هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
115 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمٍ ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، قَالَ : صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ ، فَقَالَ : أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا ، لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
115 حدثنا سعيد بن عفير ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، وأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، أن عبد الله بن عمر ، قال : صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم العشاء في آخر حياته ، فلما سلم قام ، فقال : أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإن رأس مائة سنة منها ، لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ ، فَقَالَ : أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا ، لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ .

Narrated `Abdullah bin `Umar:

Once the Prophet (ﷺ) led us in the `Isha' prayer during the last days of his life and after finishing it (the prayer) (with Taslim) he said: Do you realize (the importance of) this night? Nobody present on the surface of the earth tonight will be living after the completion of one hundred years from this night.

0116 Abd-ul-Lâh ben Umar rapporta : A la fin de sa vie, le Prophète nous présida une fois pendant la prière du icha. Après le salam (le salut de la fin de la prière), il se leva et dit : « Retenez bien votre nuit-ci ! cent ans après, des hommes vivant maintenant sur la surface de la terre, aucun ne restera.«   

":"سعید بن عفیر نے ہم سے بیان کیا ، ان سے لیث نے بیان کیا ، ان سے عبدالرحمٰن بن خالد بن مسافر نے ابن شہاب کے واسطے سے بیان کیا ، انھوں نے سالم اور ابوبکر بن سلیمان بن ابی حثمہ سے روایت کیا کہحضرت عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے فرمایا کہ آخر عمر میں ( ایک دفعہ ) رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے ہمیں عشاء کی نماز پڑھائی ۔ جب آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے سلام پھیرا تو کھڑے ہو گئے اور فرمایا کہ تمہاری آج کی رات وہ ہے کہ اس رات سے سو برس کے آخر تک کوئی شخص جو زمین پر ہے وہ باقی نہیں رہے گا ۔

0116 Abd-ul-Lâh ben Umar rapporta : A la fin de sa vie, le Prophète nous présida une fois pendant la prière du icha. Après le salam (le salut de la fin de la prière), il se leva et dit : « Retenez bien votre nuit-ci ! cent ans après, des hommes vivant maintenant sur la surface de la terre, aucun ne restera.«   

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ السَّمَر فِي العِلْمِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان السمر فِي الْعلم، هَذِه رِوَايَة أبي ذَر بِإِضَافَة الْبابُُ إِلَى السمر، وَفِي رِوَايَة غَيره بابُُ السمر فِي الْعلم بتنوين الْبابُُ، وَقطع الْإِضَافَة، وارتفاعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، كَمَا ذكرنَا.
والسمر، مُبْتَدأ: وَفِي الْعلم، فِي مَحل الصّفة، وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره: هَذَا بابُُ فِيهِ السمر بِالْعلمِ أَي: بَيَان السمر بِالْعلمِ، و: السمر، بِفَتْح الْمِيم، هُوَ الحَدِيث بِاللَّيْلِ، وَيُقَال: السمر بِإِسْكَان الْمِيم،.

     وَقَالَ  عِيَاض: الأول هُوَ الرِّوَايَة.
قَالَ ابْن سراج: الإسكان أولى، وَضَبطه بَعضهم بِهِ، وَأَصله لون الْقَمَر، لأَنهم كَانُوا يتحدثون إِلَيْهِ، وَمِنْه الأسمر لشبهه بذلك اللَّوْن.
.

     وَقَالَ  غَيره: السمر، بِالْفَتْح: الحَدِيث بِاللَّيْلِ، وَأَصله لَا ُأكَلِّمهُ السمر وَالْقَمَر، أَي: اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَفِي ( الْعبابُ) السمر المسامرة أَي: الحَدِيث بِاللَّيْلِ، وَقد سمر يسمر وَهُوَ سامر والسامر أَيْضا السمار وهم الْقَوْم يسمرون، كَمَا يُقَال للحجاج: حَاج كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: { سامراً تهجرون} ( الْمُؤْمِنُونَ: 67) أَي: سمارا يتحدثون، والسمر اللَّيْل والسمير الَّذِي يسامرك، وابنا سمير: اللَّيْل وَالنَّهَار لِأَنَّهُ يسمر فيهمَا، وَيُقَال: أَفعلهُ مَا سمر ابْنا سمير أَي: أبدا.
وَيُقَال: السمر الدَّهْر، وابناه اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَلَا أَفعلهُ سمير اللَّيَالِي، وسجين اللَّيَالِي، أَي مَا دَامَ النَّاس يسمرون فِي لَيْلَة قَمْرَاء.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول الْعلم والعظة بِاللَّيْلِ، وَقد كَانَ التحدث بعد الْعشَاء مَنْهِيّا، وَهُوَ السمر.
وَالْمَذْكُور فِي هَذَا الْبابُُ هُوَ السمر بِالْعلمِ، وَنبهَ بهما على أَن السمر الْمنْهِي عَنهُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يكون من الْخَيْر، وَأما السمر بِالْخَيرِ فَلَيْسَ بمنهي بل مَرْغُوب.
فَافْهَم.



[ قــ :115 ... غــ :116 ]
- حدّثنا سَعِيدُ بنُ غُفَيْرٍ قَالَ: حدّثني اللَّيْثُ قَالَ: حدّثني عَبْدُ الرَّحْمن بنُ خالِدٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سالِمٍ وَأبي بَكْرِ بن سُلَيْمَانَ بنِ أبي حَثْمَةَ أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ قالَ: صلَّى بنَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العِشَاءَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قامَ فَقَالَ: ( أرأيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ فإنَّ رَأْسَ مائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلى ظَهْرِ الأرْض أحَدٌ) .

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهُوَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدث الصَّحَابَة بِهَذَا الحَدِيث بعد صَلَاة الْعشَاء وَهُوَ سمر بِالْعلمِ.

بَيَان رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: سعيد بن عفير، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء، وَقد مر.
الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد.
الثَّالِث: عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن مُسَافر أَبُو خَالِد، وَيُقَال: أَبُو الْوَلِيد الفهمي، مولى اللَّيْث بن سعد أَمِير مصر لهشام بن عبد الْملك.
قَالَ ابْن سعد: كَانَت ولَايَته على مصر سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة،.

     وَقَالَ  يحيى بن معِين: كَانَ عِنْده من الزُّهْرِيّ كتاب فِيهِ مِائَتَا حَدِيث أَو ثَلَاثمِائَة، كَانَ اللَّيْث يحدث بهَا عَنهُ، وَكَانَ جده شهد فتح بَيت الْمُقَدّس مَعَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله عَنهُ.
.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: صَالح.
.

     وَقَالَ  ابْن يُونُس: كَانَ ثبتا فِي الحَدِيث، توفّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة، روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: سَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، وَقد تقدم.
السَّادِس: أَبُو بكر بن سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة، واسْمه عبد الله بن حُذَيْفَة، وَقيل: عدي بن كَعْب بن حُذَيْفَة بن غَانِم بن عبد الله بن عويج بن عدي بن كَعْب القريشي الْعَدوي.
.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: أَبُو بكر هَذَا لَيْسَ لَهُ اسْم، أخرج لَهُ البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث خَاصَّة مَقْرُونا بسالم كَمَا ترى، وَمُسلم غير مقرون، وَكَانَ من عُلَمَاء قُرَيْش، روى عَن سعيد بن زيد وَأبي هُرَيْرَة أَيْضا، وروى عَنهُ الزُّهْرِيّ وَغَيره.
أخرجُوا لَهُ خلا ابْن مَاجَه.
.

     وَقَالَ  ابْن حبَان: ثِقَة، وَلَيْسَ لَهُ حَدِيث عِنْد مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ أَيْضا سواهُ.
السَّابِع: عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله عَنْهُمَا.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ أَرْبَعَة من التَّابِعين، وهم: عبد الرَّحْمَن وَابْن شهَاب وَسَالم وَأَبُو بكر.
وَمِنْهَا: أَن أَبَا بكر لَيْسَ لَهُ حَدِيث عِنْد البُخَارِيّ غير هَذَا، وَمَعَ هَذَا روى لَهُ مَقْرُونا بسالم.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن عبد الله عَن ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم، وَعَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم وَأبي بكر بن أبي حثْمَة.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب، وَعَن أبي رَافع وَعبد بن حميد عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر، قَالَ: وَرَوَاهُ اللَّيْث عَن عبد الرَّحْمَن بن خَالِد.

بَيَان الْإِعْرَاب والمعاني: قَوْله: ( حَدثنِي اللَّيْث قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن) وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: ( حَدثنِي اللَّيْث حَدثهُ عبد الرَّحْمَن) أَي: أَنه حَدثهُ عبد الرَّحْمَن.
قَوْله: ( صلى لنا، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) وَفِي رِوَايَة: ( صلى بِنَا) وَمعنى اللَّام: صلى إِمَامًا لنا وإلاَّ فَالصَّلَاة لله لَا لَهُم.
قَوْله: ( الْعشَاء) أَي: صَلَاة الْعشَاء، وَهِي الصَّلَاة الَّتِي وَقتهَا بعد غرُوب الشَّفق، وَهُوَ بِكَسْر الْعين وبالمد، وَالْعشَاء بِالْفَتْح وبالمد: الطَّعَام.
قَوْله: ( فِي آخر حَيَاته) ، وَجَاء فِي رِوَايَة جَابر أَن ذَلِك كَانَ قبل مَوته، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، بِشَهْر.
قَوْله: ( قَامَ) جَوَاب: لما.
قَوْله: ( أَرَأَيْتكُم؟) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وَفتح الرَّاء وبالخطاب للْجمع وَالْكَاف ضمير ثَان وَلَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب، والرؤية بِمَعْنى الإبصار، و ( ليلتكم) بِالنّصب مَفْعُوله، وَلَيْسَت الرُّؤْيَة هَهُنَا بِمَعْنى الْعلم لِأَنَّهَا إِذا كَانَت بِمَعْنى الْعلم تَقْتَضِي مفعولين، وَلَيْسَ هَهُنَا إلاَّ مفعول وَاحِد وَهُوَ اللَّيْلَة كَمَا ذكرنَا، و: كم، لَا تصلح أَن تكون مَفْعُولا آخر حَتَّى تكون بِمَعْنى الْعلم لِأَنَّهُ حرف لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب كَمَا ذكرنَا، وَلَو كَانَ اسْما لوَجَبَ أَن يُقَال: أرأيتموكم لِأَن الْخطاب لجَماعَة، فَإِذا كَانَ لجَماعَة يجب أَن يكون بِالتَّاءِ وَالْمِيم كَمَا فِي علمتموكم، رِعَايَة للمطابقة.
فَإِن قلت: فَهَذَا يلزمك أَيْضا فِي التَّاء، فَإِن التَّاء اسْم فَيَنْبَغِي أَن يكون: أرأيتموكم.
قلت: لما كَانَ الْكَاف وَالْمِيم لمُجَرّد الْخطاب اختصرت عَن التَّاء وَالْمِيم بِالتَّاءِ وَحدهَا للْعلم بِأَنَّهُ جمع، تَقول: كم، وَالْفرق بَين حرف الْخطاب وَاسم الْخطاب أَن الِاسْم يَقع مُسْندًا وَمُسْندًا إِلَيْهِ، والحرف عَلامَة تسْتَعْمل مَعَ اسْتِقْلَال الْكَلَام واستغنائه عَنْهَا بِاعْتِبَار الْمسند والمسند إِلَيْهِ، فوزانها وزان التَّنْوِين وياء النِّسْبَة، وَأَيْضًا اسْم الْخطاب يدل على عين وَمعنى الْخطاب، وحرفه لَا يدل إلاَّ على الثَّانِي.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: الرُّؤْيَة بِمَعْنى الْعلم أَو الْبَصَر، وَالْمعْنَى: أعلمتم، أَو أبصرتم ليلتكم؟ قلت: قد بَينا أَنه لَا يَصح أَن تكون من الرُّؤْيَة بِمَعْنى الْعلم، وَهَذَا تصرف من لَا يَد لَهُ فِي الْعَرَبيَّة، وَيُقَال: أَرَأَيْتكُم كلمة تَقُولهَا الْعَرَب إِذا أَرَادَت الاستخبار، وَهُوَ بِفَتْح التَّاء للمذكر والمؤنث وَالْجمع والمفرد، تَقول: أرأيتَكَ، أرأيتَكِ، وأرأيتَكُما وأرأيتَكُم.
وَالْمعْنَى: أخبر وأخبري وأخبراني وأخبروني، فَإِن أردْت معنى الرُّؤْيَة أنثت وجمعت.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: الْجَواب مَحْذُوف تَقْدِيره: قَالُوا نعم، قَالَ: فاضبطوه.
قلت: كَأَن هَذَا الْقَائِل أَخذ كَلَامه من الزَّرْكَشِيّ فِي حَوَاشِيه، فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْجَوَاب مَحْذُوف تَقْدِيره: أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه احفظوها، أَو احْفَظُوا تاريخها، فَإِن بعد انْقِضَاء مائَة سنة لَا يبْقى مِمَّن هُوَ على ظهر الأَرْض أحد، انْتهى، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء، لِأَن الْمَعْنى: أبصرتم ليلتكم هَذِه، وَلَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى جَوَاب لِأَن هَذَا لَيْسَ باستفهام حَقِيقِيّ.
قَوْله: ( فَإِن رَأس) وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: ( فَإِن على رَأس مائَة) .
فَإِن قلت: مَا اسْم إِن؟ قلت: فِيهِ ضمير الشَّأْن.
وَقَوله: ( لَا يبْقى) خَبَرهَا.
قَوْله: ( مِنْهَا) أَي: من تِلْكَ اللَّيْلَة، وَقد اسْتدلَّ بعض اللغويين بقوله: مِنْهَا، أَن: من، تكون لابتداء الْغَايَة فِي الزَّمَان: كمنذ، وَهُوَ قَول الْكُوفِيّين.
.

     وَقَالَ  البصريون: لَا تدخل: من إلاَّ على الْمَكَان ومنذ، فِي الزَّمَان نظيرة: من، فِي الْمَكَان، وتأولوا مَا جَاءَ بِخِلَافِهِ، وَاحْتج من نصر قَول الْكُوفِيّين بقوله تَعَالَى: { من أول يَوْم} ( التَّوْبَة: 108) وَبقول عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: ( وَلم يجلس عِنْدِي من يَوْم قيل فيَّ مَا قيل) .
وَقَول أنس، رَضِي الله عَنهُ: ( وَمَا زلت أحب الدُّبَّاء من يَوْمئِذٍ) .
وَقَول بعض الصَّحَابَة: ( مُطِرْنَا من الْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة) .
وَأجَاب أَبُو عَليّ الْفَارِسِي عَن قَوْله: { من أول يَوْم} ( التَّوْبَة: 108) بِأَن التَّقْدِير، من تأسيس أول يَوْم، وَضَعفه بَعضهم بِأَن التأسيس لَيْسَ بمَكَان.
.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: التَّقْدِير من أول يَوْم من أَيَّام وجوده.
قلت: هَذَا جنوح إِلَى مَذْهَب الْكُوفِيّين.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: المُرَاد أَن كل من كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَة على الأَرْض لَا يعِيش بعْدهَا أَكثر من مائَة سنة، سَوَاء قل عمره قبل ذَلِك أم لَا، وَلَيْسَ فِيهِ نفي عَيْش أحد بعد تِلْكَ اللَّيْلَة فَوق مائَة سنة.
وَيُقَال: معنى الحَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعظهم بقصر أعمارهم بِخِلَاف غَيرهم من سالف الْأُمَم، وَقد احْتج البُخَارِيّ وَمن قَالَ بقوله على موت الْخضر، وَالْجُمْهُور على خِلَافه.
وَمن قَالَ بِهِ أجَاب عَن الحَدِيث بِأَنَّهُ من سَاكِني الْبَحْر فَلَا يدْخل فِي الحَدِيث.
وَمن قَالَ: إِن معنى الحَدِيث: لَا يبْقى مِمَّن تَرَوْنَهُ وتعرفونه، فَالْحَدِيث عَام أُرِيد بِهِ الْخُصُوص.
وَقيل: أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْأَرْضِ الْبَلدة الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَقد قَالَ تَعَالَى: { ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة} ( النِّسَاء: 97) يُرِيد الْمَدِينَة.
وَقَوله: مِمَّن هُوَ على وَجه الأَرْض احْتِرَاز عَن الْمَلَائِكَة.
قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا تَقول فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام؟ قلت: فَهُوَ لَيْسَ على وَجه الأَرْض بل فِي السَّمَاء، أَو هُوَ من النَّوَادِر.
فَإِن قلت: فَمَا قَوْلك فِي إِبْلِيس؟ قلت: هُوَ لَيْسَ على ظهر الأَرْض بل فِي الْهَوَاء أَو فِي النَّار، أَو المُرَاد من لفظ من هُوَ الْإِنْس وَالله أعلم.
قلت: هَذِه كلهَا تعسفات، وَلَا يرد على هَذَا لَا بِعِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَلَا بإبليس.
فَإِن مُرَاده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّن هُوَ على ظهر الأَرْض أمته، والقرائن تدل على ذَلِك، مِنْهَا قَوْله: ( أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه؟) ، وكل من على وَجه الأَرْض من الْمُسلمين وَالْكفَّار أمته، أما الْمُسلمُونَ فَإِنَّهُم أمة إِجَابَة، وَأما الْكفَّار فَإِنَّهُم أمة دَعْوَة.
وَعِيسَى وَالْخضر، عَلَيْهِمَا السَّلَام، ليسَا داخلين فِي الْأمة.
وَأما الشَّيْطَان فَإِنَّهُ لَيْسَ من بني آدم.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: إِنَّمَا أَرَادَ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَن هَذِه الْمدَّة تخترم الجيل الَّذِي هم فِيهِ، فوعظهم بقصر أعمارهم، وأعلمهم أَن أعمارهم لَيست كأعمار من تقدم من الْأُمَم ليجتهدوا فِي الْعِبَادَة.
وَقد أخرج البُخَارِيّ، فِيمَا انْفَرد بِهِ عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ: أَن رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَ يكره النّوم قبل الْعشَاء والْحَدِيث بعْدهَا، فَهَذَا يدل على الْمَنْع مُطلقًا، والْحَدِيث الْمُتَقَدّم يدل على جَوَاز السمر فِي الْعلم وَالْخَيْر، فنخص الْعُمُوم فِيمَا عداهما.
وَأما مَا عدا ذَلِك فَذهب الْأَكْثَر إِلَى كَرَاهَته، مِنْهُم أَبُو هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس، وَكتب عمر، رَضِي الله عَنهُ، أَن لَا ينَام قبل أَن يُصليهَا فَمن نَام فَلَا نَامَتْ عينه.
وَهُوَ قَول عَطاء وَطَاوُس وَإِبْرَاهِيم، وَقَول مُجَاهِد وَمَالك والكوفيين وَالشَّافِعِيّ، وَرخّص طَائِفَة فِيهِ، رُوِيَ ذَلِك عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، أَنه كَانَ رُبمَا غفى قبل الْعشَاء، وَكَانَ ابْن عمر ينَام ويوكل من يوقظه، وَعَن أبي مُوسَى مثله، وَعَن عُرْوَة وَابْن سِيرِين أَنَّهُمَا كَانَا ينامان نومَة قبل الْعشَاء، وَاحْتج لَهُم بِأَن الْكَرَاهَة إِنَّمَا كرهت لمن خشِي عَلَيْهِ تفويتها، أَو تَفْوِيت الْجَمَاعَة فِيهَا.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: اخْتلف قَول مَالك، فَقَالَ مرّة: الصَّلَاة أحب إِلَيّ من مذاكرة الْفِقْه.
.

     وَقَالَ  فِي مَوضِع آخر: الْعِنَايَة بِالْعلمِ، إِذا صحت النِّيَّة، أفضل.
.

     وَقَالَ  سَحْنُون: يلْتَزم أثقلهما عَلَيْهِ.