هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
988 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ ، وَالأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ ، فَقَالَ : إِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلاَمِ ، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا ، وَأَكَلُوا المَيْتَةَ وَالعِظَامَ ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ جِئْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَإِنَّ قَوْمَكَ هَلَكُوا ، فَادْعُ اللَّهَ ، فَقَرَأَ : { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ } يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَزَادَ أَسْبَاطٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسُقُوا الغَيْثَ ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعًا ، وَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ المَطَرِ ، قَالَ : اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا فَانْحَدَرَتِ السَّحَابَةُ عَنْ رَأْسِهِ ، فَسُقُوا النَّاسُ حَوْلَهُمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
988 حدثنا محمد بن كثير ، عن سفيان ، حدثنا منصور ، والأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : أتيت ابن مسعود ، فقال : إن قريشا أبطئوا عن الإسلام ، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها ، وأكلوا الميتة والعظام ، فجاءه أبو سفيان ، فقال : يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وإن قومك هلكوا ، فادع الله ، فقرأ : { فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين } ثم عادوا إلى كفرهم ، فذلك قوله تعالى : { يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون } يوم بدر قال أبو عبد الله : وزاد أسباط ، عن منصور ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسقوا الغيث ، فأطبقت عليهم سبعا ، وشكا الناس كثرة المطر ، قال : اللهم حوالينا ولا علينا فانحدرت السحابة عن رأسه ، فسقوا الناس حولهم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : إِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلاَمِ ، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا ، وَأَكَلُوا المَيْتَةَ وَالعِظَامَ ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ جِئْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَإِنَّ قَوْمَكَ هَلَكُوا ، فَادْعُ اللَّهَ ، فَقَرَأَ : { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ } يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَزَادَ أَسْبَاطٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسُقُوا الغَيْثَ ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعًا ، وَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ المَطَرِ ، قَالَ : اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا فَانْحَدَرَتِ السَّحَابَةُ عَنْ رَأْسِهِ ، فَسُقُوا النَّاسُ حَوْلَهُمْ .

Narrated Masruq:

One day I went to Ibn Mas`ud who said, When Quraish delayed in embracing Islam, the Prophet (ﷺ) I invoked Allah to curse them, so they were afflicted with a (famine) year because of which many of them died and they ate the carcasses and Abu Sufyan came to the Prophet (ﷺ) and said, 'O Muhammad! You came to order people to keep good relation with kith and kin and your nation is being destroyed, so invoke Allah I ? So the Prophet (ﷺ) I recited the Holy verses of Sirat-Ad-Dukhan: 'Then watch you For the day that The sky will Bring forth a kind Of smoke Plainly visible.' (44.10) When the famine was taken off, the people renegade once again as nonbelievers. The statement of Allah, (in Sura Ad- Dukhan-44) refers to that: 'On the day when We shall seize You with a mighty grasp.' (44.16) And that was what happened on the day of the battle of Badr. Asbath added on the authority of Mansur, Allah's Messenger (ﷺ) prayed for them and it rained heavily for seven days. So the people complained of the excessive rain. The Prophet (ﷺ) said, 'O Allah! (Let it rain) around us and not on us.' So the clouds dispersed over his head and it rained over the surroundings.

Masrûq dit: «Je vins voir ibn Mas'ûd qui [me] dit Les Quraychites mirent du temps à embrasser l'Islam, d'où le Prophète (r ) pria Allah contre eux. Ils furent alors frappés par une disette qui les fit périr au point où ils mangèrent les bêtes crevées et les os. « Cela poussa Abu Sufyân à venir dire au Prophète: 0 Muhammad! tu recommandes de respecter les liens de parenté, mais voilà que ton peuple est en train de périr. Invoque Allah...! Et le Prophète récita alors Mais les polythéistes retournèrent à leur mécréance comme cela est indiqué dans c'estàdire, au jour de [la bataille de] Badr. »

":"ہم سے محمد بن کثیر نے بیان کیا ، ان سے سفیان ثوری نے ، انہوں نے بیان کیا کہ ہم سے منصور اور اعمش نے بیان کیا ، ان سے ابوالضحی نے ، ان سے مسروق نے ، آپ نے کہا کہمیں ابن مسعود رضی اللہ عنہما کی خدمت میں حاضر تھا ۔ آپ نے فرمایا کہ قریش کا اسلام سے اعراض بڑھتا گیا تو نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے ان کے حق میں بددعا کی ۔ اس بددعا کے نتیجے میں ایسا قحط پڑا کہ کفار مرنے لگے اور مردار اور ہڈیاں کھانے لگے ۔ آخر ابوسفیان آپ کی خدمت میں حاضر ہوا اور عرض کیا اے محمد ! ( صلی اللہ علیہ وسلم ) آپ صلہ رحمی کا حکم دیتے ہیں لیکن آپ کی قوم مر رہی ہے ۔ اللہ عزوجل سے دعا کیجئے ۔ آپ نے اس آیت کی تلاوت کی ( ترجمہ ) اس دن کا انتظار کر جب آسمان پر صاف کھلا ہوا دھواں نمودار ہو گا الآیہ ( خیر آپ نے دعا کی بارش ہوئی قحط جاتا رہا ) لیکن وہ پھر کفر کرنے لگے اس پر اللہ پاک کا یہ فرمان نازل ہوا ( ترجمہ ) جس دن ہم انہیں سختی کے ساتھ پکڑ کریں گے اور یہ پکڑ بدر کی لڑائی میں ہوئی اور اسباط بن محمد نے منصور سے بیان کیا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے دعائے استسقاء کی ( مدینہ میں ) جس کے نتیجہ میں خوب بارش ہوئی کہ سات دن تک وہ برابر جاری رہی ۔ آخر لوگوں نے بارش کی زیادتی کی شکایت کی تو حضور اکرم نے دعا کی «اللهم حوالينا ولا علينا» کہ اے اللہ ! ہمارے اطراف و جوانب میں بارش برسا ، مدینہ میں بارش کا سلسلہ ختم کر ۔ چنانچہ بادل آسمان سے چھٹ گیا اور مدینہ کے اردگرد خوب بارش ہوئی ۔

Masrûq dit: «Je vins voir ibn Mas'ûd qui [me] dit Les Quraychites mirent du temps à embrasser l'Islam, d'où le Prophète (r ) pria Allah contre eux. Ils furent alors frappés par une disette qui les fit périr au point où ils mangèrent les bêtes crevées et les os. « Cela poussa Abu Sufyân à venir dire au Prophète: 0 Muhammad! tu recommandes de respecter les liens de parenté, mais voilà que ton peuple est en train de périr. Invoque Allah...! Et le Prophète récita alors Mais les polythéistes retournèrent à leur mécréance comme cela est indiqué dans c'estàdire, au jour de [la bataille de] Badr. »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1020] .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَسْرُوق قَالَ أتيت بن مَسْعُودٍ سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الرُّومِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِهِ بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ فَقَالَ يَجِيءُ دُخَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وفيهَا ففزعنا فَأتيت بن مَسْعُودٍ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ إِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا سَيَأْتِي فِي الطَّرِيق الْمَذْكُورَة إِنْكَار بن مَسْعُودٍ لِمَا قَالَهُ الْقَاصُّ الْمَذْكُورُ وَسَنَذْكُرُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الدُّخَانِ مَا وَقَعَ لَنَا فِي تَسْمِيَةِ الْقَاصِّ الْمَذْكُورِ وَأَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبين مَعَ بَقِيَّةِ شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ وَنَقْتَصِرُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِسْقَاءِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً .

     قَوْلُهُ  فَدَعَا عَلَيْهِمْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الِاسْتِسْقَاءِ صِفَةُ مَا دَعَا بِهِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ سَبْعًا كَسَبْعِ يُوسُفَ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ تَقْدِيرُهُ أَسْأَلُكَ أَوْ سَلِّطْ عَلَيْهِمْ وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرسُورَةِ يُوسُفَ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ وَفِي سُورَةِ الدُّخَانِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ إِلَخْ وَأَفَادَ الدِّمْيَاطِيُّ أَنَّ ابْتِدَاءَ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قُرَيْشٍ بِذَلِكَ كَانَ عَقِبَ طَرْحِهِمْ عَلَى ظَهْرِهِ سَلَى الْجَزُورِ الَّذِي تَقَدَّمَتْ قِصَّتُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَقَدْ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ بَعْدَهَا بِالْمَدِينَةِ فِي الْقُنُوتِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَائِلَ الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اتِّحَادُ هَذِهِ الْقَصَصِ إِذْ لَا مَانِعَ أَنْ يَدْعُوَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ مِرَارًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ يَعْنِي الْأُمَوِيَّ وَالِدَ مُعَاوِيَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَجِيئَهُ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لِقَوْلِ بن مَسْعُودٍ ثُمَّ عَادُوا فَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  يَوْمَ نَبْطِشُ البطشة الْكُبْرَى يَوْمَ بَدْرٍ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَبْلَ بَدْرٍ وَعَلَى هَذَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو طَالِبٍ كَانَ حَاضِرًا ذَلِكَ فَلِذَلِكَ قَالَ وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ لَكِنْ سَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَقَعَتْ بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى التَّعَدُّدِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .

     قَوْلُهُ  جِئْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ يَعْنِي وَالَّذِينَ هَلَكُوا بِدُعَائِكَ مِنْ ذَوِي رَحِمِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِلَ رَحِمَكَ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذَا السِّيَاقِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ دَعَا لَهُمْ وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ ص بِلَفْظِ فَكَشَفَ عَنْهُمْ ثُمَّ عَادُوا وَفِي سُورَةِ الدُّخَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ فَاسْتَسْقَى لَهُمْ فَسُقُوا وَنَحْوَهُ فِي رِوَايَةِ أَسْبَاطَ الْمُعَلقَة قَوْله بِدُخَان مُبين الْآيَةَ سَقَطَ .

     قَوْلُهُ  الْآيَةَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ بَقِيَّةِ اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الدُّخَانِ .

     قَوْلُهُ  يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى زَادَ الْأَصِيلِيُّ بَقِيَّةَ الْآيَةِ .

     قَوْلُهُ  وَزَادَ أَسْبَاطُ هُوَ بن نَصْرٍ وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَنْصُورٍ يَعْنِي بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ قبله إِلَى بن مَسْعُودٍ وَقَدْ وَصَلَهُ الْجَوْزَقِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَسْبَاطَ بْنِ نَصْرٍ عَن مَنْصُور وَهُوَ بن الْمُعْتَمِرِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنِ بن مَسْعُودٍ قَالَ لَمَّا رَأَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا فَذَكَرَ نَحْوَ الَّذِي قَبْلَهُ وَزَادَ فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ بُعِثْتَ رَحْمَةً وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُقُوا الْغَيْثَ الْحَدِيثَ وَقَدْ أَشَارُوا بِقَوْلِهِمْ بُعِثْتُ رَحْمَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ .

     قَوْلُهُ  فَسُقُوا النَّاسُ حَوْلَهُمْ كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ فِي الصَّحِيحِ بِضَمِّ السِّينِ وَالْقَافِ وَهُوَ عَلَى لُغَةِ بَنِي الْحَارِثِ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ الْمَذْكُورَةِ فَأُسْقِيَ النَّاسُ حَوْلَهُمْ وَزَادَ بَعْدَ هَذَا فَقَالَ يَعْنِي بن مَسْعُودٍ لَقَدْ مَرَّتْ آيَةُ الدُّخَانِ وَهُوَ الْجُوعُ إِلَخْ وَقَدْ تَعَقَّبَ الدَّاوُدِيُّ وَغَيْرُهُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَنَسَبُوا أَسْبَاطَ بْنَ نَصْرٍ إِلَى الْغَلَطِ فِي قَوْلِهِ وَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ الْمَطَرِ إِلَخْ وَزَعَمُوا أَنَّهُ أَدْخَلَ حَدِيثًا فِي حَدِيثٍ وَأَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ شَكْوَى كَثْرَةِ الْمَطَرِ وَقَولُهُ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا لَمْ يَكُنْ فِي قِصَّةِ قُرَيْشٍ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْقِصَّةِ الَّتِي رَوَاهَا أَنَسٌ وَلَيْسَ هَذَا التَّعَقُّبُ عِنْدِي بِجَيِّدٍ إِذْ لَا مَانِعَ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَسْبَاطَ بْنَ نَصْرٍ لَمْ يُغَلِّطْ مَا سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الدُّخَانِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ اللَّهَ لِمُضَرَ فَإِنَّهَا قَدْ هَلَكَتْ قَالَ لمضر إِنَّك لجرئ فَاسْتَسْقَى فَسُقُوا اه وَالْقَائِلُ فَقِيلَ يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ أَبُو سُفْيَانَ لِمَا ثَبَتَ فِي كَثِيرٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي الدَّلَائِلِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ شَبَابَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السَّمْطِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ أَوْ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ دَعَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُضَرَ فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ لقَوْمك فَإِنَّهُم قد هَلَكُوا وَرَوَاهُ أَحْمد وبن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ وَلَمْ يَشُكَّ فَأَبْهَمَ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ اسْتَسْقِ اللَّهَلمضر فَقَالَ انك لجرئ أَلِمُضَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَنْصَرْتَ اللَّهَ فَنَصَرَكَ وَدَعَوْتَ اللَّهَ فَأَجَابَكَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مُرِيعًا مَرِيئًا طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ قَالَ فَأُجِيبُوا فَمَا لَبِثُوا أَنْ أَتَوْهُ فَشَكَوْا إِلَيْهِ كَثْرَةَ الْمَطَرِ فَقَالُوا قَدْ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَقَطَّعُ يَمِينًا وَشِمَالًا فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا الرجل الْمُبْهم الْمَقُول لَهُ إِنَّك لجرئ هُوَ أَبُو سُفْيَانَ لَكِنْ يَظْهَرُ لِي أَنَّ فَاعِلَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَنْصَرْتَ اللَّهَ إِلَخْ هُوَ كَعْبُ بْنُ مُرَّةَ رَاوِي هَذَا الْخَبَرِ لِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ أَيْضًا وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى كَعْبٍ قَالَ دَعَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُضَرَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ نَصَرَكَ وَأَعْطَاكَ وَاسْتَجَابَ لَكَ وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا الْحَدِيثَ فَعَلَى هَذَا كَأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَكَعْبًا حَضَرَا جَمِيعًا فَكَلَّمَهُ أَبُو سُفْيَانَ بِشَيْءٍ وَكَعْبٌ بِشَيْءٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اتِّحَادِ قِصَّتِهِمَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي هَذِهِ مَا ثَبَتَ فِي تِلْكَ من قَوْله انك لجرئ وَمِنْ قَوْلِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا وَغَيْرِ ذَلِكَ وَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ أَسْبَاطَ بْنَ نَصْرٍ لَمْ يَغْلَطْ فِي الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ مِنْ حَدِيثٍ إِلَى حَدِيثٍ وَسِيَاقُ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْمَدِينَةِ بِقَوْلِهِ اسْتَنْصَرْتَ اللَّهَ فَنَصَرَكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اتِّحَادُ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَعَ قِصَّةِ أَنَسٍ بَلْ قِصَّةُ أَنَسٍ وَاقِعَةٌ أُخْرَى لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ أَنَسٍ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى مُطِرُوا وَفِي هَذِهِ فَمَا كَانَ إِلَّا جُمْعَةً أَوْ نَحْوَهَا حَتَّى مُطِرُوا وَالسَّائِلُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ غَيْرُ السَّائِلِ فِي تِلْكَ فَهُمَا قِصَّتَانِ وَقَعَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا طَلَبُ الدُّعَاءِ بِالِاسْتِسْقَاءِ ثُمَّ طَلَبُ الدُّعَاءِ بِالِاسْتِصْحَاءِ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مُرَّةَ أَسْلَمَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ حُمِلَ .

     قَوْلُهُ  اسْتَنْصَرْتَ اللَّهَ فَنَصَرَكَ عَلَى النَّصْرِ بِإِجَابَةِ دُعَائِهِ عَلَيْهِمْ وَزَالَ الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنِّي لَيَكْثُرُ تَعَجُّبِي مِنْ كَثْرَةِ إِقْدَامِ الدِّمْيَاطِيِّ عَلَى تَغْلِيطِ مَا فِي الصَّحِيحِ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ مَعَ إِمْكَانِ التَّصْوِيبِ بِمَزِيدِ التَّأَمُّلِ وَالتَّنْقِيبِ عَنِ الطُّرُقِ وَجَمْعِ مَا وَرَدَ فِي الْبَابِ مِنِ اخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا علم وأنعم ( قَولُهُ بَابُ الدُّعَاءِ إِذَا كَثُرَ الْمَطَرُ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا) كَانَ التَّقْدِيرُ أَنْ يَقُولَ حَوَالَيْنَا وَتَكَلَّفَ لَهُ الْكِرْمَانِيُّ إِعْرَابًا آخَرَ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْهُ وَقَدْ تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ مُسْتَوفى وَإِنَّمَا اخْتَارَ لِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ رِوَايَةَ ثَابِتٍ لِقَوْلِهِ فِيهَا وَمَا تُمْطِرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةً لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي انْكِشَافِ الْمَطَرِ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمْ تَقَعْ إِلَّا فِيهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَولُهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1020] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: "إِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلاَمِ، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، وَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ.
فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، جِئْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ تَعَالَى.
فَقَرَأَ: { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: { يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} يَوْمَ بَدْرٍ -قَالَ وَزَادَ أَسْبَاطٌ عَنْ مَنْصُورٍ-: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسُقُوا الْغَيْثَ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعًا.
وَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ الْمَطَرِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا.
فَانْحَدَرَتِ السَّحَابَةُ عَنْ رَأْسِهِ، فَسُقُوا النَّاسُ حَوْلَهُمْ".
وبه قال: ( حدّثنا محمد بن كثير) العبدي البصري ( عن سفيان) الثوري ( قال: حدّثنا منصور والأعمش) سليمان بن مهران، كلاهما ( عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح بالتصغير ( عن مسروق) هو: ابن الأجدع ( قال: أتيت ابن مسعود) عبد الله رضي الله عنه.
وفي سورة الروم من التفسير عن مسروق قال: بينما رجل يحدث في كندة فقال: يجيء دخان يوم القيامة، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام، ففزعنا، فأتيت ابن مسعود ( فقال:) .
( إن قريشًا أبطأوا) أي: تأخروا ( عن الإسلام) ولم يبادروا إليه ( فدعا عليهم النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فقال ( اللهم أعني عليهم بسع كسبع يوسف) ( فأخذتهم سنة) بفتح السين، أي: جدب وقحط ( حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام) ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان من ضعف بصره بسبب الجوع.
( فجاءه أبو سفيان) صخر بن حرب ( فقال: يا محمد، جئت تأمر بصلة الرحم، وإن قومك) ذوي رحمك ( هلكوا) وللكشميهني: قد هلكوا، أي: بدعائك عليهم من الجدب والجوع ( فادع الله تعالى) لهم، فإن كشف عنا نؤمن بك ( فقرأ) عليه الصلاة والسلام ( { فارتقب} ) أي: انتظر لهم ( { يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ) [الدخان: 10] زاد أبو ذر: الآية.
( ثم عادوا) لما كشف الله عنهم ( إلى كفرهم) فابتلاهم الله تعالى بيوم البطشة ( فذلك قوله تعالى: { يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} [الدخان: 16] يوم بدر) أو: يوم القيامة، زاد الأصيلي { إنا منتقمون} .
والعامل في: يوم، فعل: دل عليه: إنّا منتقمون، لأن إن مانع من عمله فيما قبله، أو: بدل من يوم تأتي، وهذا يدل على أن مجيء أبي سفيان إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان قبل الهجرة، لأنه لم ينقل أن أبا سفيان قدم المدينة قبل بدر.
( قال) أي: البخاري ( وزاد) ولابن عساكر: قال أبو عبد الله وسقط ذلك كله لأبي ذر، واقتصر على قوله: وزاد ( أسباط) بفتح الهمزة وسكون المهملة وبالموحدة آخره طاء مهملة، ابن نصر، لا: أسباط بن محمد ( عن منصور) عن أبي الضحى، يعني بإسناده السابق.
( فدعا رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فسقوا الغيث) بضم السين والقاف، مبنيًّا للمفعول،ونصب الغيث، مفعوله الثاني ( فأطبقت) أي: دامت وتواترت ( عليهم سبعًا) أي: سبعة أيام، وسقطت التاء لعدم ذكر المميز.
فإنه يجوز فيه الأمران حينئذ.
وفي تفسير سورة الدخان، من رواية أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي الضحى، في هذا الحديث: فقيل: يا رسول الله! استسق الله لمضر فإنها قد هلكت.
قال: لمضر: إنك لجريء، فاستسقى فسقوا.
اهـ.
والقائل: يا رسول الله، الظاهر أنه أبو سفيان، لما ثبت في كثير من طرق هذا الحديث في الصحيحين: فجاء أبو سفيان، وإنما قال: لمضر، لأن غالبهم كان بالقرب من مياه الحجاز.
وكان الدعاء بالقحط على قريش، وهم سكان مكة، فسرى القحط إلى من حولهم، ولعل السائل عدل عن التعبير بقريش، لئلا يذكره بجرمهم.
فقال: لمضر، ليندرجوا فيهم، ويشير أيضًا إلى أن غير المدعوّ عليهم قد هلكوا بجريرتهم.
وقوله لمضر: إنك لجريء: أي: أتطلب أن أستسقي لهم مع ما هم عليه من معصية الله والإشراك به.
وفي دلائل البيهقي عن كعب بن مرة، أو مرة بن كعب، قال: دعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على مضر، فأتاه أبو سفيان بمكة، فقال: ادع الله لقومك، فإنهم قد هلكوا.
ورواه أحمد، وابن ماجة، عن كعب بن مرة قال: جاءه رجل فقال: استسق الله لمضر.
فقال: إنك لجريء ألمضر؟ قال: يا رسول الله، استنصرت الله فنصرك، ودعوت الله فأجابك.
فرفع يديه فقال "اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا، مريعًا طبقًا، عاجلاً غير رائث، نافعًا غير ضار ...
" الحديث.
فظهر بذلك أن هذا الرجل المبهم المقول له: إنك لجريء، هو أبو سفيان.
وأخرج أحمد أيضًا، والحاكم، عن كعب بن مرة أيضًا، قال: دعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على مضر، فأتيته، فقلت: يا رسول الله! إن الله قد نصرك، وأعطاك، واستجاب لك.
وإن قومك قد هلكوا ...
الحديث.
فظهر أن فاعل قال: يا رسول الله في الحديث الذي قبل هذا، هو: كعب بن مرة.
راويه، وعلى هذا فكأن أبا سفيان وكعبًا حضرًا جميعًا.
فكلمه أبو سفيان بشيء، فدلّ على اتحاد قصتهما.
وقد ثبت في هذه ما ثبت في تلك، من قوله: إنك لجريء.
وغير ذلك.
وسياق كعب بن مرة مشعر بأن ذلك وقع بالمدينة، لقوله: استنصرت الله فنصرك، ولا يلزم من هذا اتحاد هذه القصة مع قصة أنس السابقة، فهي واقعة أخرى، لأن في رواية أنس: فلم ينزل عن المنبر حتى مطروا.
وفي هذه: فما كان إلا جمعة أو نحوها حتى مطروا.
والسائل في هذه القصة، غير السائل في تلك.
فهما قصتان، وقع في كل منهما طلب الدعاء بالاستسقاء، ثم طلب الدعاء بالاستصحاء.
كذا قرره الحافظ ابن حجر، رادًّا به على من غلط أسباط بن نصر في هذه الزيادة، ونسبه إلى أنه أدخل حديثًا في آخر.
فقال: وإن قوله: فسقوا الغيث، إنما كان في قصة المدينة التي رواها أنس، لا في قصة قريش.
وأجاب البرماوي بأن المعنى: أن سفيان يروي عن منصور واقعة مكة، وسؤال أهل مكة وهو بها قبل الهجرة، وزاد عليه أسباط، عن منصور، ذكر الواقعتين، لا أن الثانية مسببة عن الأولى، ولا أن السؤال فيهما معًا كان بالمدينة.
اهـ.
( وشكا الناس) إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( كثرة المطر، قال) وللأربعة، فقال: ( اللهم) أنزل المطر ( حوالينا ولا) تنزله ( علينا فانحدرت السحابة عن رأسه فسقوا الناس حولهم) برفع الناس على البدل من الضمير، أو فاعل على لغة: أكلوني البراغيث.
ويجوز النصب على الاختصاص، أي: أعني الناس الذين في المدينة وحولها.
14 - باب الدُّعَاءِ إِذَا كَثُرَ الْمَطَرُ "حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا" ( باب الدعاء إذا كثر المطر "حوالينا ولا علينا") بإضافة باب لتاليه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِذَا اسْتَشْفَعَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْقَحْطِ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ ظَاهِرُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ مَنْعُ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ الِاسْتِبْدَادِ بِالِاسْتِسْقَاءِ كَذَا قَالَ وَلَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْمَنْعِ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مُطَابَقَةَ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ لِلتَّرْجَمَةِ لِأَنَّ الِاسْتِشْفَاعَ إِنَّمَا وَقَعَ عَقِبَ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ بِالْقَحْطِ ثُمَّ سُئِلَ أَنْ يَدْعُوَ بِرَفْعِ ذَلِكَ فَفَعَلَ فَنَظِيرُهُ أَنْ يَكُونَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ هُوَ الَّذِي دَعَا عَلَى الْكُفَّارِ بِالْجَدْبِ فَأُجِيبَ فَجَاءَهُ الْكُفَّارُ يَسْأَلُونَهُ الدُّعَاءَ بِالسُّقْيَا انْتَهَى وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ التَّرْجَمَةَ أَعَمُّ مِنَ الْحَدِيثِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هِيَ مُطَابِقَةٌ لِمَا وَرَدَتْ فِيهِ وَيَلْحَقُ بِهَا بَقِيَّةُ الصُّوَرِ إِذْ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا إِذَا اسْتَشْفَعُوا بِسَبَبِ دُعَائِهِ أَوْ بِابْتِلَاءِ اللَّهِ لَهُمْ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْجَامِعَ بَيْنَهُمَا ظُهُورُ الْخُضُوعِ مِنْهُمْ وَالذِّلَّةِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْتِمَاسِهِمْ مِنْهُمُ الدُّعَاءَ لَهُمْ وَذَلِكَ مِنْ مَطَالِبِ الشَّرْعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا هُوَ السَّبَبُ فِي حَذْفِ الْمُصَنِّفِ جَوَابَ إِذَا مِنَ التَّرْجَمَةِ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فِي الْجَوَابِ مَثَلًا أَجَابَهُمْ مُطْلَقًا أَوْ أَجَابَهُمْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي دَعَا عَلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ أَصْلًا وَلَا دَلَالَةَ فِيمَا وَقَعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَلَعَلَّهُ حَذَفَ جَوَابَ إِذَا لِوُجُودِ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِذَا رَجَا إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ رُجُوعَهُمْ عَنِ الْبَاطِلِ أَوْ وُجُودَ نَفْعٍ عَامٍّ لِلْمُسْلِمِينَ شُرِعَ دُعَاؤُهُ لَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[ قــ :988 ... غــ :1020] .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَسْرُوق قَالَ أتيت بن مَسْعُودٍ سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الرُّومِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِهِ بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ فَقَالَ يَجِيءُ دُخَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وفيهَا ففزعنا فَأتيت بن مَسْعُودٍ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ إِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا سَيَأْتِي فِي الطَّرِيق الْمَذْكُورَة إِنْكَار بن مَسْعُودٍ لِمَا قَالَهُ الْقَاصُّ الْمَذْكُورُ وَسَنَذْكُرُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الدُّخَانِ مَا وَقَعَ لَنَا فِي تَسْمِيَةِ الْقَاصِّ الْمَذْكُورِ وَأَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبين مَعَ بَقِيَّةِ شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ وَنَقْتَصِرُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِسْقَاءِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً .

     قَوْلُهُ  فَدَعَا عَلَيْهِمْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الِاسْتِسْقَاءِ صِفَةُ مَا دَعَا بِهِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ سَبْعًا كَسَبْعِ يُوسُفَ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ تَقْدِيرُهُ أَسْأَلُكَ أَوْ سَلِّطْ عَلَيْهِمْ وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِير سُورَةِ يُوسُفَ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ وَفِي سُورَةِ الدُّخَانِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ إِلَخْ وَأَفَادَ الدِّمْيَاطِيُّ أَنَّ ابْتِدَاءَ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قُرَيْشٍ بِذَلِكَ كَانَ عَقِبَ طَرْحِهِمْ عَلَى ظَهْرِهِ سَلَى الْجَزُورِ الَّذِي تَقَدَّمَتْ قِصَّتُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَقَدْ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ بَعْدَهَا بِالْمَدِينَةِ فِي الْقُنُوتِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَائِلَ الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اتِّحَادُ هَذِهِ الْقَصَصِ إِذْ لَا مَانِعَ أَنْ يَدْعُوَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ مِرَارًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ يَعْنِي الْأُمَوِيَّ وَالِدَ مُعَاوِيَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَجِيئَهُ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لِقَوْلِ بن مَسْعُودٍ ثُمَّ عَادُوا فَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  يَوْمَ نَبْطِشُ البطشة الْكُبْرَى يَوْمَ بَدْرٍ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَبْلَ بَدْرٍ وَعَلَى هَذَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو طَالِبٍ كَانَ حَاضِرًا ذَلِكَ فَلِذَلِكَ قَالَ وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ لَكِنْ سَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَقَعَتْ بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى التَّعَدُّدِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .

     قَوْلُهُ  جِئْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ يَعْنِي وَالَّذِينَ هَلَكُوا بِدُعَائِكَ مِنْ ذَوِي رَحِمِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِلَ رَحِمَكَ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذَا السِّيَاقِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ دَعَا لَهُمْ وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ ص بِلَفْظِ فَكَشَفَ عَنْهُمْ ثُمَّ عَادُوا وَفِي سُورَةِ الدُّخَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ فَاسْتَسْقَى لَهُمْ فَسُقُوا وَنَحْوَهُ فِي رِوَايَةِ أَسْبَاطَ الْمُعَلقَة قَوْله بِدُخَان مُبين الْآيَةَ سَقَطَ .

     قَوْلُهُ  الْآيَةَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ بَقِيَّةِ اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الدُّخَانِ .

     قَوْلُهُ  يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى زَادَ الْأَصِيلِيُّ بَقِيَّةَ الْآيَةِ .

     قَوْلُهُ  وَزَادَ أَسْبَاطُ هُوَ بن نَصْرٍ وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَنْصُورٍ يَعْنِي بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ قبله إِلَى بن مَسْعُودٍ وَقَدْ وَصَلَهُ الْجَوْزَقِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَسْبَاطَ بْنِ نَصْرٍ عَن مَنْصُور وَهُوَ بن الْمُعْتَمِرِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنِ بن مَسْعُودٍ قَالَ لَمَّا رَأَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا فَذَكَرَ نَحْوَ الَّذِي قَبْلَهُ وَزَادَ فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ بُعِثْتَ رَحْمَةً وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُقُوا الْغَيْثَ الْحَدِيثَ وَقَدْ أَشَارُوا بِقَوْلِهِمْ بُعِثْتُ رَحْمَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ .

     قَوْلُهُ  فَسُقُوا النَّاسُ حَوْلَهُمْ كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ فِي الصَّحِيحِ بِضَمِّ السِّينِ وَالْقَافِ وَهُوَ عَلَى لُغَةِ بَنِي الْحَارِثِ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ الْمَذْكُورَةِ فَأُسْقِيَ النَّاسُ حَوْلَهُمْ وَزَادَ بَعْدَ هَذَا فَقَالَ يَعْنِي بن مَسْعُودٍ لَقَدْ مَرَّتْ آيَةُ الدُّخَانِ وَهُوَ الْجُوعُ إِلَخْ وَقَدْ تَعَقَّبَ الدَّاوُدِيُّ وَغَيْرُهُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَنَسَبُوا أَسْبَاطَ بْنَ نَصْرٍ إِلَى الْغَلَطِ فِي قَوْلِهِ وَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ الْمَطَرِ إِلَخْ وَزَعَمُوا أَنَّهُ أَدْخَلَ حَدِيثًا فِي حَدِيثٍ وَأَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ شَكْوَى كَثْرَةِ الْمَطَرِ وَقَولُهُ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا لَمْ يَكُنْ فِي قِصَّةِ قُرَيْشٍ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْقِصَّةِ الَّتِي رَوَاهَا أَنَسٌ وَلَيْسَ هَذَا التَّعَقُّبُ عِنْدِي بِجَيِّدٍ إِذْ لَا مَانِعَ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَسْبَاطَ بْنَ نَصْرٍ لَمْ يُغَلِّطْ مَا سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الدُّخَانِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ اللَّهَ لِمُضَرَ فَإِنَّهَا قَدْ هَلَكَتْ قَالَ لمضر إِنَّك لجرئ فَاسْتَسْقَى فَسُقُوا اه وَالْقَائِلُ فَقِيلَ يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ أَبُو سُفْيَانَ لِمَا ثَبَتَ فِي كَثِيرٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي الدَّلَائِلِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ شَبَابَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السَّمْطِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ أَوْ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ دَعَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُضَرَ فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ لقَوْمك فَإِنَّهُم قد هَلَكُوا وَرَوَاهُ أَحْمد وبن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ وَلَمْ يَشُكَّ فَأَبْهَمَ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ اسْتَسْقِ اللَّهَ لمضر فَقَالَ انك لجرئ أَلِمُضَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَنْصَرْتَ اللَّهَ فَنَصَرَكَ وَدَعَوْتَ اللَّهَ فَأَجَابَكَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مُرِيعًا مَرِيئًا طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ قَالَ فَأُجِيبُوا فَمَا لَبِثُوا أَنْ أَتَوْهُ فَشَكَوْا إِلَيْهِ كَثْرَةَ الْمَطَرِ فَقَالُوا قَدْ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَقَطَّعُ يَمِينًا وَشِمَالًا فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا الرجل الْمُبْهم الْمَقُول لَهُ إِنَّك لجرئ هُوَ أَبُو سُفْيَانَ لَكِنْ يَظْهَرُ لِي أَنَّ فَاعِلَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَنْصَرْتَ اللَّهَ إِلَخْ هُوَ كَعْبُ بْنُ مُرَّةَ رَاوِي هَذَا الْخَبَرِ لِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ أَيْضًا وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى كَعْبٍ قَالَ دَعَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُضَرَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ نَصَرَكَ وَأَعْطَاكَ وَاسْتَجَابَ لَكَ وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا الْحَدِيثَ فَعَلَى هَذَا كَأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَكَعْبًا حَضَرَا جَمِيعًا فَكَلَّمَهُ أَبُو سُفْيَانَ بِشَيْءٍ وَكَعْبٌ بِشَيْءٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اتِّحَادِ قِصَّتِهِمَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي هَذِهِ مَا ثَبَتَ فِي تِلْكَ من قَوْله انك لجرئ وَمِنْ قَوْلِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا وَغَيْرِ ذَلِكَ وَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ أَسْبَاطَ بْنَ نَصْرٍ لَمْ يَغْلَطْ فِي الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ مِنْ حَدِيثٍ إِلَى حَدِيثٍ وَسِيَاقُ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْمَدِينَةِ بِقَوْلِهِ اسْتَنْصَرْتَ اللَّهَ فَنَصَرَكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اتِّحَادُ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَعَ قِصَّةِ أَنَسٍ بَلْ قِصَّةُ أَنَسٍ وَاقِعَةٌ أُخْرَى لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ أَنَسٍ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى مُطِرُوا وَفِي هَذِهِ فَمَا كَانَ إِلَّا جُمْعَةً أَوْ نَحْوَهَا حَتَّى مُطِرُوا وَالسَّائِلُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ غَيْرُ السَّائِلِ فِي تِلْكَ فَهُمَا قِصَّتَانِ وَقَعَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا طَلَبُ الدُّعَاءِ بِالِاسْتِسْقَاءِ ثُمَّ طَلَبُ الدُّعَاءِ بِالِاسْتِصْحَاءِ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مُرَّةَ أَسْلَمَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ حُمِلَ .

     قَوْلُهُ  اسْتَنْصَرْتَ اللَّهَ فَنَصَرَكَ عَلَى النَّصْرِ بِإِجَابَةِ دُعَائِهِ عَلَيْهِمْ وَزَالَ الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنِّي لَيَكْثُرُ تَعَجُّبِي مِنْ كَثْرَةِ إِقْدَامِ الدِّمْيَاطِيِّ عَلَى تَغْلِيطِ مَا فِي الصَّحِيحِ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ مَعَ إِمْكَانِ التَّصْوِيبِ بِمَزِيدِ التَّأَمُّلِ وَالتَّنْقِيبِ عَنِ الطُّرُقِ وَجَمْعِ مَا وَرَدَ فِي الْبَابِ مِنِ اخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا علم وأنعم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِذَا اسْتَشْفَعَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْقَحْطِ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط) .


[ قــ :988 ... غــ : 1020 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: "إِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلاَمِ، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، وَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ.
فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، جِئْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ تَعَالَى.
فَقَرَأَ: { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ، فَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى: { يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} يَوْمَ بَدْرٍ -قَالَ وَزَادَ أَسْبَاطٌ عَنْ مَنْصُورٍ-: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسُقُوا الْغَيْثَ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعًا.
وَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ الْمَطَرِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا.
فَانْحَدَرَتِ السَّحَابَةُ عَنْ رَأْسِهِ، فَسُقُوا النَّاسُ حَوْلَهُمْ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن كثير) العبدي البصري ( عن سفيان) الثوري ( قال: حدّثنا منصور والأعمش) سليمان بن مهران، كلاهما ( عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح بالتصغير ( عن مسروق) هو: ابن الأجدع ( قال: أتيت ابن مسعود) عبد الله رضي الله عنه.

وفي سورة الروم من التفسير عن مسروق قال: بينما رجل يحدث في كندة فقال: يجيء دخان يوم القيامة، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام، ففزعنا، فأتيت ابن مسعود ( فقال:) .

( إن قريشًا أبطأوا) أي: تأخروا ( عن الإسلام) ولم يبادروا إليه ( فدعا عليهم النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فقال
( اللهم أعني عليهم بسع كسبع يوسف) ( فأخذتهم سنة) بفتح السين، أي: جدب وقحط ( حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام) ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان من ضعف بصره بسبب الجوع.

( فجاءه أبو سفيان) صخر بن حرب ( فقال: يا محمد، جئت تأمر بصلة الرحم، وإن قومك) ذوي رحمك ( هلكوا) وللكشميهني: قد هلكوا، أي: بدعائك عليهم من الجدب والجوع ( فادع الله تعالى) لهم، فإن كشف عنا نؤمن بك ( فقرأ) عليه الصلاة والسلام ( { فارتقب} ) أي: انتظر لهم ( { يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ) [الدخان: 10] زاد أبو ذر: الآية.

( ثم عادوا) لما كشف الله عنهم ( إلى كفرهم) فابتلاهم الله تعالى بيوم البطشة ( فذلك قوله تعالى: { يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} [الدخان: 16] يوم بدر) أو: يوم القيامة، زاد الأصيلي { إنا منتقمون} .

والعامل في: يوم، فعل: دل عليه: إنّا منتقمون، لأن إن مانع من عمله فيما قبله، أو: بدل

من يوم تأتي، وهذا يدل على أن مجيء أبي سفيان إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان قبل الهجرة، لأنه لم ينقل أن أبا سفيان قدم المدينة قبل بدر.

( قال) أي: البخاري ( وزاد) ولابن عساكر: قال أبو عبد الله وسقط ذلك كله لأبي ذر، واقتصر على قوله: وزاد ( أسباط) بفتح الهمزة وسكون المهملة وبالموحدة آخره طاء مهملة، ابن نصر، لا: أسباط بن محمد ( عن منصور) عن أبي الضحى، يعني بإسناده السابق.

( فدعا رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فسقوا الغيث) بضم السين والقاف، مبنيًّا للمفعول، ونصب الغيث،
مفعوله الثاني ( فأطبقت) أي: دامت وتواترت ( عليهم سبعًا) أي: سبعة أيام، وسقطت التاء لعدم ذكر المميز.
فإنه يجوز فيه الأمران حينئذ.

وفي تفسير سورة الدخان، من رواية أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي الضحى، في هذا الحديث: فقيل: يا رسول الله! استسق الله لمضر فإنها قد هلكت.
قال: لمضر: إنك لجريء، فاستسقى فسقوا.
اهـ.

والقائل: يا رسول الله، الظاهر أنه أبو سفيان، لما ثبت في كثير من طرق هذا الحديث في الصحيحين: فجاء أبو سفيان، وإنما قال: لمضر، لأن غالبهم كان بالقرب من مياه الحجاز.

