هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
78 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ ، وَبِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
78 حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر المكي ، وبشر بن الحكم ، قالا : حدثنا عبد العزيز وهو ابن محمد الدراوردي ، عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن عامر بن سعد ، عن العباس بن عبد المطلب ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It is narrated on the authority of 'Abbas b. 'Abdul-Muttalib that he heard the Messenger of Allah saying:

He has found the taste of faith (iman) who is content with Allah as his Lord, with Islam as his religion (code of life) and with Muhammad (ﷺ) as his Prophet.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا .



المعنى العام

للإيمان حلاوة تحسها قلوب المتقين، وتتلذذ بها أفئدة الأبرار، وتذوب في سعادتها مشاعر المقربين.

نعم: للإيمان شعب وأمور، وبمقدار تحصيل شعبه، والمحافظة على تعاليمه تكون درجة تذوق المؤمن للإيمان ودرجة تمتعه بها.

وأول مراتبه أن يمس شغاف القلوب، فيتذوق صاحبه حلاوته، كما يتذوق اللسان حلاوة الطعام أول لمسه طرف اللسان، فليس الإيمان بالتمني والانتساب وما يتشدق به من الألفاظ، وإنما الإيمان الحقيقي ما وقر في القلب وسكنت إليه النفس، نعم أول منازل الإيمان الصادق أن يرضى صاحبه بالله وحده ربا، ويعزف عن الأصنام، وعن كل ما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى، ويرضى بالإسلام وحده دينا، ويتبرأ من كل دين يخالف دين الإسلام، ويرضى بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا لجميع البشر، وخاتما للأنبياء وناسخا لشرائع السابقين.

بهذا الرضا، وبهذا الاعتقاد، وبهذا اليقين الذي لا يتطرق إليه الشك يتذوق المرء حلاوة الإيمان، ويحصل المرتبة الأولى من مراتب الصادقين في إيمانهم، وعليه أن يسعى لتحصيل المراتب العليا، باتباع الواجبات والبعد عن المنهيات ليتمتع بحلاوته، بل عليه أن يتدرج في مدارج الكمال، فيسلك طريق المعرفة، وينخرط في بحار الخشية، ويذوب في ساحة القرب، حتى يكون الله سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وحينئذ يصل إلى درجة الشبع من الإيمان والسعادة به وبأموره في الدنيا، وإلى مقاعد الصديقين في الجنات العلى، { { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } } [الجمعة: 4] .

المباحث العربية

( ذاق طعم الإيمان) الذوق مبدأ إدراك الطعم، وقد شبه الإيمان بالثمرة أو بمطعوم حلو، ثم أثبت للمشبه لازم المشبه به، وهو الطعم على سبيل الاستعارة التخييلية، والذوق كناية عن الإدراك.

( من رضي بالله ربا) الرضا بالشيء قد يكون بمعنى القناعة به، وقد يكون بمعنى الإيثار له وتفضيله عما عداه، وسيأتي في فقه الحديث آراء العلماء في حقيقة الرضا على الله تعالى.

فقه الحديث

اختلف العلماء في درجة الإيمان المقصودة بالحديث، فذهب بعضهم إلى أنه يشير إلى كمال الإيمان وغايته، وذهب آخرون إلى أنه يشير إلى أول درجاته ومبدئه.
ووجهة نظر الأولين أن من لم يطلب غير الله، ولم يسع في غير طريق الإسلام، ولم يسلك إلا ما يوافق شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، من كانت هذه صفته فقد خلصت حلاوة الإيمان إلى قلبه، وخامر باطنه وذاق طعمه، واستغرق في الطاعات ولذت له، لأن من رضي أمرا سهل عليه معالجته.

فهذا الفريق يفسر الرضا بالإيثار ( وهو تفسير صحيح) ولا شك أن من يؤثر الله على جميع من عداه، ويؤثر الإسلام على جميع الشرائع، ويؤثر طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم على طاعة غيره من النفس والهوى والشيطان، فقد وصل إلى درجة الخواص واستحلى الإيمان، وذاق طعمه.

ووجهة نظر الأخيرين أنه لو أريد من الحديث غاية الإيمان وكماله لم يعبر عنهما بالذوق، إذ لا يعبر عن غاية الشيء بمبدئه، لأن الذوق مبدأ الفعل.

ويدفع الأولون هذا الإيراد بأن كون الذوق مبدأ الفعل إنما هو إذا استعمل في المحسوسات كذوق الطعام، أما إذا استعمل في المعاني كما هنا فقد صح أن يكون كناية عن كمال الإدراك.

ويتمثل هذا الرأي في جماعة الصوفية الذين يحملون الرضا بالله ربا على الرضا عن الله وعن جميع أوامره وعن جميع أفعاله، فيفسره الجنيد بأنه رفع الاختيار، ويفسره المحاسبي بأنه سكون النفس تحت مجاري القدر.

ويفسره النووي: بأنه السرور بمر القضاء.
ويفسره الداراني بأنه بلوغ المرء درجة يرضى بها عن الله حتى لو أدخله النار.

والذي ترتاح إليه النفس أن الحديث يشير إلى مبدأ الإيمان، منبها إلى أن هذه الأمور الثلاثة وإن اقتضت الذوق فليست هي الكمال، وليس الذوق هو غاية المقصود الذي يقف عنده الكيس، بل هو مبدأ للترقي في المقامات وشدة الشوق إلى نيل الذروة، والحرص على الشبع.

ويؤيد ذلك إبدال كلمة الذوق بالوجود، وكلمة الطعم بالحلاوة، حيثما حصل الترقي في شعب الإيمان في قوله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما: وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار .

وسيأتي لهذا الموضوع بقية توضيح بعد أربعة أحاديث.

والله أعلم