هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1148 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَعَرَّسَ بِلَيْلٍ ، اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ ، وَإِذَا عَرَّسَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَهُ ، وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفِّهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1148 حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن بكر بن عبد الله ، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فعرس بليل ، اضطجع على يمينه ، وإذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه ، ووضع رأسه على كفه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Qatada reported that when the Messenger of Allah (ﷺ) was in a journey he got down for rest at night, and he used to lie down on his right side, and when he lay down for rest before the dawn, he used to stretch his forearm and place his head over his palm.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فعرس بليل اضطجع على يمينه.
وإذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه.


المعنى العام

يروي الإمام مسلم قصتين شاء اللَّه فيهما لنبيه صلى الله عليه وسلم ولأصحابه أن يناموا عن صلاة الصبح في سفر، ليبين لهم حكم من نام عن صلاة أو غفل عنها، كما شاء اللَّه فيهما لنبيه صلى الله عليه وسلم مكرمة ومعجزة زيادة الماء وتكثيره ليشرب الناس ويسقوا من هذه الزيادة.

القصة الأولى: حينما قفل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه من غزوة خيبر، وفي الصحراء حيث لا ماء قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: إنكم ستسيرون من أول ليلتكم هذه إلى آخرها دون أن تصلوا إلى الماء، وتأتون الماء غدًا إن شاء الله، وعلم الناس أن بينهم وبين الماء مسيرة ليلة وبعض يوم، فضربوا أكباد الإبل يتسابقون نحو الماء لا ينتظر أحد أحدًا، حتى لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم وحوله سوى سبعة نفر، وبدأ النعاس يداعب عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته، فيميل حتى يكاد يسقط، فيسنده أبو قتادة حتى يعتدل، وظل أبو قتادة يسير بجنبه يحرسه، فلما مال ميلة شديدة وعدله أبو قتادة رفع رأسه وقال: - والليل مظلم - من هذا الذي يساعدني؟ قال: أبو قتادة، قال صلى الله عليه وسلم حفظك الله كما حفظت نبيه.
قال: ترى الناس قد سبقوا هل ترى منهم أحدًا؟ قال أبو قتادة: هذا راكب، وهذا راكب آخر، وهذا راكب ثالث، يعدهم على بعد نظره في الليل حتى بلغ بهم سبعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ننزل فنستريح وقال: من يحرسنا مستيقظًا حتى يوقظنا لصلاة الفجر؟ قال بلال: أنا يا رسول الله.
قال: فاحفظنا لا تفوتنا صلاة الفجر، فصلى بلال ما قدر له، ثم أسند ظهره إلى بعيره فنام، فلم يستيقظ أحد إلا بعد أن طلعت الشمس، وكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام فزعًا، وقام الناس فزعين.
قال: يا بلال.
ألم أقل لك؟ قال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أخذني ما أخذ بنفسك من النوم الغالب لقوى البشر، قال صلى الله عليه وسلم: اقتادوا رواحكم، ليأخذ كل منكم برأس راحلته، لنغادر هذه الأرض التي غلب فيها الشيطان، فساروا قليلاً ثم نزل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سأل: هل من ماء؟ قال أبو قتادة: هذه ميضأتي - إناء معد لماء الوضوء - بها شيء من ماء، فتوضأ منها صلى الله عليه وسلم وضوء المقتصد، وبقي فيها قليل من الماء، فقال لأبي قتادة: احفظ هذه الميضأة وما فيها من ماء فسيكون لها شأن عظيم غدًا، وصلى ركعتين، ثم أمر بلالاً فأذن وأقام وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الصبح كما كان يصليها كل يوم وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وركب من معه، وهم يقولون في همس: ما كفارة نومنا عن الصلاة؟ وسمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: أما لكم في رسول الله أسوة؟ ليس في النوم تفريط ولا إثم، إنما التفريط والإثم على من تكاسل وأهمل الصلاة حتى دخل وقت الثانية.
فمن نام عن صلاة أو نسيها فليصل إذا ذكرها فورًا، لا كفارة لها إلا ذلك، قال تعالى: { { وأقم الصلاة لذكري } } [طه: 14] ثم قال صلى اللَّه عليه وسلم لمن معه: سار الناس وسبقونا، فماذا تظنون صنيعهم إذا أصبحوا ولم يجدوا نبيهم بينهم؟ سيقول أبو بكر وعمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مازال بعدكم لم يصل بعد، لأنه لا يسبقكم ويترككم، وسيقول الناس: إن رسول الله سبقنا فإن يسمعوا لأبي بكر وعمر يكونوا راشدين فاهمين الحق والصدق.

وأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في مشيهم حتى أدركوا الناس ضحوة وقد حميت الشمس، وهم يقولون: يا رسول الله عطشنا، يا رسول الله عطشنا.
يا رسول الله، هلكنا من العطش، قال صلى الله عليه وسلم: لا هلك إن شاء الله، هاتوا لي ميضأة أبي قتادة، فلما جاءت تفل فيها ودعا، ثم جاء بإناء فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب من الميضأة في الإناء، وأبو قتادة يسقي الناس من الإناء حتى شربوا جميعًا، فصب، وقال لأبي قتادة: اشرب.
قال: ما كان لي أن أشرب حتى تشرب يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: إني ساقي القوم، إني آخرهم شربًا.

فأتى الناس الماء بعد الظهيرة، وهم في ري وراحة غير مجهدين وغير عطاش.

القصة الثانية: في سفر آخر، وساروا معظم الليل، ونزلوا فناموا، فكان أول من استيقظ عمر رضي الله عنه، وقد طلعت الشمس، فقام عند النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يكبر ويرفع صوته بالتكبير ليوقظ النبي صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ ورفع رأسه، ورأى الشمس قد بزغت قال: ارتحلوا، فساروا قليلاً حتى ابيضت الشمس.
ثم نزل، فصلى بالناس الصبح، واعتزل رجل من القوم فلم يصل معهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا فلان.
ما منعك أن تصلي معنا؟ قال: أصابتني جنابة يا رسول الله، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فتيمم بالتراب، ثم صلى، ثم قال صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين ولعلي بن أبي طالب: اذهبا فابحثا عن ماء، فقد عطش القوم عطشًا شديدًا، فسارا بعيدًا فوجدا امرأة تركب على ناقة فوقها قربتان كبيرتان وقد سدلت ودلت رجليها.
فقالا لها: أين الماء الذي ملأت منه؟ قالت: هيهات هيهات.
إنه بعيد جدًا لا تصلان إليه، قالا لها: كم سرت حتى وصلت إلى الماء؟ قالت: يوم وليلة، قالا لها: انطلقي معنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ومن رسول الله؟ فلم يمهلاها ولم يتركا لها خيارًا أو رأيًا، بل اقتاداها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن أمرها: فأخبرته بمثل ما أخبرتهما به، وزادت في أن زوجها توفي، وأنها تربي أيتامًا صبية، وذلك لتستعطفه صلى الله عليه وسلم أن لا يؤذيها أو يغتصب ماءها، فأمر بناقتها فأنيخت ، فأنزلاها، ثم فتح فم القربتين الأعلى.
ثم دعا بإناء ففرغ فيه من أفواه القربتين، فتمضمض في الماء، ثم أعاده، إلى القربتين، ثم ربط فمهما، ثم بعث الناقة فوقفت، ثم فك رباط القربتين من أسفل ممسكًا على فتحة كل قربة ليؤخذ منها ثم تضغط، ونادى في الناس: اسقوا واستقوا.
فشرب الناس وكانوا أربعين رجلاً عطاشًا، وملئوا كل قربة معهم وكل إناء وغسلوا صاحبهم الجنب، ثم قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: هاتوا فضل طعامكم.
فجمعوا كسرًا وتمرًا، وملئوا لها صرة، وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهبي فأطعمي هذا عيالك، واعلمي أننا لم نأخذ من مائك شيئًا، فانصرفت والقرب تكاد تنشق من امتلائها بالماء، فلما أتت أهلها قالت: لقد لقيت أكبر البشر سحرًا، أو هو النبي كما يزعمون، كان من أمره كيت وكيت، فأسلمت المرأة وأسلم أهلها وقبيلتها.

المباحث العربية

( حين قفل من غزوة خيبر) أي رجع من غزوة خيبر، والقفول الرجوع ويقال: غزوة وغزاة.
قال النووي: وخيبر بالخاء هو الصواب، وكذا ضبطناه وكذا هو في أصول بلادنا من نسخ مسلم، قال الباجي وابن عبد البر وغيرهما هذا هو الصواب، قال القاضي عياض: هذا قول أهل السير، وهو الصحيح قال: وقال الأصيلي إنما هو حنين، بالحاء المهملة والنون.
وهذا غريب ضعيف.

( سار ليله) أي سار معظم ليله، وإطلاق الشيء على أكثره شائع.

( حتى إذا أدركه الكرى) بفتح الكاف النعاس، وقيل: النوم.
يقال منه: كرى الرجل - بفتح الكاف وكسر الراء - يكري، فهو كر، وامرأة كرية بتخفيف الياء.

( عرس) بتشديد الراء من التعريس، وهو نزول المسافرين آخر الليل للنوم والاستراحة، لا للإقامة، قال بعض أهل اللغة: أصله النزول آخر الليل، وقيل: هو النزول أي وقت كان من ليل أو نهار، وفي الحديث معرسون في نحر الظهيرة ذكره النووي.

( اكلأ لنا الفجر) ارقب لنا الفجر واحفظه واحرسه أن يفوتنا، ومصدره الكلاء بكسر الكاف واللام ممدودة آخره همزة، ذكره الجوهري.

وفي رواية البخاري قال صلى الله عليه وسلم: أخاف أن تناموا عن الصلاة قال بلال: أوقظكم وفي رواية فمن يوقظنا؟ قال بلال: أنا.

( استند بلال إلى راحلته مواجه الفجر) بوجهه.
أي قريبًا من وقت الفجر.

( حتى ضربتهم الشمس) أي حتى أصابتهم ومستهم.

( ففزع رسول اللَّه) أي انتبه وقام مندهشًا للنوم حتى طلوع الشمس دون صلاة.

( فقال: أي بلال) قال النووي: هكذا هو في رواياتنا ونسخ بلادنا وحكى القاضي عياض عن جماعة أنهم ضبطوه.
أين بلال؟ على الاستفهام.
اهـ وما قاله النووي أصح.
ففي رواية البخاري يا بلال أين قلت؟.

( فقال بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ - بأبي وأمي يا رسول اللَّه - بنفسك) فصل بين الجار والمجرور وبين متعلقه بجملة الدعاء بأبي أنت وأمي يا رسول الله أفديك والأصل: أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك، وفي رواية البخاري: قال بلال: ما ألقيت على نومة مثلها قط.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء.

( فاقتادوا رواحلهم شيئًا) أي مسافة قصيرة، ولعل التعبير بالاقتياد بدل الركوب للإشعار بقصر المسافة: وفي الرواية الثانية ليأخذ كل رجل منكم برأس راحلته وهو المراد بالاقتياد.

( أقم الصلاة لذكري) جزء الآية الرابعة عشرة من سورة طه، وكاملها { { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري } } أي لتذكيري لك إياها، وهذا معنى قراءة للذكرى أي التذكر، وقيل: أقم الصلاة لذكر أمري بها، أي لتذكرك أمري بها، وقيل: المعنى: إذا ذكرت الصلاة فقد ذكرتني فكأن المعنى: أقم الصلاة لذكر الصلاة، وقيل: في الكلام مضاف محذوف والتقدير: أقم الصلاة لذكر صلاتي، وهذه التقديرات كلها تتمشى مع الاستدلال بالآية هنا.

( فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان) أي غلبنا فيه، وإلا فالشيطان يحضر كل المنازل.

( ثم سجد سجدتين) أي صلى ركعتين.

( فصلى الغداة) أي الصبح.

( إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم) العشية أول الليل، فكأنه قال: تسيرون أول الليل والليل كله.

( فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد) أي لا يعطف أحد على أحد ولا ينتظر أحد أحدًا.

( يسير حتى ابهار الليل) بالباء الموحدة وتشديد الراء، أي انتصف.

( فنعس) بفتح العين، والنعاس مقدم النوم.
قال النووي: وهو ريح لطيفة تأتي من قبل الدماغ تغطي العين، ولا تصل إلى القلب، فإذا وصلت إلى القلب كان نومًا.

( فدعمته) أي أسندته وأقمت ميله برفق، وصرت تحته كالدعامة للبناء.

( ثم سار حتى تهور الليل) أي ذهب أكثره، مأخوذ من تهور البناء وهو انهدامه، قال النووي: يقال تهور الليل وتوهر.

( حتى كاد ينجفل) أي حتى كاد يسقط عن راحلته.

( متى كان مسيرك مني) ؟ أي منذ متى وأنت تسير مني هذا المسير؟.

( هذا مسيري منذ الليلة) أي منذ أول الليلة.

( حفظك اللَّه بما حفظت به نبيه) قال النووي: أي بسبب حفظك نبيه.
اهـ.
فـما على هذا مصدرية، وهذا غير ظاهر، لأن ما المصدرية لا يعود عليها ضمير به والأولى جعل ما موصولة، مدلولها الحب والحرص، أي بسبب الحب والحرص الذي حفظت به نبيه.

( هل ترانا نخفي على الناس) ؟ أي على بقية الركب، ومعنى هذا أنهما كانا وحدهما.

( هل ترى من أحد) من الركب غيرنا؟.

( حتى اجتمعنا فكنا سبعة ركب) يحتمل أنه نادى، ويحتمل أنهما أسرعا إن كانا متأخرين، أو أبطأ إن كان متقدمين، ولفظ ركب جمع راكب كصاحب وصحب، فلهذا جعل تمييزًا لعدد سبعة الذي تمييزه جمع مجرور.

( احفظوا علينا صلاتنا) أي لا تضيعوا صلاة الفجر بالنوم عنها، ولعله قال ذلك أولاً للجماعة، فلما تعهد بلال بذلك قال له: أكلأ لنا الفجر، أو أنهما حادثتان، لما سيأتي في فقه الحديث.

( ثم دعا بميضأة) بكسر الميم، وبهمزة بعد الضاد، وهي الإناء الذي يتوضأ به.

( فتوضأ منها وضوءًا دون وضوء) أي وضوءًا أقل في الماء من وضوئه العادي، قال النووي: معناه وضوءًا خفيفًا مع أنه أسبغ الأعضاء، قال: ونقل القاضي عياض عن بعض شيوخه أن المراد توضأ ولم يستنج بماء، بل استجمر بالأحجار، قال: وهذا الذي زعمه هذا القائل غلط ظاهر، والصواب ما سبق.
اهـ

( فصنع كما كان يصنع كل يوم) أي صلى الفائتة بالحالة والهيئة التي كان يصلي بها الحاضرة.

( فجعل بعضنا يهمس إلى بعض) بفتح الياء وكسر الميم، أي يتكلم بخفاء وإسرار لا يسمعه غير من يقصد.

( إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى) متهاونًا أو متكاسلاً.

( فمن فعل ذلك) أي فمن نام حتى خرج وقتها.

( فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها) قال النووي: معناه إذا فاتته صلاة فقضاها لا يتغير وقتها ويتحول في المستقبل، بل يبقى كما كان، فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد، وليس معناه أن يقضي الفائتة مرتين، مرة في الحال، ومرة في الغد، وإنما معناه ما قدمناه، فهذا هو الصواب في معنى هذا الحديث، وقد اضطربت أقوال العلماء فيه، واختار المحققون ما ذكرته.
اهـ.

( ثم قال: ما ترون الناس صنعوا) ؟ أي ما تظنون الناس صانعين حين يصبحون فلا يجدون نبيهم بينهم؟.

( فقال أبو بكر وعمر: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعدكم، لم يكن ليخلفكم وقال الناس: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أيديكم، فإن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا) قال النووي: معنى هذا الكلام أنه صلى اللَّه عليه وسلم لما صلى بهم الصبح بعد ارتفاع الشمس، وقد سبقهم الناس، وانقطع النبي صلى الله عليه وسلم وهؤلاء الطائفة اليسيرة عنهم، قال: ما تظنون الناس يقولون فينا؟ فسكت القوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما أبو بكر وعمر فيقولان للناس: إن النبي صلى الله عليه وسلم وراءكم، ولا تطيب نفسه أن يسبقكم ويخلفكم وراءه ويتقدم بين أيديكم، فينبغي لكم أن تنتظروه حتى يلحقكم، وقال باقي الناس: إنه سبقكم فالحقوه، فإن أطاعوا أبا بكر وعمر رشدوا وأصابوا، فإنهما على صواب.
اهـ.

( لا هلك عليكم) هو بضم الهاء وسكون اللام، أي لا هلاك عليكم.

( أطلقوا لي غمرى) بضم الغين وفتح الميم.
وهو القدح الصغير، ويقصد الميضأة، أي هاتوا لي الميضأة بمائها القليل ودعوني وإياها.

( فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة تكابوا عليها) قال النووي: ضبطنا قوله ماء في الميضأة هنا بالمد ماء والقصر ما في الميضأة وكلاهما صحيح.

ومعنى تكابوا بتشديد الباء تجمعوا وتزاحموا.

( أحسنوا الملأ.
كلكم سيروى)
الملأ بفتح الميم واللام آخره همزة: الخلق والعشرة، يقال: ما أحسن ملأ فلان، أي خلقه وعشرته، وما أحسن ملأ بني فلان، أي عشرتهم وأخلاقهم، والملأ هنا مفعول أحسنوا أي أحسنوا الخلق والعشرة وعليكم بالوقار والسكينة.
كلكم سيشرب ويرتوي.

( فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصب) من الميضأة في إناء بيد أبي قتادة وأبو قتادة يسقي القوم واحدًا واحدًا.

( فأتى الناس الماء جامين رواء) بتشديد الميم، والاستجمام الاستراحة أي وصل الناس إلى الماء الطبيعي غير مجهدين وغير عطاش، بل وصلوا البئر مرتوين نشطين مستريحين.

( إني لأحدث هذا الحديث في مسجد الجامع) أصله في المسجد الجامع، فحذف أل من المسجد وأضاف الموصوف إلى صفته، وهذا جائز عند الكوفيين بغير تقدير، والبصريون يؤولونه ويقدرون مسجد المكان الجامع.

( انظر أيها الفتى كيف تحدث) ؟ ليس قصده الشك فيما يحدث، ولا طلب التثبت، وإنما قصده من أين لك هذا وقد ظننت أنني وحدي الأحفظ له؟ أو المعنى أن عمران حينما بدأ عبد الله بن رباح هذا الحديث قال له عمران.
انتبه أيها الفتى وحافظ بدقة على ما سمعت، فإني أحد شهود الحادثة وسأقابل ما تقول على ما أحفظ، فحدث ابن رباح وعمران يسمع، فلما انتهى قال عمران: ما شعرت وما ظننت أن أحدًا حفظه كما حفظته.
قال النووي: ضبطنا حفظته بضم التاء وفتحها، وكلاهما حسن.
اهـ.

( فأدلجنا ليلتنا) بإسكان الدال هو سير الليل كله، وأما ادلجنا بفتح الدال المشدة فمعناه سرنا آخر الليل، هذا هو الأشهر في اللغة، وقيل: هما لغتان بمعنى، ومصدر الأول إدلاج بإسكان الدال، والثاني ادلاج بكسر الدال المشددة.
ذكره النووي.

( بزغت الشمس) بزوغ الشمس أول طلوعها.

( ثم عجلني في ركب بين يديه) أي أرسلني وطلب مني العجلة والسرعة، وفي رواية البخاري فدعا فلانًا أي: عمران بن حصين ودعا عليًا فقال: اذهبا فابتغيا الماء قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أنه كان معهما غيرهما على سبيل التبعية لهما، فيتجه إطلاق لفظ ركب.

( إذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين) السادلة المرسلة المدلية والمزادة بفتح الميم والزاي إناء ماء أكبر من القربة، والمزادتان حمل بعير، سميت مزادة لأنه يزاد فيها من جلد آخر من غيرها.

( فقالت: أيهاه.
أيهاه)
قال النووي: هكذا هو في الأصول، وهو بمعنى هيهات.
هيهات.
ومعناه البعد من المطلوب واليأس منه.

( لا ماء لكم) أي ليس لكم ماء حاضر ولا قريب.

( قلنا: فكم بين أهلك وبين الماء؟ قالت: مسيرة يوم وليلة) وكانت المرأة قريبة من منازل أهلها آنذاك، ففي رواية البخاري قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة أي مضى على حملها الماء يوم وليلة.

( قالت: وما رسول الله) ؟ في رواية قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين.
فانطلقي، فتخلصا أحسن تخلص، إذ لو قالا: لا.
فات المقصود، ولو قالا: نعم.
لم يحسن منهما.

( فلم نملكها من أمرها شيئًا) أي لم نملكها من المضي في طريقها.

( وأخبرته أنها موتمة) بضم الميم وكسر التاء، أي ذات أيتام.

( فأمر براويتها فأنيخت) الراوية عند العرب هي الجمل الذي يحمل الماء قال النووي: وأهل العرف قد يستعملونه في المزادة استعارة، والأصل البعير وهو المراد هنا.

( فمج في العزلاوين العلياوين ثم بعث براويتها) المج زرق الماء بالفم، والعلاء بالمد هي المشعب الأسفل للمزادة الذي يفرغ منه الماء ويطلق أيضًا على فمها العلي، وهو المقصود هنا لقوله العلياوين وفي رواية البخاري فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء، ففرغ فيه من أفواه المزادتين، وأوكأ [أي ربط] أفواههما، وأطلق العزالي وفي رواية الطبراني والبيهقي فتمضمض في الماء، وأعاده في أفواه المزادتين وحاصل الصورة أنه صلى الله عليه وسلم أفرغ من أفواه المزادتين العلوية بعض الماء، ومج فيه وأعاده من حيث أخذه، وربط الأفواه التي فتحها، ثم بعث الجمل فقام واقفًا، ثم فتح وفك رباط المزادتين من أسفل، مع الإمساك والضغط على فتحة كل مزادة ليؤخذ منها.
ثم تقبض وتمسك، ونادى في الناس اسقوا واستقوا.

( وغسلنا صاحبنا) يعني الجنب، وغسلنا بتشديد السين، أي أعطيناه ما يغتسل به، وفي رواية البخاري: وكان آخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، قال: اذهب فأفرغه عليك.

( وهي تكاد تنضرج من الماء - يعني المزادتين) تنضرج بفتح التاء وسكون النون وفتح الضاد.
آخره جيم، أي تنشق، وضمير هي تكاد للمزادتين، والمعنى أخذ من المزادتين ما أخذ من الماء وهي مازالت منتفخة أكثر مما كانت عليه حتى إنها تكاد تنشق من امتلائها، وفي رواية البخاري وايم الله لقد أقلع عنها وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدأ فيها.

( هاتوا ما كان عندكم) أي من زاد، تكريمًا للمرأة ومساعدة لها على أيتامها، ومكافأة لها على مائها.

( فجمعنا لها من كسر وتمر) كسر بكسر الكاف وفتح السين جمع كسرة، وفي رواية البخاري فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجمعوا.
فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة حتى جمعوا لها طعامًا، فجعلوها في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها.

( واعلمي أنا لم نرزأ من مائك) نرزأ هو بنون مفتوحة وزاي مفتوحة بينهما راء ساكنة ثم همزة، أي لم ننقص من مائك شيئًا، قال الحافظ ابن حجر: وظاهره أن جميع ما أخذوه من الماء مما زاده الله تعالى وأوجده، وأنه لم يختلط فيه شيء من مائها في الحقيقة، وإن كان في الظاهر مختلطًا، قال: وهذا أبدع وأغرب في المعجزة، ثم قال: ويحتمل أن يكون المراد ما نقصنا من مقدار مائك شيئًا.
اهـ.
وفي رواية البخاري زيادة ولكن الله هو الذي أسقانا.

( كان من أمره ذيت وذيت) بالذال، وهي مثل كيت وكيت كناية عن محكي.

( فهدى اللَّه ذاك الصرم) بالصاد المشددة المكسورة والراء الساكنة آخره ميم.
وهو الأبيات المجتمعة، أي فهدى الله ذاك التجمع البدوي، تجمع قبيلتها بسبب هذه المرأة، فأسلمت وأسلموا وفي رواية البخاري فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين، ولا يصيبون الصرم الذي هي منه فقالت يومًا لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدًا، فهل لكم في الإسلام، فأطاعوها، فدخلوا في الإسلام.

( وقعنا تلك الوقعة التي لا وقعة عند المسافر أحلى منها) أي نمنا نومة عميقة بعد عناء السفر والسهر.

( وكان أجوف جليدًا) أجوف أي رفيع الصوت، يخرج صوته من جوفه بقوة، كالطبل الأجوف يرفع الصوت ويعليه، والجليد القوي، من الجلادة، وهي الصلابة، وفي وصف عائشة لعمر تقول: كان إذا مشي أسرع، وإذا تكلم أسمع وإذا ضرب أوجع.

( لا ضير) أي لا ضرر عليكم في هذا النوم وتأخير الصلاة بسببه، والضير والضرر والضر بمعنى.

( لا كفارة لها إلا ذلك) قال النووي: معناه لا يجزئه إلا الصلاة مثلها، ولا يلزمه مع ذلك شيء آخر.

فقه الحديث

قال النووي: واعلم أن هذه الأحاديث جرت في سفرين أو أسفار، لا في سفرة واحدة، وظاهر ألفاظها يقتضي ذلك.
اهـ

وقد ساق الحافظ ابن حجر رواية لأبي داود من حديث ابن مسعود أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية ليلاً، فنزل، فقال: من يكلؤنا؟ فقال بلال: أنا الحديث ورواية للموطأ عن زيد بن أسلم عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة، ووكل بلالاً....

ثم قال: وقد اختلف العلماء، هل كان ذلك مرة أو أكثر، أعني نومهم عن صلاة الصبح، فجزم الأصيلي بأن القصة واحدة.
وتعقبه القاضي عياض بأن قصة أبي قتادة - روايتنا الثالثة - مغايرة لقصة عمران قال الحافظ: وهو كما قال، فإن قصة أبي قتادة فيها أن أبا بكر وعمر لم يكونا مع النبي صلى الله عليه وسلم لما نام وقصة عمران فيها أنهما كانا معه، وأيضًا فقصة عمران روايتنا الرابعة والخامسة - فيها أن أول من استيقظ أبو بكر، ولم يستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم حتى أيقظه عمر بالتكبير، وقصة أبي قتادة فيها أن أول من استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، وفي القصتين غير ذلك من وجوه المغايرات، ثم قال: ومما يدل على تعدد القصة اختلاف مواطنها كما قدمنا.
ثم قال: وحاول ابن عبد البر الجمع بينهما بأن زمان رجوعهم من خيبر قريب من زمان رجوعهم من الحديبية، وأن اسم طريق مكة يصدق عليهما.
ثم قال الحافظ: ولا يخفى ما فيه من التكلف.
اهـ.

ويؤخذ من الأحاديث

1- قال النووي: يؤخذ من قوله من نسي صلاة فليصلها وجوب قضاء الفريضة الفائتة، سواء تركها بعذر، كنوم ونسيان، أم بغير عذر، وإنما قيد في الحديث بالنسيان لخروجه على سبب، لأنه إذا وجب القضاء على المعذور فغيره أولى بالوجوب، وهو من باب التنبية بالأدنى على الأعلى، وشذ بعض أهل الظاهر، فقال: لا يجب قضاء الفائتة بغير عذر، وزعم أنها أعظم من أن يخرج من وبال معصيتها بالقضاء.
وهذا خطأ من قائله وجهالة.
اهـ والخطأ والجهالة من قائله ناشئان من أنه ظن أن القضاء من غير المعذور يخرج من وبال المعصية، ولا قائل بذلك.

2- وظاهر قوله: إذا ذكرها يفيد وجوب المبادرة وعدم تأخير قضاء الفائتة عن وقت الذكر، لكنه محمول على الاستحباب، ويجوز التأخير عند الجمهور سواء فاتت بعذر أو بدون عذر، وأمره صلى الله عليه وسلم بالارتحال قبل قضاء الفائتة دليل على الجواز، وحكي عن بعضهم أنه يجب قضاؤها على الفور إن فاتت بدون عذر، وما أفاده الارتحال هنا قبل القضاء إنما هو لما فات بعذر، وروي عن ابن وهب وغيره أن تأخير قضاء الفائتة منسوخ بقوله تعالى: { { وأقم الصلاة لذكري } } قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، لأن الآية مكية، والحديث مدني، فكيف ينسخ المتقدم المتأخر؟.

3- أخذ بعضهم من الأمر بالارتحال قبل قضاء الفائتة أن قضاءها لا يجوز في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وهو غير مسلم، فإن الرواية الثانية تصرح بأن سبب الارتحال البعد عن موضع الغفلة، وعن موضع تغلب فيه الشيطان، بل في الرواية الأولى أنهم لم يستيقظوا حتى ضربتهم الشمس، وفي الرواية الخامسة فما أيقظنا إلا حر الشمس وذلك لا يكون إلا بعد أن يذهب وقت الكراهة.
قال الحافظ ابن حجر: وقد قيل: إنما أخر النبي صلى الله عليه وسلم لاشتغاله بأحوالهم، وقيل: تحرزًا من العدو، وقيل: انتظارًا لما ينزل عليه من الوحي، وقيل: ليستيقظ من كان نائمًا وينشط من كان في كسل.

4- استدل بقوله في الرواية السابعة: لا كفارة لها إلا ذلك أنه لا يجب غير إعادتها، خلافًا لمن قال بإعادة المقضية مرتين، مرة عند ذكرها، ومرة عند حضور مثلها من الوقت الآتي، أخذًا بظاهر قوله في الرواية الثالثة: فليصلها حين ينتبه لها، فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها وقد بينا المراد بهذه العبارة في المباحث العربية، وقلنا إن المراد فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد قال الحافظ ابن حجر: لكن رواية أبي داود من حديث عمران بن حصين في هذه القصة من أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحًا فليقض معها مثلها قال الخطابي: لا أعلم أحدًا قال بظاهره وجوبًا، قال: ويشبه أن يكون الأمر فيه للاستحباب.
ليحوز فضيلة الوقت في القضاء.
ثم قال الحافظ: ولم يقل أحد من السلف باستحباب ذلك أيضًا، بل عدوا الحديث غلطًا من راويه، ويؤيد ذلك ما رواه النسائي من حديث عمران بن حصين أيضًا أنهم قالوا: يا رسول الله ألا نقضيها لوقتها من الغد؟ فقال صلى الله عليه وسلم لا ينهاكم الله عن الربا ويأخذه منكم.

5- وأخذ بعضهم أيضًا من الحصر في قوله لا كفارة لها إلا ذلك الرد على الإمام مالك في أن من ذكر بعد أن صلى صلاة أنه لم يصل التي قبلها فإنه يصلي التي ذكر، ثم يصلي التي كان صلاها، مراعاة للترتيب.
ولو فاتته فوائت فالأكثرون على وجوب ترتيبها، وقال الشافعي: لا يجب الترتيب، واختلفوا فيما إذا تذكر فائتة في وقت حاضرة ضيق؟ هل يبدأ بالفائتة، وإن خرج وقت الحاضرة؟ أو يبدأ بالحاضرة؟ أو يتخير؟ فقال بالأول مالك، وقال بالثاني الشافعي والحنفية وأكثر أصحاب الحديث، وقال بالثالث أشهب، وقال عياض: محل الخلاف إذا لم تكثر الفوائت، وأما إذا كثرت فلا خلاف أنه يبدأ بالحاضرة.
اهـ ولا يخفى أن هذا الخلاف - بعد أن علمنا أنه لا يجب الفورية في قضاء الفوائت - في الأفضل والأولى وليس في الصحة والوجوب.
والله أعلم.

6- ويؤخذ من صلاته الفائتة بهم صلى الله عليه وسلم استحباب الجماعة في الفائتة، قال الحافظ ابن حجر: وبه قال أكثر أهل العلم إلا الليث، مع أنه أجاز صلاة الجمعة جماعة إذا فاتت.
اهـ

7- استدل بقوله في الرواية الثالثة: صلى الغداة، فصنع كما كان يصنع كل يوم، على أن صفة قضاء الفائتة كصفة أدائها، قال النووي: فيؤخذ منه أن فائتة الصبح يقنت فيها، وقد يحتج به من يقول: يجهر في الصبح التي يقضيها بعد طلوع الشمس، والأصح عند الشافعية أنه يسر بها، ويحمل قوله: كما كان يصنع أي في الأفعال.
اهـ

8- واستدل بالعبارة السابقة نفسها على إباحة تسمية الصبح غداة.

9- استدل بقوله في الرواية الثالثة فصلى ركعتين ثم صلى الغداة على استحباب قضاء السنة الراتبة، لأن الظاهر أن هاتين الركعتين اللتين قبل الغداة هما سنة الصبح، قال النووي: وإن فاتته سنة راتبة ففيها قولان للشافعي.
وأصحهما يستحب قضاؤها، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها ولأحاديث أخرى كثيرة في الصحيح، كقضائه صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد العصر حين شغله عنها الوفد، وقضائه سنة الصبح في حديث الباب، والقول الثاني لا يستحب، وأما السنن التي شرعت لعارض كصلاة الكسوف والاستسقاء ونحوهما فلا يشرع قضاؤها بلا خلاف.
اهـ

واستدل بعض المالكية بعدم ذكر سنة الصبح في الروايات على عدم قضاء السنة الراتبة، قال الحافظ ابن حجر: ولا دلالة فيه، لأنه لا يلزم من عدم الذكر عدم الوقوع.
اهـ

10- واستدل المهلب بهذه الأحاديث على أن الصلاة الوسطى هي صلاة الصبح.
قال: لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أحدًا بمراقبة وقت صلاة غيرها قال: ويدل على أنها هي المأمور بالمحافظة عليها أنه صلى الله عليه وسلم لم تفته صلاة غيرها لغير عذر شغله عنها.
اهـ قال الحافظ ابن حجر: وهو كلام متدافع فأي عذر أبين من النوم.

11- استدل بقوله في الرواية الثالثة: ثم أذن بلال بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة على مشروعية الأذان للفائتة وبعد ذهاب الوقت، وبه قال الشافعي في القديم وأحمد، وقال مالك، والشافعي في الجديد: لا يؤذن لها، وحمل الأذان هنا على الإقامة، أي على المعنى اللغوي، وهو محض الإعلام، قال النووي: والأصح عندنا إثبات الأذان بحديث أبي قتادة وغيره من الأحاديث الصحيحة، وأما ترك ذكر الأذان في حديث أبي هريرة وغيره فجوابه من وجهين: أحدهما لا يلزم من ترك ذكره أنه لم يؤذن، لعله أذن وأهمله الراوي أو لم يعلم به.
والثاني لعله ترك الأذان هذه المرة لبيان جواز تركه، وأشار إلى أنه ليس بواجب متحتم، لا سيما في السفر.
اهـ

12- ويؤخذ من الروايتين الأولى والثانية إثبات الإقامة للصلاة الفائتة.

13- استدل بوضوئه صلى الله عليه وسلم بعد النوم على أن النوم من المضطجع ينقض الوضوء؛ وقد تكلم العلماء في الجمع بين حديث النوم هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي.

قال النووي: جوابه من وجهين:

أصحهما وأشهرهما: أنه لا منافاة بينهما، لأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كالحدث والألم ونحوهما، ولا يدرك طلوع الفجر وغيره، مما يتعلق بالعين، وإنما يدرك ذلك بالعين، والعين نائمة وإن كان القلب يقظان.

والثاني: أنه كان له حالان، أحدهما ينام فيه القلب، وصادف هذا الموضع والثاني لا ينام، وهذا هو الغالب من أحواله.
قال: وهذا التأويل ضعيف والصحيح المعتمد هو الأول.
اهـ

14- استدل بقوله في الرواية الثانية: فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان على استحباب اجتناب مواضع الشيطان.
قال النووي: وهو أظهر المعنيين في النهي عن الصلاة في الحمام.

15- ومن تعهد بلال يؤخذ جواز التزام الخادم بالقيام بمراقبة المصالح والاكتفاء في الأمور المهمة بالواحد.

16- وفيه قبول العذر ممن اعتذر بأمر سائغ.

17- وفيه خروج الإمام بنفسه في الغزوات والسرايا.

18- استدل باستشهاد الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: { { وأقم الصلاة لذكري } } على أن شرع من قبلنا شرع لنا، لأن المخاطب بالآية المذكورة موسى عليه السلام، وهو الصحيح في الأصول ما لم يرد ناسخ.

19- واستدل بقوله في الرواية الثالثة: أما إنه ليس في النوم تفريط على ما أجمع عليه العلماء من أن النائم ليس بمكلف، وإنما يجب عليه قضاء الصلاة ونحوها بأمر جديد.
قال النووي: هذا هو المذهب الصحيح المختار عند أصحاب الفقه والأصول، ومنهم من قال: يجب القضاء بالخطاب السابق، وهذا القائل يوافق على أنه في حال النوم غير مكلف، وأما إذا أتلف النائم بيده أو بغيرها من أعضائه شيئًا في حال نومه فيجب ضمانه بالاتفاق، وليس ذلك تكليفًا للنائم، لأن غرامة المتلفات لا يشترط لها التكليف بالإجماع، بل لو أتلف الصبي أو المجنون أو الغافل أو غيرهم ممن لا تكليف عليه شيئًا وجب ضمانه بالاتفاق.
اهـ.

20- ويؤخذ من قوله في الرواية الثالثة: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يستحب للأمير إذا رأى مصلحة لقومه في إعلامهم بأمر أن يجمعهم كلهم ويشيع ذلك فيهم، ليبلغهم كلهم ويتأهبوا له، ولا يخص به بعضهم وكبارهم لأنه ربما خفي على بعضهم فيلحقه الضرر.
قاله النووي.

21- ويؤخذ من الرواية نفسها، من قوله وتأتون الماء - إن شاء الله - غدًا استحباب قول: إن شاء الله في الأمور المستقبلة، وهو موافق للأمر به في القرآن الكريم.

22- ومن قوله: من هذا؟ قلت: أبو قتادة أنه إذا قيل للمستأذن ونحوه: من هذا؟ يقول: فلان، باسمه، وأنه لا بأس أن يقول: أبو فلان.

23- ومن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي قتادة بالحفظ يؤخذ استحباب الدعاء لمن صنع معروفًا.

24- وفي الأحاديث مجموعة من المعجزات من علامات النبوة، فمنها قوله في الرواية الثالثة: وتأتون الماء إن شاء الله غدًا، وقوله فيها لأبي قتادة: احفظ علينا ميضأتك فسيكون لها نبأ وقوله فيها: قال أبو بكر وعمر كذا....
وقال الناس كذا وقوله فيها للناس لا هلك عليكم، وتكثير الماء في الميضأة حتى روى الناس، وفي الرواية الرابعة تكثير الماء في المزادتين.

واللَّه أعلم