّوْب يلبس من بابُُ علم يعلم وَأما اللّبْس بِالْفَتْح فَهُوَ من بابُُ ضرب يضْرب يُقَال لبست عَلَيْهِ الْأَمر البس بِالْفَتْح فِي الْمَاضِي وَالْكَسْر فِي الْمُسْتَقْبل إِذا خلطت عَلَيْهِ وَمِنْه التباس الْأَمر وَهُوَ اشتباهه قَوْله الْعِمَامَة بِكَسْر الْعين قَالَ الْجَوْهَرِي الْعِمَامَة وَاحِدَة العمائم وعممته ألبسته الْعِمَامَة وعمم الرجل سود لِأَن العمائم تيجان الْعَرَب كَمَا قيل فِي الْعَجم توج واعتم بالعمامة وتعمم بهَا بِمَعْنى وَفُلَان حسن الْعمة أَي الاعتمام قَوْله وَلَا السَّرَاوِيل قَالَ الْكرْمَانِي السَّرَاوِيل أَعْجَمِيَّة عربت وَجَاء على لفظ الْجمع وَهُوَ وَاحِد تذكر وتؤنث وَلم يعرف الْأَصْمَعِي فِيهَا إِلَّا التَّأْنِيث وَيجمع على السراويلات وَقد يُقَال هُوَ جمع ومفرده سروالة قَالَ الشَّاعِر
( عَلَيْهِ من اللؤم سروالة ... فَلَيْسَ يرق لمستضعف)
وَهُوَ غير منصرف على الْأَكْثَر.

     وَقَالَ  سِيبَوَيْهٍ سَرَاوِيل وَاحِدَة وَهِي أَعْجَمِيَّة فأعربت فَأَشْبَهت فِي كَلَامهم مَا لَا ينْصَرف فِي معرفَة وَلَا نكرَة فَهِيَ مصروفة فِي النكرَة.

     وَقَالَ  وَإِن سميت بهَا رجلا لم تصرفها وَمن النَّحْوِيين من لَا يصرفهُ أَيْضا فِي النكرَة وَيَزْعُم أَنه جمع سروال وسروالة ويحتج فِي ترك صرفه بقوله ابْن الرُّومِي
( فنحى فَارسي فِي سَرَاوِيل رامح ... )
وَالْعَمَل على القَوْل الأول وَالثَّانِي أقوى وسرولته ألبسته السَّرَاوِيل فتسرول قَوْله وَلَا الْبُرْنُس بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء وَضم النُّون وَهُوَ ثوب رَأسه مِنْهُ ملتزق بِهِ وَقيل قلنسوة طَوِيلَة وَكَانَ النساك يلبسونها فِي صدر الْإِسْلَام وَهُوَ من البرس بِكَسْر الْبَاء وَهُوَ الْقطن وَالنُّون زَائِدَة وَقيل غير عَرَبِيّ.

     وَقَالَ  ابْن حزم كل مَا جب فِيهِ مَوضِع لإِخْرَاج الرَّأْس مِنْهُ فَهُوَ جُبَّة فِي لُغَة الْعَرَب وكل مَا خيط أَو نسج فِي طَرفَيْهِ ليتمسك على اللابسين فَهُوَ برنس كالغفارة وَنَحْوهَا وَيُقَال هُوَ ثوب رَأسه مُتَّصِل بِهِ من دراعة أَو جُبَّة أَو ممطر أَو غَيره قَوْله الورس بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الرَّاء وَفِي آخِره سين مُهْملَة وَهُوَ نبت أصفر يكون بِالْيمن تصبغ بِهِ الثِّيَاب ويتخذ مِنْهُ الغمرة للْوَجْه.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي الورس يزرع بِالْيمن زرعا وَلَا يكون بِغَيْر الْيمن وَلَا يكون مِنْهُ شَيْء بريا ونباته مثل حب السمسم فَإِذا جف عِنْد إِدْرَاكه يفتق فينفض مِنْهُ الورس ويزرع سنة فيجلس عشر سِنِين أَي يُقيم فِي الأَرْض ينْبت ويثمر وَفِيه جنس يُسمى بالحبشي وَفِيه سَواد وَهُوَ أكبر الورس وللعرعر ورس وللريث ورس.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة لست أعرفهُ بِغَيْر أَرض الْعَرَب وَلَا من أَرض الْعَرَب غير بِلَاد الْيمن.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي ثَلَاثَة أَشْيَاء لَا تكون إِلَّا بِالْيمن وَقد مَلَأت الأَرْض الورس واللبان والعصب وَأَخْبرنِي ابْن بنت عبد الرَّزَّاق.

     وَقَالَ  الورس عندنَا بِالْيمن بجفاش وملجان وطمام وسحبان والرقعة وَجَوَاز وهوزن وجبال ابْن أبي جَعْفَر كلهَا وَيُقَال لَهُ الحض.

     وَقَالَ  ابْن بيطار فِي جَامعه يُؤْتى بالورس من الصين واليمن والهند وَلَيْسَ بنبات يزرع كَمَا زعم من زعم وَهُوَ يشبه زهر العصفر وَمِنْه شَيْء يشبه نشارة البابُونج وَمِنْه شَيْء يشبه البنفسج وَيُقَال أَن الكركم عروقه انْتهى يُقَال أورس الْمَكَان وورست الثَّوْب توريسا صبغته بالورس وريسته صبغته بالورس قَوْله والزعفران بِفَتْح الزَّاي وَالْفَاء جمعه زعافر وَهُوَ اسْم أعجمي وَقد صرفته الْعَرَب يُقَال ثوب مزعفر وَقد زعفر ثَوْبه يزعفره زعفرة.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي لَا أعلمهُ ينْبت بِشَيْء من أَرض الْعَرَب وَفِي كتاب الطِّبّ للمفضل بن سَلمَة يُقَال أَن الكركم عروق الزَّعْفَرَان.

     وَقَالَ  مورج يُقَال لورق الزَّعْفَرَان الفيد وَمِنْه يُسمى مورج أبافيد قَوْله النَّعْلَيْنِ تَثْنِيَة نعل وَهُوَ الْحذاء بِكَسْر الْحَاء وبالمد يُقَال احتذى إِذا انتعل وَهِي مُؤَنّثَة قَوْله الْكَعْبَيْنِ تَثْنِيَة كَعْب وَالْمرَاد بِهِ هَهُنَا هُوَ الْمفصل الَّذِي فِي وسط الْقدَم عِنْد معقد الشرَاك لَا الْعظم الناتىء عِنْد مفصل السَّاق فَإِنَّهُ فِي بابُُ الْوضُوء ( بَيَان الْإِعْرَاب) قَوْله سَأَلَهُ جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر أَن قَوْله مَا يلبس كلمة مَا استفهامية أَو مَوْصُولَة أَو مَوْصُوفَة فِي مَحل النصب على أَنه مفعول ثَان لسأل قَوْله فَقَالَ عطف على سَأَلَهُ قَوْله لَا يلبس يجوز بِضَم السِّين على أَن تكون لَا نَافِيَة وبكسرها على أَن تكون لَا ناهية والقميص بِالنّصب مَفْعُوله وَمَا بعده من الْمَذْكُورَات معطوفات عَلَيْهِ قَوْله وَلَا ثوبا بِالنّصب وروى وَلَا ثوب بِالرَّفْع فوجهه أَن يكون مَرْفُوعا بِتَقْدِير فعل مَا لم يسم فَاعله أَي وَلَا يلبس ثوب قَوْله مَسّه فعل ومفعول والورس بِالرَّفْع فَاعله وَالْجُمْلَة فِي مَحل النصب أَو الرّفْع صفة للثوب قَوْله فليلبس الْخُفَّيْنِ جَوَاب الشَّرْط فَلذَلِك دخله الْفَاء قَوْله وليقطعهما بِكَسْر اللَّام وسكونها وَهُوَ عطف على قَوْله فليلبس فَإِن قلت اللّبْس بعد الْقطع فَكيف وَجه هَذَا الْعَطف قلت الْوَاو لَا تدل على التَّرْتِيب وَمَعْنَاهَا الشّركَة وَالْجمع مُطلقًا من غير دلَالَة على تَقْدِيم أَو مصاحبة وَلِهَذَا صَحَّ جَاءَ زيد وَبكر قبله وَعَمْرو مَعَه وخَالِد بعده.

