7066 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ فَاعْزِمُوا فِي الدُّعَاءِ ، وَلاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ |
7066 حدثنا مسدد ، حدثنا عبد الوارث ، عن عبد العزيز ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعوتم الله فاعزموا في الدعاء ، ولا يقولن أحدكم إن شئت فأعطني ، فإن الله لا مستكره له |
Narrated Anas:
Allah's Messenger (ﷺ) said, Whenever anyone of you invoke Allah for something, he should be firm in his asking, and he should not say: 'If You wish, give me...' for none can compel Allah to do something against His Will.
":"ہم سے مسدد نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا ہم سے عبدالوارث نے بیان کیا ‘ ان سے عبد العزیز نے بیان کیا ‘ ان سے انس بن مالک رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا جب تم دعا کرو تو عزم کے ساتھ کرو اور کوئی دعا میں یہ نہ کہے کہ اگر تو چاہے تو فلاں چیز مجھے عطا کر‘کیونکہ اللہ سے کوئی زبردستی کرنے والا نہیں ۔
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
( .
قَوْلُهُ بَابٌ فِي الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ)
قَالَ الرَّاغِبُ الْمَشِيئَةُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَالْإِرَادَةِ سَوَاءٌ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمَشِيئَةَ فِي الْأَصْلِ إِيجَادُ الشَّيْءِ وَإِصَابَتُهُ فَمِنَ اللَّهِ الْإِيجَادُ وَمِنَ النَّاسِ الْإِصَابَةُ وَفِي الْعُرْفِ تُسْتَعْمَلُ مَوْضِعَ الْإِرَادَةِ .
قَوْلُهُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تشَاء وَقَوله وَمَا تشاؤن الا ان يَشَاء الله وَقَولُهُ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا الا ان يَشَاء الله وَقَولُهُ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يهدي من يَشَاء قَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ أَنْ سَاقَ بِسَنَدِهِ إِلَى الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ الشَّافِعِيُّ الْمَشِيئَةُ إِرَادَةُ اللَّهِ وَقَدْ أَعْلَمَ اللَّهُ خَلْقَهُ أَنَّ الْمَشِيئَةَ لَهُ دونهم فَقَالَ وَمَا تشاؤن الا ان يَشَاء الله فَلَيْسَتْ لِلْخَلْقِ مَشِيئَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَبِهِ إِلَى الرَّبِيعِ قَالَ سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنِ الْقَدَرِ فَقَالَ مَا شِئْتَ كَانَ وَإِنْ لَمْ أَشَأْ وَمَا شِئْتُ إِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ الْأَبْيَاتَ ثُمَّ سَاقَ مِمَّا تَكَرَّرَ مِنْ ذِكْرِ الْمَشِيئَةِ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ مَوْضِعًا مِنْهَا غَيْرُ مَا ذُكِرَ فِي التَّرْجَمَةِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْبَقَرَةِ وَلَوْ شَاءَ الله لذهب بسمعهم وأبصارهم وَقَوله يخْتَص برحمته من يَشَاء وَقَوله وَلَو شَاءَ الله لأعنتكم وَقَوله وَعلمه مِمَّا يَشَاء وَقَولُهُ فِي آلِ عِمْرَانَ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بيد الله يؤتيه من يَشَاء وَقَوله ويجتبي من رسله من يَشَاء وَقَولُهُ فِي النِّسَاءِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لمن يَشَاء.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ فِي الْأَنْعَامِ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا الْآيَةَ فَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَا الْمُعْتَزِلَةُ وَقَالُوا إِنَّ فِيهَا رَدًّا عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ تَمَسَّكُوا بِأَصْلٍ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَرَاهِينُ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَخْلُقَ الْمَخْلُوقُ شَيْئًا وَالْإِرَادَةُ شَرْطٌ فِي الْخَلْقِ وَيَسْتَحِيلُ ثُبُوتُ الْمَشْرُوطِ بِدُونِ شَرْطِهِ فَلَمَّا عَانَدَ الْمُشْرِكُونَ الْمَعْقُولَ وَكَذَّبُوا الْمَنْقُولَ الَّذِي جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُلُ وَأُلْزِمُوا الْحُجَّةَ بِذَلِكَ تَمَسَّكُوا بِالْمَشِيئَةِ وَالْقَدَرِ السَّابِقِ وَهِيَ حُجَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِأَنَّ الْقَدَرَ لَا تَبْطُلُ بِهِ الشَّرِيعَةُ وَجَرَيَانُ الْأَحْكَامِ عَلَى الْعِبَادِ بِأَكْسَابِهِمْ فَمَنْ قَدَّرَ عَلَيْهِ بِالْمَعْصِيَةِ كَانَ ذَلِكَ عَلَامَةً عَلَى أَنَّهُ قَدَّرَ عَلَيْهِ الْعِقَابَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْرِكِينَ وَمَنْ قَدَّرَ عَلَيْهِ بِالطَّاعَةِ كَانَ ذَلِكَ عَلَامَةً عَلَى أَنَّهُ قَدَّرَ عَلَيْهِ بِالثَّوَابِ وَحَرْفُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ قَاسُوا الْخَالِقَ عَلَى الْمَخْلُوقِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْمَخْلُوقَ لَوْ عَاقَبَ مَنْ يُطِيعُهُ مِنْ أَتْبَاعِهِ عُدَّ ظَالِمًا لِكَوْنِهِ لَيْسَ مَالِكًا لَهُ بِالْحَقِيقَةِ وَالْخَالِقُ لَوْ عَذَّبَ مَنْ يُطِيعُهُ لَمْ يُعَدَّ ظَالِمًا لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِلْكُهُ فَلَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَلَا يسئل عَمَّا يَفْعَلُ.
وَقَالَ الرَّاغِبُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ وَأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا وَمَوْقُوفَةٌ عَلَيْهَا مَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى تَعْلِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَة الزُّهْرِيّ من طَرِيق بن أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَأْمُرُ بِرِوَايَةِ قَصِيدَةِ لَبِيدٍ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرٌ نَفَلْ وَبِإِذْنِ اللَّهِ رَيْثِي وَعَجَلْ أَحْمَدُ اللَّهَ فَلَا نِدَّ لَهُ بِيَدَيْهِ الْخَيْرُ مَا شَاءَ فَعَلْ مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الْخَيْرِ اهْتَدَى نَاعِمَ الْبَالِ وَمَنْ شَاءَ أَضَلْ وَحَرْفُ النِّزَاعِ بَيْنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْإِرَادَةَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ تَابِعَةٌ لِلْعِلْمِ وَعِنْدَهُمْ تَابِعَةٌ لِلْأَمْرِ وَيَدُلُّ لِأَهْلِ السّنة قَوْله تَعَالَى يُرِيد الله أَن لَا يَجْعَل لَهُم حظا فِي الْآخِرَة.
وَقَالَ بن بَطَّالٍ غَرَضُ الْبُخَارِيِّ إِثْبَاتُ الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَإِرَادَتُهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ وَزَعَمَ الْمُعْتَزِلَةُ أَنَّهَا صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ فِعْلِهِ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّ إِرَادَتَهُ لَوْ كَانَتْ مُحْدَثَةً لَمْ يَخْلُ أَنْ يُحْدِثَهَا فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ أَوْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ لَا فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ مُحَالٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ وَالثَّانِي فَاسِدٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْغَيْرُ مُرِيدًا لَهَا وَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ الْبَارِي مُرِيدًا إِذِ الْمُرِيدُ مَنْ صَدَرَتْ مِنْهُ الْإِرَادَةُ وَهُوَ الْغَيْرُ كَمَا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا إِذَا أَحْدَثَ الْعلم فِي غَيره وَحَقِيقَة المريد ان تكون الْإِرَادَةُ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ وَالرَّابِعُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ قِيَامَهَا بِنَفْسِهَا وَإِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ صَحَّ أَنَّهُ مُرِيدٌ بِإِرَادَةٍ قَدِيمَةٍ هِيَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ وَيَكُونُ تَعَلُّقُهَا بِمَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مُرَادًا فَمَا وَقَعَ بِإِرَادَتِهِ قَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَأَنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا مَا يَشَاءُ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ .
قَوْلُهُ وَمَا تَشَاءُونَ الا ان يَشَاء الله وَغَيْرُهَا مِنَ الْآيَاتِ.
وَقَالَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَكِنَّ اللَّهَ يفعل مَا يُرِيد فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ اقْتِتَالَهُمُ الْوَاقِعَ مِنْهُمْ لِكَوْنِهِ مُرِيدًا لَهُ وَإِذَا كَانَ هُوَ الْفَاعِلَ لِاقْتِتَالِهِمْ فَهُوَ الْمُرِيدُ لِمَشِيئَتِهِمْ وَالْفَاعِلُ فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ كَسْبَ الْعِبَادِ إِنَّمَا هُوَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ وَلَوْ لَمْ يُرِدْ وُقُوعَهُ مَا وَقَعَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْإِرَادَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ إِرَادَةُ أَمْرٍ وَتَشْرِيعٍ وَإِرَادَةُ قَضَاءٍ وَتَقْدِيرٍ فَالْأُولَى تَتَعَلَّقُ بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ أَمْ لَا وَالثَّانِيَةُ شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ مُحِيطَةٌ بِجَمِيعِ الْحَادِثَاتِ طَاعَةً وَمَعْصِيَةً وَإِلَى الْأَوَّلِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَإِلَى الثَّانِي الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْإِرَادَةِ وَالرِّضَا فَقَالُوا يُرِيدُ وُقُوعَ الْمَعْصِيَةِ وَلَا يَرْضَاهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَوْ شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها الْآيَة وَقَوله وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَأَجَابَ أَهْلُ السُّنَّةِ بِمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ يَعْنِي بِعِبَادِهِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ بِقَوْلِهِمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَرَادَ عِبَادَهُ الْمُخْلِصِينَ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ فَحَبَّبَ إِلَيْهِمُ الْإِيمَانَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
وَقَالَ تِ الْمُعْتَزِلَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاء الله مَعْنَاهُ وَمَا تَشَاءُونَ الطَّاعَةَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قَسَرَكُمْ عَلَيْهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا قَالَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ فِي مَوْضِعِ مَا شَاءَ لِأَنَّ حَرْفَ الشَّرْطِ لِلِاسْتِقْبَالِ وَصَرْفُ الْمَشِيئَةِ إِلَى الْقَسْرِ تَحْرِيفٌ لَا إِشْعَارَ لِلْآيَةِ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَإِنَّمَا الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ مَشِيئَةُ الِاسْتِقَامَةِ كَسْبًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ مِنَ الْعِبَادِ وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تشَاء أَيْ يُعْطِي مَنِ اقْتَضَتْهُ الْحِكْمَةُ الْمُلْكَ يُرِيدُونَ أَنَّ الْحِكْمَةَ تَقْتَضِي رِعَايَةَ الْمَصْلَحَةِ وَيَدَّعُونَ وُجُوبَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّصِفًا بِصِفَاتِ مَنْ يَصْلُحُ لِلْمُلْكِ أَمْ لَا مِنْ غَيْرِ رِعَايَةِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا وُجُوبٍ وَلَا أَصْلَحَ بَلْ يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يَكْفُرُ بِهِ وَيَكْفُرُ نِعْمَتَهُ حَتَّى يُهْلِكَهُ كَكَثِيرٍ مِنَ الْكُفَّارِ مِثْلَ نُمْرُودَ وَالْفَرَاعِنَةِ وَيُؤْتِيهِ إِذَا شَاءَ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَيَدْعُو إِلَى دِينِهِ وَيَرْحَمُ بِهِ الْخَلْقَ مِثْلَ يُوسُفَ وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَحِكْمَتُهُ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ عِلْمُهُ وَإِحْكَامُهُ بِإِرَادَتِهِ تَخْصِيصَ مَقْدُورَاتِهِ قَوْلِهِ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ الله يهدي من يَشَاء قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا بِتَمَامِهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْقَصَصِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى وَبَعْضُهُ فِي الْجَنَائِزِ.
وَقَالَ تِ الْمُعْتَزِلَةُ فِي هَذِهِ الْآيَة معنى لَا تهدي من أَحْبَبْت لِأَنَّكَ لَا تَعْلَمُ الْمَطْبُوعَ عَلَى قَلْبِهِ فَيُقْرَنُ بِهِ اللُّطْفُ حَتَّى يَدْعُوَهُ إِلَى الْقَبُولِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ الْقَابِلِينَ لِذَلِكَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ اللُّطْفَ الَّذِي يَسْتَنِدُونَ إِلَيْهِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَمُرَادُهُمْ بِمَنْ يَقْبَلُ مِمَّنْ لَا يَقْبَلُ مَنْ يَقَعُ ذَلِكَ مِنْهُ لِذَاتِهِ لَا بِحُكْمِ اللَّهِ وَإِنَّمَا المُرَاد بقوله تَعَالَى وَهُوَ أعلم بالمهتدين أَي الَّذين خَصَّصَهُمْ بِذَلِكَ فِي الْأَزَلِ .
قَوْلُهُ يُرِيدُ اللَّهُ بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر هَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا تَمَسَّكَ بِهَا الْمُعْتَزِلَةُ لِقَوْلِهِمْ فَقَالُوا هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرِيدُ الْمَعْصِيَةَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مَعْنَى إِرَادَةِ الْيُسْرِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَمَعَ الْمَرَضِ وَالْإِفْطَارِ بِشَرْطِهِ وَإِرَادَةِ الْعُسْرِ الْمَنْفِيَّةِ الْإِلْزَامُ بِالصَّوْمِ فِي السَّفَرِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ فَالْإِلْزَامُ هُوَ الَّذِي لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُهُ وَبِهَذَا تَظْهَرُ الْحِكْمَةُ فِي تَأْخِيرِهَا عَنِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَالْفَصْلِ بَيْنَ آيَاتِ الْمَشِيئَةِ وَآيَاتِ الْإِرَادَةِ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْإِرَادَةِ فِي الْقُرْآنِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ أَيْضًا وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَّهُ مُرِيدٌ لِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ آمِرًا بِهَا.
وَقَالَ تِ الْمُعْتَزِلَةُ لَا يُرِيدُ الشَّرَّ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُ لَطَلَبَهُ وَزَعَمُوا أَنَّ الْأَمْرَ نَفْسُ الْإِرَادَةِ وَشَنَّعُوا عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا إِنَّ الْفَحْشَاءَ مُرَادَةٌ لِلَّهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنَزَّهَ عَنْهَا وَانْفَصَلَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ يُرِيدُ الشَّيْءَ لِيُعَاقِبَ عَلَيْهِ وَلِثُبُوتِ أَنَّهُ خَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا وَخَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا وَأَلْزَمُوا الْمُعْتَزِلَةَ بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا أَنَّهُ يَقَعُ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يُرِيدُ وَيُقَالُ إِنَّ بَعْضَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ أُحْضِرَ لِلْمُنَاظَرَةِ مَعَ بَعْضِ أَئِمَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ فَلَمَّا جَلَسَ الْمُعْتَزِلِيُّ قَالَ سُبْحَانَ مَنْ تَنَزَّهَ عَنِ الْفَحْشَاءِ فَقَالَ السُّنِّيُّ سُبْحَانَ مَنْ لَا يَقَعُ فِي مُلْكِهِ إِلَّا مَا يَشَاءُ فَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ أَيَشَاءُ رَبُّنَا أَنْ يُعْصَى فَقَالَ السُّنِّيُّ أَفَيُعْصَى رَبُّنَا قَهْرًا فَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَنِي الْهُدَى وَقَضَى عَلَيَّ بِالرَّدَى أَحْسَنَ إِلَيَّ أَوْ أَسَاءَ فَقَالَ السُّنِّيُّ إِنْ كَانَ مَنَعَكَ مَا هُوَ لَكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَإِنْ كَانَ مَنَعَكَ مَا هُوَ لَهُ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ الْحَدِيثِ الْمُعَلَّقِ فِيهِ سَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا فِيهَا كُلِّهَا ذِكْرُ الْمَشِيئَةِ وَتَقَدَّمَتْ كُلُّهَا فِي أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَنَسٍ إِذَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ فَاعْزِمُوا فِي الدُّعَاءِ أَيِ اجْزِمُوا وَلَا تَرَدَّدُوا مِنْ عَزَمْتُ عَلَى الشَّيْءِ إِذَا صَمَّمْتَ عَلَى فِعْلِهِ وَقِيلَ عَزْمُ الْمَسْأَلَةِ الْجَزْمُ بِهَا مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ فِي الطَّلَبِ وَقِيلَ هُوَ حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ فِي الْإِجَابَةِ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ فِي التَّعْلِيقِ صُورَةَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ وَعَنِ الْمَطْلُوبِ وَقَولُهُ
[ قــ :7066 ... غــ :7464] لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ أَيْ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يُوهِمُ إِمْكَانَ إِعْطَائِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَشِيئَةِ وَلَيْسَ بَعْدَ الْمَشِيئَةِ إِلَّا الْإِكْرَاهُ وَاللَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ عَلِيٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ قَوْلُ عَلِيٍّ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا وَأَقَرَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَقَولُهُ