هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1274 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ح حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ ، فَلَهُ قِيرَاطٌ ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ ، قِيلَ : وَمَا القِيرَاطَانِ ؟ قَالَ : مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1274 حدثنا عبد الله بن مسلمة ، قال : قرأت على ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبيه ، أنه سأل أبا هريرة رضي الله عنه ، فقال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، ح حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد ، قال : حدثني أبي ، حدثنا يونس ، قال ابن شهاب : وحدثني عبد الرحمن الأعرج ، أن أبا هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شهد الجنازة حتى يصلي ، فله قيراط ، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان ، قيل : وما القيراطان ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ ، فَلَهُ قِيرَاطٌ ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ ، قِيلَ : وَمَا القِيرَاطَانِ ؟ قَالَ : مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ .

Narrated Abu Huraira:

that Allah's Messenger (ﷺ) (p.b.u.h) said, Whoever attends the funeral procession till he offers the funeral prayer for it, will get a reward equal to one Qirat, and whoever accompanies it till burial, will get a reward equal to two Qirats. It was asked, What are two Qirats? He replied, Like two huge mountains.

'Abu Hurayra () rapporte avoir entendu le Messager d'Allah () dire: «Celui qui assiste à l'enterrement jusqu'à ce qu'il fasse la prière a pour récompense un qirât, et celui qui y assiste jusqu'à ce que le défunt soit mis en terre aura deux qirât. — Et qu'estce que ces deux qirât'7 aton demandé. — C'est comme deux énormes montagnes.»

":"ہم سے عبداللہ بن مسلمہ نے بیان کیا ‘ کہا کہ میں نے ابن ابی ذئب کے سامنے یہ حدیث پڑھی ‘ ان سے ابوسعید مقبری نے بیان کیا ‘ ان سے ان کے باپ نے ‘ انہوں نے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے پوچھا تو آپ نے فرمایا کہمیں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے سنا تھا ۔ ( دوسری سند ) ہم سے احمد بن شبیب نے بیان کیا ‘ کہا کہ مجھ سے میرے والد نے بیان کیا ‘ ان سے یونس نے بیان کیا کہ ابن شہاب نے کہا کہ ( مجھ سے فلاں نے یہ بھی حدیث بیان کی ) اور مجھ سے عبدالرحمٰن اعرج نے بھی کہا کہ ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جس نے جنازہ میں شرکت کی پھر نماز جنازہ پڑھی تو اسے ایک قیراط کا ثواب ملتا ہے اور جو دفن تک ساتھ رہا تو اسے دو قیراط کا ثواب ملتا ہے ۔ پوچھا گیا کہ دو قیراط کتنے ہوں گے ؟ فرمایا کہ دو عظیم پہاڑوں کے برابر ۔

'Abu Hurayra () rapporte avoir entendu le Messager d'Allah () dire: «Celui qui assiste à l'enterrement jusqu'à ce qu'il fasse la prière a pour récompense un qirât, et celui qui y assiste jusqu'à ce que le défunt soit mis en terre aura deux qirât. — Et qu'estce que ces deux qirât'7 aton demandé. — C'est comme deux énormes montagnes.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1325] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ الْقَعْنَبِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ يَعْنِي أَبَا سَعِيدٍ كَيْسَانَ الْمَقْبُرِيَّ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ بَعْضِ الطُّرُقِ.

.

قُلْتُ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيق بن أَبِي ذِئْبٍ نَعَمْ سَقَطَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ من رِوَايَة بن عَجْلَانَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاق عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي مَعْشَرٍ عِنْدَ حُمَيْدِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ تَنْبِيهٌ لَمْ يَسُقِ الْبُخَارِيُّ لَفْظَ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَلَفْظُهُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ مَا يَنْبَغِي فِي الْجِنَازَةِ فَقَالَ سَأُخْبِرُكَ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَبِعَهَا مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ قَالَ بن شِهَابٍ حَدَّثَنِي فُلَانٌ بِكَذَا وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ بِكَذَا .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يُصَلَّى زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ عَلَيْهِ وَاللَّاملِلْأَكْثَرِ مَفْتُوحَةٌ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِكَسْرِهَا وَرِوَايَةُ الْفَتْحِ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا فَإِنَّ حُصُولَ الْقِيرَاطِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى وُجُودِ الصَّلَاةِ مِنَ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّائِغِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَكَذَا هُوَ عِنْد مُسلم من طَرِيق بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ابْتِدَاءَ الْحُضُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ حَيْثُ قَالَ مِنْ أَهْلِهَا وَفِي رِوَايَةِ خَبَّابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ خَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا وَلِأَحْمَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَمَشَى مَعَهَا مِنْ أَهْلِهَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْقِيرَاطَ يَخْتَصُّ بِمَنْ حَضَرَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْقِيرَاطَ يَحْصُلُ أَيْضًا لِمَنْ صَلَّى فَقَطْ لِأَنَّ كُلَّ مَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَسِيلَةٌ إِلَيْهَا لَكِنْ يَكُونُ قِيرَاطُ مَنْ صَلَّى فَقَطْ دُونَ قِيرَاطِ مَنْ شَيَّعَ مَثَلًا وَصَلَّى وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَرَارِيطَ تَتَفَاوَتُ وَوَقَعَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَلَمْ يَتْبَعْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ وَفِي رِوَايَةِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَمَنْ صَلَّى وَلَمْ يَتْبَعْ فَلَهُ قِيرَاطٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تُحَصِّلُ الْقِيرَاطَ وَإِنْ لَمْ يَقَعِ اتِّبَاعٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الِاتِّبَاعُ هُنَا عَلَى مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَهَلْ يَأْتِي نَظِيرُ هَذَا فِي قِيرَاطِ الدَّفْنِ فِيهِ بَحْثٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِلَفْظِ مَنِ اتَّبَعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ الْحَدِيثَ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْقِيرَاطَيْنِ إِنَّمَا يَحْصُلَانِ لِمَنْ كَانَ مَعَهَا فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ حَتَّى تُدْفَنَ فَإِنْ صَلَّى مَثَلًا وَذَهَبَ إِلَى الْقَبْرِ وَحْدَهُ فَحَضَرَ الدَّفْنَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ إِلَّا قِيرَاطٌ وَاحِدٌ انْتَهَى وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ فَإِنْ وَرَدَ مَنْطُوقٌ بِحُصُولِ الْقِيرَاطِ لِشُهُودِ الدَّفْنِ وَحْدَهُ كَانَ مُقَدَّمًا وَيُجْمَعُ حِينَئِذٍ بِتَفَاوُتِ الْقِيرَاطِ وَالَّذِينَ أَبَوْا ذَلِكَ جَعَلُوهُ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ نَعَمْ مُقْتَضَى جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى التَّشْيِيعِ فَلَمْ يُصَلِّ وَلَمْ يَشْهَدِ الدَّفْنَ فَلَا قِيرَاطَ لَهُ إِلَّا على الطَّرِيقَة الَّتِي قدمناها عَن بن عَقِيلٍ لَكِنِ الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ عَنِ الْبَرَاءِ فِي ذَلِكَ ضَعِيفٌ.

.
وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِالْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ تَرَتُّبَ الثَّوَابِ عَلَى الْعَمَلِ يَسْتَدْعِي سَبْقَ النِّيَّةِ فِيهِ فَيَخْرُجُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُكَافَأَةِ الْمُجَرَّدَةِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْمُحَابَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ شَهِدَ كَذَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا وَمَنْ شَهِدَهَا .

     قَوْلُهُ  فَلَهُ قِيرَاطَانِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا غَيْرُ قِيرَاطِ الصَّلَاةِ وَهُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَبِذَلِك جزم بعض الْمُتَقَدِّمين وَحَكَاهُ بن التِّين عَن القَاضِي أبي الْوَلِيد لَكِن سِيَاق رِوَايَة بن سِيرِينَ يَأْبَى ذَلِكَ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْحَاصِلَ مِنَ الصَّلَاةِ وَمِنَ الدَّفْنِ قِيرَاطَانِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ خَبَّابٍ صَاحِبِ الْمَقْصُورَةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ مَنْ خَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ قِيرَاطٌ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِمَعْنَاهُ وَنَحْوُهُ رِوَايَةُ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ النَّوَوِيّ رِوَايَة بن سِيرِينَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمَجْمُوعَ قِيرَاطَانِ وَمَعْنَى رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ عَلَى هَذَا كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ أَيْ بِالْأَوَّلِ وَهَذَا مِثْلُ حَدِيثِ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ أَيْ بِانْضِمَامِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى تُدْفَنَ ظَاهِرُهُ أَنَّ حُصُولَ الْقِيرَاطِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى فَرَاغِ الدَّفْنِ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَوْجُهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ فِي اللَّحْدِ وَقِيلَ عِنْدَ انْتِهَاءِ الدَّفْنِ قَبْلَ إِهَالَةِ التُّرَابِ وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِكُلِّ ذَلِكَ وَيَتَرَجَّحُ الْأَوَّلُ لِلزِّيَادَةِ فَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِمَعْمَرٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا وَفِي الْأُخْرَى حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ وَكَذَا عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ بِلَفْظِ حَتَّى تُوضَع فِي الْقَبْر وَفِي رِوَايَة بن سِيرِينَ وَالشَّعْبِيِّ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُزَاحِمٍ عِنْدَ أَحْمَدَ حَتَّى يُقْضَى قَضَاؤُهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ حَتَّى يقْضِي دَفنهَا وَفِي رِوَايَة بن عِيَاض عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ حَتَّى يُسَوَّى عَلَيْهَا أَيِ التُّرَابُ وَهِيَ أَصْرَحُ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ حُصُولُ الْقِيرَاطِ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ يَتَفَاوَتُ الْقِيرَاطُ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ لَمْ يُعَيَّنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْقَائِلَ وَلَا الْمَقُولَ لَهُ وَقَدْ بَيَّنَ الثَّانِي مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ هَذِهِ فَقَالَ قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعِنْدَهُ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقِيرَاطِ وَبَيَّنَ الْقَائِلُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُزَاحِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ.

.

قُلْتُ وَمَا الْقِيرَاطُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ أَبَا حَازِمٍ أَيْضًا سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ العظيمين سبق أَن فِي رِوَايَة بن سِيرِينَ وَغَيْرِهِ مِثْلُ أُحُدٍ وَفِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بن عبد الرَّحْمَن عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ الْقِيرَاطُ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ وَكَذَا فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْبَرَاءِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَأَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ فَلَهُ قِيرَاطَانِ مِنَ الْأَجْرِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ وَفِي رِوَايَةِ أُبَيِّ بن كَعْب عِنْد بن مَاجَهْ الْقِيرَاطُ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ هَذَا كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الْجَبَلِ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ وَفِي حَدِيث وَاثِلَة عِنْد بن عَدِيٍّ كُتِبَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ أَخَفُّهُمَا فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَثْقَلُ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ فَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بَيَانَ وَجْهِ التَّمْثِيلِ بِجَبَلِ أُحُدٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ زِنَةُ الثَّوَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ التَّرْغِيبُ فِي شُهُودِ الْمَيِّتِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ وَالْحَضُّ عَلَى الِاجْتِمَاعِ لَهُ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى عَظِيمِ فَضْلِ اللَّهِ وَتَكْرِيمِهِ لِلْمُسْلِمِ فِي تَكْثِيرِ الثَّوَابِ لِمَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِيهِ تَقْدِيرُ الْأَعْمَالِ بِنِسْبَةِ الْأَوْزَانِ إِمَّا تَقْرِيبًا لِلْأَفْهَامِ وَإِمَّا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَاللَّهُ أعلم ( قَولُهُ بَابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الْجَنَائِز) أورد فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي صَلَاتِهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَبْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ قبل ثَلَاثَة أَبْوَاب قَالَ بن رَشِيدٍ أَفَادَ بِالتَّرْجَمَةِ الْأُولَى بَيَانَ كَيْفِيَّةِ وُقُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ وَأَنَّهُمْ يُصَفُّونَ مَعَهُمْ لَا يَتَأَخَّرُونَ عَنْهُمْ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي سَاقَهُ فِيهَا وَأَنَا فِيهِمْ وَأَفَادَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ مَشْرُوعِيَّةَ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ دَلَّ عَلَيْهِ ضِمْنًا لَكِنْ أَرَادَ التَّنْصِيصَ عَلَيْهِ وَأَخَّرَ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ عَنْ فَضْلِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الصِّبْيَانَ دَاخِلُونَ فِي قَوْلِهِ من تبع جَنَازَة وَالله أعلم( قَولُهُ بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمُصَلَّى وَالْمَسْجِدِ) قَالَ بن رَشِيدٍ لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُصَنِّفُ لِكَوْنِ الْمَيِّتِ بِالْمُصَلَّى أَولا لِأَنَّ الْمُصَلَّى عَلَيْهِ كَانَ غَائِبًا وَأُلْحِقَ حُكْمُ الْمُصَلَّى بِالْمَسْجِدِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْحَيْضِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلْمُصَلَّى حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِيمَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ فِيهِ وَيَلْحَقَ بِهِ مَا سِوَى ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا فِي قِصَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ قبل خَمْسَة أَبْوَاب وَقَوله

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى تُدْفَنَ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ جَوَابَ مَنْ إِمَّا اسْتِغْنَاءً بِمَا ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ أَوْ تَوَقُّفًا عَلَى إِثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ بِمُجَرَّدِ الِانْتِظَارِ إِنْ خَلَا عَنِ اتِّبَاعٍ قَالَ وَعَدَلَ عَنْ لَفْظِ الشُّهُودِ كَمَا هُوَ فِي الْخَبَرِ إِلَى لَفْظِ الِانْتِظَارِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الشُّهُودِ إِنَّمَا هُوَ مُعَاضَدَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَالتَّصَدِّي لِمَعُونَتِهِمْ وَذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الْمُعْتَبَرَةِ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ اخْتَارَ لَفْظَ الِانْتِظَارِ لِكَوْنِهِ أَعَمَّ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ فَهُوَ أَكْثَرُ فَائِدَةً وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ بِلَفْظِ الِانْتِظَارِ لِيُفَسِّرَ اللَّفْظَ الْوَارِدَ بِالْمُشَاهَدَةِ بِهِ وَلَفْظُ الِانْتِظَارِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَقَدْ سَاقَ الْبُخَارِيُّ سَنَدَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَهَا وَوَقَعَتْ هَذِهِ الطَّرِيقُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي لَمْ تَتَّصِلْ لَنَا عَنِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا

[ قــ :1274 ... غــ :1325] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ الْقَعْنَبِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ يَعْنِي أَبَا سَعِيدٍ كَيْسَانَ الْمَقْبُرِيَّ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ بَعْضِ الطُّرُقِ.

.

قُلْتُ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيق بن أَبِي ذِئْبٍ نَعَمْ سَقَطَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ من رِوَايَة بن عَجْلَانَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاق عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي مَعْشَرٍ عِنْدَ حُمَيْدِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ تَنْبِيهٌ لَمْ يَسُقِ الْبُخَارِيُّ لَفْظَ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَلَفْظُهُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ مَا يَنْبَغِي فِي الْجِنَازَةِ فَقَالَ سَأُخْبِرُكَ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَبِعَهَا مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ قَالَ بن شِهَابٍ حَدَّثَنِي فُلَانٌ بِكَذَا وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ بِكَذَا .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يُصَلَّى زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ عَلَيْهِ وَاللَّام لِلْأَكْثَرِ مَفْتُوحَةٌ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِكَسْرِهَا وَرِوَايَةُ الْفَتْحِ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا فَإِنَّ حُصُولَ الْقِيرَاطِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى وُجُودِ الصَّلَاةِ مِنَ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّائِغِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَكَذَا هُوَ عِنْد مُسلم من طَرِيق بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ابْتِدَاءَ الْحُضُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ حَيْثُ قَالَ مِنْ أَهْلِهَا وَفِي رِوَايَةِ خَبَّابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ خَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا وَلِأَحْمَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَمَشَى مَعَهَا مِنْ أَهْلِهَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْقِيرَاطَ يَخْتَصُّ بِمَنْ حَضَرَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْقِيرَاطَ يَحْصُلُ أَيْضًا لِمَنْ صَلَّى فَقَطْ لِأَنَّ كُلَّ مَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَسِيلَةٌ إِلَيْهَا لَكِنْ يَكُونُ قِيرَاطُ مَنْ صَلَّى فَقَطْ دُونَ قِيرَاطِ مَنْ شَيَّعَ مَثَلًا وَصَلَّى وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَرَارِيطَ تَتَفَاوَتُ وَوَقَعَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَلَمْ يَتْبَعْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ وَفِي رِوَايَةِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَمَنْ صَلَّى وَلَمْ يَتْبَعْ فَلَهُ قِيرَاطٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تُحَصِّلُ الْقِيرَاطَ وَإِنْ لَمْ يَقَعِ اتِّبَاعٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الِاتِّبَاعُ هُنَا عَلَى مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَهَلْ يَأْتِي نَظِيرُ هَذَا فِي قِيرَاطِ الدَّفْنِ فِيهِ بَحْثٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِلَفْظِ مَنِ اتَّبَعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ الْحَدِيثَ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْقِيرَاطَيْنِ إِنَّمَا يَحْصُلَانِ لِمَنْ كَانَ مَعَهَا فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ حَتَّى تُدْفَنَ فَإِنْ صَلَّى مَثَلًا وَذَهَبَ إِلَى الْقَبْرِ وَحْدَهُ فَحَضَرَ الدَّفْنَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ إِلَّا قِيرَاطٌ وَاحِدٌ انْتَهَى وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ فَإِنْ وَرَدَ مَنْطُوقٌ بِحُصُولِ الْقِيرَاطِ لِشُهُودِ الدَّفْنِ وَحْدَهُ كَانَ مُقَدَّمًا وَيُجْمَعُ حِينَئِذٍ بِتَفَاوُتِ الْقِيرَاطِ وَالَّذِينَ أَبَوْا ذَلِكَ جَعَلُوهُ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ نَعَمْ مُقْتَضَى جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى التَّشْيِيعِ فَلَمْ يُصَلِّ وَلَمْ يَشْهَدِ الدَّفْنَ فَلَا قِيرَاطَ لَهُ إِلَّا على الطَّرِيقَة الَّتِي قدمناها عَن بن عَقِيلٍ لَكِنِ الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ عَنِ الْبَرَاءِ فِي ذَلِكَ ضَعِيفٌ.

.
وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِالْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ تَرَتُّبَ الثَّوَابِ عَلَى الْعَمَلِ يَسْتَدْعِي سَبْقَ النِّيَّةِ فِيهِ فَيَخْرُجُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُكَافَأَةِ الْمُجَرَّدَةِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْمُحَابَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ شَهِدَ كَذَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا وَمَنْ شَهِدَهَا .

     قَوْلُهُ  فَلَهُ قِيرَاطَانِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا غَيْرُ قِيرَاطِ الصَّلَاةِ وَهُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَبِذَلِك جزم بعض الْمُتَقَدِّمين وَحَكَاهُ بن التِّين عَن القَاضِي أبي الْوَلِيد لَكِن سِيَاق رِوَايَة بن سِيرِينَ يَأْبَى ذَلِكَ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْحَاصِلَ مِنَ الصَّلَاةِ وَمِنَ الدَّفْنِ قِيرَاطَانِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ خَبَّابٍ صَاحِبِ الْمَقْصُورَةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ مَنْ خَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ قِيرَاطٌ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِمَعْنَاهُ وَنَحْوُهُ رِوَايَةُ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ النَّوَوِيّ رِوَايَة بن سِيرِينَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمَجْمُوعَ قِيرَاطَانِ وَمَعْنَى رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ عَلَى هَذَا كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ أَيْ بِالْأَوَّلِ وَهَذَا مِثْلُ حَدِيثِ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ أَيْ بِانْضِمَامِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى تُدْفَنَ ظَاهِرُهُ أَنَّ حُصُولَ الْقِيرَاطِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى فَرَاغِ الدَّفْنِ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَوْجُهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ فِي اللَّحْدِ وَقِيلَ عِنْدَ انْتِهَاءِ الدَّفْنِ قَبْلَ إِهَالَةِ التُّرَابِ وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِكُلِّ ذَلِكَ وَيَتَرَجَّحُ الْأَوَّلُ لِلزِّيَادَةِ فَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا وَفِي الْأُخْرَى حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ وَكَذَا عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ بِلَفْظِ حَتَّى تُوضَع فِي الْقَبْر وَفِي رِوَايَة بن سِيرِينَ وَالشَّعْبِيِّ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُزَاحِمٍ عِنْدَ أَحْمَدَ حَتَّى يُقْضَى قَضَاؤُهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ حَتَّى يقْضِي دَفنهَا وَفِي رِوَايَة بن عِيَاض عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ حَتَّى يُسَوَّى عَلَيْهَا أَيِ التُّرَابُ وَهِيَ أَصْرَحُ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ حُصُولُ الْقِيرَاطِ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ يَتَفَاوَتُ الْقِيرَاطُ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ لَمْ يُعَيَّنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْقَائِلَ وَلَا الْمَقُولَ لَهُ وَقَدْ بَيَّنَ الثَّانِي مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ هَذِهِ فَقَالَ قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعِنْدَهُ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقِيرَاطِ وَبَيَّنَ الْقَائِلُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُزَاحِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ.

.

قُلْتُ وَمَا الْقِيرَاطُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ أَبَا حَازِمٍ أَيْضًا سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ العظيمين سبق أَن فِي رِوَايَة بن سِيرِينَ وَغَيْرِهِ مِثْلُ أُحُدٍ وَفِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بن عبد الرَّحْمَن عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ الْقِيرَاطُ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ وَكَذَا فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْبَرَاءِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَأَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ فَلَهُ قِيرَاطَانِ مِنَ الْأَجْرِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ وَفِي رِوَايَةِ أُبَيِّ بن كَعْب عِنْد بن مَاجَهْ الْقِيرَاطُ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ هَذَا كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الْجَبَلِ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ وَفِي حَدِيث وَاثِلَة عِنْد بن عَدِيٍّ كُتِبَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ أَخَفُّهُمَا فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَثْقَلُ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ فَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بَيَانَ وَجْهِ التَّمْثِيلِ بِجَبَلِ أُحُدٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ زِنَةُ الثَّوَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ التَّرْغِيبُ فِي شُهُودِ الْمَيِّتِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ وَالْحَضُّ عَلَى الِاجْتِمَاعِ لَهُ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى عَظِيمِ فَضْلِ اللَّهِ وَتَكْرِيمِهِ لِلْمُسْلِمِ فِي تَكْثِيرِ الثَّوَابِ لِمَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِيهِ تَقْدِيرُ الْأَعْمَالِ بِنِسْبَةِ الْأَوْزَانِ إِمَّا تَقْرِيبًا لِلْأَفْهَامِ وَإِمَّا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَاللَّهُ أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى تُدْفَنَ
(باب من انتظر) الجنازة (حتى تدفن) واختار لفظ: انتظر، دون لفظ: شهد، لوروده في بعض طرق الحديث، كما في رواية معمر عند البزار من طريق ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة بلفظ: فإن انتظرها حتى تدفن فله قيراط.


[ قــ :1274 ... غــ : 1325 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (قال: قرأت على ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن (عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه) أبي سعيد كيسان (أنه سأل أبا هريرة رضي الله عنه، فقال): ولأبي ذر: قال: (سمعت النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).

ووقع هنا في نسخة مسموعة من طريق الخلال وغيره قال أي: المؤلّف: ح.
وحدثني بالإفراد عبد الله بن محمد المسندي، قال: حدّثنا هشام، هو: ابن يوسف الصنعاني قال: حدّثنا معمر، بسكون العين، ابن راشد عن ابن شهاب الزهري، عن ابن المسيب: سعيد، عن أبي هريرة، رضي الله عنه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

1325 م - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَها حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ.
قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ».

قال المؤلّف (وحدّثنا) بالواو، وسقطت لغير أبي ذر (أحمد بن شبيب بن سعيد) بفتح الشين المعجمة وكسر الموحدة الأولى البصري الحبطي، بالحاء المهملة والموحدة المفتوحتين (قال: حدّثني) بالإفراد (أبي) شبيب بن سعيد.
قال: (حدّثنا يونس) بن يزيد الأيلي (قال: ابن شهاب) الزهري، حدّثني فلان به (و) عطف على محذوف (حدّثنى) بالإفراد (عبد الرحمن الأعرج) أيضًا (أن أبا هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(من شهد الجنازة) في رواية مسلم، من حديث خباب: من خرج مع جنازة من بيتها، ولأحمد

من حديث أبي سعيد فمشى معها من أهلها (حتى يصلّي) بكسر اللام وفي رواية الأكثر: بفتحها، وهي محمولة عليها.
فإن حصول القيراط متوقف على وجود الصلاة من الذي يشهد، زاد ابن عساكر في نسخة: عليها أي على الجنازة، وللكشميهني: عليه، أي: على الميت (فله قيراط) فلو تعددت الجنائز، واتحدت الصلاة عليها دفعة واحدة، هل تتعدد القراريط بتعددها أو لا تتعدد نظرًا لاتحاد الصلاة؟.

قال الأذرعي: الظاهر التعدد، وبه أجاب قاضي حماه البارزي، ومقتضى التقييد بقوله في رواية أحمد وغيرها: فمشى معها من أهلها، أن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة، لكن ظاهر حديث البزار السابق حصوله أيضًا لمن صلّى فقط، لكن يكون قيراطه دون قيراط من شيع مثلاً وصلّى، ويؤيد ذلك رواية مسلم عن أبي هريرة حيث قال: أصغرهما مثل أحد، ففيه دلالة على أن القراريط تتفاوت.
وفي مسلم أيضًا: من صلّى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط، فظاهره حصول القيراط وإن لم يقع اتباع.
لكن يمكن حمل الاتباع هنا ما بعد الصلاة، لا سيما وحديث البزار ضعيف.

(ومن شهدها حتى تدفن) أي: يفرغ من دفنها، بأن يهال عليها التراب، وعلى ذلك تحمل رواية مسلم: حتى توضع في اللحد (كان له قيراطان) من الأجر المذكور، وهل ذلك بقيراط الصلاة أو بدونه؟ فيكون: ثلاثة قراريط، فيه احتمال.
لكن سبق في كتاب الإيمان التصريح بالأول، وحينئذ فتكون رواية الباب معناها: كان له قيراطان، أي بالأول ويشهد للثاني ما رواه الطبراني مرفوعًا: "من تبع جنازة حتى يقضى دفنها كتب له ثلاثة قراريط".

وهل يحصل قيراط الدفن وإن لم يقع اتباع فيه بحث، لكن مقتضى قوله في كتاب الإيمان: وكان معها حتى يصلّى عليها، ويفرغ من دفنها، أن القيراطين إنما يحصلان بمجموع الصلاة والاتباع في جميع الطريق وحضور الدفن، فإن صلّى مثلاً وذهب إلى القبر وحده فحضر الدفن لم يحصل له إلا قيراط واحد، صرح به النووي في المجموع وغيره، لكن له أجر في الجملة.

قال في فتح الباري: وما قاله النووي ليس في الحديث ما يقتضيه إلا بطريق المفهوم، فإن ورد منطوق بحصول القيراط بشهود الدفن وحده، كان مقدامًا.
ويجمع حينئذ بتفاوت القيراط.
والذين أبوا ذلك جعلوه من باب المطلق والمقيد، لكن مقتضى جميع الأحاديث أن من اقتصر على التشييع، ولم يصل، ولم يشهد الدفن، فلا قيراط له إلا على طريقة ابن عقيل السابقة.

والقيراط بكسر القاف، قال الجوهري: نصف دانق، والدانق: سدس درهم فعلى هذا يكون القيراط جزء من اثني عشر جزءًا من الدرهم وقال أبو الوفاء بن عقيل: نصف سدس درهم، أو نصف عشر دينار.
وقال ابن الأثير: هو نصف عشر الدينار في أكثر البلاد، وفي الشأم جزء من أربعة وعشرين جزءًا، وقال القاضي أبو بكر بن العربي.
الذرّة جزء من ألف وأربعة وعشرين جزءًا

من حبة، والحبة: ثلث القيراط، والذرة تخرج من النار، فكيف بالقيراط.

وقد قرّب النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، القيراط للفهم بقوله، لما (قيل) له، وعند أبي عوانة: قال أبو هريرة: قلت يا رسول الله! (وما القيراطان؟ قال):
(مثل الجبلين العظيمين) وأخص من ذلك تمثيله القيراط بأحدكما في مسلم.
وهذا تمثيل واستعارة.
قال الطيبي: قوله: مثل أحد تفسير للمقصود من الكلام، لا للفظ القيراط، والمراد منه أنه يرجع بنصيب كبير من الأجر، وقال الزين بن المنير: أراد تعظيم الثواب، فمثله للعيان بأعظم الجبال خلقًا، وأكثرها إلى النفوس المؤمنة حبًّا، لأنه الذي قال في حقه: "أحد جبل يحبنا ونحبه".

ويجوز أن يكون على حقيقته، بأن يجعل الله تعالى عمله يوم القيامة جسمًا قدر أحد ويوزن.
وفي حديث واثلة، عند ابن عدي: كتب له قيراطان أخفهما في ميزانه يوم القيامة، أثقل من جبل أُحد.
فأفادت هذه الرواية بيان وجه التمثيل بجبل أحد، وأن المراد به زنة الثواب الرتب على ذلك العمل.

ورواة حديث الباب ما بين: مدني وبصري وأيلي، وفيه: التحديث، والقراءة على الشيخ، والسؤال، والسماع، والعنعنة، والإخبار، والقول، ورواية الابن عن أبيه.
ولم يخرج الطريق الأول غيره من بقية الكتب الستة، والطريق الثاني أخرجه مسلم في الجنائز، وكذا النسائي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان ثَوَاب من انْتظر الْمَيِّت أَي: لم يُفَارِقهُ حَتَّى يدْفن، يَعْنِي إِلَى أَن يدْفن، وَإِنَّمَا لم يذكر جَوَاب الشَّرْط اكْتِفَاء بِمَا ذكر فِي الحَدِيث.
وَقيل: إِنَّمَا لم يذكر توقفا عَن إِثْبَات الِاسْتِحْقَاق بِمُجَرَّد الِانْتِظَار إِن خلا عَن الِاتِّبَاع.
فَإِن قلت: لفظ الحَدِيث ( من شهد الْجِنَازَة) ، فَلم عدل عَنهُ إِلَى لفظ الِانْتِظَار.
قلت: قيل: لينبه على أَن الْمَقْصُود من الشُّهُود إِنَّمَا هُوَ معاضدة أهل الْمَيِّت والتصدي لمعونتهم، وَذَلِكَ من الْمَقَاصِد الْمُعْتَبرَة..
     وَقَالَ  بَعضهم: اخْتَار لفظ الِانْتِظَار لكَونه أَعم من الْمُشَاهدَة.
انْتهى وَفِي كل وَاحِد مِنْهُمَا نظر.
أما الأول: فَلِأَنَّهُ إِذا عاضد أهل الْمَيِّت وتصدى لمعونتهم وَلم يصلِّ لَا يسْتَحق القيراط الْمَوْعُود بِهِ، وَكَذَلِكَ إِذا صلى وَلم يحضر الدّفن لَا يسْتَحق القيراطين الْمَوْعُود بهما.
وَإِنَّمَا يسْتَحق قيراطا وَاحِدًا، فَعلم من ذَلِك أَن الْمَقْصُود من الشُّهُود لَيْسَ مُجَرّد الشُّهُود لأجل مَا ذكره.
وَأما الثَّانِي: فَلَا نسلم أَن الِانْتِظَار أَعم من الْمُشَاهدَة، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَين مفهوميهما عُمُوم وخصوص، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: إِنَّمَا اخْتَار لفظ الِانْتِظَار إِشَارَة إِلَى مَا ورد فِي بعض طرقه بِلَفْظ الِانْتِظَار فِي رِوَايَة الْبَزَّار، رَحمَه الله تَعَالَى: ( فَإِن انتظرها حَتَّى تدفن فَلهُ قِيرَاط) .
رَوَاهُ ابْن عجلَان عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.



[ قــ :1274 ... غــ :1325 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ.
قَالَ قَرَأْتُ عَلَى ابنِ أبِي ذِئْبٍ عنْ سَعِيدِ بنِ أبي سعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عنْ أبِيهِ أنَّهُ سألَ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فقالَ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا هِشَامٌ حدَّثنا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنِ ابنِ المُسَيَّبِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حدَّثنا أحْمَدُ بنُ شَبِيبِ بنِ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثني أبي قَالَ حدَّثنا يُونُسُ.
قَالَ ابنُ شِهَابٍ وحدَّثني عَبْدُ الرَّحْمانِ الأعْرَجِ أنَّ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ.
قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كانَ لَهُ قِيرَاطانِ قِيلَ وَما القِيرَاطانِ قَالَ مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ.

( أنظر الحَدِيث 74 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( من شهد حَتَّى تدفن) إِذا جعل شهد بِمَعْنى حضر، وَالتَّحْقِيق فِيهِ مَا ذَكرْنَاهُ آنِفا.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة عشر رجلا، لِأَنَّهُ رَوَاهُ من ثَلَاث طرق: الأول: عبد الله بن مسلمة القعْنبِي.
الثَّانِي: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب.
الثَّالِث: سعيد بن أبي سعيد.
الرَّابِع: أَبوهُ أَبُو سعيد، واسْمه كيسَان، وَهَؤُلَاء قد ذكرُوا غير مرّة.
الْخَامِس: عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الْجعْفِيّ البُخَارِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي.
السَّادِس: هِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ أَبُو عبد الرَّحْمَن قَاضِي صنعاء من أَبنَاء فَارس.
السَّابِع: معمر ابْن رَاشد.
الثَّامِن: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
التَّاسِع: سعيد بن الْمسيب.
الْعَاشِر: أَحْمد بن شبيب، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى: ابْن سعيد أَبُو عبد الله الحبطي، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالطاء الْمُهْملَة: الْبَصْرِيّ.
الْحَادِي عشر: أَبوهُ شبيب بن سعيد.
الثَّانِي عشر: يُونُس بن يزِيد.
الثَّالِث عشر: عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج.
الرَّابِع عشر: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي خَمْسَة مَوَاضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين.
وَفِيه: الْقِرَاءَة على الشَّيْخ.
وَفِيه السُّؤَال وَفِيه: السماع.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: القَوْل فِي سَبْعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب.
وَفِيه: عبد الله بن مسلمة مدنِي سكن الْبَصْرَة، وَمعمر وَأحمد بن شبيب وَأَبوهُ بصريون، وَيُونُس أيلي، وَالْبَاقُونَ مدنيون.
وَفِيه: عَن سعيد بن أبي سعيد، وَحكى الْكرْمَانِي أَن: عَن أَبِيه، سَاقِط فِي بعض الطّرق.
قيل: الصَّوَاب إثْبَاته.
وَكَذَا أخرجه إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه والإسماعيلي وَغَيرهمَا من طَرِيق ابْن أبي ذِئْب، وَسقط: عَن أَبِيه، عِنْد أبي عوَانَة فِي رِوَايَة ابْن عجلَان، وَعند ابْن أبي شيبَة كَذَلِك فِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق وَعبد بن حميد بن زَنْجوَيْه فِي رِوَايَة أبي معشر.

ذكر من أخرجه غَيره: الطَّرِيق الأول لم يُخرجهُ غَيره من بَقِيَّة السِّتَّة.
وَالطَّرِيق الثَّانِي: أخرجه مُسلم فِي الْجَنَائِز أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد وَعَن عبد الْملك بن شُعَيْب.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن نوح بن حبيب.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
وَالطَّرِيق الثَّالِث: أخرجه مُسلم فِيهِ عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح وحرملة بن يحيى وَهَارُون بن سعيد.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن سُوَيْد بن نصر عَن عبد الله بن الْمُبَارك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( وحَدثني) ذكر بِلَفْظ: الْوَاو، عطفا على مُقَدّر، أَي: قَالَ ابْن شهَاب: حَدثنِي فلَان بِهِ، وحَدثني عبد الرَّحْمَن أَيْضا بِهِ.
قَوْله: ( حَتَّى يُصَلِّي) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني ( حَتَّى يُصَلِّي عَلَيْهِ) ، وَفِي أَكثر الرِّوَايَات: اللَّام، فِيهِ مَفْتُوحَة وَفِي بَعْضهَا بِكَسْرِهَا.
وحملت: رِوَايَة الْفَتْح على رِوَايَة الْكسر لِأَن حُصُول القيراط مُتَوَقف على وجود الصَّلَاة من الَّذِي يشْهد، وَلم يبين فِي هَذِه ابْتِدَاء الْحُضُور، وَفِي رِوَايَة أبي سعيد المَقْبُري بَين ذَلِك حَيْثُ قَالَ: من أَهلهَا.
وَفِي رِوَايَة خبابُ عِنْد مُسلم: ( من خرج مَعَ جَنَازَة من بَيتهَا) .
وَفِي رِوَايَة أَحْمد من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ: ( فَمشى مَعهَا من أَهلهَا) ، فَهَذِهِ الْأَحَادِيث تَقْتَضِي أَن القيراط يخْتَص بِمن حضر من أول الْأَمر إِلَى انْقِضَاء الصَّلَاة..
     وَقَالَ  بَعضهم: يحصل أَيْضا لمن صلى فَقَط، لِأَن كل مَا قبل الصَّلَاة وَسِيلَة إِلَيْهَا، لَكِن يكون قِيرَاط من صلى فَقَط دون قِيرَاط من شيع وَصلى.
قلت: فِيهِ نظر، لِأَن كل مَا كَانَ قبل الصَّلَاة لَيْسَ لأجل الصَّلَاة خَاصَّة، وَإِنَّمَا هُوَ لَهَا ولمعاضدة أهل الْجِنَازَة ومعونتهم، وَلأَجل إِظْهَار الْخدمَة لَهُم تطييبا لقُلُوبِهِمْ.
والشارع قد نَص عَن أَن الَّذِي يُصَلِّي فَقَط فَلهُ قِيرَاط، وَلم يتَعَرَّض إِلَى اخْتِلَاف القيراط فِي نَفسه.
وَهَذَا التَّصَرُّف فِيهِ تحكم.
فَإِن قلت: يخْتَلف القيراط باخْتلَاف كَثْرَة الْعَمَل فِيهِ كَمَا فِي الْجُمُعَة: ( من جَاءَ فِي السَّاعَة الأولى.
.
)
الحَدِيث.
قلت: هَذَا الْقيَاس لَا يَصح، لِأَن عين القيراط نَص عَلَيْهِ فَلَا يُمكن أَن يتَصَرَّف فِي الشَّيْء الْمعِين الْمَنْصُوص عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان، بِخِلَاف الْجُمُعَة فَإِن الِاخْتِلَاف فِيهِ لَيْسَ فِي شَيْء بِعَيْنِه.
فَافْهَم.
قَوْله: ( كَانَ لَهُ قيراطان) ظَاهره أَنَّهُمَا غير قِيرَاط الصَّلَاة، وَبِذَلِك جزم الْبَعْض، وَحَكَاهُ ابْن التِّين عَن القَاضِي أبي الْوَلِيد.
لَكِن رِوَايَة الْحسن وَمُحَمّد بن سِيرِين صَرِيحَة فِي أَن الْحَاصِل من الصَّلَاة وَمن الدّفن قيراطان فَقَط، وروايتهما قد مرت فِي: بابُُ اتِّبَاع الْجَنَائِز من الْإِيمَان، فِي كتاب الْإِيمَان رويا عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( من تبع جَنَازَة مُسلم إِيمَانًا واحتسابا وَكَانَ مَعهَا حَتَّى يُصَلِّي عَلَيْهَا ويفرغ من دَفنهَا فَإِنَّهُ يرجع من الْأجر بقيراطين، كل قِيرَاط مثل أحد.
وَمن صلى عَلَيْهَا ثمَّ رَجَعَ قبل أَن تدفن فَإِنَّهُ يرجع بقيراط)
..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: رِوَايَة ابْن سِيرِين صَرِيحَة فِي أَن الْمَجْمُوع قيراطان.
قلت: يحْتَمل أَن تكون رِوَايَة الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مُتَأَخِّرَة عَن رِوَايَة ابْن سِيرِين عَنهُ.
قَوْله: ( حَتَّى تدفن) اخْتلف فِيهِ أَن حُصُول القيراطين يحصل بِمُجَرَّد وضع الْمَيِّت فِي الْقَبْر أَو عِنْد انْتِهَاء الدّفن قبل إهالة التُّرَاب أَو بعد الْفَرَاغ بِالْكُلِّيَّةِ، وَبِكُل ذَلِك ورد الْخَبَر.
فَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق معمر فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ: ( حَتَّى يفرغ مِنْهَا) ، وَفِي الْأُخْرَى: ( حَتَّى تُوضَع فِي اللَّحْد) ، وَفِي رِوَايَة أبي حَازِم عِنْده: ( حَتَّى تُوضَع فِي الْقَبْر) ، وَفِي رِوَايَة أبي مُزَاحم عِنْد أَحْمد: ( حَتَّى يقْضِي قضاءها) ، وَفِي رِوَايَة أبي سَلمَة عِنْد التِّرْمِذِيّ: ( حَتَّى يقْضِي دَفنهَا) .
وَفِي رِوَايَة ابْن عِيَاض عِنْد أبي عوَانَة: ( حَتَّى يسوى عَلَيْهَا) ، أَي: التُّرَاب..
     وَقَالَ  شَيخنَا زين الدّين: الصَّحِيح عِنْد أَصْحَاب الشَّافِعِي أَن ذَلِك يتَوَقَّف على كَمَال الدّفن لَا على وَضعه فِي اللَّحْد، وَذهب بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي إِلَى أَنه يحصل بِمُجَرَّد الْوَضع فِي اللَّحْد.
قَوْله: ( قيل: وَمَا القيراطان؟) قَالَ بَعضهم: لم يعين هَهُنَا الْقَائِل وَلَا الْمَقُول لَهُ، وَقد بَين لَهُ مُسلم فِي رِوَايَة الْأَعْرَج فَقَالَ: ( قيل: وَمَا القيراطان يَا رَسُول الله؟) ، وَبَين الْقَائِل أَبُو عوَانَة من طَرِيق أبي مُزَاحم عَن أبي هُرَيْرَة وَلَفظه: ( قلت: وَمَا القيراط يَا رَسُول الله؟) .
قلت: الظَّاهِر بِحَسب الْقَرِينَة يدل على أَن الْقَائِل رَاوِي الحَدِيث، وَهُوَ أَبُو هُرَيْرَة، وَالْمقول لَهُ هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
أما الْقَائِل فَفِيهِ احْتِمَال أَن يكون غير الرَّاوِي مِمَّن كَانَ حَاضرا فِي ذَلِك الْمجْلس.
وَأما الْمَقُول لَهُ فَهُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطعا لِأَنَّهُ قَالَ: ( مثل الجبلين العظيمين) ، وَلَيْسَ هَذَا إلاَّ وَظِيفَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن الضَّمِير فِي قَوْله: قَالَ، يرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْله: ( مثل الجبلين العظيمين) ، وَفِي رِوَايَة ابْن سِيرِين وَغَيره: ( مثل أحد) ، وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: ( القيراط مثل جبل أحد) .
وَكَذَا فِي حَدِيث ثَوْبَان عِنْد مُسلم، والبراء عِنْد النَّسَائِيّ، وَأبي سعيد عِنْد أَحْمد وَفِي رِوَايَة للنسائي من طَرِيق الشّعبِيّ: ( فَلهُ قيراطان من الْأجر، كل وَاحِد مِنْهُمَا أعظم من أحد) .
وَفِي رِوَايَة أبي صَالح عِنْد مُسلم: ( أصغرهما مثل أحد) .
وَفِي رِوَايَة ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي بن كَعْب: ( القيراط أعظم من أحد) ، وَعند ابْن عدي من حَدِيث وَاثِلَة ( كتب لَهُ قيراطان من أجر أخفهما فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة أثقل من جبل أحد) وَقد ذكرنَا أَن هَذَا من بابُُ التَّمْثِيل والاستعارة.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ وَفِيه: فِيهِ: التَّرْغِيب فِي شُهُود جَنَازَة الْمَيِّت وَالْقِيَام بأَمْره والحض على الِاجْتِمَاع لَهُ، والتنبيه على عَظِيم فضل الله تَعَالَى، وتكريمه للْمُسلمِ فِي تكثيره الثَّوَاب لمن يتَوَلَّى أمره بعد مَوته.
وَفِيه: تَقْدِير الْأَعْمَال بِنِسْبَة الأوزان أَو بجعلها أعيانا حَقِيقَة.
وَفِيه: السُّؤَال عَمَّا يهم فِيهِ.