وكان الدعاء بالقحط على قريش، وهم سكان مكة، فسرى القحط إلى من حولهم، ولعل السائل عدل عن التعبير بقريش، لئلا يذكره بجرمهم.
فقال: لمضر، ليندرجوا فيهم، ويشير أيضًا إلى أن غير المدعوّ عليهم قد هلكوا بجريرتهم.

وقوله لمضر: إنك لجريء: أي: أتطلب أن أستسقي لهم مع ما هم عليه من معصية الله والإشراك به.

وفي دلائل البيهقي عن كعب بن مرة، أو مرة بن كعب، قال: دعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على مضر،
فأتاه أبو سفيان بمكة، فقال: ادع الله لقومك، فإنهم قد هلكوا.

ورواه أحمد، وابن ماجة، عن كعب بن مرة قال: جاءه رجل فقال: استسق الله لمضر.
فقال: إنك لجريء ألمضر؟ قال: يا رسول الله، استنصرت الله فنصرك، ودعوت الله فأجابك.
فرفع يديه فقال "اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا، مريعًا طبقًا، عاجلاً غير رائث، نافعًا غير ضار ... " الحديث.
فظهر بذلك أن هذا الرجل المبهم المقول له: إنك لجريء، هو أبو سفيان.

وأخرج أحمد أيضًا، والحاكم، عن كعب بن مرة أيضًا، قال: دعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على مضر،
فأتيته، فقلت: يا رسول الله! إن الله قد نصرك، وأعطاك، واستجاب لك.
وإن قومك قد هلكوا ... الحديث.
فظهر أن فاعل قال: يا رسول الله في الحديث الذي قبل هذا، هو: كعب بن
مرة.
راويه، وعلى هذا فكأن أبا سفيان وكعبًا حضرًا جميعًا.
فكلمه أبو سفيان بشيء، فدلّ على اتحاد قصتهما.

وقد ثبت في هذه ما ثبت في تلك، من قوله: إنك لجريء.
وغير ذلك.
وسياق كعب بن مرة مشعر بأن ذلك وقع بالمدينة، لقوله: استنصرت الله فنصرك، ولا يلزم من هذا اتحاد هذه القصة مع قصة أنس السابقة، فهي واقعة أخرى، لأن في رواية أنس: فلم ينزل عن المنبر حتى مطروا.
وفي هذه: فما كان إلا جمعة أو نحوها حتى مطروا.

والسائل في هذه القصة، غير السائل في تلك.
فهما قصتان، وقع في كل منهما طلب الدعاء بالاستسقاء، ثم طلب الدعاء بالاستصحاء.
كذا قرره الحافظ ابن حجر، رادًّا به على من غلط أسباط بن نصر في هذه الزيادة، ونسبه إلى أنه أدخل حديثًا في آخر.
فقال:
وإن قوله: فسقوا الغيث، إنما كان في قصة المدينة التي رواها أنس، لا في قصة قريش.

وأجاب البرماوي بأن المعنى: أن سفيان يروي عن منصور واقعة مكة، وسؤال أهل مكة وهو بها قبل الهجرة، وزاد عليه أسباط، عن منصور، ذكر الواقعتين، لا أن الثانية مسببة عن الأولى، ولا أن السؤال فيهما معًا كان بالمدينة.
اهـ.

( وشكا الناس) إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( كثرة المطر، قال) وللأربعة، فقال:
( اللهم) أنزل المطر ( حوالينا ولا) تنزله ( علينا فانحدرت السحابة عن رأسه فسقوا الناس حولهم) برفع الناس على البدل من الضمير، أو فاعل على لغة: أكلوني البراغيث.
ويجوز النصب على الاختصاص، أي: أعني الناس الذين في المدينة وحولها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ إذَا اسْتَشْفَعَ المُشْرِكُونَ بِالمُسْلِمِينَ عِنْدَ القَحْطِ)

أَي: هَذَا بابُُ تَرْجَمته: إِذا استشفع ... إِلَى آخِره، وَلم يذكر جَوَاب: إِذا، اكْتِفَاء بِمَا وَقع فِي الحَدِيث، لِأَن فِيهِ أَن أَبَا سُفْيَان استشفع بِالنَّبِيِّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَسَأَلَهُ أَن يَدْعُو الله ليرْفَع عَنْهُم مَا ابْتَلَاهُم بِهِ من الْقَحْط، وَأَبُو سُفْيَان إِذْ ذَاك كَانَ كَافِرًا.
فَإِن قلت: لَيْسَ فِي الحَدِيث التَّصْرِيح بِدُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يعلم مِنْهُ حكم الْبابُُ، فَكيف الِاكْتِفَاء بِهِ؟ قلت: سَيَأْتِي هَذَا الحَدِيث فِي تَفْسِير سُورَة ص بِلَفْظ: ( فَاسْتَسْقَى لَهُم فسقوا) ، والْحَدِيث وَاحِد وَأَيْضًا صرح بذلك فِي زِيَادَة أَسْبَاط على مَا يَأْتِي الْآن، لَا يُقَال كَانَ استشفاعه عقيب دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِم، لأَنا نقُول: هَذَا لَا يضر بِالْمَقْصُودِ، لِأَن المُرَاد مِنْهُ استشفاع الْكَافِر بِالْمُؤمنِ مُطلقًا، وَقد وجد فِي الحَدِيث ذَلِك على أَنه لَا فرق بَين الْوَجْهَيْنِ، لِأَن فِيهِ إِظْهَار التضرع والخضوع مِنْهُم ووقوعهم فِي الذلة، وَفِيه عزة للْمُؤْمِنين..
     وَقَالَ  بَعضهم: لَا دلَالَة فِيمَا وَقع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذِه الْقَضِيَّة على مَشْرُوعِيَّة ذَلِك لغير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ الظَّاهِر أَن ذَلِك من خَصَائِص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأطلاعه على الْمصلحَة فِي ذَلِك، بِخِلَاف من بعده من الْأَئِمَّة انْتهى.
قلت: لَا دَلِيل هُنَا على الخصوصية، وَهِي لَا تثبت بِالِاحْتِمَالِ على أَن ابْن بطال قَالَ: استشفاع الْمُشْركين بِالْمُسْلِمين جَائِز إِذا رجى رجوعهم إِلَى الْحق، وَكَانَت هَذِه الْقَضِيَّة بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة.



[ قــ :988 ... غــ :1020 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ عنْ سُفْيَانَ.
قَالَ حدَّثنا مَنْصُورٌ وَالأعْمَشُ عنْ أبِي الضُّحَى عنْ مَسْرُوق قَالَ أتَيْتُ ابنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ إنَّ قُرَيْشا أبْطَؤا عنِ الإسْلاَمِ فَدَعَا عَلَيْهِمُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخَذَتْهُم سَنةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا وأكَلُوا المَيْتَةَ وَالعِظَامَ فَجَاءَهُ أبُو سُفْيَانَ فقالَ يَا مُحَمَّدُ جِئْتَ تَأمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وإنَّ قَوْمَكَ هَلَكُوا فادْعِ الله تعَالى فَقَرَأَ: { فارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ( الدُّخان: 01) .
ثُمَّ عادُوا إلَى كُفْرِهِمْ فَذالِكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى: { يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى} .
( الدُّخان: 01) .
يَوْمَ بَدْرٍ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد سلف هَذَا الحَدِيث فِي: بابُُ دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إجعلها سِنِين كَسِنِي يُوسُف) ، فَإِنَّهُ أخرج هُنَاكَ: عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير عَن مَنْصُور عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق، وَهَهُنَا أخرجه: عَن مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي الْبَصْرِيّ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مَنْصُور وَالْأَعْمَش، كِلَاهُمَا عَن أبي الضُّحَى مُسلم بن صبيح، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَشْيَاء.

قَوْله: ( أتيت ابْن مَسْعُود) أَي: عبد الله بن مَسْعُود.
قَوْله: ( أبطؤوا) أَي: تَأَخَّرُوا عَن الْإِسْلَام وَلم يبادروا إِلَيْهِ.
قَوْله: ( سنة) ، بِفَتْح السِّين.
أَي: جَدب وقحط.
قَوْله: ( فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَان) ، يَعْنِي: وَالِد مُعَاوِيَة، وَاسم أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب الْأمَوِي، وَكَانَ مَجِيئه قبل الْهِجْرَة، لقَوْل ابْن مَسْعُود: ثمَّ عَادوا، فَذَلِك قَوْله: { يَوْم نبطش البطشة الْكُبْرَى} ( الدُّخان: 61) .
يَوْم بدر وَلم ينْقل أَن أَبَا سُفْيَان قدم الْمَدِينَة قبل بدر.
قَوْله: ( جِئْت تَأمر بصلَة الرَّحِم) يَعْنِي: الَّذين هَلَكُوا بدعائك من ذَوي رَحِمك، فَيَنْبَغِي أَن تصل رَحِمهم بِالدُّعَاءِ لَهُم، وَلم يَقع دعاؤه لَهُم بالتصريح فِي هَذَا السِّيَاق.
قَوْله: ( { بِدُخَان مُبين.
.
}
)
( الدُّخان: 01) .
الْآيَة لَيْسَ فِي رِوَايَة ابي ذَر ذكر لفظ: الْآيَة.
قَوْله: { يَوْم نبطش البطشة الْكُبْرَى} ( الدُّخان: 61) .
زَاد الْأصيلِيّ، فِي رِوَايَته بَقِيَّة الْآيَة.
قَوْله: ( ثمَّ عَادوا) ، يَعْنِي: لما كشف الله تَعَالَى عَنْهُم عَادوا إِلَى كفرهم فَابْتَلَاهُمْ الله بِيَوْم البطشة، أَي: يَوْم بدر.

قَالَ وزَادَ أسْبَاطٌ عنْ مَنْصُورٍ فَدَعَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسُقُوا الغَيْثَ فأطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعا وشَكا النَّاسُ كَثْرَةَ المَطَرِ.
فقالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ولاَ عَلَيْنَا فانْحَدَرَتِ السَّحَابَةُ عنْ رَأسِهِ فَسُقُوا النَّاسَ حَوْلَهُمْ هَذَا تَعْلِيق يَعْنِي: زَاد أَسْبَاط عَن مَنْصُور بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُور قبله إِلَى ابْن مَسْعُود، وَقد وَصله الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة عَليّ بن ثَابت عَن أَسْبَاط بن نصر عَن مَنْصُور عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق ( عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من النَّاس إدبارا) فَذكر نَحْو الَّذِي قبله، وَزَاد: ( فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَان وأناس من أهل مَكَّة، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد إِنَّك تزْعم أَنَّك بعثت رَحْمَة، وَأَن قَوْمك هَلَكُوا فَادع الله لَهُم، فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسقوا الْغَيْث) الحَدِيث، وأسباط، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة بعْدهَا الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره طاء مُهْملَة، قَالَ صَاحب ( التَّوْضِيح) : أَسْبَاط هَذَا هُوَ ابْن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْقَاص أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي مَوْلَاهُم الْكُوفِي، ضعفه الْكُوفِيُّونَ..
     وَقَالَ  النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَوَثَّقَهُ ابْن معِين، مَاتَ فِي الْمحرم سنة مِائَتَيْنِ قلت: ذكر فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ أَنه أَسْبَاط بن نصر، وَهُوَ الصَّحِيح، وَهُوَ أَسْبَاط بن نصر الْهَمدَانِي أَبُو يُوسُف، وَيُقَال: أَبُو نصر الْكُوفِي، وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَتوقف فِيهِ أَحْمد،.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَاعْترض على البُخَارِيّ بِزِيَادَة أَسْبَاط هَذَا، فَقَالَ الدَّاودِيّ: أَدخل قصَّة الْمَدِينَة فِي قصَّة قُرَيْش وَهُوَ غلط،.

     وَقَالَ  أَبُو عبد الْملك: الَّذِي زَاده أَسْبَاط وهم واختلاط لِأَنَّهُ ركب سَنَد عبد الله ابْن مَسْعُود على متن حَدِيث أنس بن مَالك، وَهُوَ قَوْله: ( فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسقوا الْغَيْث) إِلَى آخِره، وَكَذَا قَالَ الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي،.

     وَقَالَ : وَحَدِيث عبد الله بن مَسْعُود كَانَ بِمَكَّة وَلَيْسَ فِيهِ هَذَا، وَالْعجب من البُخَارِيّ كَيفَ أورد هَذَا وَكَانَ مُخَالفا لما رَوَاهُ الثِّقَات، وَقد ساعد بَعضهم البُخَارِيّ بقوله: لَا مَانع أَن يَقع ذَلِك مرَّتَيْنِ وَفِيه نظر لَا يخفى،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: قصَّة قُرَيْش والتماس أبي سُفْيَان كَانَت فِي مَكَّة لَا فِي الْمَدِينَة؟ قلت: الْقِصَّة مَكِّيَّة إلاّ الْقدر الَّذِي زَاد أَسْبَاط، فَإِنَّهُ وَقع فِي الْمَدِينَة.
قَوْله: ( فسقوا) ، بِضَم السِّين وَالْقَاف على صِيغَة الْمَجْهُول، وَأَصله: سقيوا، استثقلت الضمة على الْيَاء بعد سلب حَرَكَة مَا قبلهَا فَصَارَ: سقوا، على وزن فعوا.
قَوْله: ( الْغَيْث) ، مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول ثَان.
قَوْله: ( فسقوا النَّاس حَولهمْ) الْكَلَام فِي: سقوا، قد مر الْآن، و: النَّاس، مَنْصُوب على الِاخْتِصَاص أَي: أَعنِي النَّاس الَّذين حول الْمَدِينَة وَأَهْلهَا، وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: ( فاسقى النَّاس حَولهمْ) ، وَزَاد بعد هَذَا: قَالَ يَعْنِي ابْن مَسْعُود لقد مرت آيَة الدُّخان.