هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
753 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أُمِرَ وَسَكَتَ فِيمَا أُمِرَ ، { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
753 حدثنا مسدد ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قرأ النبي صلى الله عليه وسلم فيما أمر وسكت فيما أمر ، { وما كان ربك نسيا } { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أُمِرَ وَسَكَتَ فِيمَا أُمِرَ ، { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } .

Narrated Ibn `Abbas:

The Prophet (ﷺ) recited aloud in the prayers in which he was ordered to do so and quietly in the prayers in which he was ordered to do so. And your Lord is not forgetful. Verily there was a good example for you in the ways of the Prophet.

":"ہم سے مسدد بن مسرہد نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے اسماعیل بن علیہ نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے ایوب سختیانی نے عکرمہ سے بیان کیا ، انہوں نے ابن عباس رضی اللہ عنہما سے ، آپ نے بتلایا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کو جن نمازوں میں بلند آواز سے قرآن مجید پڑھنے کا حکم ہوا تھا ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے ان میں بلند آواز سے پڑھا اور جن میں آہستہ سے پڑھنے کا حکم ہوا تھا ان میں آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے آہستہ سے پڑھا اور تیرا رب بھولنے والا نہیں اور رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی زندگی تمہارے لیے بہترین نمونہ ہے ۔

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ قــ :753 ... غــ :774 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثنا أيُّوبُ عَنْ عَكْرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قالَ قرأَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا أُمِرَ وسَكتَ فِيمَا أُمِرَ وَمَا كانَ ربَكَ نَسِيَّا ولَقدْ كانَ لَكُمْ فِي رسولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنةٌ

مطابقته للتَّرْجَمَة تظهر من قَوْله: (قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا أَمر) ، لِأَن مَعْنَاهُ: جهر بِالْقِرَاءَةِ فِيمَا أَمر بِالْقِرَاءَةِ، وَإِنَّمَا صَحَّ أَن يُقَال: معنى قَرَأَ: جهر بِالْقِرَاءَةِ، لِأَن معنى قسيمه، وَهُوَ قَوْله: (سكت فِيمَا أَمر) ، أَي: اسر فِيمَا أَمر بإسرار الْقِرَاءَة.
وَلَا يُقَال: معنى سكت: ترك الْقِرَاءَة، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يزَال إِمَامًا، فَلَا بُد لَهُ من الْقِرَاءَة سرا أَو جَهرا، وَقد تظاهرت الْأَخْبَار وتواترت الأثار أَنه كَانَ يجْهر فِي أولى الْعشَاء وَالْمغْرب وَفِي الصُّبْح، فَنَاسَبَ الحَدِيث التَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْفجْر دَاخل فِي الَّذِي جهر فِيهِ.
وَمِمَّا يُؤَكد مَا قُلْنَا قَول ابْن عَبَّاس فِي آخر الحَدِيث: (لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة) ، لِأَنَّهُ قد ثَبت بالروايات أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الصُّبْح جَهرا، فَهُوَ كَانَ مَأْمُورا بالجهر، وَنحن مأمورون بالأسوة بِهِ، فَبين لنا الْجَهْر، وَهُوَ الْمَطْلُوب.
فَإِن قلت: قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: إِيرَاد حَدِيث ابْن عَبَّاس هَهُنَا يغاير مَا تقدم من إِثْبَات الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة، لِأَن مَذْهَب ابْن عَبَّاس ترك الْقِرَاءَة فِي السّريَّة قلت: لَا نسلم الْمُغَايرَة الْمَذْكُورَة، بل إِيرَاد هَذَا الحَدِيث يدل على إِثْبَات ذَلِك، لِأَنَّهُ احْتج على مَا ذكره فِي صدر الحَدِيث بِمَا ذكره فِي آخِره من وجوب الإيتساء بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا ورد عَنهُ، وَقد ورد عَنهُ الْجَهْر والإسرار، على أَنه قد روى عَنهُ أَبُو الْعَالِيَة الْبَراء ثُبُوت الْقِرَاءَة فِي الظّهْر وَالْعصر، على خلاف مَا رُوِيَ عَنهُ من نفي الْقِرَاءَة فيهمَا، وَقد ذَكرْنَاهُ مستقصىً فِيمَا مضى.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُسَدّد.
الثَّانِي: إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن علية.
الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ.
الرَّابِع: عِكْرِمَة، مولى ابْن عَبَّاس.
الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وكوفي ومدني.
.

وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاد البُخَارِيّ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فِيمَا أَمر) ، بِضَم الْهمزَة، والآمر هُوَ الله تَعَالَى.
قَوْله: (نسيا) بِفَتْح النُّون وَكسر السِّين وَتَشْديد الْيَاء، وَأَصله: نسي، بياءين، على وزن: فعيل:، فأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء، وفعيل هُنَا بِمَعْنى: فَاعل، أَي: وَمَا كَانَ رَبك نسيا، أَي: تَارِكًا، لِأَن النسْيَان فِي اللُّغَة التّرْك، قَالَه أَبُو عُبَيْدَة، قَالَ الله تَعَالَى: { نسوا الله فنسيهم} (التَّوْبَة: 67) .
.

