هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
821 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ وَرَّادٍ ، كَاتِبِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، قَالَ : أَمْلَى عَلَيَّ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي كِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ ، وَلَهُ الحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ وَقَالَ شُعْبَةُ : عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، بِهَذَا ، وَعَنِ الحَكَمِ ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ ، عَنْ وَرَّادٍ ، بِهَذَا ، وَقَالَ الحَسَنُ : الجَدُّ : غِنًى
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
821 حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن وراد ، كاتب المغيرة بن شعبة ، قال : أملى علي المغيرة بن شعبة في كتاب إلى معاوية : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد وقال شعبة : عن عبد الملك بن عمير ، بهذا ، وعن الحكم ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن وراد ، بهذا ، وقال الحسن : الجد : غنى
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عَنْ وَرَّادٍ ، كَاتِبِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، قَالَ : أَمْلَى عَلَيَّ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي كِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ ، وَلَهُ الحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَاالجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ.

Narrated Warrad:

(the clerk of Al-Mughira bin Shu`ba) Once Al-Mughira dictated to me in a letter addressed to Muawiya that the Prophet (ﷺ) used to say after every compulsory prayer, La ilaha illa l-lahu wahdahu la sharika lahu, lahu l-mulku wa lahu l-hamdu, wa huwa `ala kulli shay'in qadir. Allahumma la mani`a lima a`taita, wa la mu`tiya lima mana`ta, wa la yanfa`u dhal-jaddi minka l-jadd. [There is no Deity but Allah, Alone, no Partner to Him. His is the Kingdom and all praise, and Omnipotent is he. O Allah! Nobody can hold back what you gave, nobody can give what You held back, and no struggler's effort can benefit against You]. And Al-Hasan said, Al-jadd' means prosperity [??].

":"ہم سے محمد بن یوسف فریابی نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے سفیان ثوری نے عبدالملک بن عمیر سے بیان کیا ، ان سے مغیرہ بن شعبہ کے کاتب وراد نے ، انہوں نے بیان کیا کہمجھ سے مغیرہ بن شعبہ رضی اللہ عنہ نے معاویہ رضی اللہ عنہ کو ایک خط میں لکھوایا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم ہر فرض نماز کے بعد یہ دعا پڑھتے تھے «لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ له الملك ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ وله الحمد ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ وهو على كل شىء قدير ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ اللهم لا مانع لما أعطيت ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ ولا معطي لما منعت ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ ولا ينفع ذا الجد منك الجد» اللہ کے سوا کوئی لائق عبادت نہیں ۔ اس کا کوئی شریک نہیں ۔ بادشاہت اس کی ہے اور تمام تعریف اسی کے لیے ہے ۔ وہ ہر چیز پر قادر ہے ۔ اے اللہ جسے تو دے اس سے روکنے والا کوئی نہیں اور جسے تو نہ دے اسے دینے والا کوئی نہیں اور کسی مالدار کو اس کی دولت و مال تیری بارگاہ میں کوئی نفع نہ پہنچا سکیں گے ۔ شعبہ نے بھی عبدالملک سے اسی طرح روایت کی ہے ۔ حسن نے فرمایا کہ ( حدیث میں لفظ ) «جد» کے معنی مال داری کے ہیں اور حکم ، قاسم بن مخیمرہ سے وہ وراد کے واسطے سے اسی طرح روایت کرتے ہیں ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [844] .

     قَوْلُهُ  دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلِجَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَثَرَ كُلِّ صَلَاةٍ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ دُبُرَ فَهِيَ بِضَمَّتَيْنِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ دُبُرُ الْأَمْرِ يَعْنِي بِضَمَّتَيْنِ وَدَبْرُهُ يَعْنِي بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ آخِرُهُ وَادَّعَى أَبُو عَمْرٍو الزَّاهِدُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ بِالضَّمِّ إِلَّا لِلْجَارِحَةِ وَرَدَ بِمِثْلِ قَوْلِهِمْ أَعْتَقَ غُلَامَهُ عَنْ دُبُرٍ وَمُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ يُقَالُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَوْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ عَنِ الْفَرَاغِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُعْرِضًا أَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ مُتَشَاغِلًا بِمَا وَرَدَ أَيْضًا بَعْدَ الصَّلَاةِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ فَلَا يَضُرُّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كُلِّ صَلَاةٍ يَشْمَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفْلَ لَكِنْ حَمَلَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْفَرْضِ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ التَّقْيِيدُ بِالْمَكْتُوبَةِ وَكَأَنَّهُمْ حَمَلُوا الْمُطْلَقَاتِ عَلَيْهَا وَعَلَى هَذَا هَلْ يَكُونُ التَّشَاغُلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ بِالرَّاتِبَةِ بَعْدَهَا فَاصِلًا بَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ وَالذِّكْرِ أَوْ لَا مَحَلُّ النَّظَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَجْمُوعُ لِلْجَمِيعِ فَإِذَا وُزِّعَ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ إِحْدَى عَشْرَةَ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ لَكِنْ لَمْ يُتَابَعْ سُهَيْلٌ عَلَى ذَلِكَ بَلْ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ كُلِّهَا التَّصْرِيحَ بِإِحْدَى عشرَة إِلَّا فِي حَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَجْمُوعَ لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ فَعَلَى هَذَا فَفِيهِ تنَازع ثَلَاثَة أَفْعَالٍ فِي ظَرْفٍ وَمَصْدَرٍ وَالتَّقْدِيرُ تُسَبِّحُونَ خَلْفَ كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وتحمدون كَذَلِك وَتُكَبِّرُونَ كَذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [844] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: "أَمْلَى عَلَىَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ -فِي كِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ".
وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِهَذَا وَعَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ وَرَّادٍ بِهَذَا.
وَقَالَ الْحَسَنُ: الْجَدُّ غِنًى.
[الحديث أطرافه في: 1477، 2408، 5975، 6330، 6473، 6615، 7292] .
وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي ( قال: حدّثنا سفيان) الثوري ( عن عبد الملك بن عمير) بضم العين وفتح الميم ( عن وراد) بفتح الواو وتشديد الراء آخره دال مهملة ( كاتب المغيرة) بالإضافة، ولأبي ذر: كاتب للمغيرة ( بن شعبة قال: أملى عليّ المغيرة بن شعبة) سقط: ابن شعبة في رواية أبي ذر والأصيلي، ( -في كتاب إلى معاوية-) وكان المغيرة إذ ذاك أميرًا على الكوفة من قبل معاوية، وكان السبب في ذلك أن معاوية كتب إليه اكتب إليّ بحديث سمعته من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكتب إليه ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول في دبر كل صلاة) بضم الدال والموحدة وقد تسكن، أي: عقب كل صلاة ( مكتوبة) .
( لا إله إلا الله) بالرفع على الخبرية للا، أو على البدلية من الضمير المستتر في الخبر المقدّر، أو من اسم: لا، باعتبار محله قبل دخولها، أو أن إلا بمعنى: غير، أي: لا إله إلاّ الله في الوجود، لأنّا لو حملنا: إلا، على الاستثناء لم تكن الكلمة توحيدًا محضًا.
وعورض: بأنه على تأويل: إلاّ، بغير، يصير المعنى نفي: إله، مغاير له، ولا يلزم من نفي مغاير الشيء إثباته هنا، فيعود الإشكال.
وأجيب بأن إثبات: الإله كان متفقًا عليه بين العقلاء، إلاّ أنهم كانوا يثبتون الشركاء والأنداد، فكان المقصود بهذه الكلمة نفي ذلك، وإثبات الإله من لوازم المعقول، سلمنا: أن لا إله إلا الله، دلّت على نفي سائر الآلهة، وعلى إثبات الإلهية لله تعالى، إلاّ أنها بوضع الشرع، لا بمفهوم أصل اللغة.
اهـ.
وقد يجوز النصب على الاستثناء أو الصفة لاسم: لا إذا كانت بمعنى غير، لكن المسموع الرفع.
قال البيضاوي في آية { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} [الأنبياء: 22] أي غير الله وصف: بإلاَّ، لما تعذر الاستثناء لعدم شمول ما قبلها لما بعدها ودلالته على ملازمة الفساد لكون الآلهة فيهما دونه.
والمراد ملازمته لكونها مطلقًا أو معه، حملاً لها على غير، كما استثنى: بغير، حملاً لها عليها.
ولا يجوز الرفع على البدل لأنه متفرع على الاستثناء، ومشروط بأن يكون في كلامغير موجب.
وقد أشبعنا القول في مباحث ذلك في أوّل كتاب الإيمان عند قوله: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله".
ثم اعلم أنه: لا خلاف أن في قولك: قام القوم إلا زيدًا، مخرجًا، ومخرجًا منه، وأن المخرج ما بعد إلا، والمخرج منه ما قبلها.
ولكن قبل إلاّ شيئان: القيام والحكم به.
والقاعدة أن ما خرج من نقيض دخل في النقيض الآخر.
واختلفوا هل زيد مخرج من القيام أو من الحكم به؟ والذي عليه محققو النحاة والفقهاء: أنه مخرج من القيام، فيدخل في عدم القيام، فهو غير قائم، وقيل: مخرج من الحكم بالقيام فيدخل في عدم الحكم، فهو غير محكوم عليه، وهو قول قوم من الكوفيين، ووافقهم الحنفية.
فعندنا: أن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي.
وعندهم: أن المستثنى غير محكوم عليه بشيء ومن حجج الجمهور الاتفاق على حصول التوحيد بقوّلنا: لا إله إلا الله.
وذلك إنما يتمشى على قوّلنا: أن المستثنى محكوم عليه، لا على قولهم: إنه مسكوت عنه.
فافهمه.
قاله ابن هشام: ( وحده) بالنصب على الحال أي: لا إله منفردًا وحده ( لا شريك له) عقلاً ونقلاً.
أما أوّلاً: فلأن وجود إلهين محُال، إذ لو فرضنا وجودهما لكان كلٍّ منهما قادرًا على كل المقدورات، فلو فرضنا أن أحدهما أراد تحريك زيد والآخر تسكينه، فإما أن يقع المرادان، وهو محال لاستحالة الجمع بين الضدين، أو لا يقع واحد منهما، وهو محال لأن المانع من وجود مراد كل واحد منهما حصول مراد الآخر ولا يمتنع وجود مراد هذا إلاّ عند وجود مراد الآخر وبالعكس، فلو امتنعا معًا لوجدا معًا وذلك محال، لوجهين: الأول: أنه لما كان كل واحد منهما قادرًا على ما لا نهاية له امتنع كون أحدهما أقدر من الآخر، بل يستويان في القدرة، فيستحيل أن يصير مراد أحدهما أولى بالوقوع من الآخر، إذ يلزم ترجيح أحد المتساوين من غير مرجح، وهذا محال.
الثاني: أنه إن وقع مراد أحدهما دون الآخر، فالذي يحصل مراد إله قادر، والذي لا يحصل مراده عاجز، فلا يكون إله قادر، والذي لا يحصل مراده عاجز، فلا يكون إلهًا.
وأما ثانيًا: فلقوله تعالى: { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163] { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] { لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ} [النحل: 51] { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ} [الحديد: 3] .
والأوّل: هو الفرد السابق وذلك يقتضي أن لا شريك له وهو تأكيد لقوله: وحده، لأن المتّصف بالوحدانية لا شريك له.
( له الملك) بضم الميم أي: أصناف المخلوقات، ( وله الحمد) زاد الطبراني من طريق أخرى عن المغيرة: يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير ( وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت) أي الذي أعطيت ( ولا معطي لما منعت) أي: الذي منعته.
وزاد في مسند عبد بن حميد من رواية معمر؛ عن عبد الملك بن عمير، بهذا الإسناد: "ولا رادّ لما قضيت".
وقد أجاز البغداديون، كما نبّه عليه صاحب المصابيح، ترك تنوين الاسم المطوّل، فأجازوا: لا طالع جبلاً، أجروه في ذلك مجرى المضاف، كما أجرى مجراه في الإعراب.
قال ابن هشام: وعلى ذلك يتخرج الحديث، وتبعه الزركشي في تعليق العمدة، قال الدماميني: بل يتخرج الحديث على قول البصريين أيضًا، بأن يجعل مانع اسم: لا، مفردًّا مبنيًّا معها، إما لتركيبه معها تركيب خمسة عشر، وإما لتضمنه معنى من الاستغراقية، على الخلاف المعروف في المسألة.
والخبر محذوف، أي: لا مانع مانع لما أعطيت، واللام للتقوية.
فلك أن تقول: تتعلق، ولك أن تقول: لا تتعلق.
وكذا القول في: ولا معطي لما منعت، وجوز الحذف ذكر مثل المحذوف، وحسنه دفع التكرار، فظهر بذلك أن التنوين على رأي البصريين ممتنع، ولعل السرّ في العدول عن تنوينه إرادة التنصيص على الاستغراق، ومع التنوين يكون الاستغراق ظاهرًا لا نصًّا.
فإن قلت: إذا نون الاسم كان مطولاً، ولا، عاملة، وقد تقرر أنها عند العمل ناصّة على الاستغراق.
قلت: خص بعضهم الاستغراق بحالة البناء من جهة تضمن معنى: من الاستغراقية، ولو سلّم ما قلته لم يعين عملها في هذا الاسم المنصوب حتى يكون النص على الاستغراق حاصلاً، لاحتمال أن يكون منصوبًا بفعل محذوف، أي لا نجد ولا نرى مانعًا ولا معطيًا، فعدل إلى البناء لسلامته من هذا الاحتمال.
اهـ.
( ولا ينفع ذا الجد منك الجد) بفتح الجيمفيهما أي: لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، إنما ينفعه العمل الصالح.
فمن، في: ملك بمعنى البدل، كقوله تعالى: { أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ} [التوبة: 38] أي: بدل الآخرة.
( وقال شعبة) مما وصله السراج في سنده، والطبراني: في الدعاء، وابن حبّان ( عن عبد الملك) في رواية أبي ذر، والأصيلي زيادة: ابن عمير ( بهذا) الحديث السابق، أي: رواه عنه كما رواه سفيان عنه ( و) قال شعبة، أيضًا ( عن الحكم) بن عتيبة، مما وصله السراج والطبراني وابن حبان، وثبتت واو: وعن الحكم لابن عساكر ( عن القاسم بن مخيمرة) بضم الميم وفتح المعجمة وسكون المثناة وكسر الميم بعدها مفتوحة، ( عن وراد بهذا) الحديث أيضًا، ولفظه كلفظ عبد الملك بن عمير، إلا أنهم قالوا فيه: كان إذا قضى صلاته وسلم قال: إلخ ( وقال الحسن) البصري، مما وصله ابن أبي حاتم، من طريق أبي رجاء، وعبد بن حميد من طريق سليمان التيمي، كلاهما عن الحسن، أنه قال في قوله تعالى { وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [الجن: 3] ( جدُّ غنى) بالرفع بلا تنوين على سبيل الحكاية، مبتدأ خبره غنى، أي: الجد تفسيره غنى، ولكريمة: الجد غنى، وسقط هذا الأثر في رواية الأصيلي وابن عساكر، وتعليق الحكم مؤخر عن تعليق الحسن في رواية أبي ذر، ومقدّم عليه في رواية كريمة، وهو الأصوب.
لأن قوله: عن الحكم، معطوف على قوله: عن عبد الملك، وقوله: قال الحسن: جد غنى، معترض بين المعطوف والمعطوف عليه.
ورواة هذا الحديث الخمسة كوفيون إلا محمد بن يوسف، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الاعتصام، والرقاق، والقدر والدعوات، ومسلم وأبو داود والنسائي في: الصلاة.
156 - باب يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ النَّاسَ إِذَا سَلَّمَ هذا ( باب) بالتنوين ( يستقبل الإمام الناس) بوجهه ( إذا سلم) من الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [844] حدثنا محمد بن يوسف: ثنا سفيان، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن ورادٍ - كاتب المغيرة بن شعبة -، قالَ: أملى علي المغيرة في كتاب إلى معاوية، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبةٍ: ( ( لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قديرٌ، اللهم، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ) .
وقال شعبة، عن عبد الملك بن عمير بهذا، وعن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن ورادٍ بهذا.
هذا الحديث، أسنده البخاري من طريق سفيان الثوري، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن ورادٍ.
وعَّلقه عن شعبة بإالافضل سنادين: أحدهما: عن عبد الملك –أيضاً - بهذا الإسناد.
والثاني: عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن ورادٍ.
رواية شعبة لهذا الحديث غريبةٌ لم تخرج في شيءٍ من الكتب الستة، ولا في ( ( مسند الإمام أحمد) ) .
وخرّجه مسلمٌ من طريق عبدة بن أبي لبابة والمسيب بن رافعٍ وغيرهما، عن ورادٍ.
وخرّجه البخاري في موضعٍ آخر من رواية المسيب، وفي روايته: ( ( بعد السلام) ) .
وخرّجه الإمام أحمد والنسائي من طريق مغيرة، عن الشعبي، عن ورادٍ، أن المغيرة كتب إلى معاوية: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول عند انصرافه من الصلاة: ( ( لا إله إلا الله، وحده لا سريك له، له المللك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) ) –ثلاث مراتٍ.
وهذه زيادةٌ غريبةٌ.
وقد روي في الحديث زيادة: ( ( بيده الخير) ) .
خرجها الإسماعيلي من طريق مسعرٍ، عن زياد بن علاقة، عن ورادٍ.
وروي فيه –أيضاً - زيادة: ( ( يحيى ويميت) ) .
ذكرها الترمذي في ( ( كتابه) ) –تعليقاً، ولم يذكر رواتها.
وقد خَّرجه البزار بهذه الزيادة من رواية ابن علاقة، عن عبد الله بن محمد بن عقيلٍ، عن جابرٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمثل حديث المغيرة، بهذه الزيادة.
وفي اسنادها ضعفٌ.
وخرّجه –أيضاً – من حديث ابن عباسٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفيه زيادة: ( ( بيده الخير) ) .
وفي إسنادها ضعفٌ.
وخرّجه ابن عدي، وزاد فيه: ( ( يحيى ويميت) ) .
وقال: هو غير محفوظٍ.
وخَّرجه أبو مسلم الكجي في ( ( سننه) ) من حديث أبان بن أبي عياشٍ، عن أبي الجوزاء، عن عائشة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفيه: ( ( يحيي ويميت، بيده الخير) ) .
وأبانٌ، متروكٌ.
وخرج النسائي وابن حبان في ( ( صحيحه) ) والحاكم من حديث كعب الأحبار، عن صهيب، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول عند انصرافه من الصلاة: ( ( اللهم، أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي، اللهم، اني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ [ ... ] بعفوك من نقمتك، وأعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ) .
وفي إسناده اختلافٌ.
وخرج مسلمٌ من حديث عائشة، قالت: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يقعد إلا مقدار ما يقول: ( ( اللهم، أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام) ) .
وفي رواية له – أيضاً -: ( ( يا ذا الجلال والإكرام) ) .
وخرج –أيضاً - من حديث ثوبان، قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أراد أن ينصرف من صلاته استغفر ثلاث مراتٍ، ثم قال: ( ( اللهم، أنت السلام، ومنك السلام، تبارك ذا الجلال والإكرام) ) .
[ ... ] ، ( ( يا ذا الجلال والإكرام) ) .
وفي الذكر عقب الصلوات المكتوبات أحاديث أخر.
وجمهور أهل العلم على استحبابه، وقد روي عن علي وابن عباسٍ وابن الزبير وغيرهم، وهو قول عطاءٍ والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم.
وخالف فيه طائفةٌ قليلةٌ من الكوفيين، وقد تقدم عن عبيدة السلماني، أنه عد التكبير عقب الصلاة من البدع، ولعله أراد بإنكاره على مصعبٍ، أنه كان يقوله مستقبل القبلة قبل أن ينحرف ويجهر، كذلك هو في ( ( كتاب عبد الرزاق) ) ، وإذا صحت السنة بشيءٍ وعمل بها الصحابة، فلا تعدل عنها.
واستحب –أيضاً - أصحابنا وأصحاب الشافعي الدعاء عقب الصلوات، وذكره بعض الشافعية اتفاقاً.
واستدلوا بحديث أبي أمامة، قال: قيل لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أي الدعاء أسمع؟ قال: ( ( جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات) ) .
خرّجه الإمام أحمد والترمذي، وحَّسنه.
وخرّج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث معاذٍ، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: ( ( لا تدَعن دبر كل صلاةٍ تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) ) .
وقال طائفةٌ من أصحابنا ومن الشافعية: يدعو الإمام للمأمومين عقب صلاة الفجر والعصر؛ لأنه لا تنفل بعدهما.
فظاهر كلامهم: أنه يجهر به، ويؤمنون عليه، وفي ذلك نظرٌ.
وقد ذكرنا فيما تقدم حديث دعاء النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عقب الصلاة جهراً، وأنه لا يصح، ولم يصح في ذلك شيءٌ عن السلف.
والمنقول عن الإمام أحمد أنه كان يجهر ببعض الذكر عقب الصلاة، ثم يسر بالباقي، ويعقد التسبيح والتكبير والتحميد سراً، ويدعو سراً.
ومن الفقهاء من يستحب للإمام الدعاء للمأمومين عقب كل صلاة، وليس في ذلك سنةٌ ولا أثرٌ يتبع.
والله أعلم.
وفي بعض نسخ البخاري: وقال الحسن: الجد غنىً.
وهذا تفسير لقوله: ( ( ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ) ، والجد –بفتح الجيم – المراد به في هذا الحديث: الغنى، والمعنى: لا ينفع ذا الغنى منك غناه.
وهذا كقوله تعالى: { وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى} [سبأ:37] ، وقوله: { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ} [الشعراء:88] .
وقدروي تفسير الجد بذلك مرفوعاً: ففي ( ( سنن ابن ماجه) ) ، عن أبي جحيفة، قالَ: ذكرت الجدود عندَ رسول الله ... - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو في الصَّلاة، فقالَ رجلٌ: جد فلانٌ في الخيل.
وقال آخر: جد فلان في الابل، فقالَ آخر: جد فلانٌ في الغنم، وقال آخر: جد فلان في الرقيق، فلما قضى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاته، ورفع رأسه من آخر الركعة، قالَ: ( ( اللَّهُمَّ، ربنا لك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، اللَّهُمَّ، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدَّ منك الجدّ) ) ، وطول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صوته بالجد؛ ليعلم أنه ليس كما يقولون.
* * * 156 -باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم فيه ثلاثة أحاديث: الأول: 845 -

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :821 ... غــ :844] .

     قَوْلُهُ  دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلِجَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَثَرَ كُلِّ صَلَاةٍ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ دُبُرَ فَهِيَ بِضَمَّتَيْنِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ دُبُرُ الْأَمْرِ يَعْنِي بِضَمَّتَيْنِ وَدَبْرُهُ يَعْنِي بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ آخِرُهُ وَادَّعَى أَبُو عَمْرٍو الزَّاهِدُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ بِالضَّمِّ إِلَّا لِلْجَارِحَةِ وَرَدَ بِمِثْلِ قَوْلِهِمْ أَعْتَقَ غُلَامَهُ عَنْ دُبُرٍ وَمُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ يُقَالُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَوْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ عَنِ الْفَرَاغِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُعْرِضًا أَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ مُتَشَاغِلًا بِمَا وَرَدَ أَيْضًا بَعْدَ الصَّلَاةِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ فَلَا يَضُرُّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كُلِّ صَلَاةٍ يَشْمَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفْلَ لَكِنْ حَمَلَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْفَرْضِ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ التَّقْيِيدُ بِالْمَكْتُوبَةِ وَكَأَنَّهُمْ حَمَلُوا الْمُطْلَقَاتِ عَلَيْهَا وَعَلَى هَذَا هَلْ يَكُونُ التَّشَاغُلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ بِالرَّاتِبَةِ بَعْدَهَا فَاصِلًا بَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ وَالذِّكْرِ أَوْ لَا مَحَلُّ النَّظَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَجْمُوعُ لِلْجَمِيعِ فَإِذَا وُزِّعَ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ إِحْدَى عَشْرَةَ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ لَكِنْ لَمْ يُتَابَعْ سُهَيْلٌ عَلَى ذَلِكَ بَلْ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ كُلِّهَا التَّصْرِيحَ بِإِحْدَى عشرَة إِلَّا فِي حَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَجْمُوعَ لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ فَعَلَى هَذَا فَفِيهِ تنَازع ثَلَاثَة أَفْعَالٍ فِي ظَرْفٍ وَمَصْدَرٍ وَالتَّقْدِيرُ تُسَبِّحُونَ خَلْفَ كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وتحمدون كَذَلِك وَتُكَبِّرُونَ كَذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :821 ... غــ :844] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ كُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ وَهُوَ الْفِرْيَابِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ وَرَّادٍ فِي رِوَايَةِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ حَدَّثَنِي وراد قَوْله أمْلى على الْمُغيرَة أَي بن شُعْبَةَ فِي كِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ كَانَ الْمُغِيرَةُ إِذْ ذَاكَ أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ وَرَّادٍ بَيَانُ السَّبَبِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيْهِ اكْتُبْ لِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْقَدَرِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ وَرَّادٍ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خَلْفَ الصَّلَاةِ وَقد قَيَّدَهَا فِي رِوَايَةِ الْبَابِ بِالْمَكْتُوبَةِ فَكَأَنَّ الْمُغِيرَةَ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ قَرِينَةٍ فِي السُّؤَالِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى الْعَمَلِ بِالْمُكَاتَبَةِ وَإِجْرَائِهَا مَجْرَى السَّمَاعِ فِي الرِّوَايَةِ وَلَوْ لَمْ تَقْتَرِنْ بِالْإِجَازَةِ وَعَلَى الِاعْتِمَادِ عَلَى خَبَرِ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ وَسَيَأْتِي فِي الْقَدَرِ فِي آخِرِهِ أَنَّ وَرَّادًا قَالَ ثُمَّ وَفَدْتُ بَعْدُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَمِعْتُهُ يَأْمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ قَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ وَإِنَّمَا أَرَادَ اسْتِثْبَاتَ الْمُغِيرَةِ وَاحْتَجَّ بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْهُ الْجَدُّ مِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ثُمَّ يَقُولُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْأَعْوَادِ .

     قَوْلُهُ  لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ زَادَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ الْمُغِيرَةِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ إِلَى قَدِيرٌ وَرُوَاتُهُ مُوَثَّقُونَ وَثَبَتَ مِثْلُهُ عِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ لَكِنْ فِي الْقَوْلِ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى .

     قَوْلُهُ  وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ قَالَ الْخطابِيّ الْجد الْغَنِيّ وَيُقَال الْحَظ قَالَ وَمن فِي قَوْلِهِ مِنْكَ بِمَعْنَى الْبَدَلِ قَالَ الشَّاعِرُ فَلَيْتَ لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً مُبَرَّدَةً بَاتَتْ عَلَى الطَّهَيَانِ يُرِيدُ لَيْتَ لَنَا بَدَلَ مَاءِ زَمْزَمَ اه وَفِي الصِّحَاحِ مَعْنَى مِنْكَ هُنَا عِنْدَكَ أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى عِنْدَكَ غِنَاهُ إِنَّمَا يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْبَدَلِ وَلَا عِنْدَ بَلْ هُوَ كَمَا تَقُولُ وَلَا يَنْفَعُكَ مِنِّي شَيْءٌ إِنْ أَنَا أَرَدْتُكَ بِسُوءٍ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ كَلَامِهِ مَعْنًى وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا بِمَعْنَى عِنْدَ أَوْ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ مِنْ قَضَائِي أَوْ سَطْوَتِي أَوْ عَذَابِي وَاخْتَارَ الشَّيْخُ جمال الدّين فِي الْمُغنِي الأول قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ .

     قَوْلُهُ  مِنْكَ يَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بينفع وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَنْفَعُ قَدْ ضُمِّنَ مَعْنَى يَمْنَعُ وَمَا قَارَبَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ مِنْكَ بِالْجَدِّ كَمَا يُقَالُ حَظِّي مِنْكَ كَثِيرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ نَافِعٌ اه وَالْجَدُّ مَضْبُوطٌ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَمَعْنَاهُ الْغِنَى كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنِ الْحَسَنِ أَوِ الْحَظُّ وَحَكَى الرَّاغِبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا أَبُو الْأَبِ أَيْ لَا يَنْفَعُ أَحَدًا نَسَبُهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ حُكِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ رَوَاهُ بِالْكَسْرِ.

     وَقَالَ  مَعْنَاهُ لَا يَنْفَعُ ذَا الِاجْتِهَادِ اجْتِهَادُهُ وَأَنْكَرَهُ الطَّبَرِيُّ.

     وَقَالَ  الْقَزَّازُ فِي تَوْجِيهِ إِنْكَارِهِ الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ نَافِعٌ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ دَعَا الْخَلْقَ إِلَى ذَلِكَ فَكَيْفَ لَا يَنْفَعُ عِنْدَهُ قَالَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ الِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَتَضْيِيعِ أَمْرِ الْآخِرَةِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ بِمُجَرَّدِهِ مَا لَمْ يُقَارِنْهُ الْقَبُولُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ لَا يُدْخِلُ أَحَدًا مِنْكُمُ الْجَنَّةَ عَمَلُهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ عَلَى رِوَايَةِ الْكَسْرِ السَّعْيُ التَّامُّ فِي الْحِرْصِ أَوِ الْإِسْرَاعُ فِي الْهَرَبِ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْحَظُّ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ أَوِ الْوَلَدِ أَوِ الْعَظَمَةِ أَوِ السُّلْطَانِ وَالْمَعْنَى لَا يُنَجِّيهِ حَظُّهُ مِنْكَ وَإِنَّمَا يُنَجِّيهِ فَضْلُكَ وَرَحْمَتُكَ وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ هَذَا الذِّكْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَلْفَاظِ التَّوْحِيدِ وَنِسْبَةِ الْأَفْعَالِ إِلَى اللَّهِ وَالْمَنْعِ وَالْإِعْطَاءِ وَتَمَامِ الْقُدْرَةِ وَفِيهِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى امْتِثَالِ السُّنَنِ وَإِشَاعَتِهَا فَائِدَةٌ اشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ فِي الذِّكْرِ الْمَذْكُورِ زِيَادَةُ وَلَا رَادَّ لِمَا قَضَيْتَ وَهِيَ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَكِنْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ تَامًّا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَوَقع عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وبن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ بِهَذَا وَصَلَهُ السَّرَّاجُ فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ وَلَفْظُهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ سَمِعْتُ وَرَّادًا كَاتِبَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَذَكَرَهُ وَفِي قَوْلِهِ كَتَبَ تَجَوُّزٌ لِمَا تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَاتِبَ هُوَ وَرَّادٌ لَكِنَّهُ كَتَبَ بِأَمْرِ الْمُغِيرَةِ وَإِمْلَائِهِ عَلَيْهِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدَةَ عَنْ وَرَّادٍ قَالَ كَتَبَ الْمُغِيرَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ كَتَبَ ذَلِكَ الْكِتَابَ لَهُ وَرَّادٌ فَجَمَعَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الْحَسَنُ جَدُّ غِنَى الْأَوْلَى فِي قِرَاءَةِ هَذَا الْحَرْفِ أَنْ يُقْرَأَ بِالرَّفْعِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ عَلَى الْحِكَايَةِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ لَفْظِ الْحَسَنِ فَقَدْ وَصَلَهُ بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَجَاءٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ تَعَالَى جد رَبنَا قَالَ غِنَى رَبِّنَا وَعَادَةُ الْبُخَارِيِّ إِذَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ لَفْظَةٌ غَرِيبَةٌ وَقَعَ مِثْلُهَا فِي الْقُرْآنِ يَحْكِي قَوْلَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِيهَا وَهَذَا مِنْهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ قَالَ الْحَسَنُ الْجَدُّ غِنَى وَسَقَطَ هَذَا الْأَثَرُ مِنْ أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ .

     قَوْلُهُ  وَعَنِ الْحَكَمِ هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ التَّعْلِيقُ عَنِ الْحَكَمِ مُؤَخَّرًا عَنْ أَثَرِ الْحَسَنِ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ بِالْعَكْسِ وَهُوَ الْأَصْوَبُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَعَنِ الْحَكَمِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ السراج وَالطَّبَرَانِيّ وبن حِبَّانَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَى شُعْبَةَ وَلَفْظُهُ كَلَفْظِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ كَانَ إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَكَرَهُ وَوَقَعَ نَحْوُ هَذَا التَّصْرِيحِ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُسَيَّبِ بن رَافع عَن وراد بِهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :821 ... غــ :844 ]
- حدثنا محمد بن يوسف: ثنا سفيان، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن ورادٍ - كاتب المغيرة بن شعبة -، قالَ: أملى علي المغيرة في كتاب إلى معاوية، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبةٍ: ( ( لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قديرٌ، اللهم، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما
منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)
)
.

وقال شعبة، عن عبد الملك بن عمير بهذا، وعن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن ورادٍ بهذا.
هذا الحديث، أسنده البخاري من طريق سفيان الثوري، عن عبد الملك بن
عميرٍ، عن ورادٍ.

وعَّلقه عن شعبة بإالافضل سنادين:
أحدهما: عن عبد الملك –أيضاً - بهذا الإسناد.
عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن ورادٍ.

رواية شعبة لهذا الحديث غريبةٌ لم تخرج في شيءٍ من الكتب الستة، ولا في ( ( مسند الإمام أحمد) ) .

وخرّجه مسلمٌ من طريق عبدة بن أبي لبابة والمسيب بن رافعٍ وغيرهما، عن ورادٍ.

وخرّجه البخاري في موضعٍ آخر من رواية المسيب، وفي روايته: ( ( بعد
السلام)
)
.

وخرّجه الإمام أحمد والنسائي من طريق مغيرة، عن الشعبي، عن ورادٍ، أن المغيرة كتب إلى معاوية: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول عند انصرافه من الصلاة: ( ( لا إله إلا الله، وحده لا سريك له، له المللك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) ) –ثلاث مراتٍ.

وهذه زيادةٌ غريبةٌ.

وقد روي في الحديث زيادة: ( ( بيده الخير) ) .

خرجها الإسماعيلي من طريق مسعرٍ، عن زياد بن علاقة، عن ورادٍ.

وروي فيه –أيضاً - زيادة: ( ( يحيى ويميت) ) .

ذكرها الترمذي في ( ( كتابه) ) –تعليقاً، ولم يذكر رواتها.

وقد خَّرجه البزار بهذه الزيادة من رواية ابن علاقة، عن عبد الله بن محمد بن
عقيلٍ، عن جابرٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمثل حديث المغيرة، بهذه الزيادة.

وفي اسنادها ضعفٌ.

وخرّجه –أيضاً – من حديث ابن عباسٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفيه زيادة: ( ( بيده الخير) ) .

وفي إسنادها ضعفٌ.

وخرّجه ابن عدي، وزاد فيه: ( ( يحيى ويميت) ) .

وقال: هو غير محفوظٍ.

وخَّرجه أبو مسلم الكجي في ( ( سننه) ) من حديث أبان بن أبي عياشٍ، عن أبي الجوزاء، عن عائشة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفيه: ( ( يحيي ويميت، بيده الخير) ) .

وأبانٌ، متروكٌ.

وخرج النسائي وابن حبان في ( ( صحيحه) ) والحاكم من حديث كعب الأحبار، عن صهيب، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول عند انصرافه من الصلاة: ( ( اللهم، أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي، اللهم، اني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ [ ... ] بعفوك من نقمتك، وأعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ) .

وفي إسناده اختلافٌ.

وخرج مسلمٌ من حديث عائشة، قالت: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يقعد إلا مقدار ما يقول: ( ( اللهم، أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام) ) .

وفي رواية له – أيضاً -: ( ( يا ذا الجلال والإكرام) ) .

وخرج –أيضاً - من حديث ثوبان، قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أراد أن ينصرف من صلاته استغفر ثلاث مراتٍ، ثم قال: ( ( اللهم، أنت السلام، ومنك السلام، تبارك ذا الجلال والإكرام) ) .
[ ... ] ، ( ( يا ذا الجلال والإكرام) ) .

وفي الذكر عقب الصلوات المكتوبات أحاديث أخر.

وجمهور أهل العلم على استحبابه، وقد روي عن علي وابن عباسٍ وابن الزبير وغيرهم، وهو قول عطاءٍ والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم.

وخالف فيه طائفةٌ قليلةٌ من الكوفيين، وقد تقدم عن عبيدة السلماني، أنه عد التكبير عقب الصلاة من البدع، ولعله أراد بإنكاره على مصعبٍ، أنه كان يقوله مستقبل القبلة قبل أن ينحرف ويجهر، كذلك هو في ( ( كتاب عبد الرزاق) ) ، وإذا صحت السنة بشيءٍ وعمل بها الصحابة، فلا تعدل عنها.

واستحب –أيضاً - أصحابنا وأصحاب الشافعي الدعاء عقب الصلوات، وذكره بعض الشافعية اتفاقاً.

واستدلوا بحديث أبي أمامة، قال: قيل لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أي الدعاء أسمع؟ قال: ( ( جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات) ) .

خرّجه الإمام أحمد والترمذي، وحَّسنه.

وخرّج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث معاذٍ، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: ( ( لا تدَعن دبر كل صلاةٍ تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) ) .

وقال طائفةٌ من أصحابنا ومن الشافعية: يدعو الإمام للمأمومين عقب صلاة الفجر والعصر؛ لأنه لا تنفل بعدهما.

فظاهر كلامهم: أنه يجهر به، ويؤمنون عليه، وفي ذلك نظرٌ.

وقد ذكرنا فيما تقدم حديث دعاء النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عقب الصلاة جهراً، وأنه لا يصح، ولم يصح في ذلك شيءٌ عن السلف.

والمنقول عن الإمام أحمد أنه كان يجهر ببعض الذكر عقب الصلاة، ثم يسر بالباقي، ويعقد التسبيح والتكبير والتحميد سراً، ويدعو سراً.

ومن الفقهاء من يستحب للإمام الدعاء للمأمومين عقب كل صلاة، وليس في ذلك سنةٌ ولا أثرٌ يتبع.
والله أعلم.

وفي بعض نسخ البخاري:
وقال الحسن: الجد غنىً.

وهذا تفسير لقوله: ( ( ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ) ، والجد –بفتح الجيم – المراد به في هذا الحديث: الغنى، والمعنى: لا ينفع ذا الغنى منك غناه.

وهذا كقوله تعالى: { وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى} [سبأ:37] ، وقوله: { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ} [الشعراء:88] .

وقدروي تفسير الجد بذلك مرفوعاً:
ففي ( ( سنن ابن ماجه) ) ، عن أبي جحيفة، قالَ: ذكرت الجدود عندَ رسول الله ... - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو في الصَّلاة، فقالَ رجلٌ: جد فلانٌ في الخيل.
وقال آخر: جد فلان في الابل، فقالَ آخر: جد فلانٌ في الغنم، وقال آخر: جد فلان في الرقيق، فلما قضى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاته، ورفع رأسه من آخر الركعة، قالَ: ( ( اللَّهُمَّ، ربنا لك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، اللَّهُمَّ، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدَّ منك الجدّ) ) ، وطول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صوته بالجد؛ ليعلم أنه ليس كما يقولون.

* * *

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :821 ... غــ : 844 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: "أَمْلَى عَلَىَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ -فِي كِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ".

وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِهَذَا وَعَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ وَرَّادٍ بِهَذَا.

وَقَالَ الْحَسَنُ: الْجَدُّ غِنًى.
[الحديث 844 - أطرافه في: 1477، 2408، 5975، 6330، 6473، 6615، 7292] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي ( قال: حدّثنا سفيان) الثوري ( عن عبد الملك بن عمير) بضم العين وفتح الميم ( عن وراد) بفتح الواو وتشديد الراء آخره دال مهملة ( كاتب المغيرة) بالإضافة، ولأبي ذر: كاتب للمغيرة ( بن شعبة قال: أملى عليّ المغيرة بن شعبة) سقط: ابن شعبة في رواية أبي ذر والأصيلي، ( -في كتاب إلى معاوية-) وكان المغيرة إذ ذاك أميرًا على الكوفة من قبل معاوية، وكان السبب في ذلك أن معاوية كتب إليه اكتب إليّ بحديث سمعته من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكتب إليه ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول في دبر كل صلاة) بضم الدال والموحدة وقد تسكن، أي: عقب كل صلاة ( مكتوبة) .

( لا إله إلا الله) بالرفع على الخبرية للا، أو على البدلية من الضمير المستتر في الخبر المقدّر، أو من اسم: لا، باعتبار محله قبل دخولها، أو أن إلا بمعنى: غير، أي: لا إله إلاّ الله في الوجود، لأنّا لو حملنا: إلا، على الاستثناء لم تكن الكلمة توحيدًا محضًا.


وعورض: بأنه على تأويل: إلاّ، بغير، يصير المعنى نفي: إله، مغاير له، ولا يلزم من نفي مغاير الشيء إثباته هنا، فيعود الإشكال.

وأجيب بأن إثبات: الإله كان متفقًا عليه بين العقلاء، إلاّ أنهم كانوا يثبتون الشركاء والأنداد، فكان المقصود بهذه الكلمة نفي ذلك، وإثبات الإله من لوازم المعقول، سلمنا: أن لا إله إلا الله، دلّت على نفي سائر الآلهة، وعلى إثبات الإلهية لله تعالى، إلاّ أنها بوضع الشرع، لا بمفهوم أصل اللغة.
اهـ.

وقد يجوز النصب على الاستثناء أو الصفة لاسم: لا إذا كانت بمعنى غير، لكن المسموع الرفع.

قال البيضاوي في آية { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} [الأنبياء: 22] أي غير الله وصف: بإلاَّ، لما تعذر الاستثناء لعدم شمول ما قبلها لما بعدها ودلالته على ملازمة الفساد لكون الآلهة فيهما دونه.

والمراد ملازمته لكونها مطلقًا أو معه، حملاً لها على غير، كما استثنى: بغير، حملاً لها عليها.
ولا يجوز الرفع على البدل لأنه متفرع على الاستثناء، ومشروط بأن يكون في كلام غير موجب.

وقد أشبعنا القول في مباحث ذلك في أوّل كتاب الإيمان عند قوله: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله".

ثم اعلم أنه: لا خلاف أن في قولك: قام القوم إلا زيدًا، مخرجًا، ومخرجًا منه، وأن المخرج ما بعد إلا، والمخرج منه ما قبلها.
ولكن قبل إلاّ شيئان: القيام والحكم به.

والقاعدة أن ما خرج من نقيض دخل في النقيض الآخر.

واختلفوا هل زيد مخرج من القيام أو من الحكم به؟ والذي عليه محققو النحاة والفقهاء: أنه مخرج من القيام، فيدخل في عدم القيام، فهو غير قائم، وقيل: مخرج من الحكم بالقيام فيدخل في عدم الحكم، فهو غير محكوم عليه، وهو قول قوم من الكوفيين، ووافقهم الحنفية.

فعندنا: أن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي.
وعندهم: أن المستثنى غير محكوم عليه بشيء ومن حجج الجمهور الاتفاق على حصول التوحيد بقوّلنا: لا إله إلا الله.
وذلك إنما يتمشى على قوّلنا: أن المستثنى محكوم عليه، لا على قولهم: إنه مسكوت عنه.
فافهمه.

قاله ابن هشام:
( وحده) بالنصب على الحال أي: لا إله منفردًا وحده ( لا شريك له) عقلاً ونقلاً.

أما أوّلاً: فلأن وجود إلهين محُال، إذ لو فرضنا وجودهما لكان كلٍّ منهما قادرًا على كل المقدورات، فلو فرضنا أن أحدهما أراد تحريك زيد والآخر تسكينه، فإما أن يقع المرادان، وهو محال

لاستحالة الجمع بين الضدين، أو لا يقع واحد منهما، وهو محال لأن المانع من وجود مراد كل واحد منهما حصول مراد الآخر ولا يمتنع وجود مراد هذا إلاّ عند وجود مراد الآخر وبالعكس، فلو امتنعا معًا لوجدا معًا وذلك محال، لوجهين:
الأول: أنه لما كان كل واحد منهما قادرًا على ما لا نهاية له امتنع كون أحدهما أقدر من الآخر، بل يستويان في القدرة، فيستحيل أن يصير مراد أحدهما أولى بالوقوع من الآخر، إذ يلزم ترجيح أحد المتساوين من غير مرجح، وهذا محال.

الثاني: أنه إن وقع مراد أحدهما دون الآخر، فالذي يحصل مراد إله قادر، والذي لا يحصل مراده عاجز، فلا يكون إله قادر، والذي لا يحصل مراده عاجز، فلا يكون إلهًا.

وأما ثانيًا: فلقوله تعالى: { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163] { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] { لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ} [النحل: 51] { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ} [الحديد: 3] .
والأوّل: هو الفرد السابق وذلك يقتضي أن لا شريك له وهو تأكيد لقوله: وحده، لأن المتّصف بالوحدانية لا شريك له.

( له الملك) بضم الميم أي: أصناف المخلوقات، ( وله الحمد) زاد الطبراني من طريق أخرى عن المغيرة: يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير ( وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت) أي الذي أعطيت ( ولا معطي لما منعت) أي: الذي منعته.

وزاد في مسند عبد بن حميد من رواية معمر؛ عن عبد الملك بن عمير، بهذا الإسناد: "ولا رادّ لما قضيت".

وقد أجاز البغداديون، كما نبّه عليه صاحب المصابيح، ترك تنوين الاسم المطوّل، فأجازوا: لا طالع جبلاً، أجروه في ذلك مجرى المضاف، كما أجرى مجراه في الإعراب.

قال ابن هشام: وعلى ذلك يتخرج الحديث، وتبعه الزركشي في تعليق العمدة، قال الدماميني: بل يتخرج الحديث على قول البصريين أيضًا، بأن يجعل مانع اسم: لا، مفردًّا مبنيًّا معها، إما لتركيبه معها تركيب خمسة عشر، وإما لتضمنه معنى من الاستغراقية، على الخلاف المعروف في المسألة.
والخبر محذوف، أي: لا مانع مانع لما أعطيت، واللام للتقوية.
فلك أن تقول: تتعلق، ولك أن تقول: لا تتعلق.

وكذا القول في: ولا معطي لما منعت، وجوز الحذف ذكر مثل المحذوف، وحسنه دفع التكرار، فظهر بذلك أن التنوين على رأي البصريين ممتنع، ولعل السرّ في العدول عن تنوينه إرادة التنصيص على الاستغراق، ومع التنوين يكون الاستغراق ظاهرًا لا نصًّا.

فإن قلت: إذا نون الاسم كان مطولاً، ولا، عاملة، وقد تقرر أنها عند العمل ناصّة على الاستغراق.

قلت: خص بعضهم الاستغراق بحالة البناء من جهة تضمن معنى: من الاستغراقية، ولو سلّم ما قلته لم يعين عملها في هذا الاسم المنصوب حتى يكون النص على الاستغراق حاصلاً، لاحتمال أن يكون منصوبًا بفعل محذوف، أي لا نجد ولا نرى مانعًا ولا معطيًا، فعدل إلى البناء لسلامته من هذا الاحتمال.
اهـ.

( ولا ينفع ذا الجد منك الجد) بفتح الجيم فيهما أي: لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، إنما ينفعه العمل الصالح.
فمن، في: ملك بمعنى البدل، كقوله تعالى: { أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ} [التوبة: 38] أي: بدل الآخرة.

( وقال شعبة) مما وصله السراج في سنده، والطبراني: في الدعاء، وابن حبّان ( عن عبد الملك) في رواية أبي ذر، والأصيلي زيادة: ابن عمير ( بهذا) الحديث السابق، أي: رواه عنه كما رواه سفيان عنه ( و) قال شعبة، أيضًا ( عن الحكم) بن عتيبة، مما وصله السراج والطبراني وابن حبان، وثبتت واو: وعن الحكم لابن عساكر ( عن القاسم بن مخيمرة) بضم الميم وفتح المعجمة وسكون المثناة وكسر الميم بعدها مفتوحة، ( عن وراد بهذا) الحديث أيضًا، ولفظه كلفظ عبد الملك بن عمير، إلا أنهم قالوا فيه: كان إذا قضى صلاته وسلم قال: إلخ ( وقال الحسن) البصري، مما وصله ابن أبي حاتم، من طريق أبي رجاء، وعبد بن حميد من طريق سليمان التيمي، كلاهما عن الحسن، أنه قال في قوله تعالى { وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [الجن: 3] ( جدُّ غنى) بالرفع بلا تنوين على سبيل الحكاية، مبتدأ خبره غنى، أي: الجد تفسيره غنى، ولكريمة: الجد غنى، وسقط هذا الأثر في رواية الأصيلي وابن عساكر، وتعليق الحكم مؤخر عن تعليق الحسن في رواية أبي ذر، ومقدّم عليه في رواية كريمة، وهو الأصوب.
لأن قوله: عن الحكم، معطوف على قوله: عن عبد الملك، وقوله: قال الحسن: جد غنى، معترض بين المعطوف والمعطوف عليه.

ورواة هذا الحديث الخمسة كوفيون إلا محمد بن يوسف، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الاعتصام، والرقاق، والقدر والدعوات، ومسلم وأبو داود والنسائي في: الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :821 ... غــ :844 ]
- ح دثنا مُحَمَّد بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ عنْ وَرَّادٍ كاتِبِ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ قالَ أمْلَى عَلَيَّ المُغِيرَةُ بنُ شعْبَة فِي كِتَابٍ إِلَى مُعاوِيةَ إنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَا إلَهَ إلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وَهْوَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أعْطَيْتَ ولاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ.
.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ.
الثَّانِي: سُفْيَان الثَّوْريّ.
الثَّالِث: عبد الْملك بن عُمَيْر، بِضَم الْعين، تقدم فِي: بابُُ أهل الْعلم أَحَق بِالْإِمَامَةِ.
الرَّابِع: وراد، بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الرَّاء وَفِي آخِره دَال مُهْملَة.
الْخَامِس: الْمُغيرَة بن شُعْبَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن رجال إِسْنَاده كلهم كوفيون مَا خلا مُحَمَّد بن يُوسُف.
وَفِيه: عَن وراد، وَفِي رِوَايَة مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن سُفْيَان عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ: حَدثنِي وراد.


ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الِاعْتِصَام عَن مُوسَى عَن أبي عوَانَة، وَفِي الرقَاق عَن عَليّ بن مُسلم وَفِي الْقدر عَن مُحَمَّد بن سِنَان وَفِي الدَّعْوَات عَن قُتَيْبَة وَفِي الصَّلَاة،.

     وَقَالَ  الْحَاكِم: عَن الْقَاسِم.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن أبي بكر وَأبي كريب وَأحمد بن سِنَان وَعَن مُحَمَّد بن حَاتِم وَعَن ابْن أبي عَمْرو عَن حَامِد بن عَمْرو عَن مُحَمَّد بن الْمثنى.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور وَعَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن مُحَمَّد بن قدامَة وَعَن الْحسن بن إِسْمَاعِيل.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( أمْلى عَليّ الْمُغيرَة) ، وَكَانَ الْمُغيرَة إِذْ ذَاك أَمِيرا على الْكُوفَة من قبل مُعَاوِيَة، وَعند أبي دَاوُد: ( كتب مُعَاوِيَة إِلَى الْمُغيرَة: أَي شَيْء كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا سلم من الصَّلَاة؟ فَكتب إِلَيْهِ الْمُغيرَة.
.
)
.
وَعند ابْن خُزَيْمَة: ( يَقُول عِنْد انْصِرَافه من الصَّلَاة: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير، ثَلَاث مَرَّات) .
وَعند السراج: حَدثنَا زِيَاد بن أَيُّوب حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن عُثْمَان بن حَكِيم سَمِعت مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ سَمِعت مُعَاوِيَة يَقُول: ( سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي دبر كل صَلَاة، إِذا انْصَرف: اللَّهُمَّ لَا مَانع لما أَعْطَيْت وَلَا معطي لما منعت وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد) .
وَفِي لفظ: ( إِن الله لَا مُؤخر لما قدم، وَلَا مقدم لما أخر، وَلَا معطي لما منع وَلَا مَانع لما أعْطى، وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد، وَمن يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين) .
وَفِي لفظ: ( إِنَّه لَا مُؤخر لما قدمت، وَلَا مقدم لما أخرت.
.
)
.
الحَدِيث كُله بتاء الْخطاب.
فَإِن قلت: إِن مُعَاوِيَة إِذا كَانَ قد سمع هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَكيف يسْأَل عَنهُ؟ قلت: أَرَادَ أَن يستثبت ذَلِك، وَينظر هَل رَوَاهُ غَيره أَو نسي بعض حُرُوفه أَو مَا أشبه ذَلِك؟ كَمَا جرى لجَابِر بن عبد الله فِي سُؤَاله عقبَة بن عَامر عَن حَدِيث سَمعه، وَأَرَادَ أَن ينظر هَل رَوَاهُ غَيره؟ قَوْله: ( فِي دبر كل صَلَاة) ، بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة وسكونها أَي: عقيب كل صَلَاة مَكْتُوبَة، أَي: فَرِيضَة، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى للْبُخَارِيّ: ( كَانَ يَقُولهَا فِي دبر كل صَلَاة) ، وَلم يقل: مَكْتُوبَة.
قَوْله: ( لَا إِلَه إِلَّا الله.
.
)
إِلَى آخِره، كلمة تَوْحِيد بِالْإِجْمَاع، وَهِي مُشْتَمِلَة على النَّفْي وَالْإِثْبَات.
فَقَوله: ( لَا إِلَه) ، نفي الألوهية عَن غير الله.
وَقَوله ( إِلَّا الله) إِثْبَات الألوهية لله تَعَالَى، وبهاتين الصفتين صَار هَذَا كلمة التَّوْحِيد وَالشَّهَادَة.
وَقد قيل: إِن الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات، وَمن الْإِثْبَات نفي، وَأَبُو حنيفَة يَقُول: الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي لَيْسَ بِإِثْبَات، وَاسْتدلَّ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا نِكَاح إِلَّا بولِي، وَلَا صَلَاة إِلَّا بِطهُور) ، فَإِنَّهُ لَا يجب تحقق النِّكَاح عِنْد الْوَلِيّ، وَلَا يجب تحقق الصَّلَاة عِنْد الطّهُور، لتوقفه على شَرَائِط أخر.
وأوردوا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ على هَذَا التَّقْدِير لَا يكون كلمة التَّوْحِيد تَاما لِأَنَّهُ يكون المُرَاد مِنْهَا نفي الألوهية عَن غير الله تَعَالَى، وَلَا يلْزم مِنْهُ إِثْبَات الألوهية لله تَعَالَى، وَهَذَا لَيْسَ بتوحيد.
وَالْجَوَاب عَن هَذَا: أَن مُعظم الْكفَّار كَانُوا أشركوا وَفِي عُقُولهمْ وجود الإل هـ ثَابت، فسيق لنفي الْغَيْر، ثمَّ يلْزم مِنْهُ وجوده تَعَالَى.

ثمَّ إعلم أَن: إلاّ، هَهُنَا بِمَعْنى: غير، وَخبر: لَا، الَّتِي لنفي الْجِنْس مَحْذُوف تَقْدِيره: لَا إِلَه مَوْجُود غير الله، وَلِهَذَا لم ينْتَصب إلاّ الله، لِأَن الْمُسْتَثْنى إِنَّمَا ينْتَصب إِمَّا وجوبا، وَإِمَّا جَوَازًا فِي مَوَاضِع مَخْصُوصَة، وَقد عرف فِي مَوْضِعه، وَأما إِذا كَانَت: إلاّ، للصفة لم يجب النصب فَيتبع الْمَوْصُوف، والموصوف هَهُنَا مَرْفُوع وَهُوَ: مَوْجُود، فَيتبع الْمُسْتَثْنى موصوفه.
قَوْله: ( وَحده) ، نصب على الْحَال، تَقْدِيره: ينْفَرد وَحده، فَإِن قلت: شَرط الْحَال أَن تكون نكرَة وَهَذَا معرفَة؟ قلت: لأجل ذَلِك أول بِمَا ذكرنَا، وَذَلِكَ كَمَا فِي قَوْله: ( وأرسلها العراك) أَي: أرسل الْحمار تعترك العراك.
قَوْله: ( لَا شريك لَهُ) ، تَأْكِيد لقَوْله: ( وَحده) ، لِأَن المتصف بالوحدانية لَا شريك لَهُ.
قَوْله: ( لَهُ الْملك) ، بِضَم الْمِيم بعم، وبكسرها يخص، فَلذَلِك قيل: الْملك من الْملك بِالضَّمِّ، وَالْمَالِك من الْملك بِالْكَسْرِ، وَقيل: الْمَالِك أبلغ فِي الْوَصْف لِأَنَّهُ يُقَال: مَالك الدَّار وَمَالك الدَّابَّة، وَلَا يُقَال: ملك إِلَّا لملك من الْمُلُوك.
وَقيل: ملك أبلغ فِي الْوَصْف لِأَنَّك إِذا قلت: فلَان ملك هَذِه الْبَلدة يكون كِنَايَة عَن الْولَايَة دون الْملك، وَإِذا قلت: فلَان مَالك هَذِه الْبَلدة كل ذَلِك عبارَة عَن الْملك الْحَقِيقِيّ..
     وَقَالَ  قطرب: الْفرق بَينهمَا أَن ملكا الْملك من الْمُلُوك، وَأما مَالك فَهُوَ مَالك الْمُلُوك، وَقد فسر الْملك فِي الْقُرْآن على معَان مُخْتَلفَة، وَالْمعْنَى هَهُنَا: لَهُ جَمِيع أَصْنَاف الْمَخْلُوقَات.
قَوْله: ( وَله الْحَمد) ، أَي: جَمِيع حمد أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَجَمِيع أَصْنَاف المحامد الَّتِي بالأعيان والأعراض، بِنَاء على أَن الْألف وَاللَّام لاستغراق الْجِنْس عندنَا، وَلما كَانَ الله مَالك الْملك كُله اسْتحق أَن تكون جَمِيع المحامد لَهُ دون غَيره، فَلَا يجوز أَن يحمد غَيره.
وَأما قَوْلهم: حمدت فلَانا على صَنِيعه كَذَا، أَو حمدت الْجَوْهَرَة على صفائها، فَذَاك حمد للخالق فِي الْحَقِيقَة، لِأَن حمد الْمَخْلُوق على فعل أَو صفة حمد للخالق فِي الْحَقِيقَة.
قَوْله: ( وَهُوَ على كل شَيْء قدير) ، من بابُُ التتميم والتكميل، لِأَن الله تَعَالَى، لما كَانَت الوحدانية لَهُ وَالْملك لَهُ وَالْحَمْد لَهُ، فبالضرورة يكون قَادِرًا على كل شَيْء، وَذكره يكون للتتميم والتكميل، والقدير إسم من أَسمَاء الله تَعَالَى: كالقادر والمقتدر، وَله الْقُدْرَة الْكَامِلَة الباهرة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض قَوْله: ( لما أَعْطَيْت) أَي: الَّذِي أَعْطيته، وَكَذَلِكَ التَّقْدِير فِي قَوْله: ( لما منعت) أَي: الَّذِي منعته.
قَوْله: ( وَلَا ينفع ذَا الْجد) الْجد، بِالْفَتْح: الْغنى، كَمَا فسره الْحسن الْبَصْرِيّ على مَا يَأْتِي ذكره عَن قريب، وَكَذَا قَالَ الْخطابِيّ، وَيُقَال: هُوَ الْحَظ وَالْبخْت وَالْعَظَمَة، وَكلمَة: من، بِمَعْنى الْبَدَل، كَقَوْل الشَّاعِر:
( فليت لنا من مَاء زَمْزَم شربة ... مبردة باتت على الطهيان)

يُرِيد: لَيْت لنا بدل مَاء زَمْزَم، والطهيان اسْم لبرادة.
قلت: الطهيان، بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَالْهَاء وَالْيَاء آخر الْحُرُوف: خَشَبَة يبرد عَلَيْهَا المَاء، ويروى:
فليت لنا من مَاء حمنان شربة
و: حمنان، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وبالنونين بَينهمَا ألف: اسْم مَوضِع..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: معنى: مِنْك، هُنَا: عنْدك، أَي: لَا ينفع ذَا الْغنى عنْدك غناهُ، إِنَّمَا يَنْفَعهُ الْعَمَل الصَّالح..
     وَقَالَ  ابْن التِّين: الصَّحِيح عِنْدِي أَنَّهَا لَيست للبدل، وَلَا بِمَعْنى: عِنْد، بل هُوَ كَمَا يَقُول: لَا ينفعك مني شَيْء إِن أَنا أردتك بِسوء..
     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ فِي ( الْفَائِق) : من، فِيهِ كَمَا فِي قَوْلهم: هُوَ من ذَاك، أَي: بدل ذَاك، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: { لَو نشَاء لجعلنا مِنْهُم مَلَائِكَة} ( الزخرف: 60) .
أَي: الْمَحْفُوظ لَا يَنْفَعهُ حَظه بدلك أَي بدل طَاعَتك،.

     وَقَالَ  التوربشتي: لَا ينفع ذَا الْغنى مِنْك غناء، وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ الْعَمَل بطاعتك.
فَمَعْنَى: مِنْك، عنْدك،.

     وَقَالَ  ابْن هِشَام: من، تَأتي على خَمْسَة عشر معنى، فَذكر الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع، ثمَّ قَالَ: الْخَامِس الْبَدَل نَحْو: { أرضيتم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا من الْآخِرَة} ( التَّوْبَة: 38) .
{ لجعلنا مِنْكُم مَلَائِكَة فِي الأَرْض يخلفون} ( الزخرف: 60) .
لِأَن الْمَلَائِكَة لَا تكون من الْأنس.
ثمَّ قَالَ: ( وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد) أَي: وَلَا ينفع ذَا الْحَظ حَظه من الدُّنْيَا بدلك، أَي: بدل طَاعَتك، أَو بدل حظك، أَي: بدل حَظه مِنْك.
وَقيل: ضمن: ينفع، بِمَعْنى: يمْنَع، وَمَتى علقت من بالجد انعكس الْمَعْنى..
     وَقَالَ  ابْن دَقِيق الْعِيد: قَوْله: ( مِنْك) ، يجب أَن يتَعَلَّق: بينفع، وَيَنْبَغِي أَن يكون: ينفع، قد ضمن معنى: يمْنَع، وَمَا قاربه، وَلَا يجوز أَن يتَعَلَّق: مِنْك، بالجد.
كَمَا يُقَال: حظي مِنْك كثير، لِأَن ذَلِك نَافِع.
ثمَّ الْجد، بِفَتْح الْجِيم فِي جَمِيع الرِّوَايَات، وَمَعْنَاهُ: الْغنى، كَمَا ذَكرْنَاهُ.
وَحكى الرَّاغِب: قيل: إِن المُرَاد بالجد أَب الْأَب، وَأب الْأُم، أَي: لَا ينفع أحدا نسبه، كَقَوْلِه تَعَالَى: { فَلَا أَنْسَاب بَينهم} ( الْمُؤْمِنُونَ: 101) ..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: حُكيَ عَن ابْن عمر والشيباني أَنه رَوَاهُ بِالْكَسْرِ،.

     وَقَالَ : مَعْنَاهُ لَا ينفع ذَا الِاجْتِهَاد اجتهده، وَأنْكرهُ الطَّبَرِيّ،.

     وَقَالَ  الْقَزاز فِي تَوْجِيه إِنْكَاره: الِاجْتِهَاد فِي الْعَمَل نَافِع لِأَن الله قد دَعَا الْخلق إِلَى ذَلِك، فَكيف لَا ينفع عِنْده؟ قَالَ: فَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد الِاجْتِهَاد فِي طلب الدُّنْيَا وتضييع أَمر الْآخِرَة..
     وَقَالَ  غَيره: لَعَلَّ المُرَاد إِنَّه: لَا ينفع بِمُجَرَّدِهِ مَا لم يقارنه الْقبُول، وَذَلِكَ لَا يكون إلاّ بِفضل الله وَرَحمته..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: الْمَشْهُور الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور فتح الْجِيم، وَمَعْنَاهُ: لَا ينفع ذَا الْغنى مِنْك غناهُ، أَو لَا ينجيه حظك مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ الْعَمَل الصَّالح.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: اسْتِحْبابُُ هَذَا الذّكر عقيب الصَّلَوَات لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من أَلْفَاظ التَّوْحِيد، وَنسبَة الْأَفْعَال إِلَى الله تَعَالَى، وَالْمَنْع وَالعطَاء، وَتَمام الْقُدْرَة وروى ابْن خُزَيْمَة من حَدِيث أبي بكر: ( أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يَقُول فِي دبر الصَّلَوَات: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْكفْر والفقر وَعَذَاب الْقَبْر) .
وروى أَيْضا عَن عقبَة بن عَامر، قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إقرأ المعوذات فِي دبر كل صَلَاة) .
وَعند النَّسَائِيّ: ( إقرأ المعوذتين) ، وَفِي ( كتاب الْيَوْم وَاللَّيْلَة) لأبي نعيم الْأَصْبَهَانِيّ: ( من قَالَ حِين ينْصَرف من صَلَاة الْغَدَاة، قبل أَن يتَكَلَّم: لَا إِلَه إلاّ الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير، عشر مَرَّات، أعطي بِهن سبع خِصَال، وَكتب لَهُ عشر حَسَنَات، ومحي عَنهُ بِهن عشر سيئات، وَرفع لَهُ بِهن عشر دَرَجَات، وَكن لَهُ عدل عشر نسمات، وَكن لَهُ عصمَة من الشَّيْطَان وحرزا من الْمَكْرُوه، وَلَا يلْحقهُ فِي يَوْمه ذَلِك ذَنْب إلاّ الشّرك بِاللَّه وَمن قالهن حِين ينْصَرف من صَلَاة الْمغرب أعطي مثل ذَلِك) وَفِي لفظ ( من قَالَ بعد الْفجْر ثَلَاث مَرَّات، وَبعد الْعَصْر: أسْتَغْفر الله الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إلاّ هُوَ وَأَتُوب إِلَيْهِ، كفرت ذنُوبه، وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر) .
وَعَن أبي أُمَامَة: ( من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ، وَقل هُوَ الله أحد، دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة لم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إلاّ الْمَوْت) .
رَوَاهُ ابْن السّني من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن دَاوُد بن إِبْرَاهِيم الذهلي عَن أبي أُمَامَة.
وَفِي ( كتاب عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة) لأبي نعيم الْحَافِظ من حَدِيث الْقَاسِم عَنهُ: ( مَا يفوت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي دبر صَلَاة مَكْتُوبَة وَلَا تطوع إلاَّ سمعته يَقُول: اللَّهُمَّ إغفر لي خطاياي كلهَا، اللَّهُمَّ إهدني لصالح الْأَعْمَال والأخلاق إِنَّه لَا يهدي لصالحها وَلَا يصرف بسيئها إِلَّا أَنْت) وروى الثَّعْلَبِيّ فِي ( تَفْسِيره) من حَدِيث أنس بن مَالك، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أوحى الله تَعَالَى إِلَى مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: من داوم على قِرَاءَة آيَة الْكُرْسِيّ دبر كل صَلَاة أَعْطيته أجر الْمُتَّقِينَ وأعمال الصديقين.

فَائِدَة: قد دارت على ألسن النَّاس زِيَادَة لفظ فِي حَدِيث الْبابُُ، وَهُوَ: ( وَلَا رادَّ لما قضيت) ، وَهَذِه الزِّيَادَة فِي مُسْند عبد بن حميد، من رِوَايَة معمر عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، لَكِن حذف قَوْله: ( وَلَا معطي لما منعت) .

وَقَالَ شُعْبَةُ عنْ عَبْدِ المَلِكِ بِهذَا
أَشَارَ بِهَذَا التَّعْلِيق إِلَى أَن شُعْبَة أَيْضا روى الحَدِيث الْمَذْكُور عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، كَمَا رَوَاهُ سُفْيَان عَنهُ، وَوَصله السراج فِي ( مُسْنده) : حَدثنَا معَاذ بن الْمثنى، حَدثنِي أبي عَن شُعْبَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، قَالَ: سَمِعت ورَّادا.
.
إِلَى آخِره.

وَقَالَ الحسَنُ الجَدُّ: غنى
أَي: الْحسن الْبَصْرِيّ، أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الْحسن فسر لفظ.
جد، فِي الحَدِيث: بالغنى.
قَوْله: ( جد) ، بِالرَّفْع بِلَا تَنْوِين على سَبِيل الْحِكَايَة، وَهُوَ مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله: ( غنى) ، وَوَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي رَجَاء، وَعبد بن حميد من طَرِيق سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، كِلَاهُمَا عَن الْحسن فِي قَوْله تَعَالَى: { وَإنَّهُ تَعَالَى جد رَبنَا} ( الْجِنّ: 3) .
قَالَ: غنى رَبنَا، وَوَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة: قَالَ الْحسن: الْجد غنى، وَهَذَا الْأَثر لَيْسَ بموجود فِي أَكثر الرِّوَايَات.

وعنِ الحَكَمِ عنِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَة عنْ وَرَّادٍ بِهذَا
هَذَا التَّعْلِيق وَصله السراج وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان عَن شُعْبَة، قَالَ: حَدثنِي الحكم بن عتيبة عَن الْقَاسِم بن مخيمرة عَن وراد.
.
إِلَى آخِره كَلَفْظِ عبد الْملك بن عُمَيْر، إلاّ أَنهم قَالُوا فِيهِ: إِذا قضى صلَاته وَسلم قَالَ.
.
إِلَى آخِره، وَهَذَا التَّعْلِيق وَقع هَكَذَا مُؤَخرا عَن أثر الْحسن.
فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة بِالْعَكْسِ، لِأَن قَوْله: ( عَن الحكم) مَعْطُوف على قَوْله: ( عَن عبد الْملك) ، وَقَوله: ( قَالَ الْحسن: الْجد غنى) ، معترض بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْ