فهرس الكتاب

- باب النهي عن التخصر في الصلاة

رقم الحديث 1216 [1216] لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًاأَيْ ضَيَّقْتَ مَا وَسَّعَهُ اللَّهُ وَخَصَصْتَ بِهِ نَفسك دون غَيْركذَلِكَ قَالَ فَالْحَدِيثُ يَشْتَمِلُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ وَرِجَالٌ مِنَّا يَخُطُّونَ قَالَ كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَهُوَ مُبَاحٌ وَلَا طَرِيقَ لَنَا إِلَى الْعِلْمِ اليقيني بالموافقة فَلَا يُبَاحُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ مَعْنَاهُ مَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ الَّذِي تَجِدُونَ إِصَابَتَهُ فِيمَا يَقُولُ لَا أَنَّهُ أَبَاحَ ذَلِكَ لِفَاعِلِهِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا نُسِخَ فِي شَرْعِنَا.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ النَّهْيَ عَنْ هَذَا الْخَطِّ إِذْ كَانَ عَلَمًا لِنُبُوَّةِ ذَاكَ النَّبِيِّ وَقَدِ انْقَطَعَتْ فَنُهِينَا عَنْ تَعَاطِي ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ فَحَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ الِاتِّفَاقُ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ الْآنَ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ حَكَى مَكِّيٌّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ كَانَ يَخُطُّ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فِي الرمل ثمَّ يزْجر وَعَن بن عَبَّاسٍ يَخُطُّ خُطُوطًا مُعَجَّلَةً لِئَلَّا يَلْحَقَهَا الْعَدَدُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَمْحُو عَلَى مَهْلٍ خَطَّيْنِ فَإِنْ بَقِيَ خَطَّانِ فَهِيَ عَلَامَةُ النَّجْحِ وَإِنْ بَقِيَ خَطٌّ فَهُوَ عَلَامَةُ الْخَيْبَةِ فَحَدَّقَنِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ قَالَ النَّوَوِيُّ الثُّكْلُ بِضَمِّ الثَّاءِ وَإِسْكَانِ الْكَافِ وَفَتْحِهِمَا جَمِيعًا لُغَتَانِ كَالْبُخْلِ وَالْبَخَلِ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ فِقْدَانُ الْمَرْأَةِ وَلَدَهَا وَأَمِّيَاهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ أُمِّيَاهُمُضَافٌ إِلَى ثُكْلِ وَكِلَاهُمَا مَنْدُوبٌ كَمَا قَالَ وَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَاهُ وَأَصْلُهُ أُمِّي زِيدَتْ عَلَيْهِ الْأَلِفُ لِمَدِّ الصَّوْتِ وَأُرْدِفَتْ بِهَاءِ السَّكْتِ الثَّابِتَةِ فِي الْوَقْفِ الْمَحْذُوفَةِ فِي الْوَصْلِ وَلَا كَهَرَنِي أَيْ مَا انْتَهَرَنِي قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْكَهْرُ الِانْتِهَارُ وَقِيلَ الْكَهْرُ الْعُبُوسُ فِي وَجْهِ مَنْ يَلْقَاهُ إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ شَرِيعَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يُبَاحُ فِيهَا الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ دُونَ الصَّوْمِ فَجَاءَتْ شَرِيعَتُنَا بِعَكْسِ ذَلِك.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ إِنَّمَا عِيبَ عَلَى جُرَيْجِ عَدَمُ إِجَابَتِهِ لِأُمِّهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ كَانَ مُبَاحًا فِي شَرْعِهِمْ وَفِي شَرْعِنَا لَا يَجُوزُ قَطْعُ الصَّلَاةِ لِإِجَابَةِ الْأُمِّ إِذْ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ مِنْ قِبَلِ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ ثُمَّ يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ وَحُكِيَ تَخْفِيفُهَا مَوْضِعٌ بِقُرْبِ أُحُدٍ فِي شِمَالِ الْمَدِينَةِ قَالَ.
وَأَمَّا قَوْلُ عِيَاضٍ إِنَّهَا مِنْ عَمَلِ الْفَرْعِ فَلَيْسَ بِمَقْبُولٍ لِأَنَّ الْفَرْعَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ بَعِيدٌ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأحد فِي شام الْمَدِينَةِ وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَكَيْفَ يَكُونُ عِنْدَ الْفَرْعِ آسَفُ بِالْمَدِّ وَفَتْحِ السِّينِ أَيْ أَغْضَبُ فَصَكَكْتُهَاأَيْ لَطَمْتُهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَفِيهَا مَذْهَبَانِ أَحَدُهُمَا الْإِيمَانُ مِنْ غَيْرِ خَوْضٍ فِي مَعْنَاهُ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَتَنْزِيهُهُ عَنْ سِمَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَالثَّانِي تَأْوِيلُهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ فَمَنْ قَالَ بِهَذَا قَالَ كَانَ الْمُرَادُ بِهَذَا امْتِحَانُهَا هَلْ هِيَ مُوَحِّدَةٌ تُقِرُّ بِأَنَّ الْخَالِقَ الْمُدَبِّرَ الْفَعَّالَ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ وَهُوَ الَّذِي إِذَا دَعَاهُ الدَّاعِي اسْتَقْبَلَ السَّمَاءَ كَمَا إِذَا صَلَّى لَهُ الْمُصَلِّي اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُنْحَصِرٌ فِي السَّمَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مُنْحَصِرًا فِي جِهَةِ الْكَعْبَةِ بَلْ ذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدَّاعِينَ كَمَا أَنَّ الْكَعْبَةَ قِبْلَةُ الْمُصَلِّينَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَاطِبَةً فَقِيهِهِمْ وَمُحَدِّثِهِمْ وَمُتَكلِّمِهِمْ وَنُظَّارِهِمْ وَمُقَلِّدِهِمْ أَنَّ الظَّوَاهِرَ الْمُتَوَارِدَةَ بِذِكْرِ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى أأمنتم من فِي السَّمَاء وَنَحْوِهِ لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا بَلْ هِيَ مُتَأَوَّلَةٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَمَنْ قَالَ بِإِثْبَاتِ جِهَةَ فَوْقٍ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا تَكْيِيفٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ تَأَوَّلَ فِي السَّمَاءِ عَلَى السَّمَاءِ وَمَنْ قَالَ بِنَفْيِ الْحَدِّ وَاسْتِحَالَةِ الْجِهَةِ فِي حَقه سُبْحَانَهُ