هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1157 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا عِيسَى هُوَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ ، قَالَ : قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ : إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ ، حَتَّى نَزَلَتْ : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ ، وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى ، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1157 حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا عيسى هو ابن يونس عن إسماعيل ، عن الحارث بن شبيل ، عن أبي عمرو الشيباني ، قال : قال لي زيد بن أرقم : إن كنا لنتكلم في الصلاة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يكلم أحدنا صاحبه بحاجته ، حتى نزلت : { حافظوا على الصلوات ، والصلاة الوسطى ، وقوموا لله قانتين } فأمرنا بالسكوت
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن زَيْدِ بْنِ أَرْقَمٍ : إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ ، حَتَّى نَزَلَتْ : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ ، وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى ، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ .

Narrated Zaid bin Arqam:

In the lifetime of the Prophet (ﷺ) we used to speak while praying, and one of us would tell his needs to his companions, till the verse, 'Guard strictly your prayers (2.238) was revealed. After that we were ordered to remain silent while praying.

Zayd ibn 'Arqam rapporte: «Du temps du Prophète (), nous parlions durant les prières; chacun adressait la parole au besoin à son voisin jusqu'à la descente du verset:

":"ہم سے ابراہیم بن موسیٰ نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم کوعیسیٰ بن یونس نے خبر دی ، انہیں اسماعیل بن ابی خالد نے ، انہیں حارث بن شبیل نے ، انہیں ابوعمرو بن سعد بن ابی ایاس شیبانی نے بتایا کہ مجھ سے زید بن ارقم رضی اللہ عنہ نے بتلایا کہہم نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے عہد میں نماز پڑھنے میں باتیں کر لیا کرتے تھے ۔ کوئی بھی اپنے قریب کے نمازی سے اپنی ضرورت بیان کر دیتا ۔ پھر آیت «حافظوا على الصلوات‏ الخ» اتری اور ہمیں ( نماز میں ) خاموش رہنے کا حکم ہوا ۔

Zayd ibn 'Arqam rapporte: «Du temps du Prophète (), nous parlions durant les prières; chacun adressait la parole au besoin à son voisin jusqu'à la descente du verset:

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1200] .

     قَوْلُهُ  عَنْ إِسْمَاعِيلَ هُوَ بن أَبِي خَالِدٍ وَالْحَارِثُ بْنُ شُبَيْلٍ لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَبُوهُ بِمُعْجَمَةٍ وموحدة وَآخره لَام مصغر وَلَيْسَ لأبي عَمْرو سعيد بْنِ إِيَاسٍ الشَّيْبَانِيِّ شَيْخِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ غَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ بِتَخْفِيفِ النُّونِ وَهَذَا حُكْمُهُ الرَّفْعُ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  أُمِرْنَا لِقَوْلِهِ فِيهِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ لَكَانَ ذِكْرُ نُزُولِ الْآيَةِ كَافِيًا فِي كَوْنِهِ مَرْفُوعا.

     قَوْلُهُ  يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ نَتَكَلَّمُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَكَلَّمُونَ فِيهَا بِكُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّمَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَنَحْوِهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى نَزَلَتْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ نَسْخَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَقَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَيَقْتَضِي أَنَّ النَّسْخَ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ فَيُشْكِلُ ذَلِكَ على قَول بن مَسْعُودٍ إِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَمَّا رَجَعُوا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ وَكَانَ رُجُوعُهُمْ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى مَكَّةَ وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ بَلَغَهُمْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَسْلَمُوا فَرَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ فَوَجَدُوا الْأَمْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَاشْتَدَّ الْأَذَى عَلَيْهِمْ فَخَرَجُوا إِلَيْهَا أَيْضًا فَكَانُوا فِي الْمرة الثَّانِيَة أَضْعَاف الأولى وَكَانَ بن مَسْعُودٍ مَعَ الْفَرِيقَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِي مُرَادِهِ بِقَوْلِهِ فَلَمَّا رَجَعْنَا هَلْ أَرَادَ الرُّجُوعَ الْأَوَّلَ أَوِ الثَّانِي فَجَنَحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَآخَرُونَ إِلَى الْأَوَّلِ وَقَالُوا كَانَ تَحْرِيمُ الْكَلَامِ بِمَكَّةَ وَحَمَلُوا حَدِيثَ زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ وَقَوْمَهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّسْخُ وَقَالُوا لَا مَانِعَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْحُكْمُ ثُمَّ تَنْزِلَ الْآيَةُ بِوَفْقِهِ وَجَنَحَ آخَرُونَ إِلَى التَّرْجِيح فَقَالُوا يتَرَجَّح حَدِيث بن مَسْعُودٍ بِأَنَّهُ حَكَى لَفْظَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَلَمْ يحكه.

     وَقَالَ  آخَرُونَ إِنَّمَا أَرَادَ بن مَسْعُودٍ رُجُوعَهُ الثَّانِي وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَجَهَّزُ إِلَى بَدْرٍ وَفِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ بن مَسْعُودٍ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّجَاشِيِّ ثَمَانِينَ رَجُلًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِي آخِرِهِ فَتَعَجَّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَشَهِدَ بَدْرًا وَفِي السِّيَرِ لِابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا بَلَغَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَجَعَ مِنْهُمْ إِلَى مَكَّةَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا فَمَاتَ مِنْهُمْ رَجُلَانِ بِمَكَّةَ وَحُبِسَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ وَتَوَجَّهَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا فَشَهِدُوا بَدْرًا فعلى هَذَا كَانَ بن مَسْعُودٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَظَهَرَ أَنَّ اجْتِمَاعَهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ رُجُوعِهِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَإِلَى هَذَا الْجَمْعِ نَحَا الْخَطَّابِيُّ وَلَمْ يَقِفْ مَنْ تَعَقَّبَ كَلَامَهُ عَلَى مُسْتَنَدِهِ وَيُقَوِّي هَذَا الْجَمْعَ رِوَايَةُ كُلْثُومٍ الْمُتَقَدِّمَةُ فَإِنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِي أَن كلا من بن مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ حَكَى أَنَّ النَّاسِخَ قَوْله تَعَالَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ وَأما قَول بن حِبَّانَ كَانَ نَسْخُ الْكَلَامِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ أَيْ كَانَ قَوْمِي يَتَكَلَّمُونَ لِأَنَّ قَوْمَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ فَلَمَّا نُسِخَ تَحْرِيمُ الْكَلَامِ بِمَكَّةَ بَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَتَرَكُوهُ فَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ وَبِأَنَّ إِسْلَامَ الْأَنْصَارِ وَتَوَجُّهَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَيْهِمْ إِنَّمَا كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَبِأَنَّ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَنْصَارَ الَّذِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم وَأجَاب بن حِبَّانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كُنَّا نَتَكَلَّمُ مَنْ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ أَيْضًا بِأَنَّهُمْ مَا كَانُوا بِمَكَّةَ يَجْتَمِعُونَ إِلَّا نَادِرًا وَبِمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُمْ يُصَلُّونَ سَأَلَ الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ فَيُخْبِرُهُ بِمَا فَاتَهُ فَيَقْضِي ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَهُمْ حَتَّى جَاءَ مُعَاذٌ يَوْمًا فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهَذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَطْعًا لِأَنَّ أَبَا أُمَامَةَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِنَّمَا أَسْلَمَا بِهَا .

     قَوْلُهُ  حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْآيَةَ كَذَا فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الْوَقْتِ الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا وَانْتَهَتْ رِوَايَةُ الْأَصِيلِيِّ إِلَى قَوْلِهِ الْوُسْطَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمُرَادِ بِالْوُسْطَى وَبِالْقُنُوتِ فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُنُوتِ السُّكُوتُ .

     قَوْلُهُ  فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ أَيْ عَنِ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ لَا مُطْلَقًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَ فِيهَا حَال سكُوت حَقِيقَة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَيَتَرَجَّحُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ حَتَّى الَّتِي لِلْغَايَةِ وَالْفَاءُ الَّتِي تُشْعِرُ بِتَعْلِيلِ مَا سَبَقَ عَلَيْهَا لِمَا يَأْتِي بَعْدَهَاتَنْبِيهٌ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْبُخَارِيِّ وَذَكَرَهَا صَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَلَمْ يُنَبِّهْ أَحَدٌ مِنْ شُرَّاحِهَا عَلَيْهَا وَاسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ لَيْسَ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى قَوْلِهِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى ضِدِّهِ دَلَالَةُ الْتِزَامٍ وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ الْخِلَافُ فَلَعَلَّهُ ذُكِرَ لكَونه أصرح وَالله أعلم قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا اللَّفْظُ أَحَدُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى النَّسْخِ وَهُوَ تَقَدُّمُ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَلَيْسَ كَقَوْلِ الرَّاوِي هَذَا مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ يَطْرُقُهُ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ عَنِ اجْتِهَادٍ وَقِيلَ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ نَسْخٌ لِأَنَّ إِبَاحَةَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْحُكْمُ الْمُزِيلُ لَهَا لَيْسَ نَسْخًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الَّذِي يَقَعُ فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا مَما يُمْنَعُ أَوْ يُبَاحُ إِذَا قَرَّرَهُ الشَّارِعُ كَانَ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَإِذَا وَرَدَ مَا يُخَالِفُهُ كَانَ نَاسِخا وَهُوَ كَذَلِك هُنَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَقَولُهُ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُسَمَّى كَلَامًا فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى عُمُومِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ لِلْعَهْدِ الرَّاجِعِ إِلَى قَوْلِهِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ مِنَّا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ وَقَوْلِهِ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ أَيْ عَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ذَلِكَ تَكْمِيلٌ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ عَامِدٍ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا أَوْ إِنْقَاذِ مُسْلِمٍ مُبْطِلٌ لَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي السَّاهِي وَالْجَاهِلِ فَلَا يُبْطِلُهَا الْقَلِيلُ مِنْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَأَبْطَلَهَا الْحَنَفِيَّةُ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فِي السَّهْوِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَشْيَاءَ أَيْضًا كَمَنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ أَوْ تَعَمَّدَ إِصْلَاحَ الصَّلَاةِ لِسَهْوٍ دَخَلَ عَلَى إِمَامِهِ أَوْ لِإِنْقَاذِ مُسْلِمٍ لِئَلَّا يَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ أَوْ فَتْحٍ عَلَى إِمَامِهِ أَوْ سَبَّحَ لِمَنْ مَرَّ بِهِ أَوْ رَدَّ السَّلَامَ أَوْ أَجَابَ دَعْوَةَ أَحَدِ وَالِدَيْهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ أَوْ تَقَرَّبَ بِقُرْبَةٍ كَأَعْتَقْتُ عَبْدِي لِلَّهِ فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ خِلَافٌ مَحَلُّ بَسْطِهِ كُتُبُ الْفِقْهِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَى بَعْضِهِ حَيْثُ يحْتَاج إِلَيْهِ قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ الْفَرْقُ بَيْنَ قَلِيلِ الْفِعْلِ لِلْعَامِدِ فَلَا يُبْطِلُ وَبَيْنَ قَلِيلِ الْكَلَامِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا تَخْلُو مِنْهُ الصَّلَاةُ غَالِبًا لِمَصْلَحَتِهَا وَتَخْلُو مِنَ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ غَالِبًا مُطَّرِدًا وَاللَّهُ أعلم ( قَولُهُ بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ فِي الصَّلَاة) قَالَ بن رَشِيدٍ أَرَادَ إِلْحَاقَ التَّسْبِيحِ بِالْحَمْدِ بِجَامِعِ الذِّكْرِ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي سَاقَهُ ذِكْرُ التَّحْمِيدِ دُونَ التَّسْبِيحِ.

.

قُلْتُ بَلِ الْحَدِيثُ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِمَا لَكِنَّهُ سَاقَهُ هُنَا مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ مِنْ أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ وَفِيهِ فَرَفَعَ.

     قَوْلُهُ  يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ نَتَكَلَّمُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَكَلَّمُونَ فِيهَا بِكُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّمَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَنَحْوِهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى نَزَلَتْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ نَسْخَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَقَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَيَقْتَضِي أَنَّ النَّسْخَ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ فَيُشْكِلُ ذَلِكَ على قَول بن مَسْعُودٍ إِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَمَّا رَجَعُوا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ وَكَانَ رُجُوعُهُمْ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى مَكَّةَ وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ بَلَغَهُمْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَسْلَمُوا فَرَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ فَوَجَدُوا الْأَمْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَاشْتَدَّ الْأَذَى عَلَيْهِمْ فَخَرَجُوا إِلَيْهَا أَيْضًا فَكَانُوا فِي الْمرة الثَّانِيَة أَضْعَاف الأولى وَكَانَ بن مَسْعُودٍ مَعَ الْفَرِيقَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِي مُرَادِهِ بِقَوْلِهِ فَلَمَّا رَجَعْنَا هَلْ أَرَادَ الرُّجُوعَ الْأَوَّلَ أَوِ الثَّانِي فَجَنَحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَآخَرُونَ إِلَى الْأَوَّلِ وَقَالُوا كَانَ تَحْرِيمُ الْكَلَامِ بِمَكَّةَ وَحَمَلُوا حَدِيثَ زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ وَقَوْمَهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّسْخُ وَقَالُوا لَا مَانِعَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْحُكْمُ ثُمَّ تَنْزِلَ الْآيَةُ بِوَفْقِهِ وَجَنَحَ آخَرُونَ إِلَى التَّرْجِيح فَقَالُوا يتَرَجَّح حَدِيث بن مَسْعُودٍ بِأَنَّهُ حَكَى لَفْظَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَلَمْ يحكه.

     وَقَالَ  آخَرُونَ إِنَّمَا أَرَادَ بن مَسْعُودٍ رُجُوعَهُ الثَّانِي وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَجَهَّزُ إِلَى بَدْرٍ وَفِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ بن مَسْعُودٍ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّجَاشِيِّ ثَمَانِينَ رَجُلًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِي آخِرِهِ فَتَعَجَّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَشَهِدَ بَدْرًا وَفِي السِّيَرِ لِابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا بَلَغَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَجَعَ مِنْهُمْ إِلَى مَكَّةَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا فَمَاتَ مِنْهُمْ رَجُلَانِ بِمَكَّةَ وَحُبِسَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ وَتَوَجَّهَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا فَشَهِدُوا بَدْرًا فعلى هَذَا كَانَ بن مَسْعُودٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَظَهَرَ أَنَّ اجْتِمَاعَهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ رُجُوعِهِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَإِلَى هَذَا الْجَمْعِ نَحَا الْخَطَّابِيُّ وَلَمْ يَقِفْ مَنْ تَعَقَّبَ كَلَامَهُ عَلَى مُسْتَنَدِهِ وَيُقَوِّي هَذَا الْجَمْعَ رِوَايَةُ كُلْثُومٍ الْمُتَقَدِّمَةُ فَإِنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِي أَن كلا من بن مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ حَكَى أَنَّ النَّاسِخَ قَوْله تَعَالَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ وَأما قَول بن حِبَّانَ كَانَ نَسْخُ الْكَلَامِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ أَيْ كَانَ قَوْمِي يَتَكَلَّمُونَ لِأَنَّ قَوْمَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ فَلَمَّا نُسِخَ تَحْرِيمُ الْكَلَامِ بِمَكَّةَ بَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَتَرَكُوهُ فَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ وَبِأَنَّ إِسْلَامَ الْأَنْصَارِ وَتَوَجُّهَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَيْهِمْ إِنَّمَا كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَبِأَنَّ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَنْصَارَ الَّذِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم وَأجَاب بن حِبَّانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كُنَّا نَتَكَلَّمُ مَنْ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ أَيْضًا بِأَنَّهُمْ مَا كَانُوا بِمَكَّةَ يَجْتَمِعُونَ إِلَّا نَادِرًا وَبِمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُمْ يُصَلُّونَ سَأَلَ الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ فَيُخْبِرُهُ بِمَا فَاتَهُ فَيَقْضِي ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَهُمْ حَتَّى جَاءَ مُعَاذٌ يَوْمًا فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهَذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَطْعًا لِأَنَّ أَبَا أُمَامَةَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِنَّمَا أَسْلَمَا بِهَا .

     قَوْلُهُ  حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْآيَةَ كَذَا فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الْوَقْتِ الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا وَانْتَهَتْ رِوَايَةُ الْأَصِيلِيِّ إِلَى قَوْلِهِ الْوُسْطَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمُرَادِ بِالْوُسْطَى وَبِالْقُنُوتِ فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُنُوتِ السُّكُوتُ .

     قَوْلُهُ  فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ أَيْ عَنِ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ لَا مُطْلَقًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَ فِيهَا حَال سكُوت حَقِيقَة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَيَتَرَجَّحُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ حَتَّى الَّتِي لِلْغَايَةِ وَالْفَاءُ الَّتِي تُشْعِرُ بِتَعْلِيلِ مَا سَبَقَ عَلَيْهَا لِمَا يَأْتِي بَعْدَهَاتَنْبِيهٌ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْبُخَارِيِّ وَذَكَرَهَا صَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَلَمْ يُنَبِّهْ أَحَدٌ مِنْ شُرَّاحِهَا عَلَيْهَا وَاسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ لَيْسَ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى قَوْلِهِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى ضِدِّهِ دَلَالَةُ الْتِزَامٍ وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ الْخِلَافُ فَلَعَلَّهُ ذُكِرَ لكَونه أصرح وَالله أعلم قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا اللَّفْظُ أَحَدُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى النَّسْخِ وَهُوَ تَقَدُّمُ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَلَيْسَ كَقَوْلِ الرَّاوِي هَذَا مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ يَطْرُقُهُ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ عَنِ اجْتِهَادٍ وَقِيلَ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ نَسْخٌ لِأَنَّ إِبَاحَةَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْحُكْمُ الْمُزِيلُ لَهَا لَيْسَ نَسْخًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الَّذِي يَقَعُ فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا مَما يُمْنَعُ أَوْ يُبَاحُ إِذَا قَرَّرَهُ الشَّارِعُ كَانَ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَإِذَا وَرَدَ مَا يُخَالِفُهُ كَانَ نَاسِخا وَهُوَ كَذَلِك هُنَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَقَولُهُ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُسَمَّى كَلَامًا فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى عُمُومِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ لِلْعَهْدِ الرَّاجِعِ إِلَى قَوْلِهِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ مِنَّا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ وَقَوْلِهِ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ أَيْ عَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ذَلِكَ تَكْمِيلٌ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ عَامِدٍ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا أَوْ إِنْقَاذِ مُسْلِمٍ مُبْطِلٌ لَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي السَّاهِي وَالْجَاهِلِ فَلَا يُبْطِلُهَا الْقَلِيلُ مِنْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَأَبْطَلَهَا الْحَنَفِيَّةُ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فِي السَّهْوِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَشْيَاءَ أَيْضًا كَمَنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ أَوْ تَعَمَّدَ إِصْلَاحَ الصَّلَاةِ لِسَهْوٍ دَخَلَ عَلَى إِمَامِهِ أَوْ لِإِنْقَاذِ مُسْلِمٍ لِئَلَّا يَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ أَوْ فَتْحٍ عَلَى إِمَامِهِ أَوْ سَبَّحَ لِمَنْ مَرَّ بِهِ أَوْ رَدَّ السَّلَامَ أَوْ أَجَابَ دَعْوَةَ أَحَدِ وَالِدَيْهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ أَوْ تَقَرَّبَ بِقُرْبَةٍ كَأَعْتَقْتُ عَبْدِي لِلَّهِ فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ خِلَافٌ مَحَلُّ بَسْطِهِ كُتُبُ الْفِقْهِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَى بَعْضِهِ حَيْثُ يحْتَاج إِلَيْهِ قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ الْفَرْقُ بَيْنَ قَلِيلِ الْفِعْلِ لِلْعَامِدِ فَلَا يُبْطِلُ وَبَيْنَ قَلِيلِ الْكَلَامِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا تَخْلُو مِنْهُ الصَّلَاةُ غَالِبًا لِمَصْلَحَتِهَا وَتَخْلُو مِنَ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ غَالِبًا مُطَّرِدًا وَاللَّهُ أعلم ( قَولُهُ بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ فِي الصَّلَاة) قَالَ بن رَشِيدٍ أَرَادَ إِلْحَاقَ التَّسْبِيحِ بِالْحَمْدِ بِجَامِعِ الذِّكْرِ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي سَاقَهُ ذِكْرُ التَّحْمِيدِ دُونَ التَّسْبِيحِ.

.

قُلْتُ بَلِ الْحَدِيثُ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِمَا لَكِنَّهُ سَاقَهُ هُنَا مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ مِنْ أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ وَفِيهِ فَرَفَعَالمقصود بالعمل المستحق للعبادة قوله ( عن بن عُمَرَ تَلَقَّفْتُ التَّلْبِيَةَ) هُوَ بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ أَيْ أَخَذْتُهَا بِسُرْعَةٍ قَالَ الْقَاضِي وَرُوِيَ تَلَقَّنْتُ بالنون قال والأول رواية الجمهور قال وَرُوِيَ تَلَقَّيْتُ بِالْيَاءِ وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ .

     قَوْلُهُ  ( أَهَلَّ فَقَالَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْإِهْلَالُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي الْإِحْرَامِ وَأَصْلُ الْإِهْلَالِ فِي اللُّغَةِ رَفْعُ الصَّوْتِ وَمِنْهُ اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ أَيْ صَاحَ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وما أهل به لغير الله أَيْ رُفِعَ الصَّوْتُ عِنْدَ ذَبْحِهِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُمِّيَ الْهِلَالُ هِلَالًا لِرَفْعِهِمُ الصَّوْتَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ .

     قَوْلُهُ  ( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا) فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَلْبِيدِ الرَّأْسِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الذيالمقصود بالعمل المستحق للعبادة قوله ( عن بن عُمَرَ تَلَقَّفْتُ التَّلْبِيَةَ) هُوَ بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ أَيْ أَخَذْتُهَا بِسُرْعَةٍ قَالَ الْقَاضِي وَرُوِيَ تَلَقَّنْتُ بالنون قال والأول رواية الجمهور قال وَرُوِيَ تَلَقَّيْتُ بِالْيَاءِ وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ .

     قَوْلُهُ  ( أَهَلَّ فَقَالَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْإِهْلَالُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي الْإِحْرَامِ وَأَصْلُ الْإِهْلَالِ فِي اللُّغَةِ رَفْعُ الصَّوْتِ وَمِنْهُ اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ أَيْ صَاحَ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وما أهل به لغير الله أَيْ رُفِعَ الصَّوْتُ عِنْدَ ذَبْحِهِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُمِّيَ الْهِلَالُ هِلَالًا لِرَفْعِهِمُ الصَّوْتَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ .

     قَوْلُهُ  ( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا) فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَلْبِيدِ الرَّأْسِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الذيالمقصود بالعمل المستحق للعبادة قوله ( عن بن عُمَرَ تَلَقَّفْتُ التَّلْبِيَةَ) هُوَ بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ أَيْ أَخَذْتُهَا بِسُرْعَةٍ قَالَ الْقَاضِي وَرُوِيَ تَلَقَّنْتُ بالنون قال والأول رواية الجمهور قال وَرُوِيَ تَلَقَّيْتُ بِالْيَاءِ وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ .

     قَوْلُهُ  ( أَهَلَّ فَقَالَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْإِهْلَالُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي الْإِحْرَامِ وَأَصْلُ الْإِهْلَالِ فِي اللُّغَةِ رَفْعُ الصَّوْتِ وَمِنْهُ اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ أَيْ صَاحَ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وما أهل به لغير الله أَيْ رُفِعَ الصَّوْتُ عِنْدَ ذَبْحِهِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُمِّيَ الْهِلَالُ هِلَالًا لِرَفْعِهِمُ الصَّوْتَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ .

     قَوْلُهُ  ( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا) فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَلْبِيدِ الرَّأْسِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الذيالمقصود بالعمل المستحق للعبادة قوله ( عن بن عُمَرَ تَلَقَّفْتُ التَّلْبِيَةَ) هُوَ بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ أَيْ أَخَذْتُهَا بِسُرْعَةٍ قَالَ الْقَاضِي وَرُوِيَ تَلَقَّنْتُ بالنون قال والأول رواية الجمهور قال وَرُوِيَ تَلَقَّيْتُ بِالْيَاءِ وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ .

     قَوْلُهُ  ( أَهَلَّ فَقَالَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْإِهْلَالُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي الْإِحْرَامِ وَأَصْلُ الْإِهْلَالِ فِي اللُّغَةِ رَفْعُ الصَّوْتِ وَمِنْهُ اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ أَيْ صَاحَ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وما أهل به لغير الله أَيْ رُفِعَ الصَّوْتُ عِنْدَ ذَبْحِهِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُمِّيَ الْهِلَالُ هِلَالًا لِرَفْعِهِمُ الصَّوْتَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ .

     قَوْلُهُ  ( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا) فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَلْبِيدِ الرَّأْسِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الذي( قَولُهُ بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ) فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَالْكُشْمِيهَنِيِّ مَا يُنْهَى عَنْهُ وَفِي التَّرْجَمَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْكَلَامِ لَا يُنْهَى عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي حِكَايَةُ الْخلاف فِيهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1200] حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ "إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ، حَتَّى نَزَلَتْ { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} الآيَةَ، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ".
[الحديث طرفه في: 4534] .
وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد بن زاذان التميمي الفراء، قال: (أخبرنا عيسى) زاد الهروي، والأصيلي، وابن عساكر: هو ابن يونس (عن إسماعيل) بن أبي خالد بن سعد الأحمسي البجلي (عن الحارث بن شبيل) بضم الشين المعجمة وفتح الموحدة آخره لام بعد المثناة التحتية الساكنة، الأحمسي (عن أبي عمرو) بفتح العين، سعد بن أبي أياس (الشيباني) بفتح المعجمة الكوفي (قال: قال لي زيد بن أرقم) بفتح الهمزة والقاف، الأنصاري الخزرجي، وليس للشيباني عن ابن أرقم غير هذا الحديث.
(إن كنا لنتكلم) بتخفيف النون بعد الهمزة المكسورة، ولام التأكيد (في الصلاة على عهد النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يكلم أحدنا صاحبه بحاجته) وفي لفظ: ويسلم بعضنا على بعض في الصلاة (حتى) أي: إلى أن (نزلت { حافظوا} ) أي: داوموا ({ على الصلوات} اللآية) ولأبوي ذر والوقت، (على الصلوات والصلاة الوسطى أي: العصر، وعليه الأكثرون { وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] أي ساكنين لأن لفظ الراوي يشعر به، فحمله عليه أولى وأرجح، لأن المشاهد للوحي والتنزيل يعلم سبب النزول.
وقال أهل التفسير: خاشعين ذليلين بين يديه، وحينئذ فالكلام مناف للخشوع إلا ما كان من أمر الصلاة، وللأصيلي: والصلاة الوسطى.
الآية.
(فأمرنا بالسكوت) بضم الهمزة أي: عما كنا نفعله من ذلك، وزاد مسلم، ونهينا عن الكلام، وليس المراد مطلقًا، فإن الصلاة ليس فيها حالة سكوت حقيقية.
واستدلّ بهذه الآية على أن الأمر بشيء ليس نهيًا عن ضده، إذ لو كان كذلك لم يحتج إلى قوله: ونهينا عن الكلام.
وأجيب: بأن دلالته على ذلك دلالة التزام، ومن ثم وقع الخلاف، فلعله ذكر لكونه أصرح.
وقال ابن دقيق العيد قوله: ونهينا عن الكلام، يقتضي أن كل شيء يسمى كلامًا فهو منهي عنه، حملاً للفظ على عمومه، ويحتمل أن تكون اللام للعهد الراجع إلى قوله: يكلم الرجل منا صاحبه بحاجته، وظاهر هذا أن نسخ الكلام في الصلاة وقع في المدينة لأن الآية مدنية باتفاق.
فتعين أن المراد بقوله: فلما رجعنا من عند النجاشي في الهجرة الثانية، ولم يكونوا يجمعون بمكة إلا نادرًا.
والذي تقرر: أن الصلاة تبطل بالنطق عمدًا من غير: القرآن، والذكر، والدعاء بحرفين أفهما، أو لا نحو: قم وعن، أو حرف مفهم نحو: ق، من الوقاية.
وكذا مدة بعد حرف، لأنها ألف، أو واو، أو: ياء لحديث مسلم: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس".
والكلام يقع على المفهم وغيره الذي هو حرفان، وتخصيصه بالمفهم اصطلاح النحاة، واختلف في الناسي ومن سبق لسانه، فلا يبطلها قليل كلامهما، عند الشافعية، والمالكية، وأحمد والجمهور، خلافًا للحنفية مطلقًا.
لنا حديث ذي اليدين، وكذا الجاهل للتحريم إن قرب عهده بالإسلام بخلاف بعيد العهد به، لتقصيره بترك التعلم، وهذا بخلاف الكثير، فإنه مبطل.
ويعذر في التنحنح، وإن ظهر به حرفان للغلبة، وتعذر قراءة الفاتحة لا الجهر، لأنه سنة لا ضرورة إلى التنحنح له، ولو أكره على الكلام بطلت لندرة الإكراه، ولا تبطل بالذكر والدعاء العاري عن المخاطبة، فلو خاطب كقولهلعاطس: رحمك الله، بطلت بخلاف: رحمه الله، بالهاء.
ولو تكلم بنظم القرآن قاصدًا التفهيم: كيا يحيى خذ الكتاب، مفهمًا به من يستأذن في أخذ شيء أن يأخذه، إن قصد معه القراءة لم تبطل، فإن قصد التفهيم فقط بطلت.
وإن لم يقصد شيئًا ففي التحقيق الجزم بالبطلان.
وقوله: إن كنا لنتكلم، حكمه حكم المرفوع.
وكذا قوله: أمرنا، لقوله فيه: على عهد النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حتى ولو لم يقيد بذلك لكان ذكر نزول الآية كافيًا في كونه مرفوعًا.
ورواة هذا الحديث الستة كوفيون إلا شيخ المؤلّف فرازي، وفيه، التحديث والأخبار والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في: التفسير، وأخرجه مسلم في: الصلاة، وكذا أبو داود، وأخرجه الترمذي فيها وفي: التفسير.
3 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ فِي الصَّلاَةِ لِلرِّجَالِ (باب ما يجوز من التسبيح والحمد في) أثناء (الصلاة للرجال) إذا نابهم فيها شيء، كتنبيه إمام على سهو، وإذن لمستاذن في الدخول، وإنذار أعمى أن يقع في بئر ونحوها.
وقيد بالرجل ليخرج النساء.
وأتى بالحمد بعد التسبيح تنبيهًا على أن الحمد يقوم مقام التسبيح، لأن الغرض التنبيه على عروض أمر لا مجرد التسبيح والتحميد.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :1157 ... غــ :1200] .

     قَوْلُهُ  عَنْ إِسْمَاعِيلَ هُوَ بن أَبِي خَالِدٍ وَالْحَارِثُ بْنُ شُبَيْلٍ لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَبُوهُ بِمُعْجَمَةٍ وموحدة وَآخره لَام مصغر وَلَيْسَ لأبي عَمْرو سعيد بْنِ إِيَاسٍ الشَّيْبَانِيِّ شَيْخِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ غَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ بِتَخْفِيفِ النُّونِ وَهَذَا حُكْمُهُ الرَّفْعُ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  أُمِرْنَا لِقَوْلِهِ فِيهِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ لَكَانَ ذِكْرُ نُزُولِ الْآيَةِ كَافِيًا فِي كَوْنِهِ مَرْفُوعا .

     قَوْلُهُ  يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ نَتَكَلَّمُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَكَلَّمُونَ فِيهَا بِكُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّمَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَنَحْوِهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى نَزَلَتْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ نَسْخَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَقَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَيَقْتَضِي أَنَّ النَّسْخَ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ فَيُشْكِلُ ذَلِكَ على قَول بن مَسْعُودٍ إِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَمَّا رَجَعُوا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ وَكَانَ رُجُوعُهُمْ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى مَكَّةَ وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ بَلَغَهُمْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَسْلَمُوا فَرَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ فَوَجَدُوا الْأَمْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَاشْتَدَّ الْأَذَى عَلَيْهِمْ فَخَرَجُوا إِلَيْهَا أَيْضًا فَكَانُوا فِي الْمرة الثَّانِيَة أَضْعَاف الأولى وَكَانَ بن مَسْعُودٍ مَعَ الْفَرِيقَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِي مُرَادِهِ بِقَوْلِهِ فَلَمَّا رَجَعْنَا هَلْ أَرَادَ الرُّجُوعَ الْأَوَّلَ أَوِ الثَّانِي فَجَنَحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَآخَرُونَ إِلَى الْأَوَّلِ وَقَالُوا كَانَ تَحْرِيمُ الْكَلَامِ بِمَكَّةَ وَحَمَلُوا حَدِيثَ زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ وَقَوْمَهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّسْخُ وَقَالُوا لَا مَانِعَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْحُكْمُ ثُمَّ تَنْزِلَ الْآيَةُ بِوَفْقِهِ وَجَنَحَ آخَرُونَ إِلَى التَّرْجِيح فَقَالُوا يتَرَجَّح حَدِيث بن مَسْعُودٍ بِأَنَّهُ حَكَى لَفْظَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَلَمْ يحكه.

     وَقَالَ  آخَرُونَ إِنَّمَا أَرَادَ بن مَسْعُودٍ رُجُوعَهُ الثَّانِي وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَجَهَّزُ إِلَى بَدْرٍ وَفِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ بن مَسْعُودٍ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّجَاشِيِّ ثَمَانِينَ رَجُلًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِي آخِرِهِ فَتَعَجَّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَشَهِدَ بَدْرًا وَفِي السِّيَرِ لِابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا بَلَغَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَجَعَ مِنْهُمْ إِلَى مَكَّةَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا فَمَاتَ مِنْهُمْ رَجُلَانِ بِمَكَّةَ وَحُبِسَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ وَتَوَجَّهَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا فَشَهِدُوا بَدْرًا فعلى هَذَا كَانَ بن مَسْعُودٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَظَهَرَ أَنَّ اجْتِمَاعَهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ رُجُوعِهِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَإِلَى هَذَا الْجَمْعِ نَحَا الْخَطَّابِيُّ وَلَمْ يَقِفْ مَنْ تَعَقَّبَ كَلَامَهُ عَلَى مُسْتَنَدِهِ وَيُقَوِّي هَذَا الْجَمْعَ رِوَايَةُ كُلْثُومٍ الْمُتَقَدِّمَةُ فَإِنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِي أَن كلا من بن مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ حَكَى أَنَّ النَّاسِخَ قَوْله تَعَالَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ وَأما قَول بن حِبَّانَ كَانَ نَسْخُ الْكَلَامِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ أَيْ كَانَ قَوْمِي يَتَكَلَّمُونَ لِأَنَّ قَوْمَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ فَلَمَّا نُسِخَ تَحْرِيمُ الْكَلَامِ بِمَكَّةَ بَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَتَرَكُوهُ فَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ وَبِأَنَّ إِسْلَامَ الْأَنْصَارِ وَتَوَجُّهَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَيْهِمْ إِنَّمَا كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَبِأَنَّ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَنْصَارَ الَّذِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم وَأجَاب بن حِبَّانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كُنَّا نَتَكَلَّمُ مَنْ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ أَيْضًا بِأَنَّهُمْ مَا كَانُوا بِمَكَّةَ يَجْتَمِعُونَ إِلَّا نَادِرًا وَبِمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُمْ يُصَلُّونَ سَأَلَ الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ فَيُخْبِرُهُ بِمَا فَاتَهُ فَيَقْضِي ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَهُمْ حَتَّى جَاءَ مُعَاذٌ يَوْمًا فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهَذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَطْعًا لِأَنَّ أَبَا أُمَامَةَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِنَّمَا أَسْلَمَا بِهَا .

     قَوْلُهُ  حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْآيَةَ كَذَا فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الْوَقْتِ الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا وَانْتَهَتْ رِوَايَةُ الْأَصِيلِيِّ إِلَى قَوْلِهِ الْوُسْطَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمُرَادِ بِالْوُسْطَى وَبِالْقُنُوتِ فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُنُوتِ السُّكُوتُ .

     قَوْلُهُ  فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ أَيْ عَنِ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ لَا مُطْلَقًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَ فِيهَا حَال سكُوت حَقِيقَة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَيَتَرَجَّحُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ حَتَّى الَّتِي لِلْغَايَةِ وَالْفَاءُ الَّتِي تُشْعِرُ بِتَعْلِيلِ مَا سَبَقَ عَلَيْهَا لِمَا يَأْتِي بَعْدَهَا تَنْبِيهٌ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْبُخَارِيِّ وَذَكَرَهَا صَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَلَمْ يُنَبِّهْ أَحَدٌ مِنْ شُرَّاحِهَا عَلَيْهَا وَاسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ لَيْسَ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى قَوْلِهِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى ضِدِّهِ دَلَالَةُ الْتِزَامٍ وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ الْخِلَافُ فَلَعَلَّهُ ذُكِرَ لكَونه أصرح وَالله أعلم قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا اللَّفْظُ أَحَدُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى النَّسْخِ وَهُوَ تَقَدُّمُ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَلَيْسَ كَقَوْلِ الرَّاوِي هَذَا مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ يَطْرُقُهُ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ عَنِ اجْتِهَادٍ وَقِيلَ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ نَسْخٌ لِأَنَّ إِبَاحَةَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْحُكْمُ الْمُزِيلُ لَهَا لَيْسَ نَسْخًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الَّذِي يَقَعُ فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا مَما يُمْنَعُ أَوْ يُبَاحُ إِذَا قَرَّرَهُ الشَّارِعُ كَانَ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَإِذَا وَرَدَ مَا يُخَالِفُهُ كَانَ نَاسِخا وَهُوَ كَذَلِك هُنَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَقَولُهُ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُسَمَّى كَلَامًا فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى عُمُومِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ لِلْعَهْدِ الرَّاجِعِ إِلَى قَوْلِهِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ مِنَّا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ وَقَوْلِهِ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ أَيْ عَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ذَلِكَ تَكْمِيلٌ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ عَامِدٍ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا أَوْ إِنْقَاذِ مُسْلِمٍ مُبْطِلٌ لَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي السَّاهِي وَالْجَاهِلِ فَلَا يُبْطِلُهَا الْقَلِيلُ مِنْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَأَبْطَلَهَا الْحَنَفِيَّةُ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فِي السَّهْوِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَشْيَاءَ أَيْضًا كَمَنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ أَوْ تَعَمَّدَ إِصْلَاحَ الصَّلَاةِ لِسَهْوٍ دَخَلَ عَلَى إِمَامِهِ أَوْ لِإِنْقَاذِ مُسْلِمٍ لِئَلَّا يَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ أَوْ فَتْحٍ عَلَى إِمَامِهِ أَوْ سَبَّحَ لِمَنْ مَرَّ بِهِ أَوْ رَدَّ السَّلَامَ أَوْ أَجَابَ دَعْوَةَ أَحَدِ وَالِدَيْهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ أَوْ تَقَرَّبَ بِقُرْبَةٍ كَأَعْتَقْتُ عَبْدِي لِلَّهِ فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ خِلَافٌ مَحَلُّ بَسْطِهِ كُتُبُ الْفِقْهِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَى بَعْضِهِ حَيْثُ يحْتَاج إِلَيْهِ قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ الْفَرْقُ بَيْنَ قَلِيلِ الْفِعْلِ لِلْعَامِدِ فَلَا يُبْطِلُ وَبَيْنَ قَلِيلِ الْكَلَامِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا تَخْلُو مِنْهُ الصَّلَاةُ غَالِبًا لِمَصْلَحَتِهَا وَتَخْلُو مِنَ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ غَالِبًا مُطَّرِدًا وَاللَّهُ أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1157 ... غــ :1200 ]
- ثنا إبراهيم بن موسى: ثنا عيسى –هو: ابن يونس -: ثنا إسماعيل –هو: ابن أبي خالد -، عن الحارث بن شبيل، عن أبي عمرو الشيباني، قال: قال لي زيد بن أرقم: إن كنا لنتكلم في الصلاة على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيكلم أحدنا صاحبه
بحاجته، حتى نزلت: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] فأمرنا بالسكوت.

وخرجه مسلم، وزاد فيه: ( ( ونهينا عن الكلام) ) ، وليس عنده: ذكر عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وخرجه النسائي، وعنده: ( ( فأمرنا حينئذ بالسكوت) ) .

وخرجه الترمذي، ولفظه: كنا نتكلم خلف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصلاة، فيكلم الرجل منا صاحبه إلى جنبه، حتى نزلت { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] .
قال: فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام.

وهذه الرواية صريحة برفع آخره.

واختلف الناس في تحريم الكلام في الصَّلاة: هلا كان بمكة، او بالمدينة؟ فقالت طائفة: كانَ بمكة.

واستدلوا بحديث ابن مسعود المتقدم، وأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امتنع من الكلام عند قدومهم عليه من الحبشة، وإنما قدم ابن مسعود عليه من الحبشة إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة، كذا ذكره ابن إسحاق وغيره.

ويعضد هذا: أنه روي: أن امتناعهم من الكلام كان بنزول قوله: { وَإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:204] وهذه الآية مكية.

فروى أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن المسيب بن رافع، قال: قال ابن مسعود:
كنا نسلم بعضنا على بعض في الصلاة، فجاء القرآن { وَإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} .

وأخرجه ابن جرير وغيره.

وهذا الإسناد منقطع؛ فإن المسيب لم يلق ابن مسعود.

وروى الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة، قالَ: كانوا يتكلمون في الصَّلاة، فلما نزلت هذه الآية { وَإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ} والآية الأخرى، قالَ: فأمرنا بالإنصات.

وخرجه بقي بن مخلد في ( ( مسنده) ) .

وخرجه غيره، وعنده: ( ( أو الآية الأخرى) ) – بالشك.

والهجري، ليس بالقوي.

ولكن يشكل على أهل هذه المقالة حديث زيد بن أرقم، الذي خرجه البخاري هاهنا؛ فإن زيداً الأنصاري، لم يصل خلف النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة، إنما صلى خلفه بالمدينة، وقد أخبر أنهم كانوا يتكلمون حتَّى نزلت: { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقر: 238] .

وهي مدنية بالاتفاق.

وأجاب أبو حاتم ابن حبان – وهو ممن يقول: إن تحريم كلام كان بمكة -: واجيب عن هذا بجوابين:
أحدهما: أن زيد بن أرقم حكى حال الأنصار وصلاتهم بالمدينة قبل هجرة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليهم، وأنهم كانوا يتكلمون حينئذ في الصلاة؛ فإن الكلام حينئذ كانَ مباحاً، وكان النَّبيّ إذ ذاك بمكة، فحكى زيد صلاتهم تلك الأيام، لا أن نسخ الكلام كانَ بالمدينة.

قلت: هذا ضعيف؛ لوجهين:
أحدهما: أن في رواية الترمذي: ( ( كنا نتكلم خلف النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصَّلاة) ) ، فدل على أنه حكى حالهم في صلاتهم خلف النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد هجرته إلى المدينة.
أنه ذكر أنهم لم ينهوا عن الكلام حتى نزلت الاية، وهي إنما نزلت بعد الهجرة بالاتفاق، فعلم أن كلامهم استمر في الصلاة بالمدينة، حتى نزلت هذه الآية 0
ثم قال ابن حبان:
والجواب الثاني: أن زيدا حكى حال الصحابة مطلقا، من المهاجرين وغيرهم، ممن كان يصلي مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل تحريم ( ( الكلام) ) في الصلاة، ولم يرد الأنصار، ولا أهل المدينة بخصوصهم، كما يقول القائل: فعلنا كذا، وإنما فعله بعضهم.

قلت: وهذا يرده قوله: ( ( حتى نزلت الآية) ) ؛ فإنه يصرح بأن كلامهم استمر إلى حين نزولها، وهي إنما نزلت بالمدينة.

وأجاب غير ابن حبان بجوابين آخرين:
أحدهما: أنه يحتمل أنه كان نهي عن الكلام متقدما، ثم أذن فيه، ثم نهي عنه لما نزلت الآية.
أنه يحتمل أن يكون زيد بن أرقم ومن كان يتكلم في الصلاة لم يبلغهم نهي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما نزلت الآية انتهوا.

وكلا الجوابين فيه بعد، وإنما انتهوا عند نزول الآية، بأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالسكوت، ونهيه عن الكلام، كما تقدم.

وقال طائفة أخرى: إنما حرم الكلام في الصلاة بالمدينة؛ لظاهر حديث زيد بن أرقم، ومنعوا أن يكون ابن مسعود رجع من الحبشة إلى مكة، وقالوا: إنما رجع من الحبشة إلى المدينة، قبيل بدر.

واستدلوا بما خرجه أبو داود الطيالسي في ( ( مسنده) ) من حديث عبد الله بن
عتبة، عن ابن مسعود، قال: بعثنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى النجاشي، ونحن ثمانون رجلا، ومعنا جعفر بن أبي طالب – فذكر الحديث في دخولهم على النجاشي، وفي آخره -: فجاء ابن مسعود، فبادر، فشهد بدرا.

وروى آدم ابن أبي إياس في ( ( تفسيره) ) : حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، قال: قدم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة، والناس يتكلمون بحوائجهم في الصلاة، كما يتكلم أهل الكتاب، فأنزل الله { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238] ، فسكت القوم عن الكلام.

وهذا مرسل.
وأبو معشر، هو: نجيح السندي، يتكلمون فيه.

وقد اتفق العلماء على أن الصلاة تبطل بكلام الآدميين فيها عمدا لغير مصلحة الصلاة، واختلفوا في كلام الناسي والجاهل والعامد لمصلحة الصلاة.

فأماكلام الجاهل، فيأتي ذكره – قريبا.

وأما كلام الناسي والعامد لمصلحة، فيأتي ذكره في ( ( أبواب سجود السهو) ) قريبا – إن شاء الله تعالى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1157 ... غــ : 1200 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ "إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ، حَتَّى نَزَلَتْ { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} الآيَةَ، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ".
[الحديث 1200 - طرفه في: 4534] .

وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد بن زاذان التميمي الفراء، قال: (أخبرنا عيسى) زاد الهروي، والأصيلي، وابن عساكر: هو ابن يونس (عن إسماعيل) بن أبي خالد بن سعد الأحمسي

البجلي (عن الحارث بن شبيل) بضم الشين المعجمة وفتح الموحدة آخره لام بعد المثناة التحتية الساكنة، الأحمسي (عن أبي عمرو) بفتح العين، سعد بن أبي أياس (الشيباني) بفتح المعجمة الكوفي (قال: قال لي زيد بن أرقم) بفتح الهمزة والقاف، الأنصاري الخزرجي، وليس للشيباني عن ابن أرقم غير هذا الحديث.

(إن كنا لنتكلم) بتخفيف النون بعد الهمزة المكسورة، ولام التأكيد (في الصلاة على عهد النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يكلم أحدنا صاحبه بحاجته) وفي لفظ: ويسلم بعضنا على بعض في الصلاة (حتى) أي: إلى أن (نزلت { حافظوا} ) أي: داوموا ({ على الصلوات} اللآية) ولأبوي ذر والوقت، (على الصلوات والصلاة الوسطى أي: العصر، وعليه الأكثرون { وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] أي ساكنين لأن لفظ الراوي يشعر به، فحمله عليه أولى وأرجح، لأن المشاهد للوحي والتنزيل يعلم سبب النزول.

وقال أهل التفسير: خاشعين ذليلين بين يديه، وحينئذ فالكلام مناف للخشوع إلا ما كان من أمر الصلاة، وللأصيلي: والصلاة الوسطى.
الآية.

(فأمرنا بالسكوت) بضم الهمزة أي: عما كنا نفعله من ذلك، وزاد مسلم، ونهينا عن الكلام، وليس المراد مطلقًا، فإن الصلاة ليس فيها حالة سكوت حقيقية.

واستدلّ بهذه الآية على أن الأمر بشيء ليس نهيًا عن ضده، إذ لو كان كذلك لم يحتج إلى قوله: ونهينا عن الكلام.

وأجيب: بأن دلالته على ذلك دلالة التزام، ومن ثم وقع الخلاف، فلعله ذكر لكونه أصرح.

وقال ابن دقيق العيد قوله: ونهينا عن الكلام، يقتضي أن كل شيء يسمى كلامًا فهو منهي عنه، حملاً للفظ على عمومه، ويحتمل أن تكون اللام للعهد الراجع إلى قوله: يكلم الرجل منا صاحبه بحاجته، وظاهر هذا أن نسخ الكلام في الصلاة وقع في المدينة لأن الآية مدنية باتفاق.

فتعين أن المراد بقوله: فلما رجعنا من عند النجاشي في الهجرة الثانية، ولم يكونوا يجمعون بمكة إلا نادرًا.

والذي تقرر: أن الصلاة تبطل بالنطق عمدًا من غير: القرآن، والذكر، والدعاء بحرفين أفهما، أو لا نحو: قم وعن، أو حرف مفهم نحو: ق، من الوقاية.
وكذا مدة بعد حرف، لأنها ألف، أو واو، أو: ياء لحديث مسلم: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس".

والكلام يقع على المفهم وغيره الذي هو حرفان، وتخصيصه بالمفهم اصطلاح النحاة، واختلف في الناسي ومن سبق لسانه، فلا يبطلها قليل كلامهما، عند الشافعية، والمالكية، وأحمد والجمهور، خلافًا للحنفية مطلقًا.


لنا حديث ذي اليدين، وكذا الجاهل للتحريم إن قرب عهده بالإسلام بخلاف بعيد العهد به، لتقصيره بترك التعلم، وهذا بخلاف الكثير، فإنه مبطل.
ويعذر في التنحنح، وإن ظهر به حرفان للغلبة، وتعذر قراءة الفاتحة لا الجهر، لأنه سنة لا ضرورة إلى التنحنح له، ولو أكره على الكلام بطلت لندرة الإكراه، ولا تبطل بالذكر والدعاء العاري عن المخاطبة، فلو خاطب كقوله لعاطس: رحمك الله، بطلت بخلاف: رحمه الله، بالهاء.
ولو تكلم بنظم القرآن قاصدًا التفهيم: كيا يحيى خذ الكتاب، مفهمًا به من يستأذن في أخذ شيء أن يأخذه، إن قصد معه القراءة لم تبطل، فإن قصد التفهيم فقط بطلت.
وإن لم يقصد شيئًا ففي التحقيق الجزم بالبطلان.

وقوله: إن كنا لنتكلم، حكمه حكم المرفوع.
وكذا قوله: أمرنا، لقوله فيه: على عهد النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حتى ولو لم يقيد بذلك لكان ذكر نزول الآية كافيًا في كونه مرفوعًا.

ورواة هذا الحديث الستة كوفيون إلا شيخ المؤلّف فرازي، وفيه، التحديث والأخبار والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في: التفسير، وأخرجه مسلم في: الصلاة، وكذا أبو داود، وأخرجه الترمذي فيها وفي: التفسير.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1157 ... غــ :1200]
- ( حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى قَالَ أخبرنَا عِيسَى هُوَ ابْن يُونُس عَن إِسْمَاعِيل عَن الْحَارِث بن شبيل عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ قَالَ قَالَ لي زيد بن أَرقم إِن كُنَّا لنتكلم فِي الصَّلَاة على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكلم أَحَدنَا صَاحبه بحاجته حَتَّى نزلت { حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ} فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ " وَالْأَمر بِالسُّكُوتِ نهي عَن الْكَلَام.
( ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة.
الأول إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد بن زادان التَّمِيمِي الْفراء أَبُو إِسْحَق مر فِي الْحيض.
الثَّانِي عِيسَى بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي مر فِي بابُُ من صلى بِالنَّاسِ وَذكر حَاجَة.
الثَّالِث إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد الأحمسي البَجلِيّ وَاسم أبي خَالِد سعد وَيُقَال هُرْمُز مر فِي الْإِيمَان.
الرَّابِع الْحَارِث بن شبيل بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وباللام البَجلِيّ وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إِلَّا هَذَا الحَدِيث.
الْخَامِس أَبُو عَمْرو بِفَتْح الْعين الشَّيْبَانِيّ واسْمه سعيد بن إِيَاس مر فِي بابُُ فضل الصَّلَاة لوَقْتهَا.
السَّادِس زيد بن أَرقم بِفَتْح الْهمزَة وَالْقَاف وَسُكُون الرَّاء الْأنْصَارِيّ الخزرجي مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع وَفِيه العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن شَيْخه رازي والبقية كوفيون وَفِيه أحد الروَاة مُفَسّر بنسبته إِلَى أَبِيه وَالْآخر مَذْكُور بِلَا نِسْبَة وَالْآخر مَذْكُور بِالْكِتَابَةِ.
( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عِيسَى وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن منيع وَفِي التَّفْسِير أَيْضا كَذَلِك وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود وَفِي التَّفْسِير عَن سُوَيْد بن نصر ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ " لَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن زيد بن أَرقم غير هَذَا الحَدِيث قَوْله " إِن كُنَّا لنتكلم " كلمة إِن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَاللَّام فِي " لنتكلم " للتَّأْكِيد قَوْله " يكلم أَحَدنَا " جملَة استئنافية كَأَنَّهَا جَوَاب عَن قَول الْقَائِل كَيفَ كُنْتُم تتكلمون فَقَالَ يكلم أَحَدنَا صَاحبه بحاجته وَفِي لفظ " وَيسلم بَعْضنَا على بعض " وَعند مُسلم " ونهينا عَن الْكَلَام " وَلَفظ التِّرْمِذِيّ " كُنَّا نتكلم خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة يكلم الرجل منا صَاحبه إِلَى جنبه حَتَّى نزلت { وَقومُوا لله قَانِتِينَ} قَالَ فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ ونهينا عَن الْكَلَام " قَوْله { حَافظُوا} أَي واظبوا وداوموا قَوْله { الْوُسْطَى} أَي الفضلى من قَوْلهم الْأَفْضَل الْأَوْسَط وَلذَلِك أفردت وعطفت على الصَّلَوَات لانفرادها بِالْفَضْلِ فالصفة بالوسطى أَي الفضلى وَارِدَة للإشعار بعلية الحكم قَوْله { قَانِتِينَ} نصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي { قومُوا} واشتقاقه من الْقُنُوت وَهُوَ يرد لمعان كَثِيرَة بِمَعْنى الطَّاعَة والخشوع وَالصَّلَاة وَالدُّعَاء وَالْعِبَادَة وَالْقِيَام وَطول الْقيام.

     وَقَالَ  ابْن بطال الْقُنُوت فِي هَذِه الْآيَة بِمَعْنى الطَّاعَة والخشوع لله تَعَالَى وَلَفظ الرَّاوِي يشْعر بِأَن المُرَاد بِهِ السُّكُوت لِأَن حمله على مَا يشْعر بِهِ كَلَام الرَّاوِي أولى وأرجح لِأَن المشاهدين للوحي والتنزيل يعلمُونَ سَبَب النُّزُول وَقَول الصَّحَابِيّ فِي الْآيَة نزلت فِي كَذَا يتنزل منزلَة الْمسند.

     وَقَالَ  عِكْرِمَة كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فنهوا عَنْهَا قَوْله " فَأمرنَا " على صِيغَة الْمَجْهُول وَالْفَاء فِيهِ تشعر بتعليل مَا سبق وَأَيْضًا كلمة حَتَّى الَّتِي فِي قَوْله " حَتَّى نزلت " تشعر بذلك لِأَنَّهَا للغاية ( ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) وَهُوَ على وُجُوه.
فِيهِ الدّلَالَة على أَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة كَانَ مُبَاحا فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نسخ لِأَن الْمُصَلِّي مُنَاد لرَبه عز وَجل فَالْوَاجِب عَلَيْهِ أَن لَا يقطع مناجاته بِكَلَام مَخْلُوق وَأَن يقبل على ربه ويلتزم الْخُشُوع ويعرض عَمَّا سوى ذَلِك وَقد ذكرنَا عَن قريب أَنه مَتى حرم وَالْحُرْمَة بقوله { وَقومُوا لله قَانِتِينَ} أَي ساكنين على مَا ذكرنَا وَأَرَادَ بقوله " فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ " أَي عَن جَمِيع أَنْوَاع كَلَام الْآدَمِيّين.
وَأجْمع الْعلمَاء على أَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة عَامِدًا عَالما بِتَحْرِيمِهِ لغير مصلحتها أَو لغير إنقاذ هَالك أَو شبهه مُبْطل للصَّلَاة وَأما الْكَلَام لمصلحتها فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأحمد تبطل الصَّلَاة وَجوزهُ الْأَوْزَاعِيّ وَبَعض أَصْحَاب مَالك وَطَائِفَة قَليلَة واعتبرت الشَّافِعِيَّة ظُهُور حرفين وَإِن لم يَكُونَا مفهمين وَأما النَّاسِي فَلَا تبطل صلَاته بالْكلَام الْقَلِيل عِنْد الشَّافِعِي وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَالْجُمْهُور وَعند أَصْحَابنَا تبطل.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ دليلنا حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ فَإِن كثر كَلَام النَّاسِي فَفِيهِ وَجْهَان مشهوران لِأَصْحَابِنَا أصَحهمَا تبطل صلَاته لِأَنَّهُ نَادِر وَأما كَلَام الْجَاهِل إِذا كَانَ قريب عهد بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ ككلام النَّاسِي فَلَا تبطل صلَاته بقليله وَأجَاب بعض أَصْحَابنَا أَن حَدِيث قصَّة ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخ بِحَدِيث ابْن مَسْعُود وَزيد بن أَرقم لِأَن ذَا الْيَدَيْنِ قتل يَوْم بدر كَذَا رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ وَإِن قصَّته فِي الصَّلَاة كَانَت قبل بدر وَلَا يمْنَع من هَذَا كَون أبي هُرَيْرَة رَوَاهُ وَهُوَ مُتَأَخّر الْإِسْلَام عَن بدر لِأَن الصَّحَابِيّ قد يروي مَا لَا يحضرهُ بِأَن يسمعهُ من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو من صَحَابِيّ آخر ( فَإِن قلت) قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي بابُُ مَا يسْتَدلّ بِهِ على أَنه لَا يجوز أَن يكون حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي تَحْرِيم الْكَلَام نَاسِخا لحَدِيث أبي هُرَيْرَة وَغَيره وَذَلِكَ لتقدم حَدِيث عبد الله وَتَأَخر حَدِيث أبي هُرَيْرَة ( قلت) ذكر أَبُو عمر فِي التَّمْهِيد أَن الصَّحِيح فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود أَنه لم يكن إِلَّا بِالْمَدِينَةِ وَبهَا نهى عَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة وَقد روى حَدِيثه بِمَا يُوَافق حَدِيث زيد بن أَرقم وصحبة زيد لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَت بِالْمَدِينَةِ وَسورَة الْبَقَرَة مَدَنِيَّة ( فَإِن قلت) فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس مَسْعُود الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعَاصِم بن بَهْدَلَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ صاحبا الصَّحِيح توقيا رِوَايَته لسوء حفظه ( قلت) رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالنَّسَائِيّ فِي سنَنه وَلَيْسَ فِي حَدِيث عَاصِم فَلَمَّا رَجعْنَا من أَرض الْحَبَشَة إِلَى مَكَّة بل يحْتَمل أَن يُرِيد فَلَمَّا رَجعْنَا من أَرض الْحَبَشَة إِلَى الْمَدِينَة ليتفق حَدِيثه مَعَ حَدِيث زيد بن أَرقم.

     وَقَالَ  صَاحب الْكَمَال وَغَيره هَاجر ابْن مَسْعُود إِلَى الْحَبَشَة ثمَّ هَاجر إِلَى الْمَدِينَة وَلِهَذَا قَالَ الْخطابِيّ إِنَّمَا نسخ الْكَلَام بعد الْهِجْرَة بِمدَّة يسيرَة وَهَذَا يدل على اتِّفَاق حَدِيث ابْن مَسْعُود وَزيد بن أَرقم على أَن التَّحْرِيم كَانَ بِالْمَدِينَةِ ( فَإِن قلت) قد ذكر الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْمعرفَة عَن الشَّافِعِي أَن فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود أَنه مر على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَكَّة قَالَ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي فِي فنَاء الْكَعْبَة الحَدِيث ( قلت) لم يذكر ذَلِك أحد من أهل الحَدِيث غير الشَّافِعِي وَلم يذكر سَنَده لينْظر فِيهِ وَلم يجد لَهُ الْبَيْهَقِيّ سندا مَعَ كَثْرَة تتبعه وانتصاره لمَذْهَب الشَّافِعِي وَذكر الطَّحَاوِيّ فِي أَحْكَام الْقُرْآن أَن مهاجرة الْحَبَشَة لم يرجِعوا إِلَّا إِلَى الْمَدِينَة وَأنكر رجوعهم إِلَى دَار قد هَاجرُوا مِنْهَا لأَنهم منعُوا من ذَلِك وَاسْتدلَّ على ذَلِك بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث سعد " وَلَا تردهم على أَعْقَابهم " ( فَإِن قلت) قَالَ الْبَيْهَقِيّ الَّذِي قتل ببدر هُوَ ذُو الشمالين وَأما ذُو الْيَدَيْنِ الَّذِي أخبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بسهوه فَإِنَّهُ بَقِي بعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَذَا ذكره شَيخنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ ثمَّ خرج عَنهُ بِسَنَدِهِ إِلَى معدي بن سُلَيْمَان قَالَ حَدثنِي شُعَيْب بن مطير عَن أَبِيه ومطير حَاضر فَصدقهُ قَالَ شُعَيْب يَا أبتاه أَخْبَرتنِي أَن ذَا الْيَدَيْنِ لقيك بِذِي خشب فأخبرك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحَدِيث ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ.

     وَقَالَ  بعض الروَاة فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة " فَقَالَ ذُو الشمالين يَا رَسُول الله أقصرت الصَّلَاة " وَكَانَ شَيخنَا أَبُو عبد الله يَقُول كل من قَالَ ذَلِك فقد أَخطَأ فَإِن ذَا الشمالين تقدم مَوته وَلم يعقب وَلَيْسَ لَهُ راو ( قلت) قَالَ السَّمْعَانِيّ فِي الْأَنْسَاب ذُو الْيَدَيْنِ وَيُقَال لَهُ ذُو الشمالين لِأَنَّهُ كَانَ يعْمل بيدَيْهِ جَمِيعًا وَفِي الْفَاصِل للرامهرمزي ذُو الْيَدَيْنِ وَذُو الشمالين قد قيل أَنَّهُمَا وَاحِد.

     وَقَالَ  ابْن حبَان فِي الثِّقَات ذُو الْيَدَيْنِ وَيُقَال لَهُ أَيْضا ذُو الشمالين ابْن عبد عَمْرو بن نَضْلَة الْخُزَاعِيّ حَلِيف بن زهرَة والْحَدِيث الَّذِي اسْتدلَّ بِهِ على بَقَاء ذِي الْيَدَيْنِ بعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضَعِيف لِأَن معدي بن سُلَيْمَان مُتَكَلم فِيهِ قَالَ أَبُو زرْعَة واهي الحَدِيث.

     وَقَالَ  ابْن حبَان يروي المقلوبات عَن الثِّقَات والملزوقات عَن الْأَثْبَات لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ إِذا انْفَرد وَشُعَيْب مَا عرفنَا حَاله ووالده مطير لم يكْتب حَدِيثه.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ لم يَصح حَدِيثه وَفِيه الْأَمر بالمحافظة على الصَّلَوَات وَالْأَمر للْوُجُوب وروى التِّرْمِذِيّ.

     وَقَالَ  حَدثنَا مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الْكُوفِي حَدثنَا زيد بن أَرقم الْحبابُ أخبرنَا مُعَاوِيَة بن صَالح حَدثنِي سليم بن عَامر قَالَ سَمِعت أَبَا أُمَامَة يَقُول سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فِي حجَّة الْوَدَاع فَقَالَ اتَّقوا الله وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زَكَاة أَمْوَالكُم وَأَطيعُوا إِذا أَمركُم تدْخلُوا جنَّة ربكُم وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وروى التِّرْمِذِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول إِن أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة من عمله صلَاته " الحَدِيث.
وَفِيه الْأَمر بالمحافظة على الصَّلَاة الْوُسْطَى وَذكر الْعلمَاء فِيهِ عشْرين قولا الأول أَن الصَّلَاة الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْر وَهُوَ قَول أبي هُرَيْرَة وَعلي بن أبي طَالب وَابْن عَبَّاس وَأبي بن كَعْب وَأبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَمْرو فِي رِوَايَة وَسمرَة بن جُنْدُب وَأم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

     وَقَالَ  ابْن حزم وَلَا يَصح عَن عَليّ وَلَا عَن عَائِشَة غير هَذَا أصلا وَهُوَ قَول الْحسن الْبَصْرِيّ وَالزهْرِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين وَسَعِيد بن جُبَير وَأبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَزفر وَيُونُس وَقَتَادَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَالضَّحَّاك بن مُزَاحم وَعبيد بن مَرْيَم وذر بن حُبَيْش وَمُحَمّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ وَآخَرين.

     وَقَالَ  أَبُو الْحسن الْمَاوَرْدِيّ هُوَ مَذْهَب جُمْهُور التَّابِعين.

     وَقَالَ  أَبُو عمر هُوَ قَول أَكثر أهل الْأَثر.

     وَقَالَ  ابْن عَطِيَّة عَلَيْهِ جُمْهُور النَّاس.

     وَقَالَ  أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ الصَّوَاب من ذَلِك مَا تظاهرت بِهِ الْأَخْبَار من أَنَّهَا الْعَصْر.

     وَقَالَ  أَبُو عمر وَإِلَيْهِ ذهب عبد الْملك بن حبيب.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ هُوَ قَول أَكثر الْعلمَاء من الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيّ هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي لصِحَّة الْأَحَادِيث فِيهِ ( قلت) من الْأَحَادِيث فِي ذَلِك حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عِنْد مُسلم عَنهُ أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الخَنْدَق " شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر " وَحَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عِنْد مُسلم أَيْضا عَنهُ " حبس الْمُشْركُونَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن صَلَاة الْعَصْر حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس فَقَالَ حبسونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى " وَحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا عِنْد مُسلم أَيْضا " عَن أبي يُونُس مولى عَائِشَة أَمرتنِي عَائِشَة أَن أكتب لَهَا مُصحفا.

     وَقَالَ ت إِذا بلغت هَذِه الْآيَة فَآذِنِّي حَافظُوا على الصَّلَوَات قَالَ فَلَمَّا بلغتهَا آذَنتهَا فَأَمْلَتْ على حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر.

     وَقَالَ ت سَمعتهَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " ( قلت) كَذَا وَقع عِنْد مُسلم " وَصَلَاة الْعَصْر " بواو الْعَطف وَوَقع فِي رِوَايَة أبي بكر عبد الله بن أبي دَاوُد سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث السجسْتانِي من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ فِي مصحف عَائِشَة حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر يَعْنِي بِلَا وَاو وَفِي كتاب ابْن حزم روينَا من طَرِيق ابْن مهْدي عَن أبي سهل مُحَمَّد بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ عَن الْقَاسِم عَنْهَا فَذَكرته بِغَيْر وَاو قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَهَذِهِ أصح رِوَايَة عَن عَائِشَة وَأَبُو سهل ثِقَة ( قلت) وَفِيه رد لما قَالَه أَبُو عمر لم يخْتَلف فِي حَدِيث عَائِشَة فِي ثُبُوت الْوَاو قَالَ وعَلى تَقْدِير صِحَّته يُجَاب عَنهُ بأَشْيَاء.
مِنْهَا أَنه من أَفْرَاد مُسلم وَحَدِيث عَليّ مُتَّفق عَلَيْهِ.
الثَّانِي أَن من أثبت الْوَاو امْرَأَة ومسقطها جمَاعَة كَثِيرَة.
الثَّالِث مُوَافقَة مذهبها لسُقُوط الْوَاو.
الرَّابِع مُخَالفَة الْوَاو للتلاوة وَحَدِيث عَليّ مُوَافق.
الْخَامِس حَدِيث عَليّ يُمكن فِيهِ الْجمع وحديثها لَا يُمكن فِيهِ الْجمع إِلَّا بترك غَيره.
السَّادِس مُعَارضَة رِوَايَتهَا بِرِوَايَة الْبَراء بن عَازِب عِنْد مُسلم " نزلت هَذِه الْآيَة ( حَافظُوا على الصَّلَوَات وَصَلَاة الْعَصْر) فقرأناها مَا شَاءَ الله ثمَّ نسخهَا الله فَنزلت { حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} فَقَالَ رجل هِيَ إِذا صَلَاة الْعَصْر فَقَالَ الْبَراء قد أَخْبَرتك كَيفَ نزلت وَكَيف نسخت ".
السَّابِع تكون الْوَاو زَائِدَة كَمَا زيدت عِنْد بَعضهم فِي قَوْله تَعَالَى { وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض وليكون من القانتين} وَقَوله تَعَالَى { وَكَذَلِكَ نصرف الْآيَات وليقولوا درست} .

     وَقَالَ  الْأَخْفَش فِي قَوْله تَعَالَى { حَتَّى إِذا جاؤها وَفتحت أَبْوَابهَا} لِأَن الْجَواب فتحت وَقيل أَن الْعَطف فِيهِ من بابُُ التَّخْصِيص والتفضيل والتنبيه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { قل من كَانَ عدوا لله وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَجِبْرِيل وميكال} { فَإِن قلت} قد حصل مَا ذكرت من التَّخْصِيص فِي الْعَطف وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} فَوَجَبَ أَن يكون الْعَطف الثَّانِي وَهُوَ قَوْله ( وَصَلَاة الْعَصْر) مغايرا لَهُ ( قلت) لما اخْتلف اللفظان كَانَ الثَّانِي للتَّأْكِيد وَالْبَيَان كَمَا تَقول جَاءَنِي زيد الْكَرِيم والعاقل فتعطف إِحْدَى الصفتين على الْأُخْرَى وَمِنْهَا حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب عِنْد التِّرْمِذِيّ عَنهُ " عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ فِي الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر " وَعند أَحْمد " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى قَالَ هِيَ صَلَاة الْعَصْر " وَفِي لفظ قَالَ " { حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} وسماها لنا أَنَّهَا هِيَ الْعَصْر " وَعند الْحَاكِم محسنا من حَدِيث خبيب بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه سُلَيْمَان بن سَمُرَة عَن سَمُرَة يرفعهُ " وأمرنا أَن نحافظ على الصَّلَوَات كُلهنَّ وأوصانا بِالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ونبأنا أَنَّهَا صَلَاة الْعَصْر " وَحَدِيث حَفْصَة عِنْد أبي عمر فِي التَّمْهِيد بِسَنَد صَحِيح وَفِي الاستذكار اخْتلف فِي رَفعه وَفِي ثُبُوت الْوَاو فِيهِ أَنَّهَا أمرت كاتبها بكتب مصحف فَإِذا بلغ هَذِه الْآيَة يستأذنها فَلَمَّا بلغَهَا أَمرته بكتب حَافظُوا على الصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر ورفعته إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَوَاهُ هِشَام عَن جَعْفَر بن إِيَاس عَن رجل حَدثهُ عَن سَالم عَنْهَا وَلم يثبت الْوَاو قَالَ وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَحَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن أبي ليلى عَن الحكم عَن مقسم وَسَعِيد بن جُبَير عَنهُ قَالَ قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الخَنْدَق " شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى مَلأ الله قُبُورهم وأجوافهم نَارا " وَفِي كتاب الْمَصَاحِف لِابْنِ أبي دَاوُد من حَدِيث أبي إِسْحَق عَن عبيد بن مَرْيَم سمع ابْن عَبَّاس قَرَأَ هَذِه الْحُرُوف " حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر " وَفِي كتاب ابْن حزم من هَذِه الطَّرِيق صَلَاة الْعَصْر أبغير وَاو ثمَّ قَالَ كَذَا قَالَه وَكِيع وَحَدِيث ابْن عمر عِنْد أبي عبيد الله مُحَمَّد بن يحيى بن مَنْدَه الْأَصْبَهَانِيّ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عَامر بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا أبي حَدثنَا يَعْقُوب القمي عَن عَنْبَسَة بن سعيد الرَّازِيّ عَن ابْن أبي ليلى وَلَيْث عَن نَافِع عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ " الموتور أَهله وَمَاله من وتر صَلَاة الْوُسْطَى فِي جمَاعَة وَهِي صَلَاة الْعَصْر " وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صَلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر " وَحَدِيث أبي هِشَام بن عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس عِنْد ابْن جَعْفَر الطَّبَرِيّ من حَدِيث كهيل بن حَرْمَلَة سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَة عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ اخْتَلَفْنَا فِيهَا كَمَا اختلفتم فِيهَا وَنحن بِفنَاء بَيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفينَا الرجل الصَّالح أَبُو هَاشم بن عتبَة فَقَالَ أَنا أعلم ذَلِك فَقَامَ فَاسْتَأْذن على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَدخل عَلَيْهِ ثمَّ خرج إِلَيْنَا فَقَالَ أخبرنَا أَنَّهَا صَلَاة الْعَصْر قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي كتاب الصَّحَابَة أَبُو هَاشم هَذَا لَهُ حديثان حسنان..
     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ أَبُو هَاشم بن عتبَة بن ربيعَة العبشمي أَخُو أبي حُذَيْفَة وأخو مُصعب بن عُمَيْر لأمه أسلم يَوْم الْفَتْح وَسكن الشَّام وَكَانَ صَالحا توفّي فِي زمن عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي التِّرْمِذِيّ وَغَيره وَحَدِيث أم حَبِيبَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا عِنْد الطَّبَرِيّ أَيْضا من رِوَايَة شُتَيْر بن شكيل عَنْهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ يَوْم الخَنْدَق " شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر حَتَّى غربت الشَّمْس " وَحَدِيث رجل من الصَّحَابَة عِنْده أَيْضا قَالَ " أَرْسلنِي أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَأَنا غُلَام صَغِير إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أسأله عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَأخذ أُصْبُعِي الصَّغِير فَقَالَ هَذِه الْفجْر وَقبض الَّتِي تَلِيهَا فَقَالَ هَذِه الظّهْر ثمَّ قبض الْإِبْهَام فَقَالَ هَذِه الْمغرب ثمَّ قبض الَّتِي تَلِيهَا فَقَالَ هَذِه الْعشَاء ثمَّ قَالَ أَي أصابعك بقيت فَقلت الْوُسْطَى فَقَالَ أَي الصَّلَاة بقيت فَقلت الْعَصْر قَالَ هِيَ الْعَصْر " وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ عَن أَحْمد بن إِسْحَاق حَدثنَا أَبُو أَحْمد حَدثنَا عبد السَّلَام مولى أبي مَنْصُور حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن يزِيد الدِّمَشْقِي قَالَ " كنت جَالِسا عِنْد عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان فَقَالَ يَا فلَان اذْهَبْ إِلَى فلَان فَقل لَهُ أيش سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ رجل جَالس أَرْسلنِي " فَذكره وَحَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فِي كتاب الْمَصَاحِف لِابْنِ أبي دَاوُد أَنَّهَا " قَالَت لكاتب يكْتب لَهَا مُصحفا إِذا كتبت حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى فاكتبها الْعَصْر " وَرَوَاهُ ابْن حزم من طَرِيق وَكِيع عَن دَاوُد بن قيس عَن عبد الله بن رَافع عَن أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا وَحَدِيث أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " شغلونا عَن صَلَاة الْعَصْر الَّتِي غفل عَنْهَا سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب " ذكره إِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد الشَّامي فِي تَفْسِيره عَن أبان عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ( القَوْل الثَّانِي) إِن الصَّلَاة الْوُسْطَى الْمغرب وَهُوَ قَول قبيصَة بن ذِئْب قَالَ أَبُو عمر هَذَا لَا أعلم قَالَه غير قبيصَة قَالَ أَلا ترى أَنَّهَا لَيست بِأَقَلِّهَا وَلَا أَكْثَرهَا وَلَا تقصر فِي السّفر وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يؤخرها عَن وَقتهَا وَلم يعجلها قَالَ أَبُو جَعْفَر وَجه قَوْله أَنه يُرِيد التَّوَسُّط الَّذِي هُوَ يكون صفة للشَّيْء الَّذِي يكون عدلا بَين الْأَمريْنِ كَالرّجلِ المعتدل الْقَامَة.
( الثَّالِث) أَنَّهَا الْعشَاء الْأَخِيرَة وَهُوَ قَول الْمَازرِيّ وَزعم الْبَغَوِيّ فِي شرح السّنة أَن السّلف لم ينْقل عَن أحد مِنْهُم هَذَا القَوْل قَالَ وَقد ذكره بعض الْمُتَأَخِّرين ( الرَّابِع) أَنَّهَا الصُّبْح وَهُوَ قَول جَابر بن عبد الله ومعاذ بن جبل وَابْن عَبَّاس فِي قَول وَابْن عمر فِي قَول وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَعِكْرِمَة وَمُجاهد وَالربيع بن أنس وَمَالك بن أنس وَالشَّافِعِيّ فِي قَول.

     وَقَالَ  أَبُو عمر وَمِمَّنْ قَالَ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الصُّبْح عبد الله بن عَبَّاس وَهُوَ أصح مَا رُوِيَ عَنهُ فِي ذَلِك وَهُوَ قَول طَاوس وَمَالك وَأَصْحَابه وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث جَابر بن زيد " عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أدْلج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ عرس فَلم يَسْتَيْقِظ حَتَّى طلعت الشَّمْس أَو بَعْضهَا فَلم يصل حَتَّى ارْتَفَعت الشَّمْس وَهِي الصَّلَاة الْوُسْطَى " وَفِي حَدِيث صَالح أبي الْخَلِيل عَن جَابر بن زيد " عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ صَلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْفجْر " وَعَن أبي رَجَاء قَالَ " صليت مَعَ ابْن عَبَّاس صَلَاة الْغَدَاة فِي مَسْجِد الْبَصْرَة فقنت بِنَا قبل الرُّكُوع.

     وَقَالَ  هَذِه الصَّلَاة صَلَاة الْوُسْطَى الَّتِي قَالَ الله تَعَالَى { وَقومُوا لله قَانِتِينَ} " قَالَ الطَّحَاوِيّ وَقد خُولِفَ ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة فيمَ نزلت ثمَّ روى حَدِيث زيد بن أَرقم الْمَذْكُور فِيمَا مضى ( قلت) المخالفون لِابْنِ عَبَّاس فِي سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة زيد بن أَرقم من الصَّحَابَة وَمن التَّابِعين مُجَاهِد بن جُبَير وَالشعْبِيّ وَجَابِر بن زيد فَإِنَّهُم أخبروا أَن الْقُنُوت الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى { وَقومُوا لله قَانِتِينَ} بِصُورَة الْأَمر هُوَ السُّكُوت عَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة لأَنهم كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِيهَا وَلَيْسَ هُوَ الْقُنُوت الَّذِي كَانَ يفعل فِي صَلَاة الصُّبْح فَلَا يُسمى حِينَئِذٍ بِسَبَب ذَلِك لصَلَاة الصُّبْح الصَّلَاة الْوُسْطَى على أَن عَمْرو بن مَيْمُون وَالْأسود وَسَعِيد بن جُبَير وَعمْرَان بن الْحَارِث قَالُوا لم يقنت ابْن عَبَّاس فِي الْفجْر.

     وَقَالَ  أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي مُصَنفه حَدثنَا وَكِيع قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن وَاقد مولى زيد بن خليدة عَن سعيد بن جُبَير " عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا لَا يقنتان فِي الْفجْر " حَدثنَا هشيم قَالَ أخبرنَا حُصَيْن عَن عمرَان بن الْحَارِث قَالَ " صليت مَعَ ابْن عَبَّاس فِي دَاره صَلَاة الصُّبْح فَلم يقنت قبل الرُّكُوع وَلَا بعده ".
( الْخَامِس) أَنَّهَا إِحْدَى الصَّلَوَات الْخمس وَلَا تعرف بِعَينهَا رُوِيَ عَن ابْن عمر من طَرِيق صَحِيحَة قَالَ نَافِع سَأَلَ رجل ابْن عمر عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ هِيَ مِنْهُنَّ فحافظوا عَلَيْهِنَّ كُلهنَّ وبنحوه قَالَ الرّبيع بن خَيْثَم وَزيد بن ثَابت فِي رِوَايَة وَشُرَيْح القَاضِي وَنَافِع.

     وَقَالَ  النقاش قَالَت طَائِفَة هِيَ الْخمس وَلم تميز أَي صَلَاة هِيَ قَالَ أَبُو عمر كل وَاحِدَة من الْخمس وسطى لِأَن قبل كل وَاحِدَة صَلَاتَيْنِ وَبعدهَا صَلَاتَيْنِ.
( السَّادِس) أَنَّهَا هِيَ الْخمس إِذْ هِيَ الْوُسْطَى من الدّين كَمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " بني الْإِسْلَام على خمس " قَالُوا فَهِيَ الْوُسْطَى من الْخمس رُوِيَ ذَلِك عَن مُعَاوِيَة بن جبل وَعبد الرَّحْمَن بن غنم فِيمَا ذكر النقاش وَفِي كتاب الْحَافِظ أبي الْحسن عَليّ بن الْمفضل قيل ذَلِك لِأَنَّهَا وسط الْإِسْلَام أَي خِيَاره وَكَذَلِكَ قَالَه عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ( السَّابِع) أَنَّهَا هِيَ الْمُحَافظَة على وَقتهَا قَالَه ابْن أبي حَاتِم فِي كتاب التَّفْسِير حَدثنَا أَبُو سعيد الْأَشَج حَدثنَا الْمحَاربي وَابْن فُضَيْل عَن الْأَعْمَش عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق أَنه قَالَ ذَلِك.
( الثَّامِن) أَنَّهَا مواقيتها وَشَرطهَا وأركانها وتلاوة الْقُرْآن فِيهَا وَالتَّكْبِير وَالرُّكُوع وَالسُّجُود وَالتَّشَهُّد وَالصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمن فعل ذَلِك فقد أتمهَا وحافظ عَلَيْهَا قَالَه مقَاتل بن حبَان قَالَ ابْن أبي حَاتِم أَنبأَنَا بِهِ مُحَمَّد بن الْفضل حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن شَقِيق أخبرنَا مُحَمَّد بن مُزَاحم عَن بكر بن مَعْرُوف عَنهُ وَذكر أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس نَحوه ( التَّاسِع) أَنَّهَا الْجُمُعَة خَاصَّة حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره لما اخْتصّت بِهِ دون غَيرهَا.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده فِي الْمُحكم لِأَنَّهَا أفضل الصَّلَوَات وَمن قَالَ خلاف هَذَا فقد أَخطَأ إِلَّا أَن يَقُوله بِرِوَايَة يسندها إِلَى سيدنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
( الْعَاشِر) أَنَّهَا الْجُمُعَة يَوْم الْجُمُعَة وَفِي سَائِر الْأَيَّام الظّهْر حَكَاهُ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن مقسم فِي تَفْسِيره.
( الْحَادِي عشر) أَنَّهَا صلاتان الصُّبْح وَالْعشَاء وَعَزاهُ ابْن مقسم فِي تَفْسِيره لأبي الدَّرْدَاء لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَو يعلمُونَ مَا فِي الْعَتَمَة وَالصُّبْح " الحَدِيث.
( الثَّانِي عشر) أَنَّهَا الْعَصْر وَالصُّبْح وَهُوَ قَول أبي بكر الْمَالِكِي الْأَبْهَرِيّ ( الثَّالِث عشر) أَنَّهَا الْجَمَاعَة فِي جَمِيع الصَّلَوَات حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ.
( الرَّابِع عشر) أَنَّهَا الْوتر.
( الْخَامِس عشر) أَنَّهَا صَلَاة الضُّحَى.
( السَّادِس عش) أَنَّهَا صَلَاة الْعِيدَيْنِ.
( السَّابِع عشر) أَنَّهَا صَلَاة عيد الْفطر.
( الثَّامِن عشر) أَنَّهَا صَلَاة الْخَوْف.
( التَّاسِع عشر) أَنَّهَا صَلَاة عيد الْأَضْحَى.
( الْعشْرُونَ) أَنَّهَا المتوسطة بَين الطول وَالْقصر وأصحها الْعَصْر للأحاديث الصَّحِيحَة الَّتِي ذَكرنَاهَا وَالْبَاقِي بَعْضهَا ضَعِيف وَبَعضهَا مَرْدُود وَقد أمرنَا بِالسُّكُوتِ وَفِي مُسلم ونهينا عَن الْكَلَام قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يُعْطي أَن الْأَمر بالشَّيْء منهى عَن ضِدّه وَقد اخْتلف الأصوليون فِيهِ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن الْأَمر إِذا اقْتضى فعلا فالنهي عَن تَركه لَا يُعْطِيهِ الْأَمر بِذَاتِهِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِيهِ أَن الِامْتِثَال لَا يَأْتِي إِلَّا بترك الضِّدّ.

     وَقَالَ  شَيخنَا زين الدّين الْأَمر بِالسُّكُوتِ منَاف لعدم السُّكُوت بِالذَّاتِ وَهُوَ الْمُسَمّى بالنقيض فَلَا نزاع فِي دلَالَة الْأَمر عَلَيْهِ لِأَنَّهُ جزؤه وَأما الْكَلَام فَهُوَ ضِدّه وَهُوَ مَحل النزاع بَيْننَا وَبَين الْمُعْتَزلَة فَأكْثر أَصْحَابنَا على أَن الْأَمر بالشَّيْء يدل على النَّهْي عَن ضِدّه وَذهب جُمْهُور الْمُعْتَزلَة وَكثير من أَصْحَابنَا إِلَى عدم دلَالَته عَلَيْهِ كَمَا حَكَاهُ صَاحب المحصل وَأما مَا حَكَاهُ صَاحب الْحَاصِل وَتَبعهُ الْبَيْضَاوِيّ من مُوَافقَة أَكثر أَصْحَابنَا لجمهور الْمُعْتَزلَة فَلَيْسَ بجيد ودلالته عَلَيْهِ بالالتزام فَإِن دلَالَة الِالْتِزَام دلَالَته على خَارج عَنهُ ( قلت) ذهب بعض الشَّافِعِيَّة وَالْقَاضِي أَبُو بكر أَولا إِلَى أَن الْأَمر بالشَّيْء عين النَّهْي عَن ضِدّه.

     وَقَالَ  القَاضِي آخرا وَكثير من الشَّافِعِيَّة وَبَعض الْمُعْتَزلَة إِلَى أَن الْأَمر بالشَّيْء يسْتَلْزم النَّهْي عَن ضِدّه لِأَنَّهُ عينه إِذْ اللَّازِم غير الْمَلْزُوم وَذهب إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزالِيّ وَبَاقِي الْمُعْتَزلَة إِلَى أَنه لَا حكم لكل وَاحِد مِنْهُمَا فِي ضِدّه أصلا بل هُوَ مسكوت عَنهُ.

     وَقَالَ  أَبُو بكر الْجَصَّاص وَهُوَ مَذْهَب عَامَّة الْعلمَاء من أَصْحَابنَا وَأَصْحَاب الشَّافِعِي وَأهل الحَدِيث أَن الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن ضِدّه إِذا كَانَ لَهُ ضد وَاحِد كالأمر بِالْإِيمَان نهي عَن الْكفْر وَإِن كَانَ لَهُ أضداد كالأمر بِالْقيامِ لَهُ أضداد من الْقعُود وَالرُّكُوع وَالسُّجُود والاضطجاع يكون الْأَمر بِهِ نهيا عَن جَمِيع أضداده كلهَا.

     وَقَالَ  بَعضهم يكون نهيا عَن وَاحِد مِنْهَا غير معِين وَفصل بَعضهم بَين الْأَمر للْإِيجَاب فَقَالَ أَمر الْإِيجَاب يكون نهيا عَن ضد الْمَأْمُور بِهِ وَعَن أضداده لكَونه مَانِعا من فعل الْوَاجِب وَأمر النّدب لَا يكون كَذَلِك فَكَانَت أضداد الْمَنْدُوب غير مَنْهِيّ عَنْهَا لَا نهي تَحْرِيم وَلَا نهي تَنْزِيه وَمن لم يفصل جعل أَمر النّدب نهيا عَن ضِدّه فَهِيَ ندب حَتَّى يكون الِامْتِنَاع عَن ضد الْمَنْدُوب مَنْدُوبًا كَمَا يكون فعله وَأما النَّهْي عَن الشَّيْء فَأمر بضده إِن كَانَ لَهُ ضد وَاحِد باتفاقهم كالنهي عَن الْكفْر أَمر بِالْإِيمَان وَإِن كَانَ لَهُ أضداد فَعِنْدَ بعض أَصْحَابنَا وَبَعض أَصْحَاب الحَدِيث يكون أمرا بالأضداد كلهَا كَمَا فِي جَانب الْأَمر وَعند عَامَّة أَصْحَابنَا وَعَامة أَصْحَاب الحَدِيث يكون أمرا بِوَاحِد من الأضداد غير معِين وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه يُوجب حُرْمَة ضِدّه.

     وَقَالَ  بَعضهم يدل على حُرْمَة ضِدّه.

     وَقَالَ  بعض الْفُقَهَاء يدل على كَرَاهَة ضِدّه.

     وَقَالَ  بَعضهم يُوجب كَرَاهَة ضِدّه ومختار القَاضِي الإِمَام أبي زيد وشمس الْأَئِمَّة وفخر الْإِسْلَام وَمن تَابعهمْ أَنه يَقْتَضِي كَرَاهَة ضِدّه وَالنَّهْي عَن الشَّيْء يَنْبَغِي أَن يكون ضِدّه فِي معنى سنة مُؤَكدَة فَافْهَم ( فَإِن قلت) فَإِذا كَانَ قَوْله أمرنَا بِالسُّكُوتِ دَالا على النَّهْي عَن الْكَلَام فَمَا فَائِدَة ذكر النَّهْي عَن الْكَلَام فِي قَوْله " فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ ونهينا عَن الْكَلَام " ( قلت) التَّصْرِيح أبلغ من دلَالَة الِالْتِزَام فَاقْتضى التَّصْرِيح بِهِ نفي الْخلاف الْمَعْرُوف فِيهِ ( فَإِن قلت) الْألف وَاللَّام فِي قَوْله " أمرنَا بِالسُّكُوتِ " لماذا ( قلت) للْعهد لَا للْعُمُوم وَهِي رَاجِعَة إِلَى قَوْله " يكلم الرجل صَاحبه إِلَى جنبه " أَي فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ عَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ من ذَلِك وَكَذَلِكَ الْألف وَاللَّام فِي قَوْله " ونهينا عَن الْكَلَام " أَي عَن مُخَاطبَة الْآدَمِيّين وَحمل ابْن دَقِيق الْعِيد الْألف وَاللَّام فِي الْكَلَام على الْعُمُوم وَفِيه نظر لِأَن النَّهْي عَن الْكَلَام مَخْصُوص بمخاطبة الْآدَمِيّين بِدَلِيل حَدِيث مُعَاوِيَة بن الحكم أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة عَطاء بن يسَار عَنهُ قَالَ " بَينا أَنا أُصَلِّي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ عطس رجل من الْقَوْم فَقلت لَهُ يَرْحَمك الله فَرَمَانِي الْقَوْم بِأَبْصَارِهِمْ " الحَدِيث وَفِيه أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " إِن هَذِه الصَّلَاة لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة الْقُرْآن "