     وَقَالَ  تَعَالَى: { وَلَا تنسوا الْفضل بَيْنكُم} (الْبَقَرَة: 237) .
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هَذَا الْكَلَام من أَي الأساليب؟ إِذْ النسْيَان مُمْتَنع على الله تَعَالَى؟ قلت: هُوَ من أسلوب التَّجَوُّز، أطلق الْمَلْزُوم وَأَرَادَ اللَّازِم، إِذْ نِسْيَان الشَّيْء مُسْتَلْزم لتَركه.
انْتهى.
قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه إِنَّمَا يمشي إِذا كَانَ من النسْيَان الَّذِي هُوَ خلاف الذّكر على مَا لَا يخفى.
.

     وَقَالَ  أَيْضا: لِمَ مَا قلت: إِنَّه كِنَايَة؟ ثمَّ أجَاب بِأَن شَرط الْكِنَايَة إِمْكَان إِرَادَة مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ، وَهنا مُمْتَنع، وَشَرطهَا أَيْضا الْمُسَاوَاة فِي اللُّزُوم، وَهَهُنَا التّرْك لَيْسَ مستلزما للنسيان، إِذْ قد يكون التّرْك بالعمد.
هَذَا عِنْد أهل الْمعَانِي.
وَأما عِنْد الأصولي فالكناية أَيْضا نوع من الْمجَاز.
قلت: على مَا ذكره أهل الْأُصُول يجوز الْوَجْهَانِ،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: لَو شَاءَ لله أَن يتْرك بَيَان أَحْوَال الصَّلَاة وأقوالها حَتَّى يكون قُرْآنًا متلوا لفعل، وَلم يتْركهُ عَن نِسْيَان، وَلكنه وكل الْأَمر فِي ذَلِك لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ أمرنَا بالاقتداء بِهِ، وَهُوَ معنى قَوْله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: { لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم} (النَّحْل: 44) .
وَلم تخْتَلف الْأمة فِي أَن أَفعاله الَّتِي هِيَ بَيَان مُجمل الْكتاب وَاجِبَة، كَمَا لم يَخْتَلِفُوا فِي أَن أَفعاله الَّتِي هِيَ من نوم وَطَعَام وشبههما غير وَاجِبَة، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي أَفعاله الَّتِي تتصل بِأَمْر الشَّرِيعَة مِمَّا لَيْسَ بِبَيَان مُجمل الْكتاب، فَالَّذِي يخْتَار إِنَّهَا وَاجِبَة قَوْله: (أُسْوَة) ، بِضَم الْهمزَة وَكسرهَا، قرىء بهما، وَمَعْنَاهَا: الْقدْوَة.



أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْجمع بَين السورتين فِي الرَّكْعَة الْوَاحِدَة من الصَّلَاة، وَفِي بَيَان قِرَاءَة الخواتيم، أَي: خَوَاتِيم السُّور أَي: أواخرها، وَفِي بَيَان حكم قِرَاءَة سُورَة قبل سُورَة، وَهُوَ أَن يَجْعَل سُورَة مُتَقَدّمَة على الْأُخْرَى فِي تَرْتِيب الْمُصحف، مُتَأَخِّرَة فِي الْقِرَاءَة.
وَهَذَا أَعم من أَن تكون فِي رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ.
قَوْله: (وبأول سُورَة) ، أَي: وبالقراءة بِأول سُورَة، هَذِه التَّرْجَمَة تشْتَمل على أَرْبَعَة أَجزَاء، قد ذكر للثَّلَاثَة مِنْهَا مَا يطابقها من الحَدِيث والأثر، وَلم يذكر شَيْئا للجزء الثَّانِي، وَهُوَ قَوْله: (وَالْقِرَاءَة بالخواتيم) ، قَالَ بَعضهم: وَأما الْقِرَاءَة بالخواتيم فتؤخذ من إِلْحَاق الْقِرَاءَة بالأوائل، وَالْجَامِع بَينهمَا أَن كِلَاهُمَا بعض سُورَة.
قلت: الأولى أَن يُؤْخَذ ذَلِك من قَول قَتَادَة: كلٌّ كتاب الله، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ الله بن السَّائِبِ قَرَأ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المُؤْمِنُونَ فِي الصُّبْحِ حَتَّى إذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وهَارُونَ أوْ ذِكْرُ عِيسَى أخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ
مُطَابقَة هَذَا التَّعْلِيق للجزء الرَّابِع للتَّرْجَمَة، لِأَن التَّرْجَمَة أَرْبَعَة أَجزَاء: فالجزء الرَّابِع هُوَ قَوْله: وبأول سُورَة، وَالَّذِي رَوَاهُ عبد الله بن السَّائِب يدل على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ أول سُورَة الْمُؤمنِينَ إِلَى أَن وصل إِلَى قَوْله: { ثمَّ أرسلنَا مُوسَى وأخاه هَارُون} (الْمُؤْمِنُونَ: 45) .
أَخَذته سعلة فَقطع الْقِرَاءَة وَلم يكمل السُّورَة، فَدلَّ على أَنه لَا بَأْس بِقِرَاءَة بعض سُورَة والاقتصار عَلَيْهِ من غير تَكْمِيل السُّورَة، على مَا يَجِيء بَيَانه الْآن، وَهَذَا التَّعْلِيق ذكره البُخَارِيّ بِلَفْظ: يذكر، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَهُوَ صِيغَة التمريض لِأَن فِي إِسْنَاده اخْتِلَافا على ابْن جريج، فَقَالَ عُيَيْنَة: عَنهُ عَن أبي مليكَة عَن عبد الله السَّائِب، قَالَ أَبُو عَاصِم: عَنهُ عَن مُحَمَّد بن عباد عَن أبي سَلمَة ابْن سُفْيَان أَو سُفْيَان ابْن أبي سَلمَة عَن عبد الله بن السَّائِب، وَوَصله مُسلم فِي (صَحِيحه).

     وَقَالَ : حَدثنِي هَارُون بن عبد الله، قَالَ: حَدثنَا حجاج بن مُحَمَّد عَن ابْن جريج وحَدثني مُحَمَّد بن رَافع، وتقاربا فِي اللَّفْظ، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، قَالَ: أخبرنَا ابْن جريج: قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عباد بن جَعْفَر يَقُول: أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة ابْن سُفْيَان وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعبد الله بن الْمسيب العابدي، عَن عبد الله بن السَّائِب قَالَ: (صلى لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصُّبْح بِمَكَّة فَاسْتَفْتَحَ سُورَة الْمُؤمنِينَ حَتَّى جَاءَ ذكر مُوسَى وَهَارُون، أَو ذكر عِيسَى، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، شكّ مُحَمَّد بن عباد أَو وَاخْتلفُوا عَلَيْهِ، أخذت النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سعلة فَرَكَعَ وَعبد الله بن السَّائِب حَاضر ذَلِك) .
وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق فَحذف: (فَرَكَعَ) ، وَفِي حَدِيثه: وَعبد الله بن عَمْرو وَلم يقل: ابْن الْعَاصِ، وَعبد الله بن السَّائِب ابْن أبي السَّائِب، واسْمه: صَيْفِي بن عَابِد، بِالْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عبد الله ابْن عمر بن مَخْزُوم القريشي المَخْزُومِي الْقَارِي) يكنى: أَبَا السَّائِب، وَقيل: أَبُو عبد الرَّحْمَن، سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي بِمَكَّة قبل ابْن الزبير بِيَسِير، رُوِيَ لَهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبْعَة أَحَادِيث، وروى لَهُ مُسلم هَذَا الحَدِيث فَقَط، وَأخرج الطَّحَاوِيّ هَذَا الحَدِيث عَن عبد الله بن السَّائِب، وَلَفظه: (حضرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدَاة الْفَتْح صَلَاة الصُّبْح فَاسْتَفْتَحَ بِسُورَة الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا أَتَى على ذكر مُوسَى وَعِيسَى أَو مُوسَى وهرون أَخَذته سعلة فَرَكَعَ) .
انْتهى.
وَلَيْسَ فِي إِسْنَاده ذكر عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَلَا ذكر عبد الله بن الْمسيب، بل فِيهِ: عَن أبي سَلمَة عَن سُفْيَان عَن عبد الله بن السَّائِب،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: ابْن الْعَاصِ غلط عِنْد الْحفاظ، وَلَيْسَ هَذَا عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ الصَّحَابِيّ الْمَعْرُوف، بل هُوَ تَابِعِيّ حجازي.
وَفِي (مُصَنف عبد الرَّزَّاق) : عَن عبد الله بن عَمْرو الْقَارِي، وَهُوَ الصَّوَاب.
قَوْله: (قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤمنِينَ) أَي: سُورَة الْمُؤمنِينَ.
قَوْله: (أَو ذكر عِيسَى) ، هُوَ قَوْله تَعَالَى: { وَجَعَلنَا ابْن مَرْيَم وَأمه آيَة} (الْمُؤْمِنُونَ: 50) .
وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ على ذكر مُوسَى وَعِيسَى هُوَ قَوْله: { وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب لَعَلَّهُم يَهْتَدُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 49) .
{ وَجَعَلنَا ابْن مَرْيَم وَأمه آيَة} (الْمُؤْمِنُونَ: 50) .
قَوْله: (أَخَذته سعلة) ، بِفَتْح السِّين وَضمّهَا، وَعند ابْن مَاجَه: (فَلَمَّا بلغ ذكر عِيسَى وَأمه أَخَذته سعلة، أَو قَالَ: شهقة) .
وَفِي رِوَايَة: (شرقة) ، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْقَاف.
قَوْله فِي مُسلم: (الصُّبْح بِمَكَّة) ، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: (يَوْم الْفَتْح) .

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: اسْتِحْبابُُ الْقِرَاءَة الطَّوِيلَة فِي صَلَاة الصُّبْح، وَلَكِن على قدر حَال الْجَمَاعَة.
وَفِيه: جَوَاز قطع الْقِرَاءَة، وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ، وَلَا كَرَاهَة إِن كَانَ الْقطع لعذر، وَإِن لم يكن لعذر فَلَا كَرَاهَة أَيْضا عِنْد الْجُمْهُور، وَعَن مَالك فِي الْمَشْهُور كَرَاهَته.
وَفِيه: جَوَاز الْقِرَاءَة بِبَعْض السُّور، وَفِي (شرح الْهِدَايَة) : إِن قَرَأَ بعض سُورَة فِي رَكْعَة وَبَعضهَا فِي الثَّانِيَة الصَّحِيح أَنه لَا يكره، وَقيل: يكره، وَيُجَاب عَن حَدِيث سعلته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه إِنَّمَا كَانَ قِرَاءَته لبعضها لأجل السعلة، والطَّحَاوِي منع هَذَا الْجَواب فِي (مَعَاني الْآثَار) ، فَقَالَ عقيب رِوَايَة حَدِيث السعلة: فَإِن قَالَ قَائِل: إِنَّمَا فعل ذَلِك للسعلة الَّتِي عرضت، قيل لَهُ: فَإِنَّهُ قد رُوِيَ عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر بآيتين من الْقُرْآن، وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي: بابُُ الْقِرَاءَة فِي رَكْعَتي الْفجْر.
انْتهى.
قلت: الَّذِي ذكره فِي هَذَا الْبابُُ هُوَ مَا رَوَاهُ عَن ابْن عَبَّاس، أَنه قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر فِي الأولى مِنْهُمَا: { قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} (الْبَقَرَة: 136) .
الْآيَة، وَفِي الثَّانِيَة: { آمنا بِاللَّه وَأشْهد بِأَنا مُسلمُونَ} (آل عمرَان: 52) .

وقَرَأ عُمَرُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولى بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ آيَةً مِنَ البَقَرَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ المَثَانِي مطابقته لجزء من أَجزَاء التَّرْجَمَة غير ظَاهِرَة، وَلكنه يدل على تَطْوِيل الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَة الأولى على الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة لِأَن التَّيْمِيّ فسر المثاني بِمَا لم يبلغ مائَة آيَة، وَقيل: المثاني عشرُون سُورَة، والمئون إِحْدَى عشرَة سُورَة،.

     وَقَالَ  أهل اللُّغَة: سميت مثاني لِأَنَّهَا ثنت المئين، أَي: أَتَت بعْدهَا.
وَفِي (الْمُحكم) : المثاني من الْقُرْآن مَا ثنى مرّة بعد مرّة، وَقيل: فَاتِحَة الْكتاب، وَقيل: سور أَولهَا الْبَقَرَة وَآخِرهَا بَرَاءَة.
وَقيل: الْقُرْآن الْعَظِيم كُله مثاني، لِأَن الْقَصَص والأمثال ثنيت فِيهِ، وَقيل: سميت المثاني لكَونهَا قصرت عَن المئين وتزيد على الْمفصل، كَأَن المئين جعلت مبادىء، وَالَّتِي تَلِيهَا مثاني، ثمَّ الْمفصل: وَعَن ابْن مَسْعُود وَطَلْحَة ابْن مصرف: المئون إِحْدَى عشرَة سُورَة، والمثاني عشرُون سُورَة،.

     وَقَالَ  صَاحب (التَّلْوِيح) وَمن تبعه من الشُّرَّاح: وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) عَن عبد الْأَعْلَى عَن الْجريرِي عَن أبي الْعَلَاء عَن أبي رَافع، قَالَ: كَانَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يقْرَأ فِي الصُّبْح بِمِائَة من الْبَقَرَة، ويتبعها بِسُورَة من المثاني، أَو: من صُدُور الْمفصل، وَيقْرَأ بِمِائَة من آل عمرَان ويتبعها بِسُورَة من المثاني، أَو من صُدُور الْمفصل.
قلت: فِي لفظ مَا ذكره البُخَارِيّ فصل بقوله: فِي الرَّكْعَة الأولى، وَفِي الثَّانِيَة وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: لم يفصل، وَيحْتَمل أَن تكون قِرَاءَته بِمِائَة من الْبَقَرَة وإتباعها بِسُورَة من الْمفصل فِي الرَّكْعَة الأولى وَحدهَا، وَفِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة كَذَلِك، وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، فعلى الِاحْتِمَال الأول تظهر الْمُطَابقَة بَينه وَبَين الْجُزْء الأول للتَّرْجَمَة.
فَإِن قلت: الْجُزْء الأول للتَّرْجَمَة الْجمع بَين السورتين، وَهَذَا على مَا ذكرت جمع بَين سُورَة وَبَعض من سُورَة.
قلت: الْمَقْصُود من الْجمع بَين السورتين أَعم من أَن يكون بَين سورتين كاملتين، أَو بَين سُورَة كَامِلَة وَبَين شَيْء من سُورَة أُخْرَى.

وقَرَأَ الأَحْنَفُ بِالكَهْفِ فِي الأولى وفِي الثَّانِيَةِ بِيوسُفَ أوْ يُونُسَ وذَكَرَ أنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الصُّبْحَ بِهِمَا
مطابقته للجزء الثَّالِث للتَّرْجَمَة، وَهِي: أَن يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى سُورَة ثمَّ يقْرَأ فِي الثَّانِيَة سُورَة فَوق تِلْكَ السُّورَة.
والأحنف، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح النُّون وَفِي آخِره فَاء: ابْن قيس بن معدي كرب الْكِنْدِيّ الصَّحَابِيّ، وَقد مر ذكره فِي: بابُُ الْمعاصِي، فِي كتاب الْإِيمَان.
قَوْله: (وَذكر) أَي: ذكر الْأَحْنَف (أَنه صلى مَعَ عمر) أَي: وَرَاء عمر، (الصُّبْح) أَي: صَلَاة الصُّبْح (بهما) ، أَي: بالكهف فِي الأولى وبإحدى السورتين فِي الثَّانِيَة أَي: بِيُوسُف أَو يُونُس.

وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) : حَدثنَا مخلد بن جَعْفَر حَدثنَا جَعْفَر الْفرْيَابِيّ حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن بديل عَن عبد الله ابْن شَقِيق، قَالَ: (صلى بِنَا الْأَحْنَف بن قيس الْغَدَاء فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى بالكهف، وَفِي الثَّانِيَة بِيُونُس، وَزعم أَنه صلى خلف عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَرَأَ فِي الأولى بالكهف وَالثَّانيَِة بِيُونُس) .
.

     وَقَالَ  ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا مُعْتَمر عَن الزُّهْرِيّ بن الْحَارِث عَن عبد الله بن قيس عَن الْأَحْنَف، قَالَ: (صليت خلف عمر الْغَدَاة فَقَرَأَ بِيُونُس وَهود وَنَحْوهمَا) .
وعد أَصْحَابنَا هَذَا الصَّنِيع مَكْرُوها، فَذكر فِي (الْخُلَاصَة) : وَإِن قَرَأَ فِي الرَّكْعَة سُورَة وَفِي رَكْعَة أُخْرَى سُورَة فَوق تِلْكَ السُّورَة أَو فعل ذَلِك فِي رَكْعَة فَهُوَ مَكْرُوه.
قلت: فكأنهم نظرُوا فِي هَذَا إِلَى أَن رِعَايَة التَّرْتِيب العثماني مُسْتَحبَّة، وَبَعْضهمْ قَالَ: هَذَا فِي الْفَرَائِض دون النَّوَافِل،.

     وَقَالَ  مَالك: لَا بَأْس أَن يقْرَأ سُورَة قبل سُورَة.
قَالَ: وَلم يزل الْأَمر على ذَلِك من عمل النَّاس.
وَذكر فِي (شرح الْهِدَايَة) أَيْضا: أَنه مَكْرُوه.
قَالَ: وَعَلِيهِ جُمْهُور الْعلمَاء، مِنْهُم أَحْمد.
.

     وَقَالَ  عِيَاض: هَل تَرْتِيب السُّور من تَرْتِيب النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو من اجْتِهَاد الْمُسلمين؟ قَالَ ابْن الباقلاني: الثَّانِي أصح الْقَوْلَيْنِ مَعَ احتمالهما، وتأولوا النَّهْي عَن قِرَاءَة الْقُرْآن منكوسا على من يقْرَأ من آخر السُّورَة إِلَى أَولهَا، وَأما تَرْتِيب الْآيَات فَلَا خلاف أَنه تَوْقِيف من الله تَعَالَى على مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآن فِي الْمُصحف.

وقَرَأَ ابنُ مَسْعُودٍ بِأرْبَعِينَ آيَةً مِنَ الأنْفَالِ وفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ المُفَصَّلِ مطابقته للجزء الرَّابِع من التَّرْجَمَة.
وَهُوَ قَوْله: (بِأول سُورَة) ، فَإِن قلت: هَذَا لَا يدل على أَنه قَرَأَ أَرْبَعِينَ آيَة من أول الْأَنْفَال فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن يكون من أَوله، وَيحْتَمل أَن يكون من أوسطه.
قلت: هَذَا الْأَثر رَوَاهُ سعد بن مَنْصُور بِلَفْظ: (فَافْتتحَ الْأَنْفَال) ، والافتتاح لَا يكون إلاّ من الأول، أَي: قَرَأَ عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِأَرْبَعِينَ آيَة من سُورَة الْأَنْفَال فِي الرَّكْعَة الأولى، وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة بِسُورَة من الْمفصل، وَهُوَ من سُورَة الْقِتَال أَو الْفَتْح أَو الحجرات أَو قَاف إِلَى آخر الْقُرْآن.

وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق بِلَفْظِهِ من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن يزِيد النَّخعِيّ عَنهُ، وَأخرجه هُوَ وَسَعِيد بن مَنْصُور من وَجه آخر عَن عبد الرَّحْمَن بِلَفْظ (فَافْتتحَ الْأَنْفَال حَتَّى بلغ) { وَنعم النصير} (الْأَنْفَال: 40) .
انْتهى.
وَهَذَا الْموضع هُوَ رَأس أَرْبَعِينَ آيَة.

وَقَالَ قَتَادةُ فِيمَنْ يَقْرأُ سُورَةً واحِدةً فِي رَكْعَتَيْنِ أوْ يُرَدِّدُ سُورةً واحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ كُلٌّ كتاب الله
قَوْله: (وَقَالَ قَتَادَة) .
هَذَا لَا يُطَابق شَيْئا من أَجزَاء التَّرْجَمَة، فَكَأَن البُخَارِيّ أورد هَذَا تَنْبِيها على جَوَاز كل مَا ذكر من الْأَجْزَاء الْأَرْبَعَة فِي التَّرْجَمَة، وَغَيرهَا أَيْضا لِأَنَّهُ قَالَ: كل، أَي: كل ذَلِك كتاب الله، عز وَجل، فعلى أَي وَجه يقْرَأ هُوَ كتاب الله تَعَالَى فَلَا كَرَاهَة فِيهِ، وَذكر فِيهِ صُورَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا: أَن يقْرَأ سُورَة وَاحِدَة فِي رَكْعَتَيْنِ، بِأَن يفرق السُّورَة فيهمَا.
وَالثَّانيَِة: أَن يُكَرر سُورَة وَاحِدَة فِي رَكْعَتَيْنِ بِأَن يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة السُّورَة الَّتِي قَرَأَهَا فِي الرَّكْعَة الأولى.
أما الصُّورَة الأولى فَلَمَّا روى النَّسَائِيّ، من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْمغرب بِسُورَة الْأَعْرَاف فرقها فِي رَكْعَتَيْنِ) ، وروى ابْن أبي شيبَة أَيْضا من حَدِيث أبي أَيُّوب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْمغرب بالأعراف فِي رَكْعَتَيْنِ) ، وَعَن أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَرَأَ بالبقرة فِي الْفجْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ.
وَقَرَأَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بآل عمرَان فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الْعشَاء قطعهَا فيهمَا، وَنَحْوه عَن سعيد بن جُبَير وَابْن عمر وَالشعْبِيّ وَعَطَاء.
وَأما الصُّورَة الثَّانِيَة فَلَمَّا روى أَبُو دَاوُد: أخبرنَا أَحْمد بن صَالح أخبرنَا ابْن وهب قَالَ: أَخْبرنِي عَمْرو بن أبي هِلَال عَن معَاذ ابْن عبد الله الْجُهَنِيّ: (أَن رجلا من جُهَيْنَة أخبرهُ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الصُّبْح: إِذا زلزلت، فِي الرَّكْعَتَيْنِ كلتيهما، فَلَا أَدْرِي أنسي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم قَرَأَ ذَلِك عمدا؟) وَبِهَذَا اسْتدلَّ بعض أَصْحَابنَا أَنه إِذا كرر سُورَة فِي رَكْعَتَيْنِ لَا يكره، وَقيل: يكره، وَقد ذكر فِي (الْمَبْسُوط) : أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يفعل، وَإِن فعل فَلَا بَأْس بِهِ، وَالْأَفْضَل أَن يقْرَأ فِي كل رَكْعَة فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة كَامِلَة فِي الْمَكْتُوبَة.



[ قــ :753 ... غــ :774 ]
- وقالَ عُبَيْدُ الله عنْ ثَابِتٍ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كانَ رَجُلٌ مِنَ الأنصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ وكانَ كُلَّما افْتتَحَ سُورةً يَقْرأُ بِها لَهُمْ فِي الصلاَةِ مِمَّا يَقرأُ بهِ افْتَتحَ بِقُلْ هُوَ الله أحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْها ثُمَّ يَقرأُ سُورةً أُخْرَى مَعَها وكانَ يَصْنعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعةٍ فَكَلَّمَهُ أصْحابُهُ فقالُوا إنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ ثُمَّ لاَ تَرى أنَّهَا تجْزِئُكَ حَتى تَقْرأَ بِأُخْرَى فإمَّا أنْ تَقْرأ بِهَا وإمَّا أنْ تَدَعَهَا وتَقْرَأَ بِأُخْرَى فقالَ مَا أَنا بِتَارِكِهَا إنْ أحْبَبْتُمْ أنْ أؤمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ وإنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ وكَانُوا يرَوْنَ أنَّهُ مِنْ أفْضَلِهِمْ وكَرِهُوا أنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ فَلمَّا أتاهُمُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبَرُوهُ الخَبرَ فَقَالَ يَا فُلانُ مَا يَمْنَعَكَ أنْ تَفْعَلَ مَا يَأمُرُكَ بِهِ أصْحَابُكَ ومَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فقالَ أنِّي أحِبُّهَا فقالَ حُبُّكَ إيَّاهَا أدْخَلَكَ الجَنَّةَ.


مطابقته للجزء الأول من التَّرْجَمَة، وَهُوَ الْجمع بَين السورتين فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِن الإِمَام فِي هَذَا الحَدِيث كَانَ إِذا افْتتح الصَّلَاة: بقل هُوَ الله أحد، يقْرَأ سُورَة أُخْرَى بعد فَرَاغه، من: قل هُوَ الله أحد، وَكَانَ يفعل ذَلِك ذَلِك فِي كل رَكْعَة، وَهَذَا هُوَ الْجمع بَين السورتين فِي رَكْعَة.

ذكر رِجَاله: وهم ثَلَاثَة: الأول: عبيد الله بن عمر بن حَفْص عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَقد تكَرر ذكره.
الثَّانِي: ثَابت الْبنانِيّ.
الثَّالِث: أنس بن مَالك.
وَهَذَا تَعْلِيق بِصِيغَة التَّصْحِيح وَصله التِّرْمِذِيّ فِي (جَامعه) عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، قَالَ: حَدثنِي عبد العزير بن مُحَمَّد عَن عبيد الله بن عَمْرو عَن ثَابت عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَذكره بِنَحْوِهِ،.

     وَقَالَ : صَحِيح غَرِيب من حَدِيث عبيد الله عَن ثَابت.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (كَانَ رجل من الْأَنْصَار) هُوَ كُلْثُوم بن هدم، كَذَا ذكره أَبُو مُوسَى فِي (كتاب الصَّحَابَة) ، وَالْهدم، بِكَسْر الْهَاء وَسُكُون الدَّال: وَهُوَ من بني عَمْرو بن عَوْف سكان قبَاء، وَعَلِيهِ نزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قدم فِي الْهِجْرَة إِلَى قبَاء، وَقيل: هُوَ قَتَادَة بن النُّعْمَان، وَلَيْسَ بِصَحِيح، فَإِن فِي قصَّة قَتَادَة أَنه كَانَ يقْرؤهَا فِي اللَّيْل يُرَدِّدهَا، لَيْسَ فِيهِ أَنه أم بهَا، لَا فِي سفر وَلَا فِي حضر، وَلَا أَنه سُئِلَ عَن ذَلِك وَلَا بشر.
قَوْله: (سُورَة يقْرؤهَا) سُورَة، بِالنّصب لِأَنَّهُ مفعول: يفْتَتح، وَيقْرَأ، فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ صفة لسورة.
قَوْله: (مِمَّا يقْرَأ بِهِ) أَي: كلماافتتح بِسُورَة افْتتح بِسُورَة: قل هُوَ الله أحد، لَا يُقَال: إِذا افْتتح بالسورة، كَيفَ يكون الِافْتِتَاح: بقل هُوَ الله أحد؟ لِأَن المُرَاد إِذا أَرَادَ الِافْتِتَاح بِسُورَة افْتتح أَولا بِسُورَة: قل هُوَ الله أحد.
قَوْله: (مَعهَا) أَي: مَعَ قل هُوَ الله أحد.
قَوْله: (فَكَانَ يصنع ذَلِك) ، أَي: الَّذِي ذكره مَعَ أَنه، إِذا افْتتح بِسُورَة افْتتح أَولا بقل هُوَ الله أحد.
قَوْله: (إِنَّهَا لَا تجزيك) أَي: إِن السُّورَة الَّتِي تفتتح بهَا لَا تجزيك، بِفَتْح التَّاء ويروى بِضَم التَّاء، فَالْأول من: جزى يَجْزِي أَي: كفى، وَالثَّانِي من: الْإِجْزَاء.
قَوْله: (أَن تدعها) أَي: تتركها وتقرأ سُورَة أُخْرَى غير قل هُوَ الله أحد.
قَوْله: (أَخْبرُوهُ الْخَبَر) ، وَهُوَ الْمَعْهُود من ملازمته لقِرَاءَة سُورَة قل هُوَ الله أحد.
قَوْله: (مَا يَأْمُرك بِهِ أَصْحَابك) مَعْنَاهُ: مَا يَقُول لَك أَصْحَابك، لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا أَمر مصطلح، لِأَن الْأَمر هُوَ قَول الْقَائِل لغيره: إفعل، على سَبِيل الاستعلاء.
وَقَول الْكرْمَانِي: إِن الاستعلاء فِي الْأَمر لَا يشْتَرط غير موجه، وَأما صُورَة الْأَمر الَّذِي لَا استعلاء فِيهِ لَا يُسمى أمرا، وَإِنَّمَا يُسمى التماسا، وَكلمَة: (مَا) فِي: (مَا يَأْمُرك بِهِ) مَوْصُولَة.
وَفِي قَوْله: (مَا يحملك؟) استفهامية، وَمَعْنَاهُ: مَا الْبَاعِث لَك فِي الْتِزَام مَا لَا يلْزم من قِرَاءَة سُورَة: قل هُوَ الله أحد، فِي كل رَكْعَة؟ قَوْله: (قَالَ إِنِّي أحبها) أَي: أحب سُورَة: قل هُوَ الله أحد، وَهُوَ جَوَاب لسؤال رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَإِن قلت: السُّؤَال شيآن، وَالْجَوَاب عَن أَيهمَا؟ فَإِن قلت: عَن الثَّانِي، وَلَا يكون عَن الأول أَيْضا لأَنهم خيروه بَين قِرَاءَته لَهَا فَقَط وَقِرَاءَة غَيرهَا.
فَلَا يَصح أَن يَقُول: محبتي لَهَا هُوَ الْمَانِع من اخْتِيَاري قرَاءَتهَا فَقَط، وَإِنَّمَا مَا أجَاب عَن الأول فَقَط لِأَنَّهُ يعلم مِنْهُ، فَكَانهُ قَالَ: أقرؤها لمحبتي لَهَا، وااقرأ سُورَة أُخْرَى إِقَامَة للسّنة كَمَا هُوَ الْمَعْهُود فِي الصَّلَاة، فالمانع مركب من الْمحبَّة وعهد الصَّلَوَات.
قَوْله: (حبك إِيَّاهَا) أَي: حبك لسورة قل هُوَ الله أحد، وَالْحب مصدر مُضَاف إِلَى فَاعله، وارتفاعه بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره.
قَوْله: (أدْخلك الْجنَّة) وَمَعْنَاهُ: يدْخلك الْجنَّة، لِأَن الدُّخُول فِي الْمُسْتَقْبل، وَلكنه لما كَانَ مُحَقّق الْوُقُوع فَكَأَنَّهُ قد وَقع فَأخْبر بِلَفْظ الْمَاضِي.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: جَوَاز الْجمع بَين السورتين فِي رَكْعَة وَاحِدَة، وَعَلِيهِ جُزْء من التَّبْوِيب، وَإِلَيْهِ ذهب سعيد بن جُبَير وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وعلقمة وسُويد بن غَفلَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي رِوَايَة، ويروى ذَلِك عَن عُثْمَان وَحُذَيْفَة وَابْن عمر وَتَمِيم الدَّارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
.

     وَقَالَ  قوم، مِنْهُم الشّعبِيّ وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث وَأَبُو الْعَالِيَة رفيع بن مهْرَان: لَا يَنْبَغِي للرجل أَن يزِيد فِي كل رَكْعَة من صلَاته على سُورَة مَعَ فَاتِحَة الْكتاب، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) : عَن هشيم عَن يعلى بن عَطاء عَن ابْن لَبِيبَة قَالَ: قلت لِابْنِ عمر أَو قَالَ غَيْرِي: إِنِّي قَرَأت الْمفصل فِي رَكْعَة.
قَالَ: أفعلتموها؟ إِن الله تَعَالَى لَو شَاءَ لأنزله جملَة وَاحِدَة، فأعطوا كل سُورَة حظها من الرُّكُوع وَالسُّجُود) .
وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث يعلى بن عَطاء، قاال: سَمِعت ابْن لَبِيبَة، قَالَ: (قَالَ رجل لِابْنِ عمر: إِنِّي قَرَأت الْمفصل فِي رَكْعَة، أَو قَالَ: فِي لَيْلَة.
فَقَالَ ابْن عمر: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى لَو شَاءَ لأنزله جملَة وَاحِدَة، وَلَكِن فَصله ليعطي كل سُورَة حظها من الركع وَالسُّجُود) .
وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث يعلى بن عَطاء.
وَابْن لَبِيبَة: هُوَ عبد الرَّحْمَن بن نَافِع بن لَبِيبَة الْحِجَازِي، وَثَّقَهُ ابْن حبَان، وَأجِيب عَن هَذَا بِأَن حَدِيث ابْن مَسْعُود الْآتِي ذكره عَن قريب وَحَدِيث عَائِشَة وَحُذَيْفَة فِي هَذَا الْبابُُ يُخَالف هَذَا، فَإِذا ثبتَتْ الْمُخَالفَة يُصَار إِلَى أَحَادِيث هَؤُلَاءِ لقوتها واستقامة طرقها.
أما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من حَدِيث عبد الله بن شُعْبَة، قَالَ: (قلت لعَائِشَة: أَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقرن السُّورَة؟ قَالَت: الْمفصل، أَي: نعم يقرن الْمفصل) .
وَأخرجه أيضاابن أبي شيبَة فِي مُصَنفه.
وَأما حَدِيث حُذَيْفَة فَأخْرجهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث صلَة بن زفر عَن حُذَيْفَة: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء فِي رَكْعَة) ، الحَدِيث.
وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا.
وَفِيه: دَلِيل صَرِيح على عدم اشْتِرَاط قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَأجِيب بِأَن الرَّاوِي لم يذكر الْفَاتِحَة اعتناء بِالْعلمِ، لِأَنَّهُ لَا بُد مِنْهَا فَيكون مَعْنَاهُ: افْتتح بِسُورَة بعد الْفَاتِحَة.
انْتهى.
قلت: هَذَا خلاف معنى التَّرْكِيب ظَاهرا.
وَأَيْضًا: إِن أهل مَسْجِد قبَاء أَنْكَرُوا على هَذَا الْأنْصَارِيّ فِي جمعه بَين السورتين فِي رَكْعَة وَاحِدَة، الَّذِي هُوَ لم يكن يضر صلَاتهم، فَلَو كَانَت قِرَاءَة الْفَاتِحَة شرطا لكانوا أَنْكَرُوا أَكثر من ذَلِك، بل كَانُوا أعادوا صلَاتهم.
وَفِيه: جَوَاز تَخْصِيص بعض الْقُرْآن للصَّلَاة لميل النَّفس إِلَيْهِ وَلَا يعد ذَلِك هجرانا لغيره.
وَفِيه: إِشْعَار بِأَن سُورَة الْإِخْلَاص مَكِّيَّة.
وَفِيه: مَا يشْعر أَن الَّذِي يَنْبَغِي أَن يكون الإِمَام من أفضل الْقَوْم.
وَفِيه: أَن الصَّلَاة تكره وَرَاء من يكرههُ الْقَوْم.
وَفِيه: مَا يدل على أَن تبشيره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك الرجل بِالْجنَّةِ على أَنه رَضِي بِفِعْلِهِ.