هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1007 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَابْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ وَاقِعَةٌ فِي حُجْرَتِي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1007 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وابن نمير ، قالا : حدثنا وكيع ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس واقعة في حجرتي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

'Urwah (also) said:

'A'isha?, the wife of the Apostle (ﷺ) narrated it to me that the Messenger of Allah (ﷺ) used to say the afternoon prayer, when the light of the sun was there in her apartment before it went out (of it).

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس واقعة في حجرتي.


المعنى العام

تشتد الحرارة في الجزيرة العربية، ويقل فيها الزرع كما يقل فيها الظل الذي يخفف شدة الحرارة ويتيح للمصلين الذهاب إلى الجماعة بالمساجد في صلاة الظهر.
أمام هذه المشقة أذن الشارع بتأخير صلاة الظهر عن أول وقتها حتى تخف الحرارة، فطلب صلى الله عليه وسلم من المؤذن أن يؤخر أذان الظهر وقال للمسلمين إذا اشتد الحر فأخروا صلاة الظهر حتى يبرد الحر أي إلى قبيل انتهاء وقت الظهر، وذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشدة حر جهنم ليحذروها ويعملوا على اتقائها فقال لهم: إن ما لا تحتملون من حر الدنيا ما هو إلا نفس من أنفاس جهنم، أما نارها فنعوذ بالله منها، فقد أكل بعضها بعضاً من شدة استعارها.

فاللهم قنا عذاب النار، ونعوذ بك من كل عمل يقرب من النار.

المباحث العربية

( فأبردوا الصلاة) كذا في بعض النسخ، وأبردوا بهمزة قطع وكسر الراء، أي أخروا الصلاة إلى أن يبرد الوقت، يقال: أبرد إذا دخل في البرد، والمراد بالصلاة صلاة الظهر، إذ هي التي تكون في شدة الحر غالباً، والمعنى أدخلوا صلاة الظهر في البرد فأبردوا ضمن معنى أدخلوا.

وفي الرواية الثانية فأبردوا بالصلاة فالباء زائدة.
وفي الرواية الثالثة والثامنة أبردوا عن الصلاة فعن بمعنى الباء، وقيل هي للمجاورة أي تجاوزوا وقتها المعتاد إلى أن تنكسر شدة الحر.

وفي الرواية الخامسة أبردوا عن الحر في الصلاة أي ادخلوا في البرد متجاوزين الحر في صلاة الظهر.

( فإن شدة الحر من فيح جهنم) فيح جهنم بفتح الفاء وسكون الياء بعدها حاء، سطوع حرها.
وانتشاره، يقال: فاحت القدر تفوح إذا غلت، وفاح الحر يفيح فيحاً إذا سطع وهاج، وظاهر التعبير أن شدة الحر على سطح الأرض من وهج جهنم حقيقة، واختاره بعض الشراح، والأولى جعل هذا من قبيل التشبيه والتمثيل، لما علم أن الحرارة على الأرض من تسلط أشعة الشمس والشمس في غليانها ونارها مثل جهنم، كأنه قال: إن شدة الحر من ثوران وغليان مثل جهنم.

( أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر) المؤذن هو بلال، ومعنى أذن أراد أن يؤذن، ففيه مجاز المشارفة، كقولهم: توضأ فغسل وجهه ويديه، إلخ.

( فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبرد، أبرد) ظاهره أن الأمر بالإبراد وقع بعد تقدم الأذان.
وليس كذلك، بل أنه أراد أن يؤذن وتهيأ له، فقيل له: أبرد.
أبرد.

يؤكد هذا رواية أبي داود فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر فقال: أبرد.
ثم أبرد.
ثم أراد أن يؤذن فقال: أبرد مرتين أو ثلاثاً ورواية البخاري في باب الأذان للمسافرين فأراد المؤذن أن يؤذن، فقال له: أبرد.
ثم أراد أن يؤذن فقال له: أبرد، ثم أراد أن يؤذن، فقال له: أبرد، حتى ساوى الظل التلول.

( حتى رأينا فيء التلول) الفيء رجوع الظل من جانب المشرق إلى صائب المغرب، وقال أهل اللغة: كل ما كانت عليه الشمس فزالت فهو فيء، وقيل: الفيء لا يكون إلا بعد الزوال، والظل يطلق على ما قبل الزوال وما بعده والتلول بضم التاء جمع تل وهو ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل أو نحو ذلك، وهي في الغالب منبطحة غير عالية، فلا يظهر لها ظل إلا إذا ذهب أكثر وقت الظهر.

والغاية في حتى رأينا قيل: متعلقة بقوله أبرد أي حتى ترى، أو متعلقة بمحذوف أي قال له: أبرد فأبرد حتى رأينا.
وهذا هو الأوضح.

( اشتكت النار إلى ربها، فقالت: يا رب.
أكل بعضي بعضاً، فأذن لها بنفسين)
رجح البيضاوي حمل هذا على المجاز، فقال: شكواها مجاز عن غليانها، وأكلها بعضاً بعضاً مجاز عن ازدحام أجزائها، وتنفسها مجاز عن خروج ما يبرز منها.

وعامة المحدثين يرجحون الحقيقة.
وأن الشكوى بلسان المقال.
قال القرطبي: لا إحالة -أي لا استحالة- في حمل اللفظ على حقيقته، وإذا أخبر الصادق بأمر جائز لم يحتج إلى تأويله، فحمله على حقيقته أولى.

وقال النووي بعد أن حكى القولين قلت: والصواب الأولى، لأنه ظاهر الحديث، ولا مانع من حمله على حقيقته، فوجب الحكم بأنه على ظاهره.

وقال التوربشتي: قدرة الله أعظم من ذلك، فقد يخلق فيها آلة الكلام، كما خلق لهدهد سليمان ما خلق من العلم والإدراك، وقد حكى عن النار أن تقول { { هل من مزيد } } [ق: 30] .

وقال ابن المنير: حمله على الحقيقة هو المختار لصلاحية القدرة لذلك والشكوى والإذن والقول والتنفس وقصره على اثنين فقط بعيد عن المجاز خارج عما ألف من استعماله.
اهـ

ونحن نرجح المجاز مع إيماننا بأن قدرة الله فوق كل ذلك، وفرق بين صلاحية القدرة والتسليم بأنها أنجزت، وقد ثبت بالحس والإدراك والعلم الجازم أن شدة الحر من الشمس، وأن شدة البرد من بعدها وكيف نفهم حقيقة التنفس الحار في الصيف؟ أيكون نهاراً لا ليلاً؟ وفي أيام دون أيام؟ وهل يكون في بلاد دون بلاد؟ وهل تتنفس زمهريراً طول العام في القطبين؟ وحروراً طول العام عند خط الاستواء؟ وهل يمكن حمل أكل بعضها بعضاً على الحقيقة مما يؤدي إلى فنائها أو انضغاطها؟ وهل يمكن حمل تنفسها على الحقيقة والتنفس خروج الهواء من مخرج من مخارج الحيوان؟ أظن كل ذلك قرائن مانعة من إرادة المعنى الحقيقي، وما ذكره ابن المنير من قرائن يبعد المجاز في نظره هي ترشيحات للمجاز تقرب المعنى المراد، وهي كثيرة في استعمالات العرب، قال عنترة يصف فرسه في حالة البأس:

فشكا إلي بعبرة وتحمحم

( نفس في الشتاء ونفس في الصيف) بالجر فيهما على البدل أو البيان ويجوز الرفع فيهما على أنهما خبر مبتدأ محذوف، أي أحدهما نفس في الشتاء وثانيهما نفس في الصيف.
ويجوز النصب على تقدير أعني.

( فهو أشد ما تجدون من الحر، وهو أشد ما تجدون من الزمهرير) في الكلام لف ونشر مشوش، ولو رتب لقدم الزمهرير لتقدم نفس الشتاء والزمهرير شدة البرد.

( وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم) الحرور شدة الحر قال العلماء.
وأو في قوله فما وجدتم من برد أو زمهرير وقوله وما وجدتم من حر أو حرور يحتمل أن يكون شكا من الراوي ، ويحتمل أن يكون للتقسيم.
والله أعلم.

فقه الحديث

اختلف الفقهاء في الأمر بالإبراد في الأحاديث.
هل هو أمر استحباب؟ أو أمر إرشاد، أي الترخيص بالإبراد مع أن التعجيل أفضل؟ أو الأمر للوجوب؟.

والإبراد -كما قلنا- تأخير صلاة الظهر عن أول وقتها إلى أن يبرد الوقت وينكسر الحر، بشرط أن لا يؤخرها إلى آخر وقتها، بل يصليها في وقت إذا فرغ يكون بينه وبين آخر الوقت فضل.
فمذهب الشافعي استحباب الإبراد بثلاثة شروط: ( أ) شدة الحر ( ب) أن يكون في البلدان الحارة ( جـ) أن تكون الصلاة في مساجد الجماعات، أما من صلاها في بيته، أو في مسجد بفناء بيته فالأفضل تعجيلها، لأن التأخير إنما يستحب لينكسر الحر، ويتسع الظل بجوار الحيطان، ويكثر السعي إلى الجماعات، ومن لا يصلي في جماعة لا حاجة به إلى التأخير.

فالشافعي استنبط من النص العام -وهو الأمر بالإبراد- معنى يخصه، وليس في سياق الحديث ما يخالفه، بل فيه ما يؤيده فقوله في الرواية الأولى إذا اشتد الحر مفهومه أن الحر إذا لم يشتد لم يشرع الإبراد، ثم ظاهر التعليل فإن شدة الحر من فيح جهنم تؤيد أن الإبراد لرفع المشقة، فإذا لم تحصل فلا حاجة للرخصة.

واشترط أكثر المالكية شرطاً واحداً، وهو أن تكون صلاة الظهر في جماعة أما المنفرد فالتعجيل في حقه أفضل.

والمشهور عن أحمد والحنفية أنه يستحب تعجيل صلاة الظهر في الشتاء والإبراد بها في الحر، لا فرق بين البلدان الحارة وغيرها، ولا بين كون المسجد ينتابه الناس أو لا.
وحجتهم الأخذ بظاهر الخبر، وحديث أبي ذر عند البخاري والترمذي قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أبرد، ثم أراد أن يؤذن، فقال له: أبرد.
حتى رأينا فيء التلول قالوا: فلو كان على ما ذهب إليه الشافعي لم يأمر بالإبراد.
لاجتماعهم في السفر، وكانوا لا يحتاجون إلى أن ينتابوا من البعد، ورد الكرماني أن العادة في العسكر الكثير تفرقتهم في أطراف المنزل للتخفيف وطلب الرعي، فلا نسلم اجتماعهم في تلك الحالة قال الحافظ ابن حجر: وأيضاً لم تجر عادتهم باتخاذ خباء كبير يجمعهم، بل كانوا يتفرقون في ظلال الشجر، وليس هناك من يمشون فيه، فليس في سياق حديث أبي ذر ما يخالف ما قاله الشافعي.
اهـ

وذهب بعضهم إلى أن تعجيل الظهر أفضل مطلقاً، وقالوا: معنى أبردوا صلوا في أول الوقت.
أخذا من برد النهار، وهو أوله، قال الحافظ ابن حجر: وهو تأويل بعيد، ويرده قوله فإن شدة الحر من فيح جهنم إذ التعليل بذلك يدل على أن المطلوب التأخير وحديث أبي ذر -روايتنا السادسة- صريح في ذلك، حيث قال انتظر.
انتظر.

كما قالوا: إن الصلاة حينئذ تكون أكثر مشقة، فتكون أولى، قال الحافظ: والحامل لهم على ذلك حديث خباب -الآتي في الباب التالي- شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا فلم يشكنا أي فلم يزل شكوانا وتمسكوا أيضاً بعموم الأحاديث الدالة على فضيلة أول الوقت.
قال: والجواب عن حديث خباب أنه محمول على أنهم طلبوا تأخيراً زائداً عن وقت الإبراد وهو زوال حر الرمضاء، وذلك قد يستلزم خروج الوقت فلم يجبهم، أو منسوخ بأحاديث الإبراد، فإنها متأخرة عنه.

والجواب عن أحاديث أول الوقت أنها عامة أو مطلقة، والأمر خاص، فهو مقدم، قال: ولا التفات إلى قولهم: التعجيل أكثر مشقة فيكون أفضل، لأن الأفضلية لم تنحصر في الأشق، بل قد يكون الأخف أفضل، كما في قصر الصلاة في السفر.
اهـ

ثم قال: وقضية التعليل المذكور قد يتوهم منها مشروعية تأخير الصلاة في وقت شدة البرد، ولم يقل به أحد، لأنها تكون غالباً في وقت الصبح، فلا تزول إلا بطلوع الشمس، فلو أخرت لخرج الوقت.
اهـ

وقد يحتج بمشروعية الإبراد بالجمعة، وبه قال بعض الشافعية، والجمهور على خلافه لأنه لم يبلغنا أنه صلى الله عليه وسلم أخرها، بل كان يعجلها، حتى قال سهل بن سعد: ما كنا نقيل، ولا نتغدى إلا بعد الجمعة، أخرجه البخاري وقد ثبت في الصحيح أنهم كانوا يرجعون من صلاة الجمعة وليس للحيطان ظل يستظلون به من شدة التبكير لها أول الوقت، ولأن السنة التبكير بالسعي إليها، فلو أخرها لتأذى الناس بتأخير الجمعة.

هذا وفي الحديث رد على من زعم من المعتزلة وغيرهم أن النار لا تخلق إلا يوم القيامة، قاله الحافظ ابن حجر، وقد سبق القول باحتمال المجاز فلا رد فيه.

والله أعلم