     وَقَالَ  تَعَالَى فِي سُورَة الْبَقَرَة { وادخلوا الْبابُُ سجدا وَقُولُوا حطة} وَفِي الْأَعْرَاف { وَقُولُوا حطة وادخلوا الْبابُُ سجدا} والقصة وَاحِدَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ الْوَاو للشَّرِكَة تَقول مَرَرْت بِرَجُل وحمار وَلم يفد تَقْدِيم رجل فِي الْمَعْنى شَيْئا وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء فِي اللَّفْظ فكأنك قلت مَرَرْت بهما قَوْله حَتَّى يَكُونَا التَّقْدِير حَتَّى أَن يَكُونَا وَكلمَة حَتَّى للغاية وَالْمعْنَى حَتَّى يكون غَايَته الْقطع تَحت الْكَعْبَيْنِ ( بَيَان الْمعَانِي) قَوْله مَا يلبس الْمحرم قَالَ الْمَازرِيّ وَغَيره سُئِلَ عَمَّا يلبس فَأجَاب بِمَا لَا يلبس لِأَن الْمَتْرُوك منحصر والملبوس لَا ينْحَصر لِأَن الْإِبَاحَة هِيَ الأَصْل فحصر مَا يتْرك ليبين أَن مَا سواهُ مُبَاح وَهَذَا من بديع كَلَامه وجزله وفصاحته قلت وَفَائِدَة أُخْرَى وَهُوَ مُرَاعَاة الْمَفْهُوم فَإِنَّهُ لَو أجَاب بِمَا يلبس لتوهم الْمَفْهُوم وَهُوَ أَن غير الْمحرم لَا يلْبسهُ فانتقل إِلَى مَا لَا يلْبسهُ لِأَن مَفْهُومه ومنطوقه مُسْتَعْمل فَكَانَ أفْصح وأبلغ وأوجه وَقد أُجِيب بِأَن السُّؤَال كَانَ من حَقه أَن يكون عَمَّا لَا يلبس لِأَن الحكم الْعَارِض الْمُحْتَاج إِلَى الْبَيَان هُوَ الْحُرْمَة وَأما جَوَاز مَا يلبس فثابت فِي الأَصْل مَعْلُوم بالاستصحاب فَلذَلِك أَتَى بِالْجَوَابِ على وَفقه تَنْبِيها عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  القَاضِي عِيَاض أجمع الْمُسلمُونَ على أَن مَا ذكر فِي الحَدِيث لَا يلْبسهُ الْمحرم وَأَنه نبه بالقميص والسراويل على كل مخيط فنبه بالسراويل على كل مَا يعم الْعَوْرَة من الْمخيط وبالعمائم والبرانس على كل مَا يغطى بِهِ الرَّأْس مخيطا أَو غَيره وبالخفاف على مَا يستر الرجل وَإِن لِبَاس ذَلِك جَائِز للرِّجَال فِي غير الْإِحْرَام لِأَن الْخطاب إِنَّمَا كَانَ لَهُم وَلِأَن النِّسَاء مأمورات بستر رُؤْسهنَّ قلت وَفِي عطف البرانس على الْعِمَامَة دَلِيل على أَن الْمحرم يَنْبَغِي أَن لَا يُغطي رَأسه بالمعتاد وَغَيره وَكَذَا نبه بالورس والزعفران على مَا سواهُمَا من أَنْوَاع الطّيب وَهُوَ حرَام على الرجل وَالْمَرْأَة فَإِن قلت مَا تقدم عَلَيْهِ وَمَا تَأَخّر عَنهُ خَاص بِالرِّجَالِ فَمن أَيْن علم عُمُومه وخصوصهما قلت الْخُصُوص من حَيْثُ أَن الْأَلْفَاظ كلهَا للمذكرين وَأما الْعُمُوم فَمن الْأَدِلَّة الْخَارِجَة عَن هَذَا الحَدِيث وَلَو كَانَت الرِّوَايَة بِرَفْع وَلَا ثوب فَالْجَوَاب أظهر قَالَ الْعلمَاء وَالْحكمَة فِي تَحْرِيم اللبَاس الْمَذْكُور على الْمحرم أَن يبعد من الترفه ويتصف بِصفة الخاشع الذَّلِيل وليتذكر أَنه محرم فِي كل وَقت فَيكون أقرب إِلَى كَثْرَة أذكاره وأبلغ فِي مراقبته وصيانته لعبادته وامتناعه من ارْتِكَاب الْمَحْظُورَات وليتذكر بِهِ الْمَوْت ولباس الأكفان والبعث يَوْم الْقِيَامَة حُفَاة عُرَاة مهطعين إِلَى الدَّاعِي وَالْحكمَة فِي تَحْرِيم الطّيب أَن يبعد من زِينَة الدُّنْيَا وَلِأَنَّهُ دَاع إِلَى الْجِمَاع وَلِأَنَّهُ يُنَافِي الْحَاج فَإِنَّهُ أَشْعَث أغبر ومحصله إِرَادَة أَن يجمع همه لمقاصد الْآخِرَة قَوْله وَلَا ثوبا مَسّه الورس فَإِن قلت فَلم عدل عَن طَريقَة أخواته قلت لِأَن الطّيب حرَام على الرجل وَالْمَرْأَة فَأَرَادَ أَن يعمم الحكم للْمحرمِ والمحرمة بِخِلَاف الثِّيَاب الْمَذْكُورَة فَإِنَّهَا حرَام على الرِّجَال فَقَط قَوْله فليقطعهما قَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قلت فَإِذا فقد النَّعْل فَهَل يجب لبس الْخُف الْمَقْطُوع لِأَن ظَاهر الْأَمر الْوُجُوب قلت لَا إِذْ هُوَ شرع للتسهيل فَلَا يُنَاسب التثقيل قلت هَذَا الَّذِي ذكره لَيْسَ مَذْهَب إِمَامه فَإِن الْقطع وَاجِب بِظَاهِر الْأَمر عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء إِلَّا أَن أَحْمد جوزه بِدُونِ الْقطع وَزعم أَصْحَابه أَن الْقطع إِضَاعَة وَهُوَ القَوْل بِالرَّأْيِ بِعَيْنِه ومنازعة السّنة بِهِ وَأوجب أَبُو حنيفَة الْفِدْيَة على من لم يقطعهُ ( بَيَان استنباط الْأَحْكَام) الأول قَالَ ابْن بطال فِيهِ من الْفِقْه أَنه يجوز للْعَالم إِذا سُئِلَ عَن الشَّيْء أَن يُجيب بِخِلَافِهِ إِذا كَانَ فِي جَوَابه بَيَان مَا يسْأَل عَنهُ وَأما الزِّيَادَة على السُّؤَال فَحكم الْخُف وَإِنَّمَا زَاد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لعلمه بِمَشَقَّة السّفر وَمِمَّا يلْحق النَّاس من الحفي بِالْمَشْيِ رَحْمَة لَهُم وَلذَلِك يجب على الْعَالم أَن يُنَبه النَّاس فِي الْمسَائِل على مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ ويتسعون فِيهِ مَا لم يكن ذَرِيعَة إِلَى ترخيص شَيْء من حُدُود الله تَعَالَى الثَّانِي فِيهِ بَيَان حُرْمَة لبس الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة على الْمحرم وَهَذَا إِجْمَاع الثَّالِث فِيهِ حُرْمَة لبس الثَّوْب الَّذِي مَسّه ورس أَو زعفران وَأطلق حرمته جمَاعَة مِنْهُم مُجَاهِد وَهِشَام بن عُرْوَة وَعُرْوَة بن الزبير وَمَالك فِي رِوَايَة ابْن الْقَاسِم عَنهُ فَإِنَّهُم قَالُوا كل ثوب مَسّه ورس وزعفران لَا يجوز لبسه للْمحرمِ سَوَاء كَانَ مغسولا أَو لم يكن لإِطْلَاق الحَدِيث وَإِلَيْهِ ذهب ابْن حزم الظَّاهِرِيّ وَخَالفهُم جمَاعَة وهم سعيد بن جُبَير وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَطَاوُس وَقَتَادَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَأَبُو ثَوْر فَإِنَّهُم أَجَازُوا للْمحرمِ لبس الثَّوْب الْمَصْبُوغ بالورس أَو الزَّعْفَرَان إِذا كَانَ غسيلا لَا ينفض لِأَنَّهُ ورد فِي حَدِيث ابْن عمر الْمَذْكُور إِلَّا أَن يكون غسيلا وَأورد هَذِه الزِّيَادَة الطَّحَاوِيّ فِي مَعَاني الْآثَار قَالَ حَدثنَا يحيى بن عبد الحميد قَالَ حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة ح وَحدثنَا ابْن أبي عمرَان قَالَ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن صَالح الْأَزْدِيّ قَالَ حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن عبيد الله بن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الحَدِيث الْمَذْكُور وَزَاد إِلَّا يكون غسيلا قَالَ ابْن أبي عمرَان رَأَيْت يحيى بن معِين وَهُوَ يتعجب من الْحمانِي إِذْ يحدث بِهَذَا الحَدِيث فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن هَذَا عِنْدِي ثمَّ وثب من فوره فجَاء بِأَصْلِهِ فَأخْرج مِنْهُ هَذَا الحَدِيث عَن أبي مُعَاوِيَة كَمَا ذكره يحيى الْحمانِي فَكتب عَنهُ يحيى بن معِين فقد ثَبت بِمَا ذكرنَا اسْتثِْنَاء رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الغسيل مِمَّا قد مَسّه ورس أَو زعفران انْتهى كَلَامه فَإِن قلت قَالَ ابْن حزم وَلَا نعلمهُ صَحِيحا.

     وَقَالَ  أَحْمد بن حَنْبَل أَبُو مُعَاوِيَة مُضْطَرب الحَدِيث فِي أَحَادِيث عبيد الله وَلم يَجِيء بِهَذَا أحد غَيره إِلَّا أَن يكون غسيلا قلت هَذَا يحيى بن معِين كَانَ أَولا يُنكر على يحيى بن عبد الحميد الْحمانِي يَقُول كَيفَ يحدث بِهَذَا الحَدِيث ثمَّ لما قَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن صَالح الْأَزْدِيّ هَذَا الحَدِيث عِنْدِي وَأخرج لَهُ من أَصله عَن أبي مُعَاوِيَة كَمَا ذكره الْحمانِي بِهَذِهِ الزِّيَادَة كتب عَنهُ يحيى بن معِين وَكفى حجَّة لصِحَّة هَذِه الزِّيَادَة شَهَادَة عبد الرَّحْمَن وَكِتَابَة يحيى بن معِين وَرِوَايَة أبي مُعَاوِيَة وَأَبُو مُعَاوِيَة ثِقَة ثَبت وَقَول ابْن حزم وَلَا نعلمهُ صَحِيحا نفى علمه بِصِحَّتِهِ وَهَذَا لَا يسْتَلْزم نفي صِحَّته فِي علم غَيره فَافْهَم الرَّابِع فِيهِ جَوَاز لبس الْخُفَّيْنِ إِذا لم يجد النَّعْلَيْنِ وَلَكِن بِشَرْط قطعهمَا فالجمهور على وجوب الْقطع كَمَا ذكرنَا وَجوزهُ أَحْمد بِغَيْر قطع وَهُوَ مَذْهَب عَطاء أَيْضا واستدلا فِي ذَلِك بِظَاهِر حَدِيث جَابر أخرجه مُسلم من لم يجد نَعْلَيْنِ فليلبس خُفَّيْنِ وَبِحَدِيث ابْن عَبَّاس أخرجه البُخَارِيّ وَمن لم يجد نَعْلَيْنِ فليلبس خُفَّيْنِ وَاخْتلف الْعلمَاء فِي هذَيْن الْحَدِيثين أَعنِي حَدِيث ابْن عمر الْمَذْكُور وَحَدِيث ابْن عَبَّاس وَجَابِر فَزعم أَصْحَاب أَحْمد أَن حَدِيث ابْن عَبَّاس وَجَابِر نَاسخ لحَدِيث عبد الله بن عمر بِالْقطعِ لِأَنَّهُ إِضَاعَة مَال.

     وَقَالَ  الْجُمْهُور الْمُطلق مَحْمُول على الْمُقَيد وَزِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة والإضاعة إِنَّمَا تكون فِيمَا نهى عَنهُ أما مَا ورد الشَّرْع بِهِ فَلَيْسَ إِضَاعَة بل هُوَ حق يجب الْإِيمَان بِهِ وادعاء النّسخ ضَعِيف جدا فَإِن قلت قَالَ ابْن قدامَة يحْتَمل أَن يكون الْأَمر بقطعهما قد نسخ فَإِن عَمْرو بن دِينَار روى الْحَدِيثين جَمِيعًا.

     وَقَالَ  انْظُرُوا أَيهمَا كَانَ قبل.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي حَدِيث ابْن عمر قبل لِأَنَّهُ قد جَاءَ فِي بعض رواياته نَادَى رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد يَعْنِي فِي الْمَدِينَة فَكَأَنَّهُ كَانَ قبل الْإِحْرَام وَحَدِيث ابْن عَبَّاس يَقُول سمعته يخْطب بِعَرَفَات الحَدِيث فَيدل على تَأَخره عَن حَدِيث ابْن عمر فَيكون نَاسِخا لَهُ لِأَنَّهُ لَو كَانَ الْقطع وَاجِبا لبينه للنَّاس إِذْ لَا يجوز تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة إِلَيْهِ قلت يُفَسر هَذَا كُله مَا ذكره ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه عَن ابْن عَبَّاس سَمِعت النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَهُوَ يخْطب وَيَقُول السَّرَاوِيل لمن لَا يجد الْإِزَار وَحدثنَا أَحْمد بن الْمِقْدَاد حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِذَاكَ الْمَكَان فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا يلبس الْمحرم الحَدِيث كَأَنَّهُ يُشِير بذلك الْمَكَان إِلَى عَرَفَات فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على مَا ذَكرُوهُ وادعوه من النّسخ وَالله أعلم فَإِن قلت قد قيل أَن قَوْله وليقطعهما من كَلَام نَافِع وَكَذَا فِي أمالي أبي قَاسم بن بشر بِسَنَد صَحِيح أَن نَافِعًا قَالَ بعد رِوَايَته لهَذَا الحَدِيث وليقطع الْخُفَّيْنِ أَسْفَل الْكَعْبَيْنِ وَذكر ابْن الْعَرَبِيّ وَابْن التِّين أَن جَعْفَر بن برْقَان قَالَ فِي رِوَايَته قَالَ نَافِع وَيقطع الخفان أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ روى حَدِيث ابْن عمر مَالك وَعبيد الله وَأَيوب فِي آخَرين فوقفوه على ابْن عمر وَحَدِيث ابْن عَبَّاس سَالم من الْوَقْف مَعَ مَا عضده من حَدِيث جَابر وَقد أَخذ بِحَدِيث عمر وَعلي وَسَعِيد وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم ثمَّ أَنا نحمل قَوْله وليقطعهما على الْجَوَاز من غير كَرَاهَة لأجل الْإِحْرَام وَينْهى عَن ذَلِك فِي غير الْإِحْرَام لما فِيهِ من الْفساد قلت قَالَ أَبُو عمر قد اتّفق الْحفاظ من أَصْحَاب مَالك على لَفْظَة وليقطعهما أَنَّهَا من لفظ الحَدِيث وَأما جَعْفَر بن برْقَان فَوَهم فِيهِ فِي موضِعين.
الأول جعله هَذَا من قَول نَافِع أَنه قَالَ فِيهِ من لم يجد إزارا فليلبس سَرَاوِيل وَلَيْسَ هَذَا حَدِيث ابْن عمر.
وَالثَّانِي جعله هَذَا مَوْقُوفا وَقد روى أَحْمد بن حَنْبَل حَدِيث ابْن عمر مَرْفُوعا وَفِيه ذكر الْقطع.

     وَقَالَ  لَيْسَ نجد أحدا رَفعه غير زُهَيْر قَالَ وَكَانَ زُهَيْر من معادن الصدْق ذكره عَنهُ الْمَيْمُونِيّ الْخَامِس قَوْله فِي هَذَا الحَدِيث وَلَا السَّرَاوِيل أطلق الْمَنْع فِيهِ وَجَاء فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس إِبَاحَة لبس السَّرَاوِيل لمن لم يجد الْإِزَار بقوله من لم يجد إزارا فليلبس السَّرَاوِيل فَأخذ بِهِ الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور مِنْهُم عَطاء وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَق وَدَاوُد وَمنعه أَبُو حنيفَة وَمَالك قَالَ فالشافعي أَخذ بِظَاهِر الحَدِيث وَأَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَقُول إِن هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِحجَّة علينا وَلَا نَحن نخالفه وَلَا تركنَا الْعَمَل بِهِ فَنحْن أَيْضا نقُول بِهِ ونجوز لبس السَّرَاوِيل للضَّرُورَة كَمَا جوزتم أَنْتُم وَلَكنَّا نقيد الْجَوَاز بِالْكَفَّارَةِ فَإِذا لبس وَجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يدل على نفي وجوب الْكَفَّارَة غَايَة مَا فِي الْبابُُ الَّذِي يدل عَلَيْهِ الحَدِيث جَوَاز لبس الْخُفَّيْنِ عِنْد عدم النَّعْلَيْنِ وَجَوَاز لبس السَّرَاوِيل عِنْد عدم الْإِزَار ثمَّ أَوجَبْنَا عَلَيْهِ الْكَفَّارَة لدلائل أُخْرَى دلّت عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  أَبُو عمر فِي التَّمْهِيد وَأَجْمعُوا أَن الْمحرم إِذا وجد إزارا لم يجز لَهُ لبس السَّرَاوِيل وَاخْتلفُوا فِيهِ إِذا لم يجد الْإِزَار هَل يلبس السَّرَاوِيل وَإِن لبسهَا على ذَلِك هَل عَلَيْهِ فديَة أم لَا فَكَانَ مَالك وَأَبُو حنيفَة يريان على من لبس السَّرَاوِيل وَهُوَ محرم الْفِدْيَة وَسَوَاء عِنْد مَالك وجد الْإِزَار أَو لم يجد وَفِي الْبَدَائِع الْمحرم إِذا لم يجد الْإِزَار وَأمكنهُ فتق السَّرَاوِيل والتستر فِيهِ فتقه فَإِن لبسه وَلم يفتقه فَعَلَيهِ دم فِي قَول أَصْحَابنَا.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي يلْبسهُ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن لم يجد رِدَاء وَله قَمِيص فَلَا بَأْس أَن يشق قَمِيصه ويرتدي بِهِ لِأَنَّهُ لما شقَّه صَار بِمَنْزِلَة الرِّدَاء وَكَذَا إِذا لم يجد إزارا فَلَا بَأْس أَن يفتق سراويله خلاف مَوضِع التكة ويأتزر بِهِ لِأَنَّهُ إِذا فتقه صَار بِمَنْزِلَة الْإِزَار وَالله أعلم بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم