هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
7151 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ ، أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ القَارِيَّ ، حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ ، فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ ، فَلَبَبْتُهُ بِرِدَائِهِ ، فَقُلْتُ : مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ ؟ قَالَ : أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : كَذَبْتَ ، أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا ، فَقَالَ : أَرْسِلْهُ ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ ، فَقَرَأَ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْرَأْ يَا عُمَرُ ، فَقَرَأْتُ الَّتِي أَقْرَأَنِي ، فَقَالَ : كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
7151 حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، حدثني عروة ، أن المسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن عبد القاري ، حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب ، يقول : سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستمعت لقراءته ، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكدت أساوره في الصلاة ، فتصبرت حتى سلم ، فلببته بردائه ، فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ ؟ قال : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : كذبت ، أقرأنيها على غير ما قرأت ، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها ، فقال : أرسله ، اقرأ يا هشام ، فقرأ القراءة التي سمعته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذلك أنزلت ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ يا عمر ، فقرأت التي أقرأني ، فقال : كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فاقرءوا ما تيسر منه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Umar bin Al-Khattab:

I heard Hisham bin Hakim reciting Surat-al-Furqan during the lifetime of Allah's Messenger (ﷺ), I listened to his recitation and noticed that he was reciting in a way that Allah's Messenger (ﷺ) had not taught me. I was about to jump over him while He was still in prayer, but I waited patiently and when he finished his prayer, I put my sheet round his neck (and pulled him) and said, Who has taught you this Sura which I have heard you reciting? Hisham said, Allah's Messenger (ﷺ) taught it to me. I said, You are telling a lie, for he taught it to me in a way different from the way you have recited it! Then I started leading (dragged) him to Allah's Messenger (ﷺ) and said (to the Prophet), I have heard this man reciting Surat-al- Furqan in a way that you have not taught me. The Prophet (ﷺ) said: (O `Umar) release him! Recite, O Hisham. Hisham recited in the way I heard him reciting. Allah's Messenger (ﷺ) said, It was revealed like this. Then Allah's Messenger (ﷺ) said, Recite, O `Umar! I recited in the way he had taught me, whereupon he said, It was revealed like this, and added, The Qur'an has been revealed to be recited in seven different ways, so recite of it whichever is easy for you . (See Hadith No. 514, Vol. 6)

":"ہم سے یحییٰ بن بکیر نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا ہم سے لیث بن سعد نے بیان کیا ‘ ان سے عقیل نے بیان کیا ‘ ان سے ابن شہاب نے ‘ کہا مجھ سے عروہ بن زبیر نے بیان کیا ‘ ان سے مسور بن مخرمہ اور عبدالرحمٰن بن عبد القاری نے ‘ ان دونوں نے عمر بن خطاب رضی اللہ عنہ سے سنا ‘ انہوں نے بیان کیا کہمیں نے ہشام بن حکیم رضی اللہ عنہ کو رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی زندگی میں سورۃ الفرقان پڑھتے سنا ۔ میں نے دیکھا کہ وہ قرآن مجید بہت سے ایسے طریقوں سے پڑھ رہے تھے جو آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے ہمیں نہیں پڑھائے تھے ۔ قریب تھا کہ نماز ہی میں ان پر میں ہلہ کر دوں لیکن میں نے صبر سے کام لیا اور جب انہوں نے سلام پھیرا تو میں نے ان کی گردن میں اپنی چادر کا پھندا لگا دیا اور ان سے کہا تمہیں یہ سورت اس طرح کس نے پڑھائی جسے میں نے ابھی تم سے سنا ۔ انہوں نے کہا کہ مجھے اس طرح رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے پڑھائی ہے ۔ میں نے کہا تم جھوٹے ہو ‘ مجھے خود آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے اس سے مختلف قرآت سکھائی ہے جو تم پڑ ھ رہے تھے ۔ چنانچہ میں انہیں کھینچتا ہوا آنحضرت کے پاس لے گیا اور عرض کیا کہ میں نے اس شخص کو سورۃ الفرقان اس طرح پڑھتے سنا جو آپ نے مجھے نہیں سکھائی ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ انہیں چھوڑ دو ۔ ہشام ! تم پڑھ کر سناؤ ۔ انہوں نے وہی قرآت پڑھی جو میں ان سے سن چکا تھا ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اسی طرح یہ سورت نازل ہوئی ہے ۔ اے عمر ! اب تم پڑھو ! میں نے اس قرآت کے مطابق پڑھا جو آپ نے مجھے سکھائی تھی ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اس طرح بھی نازل ہوئی ہے ۔ یہ قرآن عرب کی سات بولیوں پر اتارا گیا ہے ۔ پس تمہیں جس قرآت میں سہولت ہو پڑھو ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [7550] فِي آخِرِهِ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فاقرؤوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ الضَّمِيرُ لِلْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَيَسِّرِ مِنْهُ فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ الْمُرَادِ بِهِ فِي الْآيَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَيَسِّرِ فِي الْآيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَسْتَحْضِرُهُ الْقَارِئُ مِنَ الْقُرْآنِ فَالْأَوَّلُ مِنَ الْكَمِّيَّةِ وَالثَّانِي مِنَ الْكَيْفِيَّةِ وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَحَدِيثِهَا لِلْأَبْوَابِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ جِهَةِ التَّفَاوُتِ فِي الْكَيْفِيَّةِ وَمِنْ جِهَةِ جَوَازِ نِسْبَةِ الْقِرَاءَة للقارئ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قيل المُرَاد بِالذكر الْأَذْكَارُ وَالِاتِّعَاظُ وَقِيلَ الْحِفْظُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ فَذَكَرَهُ مَوْصُولًا فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ بِلِسَانِكَ هَوَّنَّاهُ عَلَيْكَ فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ عَلَيْكَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْوَاوِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مِنَ التَّهْوِينِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ وَرْقَاءَ عَن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر قَالَ هوناه قَالَ بن بَطَّالٍ تَيْسِيرُ الْقُرْآنِ تَسْهِيلُهُ عَلَى لِسَانِ الْقَارِئِ حَتَّى يُسَارِعَ إِلَى قِرَاءَتِهِ فَرُبَّمَا سَبَقَ لِسَانَهُ فِي الْقِرَاءَةِ فَيُجَاوِزُ الْحَرْفَ إِلَى مَا بَعْدَهُ وَيَحْذِفُ الْكَلِمَةَ حِرْصًا عَلَى مَا بَعْدَهَا انْتَهَى وَفِي دُخُولِ هَذَا فِي الْمُرَادِ نَظَرٌ كَبِيرٌ قَوْله.

     وَقَالَ  مطر الْوَرق وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ قَالَ هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ وَقَعَ هَذَا التَّعْلِيقُ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ وَثَبَتَ أَيْضًا لِلْجُرْجَانِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَوَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ طَرِيقِ ضَمْرَةَ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.

.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قَالَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ فِيهِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلِمَ يَعْمَلِ الْعَامِلُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ وَيزِيد شَيْخُ عَبْدِ الْوَارِثِ فِيهِ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِالرِّشْكِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ فَذَكَرَهُ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا كتب مَقْعَده من النَّار أومن الْجَنَّةِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ أَيْضًا وَفِيهِ وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ الَّذِي قَبْلَهُ كُلٌّ مُيَسَّرٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ كَلَامِ اللَّهِ مَعَ أَهْلِالْجَنَّةِ فِيهِ نِدَاءُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَهْلِ الْجَنَّةِ بِقَرِينَةِ جَوَابِهِمْ بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْمُرَاجَعَةُ بِقَوْلِهِ هَلْ رَضِيتُمْ.

وَقَولُهُمْ وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَولُهُ أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ.

وَقَولُهُمْ يَا رَبَّنَا وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ وَقَولُهُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الَّذِي كَلَّمَهُمْ وَكَلَامُهُ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ مُيَسَّرٌ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَالنَّظَرُ فِي كَيْفِيَّتِهِ مَمْنُوعٌ وَلَا نَقُولُ بِالْحُلُولِ فِي الْمُحْدَثِ وَهِيَ الْحُرُوفُ وَلَا أَنَّهُ دَلَّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ بَلِ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ حَقٌّ مُيَسَّرٌ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ صِدْقٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ حَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّهُمْ قَالُوا إِذَا كَانَ الْأَمْرُ مُقَدَّرًا فَلْنَتْرُكِ الْمَشَقَّةَ فِي الْعَمَلِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهَا سُمِّيَ بِالتَّكْلِيفِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ كُلَّ مَنْ خُلِقَ لِشَيْءٍ يُسِّرَ لِعَمَلِهِ فَلَا مَشَقَّةَ مَعَ التَّيْسِيرِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ أَرَادُوا أَنْ يَتَّخِذُوا مَا سَبَقَ حُجَّةً فِي تَرْكِ الْعَمَلِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ هُنَا أَمْرَيْنِ لَا يُبْطِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَاطِنٌ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ حُكْمُ الرُّبُوبِيَّةِ وَظَاهِرٌ وَهُوَ السِّمَةُ اللَّازِمَةُ بِحَقِّ الْعُبُودِيَّةِ وَهُوَ أَمَارَةٌ لِلْعَاقِبَةِ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْعَاجِلِ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْآجِلِ وَأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُتْرَكُ لِلْبَاطِنِ.

.

قُلْتُ وَكَأَنَّ مُنَاسَبَةُ هَذَا الْبَابِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي لَفْظِ التَّيْسِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيد فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّذِي بَعْدَهَا قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّ الْقُرْآنَ يُحْفَظُ وَيُسْطَرُ وَالْقُرْآنُ الْمُوعَى فِي الْقُلُوبِ الْمَسْطُورُ فِي الْمَصَاحِفِ الْمَتْلُوُّ بِالْأَلْسِنَةِ كَلَامِ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.

.
وَأَمَّا الْمِدَادُ وَالْوَرَقُ وَالْجِلْدُ فَإِنَّهُ مَخْلُوقٌ .

     قَوْلُهُ  وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مسطور قَالَ قَتَادَةُ مَكْتُوبٌ وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله وَالطور وَكتاب مسطور قَالَ الْمَسْطُورُ الْمَكْتُوبُ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ هُوَ الْكتاب وَصله عبيد بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ بن أبينَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ قَالَ صحف مَكْتُوبَة فِي رق منشور قَالَ فِي صُحُفٍ .

     قَوْلُهُ  يَسْطُرُونَ يَخُطُّونَ أَيْ يَكْتُبُونَ أَوْرَدَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ قَتَادَةَ فِي قَوْله والقلم وَمَا يسطرون قَالَ وَمَا يَكْتُبُونَ .

     قَوْلُهُ  فِي أُمِّ الْكِتَابِ جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَأَصْلُهُ وَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ يمحوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ قَالَ جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَأَصْلُهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ قَتَادَةَ وَعند بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ يَقُولُ جُمْلَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ وَمَا يُكْتَبُ وَمَا يُبَدَّلُ .

     قَوْلُهُ  مَا بِلَفْظ من قَول مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ قَالَ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مَجْمَعٍ قَالَ الْمَلَكُ مِدَادُهُ رِيقه وقلمه لِسَانه قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاس يكْتب الْخَيْر وَالشَّر وَصله الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا يَلْفِظُ مِنْ قَول قَالَ إِنَّمَا يَكْتُبُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد قَالَ يَكْتُبُ كُلَّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ حَتَّى أَنَّهُ لَيُكْتَبُ قَوْلَهُ أَكَلْتُ شَرِبْتُ ذَهَبْتُ جِئْتُ رَأَيْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ عُرِضَ .

     قَوْلُهُ  وَعَمَلُهُ فَأُقِرَّ مَا كَانَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَأُلْقِيَ سائره فَذَلِك قَوْله يمحوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ يَاءٍ مَهْمُوزَةٍ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ وَالْكَلْبِيُّ مَتْرُوكٌ وَأَبُو صَالِحٍ لَمْ يُدْرِكْ جَابِرًا هَذَا وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ مَا يلفظ من قَول مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَكَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.

.

قُلْتُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْمَذْكُورَةِ .

     قَوْلُهُ  يُحَرِّفُونَ يُزِيلُونَ لم أر هَذَا مَوْصُولا من كَلَام بن عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ مَعَ أَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِهِ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  دِرَاسَتُهُمْ تِلَاوَتُهُمْ وَمَا بَعْدَهُ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ ذَلِك بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ قَوْلِهِ كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأْن عَن بن عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ هُنَا وَهُوَ تَفْسِير يحرفُونَ بقوله يزيلون نعم أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ فِي قَوْلِهِ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ قَالَ يُقَلِّبُونَ وَيُغَيِّرُونَ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ التَّحْرِيفُ الْإِمَالَةُ وَتَحْرِيفُ الْكَلَامِ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى حَرْفٍ مِنَ الِاحْتِمَالِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَأَكْثَرَ .

     قَوْلُهُ  وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابِ اللَّهِ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَنْ غَيْرِ تَأْوِيلِهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غير تَأْوِيله قَالَ شَيخنَا بن الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحُهُ هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ مُخْتَارُهُ أَيِ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بَدَّلُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَفَرَّعُوا عَلَى ذَلِكَ جَوَازَ امْتِهَانِ أَوْرَاقِهِمَا وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا انْتَهَى وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ إِلَى آخِرِهِ من كَلَام البُخَارِيّ ذيل بِهِ تَفْسِير بن عَبَّاسٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةَ كَلَامِ بن عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا بُدِّلَتْ كُلُّهَا وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ بِجَوَازِ الِامْتِهَانِ وَهُوَ إِفْرَاطٌ وَيَنْبَغِي حَمْلُ إِطْلَاقِ مَنْ أَطْلَقَهُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَإِلَّا فَهِيَ مُكَابَرَةٌ وَالْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ كَثِيرَةٌ فِي أَنَّهُ بَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ لَمْ تُبَدَّلْ مِنْ ذَلِكَ قَوْلهتَعَالَى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل الْآيَةَ وَمِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ وَفِيهِ وُجُودُ آيَةِ الرَّجْمِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ثَانِيهَا أَنَّ التَّبْدِيلَ وَقَعَ وَلَكِنْ فِي مُعْظَمِهَا وَأَدِلَّتُهُ كَثِيرَةٌ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ ثَالِثُهَا وَقَعَ فِي الْيَسِيرِ مِنْهَا وَمُعْظَمُهَا بَاقٍ عَلَى حَالِهِ وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِهِ الرَّدُّ الصَّحِيحُ عَلَى مَنْ بَدَّلَ دِينَ الْمَسِيحِ رَابِعُهَا إِنَّمَا وَقَعَ التَّبْدِيلُ وَالتَّغْيِيرُ فِي الْمَعَانِي لَا فِي الْأَلْفَاظِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا وَقد سُئِلَ بن تَيْمِيَّةَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُجَرَّدًا فَأَجَابَ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَاحْتَجَّ لِلثَّانِي مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى لَا مبدل لكلماته وَهُوَ معَارض بقوله تَعَالَى فَمن بدله بعد مَا سَمعه فانما اثمه على الَّذين يبدلونه وَلَا يَتَعَيَّنُ الْجَمْعُ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى اللَّفْظِ فِي النَّفْيِ وَعَلَى الْمَعْنَى فِي الْإِثْبَاتِ لِجَوَازِ الْحَمْلِ فِي النَّفْيِ عَلَى الْحُكْمِ وَفِي الْإِثْبَاتِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَمِنْهَا أَنَّ نَسْخَ التَّوْرَاةِ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ وَالْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ لَا يَخْتَلِفُ وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَقَعَ التَّبْدِيلُ فَيَتَوَارَدُ النَّسْخُ بِذَلِكَ عَلَى مِنْهَاجِ وَاحِدٍ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ عَجِيبٌ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ وُقُوعُ التَّبْدِيلِ جَازَ إِعْدَامُ الْمُبْدَلِ وَالنُّسَخُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ هِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا الْأَمْرُ عِنْدَهُمْ عِنْدَ التَّبْدِيلِ وَالْأَخْبَارُ بِذَلِكَ طَافِحَةٌ أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّوْرَاةِ فَلِأَنَّ بُخْتَنَصَّرَ لَمَّا غَزَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَأَهْلَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَزَّقَهُمْ بَيْنَ قَتِيلٍ وَأَسِيرٍ وَأَعْدَمَ كُتُبَهُمْ حَتَّى جَاءَ عُزَيْرًا فَأَمْلَاهَا عَلَيْهِمْ.

.
وَأَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِنْجِيلِ فَإِنَّ الرُّومَ لَمَّا دَخَلُوا فِي النَّصْرَانِيَّةِ جَمَعَ مَلِكُهُمْ أَكَابِرَهُمْ عَلَى مَا فِي الْإِنْجِيلِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ وَتَحْرِيفُهُمُ الْمَعَانِي لَا يُنْكَرُ بَلْ هُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَهُمْ بِكَثْرَةٍ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ هَلْ حُرِّفَتِ الْأَلْفَاظُ أَوْ لَا وَقَدْ وُجِدَ فِي الْكِتَابَيْنِ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْلًا وَقَدْ سَرَدَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ الْفَصْلِ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ فِي أَوَّلِ فَصْلٍ فِي أَوَّلِ وَرَقَةٍ مِنْ تَوْرَاةِ الْيَهُودِ الَّتِي عِنْدَ رُهْبَانِهِمْ وَقُرَّائِهِمْ وَعَانَاتِهِمْ وَعِيسَوِيِّهِمْ حَيْثُ كَانُوا فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهَا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ لَوْ رَامَ أَحَدٌ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا لَفْظَةً أَوْ يُنْقِصَ مِنْهَا لَفْظَةً لَافْتَضَحَ عِنْدَهُمْ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ إِلَى الْأَحْبَارِ الْهَارُونِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ الْخَرَابِ الثَّانِي يَذْكُرُونَ أَنَّهَا مُبَلَّغَةٌ مِنْ أُولَئِكَ إِلَى عِزْرَا الْهَارُونِيِّ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ هَذَا آدَمُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا فِي مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَأَنَّ السَّحَرَةَ عَمِلُوا لِفِرْعَوْنَ نَظِيرَ مَا أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الدَّمِ وَالضَّفَادِعِ وَأَنَّهُمْ عَجَزُوا عَنِ الْبَعُوضِ وَأَنَّ ابْنَتَيْ لُوطٍ بَعْدَ هَلَاكِ قَوْمِهِ ضَاجَعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَبَاهَا بَعْدَ أَنْ سَقَتْهُ الْخَمْرَ فَوَطِئَ كُلًّا مِنْهُمَا فَحَمَلَتَا مِنْهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُنْكَرَةِ الْمُسْتَبْشَعَةِ وَذَكَرَ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى أَنَّ التَّبْدِيلَ وَقَعَ فِيهَا إِلَى أَنْ أُعْدِمَتْ فَأَمْلَاهَا عِزْرَا الْمَذْكُورُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ ثُمَّ سَاقَ أَشْيَاءَ مِنْ نَصِّ التَّوْرَاةِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمُ الْآنَ الْكَذِبُ فِيهَا ظَاهِرٌ جِدًّا ثُمَّ قَالَ وَبَلَغَنَا عَنْ قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُنْكِرُونَ أَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ اللَّتَيْنِ بِأَيْدِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مُحَرَّفَانِ وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ قِلَّةُ مُبَالَاتِهِمْ بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَقَدِ اشْتَمَلَا عَلَى أَنَّهُمْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ على الله الْكَذِب وهم يعلمُونَ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا هُوَ من عِنْد الله وَيلبسُونَ الْحق بِالْبَاطِلِ ويكتمون الْحق وهم يعلمُونَ وَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُنْكِرِينَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمثلهمْ فِي الْإِنْجِيل كزرع أخرج شطأه إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَلَيْسَ بِأَيْدِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَيُقَالُ لِمَنِ ادَّعَى أَنَّ نَقْلَهُمْ نَقْلٌ مُتَوَاتِرٌ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ لَا ذِكْرَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابَيْنِ فَإِنْ صَدَّقْتُمُوهُمْ فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ لِكَوْنِهِ نُقِلَ نَقْلَ الْمُتَوَاتِرِ فَصَدَّقُوهُمْ فِيمَا زَعَمُوهُ أَنْ لَا ذِكْرَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا لأَصْحَابه وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ تَصْدِيقُبَعْضٍ وَتَكْذِيبُ بَعْضٍ مَعَ مَجِيئِهِمَا مَجِيئًا وَاحِدًا انْتَهَى كَلَامُهُ وَفِيهِ فَوَائِدُ.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ الزَّرْكَشِيُّ اغْتَرَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِهَذَا يَعْنِي بِمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ إِنَّ فِي تَحْرِيفِ التَّوْرَاةِ خِلَافًا هَلْ هُوَ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَوْ فِي الْمَعْنَى فَقَطْ وَمَالَ إِلَى الثَّانِي وَرَأَى جَوَازَ مُطَالَعَتِهَا وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ حَرَّفُوا وَبَدَّلُوا وَالِاشْتِغَالُ بِنَظَرِهَا وَكِتَابَتِهَا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ غَضِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَى مَعَ عُمَرَ صَحِيفَةً فِيهَا شَيْءٌ مِنَ التَّوْرَاةِ.

     وَقَالَ  لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي وَلَوْلَا أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ مَا غَضِبَ فِيهِ.

.

قُلْتُ إِنْ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ فَلَا كَلَامَ فِيهِ وَقَدْ قَيَّدَهُ بِالِاشْتِغَالِ بِكِتَابَتِهَا وَنَظَرِهَا فَإِنْ أَرَادَ مَنْ يَتَشَاغَلُ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ لِأَنَّهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ تَشَاغَلَ بِذَلِكَ مَعَ تَشَاغُلِهِ بِغَيْرِهِ جَازَ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقَ التَّشَاغُلِ فَهُوَ مَحَلُّ النَّظَرِ وَفِي وَصْفِهِ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ بِالْبُطْلَانِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ نَظَرٌ أَيْضًا فَقَدْ نُسِبَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالتَّوْرَاةِ وَنُسِبَ أَيْضًا لِابْنِ عَبَّاسٍ تَرْجُمَانِ الْقُرْآنِ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ تَرْكَ الدَّفْعِ بِالصَّدْرِ وَالتَّشَاغُلِ بِرَدِّ أَدِلَّةِ الْمُخَالِفِ الَّتِي حَكَيْتُهَا وَفِي اسْتِدْلَالِهِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ الَّذِي ادَّعَى الْإِجْمَاعُ فِيهِ بِقِصَّةِ عُمَرَ نَظَرٌ أَيْضًا سَأَذْكُرُهُ بَعْدَ تَخْرِيجِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ نَسَخَ عُمَرُ كِتَابًا مِنَ التَّوْرَاةِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَوَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَيْحَكَ يَا بن الْخَطَّابِ أَلَا تَرَى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا وَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ أَوْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي وَفِي سَنَدِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلِأَحْمَدُ أَيْضًا وَأَبِي يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ أَتَى بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ دُونَ قَوْلِ الْأَنْصَارِيِّ وَفِيهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي وَفِي سَنَدِهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ لَيِّنٌ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ مَجْهُولٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ جَاءَ عُمَرُ بِجَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ فَذَكَرَ بِنَحْوِهِ وَسَمَّى الْأَنْصَارِيَّ الَّذِي خَاطَبَ عُمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الَّذِي رَأَى الْأَذَانَ وَفِيهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بَيْنَ أظْهركُم ثمَّ اتبعتموه وتركتموني لَضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِأَخٍ لِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَتَبَ لِي جَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ أَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ قَالَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ مُوسَى فِيكُمْ ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَضَرَبَهُ بِعَصًا مَعَهُ فَقَالَ مَا لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَنْتَ الَّذِي نَسَخْتَ كِتَابَ دَانْيَالَ قَالَ مُرْنِي بِأَمْرِكَ قَالَ انْطَلِقْ فَامْحُهُ فَلَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ قَرَأْتَهُ أَوْ أَقْرَأْتَهُ لَأُنْهِكَنَّكَ عُقُوبَةً ثُمَّ قَالَ انْطَلَقْتُ فَانْتَسَخْتُ كِتَابًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا.

.

قُلْتُ كِتَابٌ انْتَسَخْتُهُ لِنَزْدَادَ بِهِ عِلْمًا إِلَى عِلْمِنَا فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ وَاخْتُصِرَ لِيَ الْكَلَامُ اخْتِصَارًا وَلَقَدْ أَتَيْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً فَلَا تَتَهَوَّكُوا وَفِي سَنَدِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَهَذِهِ جَمِيعُ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُحْتَجُّ بِهِ لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهَا أَصْلًا وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ كَرَاهِيَةَ ذَلِكَ لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَالْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَيَصِرْ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْإِيمَانِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الرَّاسِخِ فَيَجُوزُ لَهُ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ نَقْلُ الْأَئِمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنَ التَّوْرَاةِ وَإِلْزَامُهُمُ الْيَهُود( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قيل المُرَاد بِالذكر الْأَذْكَارُ وَالِاتِّعَاظُ وَقِيلَ الْحِفْظُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ فَذَكَرَهُ مَوْصُولًا فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ بِلِسَانِكَ هَوَّنَّاهُ عَلَيْكَ فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ عَلَيْكَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْوَاوِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مِنَ التَّهْوِينِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ وَرْقَاءَ عَن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر قَالَ هوناه قَالَ بن بَطَّالٍ تَيْسِيرُ الْقُرْآنِ تَسْهِيلُهُ عَلَى لِسَانِ الْقَارِئِ حَتَّى يُسَارِعَ إِلَى قِرَاءَتِهِ فَرُبَّمَا سَبَقَ لِسَانَهُ فِي الْقِرَاءَةِ فَيُجَاوِزُ الْحَرْفَ إِلَى مَا بَعْدَهُ وَيَحْذِفُ الْكَلِمَةَ حِرْصًا عَلَى مَا بَعْدَهَا انْتَهَى وَفِي دُخُولِ هَذَا فِي الْمُرَادِ نَظَرٌ كَبِيرٌ قَوْله.

     وَقَالَ  مطر الْوَرق وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ قَالَ هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ وَقَعَ هَذَا التَّعْلِيقُ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ وَثَبَتَ أَيْضًا لِلْجُرْجَانِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَوَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ طَرِيقِ ضَمْرَةَ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.

.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قَالَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ فِيهِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلِمَ يَعْمَلِ الْعَامِلُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ وَيزِيد شَيْخُ عَبْدِ الْوَارِثِ فِيهِ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِالرِّشْكِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ فَذَكَرَهُ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا كتب مَقْعَده من النَّار أومن الْجَنَّةِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ أَيْضًا وَفِيهِ وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ الَّذِي قَبْلَهُ كُلٌّ مُيَسَّرٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ كَلَامِ اللَّهِ مَعَ أَهْلِالْجَنَّةِ فِيهِ نِدَاءُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَهْلِ الْجَنَّةِ بِقَرِينَةِ جَوَابِهِمْ بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْمُرَاجَعَةُ بِقَوْلِهِ هَلْ رَضِيتُمْ.

وَقَولُهُمْ وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَولُهُ أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ.

وَقَولُهُمْ يَا رَبَّنَا وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ وَقَولُهُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الَّذِي كَلَّمَهُمْ وَكَلَامُهُ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ مُيَسَّرٌ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَالنَّظَرُ فِي كَيْفِيَّتِهِ مَمْنُوعٌ وَلَا نَقُولُ بِالْحُلُولِ فِي الْمُحْدَثِ وَهِيَ الْحُرُوفُ وَلَا أَنَّهُ دَلَّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ بَلِ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ حَقٌّ مُيَسَّرٌ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ صِدْقٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ حَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّهُمْ قَالُوا إِذَا كَانَ الْأَمْرُ مُقَدَّرًا فَلْنَتْرُكِ الْمَشَقَّةَ فِي الْعَمَلِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهَا سُمِّيَ بِالتَّكْلِيفِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ كُلَّ مَنْ خُلِقَ لِشَيْءٍ يُسِّرَ لِعَمَلِهِ فَلَا مَشَقَّةَ مَعَ التَّيْسِيرِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ أَرَادُوا أَنْ يَتَّخِذُوا مَا سَبَقَ حُجَّةً فِي تَرْكِ الْعَمَلِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ هُنَا أَمْرَيْنِ لَا يُبْطِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَاطِنٌ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ حُكْمُ الرُّبُوبِيَّةِ وَظَاهِرٌ وَهُوَ السِّمَةُ اللَّازِمَةُ بِحَقِّ الْعُبُودِيَّةِ وَهُوَ أَمَارَةٌ لِلْعَاقِبَةِ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْعَاجِلِ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْآجِلِ وَأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُتْرَكُ لِلْبَاطِنِ.

.

قُلْتُ وَكَأَنَّ مُنَاسَبَةُ هَذَا الْبَابِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي لَفْظِ التَّيْسِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيد فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّذِي بَعْدَهَا قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّ الْقُرْآنَ يُحْفَظُ وَيُسْطَرُ وَالْقُرْآنُ الْمُوعَى فِي الْقُلُوبِ الْمَسْطُورُ فِي الْمَصَاحِفِ الْمَتْلُوُّ بِالْأَلْسِنَةِ كَلَامِ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.

.
وَأَمَّا الْمِدَادُ وَالْوَرَقُ وَالْجِلْدُ فَإِنَّهُ مَخْلُوقٌ .

     قَوْلُهُ  وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مسطور قَالَ قَتَادَةُ مَكْتُوبٌ وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله وَالطور وَكتاب مسطور قَالَ الْمَسْطُورُ الْمَكْتُوبُ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ هُوَ الْكتاب وَصله عبيد بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ بن أبينَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ قَالَ صحف مَكْتُوبَة فِي رق منشور قَالَ فِي صُحُفٍ .

     قَوْلُهُ  يَسْطُرُونَ يَخُطُّونَ أَيْ يَكْتُبُونَ أَوْرَدَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ قَتَادَةَ فِي قَوْله والقلم وَمَا يسطرون قَالَ وَمَا يَكْتُبُونَ .

     قَوْلُهُ  فِي أُمِّ الْكِتَابِ جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَأَصْلُهُ وَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ يمحوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ قَالَ جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَأَصْلُهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ قَتَادَةَ وَعند بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ يَقُولُ جُمْلَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ وَمَا يُكْتَبُ وَمَا يُبَدَّلُ .

     قَوْلُهُ  مَا بِلَفْظ من قَول مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ قَالَ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مَجْمَعٍ قَالَ الْمَلَكُ مِدَادُهُ رِيقه وقلمه لِسَانه قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاس يكْتب الْخَيْر وَالشَّر وَصله الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا يَلْفِظُ مِنْ قَول قَالَ إِنَّمَا يَكْتُبُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد قَالَ يَكْتُبُ كُلَّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ حَتَّى أَنَّهُ لَيُكْتَبُ قَوْلَهُ أَكَلْتُ شَرِبْتُ ذَهَبْتُ جِئْتُ رَأَيْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ عُرِضَ .

     قَوْلُهُ  وَعَمَلُهُ فَأُقِرَّ مَا كَانَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَأُلْقِيَ سائره فَذَلِك قَوْله يمحوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ يَاءٍ مَهْمُوزَةٍ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ وَالْكَلْبِيُّ مَتْرُوكٌ وَأَبُو صَالِحٍ لَمْ يُدْرِكْ جَابِرًا هَذَا وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ مَا يلفظ من قَول مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَكَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.

.

قُلْتُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْمَذْكُورَةِ .

     قَوْلُهُ  يُحَرِّفُونَ يُزِيلُونَ لم أر هَذَا مَوْصُولا من كَلَام بن عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ مَعَ أَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِهِ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  دِرَاسَتُهُمْ تِلَاوَتُهُمْ وَمَا بَعْدَهُ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ ذَلِك بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ قَوْلِهِ كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأْن عَن بن عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ هُنَا وَهُوَ تَفْسِير يحرفُونَ بقوله يزيلون نعم أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ فِي قَوْلِهِ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ قَالَ يُقَلِّبُونَ وَيُغَيِّرُونَ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ التَّحْرِيفُ الْإِمَالَةُ وَتَحْرِيفُ الْكَلَامِ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى حَرْفٍ مِنَ الِاحْتِمَالِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَأَكْثَرَ .

     قَوْلُهُ  وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابِ اللَّهِ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَنْ غَيْرِ تَأْوِيلِهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غير تَأْوِيله قَالَ شَيخنَا بن الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحُهُ هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ مُخْتَارُهُ أَيِ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بَدَّلُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَفَرَّعُوا عَلَى ذَلِكَ جَوَازَ امْتِهَانِ أَوْرَاقِهِمَا وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا انْتَهَى وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ إِلَى آخِرِهِ من كَلَام البُخَارِيّ ذيل بِهِ تَفْسِير بن عَبَّاسٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةَ كَلَامِ بن عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا بُدِّلَتْ كُلُّهَا وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ بِجَوَازِ الِامْتِهَانِ وَهُوَ إِفْرَاطٌ وَيَنْبَغِي حَمْلُ إِطْلَاقِ مَنْ أَطْلَقَهُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَإِلَّا فَهِيَ مُكَابَرَةٌ وَالْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ كَثِيرَةٌ فِي أَنَّهُ بَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ لَمْ تُبَدَّلْ مِنْ ذَلِكَ قَوْلهتَعَالَى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل الْآيَةَ وَمِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ وَفِيهِ وُجُودُ آيَةِ الرَّجْمِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ثَانِيهَا أَنَّ التَّبْدِيلَ وَقَعَ وَلَكِنْ فِي مُعْظَمِهَا وَأَدِلَّتُهُ كَثِيرَةٌ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ ثَالِثُهَا وَقَعَ فِي الْيَسِيرِ مِنْهَا وَمُعْظَمُهَا بَاقٍ عَلَى حَالِهِ وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِهِ الرَّدُّ الصَّحِيحُ عَلَى مَنْ بَدَّلَ دِينَ الْمَسِيحِ رَابِعُهَا إِنَّمَا وَقَعَ التَّبْدِيلُ وَالتَّغْيِيرُ فِي الْمَعَانِي لَا فِي الْأَلْفَاظِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا وَقد سُئِلَ بن تَيْمِيَّةَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُجَرَّدًا فَأَجَابَ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَاحْتَجَّ لِلثَّانِي مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى لَا مبدل لكلماته وَهُوَ معَارض بقوله تَعَالَى فَمن بدله بعد مَا سَمعه فانما اثمه على الَّذين يبدلونه وَلَا يَتَعَيَّنُ الْجَمْعُ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى اللَّفْظِ فِي النَّفْيِ وَعَلَى الْمَعْنَى فِي الْإِثْبَاتِ لِجَوَازِ الْحَمْلِ فِي النَّفْيِ عَلَى الْحُكْمِ وَفِي الْإِثْبَاتِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَمِنْهَا أَنَّ نَسْخَ التَّوْرَاةِ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ وَالْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ لَا يَخْتَلِفُ وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَقَعَ التَّبْدِيلُ فَيَتَوَارَدُ النَّسْخُ بِذَلِكَ عَلَى مِنْهَاجِ وَاحِدٍ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ عَجِيبٌ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ وُقُوعُ التَّبْدِيلِ جَازَ إِعْدَامُ الْمُبْدَلِ وَالنُّسَخُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ هِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا الْأَمْرُ عِنْدَهُمْ عِنْدَ التَّبْدِيلِ وَالْأَخْبَارُ بِذَلِكَ طَافِحَةٌ أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّوْرَاةِ فَلِأَنَّ بُخْتَنَصَّرَ لَمَّا غَزَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَأَهْلَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَزَّقَهُمْ بَيْنَ قَتِيلٍ وَأَسِيرٍ وَأَعْدَمَ كُتُبَهُمْ حَتَّى جَاءَ عُزَيْرًا فَأَمْلَاهَا عَلَيْهِمْ.

.
وَأَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِنْجِيلِ فَإِنَّ الرُّومَ لَمَّا دَخَلُوا فِي النَّصْرَانِيَّةِ جَمَعَ مَلِكُهُمْ أَكَابِرَهُمْ عَلَى مَا فِي الْإِنْجِيلِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ وَتَحْرِيفُهُمُ الْمَعَانِي لَا يُنْكَرُ بَلْ هُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَهُمْ بِكَثْرَةٍ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ هَلْ حُرِّفَتِ الْأَلْفَاظُ أَوْ لَا وَقَدْ وُجِدَ فِي الْكِتَابَيْنِ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْلًا وَقَدْ سَرَدَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ الْفَصْلِ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ فِي أَوَّلِ فَصْلٍ فِي أَوَّلِ وَرَقَةٍ مِنْ تَوْرَاةِ الْيَهُودِ الَّتِي عِنْدَ رُهْبَانِهِمْ وَقُرَّائِهِمْ وَعَانَاتِهِمْ وَعِيسَوِيِّهِمْ حَيْثُ كَانُوا فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهَا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ لَوْ رَامَ أَحَدٌ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا لَفْظَةً أَوْ يُنْقِصَ مِنْهَا لَفْظَةً لَافْتَضَحَ عِنْدَهُمْ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ إِلَى الْأَحْبَارِ الْهَارُونِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ الْخَرَابِ الثَّانِي يَذْكُرُونَ أَنَّهَا مُبَلَّغَةٌ مِنْ أُولَئِكَ إِلَى عِزْرَا الْهَارُونِيِّ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ هَذَا آدَمُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا فِي مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَأَنَّ السَّحَرَةَ عَمِلُوا لِفِرْعَوْنَ نَظِيرَ مَا أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الدَّمِ وَالضَّفَادِعِ وَأَنَّهُمْ عَجَزُوا عَنِ الْبَعُوضِ وَأَنَّ ابْنَتَيْ لُوطٍ بَعْدَ هَلَاكِ قَوْمِهِ ضَاجَعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَبَاهَا بَعْدَ أَنْ سَقَتْهُ الْخَمْرَ فَوَطِئَ كُلًّا مِنْهُمَا فَحَمَلَتَا مِنْهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُنْكَرَةِ الْمُسْتَبْشَعَةِ وَذَكَرَ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى أَنَّ التَّبْدِيلَ وَقَعَ فِيهَا إِلَى أَنْ أُعْدِمَتْ فَأَمْلَاهَا عِزْرَا الْمَذْكُورُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ ثُمَّ سَاقَ أَشْيَاءَ مِنْ نَصِّ التَّوْرَاةِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمُ الْآنَ الْكَذِبُ فِيهَا ظَاهِرٌ جِدًّا ثُمَّ قَالَ وَبَلَغَنَا عَنْ قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُنْكِرُونَ أَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ اللَّتَيْنِ بِأَيْدِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مُحَرَّفَانِ وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ قِلَّةُ مُبَالَاتِهِمْ بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَقَدِ اشْتَمَلَا عَلَى أَنَّهُمْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ على الله الْكَذِب وهم يعلمُونَ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا هُوَ من عِنْد الله وَيلبسُونَ الْحق بِالْبَاطِلِ ويكتمون الْحق وهم يعلمُونَ وَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُنْكِرِينَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمثلهمْ فِي الْإِنْجِيل كزرع أخرج شطأه إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَلَيْسَ بِأَيْدِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَيُقَالُ لِمَنِ ادَّعَى أَنَّ نَقْلَهُمْ نَقْلٌ مُتَوَاتِرٌ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ لَا ذِكْرَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابَيْنِ فَإِنْ صَدَّقْتُمُوهُمْ فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ لِكَوْنِهِ نُقِلَ نَقْلَ الْمُتَوَاتِرِ فَصَدَّقُوهُمْ فِيمَا زَعَمُوهُ أَنْ لَا ذِكْرَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا لأَصْحَابه وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ تَصْدِيقُبَعْضٍ وَتَكْذِيبُ بَعْضٍ مَعَ مَجِيئِهِمَا مَجِيئًا وَاحِدًا انْتَهَى كَلَامُهُ وَفِيهِ فَوَائِدُ.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ الزَّرْكَشِيُّ اغْتَرَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِهَذَا يَعْنِي بِمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ إِنَّ فِي تَحْرِيفِ التَّوْرَاةِ خِلَافًا هَلْ هُوَ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَوْ فِي الْمَعْنَى فَقَطْ وَمَالَ إِلَى الثَّانِي وَرَأَى جَوَازَ مُطَالَعَتِهَا وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ حَرَّفُوا وَبَدَّلُوا وَالِاشْتِغَالُ بِنَظَرِهَا وَكِتَابَتِهَا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ غَضِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَى مَعَ عُمَرَ صَحِيفَةً فِيهَا شَيْءٌ مِنَ التَّوْرَاةِ.

     وَقَالَ  لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي وَلَوْلَا أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ مَا غَضِبَ فِيهِ.

.

قُلْتُ إِنْ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ فَلَا كَلَامَ فِيهِ وَقَدْ قَيَّدَهُ بِالِاشْتِغَالِ بِكِتَابَتِهَا وَنَظَرِهَا فَإِنْ أَرَادَ مَنْ يَتَشَاغَلُ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ لِأَنَّهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ تَشَاغَلَ بِذَلِكَ مَعَ تَشَاغُلِهِ بِغَيْرِهِ جَازَ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقَ التَّشَاغُلِ فَهُوَ مَحَلُّ النَّظَرِ وَفِي وَصْفِهِ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ بِالْبُطْلَانِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ نَظَرٌ أَيْضًا فَقَدْ نُسِبَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالتَّوْرَاةِ وَنُسِبَ أَيْضًا لِابْنِ عَبَّاسٍ تَرْجُمَانِ الْقُرْآنِ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ تَرْكَ الدَّفْعِ بِالصَّدْرِ وَالتَّشَاغُلِ بِرَدِّ أَدِلَّةِ الْمُخَالِفِ الَّتِي حَكَيْتُهَا وَفِي اسْتِدْلَالِهِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ الَّذِي ادَّعَى الْإِجْمَاعُ فِيهِ بِقِصَّةِ عُمَرَ نَظَرٌ أَيْضًا سَأَذْكُرُهُ بَعْدَ تَخْرِيجِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ نَسَخَ عُمَرُ كِتَابًا مِنَ التَّوْرَاةِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَوَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَيْحَكَ يَا بن الْخَطَّابِ أَلَا تَرَى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا وَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ أَوْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي وَفِي سَنَدِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلِأَحْمَدُ أَيْضًا وَأَبِي يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ أَتَى بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ دُونَ قَوْلِ الْأَنْصَارِيِّ وَفِيهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي وَفِي سَنَدِهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ لَيِّنٌ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ مَجْهُولٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ جَاءَ عُمَرُ بِجَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ فَذَكَرَ بِنَحْوِهِ وَسَمَّى الْأَنْصَارِيَّ الَّذِي خَاطَبَ عُمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الَّذِي رَأَى الْأَذَانَ وَفِيهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بَيْنَ أظْهركُم ثمَّ اتبعتموه وتركتموني لَضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِأَخٍ لِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَتَبَ لِي جَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ أَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ قَالَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ مُوسَى فِيكُمْ ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَضَرَبَهُ بِعَصًا مَعَهُ فَقَالَ مَا لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَنْتَ الَّذِي نَسَخْتَ كِتَابَ دَانْيَالَ قَالَ مُرْنِي بِأَمْرِكَ قَالَ انْطَلِقْ فَامْحُهُ فَلَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ قَرَأْتَهُ أَوْ أَقْرَأْتَهُ لَأُنْهِكَنَّكَ عُقُوبَةً ثُمَّ قَالَ انْطَلَقْتُ فَانْتَسَخْتُ كِتَابًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا.

.

قُلْتُ كِتَابٌ انْتَسَخْتُهُ لِنَزْدَادَ بِهِ عِلْمًا إِلَى عِلْمِنَا فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ وَاخْتُصِرَ لِيَ الْكَلَامُ اخْتِصَارًا وَلَقَدْ أَتَيْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً فَلَا تَتَهَوَّكُوا وَفِي سَنَدِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَهَذِهِ جَمِيعُ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُحْتَجُّ بِهِ لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهَا أَصْلًا وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ كَرَاهِيَةَ ذَلِكَ لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَالْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَيَصِرْ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْإِيمَانِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الرَّاسِخِ فَيَجُوزُ لَهُ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ نَقْلُ الْأَئِمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنَ التَّوْرَاةِ وَإِلْزَامُهُمُ الْيَهُود( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قيل المُرَاد بِالذكر الْأَذْكَارُ وَالِاتِّعَاظُ وَقِيلَ الْحِفْظُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ فَذَكَرَهُ مَوْصُولًا فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ بِلِسَانِكَ هَوَّنَّاهُ عَلَيْكَ فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ عَلَيْكَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْوَاوِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مِنَ التَّهْوِينِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ وَرْقَاءَ عَن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر قَالَ هوناه قَالَ بن بَطَّالٍ تَيْسِيرُ الْقُرْآنِ تَسْهِيلُهُ عَلَى لِسَانِ الْقَارِئِ حَتَّى يُسَارِعَ إِلَى قِرَاءَتِهِ فَرُبَّمَا سَبَقَ لِسَانَهُ فِي الْقِرَاءَةِ فَيُجَاوِزُ الْحَرْفَ إِلَى مَا بَعْدَهُ وَيَحْذِفُ الْكَلِمَةَ حِرْصًا عَلَى مَا بَعْدَهَا انْتَهَى وَفِي دُخُولِ هَذَا فِي الْمُرَادِ نَظَرٌ كَبِيرٌ قَوْله.

     وَقَالَ  مطر الْوَرق وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ قَالَ هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ وَقَعَ هَذَا التَّعْلِيقُ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ وَثَبَتَ أَيْضًا لِلْجُرْجَانِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَوَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ طَرِيقِ ضَمْرَةَ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.

.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قَالَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ فِيهِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلِمَ يَعْمَلِ الْعَامِلُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ وَيزِيد شَيْخُ عَبْدِ الْوَارِثِ فِيهِ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِالرِّشْكِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ فَذَكَرَهُ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا كتب مَقْعَده من النَّار أومن الْجَنَّةِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ أَيْضًا وَفِيهِ وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ الَّذِي قَبْلَهُ كُلٌّ مُيَسَّرٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ كَلَامِ اللَّهِ مَعَ أَهْلِالْجَنَّةِ فِيهِ نِدَاءُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَهْلِ الْجَنَّةِ بِقَرِينَةِ جَوَابِهِمْ بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْمُرَاجَعَةُ بِقَوْلِهِ هَلْ رَضِيتُمْ.

وَقَولُهُمْ وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَولُهُ أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ.

وَقَولُهُمْ يَا رَبَّنَا وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ وَقَولُهُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الَّذِي كَلَّمَهُمْ وَكَلَامُهُ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ مُيَسَّرٌ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَالنَّظَرُ فِي كَيْفِيَّتِهِ مَمْنُوعٌ وَلَا نَقُولُ بِالْحُلُولِ فِي الْمُحْدَثِ وَهِيَ الْحُرُوفُ وَلَا أَنَّهُ دَلَّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ بَلِ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ حَقٌّ مُيَسَّرٌ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ صِدْقٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ حَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّهُمْ قَالُوا إِذَا كَانَ الْأَمْرُ مُقَدَّرًا فَلْنَتْرُكِ الْمَشَقَّةَ فِي الْعَمَلِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهَا سُمِّيَ بِالتَّكْلِيفِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ كُلَّ مَنْ خُلِقَ لِشَيْءٍ يُسِّرَ لِعَمَلِهِ فَلَا مَشَقَّةَ مَعَ التَّيْسِيرِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ أَرَادُوا أَنْ يَتَّخِذُوا مَا سَبَقَ حُجَّةً فِي تَرْكِ الْعَمَلِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ هُنَا أَمْرَيْنِ لَا يُبْطِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَاطِنٌ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ حُكْمُ الرُّبُوبِيَّةِ وَظَاهِرٌ وَهُوَ السِّمَةُ اللَّازِمَةُ بِحَقِّ الْعُبُودِيَّةِ وَهُوَ أَمَارَةٌ لِلْعَاقِبَةِ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْعَاجِلِ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْآجِلِ وَأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُتْرَكُ لِلْبَاطِنِ.

.

قُلْتُ وَكَأَنَّ مُنَاسَبَةُ هَذَا الْبَابِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي لَفْظِ التَّيْسِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيد فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّذِي بَعْدَهَا قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّ الْقُرْآنَ يُحْفَظُ وَيُسْطَرُ وَالْقُرْآنُ الْمُوعَى فِي الْقُلُوبِ الْمَسْطُورُ فِي الْمَصَاحِفِ الْمَتْلُوُّ بِالْأَلْسِنَةِ كَلَامِ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.

.
وَأَمَّا الْمِدَادُ وَالْوَرَقُ وَالْجِلْدُ فَإِنَّهُ مَخْلُوقٌ .

     قَوْلُهُ  وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مسطور قَالَ قَتَادَةُ مَكْتُوبٌ وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله وَالطور وَكتاب مسطور قَالَ الْمَسْطُورُ الْمَكْتُوبُ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ هُوَ الْكتاب وَصله عبيد بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ بن أبينَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ قَالَ صحف مَكْتُوبَة فِي رق منشور قَالَ فِي صُحُفٍ .

     قَوْلُهُ  يَسْطُرُونَ يَخُطُّونَ أَيْ يَكْتُبُونَ أَوْرَدَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ قَتَادَةَ فِي قَوْله والقلم وَمَا يسطرون قَالَ وَمَا يَكْتُبُونَ .

     قَوْلُهُ  فِي أُمِّ الْكِتَابِ جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَأَصْلُهُ وَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ يمحوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ قَالَ جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَأَصْلُهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ قَتَادَةَ وَعند بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ يَقُولُ جُمْلَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ وَمَا يُكْتَبُ وَمَا يُبَدَّلُ .

     قَوْلُهُ  مَا بِلَفْظ من قَول مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ قَالَ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مَجْمَعٍ قَالَ الْمَلَكُ مِدَادُهُ رِيقه وقلمه لِسَانه قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاس يكْتب الْخَيْر وَالشَّر وَصله الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا يَلْفِظُ مِنْ قَول قَالَ إِنَّمَا يَكْتُبُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد قَالَ يَكْتُبُ كُلَّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ حَتَّى أَنَّهُ لَيُكْتَبُ قَوْلَهُ أَكَلْتُ شَرِبْتُ ذَهَبْتُ جِئْتُ رَأَيْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ عُرِضَ .

     قَوْلُهُ  وَعَمَلُهُ فَأُقِرَّ مَا كَانَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَأُلْقِيَ سائره فَذَلِك قَوْله يمحوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ يَاءٍ مَهْمُوزَةٍ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ وَالْكَلْبِيُّ مَتْرُوكٌ وَأَبُو صَالِحٍ لَمْ يُدْرِكْ جَابِرًا هَذَا وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ مَا يلفظ من قَول مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَكَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.

.

قُلْتُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْمَذْكُورَةِ .

     قَوْلُهُ  يُحَرِّفُونَ يُزِيلُونَ لم أر هَذَا مَوْصُولا من كَلَام بن عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ مَعَ أَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِهِ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  دِرَاسَتُهُمْ تِلَاوَتُهُمْ وَمَا بَعْدَهُ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ ذَلِك بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ قَوْلِهِ كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأْن عَن بن عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ هُنَا وَهُوَ تَفْسِير يحرفُونَ بقوله يزيلون نعم أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ فِي قَوْلِهِ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ قَالَ يُقَلِّبُونَ وَيُغَيِّرُونَ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ التَّحْرِيفُ الْإِمَالَةُ وَتَحْرِيفُ الْكَلَامِ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى حَرْفٍ مِنَ الِاحْتِمَالِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَأَكْثَرَ .

     قَوْلُهُ  وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابِ اللَّهِ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَنْ غَيْرِ تَأْوِيلِهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غير تَأْوِيله قَالَ شَيخنَا بن الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحُهُ هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ مُخْتَارُهُ أَيِ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بَدَّلُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَفَرَّعُوا عَلَى ذَلِكَ جَوَازَ امْتِهَانِ أَوْرَاقِهِمَا وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا انْتَهَى وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ إِلَى آخِرِهِ من كَلَام البُخَارِيّ ذيل بِهِ تَفْسِير بن عَبَّاسٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةَ كَلَامِ بن عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا بُدِّلَتْ كُلُّهَا وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ بِجَوَازِ الِامْتِهَانِ وَهُوَ إِفْرَاطٌ وَيَنْبَغِي حَمْلُ إِطْلَاقِ مَنْ أَطْلَقَهُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَإِلَّا فَهِيَ مُكَابَرَةٌ وَالْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ كَثِيرَةٌ فِي أَنَّهُ بَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ لَمْ تُبَدَّلْ مِنْ ذَلِكَ قَوْلهتَعَالَى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل الْآيَةَ وَمِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ وَفِيهِ وُجُودُ آيَةِ الرَّجْمِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ثَانِيهَا أَنَّ التَّبْدِيلَ وَقَعَ وَلَكِنْ فِي مُعْظَمِهَا وَأَدِلَّتُهُ كَثِيرَةٌ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ ثَالِثُهَا وَقَعَ فِي الْيَسِيرِ مِنْهَا وَمُعْظَمُهَا بَاقٍ عَلَى حَالِهِ وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِهِ الرَّدُّ الصَّحِيحُ عَلَى مَنْ بَدَّلَ دِينَ الْمَسِيحِ رَابِعُهَا إِنَّمَا وَقَعَ التَّبْدِيلُ وَالتَّغْيِيرُ فِي الْمَعَانِي لَا فِي الْأَلْفَاظِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا وَقد سُئِلَ بن تَيْمِيَّةَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُجَرَّدًا فَأَجَابَ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَاحْتَجَّ لِلثَّانِي مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى لَا مبدل لكلماته وَهُوَ معَارض بقوله تَعَالَى فَمن بدله بعد مَا سَمعه فانما اثمه على الَّذين يبدلونه وَلَا يَتَعَيَّنُ الْجَمْعُ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى اللَّفْظِ فِي النَّفْيِ وَعَلَى الْمَعْنَى فِي الْإِثْبَاتِ لِجَوَازِ الْحَمْلِ فِي النَّفْيِ عَلَى الْحُكْمِ وَفِي الْإِثْبَاتِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَمِنْهَا أَنَّ نَسْخَ التَّوْرَاةِ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ وَالْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ لَا يَخْتَلِفُ وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَقَعَ التَّبْدِيلُ فَيَتَوَارَدُ النَّسْخُ بِذَلِكَ عَلَى مِنْهَاجِ وَاحِدٍ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ عَجِيبٌ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ وُقُوعُ التَّبْدِيلِ جَازَ إِعْدَامُ الْمُبْدَلِ وَالنُّسَخُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ هِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا الْأَمْرُ عِنْدَهُمْ عِنْدَ التَّبْدِيلِ وَالْأَخْبَارُ بِذَلِكَ طَافِحَةٌ أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّوْرَاةِ فَلِأَنَّ بُخْتَنَصَّرَ لَمَّا غَزَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَأَهْلَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَزَّقَهُمْ بَيْنَ قَتِيلٍ وَأَسِيرٍ وَأَعْدَمَ كُتُبَهُمْ حَتَّى جَاءَ عُزَيْرًا فَأَمْلَاهَا عَلَيْهِمْ.

.
وَأَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِنْجِيلِ فَإِنَّ الرُّومَ لَمَّا دَخَلُوا فِي النَّصْرَانِيَّةِ جَمَعَ مَلِكُهُمْ أَكَابِرَهُمْ عَلَى مَا فِي الْإِنْجِيلِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ وَتَحْرِيفُهُمُ الْمَعَانِي لَا يُنْكَرُ بَلْ هُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَهُمْ بِكَثْرَةٍ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ هَلْ حُرِّفَتِ الْأَلْفَاظُ أَوْ لَا وَقَدْ وُجِدَ فِي الْكِتَابَيْنِ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْلًا وَقَدْ سَرَدَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ الْفَصْلِ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ فِي أَوَّلِ فَصْلٍ فِي أَوَّلِ وَرَقَةٍ مِنْ تَوْرَاةِ الْيَهُودِ الَّتِي عِنْدَ رُهْبَانِهِمْ وَقُرَّائِهِمْ وَعَانَاتِهِمْ وَعِيسَوِيِّهِمْ حَيْثُ كَانُوا فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهَا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ لَوْ رَامَ أَحَدٌ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا لَفْظَةً أَوْ يُنْقِصَ مِنْهَا لَفْظَةً لَافْتَضَحَ عِنْدَهُمْ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ إِلَى الْأَحْبَارِ الْهَارُونِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ الْخَرَابِ الثَّانِي يَذْكُرُونَ أَنَّهَا مُبَلَّغَةٌ مِنْ أُولَئِكَ إِلَى عِزْرَا الْهَارُونِيِّ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ هَذَا آدَمُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا فِي مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَأَنَّ السَّحَرَةَ عَمِلُوا لِفِرْعَوْنَ نَظِيرَ مَا أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الدَّمِ وَالضَّفَادِعِ وَأَنَّهُمْ عَجَزُوا عَنِ الْبَعُوضِ وَأَنَّ ابْنَتَيْ لُوطٍ بَعْدَ هَلَاكِ قَوْمِهِ ضَاجَعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَبَاهَا بَعْدَ أَنْ سَقَتْهُ الْخَمْرَ فَوَطِئَ كُلًّا مِنْهُمَا فَحَمَلَتَا مِنْهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُنْكَرَةِ الْمُسْتَبْشَعَةِ وَذَكَرَ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى أَنَّ التَّبْدِيلَ وَقَعَ فِيهَا إِلَى أَنْ أُعْدِمَتْ فَأَمْلَاهَا عِزْرَا الْمَذْكُورُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ ثُمَّ سَاقَ أَشْيَاءَ مِنْ نَصِّ التَّوْرَاةِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمُ الْآنَ الْكَذِبُ فِيهَا ظَاهِرٌ جِدًّا ثُمَّ قَالَ وَبَلَغَنَا عَنْ قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُنْكِرُونَ أَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ اللَّتَيْنِ بِأَيْدِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مُحَرَّفَانِ وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ قِلَّةُ مُبَالَاتِهِمْ بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَقَدِ اشْتَمَلَا عَلَى أَنَّهُمْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ على الله الْكَذِب وهم يعلمُونَ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا هُوَ من عِنْد الله وَيلبسُونَ الْحق بِالْبَاطِلِ ويكتمون الْحق وهم يعلمُونَ وَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُنْكِرِينَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمثلهمْ فِي الْإِنْجِيل كزرع أخرج شطأه إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَلَيْسَ بِأَيْدِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَيُقَالُ لِمَنِ ادَّعَى أَنَّ نَقْلَهُمْ نَقْلٌ مُتَوَاتِرٌ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ لَا ذِكْرَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابَيْنِ فَإِنْ صَدَّقْتُمُوهُمْ فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ لِكَوْنِهِ نُقِلَ نَقْلَ الْمُتَوَاتِرِ فَصَدَّقُوهُمْ فِيمَا زَعَمُوهُ أَنْ لَا ذِكْرَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا لأَصْحَابه وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ تَصْدِيقُبَعْضٍ وَتَكْذِيبُ بَعْضٍ مَعَ مَجِيئِهِمَا مَجِيئًا وَاحِدًا انْتَهَى كَلَامُهُ وَفِيهِ فَوَائِدُ.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ الزَّرْكَشِيُّ اغْتَرَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِهَذَا يَعْنِي بِمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ إِنَّ فِي تَحْرِيفِ التَّوْرَاةِ خِلَافًا هَلْ هُوَ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَوْ فِي الْمَعْنَى فَقَطْ وَمَالَ إِلَى الثَّانِي وَرَأَى جَوَازَ مُطَالَعَتِهَا وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ حَرَّفُوا وَبَدَّلُوا وَالِاشْتِغَالُ بِنَظَرِهَا وَكِتَابَتِهَا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ غَضِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَى مَعَ عُمَرَ صَحِيفَةً فِيهَا شَيْءٌ مِنَ التَّوْرَاةِ.

     وَقَالَ  لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي وَلَوْلَا أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ مَا غَضِبَ فِيهِ.

.

قُلْتُ إِنْ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ فَلَا كَلَامَ فِيهِ وَقَدْ قَيَّدَهُ بِالِاشْتِغَالِ بِكِتَابَتِهَا وَنَظَرِهَا فَإِنْ أَرَادَ مَنْ يَتَشَاغَلُ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ لِأَنَّهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ تَشَاغَلَ بِذَلِكَ مَعَ تَشَاغُلِهِ بِغَيْرِهِ جَازَ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقَ التَّشَاغُلِ فَهُوَ مَحَلُّ النَّظَرِ وَفِي وَصْفِهِ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ بِالْبُطْلَانِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ نَظَرٌ أَيْضًا فَقَدْ نُسِبَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالتَّوْرَاةِ وَنُسِبَ أَيْضًا لِابْنِ عَبَّاسٍ تَرْجُمَانِ الْقُرْآنِ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ تَرْكَ الدَّفْعِ بِالصَّدْرِ وَالتَّشَاغُلِ بِرَدِّ أَدِلَّةِ الْمُخَالِفِ الَّتِي حَكَيْتُهَا وَفِي اسْتِدْلَالِهِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ الَّذِي ادَّعَى الْإِجْمَاعُ فِيهِ بِقِصَّةِ عُمَرَ نَظَرٌ أَيْضًا سَأَذْكُرُهُ بَعْدَ تَخْرِيجِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ نَسَخَ عُمَرُ كِتَابًا مِنَ التَّوْرَاةِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَوَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَيْحَكَ يَا بن الْخَطَّابِ أَلَا تَرَى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا وَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ أَوْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي وَفِي سَنَدِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلِأَحْمَدُ أَيْضًا وَأَبِي يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ أَتَى بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ دُونَ قَوْلِ الْأَنْصَارِيِّ وَفِيهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي وَفِي سَنَدِهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ لَيِّنٌ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ مَجْهُولٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ جَاءَ عُمَرُ بِجَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ فَذَكَرَ بِنَحْوِهِ وَسَمَّى الْأَنْصَارِيَّ الَّذِي خَاطَبَ عُمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الَّذِي رَأَى الْأَذَانَ وَفِيهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بَيْنَ أظْهركُم ثمَّ اتبعتموه وتركتموني لَضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِأَخٍ لِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَتَبَ لِي جَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ أَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ قَالَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ مُوسَى فِيكُمْ ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَضَرَبَهُ بِعَصًا مَعَهُ فَقَالَ مَا لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَنْتَ الَّذِي نَسَخْتَ كِتَابَ دَانْيَالَ قَالَ مُرْنِي بِأَمْرِكَ قَالَ انْطَلِقْ فَامْحُهُ فَلَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ قَرَأْتَهُ أَوْ أَقْرَأْتَهُ لَأُنْهِكَنَّكَ عُقُوبَةً ثُمَّ قَالَ انْطَلَقْتُ فَانْتَسَخْتُ كِتَابًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا.

.

قُلْتُ كِتَابٌ انْتَسَخْتُهُ لِنَزْدَادَ بِهِ عِلْمًا إِلَى عِلْمِنَا فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ وَاخْتُصِرَ لِيَ الْكَلَامُ اخْتِصَارًا وَلَقَدْ أَتَيْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً فَلَا تَتَهَوَّكُوا وَفِي سَنَدِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَهَذِهِ جَمِيعُ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُحْتَجُّ بِهِ لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهَا أَصْلًا وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ كَرَاهِيَةَ ذَلِكَ لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَالْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَيَصِرْ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْإِيمَانِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الرَّاسِخِ فَيَجُوزُ لَهُ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ نَقْلُ الْأَئِمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنَ التَّوْرَاةِ وَإِلْزَامُهُمُ الْيَهُود( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قيل المُرَاد بِالذكر الْأَذْكَارُ وَالِاتِّعَاظُ وَقِيلَ الْحِفْظُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ فَذَكَرَهُ مَوْصُولًا فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ بِلِسَانِكَ هَوَّنَّاهُ عَلَيْكَ فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ عَلَيْكَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْوَاوِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مِنَ التَّهْوِينِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ وَرْقَاءَ عَن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر قَالَ هوناه قَالَ بن بَطَّالٍ تَيْسِيرُ الْقُرْآنِ تَسْهِيلُهُ عَلَى لِسَانِ الْقَارِئِ حَتَّى يُسَارِعَ إِلَى قِرَاءَتِهِ فَرُبَّمَا سَبَقَ لِسَانَهُ فِي الْقِرَاءَةِ فَيُجَاوِزُ الْحَرْفَ إِلَى مَا بَعْدَهُ وَيَحْذِفُ الْكَلِمَةَ حِرْصًا عَلَى مَا بَعْدَهَا انْتَهَى وَفِي دُخُولِ هَذَا فِي الْمُرَادِ نَظَرٌ كَبِيرٌ قَوْله.

     وَقَالَ  مطر الْوَرق وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ قَالَ هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ وَقَعَ هَذَا التَّعْلِيقُ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ وَثَبَتَ أَيْضًا لِلْجُرْجَانِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَوَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ طَرِيقِ ضَمْرَةَ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.

.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قَالَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ فِيهِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلِمَ يَعْمَلِ الْعَامِلُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ وَيزِيد شَيْخُ عَبْدِ الْوَارِثِ فِيهِ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِالرِّشْكِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ فَذَكَرَهُ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا كتب مَقْعَده من النَّار أومن الْجَنَّةِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ أَيْضًا وَفِيهِ وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ الَّذِي قَبْلَهُ كُلٌّ مُيَسَّرٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ كَلَامِ اللَّهِ مَعَ أَهْلِالْجَنَّةِ فِيهِ نِدَاءُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَهْلِ الْجَنَّةِ بِقَرِينَةِ جَوَابِهِمْ بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْمُرَاجَعَةُ بِقَوْلِهِ هَلْ رَضِيتُمْ.

وَقَولُهُمْ وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَولُهُ أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ.

وَقَولُهُمْ يَا رَبَّنَا وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ وَقَولُهُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الَّذِي كَلَّمَهُمْ وَكَلَامُهُ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ مُيَسَّرٌ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَالنَّظَرُ فِي كَيْفِيَّتِهِ مَمْنُوعٌ وَلَا نَقُولُ بِالْحُلُولِ فِي الْمُحْدَثِ وَهِيَ الْحُرُوفُ وَلَا أَنَّهُ دَلَّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ بَلِ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ حَقٌّ مُيَسَّرٌ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ صِدْقٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ حَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّهُمْ قَالُوا إِذَا كَانَ الْأَمْرُ مُقَدَّرًا فَلْنَتْرُكِ الْمَشَقَّةَ فِي الْعَمَلِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهَا سُمِّيَ بِالتَّكْلِيفِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ كُلَّ مَنْ خُلِقَ لِشَيْءٍ يُسِّرَ لِعَمَلِهِ فَلَا مَشَقَّةَ مَعَ التَّيْسِيرِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ أَرَادُوا أَنْ يَتَّخِذُوا مَا سَبَقَ حُجَّةً فِي تَرْكِ الْعَمَلِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ هُنَا أَمْرَيْنِ لَا يُبْطِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَاطِنٌ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ حُكْمُ الرُّبُوبِيَّةِ وَظَاهِرٌ وَهُوَ السِّمَةُ اللَّازِمَةُ بِحَقِّ الْعُبُودِيَّةِ وَهُوَ أَمَارَةٌ لِلْعَاقِبَةِ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْعَاجِلِ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْآجِلِ وَأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُتْرَكُ لِلْبَاطِنِ.

.

قُلْتُ وَكَأَنَّ مُنَاسَبَةُ هَذَا الْبَابِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي لَفْظِ التَّيْسِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيد فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّذِي بَعْدَهَا قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّ الْقُرْآنَ يُحْفَظُ وَيُسْطَرُ وَالْقُرْآنُ الْمُوعَى فِي الْقُلُوبِ الْمَسْطُورُ فِي الْمَصَاحِفِ الْمَتْلُوُّ بِالْأَلْسِنَةِ كَلَامِ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.

.
وَأَمَّا الْمِدَادُ وَالْوَرَقُ وَالْجِلْدُ فَإِنَّهُ مَخْلُوقٌ .

     قَوْلُهُ  وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مسطور قَالَ قَتَادَةُ مَكْتُوبٌ وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله وَالطور وَكتاب مسطور قَالَ الْمَسْطُورُ الْمَكْتُوبُ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ هُوَ الْكتاب وَصله عبيد بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ بن أبينَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ قَالَ صحف مَكْتُوبَة فِي رق منشور قَالَ فِي صُحُفٍ .

     قَوْلُهُ  يَسْطُرُونَ يَخُطُّونَ أَيْ يَكْتُبُونَ أَوْرَدَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ قَتَادَةَ فِي قَوْله والقلم وَمَا يسطرون قَالَ وَمَا يَكْتُبُونَ .

     قَوْلُهُ  فِي أُمِّ الْكِتَابِ جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَأَصْلُهُ وَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ يمحوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ قَالَ جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَأَصْلُهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ قَتَادَةَ وَعند بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ يَقُولُ جُمْلَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ وَمَا يُكْتَبُ وَمَا يُبَدَّلُ .

     قَوْلُهُ  مَا بِلَفْظ من قَول مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ قَالَ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مَجْمَعٍ قَالَ الْمَلَكُ مِدَادُهُ رِيقه وقلمه لِسَانه قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاس يكْتب الْخَيْر وَالشَّر وَصله الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا يَلْفِظُ مِنْ قَول قَالَ إِنَّمَا يَكْتُبُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد قَالَ يَكْتُبُ كُلَّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ حَتَّى أَنَّهُ لَيُكْتَبُ قَوْلَهُ أَكَلْتُ شَرِبْتُ ذَهَبْتُ جِئْتُ رَأَيْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ عُرِضَ .

     قَوْلُهُ  وَعَمَلُهُ فَأُقِرَّ مَا كَانَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَأُلْقِيَ سائره فَذَلِك قَوْله يمحوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ يَاءٍ مَهْمُوزَةٍ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ وَالْكَلْبِيُّ مَتْرُوكٌ وَأَبُو صَالِحٍ لَمْ يُدْرِكْ جَابِرًا هَذَا وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ مَا يلفظ من قَول مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ وَكَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.

.

قُلْتُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْمَذْكُورَةِ .

     قَوْلُهُ  يُحَرِّفُونَ يُزِيلُونَ لم أر هَذَا مَوْصُولا من كَلَام بن عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ مَعَ أَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِهِ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  دِرَاسَتُهُمْ تِلَاوَتُهُمْ وَمَا بَعْدَهُ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ ذَلِك بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ قَوْلِهِ كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأْن عَن بن عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ هُنَا وَهُوَ تَفْسِير يحرفُونَ بقوله يزيلون نعم أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ فِي قَوْلِهِ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ قَالَ يُقَلِّبُونَ وَيُغَيِّرُونَ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ التَّحْرِيفُ الْإِمَالَةُ وَتَحْرِيفُ الْكَلَامِ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى حَرْفٍ مِنَ الِاحْتِمَالِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَأَكْثَرَ .

     قَوْلُهُ  وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابِ اللَّهِ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَنْ غَيْرِ تَأْوِيلِهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غير تَأْوِيله قَالَ شَيخنَا بن الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحُهُ هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ مُخْتَارُهُ أَيِ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بَدَّلُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَفَرَّعُوا عَلَى ذَلِكَ جَوَازَ امْتِهَانِ أَوْرَاقِهِمَا وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا انْتَهَى وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ إِلَى آخِرِهِ من كَلَام البُخَارِيّ ذيل بِهِ تَفْسِير بن عَبَّاسٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةَ كَلَامِ بن عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا بُدِّلَتْ كُلُّهَا وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ بِجَوَازِ الِامْتِهَانِ وَهُوَ إِفْرَاطٌ وَيَنْبَغِي حَمْلُ إِطْلَاقِ مَنْ أَطْلَقَهُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَإِلَّا فَهِيَ مُكَابَرَةٌ وَالْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ كَثِيرَةٌ فِي أَنَّهُ بَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ لَمْ تُبَدَّلْ مِنْ ذَلِكَ قَوْلهتَعَالَى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل الْآيَةَ وَمِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ وَفِيهِ وُجُودُ آيَةِ الرَّجْمِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ثَانِيهَا أَنَّ التَّبْدِيلَ وَقَعَ وَلَكِنْ فِي مُعْظَمِهَا وَأَدِلَّتُهُ كَثِيرَةٌ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ ثَالِثُهَا وَقَعَ فِي الْيَسِيرِ مِنْهَا وَمُعْظَمُهَا بَاقٍ عَلَى حَالِهِ وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِهِ الرَّدُّ الصَّحِيحُ عَلَى مَنْ بَدَّلَ دِينَ الْمَسِيحِ رَابِعُهَا إِنَّمَا وَقَعَ التَّبْدِيلُ وَالتَّغْيِيرُ فِي الْمَعَانِي لَا فِي الْأَلْفَاظِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا وَقد سُئِلَ بن تَيْمِيَّةَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُجَرَّدًا فَأَجَابَ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَاحْتَجَّ لِلثَّانِي مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى لَا مبدل لكلماته وَهُوَ معَارض بقوله تَعَالَى فَمن بدله بعد مَا سَمعه فانما اثمه على الَّذين يبدلونه وَلَا يَتَعَيَّنُ الْجَمْعُ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى اللَّفْظِ فِي النَّفْيِ وَعَلَى الْمَعْنَى فِي الْإِثْبَاتِ لِجَوَازِ الْحَمْلِ فِي النَّفْيِ عَلَى الْحُكْمِ وَفِي الْإِثْبَاتِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَمِنْهَا أَنَّ نَسْخَ التَّوْرَاةِ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ وَالْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ لَا يَخْتَلِفُ وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَقَعَ التَّبْدِيلُ فَيَتَوَارَدُ النَّسْخُ بِذَلِكَ عَلَى مِنْهَاجِ وَاحِدٍ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ عَجِيبٌ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ وُقُوعُ التَّبْدِيلِ جَازَ إِعْدَامُ الْمُبْدَلِ وَالنُّسَخُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ هِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا الْأَمْرُ عِنْدَهُمْ عِنْدَ التَّبْدِيلِ وَالْأَخْبَارُ بِذَلِكَ طَافِحَةٌ أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّوْرَاةِ فَلِأَنَّ بُخْتَنَصَّرَ لَمَّا غَزَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَأَهْلَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَزَّقَهُمْ بَيْنَ قَتِيلٍ وَأَسِيرٍ وَأَعْدَمَ كُتُبَهُمْ حَتَّى جَاءَ عُزَيْرًا فَأَمْلَاهَا عَلَيْهِمْ.

.
وَأَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِنْجِيلِ فَإِنَّ الرُّومَ لَمَّا دَخَلُوا فِي النَّصْرَانِيَّةِ جَمَعَ مَلِكُهُمْ أَكَابِرَهُمْ عَلَى مَا فِي الْإِنْجِيلِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ وَتَحْرِيفُهُمُ الْمَعَانِي لَا يُنْكَرُ بَلْ هُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَهُمْ بِكَثْرَةٍ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ هَلْ حُرِّفَتِ الْأَلْفَاظُ أَوْ لَا وَقَدْ وُجِدَ فِي الْكِتَابَيْنِ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْلًا وَقَدْ سَرَدَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ الْفَصْلِ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ فِي أَوَّلِ فَصْلٍ فِي أَوَّلِ وَرَقَةٍ مِنْ تَوْرَاةِ الْيَهُودِ الَّتِي عِنْدَ رُهْبَانِهِمْ وَقُرَّائِهِمْ وَعَانَاتِهِمْ وَعِيسَوِيِّهِمْ حَيْثُ كَانُوا فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهَا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ لَوْ رَامَ أَحَدٌ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا لَفْظَةً أَوْ يُنْقِصَ مِنْهَا لَفْظَةً لَافْتَضَحَ عِنْدَهُمْ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ إِلَى الْأَحْبَارِ الْهَارُونِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ الْخَرَابِ الثَّانِي يَذْكُرُونَ أَنَّهَا مُبَلَّغَةٌ مِنْ أُولَئِكَ إِلَى عِزْرَا الْهَارُونِيِّ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ هَذَا آدَمُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا فِي مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَأَنَّ السَّحَرَةَ عَمِلُوا لِفِرْعَوْنَ نَظِيرَ مَا أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الدَّمِ وَالضَّفَادِعِ وَأَنَّهُمْ عَجَزُوا عَنِ الْبَعُوضِ وَأَنَّ ابْنَتَيْ لُوطٍ بَعْدَ هَلَاكِ قَوْمِهِ ضَاجَعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَبَاهَا بَعْدَ أَنْ سَقَتْهُ الْخَمْرَ فَوَطِئَ كُلًّا مِنْهُمَا فَحَمَلَتَا مِنْهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُنْكَرَةِ الْمُسْتَبْشَعَةِ وَذَكَرَ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى أَنَّ التَّبْدِيلَ وَقَعَ فِيهَا إِلَى أَنْ أُعْدِمَتْ فَأَمْلَاهَا عِزْرَا الْمَذْكُورُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ ثُمَّ سَاقَ أَشْيَاءَ مِنْ نَصِّ التَّوْرَاةِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمُ الْآنَ الْكَذِبُ فِيهَا ظَاهِرٌ جِدًّا ثُمَّ قَالَ وَبَلَغَنَا عَنْ قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُنْكِرُونَ أَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ اللَّتَيْنِ بِأَيْدِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مُحَرَّفَانِ وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ قِلَّةُ مُبَالَاتِهِمْ بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَقَدِ اشْتَمَلَا عَلَى أَنَّهُمْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ على الله الْكَذِب وهم يعلمُونَ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا هُوَ من عِنْد الله وَيلبسُونَ الْحق بِالْبَاطِلِ ويكتمون الْحق وهم يعلمُونَ وَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُنْكِرِينَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمثلهمْ فِي الْإِنْجِيل كزرع أخرج شطأه إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَلَيْسَ بِأَيْدِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَيُقَالُ لِمَنِ ادَّعَى أَنَّ نَقْلَهُمْ نَقْلٌ مُتَوَاتِرٌ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ لَا ذِكْرَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابَيْنِ فَإِنْ صَدَّقْتُمُوهُمْ فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ لِكَوْنِهِ نُقِلَ نَقْلَ الْمُتَوَاتِرِ فَصَدَّقُوهُمْ فِيمَا زَعَمُوهُ أَنْ لَا ذِكْرَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا لأَصْحَابه وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ تَصْدِيقُبَعْضٍ وَتَكْذِيبُ بَعْضٍ مَعَ مَجِيئِهِمَا مَجِيئًا وَاحِدًا انْتَهَى كَلَامُهُ وَفِيهِ فَوَائِدُ.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ الزَّرْكَشِيُّ اغْتَرَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِهَذَا يَعْنِي بِمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ إِنَّ فِي تَحْرِيفِ التَّوْرَاةِ خِلَافًا هَلْ هُوَ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَوْ فِي الْمَعْنَى فَقَطْ وَمَالَ إِلَى الثَّانِي وَرَأَى جَوَازَ مُطَالَعَتِهَا وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ حَرَّفُوا وَبَدَّلُوا وَالِاشْتِغَالُ بِنَظَرِهَا وَكِتَابَتِهَا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ غَضِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَى مَعَ عُمَرَ صَحِيفَةً فِيهَا شَيْءٌ مِنَ التَّوْرَاةِ.

     وَقَالَ  لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي وَلَوْلَا أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ مَا غَضِبَ فِيهِ.

.

قُلْتُ إِنْ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ فَلَا كَلَامَ فِيهِ وَقَدْ قَيَّدَهُ بِالِاشْتِغَالِ بِكِتَابَتِهَا وَنَظَرِهَا فَإِنْ أَرَادَ مَنْ يَتَشَاغَلُ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ لِأَنَّهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ تَشَاغَلَ بِذَلِكَ مَعَ تَشَاغُلِهِ بِغَيْرِهِ جَازَ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقَ التَّشَاغُلِ فَهُوَ مَحَلُّ النَّظَرِ وَفِي وَصْفِهِ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ بِالْبُطْلَانِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ نَظَرٌ أَيْضًا فَقَدْ نُسِبَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالتَّوْرَاةِ وَنُسِبَ أَيْضًا لِابْنِ عَبَّاسٍ تَرْجُمَانِ الْقُرْآنِ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ تَرْكَ الدَّفْعِ بِالصَّدْرِ وَالتَّشَاغُلِ بِرَدِّ أَدِلَّةِ الْمُخَالِفِ الَّتِي حَكَيْتُهَا وَفِي اسْتِدْلَالِهِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ الَّذِي ادَّعَى الْإِجْمَاعُ فِيهِ بِقِصَّةِ عُمَرَ نَظَرٌ أَيْضًا سَأَذْكُرُهُ بَعْدَ تَخْرِيجِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ نَسَخَ عُمَرُ كِتَابًا مِنَ التَّوْرَاةِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَوَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَيْحَكَ يَا بن الْخَطَّابِ أَلَا تَرَى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا وَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ أَوْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي وَفِي سَنَدِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلِأَحْمَدُ أَيْضًا وَأَبِي يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ أَتَى بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ دُونَ قَوْلِ الْأَنْصَارِيِّ وَفِيهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي وَفِي سَنَدِهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ لَيِّنٌ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ مَجْهُولٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ جَاءَ عُمَرُ بِجَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ فَذَكَرَ بِنَحْوِهِ وَسَمَّى الْأَنْصَارِيَّ الَّذِي خَاطَبَ عُمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الَّذِي رَأَى الْأَذَانَ وَفِيهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بَيْنَ أظْهركُم ثمَّ اتبعتموه وتركتموني لَضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِأَخٍ لِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَتَبَ لِي جَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ أَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ قَالَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ مُوسَى فِيكُمْ ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَضَرَبَهُ بِعَصًا مَعَهُ فَقَالَ مَا لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَنْتَ الَّذِي نَسَخْتَ كِتَابَ دَانْيَالَ قَالَ مُرْنِي بِأَمْرِكَ قَالَ انْطَلِقْ فَامْحُهُ فَلَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ قَرَأْتَهُ أَوْ أَقْرَأْتَهُ لَأُنْهِكَنَّكَ عُقُوبَةً ثُمَّ قَالَ انْطَلَقْتُ فَانْتَسَخْتُ كِتَابًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا.

.

قُلْتُ كِتَابٌ انْتَسَخْتُهُ لِنَزْدَادَ بِهِ عِلْمًا إِلَى عِلْمِنَا فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ وَاخْتُصِرَ لِيَ الْكَلَامُ اخْتِصَارًا وَلَقَدْ أَتَيْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً فَلَا تَتَهَوَّكُوا وَفِي سَنَدِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَهَذِهِ جَمِيعُ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُحْتَجُّ بِهِ لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهَا أَصْلًا وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ كَرَاهِيَةَ ذَلِكَ لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَالْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَيَصِرْ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْإِيمَانِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الرَّاسِخِ فَيَجُوزُ لَهُ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ نَقْلُ الْأَئِمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنَ التَّوْرَاةِ وَإِلْزَامُهُمُ الْيَهُود

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ)
كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِلْبَاقِينَ مِنَ الْقُرْآنِ وَكُلٌّ مِنَ اللَّفْظَيْنِ فِي السُّورَةِ وَالْمُرَادُ بِالْقِرَاءَةِ الصَّلَاةُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بَعْضُ أَرْكَانِهَا ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثُ عُمَرَ فِي قِصَّتِهِ مَعَ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ فِي قِرَاءَةِ سُورَةِ الْفُرْقَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَقَولُهُ

[ قــ :7151 ... غــ :7550] فِي آخِرِهِ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فاقرؤوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ الضَّمِيرُ لِلْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَيَسِّرِ مِنْهُ فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ الْمُرَادِ بِهِ فِي الْآيَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَيَسِّرِ فِي الْآيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَسْتَحْضِرُهُ الْقَارِئُ مِنَ الْقُرْآنِ فَالْأَوَّلُ مِنَ الْكَمِّيَّةِ وَالثَّانِي مِنَ الْكَيْفِيَّةِ وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَحَدِيثِهَا لِلْأَبْوَابِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ جِهَةِ التَّفَاوُتِ فِي الْكَيْفِيَّةِ وَمِنْ جِهَةِ جَوَازِ نِسْبَةِ الْقِرَاءَة للقارئ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]
( باب قول الله تعالى: { فاقرؤوا ما تيسر من القرآن} [المزمل: 20] ) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني ما تيسر منه قيل المراد نفس القراءة أي فاقرؤوا فيما تصلون به بالليل ما خفّ عليكم.
قال السدي: مائة آية وقيل صلوا ما تيسر عليكم والصلاة تسمى قرآنًا.
قال الله تعالى: { وقرآن الفجر} [الإسراء: 78] أي صلاة الفجر.


[ قــ :7151 ... غــ : 7550 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِىَّ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِى الصَّلاَةِ فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: كَذَبْتَ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا فَقَالَ: «أَرْسِلْهُ اقْرَأْ يَا هِشَامُ» فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِى سَمِعْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اقْرَأْ يَا عُمَرُ» فَقَرَأْتُ الَّتِى أَقْرَأَنِى فَقَالَ: «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) نسبه لجده واسم أبيه عبد الله قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين ابن خالد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: ( حدّثتي) بالإفراد ( عروة) بن الزبير ( أن المسور) بكسر الميم ( ابن مخرمة) بفتحها وسكون المعجمة وفتح الراء ( وعبد الرحمن بن عبد القاريّ) بتشديد الياء نسبة إلى القارة ( حدّثناه أنهما سمعا عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- ( يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان) لا سورة الأحزاب
( في حياة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكدت أُساوره) بالسين المهملة آخذ برأسه ( في الصلاة فتصبرت) فتكلفت الصبر ( حتى سلم فلببته) بتشديد الموحدة الأولى وتخفف وهو الذي في اليونينية وسكون الثانية ( بردائه) جمعتها عليه عند لبته خوف أن ينفلت مني ( فقلت) له: ( من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ) ها ( قال) ولأبي الوقت قال ( أقرأنيها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت) له ( كذبت أقرأنيها) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( على غير ما قرأت) ها ( فانطلقت به أقوده) وأجرّه بردائه ( إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت) يا رسول الله ( إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال) :
( أرسله) بهمزة قطع وبكسر السين أطلقه ثم قال عليه الصلاة والسلام ( اقرأ يا هشام) قال عمر -رضي الله عنه- ( فقرأ القراءة التي سمعته) يقرأ بها ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كذلك) وللأصيلي كذا ( أنزلت.
ثم قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اقرأ يا عمر.
فقرأت)
القراءة ( التي أقرأني) بها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال: كذلك) وللأصيلي كذا ( أنزلت) ثم قال: ( إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف) أي لغات ( فاقرؤوا ما تيسر منه) .
من الأحرف المنزل بها بالنسبة إلى ما يستحضره القارئ من القراءات فالذي في آية المزمل للكمية والذي في الحديث للكيفية قال في الفتح ومناسبة الترجمة وحديثها للأبواب السابقة من جهة التفاوت في الكيفية ومن جهة جواز نسبة القراءة للقارئ.

وسبق الحديث في الفضائل والخصومات.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَىِ الَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَى وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى الاَْرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ الصَّلَواةَ وَءَاتُواْ الزَّكَواةَ وَأَقْرِضُواُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُواْ لاَِنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} )

أَي هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { فاقرؤا مَا تيَسّر من الْقُرْآن} قَالَ الْمُهلب: يُرِيد مَا تيَسّر من حفظه على اللِّسَان من لُغَة وإعراب.
قَوْله: من الْقُرْآن، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: مَا تيَسّر مِنْهُ، وكل من اللَّفْظَيْنِ فِي السُّورَة،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَالْمرَاد بِالْقِرَاءَةِ الصَّلَاة لِأَن الْقِرَاءَة بعض أَرْكَانهَا.
قلت: هَذَا لم يقل بِهِ أحد، والمفسرون مجمعون على أَن المُرَاد مِنْهُ الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة وَهُوَ حجَّة على جَمِيع من يرى فَرضِيَّة قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة.



[ قــ :7151 ... غــ :7550 ]
- حدّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ، حدّثنا اللَّيْثُ، عَن عُقَيْلٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ، حدّثني عُرْوَةُ أنَّ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ وعَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ عَبْدٍ القارِيَّ حَدَّثاهُ أنَّهُما سَمِعا عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشامَ بنَ حَكِيمٍ يَقْرأُ سُورَةَ الفُرْقانِ فِي حَياةِ رسولِ الله فاسْتَمَعْتُ لِقِراءَتِهِ فَإذا هُوَ يَقْرَأُ عَلى حُرُوفٍ كَثِيرَة لَمْ يُقْرِئْنِيها رسولُ الله فَكِدْتُ أُساوِرُهُ فِي الصَّلاةِ، فَتَصَبَّرْتُ حتَّى سَلَّمَ فَلَبَبْتُهُ بِرِدِائِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أقْرَأكَ هاذِهِ السُّورَةَ الّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأنِيها رسولُ الله فَقُلْتُ كَذَبْتَ أقْرَأنِيها عَلى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ.
فانْطَلَقْتُ بِهِ أقُودُهُ إِلَى رسولِ الله فَقُلْتُ إنِّي سَمِعْتُ هاذَا يَقْرَأُ سورَةَ الفرْقانِ عَلى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيها.
فَقَالَ: أرْسِلْهُ اقْرَأْ يَا هِشامُ فَقَرَأ القِرَاءَةَ الَّتي سَمِعْتُهُ، فَقَالَ رسولُ الله كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ رسولُ الله اقْرَأْ يَا عُمَرُ فَقَرَأتُ التِي أقْرَأنِي، فَقَالَ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ إنَّ هاذَا القُرْآنَ أنْزِلَ عَلى سَبْعَةِ أحْرُفٍ فاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله فِي آخر الحَدِيث: فاقرأوا مَا تيَسّر مِنْهُ
وَعقيل بِضَم الْعين ابْن خَالِد، والمسور بِكَسْر الْمِيم ابْن مخرمَة بِفَتْحِهَا وَعبد الرَّحْمَن بن عبد بِالتَّنْوِينِ الْقَارِي مَنْسُوب، إِلَى القارة بِالْقَافِ.

والْحَدِيث مضى فِي الْخُصُومَات وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن فِي: بابُُ أنزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: أساوره أَي: أواثبه.
قَوْله: فتصبرت ويروى: تربصت قَوْله: فلببته من التلبيب بالموحدتين جمع الثِّيَاب عِنْد الصَّدْر فِي الْخُصُومَة والجر.
قَوْله: فَقَالَ: أرْسلهُ أَي: أطلقهُ.
قَوْله: على سَبْعَة أحرف أَي: سبع لُغَات، وَقيل الْحَرْف الْإِعْرَاب يُقَال: فلَان يقْرَأ حرف عَاصِم أَي: بِالْوَجْهِ الَّذِي اخْتَارَهُ من الْإِعْرَاب..
     وَقَالَ  الْأَكْثَرُونَ: هُوَ قصر فِي السَّبْعَة فَقيل هِيَ فِي صُورَة التِّلَاوَة من إدغام وَإِظْهَار وَنَحْوهمَا ليقْرَأ كل بِمَا يُوَافق لغته وَلَا يُكَلف الْقرشِي الْهَمْز وَلَا الْأَسدي فتح حرف المضارعة.
وَقيل: بل السَّبْعَة كلهَا لمضر وَحدهَا.