ذِكْرُ بِعْثَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الرُّسُلَ بِكُتُبِهِ إِلَى الْمُلُوكِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ
{ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} فَكَتَبَ : بِسْمِ اللهِ ، حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ : { قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} فَكَتَبَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ ، حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ : { إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فَكَتَبَ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
597 أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ الطَّائِيُّ قَالَ : أَنْبَأَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَزَكَرِيَّاء بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَكْتُبُ كَمَا تَكْتُبُ قُرَيْشٌ : بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ :
603 قَالُوا : وَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى جَبَلَةَ بْنِ الأَيْهَمِ مَلِكِ غَسَّانَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلاَمِ ، فَأَسْلَمَ وَكَتَبَ بِإِسْلاَمِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً وَلَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا حَتَّى كَانَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَبَيْنَمَا هُوَ فِي سُوقِ دِمَشْقَ إِذْ وَطِئَ رَجُلاَّ مِنْ مُزَيْنَةَ فَوَثَبَ الْمُزَنِيُّ فَلَطَمَهُ فَأُخِذَ وَانْطُلِقَ بِهِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَقَالُوا : هَذَا لَطَمَ جَبَلَةَ قَالَ : فَلْيَلْطِمْهُ ، قَالُوا : وَمَا يُقْتَلُ ؟ قَالَ : لاَ ، قَالُوا : فَمَا تُقْطَعُ يَدُهُ ؟ قَالَ : لاَ إِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْقَوَدِ قَالَ جَبَلَةُ : أَوَتَرَوْنَ أَنِّي جَاعِلٌ وَجْهِي نِدًّا لِوَجْهِ جَدْيٍ جَاءَ مِنْ عَمْقٍ ، بِئْسَ الدِّينُ هَذَا ، ثُمَّ ارْتَدَّ نَصْرَانِيًّا وَتَرَحَّلَ بِقَوْمِهِ حَتَّى دَخَلَ أَرْضَ الرُّومِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَشَقَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ : أَبَا الْوَلِيدِ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ صَدِيقَكَ جَبَلَةَ بْنَ الأَيْهَمِ ارْتَدَّ نَصْرَانِيًّا ؟ قَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، وَلِمَ ؟ قَالَ : لَطَمَهُ رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ قَالَ : وَحُقَّ لَهُ فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ فَضَرَبَهُ بِهَا.
604 قَالُوا : وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيَّ إِلَى ذِي الْكُلاَعِ بْنِ نَاكُورَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ تُبَّعٍ وَإِلَى ذِي عَمْرٍو يَدْعُوهُمَا إِلَى الإِسْلاَمِ ، فَأَسْلَمَا وَأَسْلَمَتْ ضَرِيبَةُ بِنْتُ أَبْرَهَةَ بْنِ الصَّبَّاحِ امْرَأَةُ ذِي الْكُلاَعِ ، وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَجَرِيرٌ عِنْدَهُمْ فَأَخْبَرَهُ ذُو عَمْرٍو بِوَفَاتِهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَخَرَجَ جَرِيرٌ إِلَى الْمَدِينَةِ.
596 قَالُوا : وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُنْصَرَفَهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيِّ وَهُوَ بِالْبَحْرَيْنِ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلاَمِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا فَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِإِسْلاَمِهِ وَتَصْدِيقِهِ وَإِنِّي قَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ عَلَى أَهْلِ هَجَرَ. فَمِنْهُمْ مَنْ أَحَبَّ الإِسْلاَمَ وَأَعْجَبَهُ وَدَخَلَ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ وَبِأَرْضِي مَجُوسٌ وَيَهُودُ فَأَحْدِثْ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ أَمْرَكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إِنَّكَ مَهْمَا تُصْلِحُ فَلَنْ نَعْزِلَكَ عَنْ عَمَلِكَ وَمَنْ أَقَامَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ فَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ. وَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى مَجُوسِ هَجَرَ يَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الإِسْلاَمَ فَإِنْ أَبَوْا أُخِذَتْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ وَبِأَنْ لاَ تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ وَلاَ تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ أَبَا هُرَيْرَةَ مَعَ الْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَأَوْصَاهُ بِهِ خَيْرًا. وَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِلْعَلاَءِ فَرَائِضَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالثِّمَارِ وَالأَمْوَالِ فَقَرَأَ الْعَلاَءُ كِتَابَهُ عَلَى النَّاسِ وَأَخَذَ صَدَقَاتِهُمْ.
606 قَالُوا : وَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لأَسْقُفِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ وَأَسَاقِفَةِ نَجْرَانَ وَكَهَنَتِهِمْ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَرُهْبَانِهِمْ أَنَّ لَهُمْ عَلَى مَا تَحْتِ أَيْدِيهِمْ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْ بِيَعِهِمْ وَصَلَوَاتِهِمْ وَرَهْبَانِيَّتِهِمْ ، وَجُوَارُ اللهِ وَرَسُولِهِ لاَ يُغَيَّرَ أَسْقُفٌ عَنْ أَسْقُفِيَّتِهِ ، وَلاَ رَاهِبٌ عَنْ رَهْبَانِيَّتِهِ ، وَلاَ كَاهِنٍ عَنْ كَهَانَتِهِ ، وَلاَ يُغَيَّرَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ ، وَلاَ سُلْطَانِهِمْ وَلاَ شَيْءٍ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مَا نَصَحُوا وَأَصْلَحُوا فِيمَا عَلَيْهِمْ غَيْرَ مُثْقِلِينَ بِظُلْمٍ وَلاَ ظَالِمِينَ . وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ.
607 قَالُوا : وَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِرَبِيعَةَ بْنِ ذِي مَرْحَبٍ الْحَضْرَمِيِّ وَإِخْوَتِهِ وَأَعْمَامِهِ أَنَّ لَهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَنِحَلَهُمْ وَرَقِيقَهُمْ وَآبَارَهُمْ وَشَجَرَهُمْ وَمِيَاهَهُمْ وَسَوَاقِيَهُمْ وَنَبْتَهُمْ وَشراجهم بِحَضْرَمَوْتَ ، وَكُلَّ مَالٍ لآلِ ذِي مَرْحَبٍ ، وَأَنَّ كُلَّ رّهْنٍ بِأَرْضِهِمْ يُحْسب ثَمَرِهِ وَسِدْرُه وَقَضْبُهُ مِنْ رَهْنِهِ الَّذِي هُوَ فِيِهِ وَأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ فِي ثِمَارِهِمْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّهُ لاَ يَسْأَلُهُ أَحَدٌ عَنْهُ ، وَأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بَرَاءٌ مِنْهُ ، وَأَنَّ نَصْرَ آلِ ذِي مَرْحَبٍ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنَّ أَرْضَهُمْ بَرِيئَةٌ مِنَ الْجَوْرِ وَأَنَّ أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ وَزَافِرَ حَائِطَ الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ يَسِيلُ إِلَى آلِ قَيْسٍ وَأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ جَارٌ عَلَى ذَلِكَ ، وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ.
608 قَالُوا : وَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ حَدَسٍ مِنْ لَخْمٍ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَأَعْطَى حَظَّ اللهِ وَحَظَّ رَسُولِهِ ، وَفَارَقَ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ آمِنٌ بِذِمَّةِ اللهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ، وَمَنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ فَإِنَّ ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ مِنْهُ بَرِيئَةٌ ، وَمَنْ شَهِدَ لَهُ مُسْلِمٌ بِإِسْلاَمِهِ فَإِنَّهُ آمِنٌ بِذِمَّةِ مُحَمَّدٍ وَإِنَّهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَكَتَبَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ.