هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
708 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ ، وَجِدَارُ الحُجْرَةِ قَصِيرٌ ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ ، فَقَامَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ ، فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ ، صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلاَثًا - حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ ، جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَخْرُجْ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ : إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلاَةُ اللَّيْلِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أو ثلاثا حتى إذا كان بعد ذلك ، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخرج ، فلما أصبح ذكر ذلك الناس فقال : إني خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ ، وَجِدَارُ الحُجْرَةِ قَصِيرٌ ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ ، فَقَامَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ ، فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ ، صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلاَثًا - حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ ، جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَخْرُجْ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ : إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلاَةُ اللَّيْلِ .

Narrated `Aisha:

Allah's Messenger (ﷺ) used to pray in his room at night. As the wall of the room was LOW, the people saw him and some of them stood up to follow him in the prayer. In the morning they spread the news. The following night the Prophet (ﷺ) stood for the prayer and the people followed him. This went on for two or three nights. Thereupon Allah's Messenger (ﷺ) did not stand for the prayer the following night, and did not come out. In the morning, the people asked him about it. He replied, that he way afraid that the night prayer might become compulsory.

":"ہم سے محمد بن سلام بیکندی نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے عبدہ بن سلیمان نے یحییٰ بن سعید انصاری کے واسطہ سے بیان کیا ، انہوں نے عمرہ بنت عبدالرحمٰن سے ، انہوں نے حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا سے ، آپ نے بتلایا کہرسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم رات میں اپنے حجرہ کے اندر ( تہجد کی ) نماز پڑھتے تھے ۔ حجرے کی دیواریں پست تھیں اس لیے لوگوں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کو دیکھ لیا اور کچھ لوگ آپ صلی اللہ علیہ وسلم کی اقتداء میں نماز کے لیے کھڑے ہو گئے ۔ صبح کے وقت لوگوں نے اس کا ذکر دوسروں سے کیا ۔ پھر جب دوسری رات آپ صلی اللہ علیہ وسلم کھڑے ہوئے تو کچھ لوگ آپ صلی اللہ علیہ وسلم کی اقتداء میں اس رات بھی کھڑے ہو گئے ۔ یہ صورت دو یا تین رات تک رہی ۔ اس کے بعد رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم بیٹھ رہے اور نماز کے مقام پر تشریف نہیں لائے ۔ پھر صبح کے وقت لوگوں نے اس کا ذکر کیا تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ میں ڈرا کہ کہیں رات کی نماز ( تہجد ) تم پر فرض نہ ہو جائے ۔ ( اس خیال سے میں نے یہاں کا آنا ناغہ کر دیا ) ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [729] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي مُحَمَّد هُوَ بن سَلام قَالَه أَبُو نعيم وَبِه جزم بن عَسَاكِر فِي رِوَايَته وَعَبدَة هُوَ بن سُلَيْمَانَ .

     قَوْلُهُ  فِي حُجْرَتِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ حُجْرَةُ بَيْتِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ذِكْرُ جِدَارِ الْحُجْرَةِ وَأَوْضَحُ مِنْهُ رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي فِي حُجْرَةٍ مِنْ حُجَرِ أَزْوَاجِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْحُجْرَةُ الَّتِي كَانَ احْتَجَرَهَا فِي الْمَسْجِدِ بِالْحَصِيرِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ وَكَذَا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الَّذِي بَعْدَهُ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي نَصَبَتْ لَهُ الْحَصِيرَ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّعَدُّدِ أَوْ عَلَى الْمَجَازِ فِي الْجِدَارِ وَفِي نِسْبَةِ الْحُجْرَةِ إِلَيْهَا .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ نَاسٌ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَقَامَ أُنَاسٌ وَهَذَا مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ وَهُوَ دَاخِلُ الْحُجْرَةِ وَهُمْ خَارِجَهَا .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ لَيْلَةَ الثَّانِيَةِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ لَيْلَةَ الْغَدَاةِ الثَّانِيَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْأُصَيْلِيِّ فَقَامَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ أَيْ لَهُ وَأَفَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَّ الَّذِي خَاطَبَهُ بِذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْرَجَهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا .

     قَوْلُهُ  أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ أَيْ تُفْرَضَ وَهِيَ رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ وَكَذَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا وَسَتَأْتِي بَقِيَّةُ مَبَاحِثِهِ فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ) كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّرَّاح وَلَا ذكره الْإِسْمَاعِيلِيّ وَهُوَ وَجه السِّيَاقُ لِأَنَّ التَّرَاجِمَ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَبْوَابِ الصُّفُوفِ وَإِقَامَتِهَا وَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ بِالْحَائِلِ قَدْ يُتَخَيَّلُ أَنَّهَا مَانِعَةٌ مِنْ إِقَامَةِ الصَّفِّ تَرْجَمَ لَهَا وَأَوْرَدَ مَا عِنْدَهُ فِيهَا فَأَمَّا صَلَاةُ اللَّيْلِ بِخُصُوصِهَا فَلَهَا كِتَابٌ مُفْرَدٌ سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ وَكَأَنَّ النُّسْخَةَ وَقَعَ فِيهَا تَكْرِيرُ لَفْظِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَهِيَ الْجُمْلَةُ الَّتِي فِي آخِرِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ فَظَنَّ الرَّاوِي أَنَّهَا تَرْجَمَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فصدرها بِلَفْظ بَاب وَقد تكلّف بن رَشِيدٍ تَوْجِيهَهَا بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِاللَّيْلِ مَأْمُومًا فِي الظُّلْمَةِ كَانَتْ فِيهِ مُشَابَهَةٌ بِمَنْ صَلَّى وَرَاءَ حَائِلٍ وَأَبْعَدُ مِنْهُ مَنْ قَالَ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِاللَّيْلِ مَأْمُومًا فِي الظُّلْمَةِ كَانَ كَمَنْ صَلَّى وَرَاءَ حَائِطٍ ثُمَّ ظَهَرَ لِيَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ صَلَاةَ اللَّيْلِ جَمَاعَةً فَحَذَفَ لَفْظَ جَمَاعَةٍ وَالَّذِي يَأْتِي فِي أَبْوَابِ التَّهَجُّدِ إِنَّمَا هُوَ حُكْمُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَكَيْفِيَّتِهَا فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ أَوْ فِي الْمَسْجِد أَو الْبَيْت وَنَحْو ذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [729] حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ وَجِدَارُ الْحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ، فَقَامَ لَيْلَةَ الثَّانِيَةِ فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً، حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ، فَقَالَ: إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلاَةُ اللَّيْلِ.
[الحديث أطرافه في: 730، 924، 1129، 2011، 2012، 5861] .
وبالسند قال: ( حدّثنا) ولأبوي ذر والوقت: حدّثني ( محمد) ولابن عساكر محمد بن سلام، وبه قال أبو نعيم، وهو السلمي البيكندي بكسر الموحدة وسكون المثناة التحتية وفتح الكاف وسكون النون، واختلف في لام أبيه، والراجح التخفيف.
قال: ( أخبرنا) وللأصيلي: حدّثنا ( عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة، ابن سليمان الكوفي ( عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة) بفتح العين وسكون الميم، بنت عبد الرحمن الأنصارية ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي من الليل في حجرته وجدار الحجرة قصير) وفي رواية حماد بن زيد عن يحيى عند أبي نعيم: في حجرة من حجر أزواجه، وهو يوضح أن المراد حجرة بيته لا التي كان احتجزها في المسجد بالحصير، ويدل له ذكر جدار الحجرة، لكن يحتمل أن تكون هي المراد، ويكون ذلك تعدد منه عليه الصلاة والسلام ( فرأى الناس شخص النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من غير تمييز منهم لذاته المقدسة، لأنه كان ليلاً، فلم يبصروا إلا شخصه ( فقام أناس) بهمزة مضمومة.
وللأربعة: فقام ناس ( يصلون بصلاته) عليه الصلاة والسلام، ملتبسين بها أو مقتدين بها وهو داخل الحجرة وهم خارجها، وهذا موضع الترجمة على ما لا يخفى، وفيه جواز الائتمام بمن لم ينوِ الإمامة، ( فأصبحوا) دخلوا في الصباح وهي تامّة ( فتحدثوا بذلك، فقام ليلة) الغداة ( الثانية) وللأصيلي: فقام الليلة الثانية، من باب إضافة الموصوف إلى صفته ( فقام معه) عليه الصلاة والسلام ( أناس) بالهمزة، وللأصيلي: ناس ( يصلون بصلاته، صنعوا ذلك) أي الاقتداء به عليه الصلاة والسلام ( ليلتين أو ثلاثة) وللأربعة: أو ثلاثًا ( حتى إذا كان) الوقت أو الزمان ( بعد ذلك، جلس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يخرج) إلى الموضع المعهود الذي صلّى فيه تلك الصلاة الليلتين أو الثلاث، ( فلما أصبح ذكر ذلك الناس) لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولمعمر عن الزهري عن عروة عن عائشة، عند عبد الرزاق أن الذي خاطبه بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إني خشيت أن تكتب) أي تفرض ( عليكم صلاة الليل) أي من طريق الأمر بالاقتداء به عليه الصلاة والسلام، لأنه كان يجب عليه التهجد، لا من جهة إنشاء فرض آخر زائد على الخمسة، ولا يعارضه قوله في ليلة الإسراء: لا يبدل القول لديّ، فإن ذاك المراد به في التنقيص كما دل عليه السياق.
81 - باب صَلاَةِ اللَّيْلِ ( باب صلاة الليل) كذا في رواية المستملي وحده، ولا وجه لذكره هنا لأن الأبواب هنا في الصفوف وإقامتها، وصلاة الليل بخصوصها أفرد لها المؤلّف كتابًا مفردًا في هذا الكتاب.
730 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الفُدَيْكٍ قَالَ: "حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ لَهُ حَصِيرٌ يَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ وَيَحْتَجِرُهُ بِاللَّيْلِ، فَثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ فَصَلَّوْا وَرَاءَهُ".
وبالسند قال: ( حدّثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدّثنا ابن أبي فديك) بضم الفاء وفتح الدال المهملة وسكون التحتية وبالكاف.
ولأبي ذر: ابن أبي الفديك بالألف واللام، واسمه محمد بن إسماعيل بن أبي مسلم بن أبي فديك، واسم أبي فديك دينار الديلمي المدني ( قال: حدّثنا ابن أبي ذئب) بكسر الذال المعجمة وسكون الهمزة آخره موحدة، محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحرث بن أبي ذئب هشام المدني ( عن المقبري) بفتح الميم وسكون القاف وضم الموحدة وكسرها، وقد تفتح نسبة لمجاورتهن المقبرة، سعيد بن أبي سعيد ( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف ( عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان له حصير يبسطه بالنهار) وللأصيلي: يبتسطه، بمثناة فوقية بعد الموحدة وكسر السين ( ويحتجزه بالليل) بالراء المهملة أي يتخذه كالحجرة فيصلّي فيها، ولأبي ذر عن الكشميهني: ويحتجزه، بالزاي، أي يجعله حاجزًا بينه وبين غيره ( فثاب) بمثلثة واحدة بينهما ألف أي رجع.
ولأبي الوقت وابن عساكر وأبي ذر عن الحموي والكشميهني: فثار بالراء بدل الموحدة، أي ارتفع أو قام ( إليه الناس فصلوا) وللأربعةبدل قوله فصلوا فصفوا ( وراءه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ورواة هذا الحديث الستة مدنيون وشيخ المؤلّف من أفراده، وفيه تابعي عن تابعي عن صحابية، والتحديث والعنعنة، والقول وأخرجه المؤلّف أيضًا في اللباس، ومسلم في الصلاة، وكذا الترمذي والنسائي وابن ماجة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ الْقَوْمِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ)
أَيْ هَلْ يَضُرُّ ذَلِك بالاقتداء أَولا وَالظَّاهِرُ مِنْ تَصَرُّفِهِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ شَهِيرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الْحَسَنُ لَمْ أَرَهُ مَوْصُولًا بِلَفْظِهِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي خَلْفَ الْإِمَامِ أَوْ فَوْقَ سَطْحٍ يَأْتَمُّ بِهِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  أَبُو مجلز وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُعْتَمِرٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْهُ بِمَعْنَاهُ وَلَيْثٌ ضَعِيفٌ لَكِنْ أخرجه عبد الرَّزَّاق عَن بن التَّيْمِيِّ وَهُوَ مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ مَضْبُوطًا فَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ

[ قــ :708 ... غــ :729] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي مُحَمَّد هُوَ بن سَلام قَالَه أَبُو نعيم وَبِه جزم بن عَسَاكِر فِي رِوَايَته وَعَبدَة هُوَ بن سُلَيْمَانَ .

     قَوْلُهُ  فِي حُجْرَتِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ حُجْرَةُ بَيْتِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ذِكْرُ جِدَارِ الْحُجْرَةِ وَأَوْضَحُ مِنْهُ رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي فِي حُجْرَةٍ مِنْ حُجَرِ أَزْوَاجِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْحُجْرَةُ الَّتِي كَانَ احْتَجَرَهَا فِي الْمَسْجِدِ بِالْحَصِيرِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ وَكَذَا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الَّذِي بَعْدَهُ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي نَصَبَتْ لَهُ الْحَصِيرَ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّعَدُّدِ أَوْ عَلَى الْمَجَازِ فِي الْجِدَارِ وَفِي نِسْبَةِ الْحُجْرَةِ إِلَيْهَا .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ نَاسٌ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَقَامَ أُنَاسٌ وَهَذَا مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ وَهُوَ دَاخِلُ الْحُجْرَةِ وَهُمْ خَارِجَهَا .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ لَيْلَةَ الثَّانِيَةِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ لَيْلَةَ الْغَدَاةِ الثَّانِيَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْأُصَيْلِيِّ فَقَامَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ أَيْ لَهُ وَأَفَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَّ الَّذِي خَاطَبَهُ بِذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْرَجَهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا .

     قَوْلُهُ  أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ أَيْ تُفْرَضَ وَهِيَ رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ وَكَذَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا وَسَتَأْتِي بَقِيَّةُ مَبَاحِثِهِ فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
إذا كانَ بينَ الإِمَامِ وَبَيْنَ القَوْمِ حَائِطٌ اَوْ سُتْرَةٌ
وقال الحسنُ: لا بأس أن تصلِّي وبينكَ وبينهُ نهر.

وقال أبو مجلزٍ: يأتمُّ بالإمامِ - وإنْ كانَ بينهما طَريقٌ أو جدارٌ - إذا سمعَ تكبيرَ الإمامِ.

مرادُ البخاري بهذا الباب: أنَّهُ يجوز اقتداء المأمومِ بالإمام، وإن كانَ بينهما طريق أو نهر، أو كانَ بينهما جدار يمنع المأموم مِن رؤية إمامه إذا سمع تكبيره.

فهاهنا مسألتان:
إحداهما:
إذا كانَ بين الإمام والمأموم طريق أو نهر، وقد حكى جوازه في صورة النهر عَن الحسن، وفي صورة الطريق عَن أبي مجلز.

وقال الأوزاعي في السفينتين، يأتم مِن في أحداهما بإمام الأخرى: الصلاة
جائزةٌ، وإن كانَ بينهما فرجةٌ، إذا كانَ أمام الأخرى - وبه قالَ الثوري: نقله ابن المنذر.

وروى الأثرم بإسناده، عَن هشام بن عروة، قالَ: رأيت أبي وحميد بنِ
عبد الرحمن يصليان الجمعة بصلاة الإمام في دار حميدٍ، وبينهما وبين المسجد جدارٌ.

وكره آخرون ذَلِكَ:
روى ليثُ بنُ أبي سليمٍ، عَن نعيم بنِ أبي هندٍ، قالَ: قالَ عمر بنِ الخطاب: مِن صلى وبينه وبين الإمام نهرٌ أو جدار أو طريق لَم يصل معَ الإمام.

خرجه أبو بكر عبد العزيز بنِ جعفر في كِتابِ ( ( الشافي) ) .

وكره أبو حنيفة وأحمد أن يصلي المأموم وبينه وبين إمامه طريقٌ لا تتصل فيهِ الصفوف، فإن فعل، فقالَ أبو حنيفة: لا تجرئه صلاته.
وفيه عَن أحمد روايتان.

والنهر بصلاة الذِي تجري فيهِ السفن كالطريق عند أحمد.
وعن أحمد جوازه.

واحتج بصلاة أنسٍ في غرفة يوم الجمعة.

فَمِن أصحابه مِن خصه بالجمعة عند الزحام.
والأكثرون لَم يخصُّوه بالجمعة.

وكذلك مذهب إسحاق:
قالَ حربٌ: قلت لإسحاق: الرجل يصلي في داره، وبينه وبين المسجد طريقٌ يمرُّ فيهِ الناس؟ قالَ: لا يعجبني، ولم يرخِّص فيهِ.
قلت: صلاتهُ جائزةٌ؟ قالَ: لو كانت جائزةً كنت لا أقول: لا يعجبني.
قالَ: إلا أن يكون طريق يقوم فيهِ الناس، ويصفون فيهِ للصلاة.
قلت: فإنَّا حين صلينا لَم يمرَّ فيهِ أحدٌ، فذهب إلى أن الصلاة جائزةٌ.

قلت لإسحاق: فرجل صلى وبين يديه نهرٌ يجري فيهِ الماء؟ قالَ: إن كانَ نهراً تجري فيهِ السفن فلا يصلِّ، وإن لَم يكن تجري فيهِ السفن فَهوَ أسهل.

وكره آخرون الصلاة خلف الإمام خارجَ المسجد:
روي عَن أبي هريرة وقيس بنِ عبادةَ، قالا: لا جمعة لمن لَم يصلِّ في المسجد.
ورخصت طائفةٌ في الصلاة في الرحاب المتصلة بالمسجد، منهم: النخعيُّ والشافعيُّ.

وكذلك قالَ مالك، وزاد: أنَّهُ يصلي فيما اتصل بالمسجد مِن غيره.

ذكر في ( ( الموطأِ) ) عَن الثقة عنده، أن الناس كانوا يدخلون حُجَرَ أزواجِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد وفاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يصلُّون فيها الجمعة.
قالَ: وكان المسجد يضيقُ على أهله.

وحجر أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليست مِن المسجد، ولكن أبوابها شارعةٌ في المسجد.

قالَ مالك: فَمِن صلى في شيء مِن المسجد أو في رحابه التي تليه، فإن ذَلِكَ مجزئٌ عَنهُ، ولم يزلْ ذَلِكَ مِن أمر الناس، لَم يعبه أحدٌ مِن أهل الفقه.

قالَ مالك: فأما دارٌ مغلقةٌ لا تدخل إلا بإذن، فإنه لا ينبغي لأحد أن يصلي فيها بصلاةِ الإمام يوم الجمعة، وإن قربُت، فإنها ليست مِن المسجد.

وفي ( ( تهذب المدونة) ) .
أن ضابطَ ذَلِكَ: أن ما يُستطرَقُ بغير إذن مِن الدور والحوانيت تجوز الصلاة فيهِ، وما لا يدخل إليهِ إلا بإذن لا يجوز، وأن سائر الصلوات في ذَلِكَ كالجمعة.

وروى الأثرمُ بإسناده، عَن محمد بن عمرو بنِ عطاءٍ، قالَ: صليت معَ ابن عباسٍ في حجرة ميمونةَ زوجِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بصلاة الإمام يوم الجمعة.

وبإسناده، عَن عطاء بنِ أبي ميمونة، قالَ كنت معَ أنسِ بنِ مالك يوم جمعة، فلم يستطع أن يزاحم على أبواب المسجد، فقالَ: اذهب إلى عبد ربِّه ابن مخارقٍ، فقل لَهُ: إن أبا حمزة يقول لك: أتأذن لنا أن نصلي في دارك؟ فقالَ: نعم.
فدخل فصلَّى بصلاة الإمام، والدار عَن يمين الإمام.

فهذا أنسٌ قَد صلى في دار لا تُدخل بغير إذن، وحجر أزواجِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل هدمها وإدخالها في المسجد لَم تكن تُدخل بغير إذنٍ - أيضاً.

وقد استدل أحمد بالمروي عَن أنس في هَذا في رواية حرب، ورخص في الصلاة في الدار خارج المسجد، وإن كانَ بينها وبين المسجد طريقٌ، ولم يشترط الإمام أحمد لذلك رؤية الإمام، ولا مِن خلفه، والظاهر: أنه اكتفى بسماعِ التكبير.

واشترط طائفة مِن أصحابه الرؤية.
واشترط كثيرٌ مِن متقدميهم اتصال الصفوف في الطريق.

وشرطه الشَافِعي - أيضاً - قالَ في رواية الربيع فيمن كانَ في دار قرب المسجد، أو بعيداً منهُ: لَم يجز لَهُ أن يصلي فيها، إلا أن تتصل الصفوف بهِ، وَهوَ في أسفل
الدار، لا حائل بينه وبين الصفوف.

واستدلَّ بقول عائشة - مِن غير إسناد -، وتوقف في صحته عنها.

وذكره بإسناده في رواية الزعفراني، فقالَ: حدثنا إبراهيم بنِ محمد، عَن ليثٍ، عَن عطاء، عَن عائشة، أن نسوةً صلْين في حجرتها، فقالت: لا تصلِّين بصلاة الإمام؛ فإنكنَّ في حجابٍ.

وهذا إسناد ضعيفٌ، ولذلك توقف الشَافِعي في صحته.

المسألة الثانية:
إذا كانَ بين المأموم والإمام حائلٌ يمنع الرؤية، فَقد حكى البخاري عَن أبي مجلَزٍ أنه يجوز الاقتداء بهِ إذا سمع تكبير الإمام.
وأجازه أبو حنيفة وإسحاق.
قالَ إسحاق: إذا سمع قراءته واقتدى بهِ.

وقد تقدم كلام الشافعي في منعه، واستدلاله بحديث عائشة.
قالَ الشَافِعي: هَذا مخالف للمقصورة، المقصورة شيء مِن المسجد، فَهوَ وإن كانَ حائلاً بينه وبين ما وراءَها، فإنما هو كحول الأصطوانِ أو أقلَّ، وكحول صندوق المصاحف وما أشبهَهَ.

وحاصلُه: إن صلَّى في المسجد وراء الإمام لَم يشترط أن يرى فيهِ الإمام بخلاف مِن صلَّى خارج المسجد.

وحكى أصحابنا روايتين عَن أحمد فيمن صلَّى في المسجد بسماعِ التكبير، ولم يرَ الإمام ولا مَنْ خلفهُ: هل يصح اقتداؤهُ بهِ، أو لا؟
وحكوا روايةً ثالثةً: أنَّهُ يصحُّ اقتداؤه بهِ، سواء صلى معه في المسجد، أو صلى خارجاً مِن المسجد.

قالَ أحمد في رواية حنبلٍ: إذا صلَّى الرجلُ وَهوَ يسمع قراءة الإمام في دار أو في سطح بيته كانَ ذَلِكَ مجزئاً عَنهُ، وفي الرحبة.

قالَ أبو بكر عبد العزيز بنِ جعفر في كِتابِ ( ( الشافي) ) : ذَلِكَ جائزٌ إذا اتصلت الصفوف، وعلم التكبير والركوع والسجود، وأن لا يكون الدار والسطح مقدم القبلة، ولا فوق الإمام؛ فإنهم لا يمكنهم الاقتداء بهِ ولا اتباعه، ولا يعرفون ركوعه ولا
سجوده، وكذلك في الرحاب والطرق تجوز الصلاة في ذَلِكَ إذا اتصلت الصفوف، ورأى بعضهم بعضاً، ولو أغلقت دونهم الأبواب، وارتفعت الشبابيك بينهم، أو كانَ عليها أبواب تُغلقُ، فلا يلحظون الصفوف، ولا يرى بعضُهم بعضاً - يعني: أنَّهُ لا يصح اقتداؤهم بالإمام - قالَ: وَهوَ مذهب أبي عبد الله.
انتهى ما ذكره.

وَهوَ مبني على اشتراط الرؤية خارجَ المسجد، وفيه خلافٌ سبق ذكره.

وحُكي عن أحمد رواية: أن الحائل المانع للرؤية، والطريق الذِي لا تتصل فيهِ الصفوف يمنع الاقتداء في الفرض دونَ النفل.

وحُكي عَنهُ: أنه لا يمنع في الجمعة في حال الحاجة إليهِ خاصةً.

وحُكي عَنهُ: إن كانَ الحائل حائِطَ المسجد لَم يمنع، وإلا منع.

وإن كانَ الحائل يمنع الاستطراق دونَ الرؤية لَم يمنع.

وفيه وجهٌ: يمنع، وحكاه بعضهم روايةً.

خرج البخاري في هَذا الباب ثلاثة أحاديث:
الحديث الأول:
[ قــ :708 ... غــ :729 ]
- حدثنا محمد: ثنا عبدةُ، عَن يحيى بنِ سعيد الأنصاريِّ، عَن عَمرةَ، عَن عائشة، قالت: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصلي مِن الليل في حجرته، وجدار الحجرة قَصير، فرأى الناس شَخْص النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقام أُناسٌ يُصلونَ بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا بذلك، فقام ليلته الثَّانية، فقام معه أُناسٌ يصلون بصلاته، صنعوا ذَلِكَ ليلتين - أو ثلاثاً -، حتى إذا كانَ بعد ذَلِكَ جلس رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يخرج، فلما أصبح ذكر ذَلِكَ الناس، فقالَ:
( ( إنِّي خَشيت أن تكتبُ عليكم صلاةُ الليلِ) ) .
ليسَ في هَذهِ الرواية: دليل على جواز الائتمام مِن وراء جدارٍ يحول بين المأموم وبين رؤية إمامه؛ فإنَّ في هَذا التصريح بأن جدار الحجرة كانَ قصيراً، وأنهم كانوا يرونَ منهُ شخص النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومثلُ هَذا الجدار لا يمنع الاقتداء.

لكن؛ روى هَذا الحديث هُشيمٌ، عَن يحيى بنِ سعيد، فاختصر الحديث، وقال فيهِ: صلَّى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حجرته، والناس يأتمون به مِن وراء الحجرة.

وهذا مختصر.

وقد أتم الحديث عبدة بنِ سليمان وعيسى بن يونس وغيرهما، عَن يحيى بنِ
سعيد، وذكروا فيهِ: أن جدار الحجرة قصير، وأن الناس كانوا يرون شخص النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِذَا كَانَ بَيْنَ الإِمَامِ وَبَيْنَ الْقَوْمِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ
وَقَالَ الْحَسَنُ: لاَ بَأْسَ أَنْ تُصَلِّيَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نَهَرٌ.

وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ -وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ جِدَارٌ- إِذَا سَمِعَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ.

هذا ( باب) بالتنوين ( إذا كان بين الإمام وبين القوم) المقتدين به ( حائط أو سترة) لا يضر ذلك.
وهذا مذهب المالكية، نعم إذا جمعهما مسجد، وعلم بصلاة الإمام بسماع تكبيرة أو بتبليغ، جاز عند الشافعية لإجماع الأمة على ذلك، كما سيأتي قريبًا.

( وقال الحسن) البصري: ( لا بأس أن تصلي وبينك وبينه) أي الإمام ( نهر) سواء كان محوجًا إلى سباحة أم لا، وهذا هو الصحيح عند الشافعية، ولابن عساكر: نهير بضم النون وفتح الهاء مصغرًا،

وهو يدل على أن المراد الصغير، وهو الذى يمكن العبور من أحد طرفيه إلى الآخر من غير سباحة، وهذا لا يضرّ جزمًا.

وهذا التعليق قال ابن حجر: لم أره موصولاً بلفظه، وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه، في الرجل يصلّي خلف الإمام، وهو فوق سطح، يأتم به: لا بأس بذلك.

( وقال أبو مجلز) بكسر الميم وسكون الجيم آخره زاي معجمة، اسمه لاحق بالحاء المهملة والقاف، ابن حميد بضم الحاء، ابن سعيد البصري الأعور التابعي المتوفى سنة مائة أو إحدى ومائة، مما وصله ابن أبي شيبة: ( يأتم) المصلي ( بالإمام وإن كان بينهما طريق) مطروق، وهذا هو الصحيح عند الشافعية، فغير المطروق من باب أولى ( أو) كان بينهما ( جدار) وجمعهما مسجد ( إذا سمع تكبير الإمام) أو مبلغ عنه لإجماع الأمة على ذلك، ورحبة المسجد ملحقة به.

وحكم المساجد المتلاصقة المتنافذة كمسجد الأصح وإن صلّى به خارج المسجد واتصلت به الصفوف جازت صلاته، لأن ذلك يعدّ جماعة وإن انقطعت ولم يكن دونه حائل جازت إذا لم يزد ما بينهما على ثلاثمائة ذراع تقريبًا.

وإن كانا في بناءين: كصحن وصفة أو بيت، فطريقان:
أصحهما: إن كان بناء المأموم يمينًا أو شمالاً وجب اتصال صف من أحد البناءين بالآخر، لأن اختلاف البناء يوجب كونهما متفرقين.
فلا بد من رابطة يحصل بها الاتصال، ولا تضر فرجة لا تسع واقفًا، وإن كان بناء المأموم خلف بناء الإمام، فالصحيح صحة القدوة بشرط أن لا يكون بين الصفين أكثر من ثلاثة أذرع تقريبًا.

والطريق الثاني، وصححها النووي تبعًا لمعظم العراقيين، لا يشترط إلا القرب كالفضاء، فيصح ما لم يزد بينه وبين آخر صف على ثلاثمائة ذراع إن لم يكن حائل.

فإن كان بينهما حائل يمنع الاستطراق والمشاهدة، كالحائط، لم تصح باتفاق الطريقين، لأن الحائط معدّ للفصل بين الأماكن، وإن منع الاستطراق دون المشاهدة بأن يكون بينهما شباك، فالأصح في أصل الروضة البطلان.


[ قــ :708 ... غــ : 729 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ وَجِدَارُ الْحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ، فَقَامَ لَيْلَةَ الثَّانِيَةِ فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً، حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ، فَقَالَ: إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلاَةُ اللَّيْلِ.
[الحديث 729 - أطرافه في: 730، 924، 1129، 2011، 2012، 5861] .


وبالسند قال: ( حدّثنا) ولأبوي ذر والوقت: حدّثني ( محمد) ولابن عساكر محمد بن سلام، وبه قال أبو نعيم، وهو السلمي البيكندي بكسر الموحدة وسكون المثناة التحتية وفتح الكاف وسكون النون، واختلف في لام أبيه، والراجح التخفيف.
قال: ( أخبرنا) وللأصيلي: حدّثنا ( عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة، ابن سليمان الكوفي ( عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة) بفتح العين وسكون الميم، بنت عبد الرحمن الأنصارية ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي من الليل في حجرته وجدار الحجرة قصير) وفي رواية حماد بن زيد عن يحيى عند أبي نعيم:
في حجرة من حجر أزواجه، وهو يوضح أن المراد حجرة بيته لا التي كان احتجزها في المسجد بالحصير، ويدل له ذكر جدار الحجرة، لكن يحتمل أن تكون هي المراد، ويكون ذلك تعدد منه عليه الصلاة والسلام ( فرأى الناس شخص النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من غير تمييز منهم لذاته المقدسة، لأنه كان ليلاً، فلم يبصروا إلا شخصه ( فقام أناس) بهمزة مضمومة.
وللأربعة: فقام ناس ( يصلون بصلاته) عليه الصلاة والسلام، ملتبسين بها أو مقتدين بها وهو داخل الحجرة وهم خارجها، وهذا موضع الترجمة على ما لا يخفى، وفيه جواز الائتمام بمن لم ينوِ الإمامة، ( فأصبحوا) دخلوا في الصباح وهي تامّة ( فتحدثوا بذلك، فقام ليلة) الغداة ( الثانية) وللأصيلي: فقام الليلة الثانية، من باب إضافة الموصوف إلى صفته ( فقام معه) عليه الصلاة والسلام ( أناس) بالهمزة، وللأصيلي: ناس ( يصلون بصلاته، صنعوا ذلك) أي الاقتداء به عليه الصلاة والسلام ( ليلتين أو ثلاثة) وللأربعة: أو ثلاثًا ( حتى إذا كان) الوقت أو الزمان ( بعد ذلك، جلس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يخرج) إلى الموضع المعهود الذي صلّى فيه تلك الصلاة الليلتين أو الثلاث، ( فلما أصبح ذكر ذلك الناس) لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولمعمر عن الزهري عن عروة عن عائشة، عند عبد الرزاق أن الذي خاطبه بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( إني خشيت أن تكتب) أي تفرض ( عليكم صلاة الليل) أي من طريق الأمر بالاقتداء به عليه الصلاة والسلام، لأنه كان يجب عليه التهجد، لا من جهة إنشاء فرض آخر زائد على الخمسة، ولا يعارضه قوله في ليلة الإسراء: لا يبدل القول لديّ، فإن ذاك المراد به في التنقيص كما دل عليه السياق.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ إذَا كانَ بَيْنَ الإمَامِ وبَيْنَ القَوْمِ حائِطٌ أوْ سُتْرَةٌ)

أَي: هَذَا بابُُ تَرْجَمته: إِذا كَانَ ... إِلَى آخِره، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف تَقْدِيره: لَا يره ذَلِك، وَالْمَسْأَلَة فِيهَا خلاف، وَلَكِن مَا فِي الْبابُُ يدل على أَن ذَلِك جَائِز، وَهُوَ مَذْهَب الْمَالِكِيَّة أَيْضا، وَهُوَ الْمَنْقُول عَن أنس وَأبي هُرَيْرَة وَابْن سِيرِين وَسَالم، وَكَانَ عُرْوَة يُصَلِّي بِصَلَاة الإِمَام وَهُوَ فِي دَار بَينهَا وَبَين الْمَسْجِد طَرِيق،.

     وَقَالَ  مَالك: لَا بَأْس أَن يُصَلِّي وَبَينه وَبَين الإِمَام نهر صَغِير أَو طَرِيق، وَكَذَلِكَ السفن المتقاربة يكون الإِمَام فِي إِحْدَاهَا تجزيهم الصَّلَاة مَعَه، وَكره ذَلِك طَائِفَة، وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِذا كَانَ بَينه وَبَين الإِمَام طَرِيق أَو حَائِط أَو نهر فَلَيْسَ هُوَ مَعَه، وَكره الشّعبِيّ وَإِبْرَاهِيم أَن يكون بَينهمَا طَرِيق.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لَا يجْزِيه إِلَّا أَن تكون الصُّفُوف مُتَّصِلَة فِي الطَّرِيق، وَبِه قَالَ اللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَشْهَب.
وَقَالَ الحَسَنُ لاَ بَأسَ أنْ تُصَلِّي وبَيْنَكَ وبَيْنَهُ نَهْرٌ
مُطَابقَة هَذَا الْأَثر للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْفَاصِل بَينه وَبَين الإِمَام كالحائط وَالنّهر لَا يضر.
وروى سعيد بن مَنْصُور بِإِسْنَاد صَحِيح فِي الرجل يُصَلِّي خلف الإِمَام وَهُوَ فَوق سطح يأتم بِهِ لَا بَأْس بذلك، قَوْله: (وَبَيْنك) حَال، وَقَوله: (نهر) ، ويروى (نهير) مُصَغرًا، وَهُوَ يدل على أَن المُرَاد من النَّهر الصَّغِير وَالْكَبِير يمْنَع.

وقالَ أبُو مِجْلَزٍ يِأْتَمُّ بالإمامِ وإنْ كانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أوْ جِدَارٌ إذَا سَمِعَ تَكْبِيرَ الإمَامِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة جدا، وَأَبُو مجلز، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْجِيم وَفِي آخِره زَاي مُعْجمَة: اسْمه لَاحق بن حميد، بِضَم الْحَاء: ابْن سعيد الْبَصْرِيّ الْأَعْوَر، من التَّابِعين الْمَشْهُورين، مَاتَ بِظهْر الْكُوفَة فِي سنة مائَة أَو إِحْدَى وَمِائَة، وَأخرج أَثَره مَوْصُولا ابْن أبي شيبَة عَن مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن لَيْث بن أبي سليم عَنهُ وَلَيْث ضَعِيف، فِي امْرَأَة تصلي وَبَينهَا وَبَين الإِمَام حَائِط، قَالَ: إِذا كَانَت تسمع تَكْبِير الإِمَام أجزأها ذَلِك.



[ قــ :708 ... غــ :729 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدٌ قَالَ أخبرنَا عَبْدَةُ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ الأنْصَارِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي حُجْرَةٍ وَجِدَارُ الحُجْرَةِ قَصِير فَرَأي الناسُ شَخْصَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ فَأصْبَحُوا فتَحَدَّثُوا بذَلِكَ فقامَ لَيْلَةَ الثَانِيةِ فَقامَ معَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاتِهِ صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ أوْ ثَلاثَةً حَتَّى إذَا كانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمْ يَخْرُجْ فلَمَّا أصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ إنِّي خَشِيتُ أنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلاةُ اللَّيْلِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فَقَامَ نَاس يصلونَ بِصَلَاتِهِ) لِأَنَّهُ كَانَ بَينه وَبينهمْ جِدَار الْحُجْرَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد هُوَ ابْن سَلام، قَالَه أَبُو نعيم، وَبِه جزم ابْن عَسَاكِر فِي رِوَايَته.
الثَّانِي: عَبدة، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن سُلَيْمَان الْكلابِي، من أنفسهم، وَيُقَال: العامري الْكُوفِي، وَكَانَ اسْمه: عبد الرَّحْمَن، وَعَبدَة لقبه، فغلب عَلَيْهِ ويكنى أَبَا مُحَمَّد.
الثَّالِث: يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ.
الرَّابِع: عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن الْأَنْصَارِيَّة المدنية.
الْخَامِس: أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف أسناده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين.
وَفِيه: من غلب لقبه على اسْمه، وَهُوَ: عَبدة، وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التابعية عَن الصحابية.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين البيكندي وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ، وكوفي ومدني.
وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.
وَفِيه: أَن شَيْخه مَذْكُور بِلَا نِسْبَة.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن أبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب عَن هشيم بن بشير عَن يحيى بِهِ مُخْتَصرا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فِي حجرته) أَي: فِي حجرَة بَيته، يدل عَلَيْهِ ذكر جِدَار الْحُجْرَة، وأوضح مِنْهُ رِوَايَة حَمَّاد بن زيد عَن يحيى عِنْد أبي نعيم، بِلَفْظ: (كَانَ يُصَلِّي فِي حجرَة من حجر أَزوَاجه) ، والحجرة الْموضع الْمُنْفَرد من الدَّار.
قَوْله: (شخص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الشَّخْص سَواد الْإِنْسَان وَغَيره يرَاهُ من بعيد، وَإِنَّمَا قَالَ بِلَفْظ: الشَّخْص، لِأَنَّهُ كَانَ ذَلِك بِاللَّيْلِ وَلم يَكُونُوا يبصرون مِنْهُ إلاّ سوَاده.
قَوْله: (فَقَامَ نَاس) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (فَقَامَ أنَاس) ، بِزِيَادَة همزَة فِي أَوله.
قَوْله: (بِصَلَاتِهِ) ، أَي: متلبسين بِصَلَاتِهِ أَو مقتدين بهَا.
قَوْله: (فَأَصْبحُوا) أَي: دخلُوا فِي الصَّباح، وَهِي تَامَّة.
قَوْله: (فَقَامَ لَيْلَة الثَّانِيَة) هَكَذَا رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: (فَقَامَ اللَّيْلَة الثَّانِيَة) ، وَجه الرِّوَايَة الأولى أَن فِيهِ حذفا تَقْدِيره: لَيْلَة الْغَدَاة الثَّانِيَة،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: اللَّيْلَة مُضَافَة إِلَى الثَّانِيَة من بابُُ إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى صفته.
قَوْله: (ذَلِك) أَي: الِاقْتِدَاء بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (إِذا كَانَ) ، أَي: الْوَقْت وَالزَّمَان.
قَوْله: (فَلم يخرج) ، أَي: إِلَى الْموضع الْمَعْهُود الَّذِي كَانَ صلى فِيهِ تِلْكَ اللَّيَالِي، فَلم يرَوا شخصه.
قَوْله: (فَلَمَّا أصبح ذكر ذَلِك النَّاس) أَي: للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذكر عبد الرَّزَّاق أَن الَّذِي خاطبه بذلك عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَنْهَا.
قَوْله: (أَن تكْتب) ، أَي: تفرض،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: قد يُقَال عَلَيْهِ: كَيفَ يجوز أَن تكْتب علينا صَلَاة وَقد أكمل الله الْفَرَائِض، ورد عدد الْخمسين مِنْهَا إِلَى الْخمس؟ فَقيل: إِن صَلَاة اللَّيْل كَانَت وَاجِبَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأفعاله الَّتِي تفضل بالشريعة وَاجِب على الْأمة الائتساء بِهِ فِيهَا، وَكَانَ أَصْحَابه إِذا رَأَوْهُ يواظب على فعل يقتدون بِهِ، ويرونه وَاجِبا، فَترك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخُرُوج فِي اللَّيْلَة الرَّابِعَة، وَترك الصَّلَاة فِيهَا لِئَلَّا يدْخل ذَلِك الْفِعْل فِي الْوَاجِبَات كالمكتوبة عَلَيْهِم من طَرِيق الْأَمر بالاقتداء بِهِ، فَالزِّيَادَة إِنَّمَا تجب عَلَيْهِم من جِهَة وجوب الِاقْتِدَاء بِأَفْعَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَا من جِهَة إنْشَاء فرض يسْتَأْنف زَائِدا، وَهَذَا كَمَا يُوجب الرجل على نَفسه صَلَاة نذر، وَلَا يدل ذَلِك على زِيَادَة جملَة فِي الشَّرْع الْمَفْرُوض فِي الأَصْل، وَفِيه وَجه آخر، وَهُوَ أَن الله تَعَالَى فرض الصَّلَاة أَولا خمسين، ثمَّ حط بشفاعة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معظمها تَخْفِيفًا عَن أمته، فَإِذا عَادَتْ الْأمة فِيمَا استوهبت وتبرعت بِالْعَمَلِ بِهِ لم يستنكر أَن يكْتب فرضا عَلَيْهِم، وَقد ذكر الله عَن النَّصَارَى أَنهم ابتدعوا رَهْبَانِيَّة مَا كتبهَا الله عَلَيْهِم، ثمَّ لما قصروا فِيهَا لحقتهم الْمَلَامَة فِي قَوْله: { فَمَا رعوها حق رعايتها} (الْحَدِيد: 27) .
فأشفق صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يكون سبيلهم أُولَئِكَ، فَقطع الْعَمَل بِهِ تَخْفِيفًا عَن أمته.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: مَا قَالَه الْمُهلب جَوَاز الائتمام بِمن لم ينْو أَن يكون إِمَامًا فِي تِلْكَ الصَّلَاة، لِأَن النَّاس ائتموا بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وَرَاء الْحَائِط، وَلم يعْقد النِّيَّة مَعَهم على الْإِمَامَة، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ قلت: هُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة أَيْضا إلاّ أَن أَصْحَابنَا قَالُوا: لَا بُد من نِيَّة الْإِمَامَة فِي حق النِّسَاء، خلافًا لزفَر.
وَفِيه: أَن فعل النَّوَافِل فِي الْبَيْت أفضل..
     وَقَالَ  ابْن الْقَاسِم عَن مَالك: إِن التَّنَفُّل فِي الْبيُوت أفضل إِلَيّ مِنْهُ فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاّ للغرباء.
وَفِيه: جَوَاز النَّافِلَة فِي جمَاعَة.
وَفِيه: أَيْضا شفقته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أمته خشيَة أَن تكْتب عَلَيْهِم صَلَاة اللَّيْل فيعجزوا عَنْهَا، فَترك الْخُرُوج لِئَلَّا يخرج ذَلِك الْفِعْل مِنْهُ.
وَفِيه: أَن الْجِدَار وَنَحْوه لَا يمْنَع الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ، وَعَلِيهِ تَرْجَمَة الْبابُُ.
قلت: إِنَّمَا يجوز ذَلِك إِذا لم يلتبس عَلَيْهِ حَال الإِمَام.