هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
68 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ ، قَالَ : فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ ، قَالَ : حَتَّى هَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ ، فَدَعَوْتَ اللَّهَ عَلَيْهَا ، قَالَ : فَفَعَلَ ، قَالَ : فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ ، وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ ، قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِدٌ : وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاهُ ، قُلْتُ : وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى ؟ قَالَ : كَانُوا يَمُصُّونَهُ وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ، قَالَ : فَدَعَا عَلَيْهَا قَالَ حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ ، قَالَ : فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
68 حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر ، قال : حدثني أبو النضر هاشم بن القاسم ، حدثنا عبيد الله الأشجعي ، عن مالك بن مغول ، عن طلحة بن مصرف ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير ، قال : فنفدت أزواد القوم ، قال : حتى هم بنحر بعض حمائلهم ، قال : فقال عمر : يا رسول الله ، لو جمعت ما بقي من أزواد القوم ، فدعوت الله عليها ، قال : ففعل ، قال : فجاء ذو البر ببره ، وذو التمر بتمره ، قال : وقال مجاهد : وذو النواة بنواه ، قلت : وما كانوا يصنعون بالنوى ؟ قال : كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء ، قال : فدعا عليها قال حتى ملأ القوم أزودتهم ، قال : فقال عند ذلك : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما ، إلا دخل الجنة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It is narrated on the authority of Abu Huraira:

We were accompanying the Apostle (ﷺ) in a march (towards Tabuk). He (the narrator) said: The provisions with the people were almost depleted. He (the narrator) said: (And the situation became so critical) that they (the men of the army) decided to slaughter some of their camels. He (the narrator) said: Upon this Umar said: Messenger of Allah, I wish that you should pool together what has been left out of the provisions with the people and then invoke (the blessings of) Allah upon it. He (the narrator) said: He (the Holy Prophet) did it accordingly. He (the narrator) said: The one who had wheat in his possession came there with wheat. He who had dates with him came there with dates. And Mujahid said: He who possessed stones of dates came there with stones. I (the narrator) said: What did they do with the date-stones. They said: They (the people) sucked them and then drank water over them. He (the narrator said): He (the Holy Prophet) invoked the blessings (of Allah) upon them (provisions). He (the narrator) said: (And there was such a miraculous increase in the stocks) that the people replenished their provisions fully. He (the narrator) said: At that time he (the Holy Prophet) said: I bear testimony to the fact that there is no god but Allah, and I am His messenger. The bondsman who would meet Allah without entertaining any doubt about these (two fundamentals) would enter heaven.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [27] ( حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هريرة أوعن أَبِي سَعِيدٍ شَكَّ الْأَعْمَشُ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ غَزْوَةِ تَبُوكَ الْحَدِيثَ) هَذَانِ الْإِسْنَادَانِ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَعَلَّلَهُ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَعَلَّلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ وَغَيْرَهُ خَالَفُوا عُبَيْدَ اللَّهِ الْأَشْجَعِيَّ فَرَوَوْهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ مُرْسَلًا.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَعَلَّلَهُ لِكَوْنِهِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْأَعْمَشِ فَقِيلَ فِيهِ أَيْضًا عَنْهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ وَكَانَ الْأَعْمَشُ يَشُكُّ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَانِ الِاسْتِدْرَاكَانِ مِنَ الدَّارَقُطْنِيِّ مَعَ أَكْثَرِ اسْتِدْرَاكَاتِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ قَدْحٌ فِي أَسَانِيدِهِمَا غَيْرُ مُخْرِجٍ لِمُتُونِ الْأَحَادِيثِ مِنْ حَيِّزِ الصِّحَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَبُو مَسْعُودٍ إِبْرَاهِيمَ بن محمدالدِّمَشْقِيُّ الْحَافِظُ فِيمَا أَجَابَ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنِ اسْتِدْرَاكَاتِهِ عَلَى مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْأَشْجَعِيَّ ثِقَةٌ مُجَوِّدٌ فَإِذَا جَوَّدَ مَا قَصَّرَ فِيهِ غَيْرُهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْحَدِيثُ لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِوَايَةِ الْأَعْمَشِ لَهُ مُسْنَدًا وَبِرِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ وَإِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ الشَّيْخُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.
وَأَمَّا شَكُّ الْأَعْمَشِ فَهُوَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ شَكٌّ فِي عَيْنِ الصَّحَابِيِّ الرَّاوِي لَهُ وَذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ.

.

قُلْتُ وَهَذَانِ الِاسْتِدْرَاكَانِ لَا يَسْتَقِيمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّا قَدَّمْنَا فِي الْفُصُولِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ بَعْضُ الثِّقَاتِ مَوْصُولًا وَبَعْضُهُمْ مُرْسَلًا فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْفُقَهَاءُ وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ الْحُكْمَ لِرِوَايَةِ الْوَصْلِ سَوَاءٌ كَانَ رَاوِيهَا أَقَلَّ عددا من رواية الارسال أو مساويا لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ فَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا وَهُوَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ جَوَّدَ وحفظ ماقصر فِيهِ غَيْرُهُ.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُمْ قَالُوا إِذَا قَالَ الرَّاوِي حَدَّثَنِي فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ وَهُمَا ثِقَتَانِ احْتُجَّ بِهِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الرِّوَايَةُ عَنْ ثِقَةٍ مُسَمًّى وَقَدْ حَصَلَ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ ذَكَرَهَا الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي الْكِفَايَةِ وَذَكَرَهَا غَيْرُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الصَّحَابَةِ فَفِي الصَّحَابَةِ أَوْلَى فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ فَلَا غَرَضَ فِي تَعْيِينِ الرَّاوِي مِنْهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا ضَبْطُ لَفْظِ الْإِسْنَادِ فَمِغْوَلٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ.

.
وَأَمَّا مُصَرِّفٌ فَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ وَأَصْحَابِ الْمُؤْتَلِفِ وَأَصْحَابِ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ وَحَكَى الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَلَعِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ أَلْفَاظُ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يُرْوَى بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ مِنْ رِوَايَةِ الْفَتْحِ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ وَلَا أَظُنُّهُ يَصِحُّ وَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَلَّدَ فِيهِ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ أَوْ بَعْضَ النُّسَخِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَهَذَا كَثِيرٌ يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَفِي الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي شَرْحِ أَلْفَاظِهَا فَيَقَعُ فِيهَا تَصْحِيفَاتٌ وَنُقُولٌ غَرِيبَةٌ لا تعرف وأكثر هذه الغريبة أَغَالِيطُ لِكَوْنِ النَّاقِلِينَ لَهَا لَمْ يَتَحَرَّوْا فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( حَتَّىهَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ) رُوِيَ بِالْحَاءِ وَبِالْجِيمِ وَقَدْ نَقَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّرَّاحِ الْوَجْهَيْنِ لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الرَّاجِحِ مِنْهُمَا فَمِمَّنْ نَقَلَ الْوَجْهَيْنِ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ الْجِيمَ وَجَزَمَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِالْحَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ فَهُوَ بِالْحَاءِ جَمْعُ حَمُولَةٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَهِيَ الْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُ وَبِالْجِيمِ جَمْعُ جِمَالَةً بِكَسْرِهَا جَمْعُ جَمَلٍ وَنَظِيرُهُ حَجَرٌ وَحِجَارَةٌ وَالْجَمَلُ هُوَ الذَّكَرُ دُونَ النَّاقَةِ وَفِي هَذَا الَّذِي هَمَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانٌ لِمُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ وَتَقْدِيمُ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ وَارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ لِدَفْعِ أَضَرِّهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ) هَذَا فِيهِ بَيَانُ جَوَازِ عَرْضِ الْمَفْضُولِ عَلَى الْفَاضِلِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً لِيَنْظُرَ الْفَاضِلُ فِيهِ فَإِنْ ظَهَرَتْ لَهُ مَصْلَحَةٌ فَعَلَهُ وَيُقَالُ بَقِيَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ لُغَةُ أَكْثَرِ الْعَرَبِ وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ وَالْفَتْحُ لُغَةُ طَيٍّ وَكَذَا يَقُولُونَ فِيمَا أَشْبَهَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ قَالَ.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاهُ)
هَكَذَا هُوَ فِي أُصُولِنَا وَغَيْرِهَا الْأَوَّلُ النَّوَاةُ بِالتَّاءِ فِي آخِرِهِ وَالثَّانِي بِحَذْفِهَا وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الْأُصُولِ كُلِّهَا ثُمَّ قَالَ وَوَجْهُهُ ذُو النَّوَى بِنَوَاهُ كَمَا قَالَ ذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ أَبِي نُعَيْمٍ الْمُخَرَّجُ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ ذُو النَّوَى بِنَوَاهُ قَالَ وَلِلْوَاقِعِ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ وَجْهٌ صَحِيحٌ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ النَّوَاةَ عِبَارَةً عَنْ جُمْلَةٍ مِنَ النَّوَى أُفْرِدَتْ عَنْ غَيْرِهَا كَمَا أُطْلِقَ اسْمُ الْكَلِمَةِ عَلَى الْقَصِيدَةِ أَوْ تَكُونَ النَّوَاةُ مِنْ قَبِيلِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلَ قَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَالَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ خَلْطِ الْمُسَافِرِينَ أَزْوَادَهُمْ وَأَكْلِهِمْ مِنْهَا مُجْتَمِعِينَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَأْكُلُ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ وَقَدْ نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( كَانُوا يَمَصُّونَهَا) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ هَذِهِ اللُّغَةِ الْفَصِيحَةُالْمَشْهُورَةُ وَيُقَالُ مَصِصْتُ الرُّمَّانَةَ وَالتَّمْرَةَ وَشِبْهَهُمَا بِكَسْرِ الصاد أمصها بفتح الميم وحكى الازهرى عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ ضَمَّ الْمِيمِ وَحَكَى أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ فِي شَرْحِ الْفَصِيحِ عَنْ ثَعْلَبٍ عن بن الْأَعْرَابِيِّ هَاتَيْنِ اللُّغَتَيْنِ مَصِصْتُ بِكَسْرِ الصَّادِ أَمُصُّ بفتح الْمِيمِ وَمَصَصْتُ بِفَتْحِ الصَّادِ أَمُصُّ بِضَمِّ الْمِيمِ مصافيهما فَأَنَا مَاصٌّ وَهِيَ مَمْصُوصَةٌ وَإِذَا أَمَرْتُ مِنْهُمَا.

.

قُلْتُ مَصَّ الرُّمَّانَةَ وَمَصِّهَا وَمُصَّهَا وَمُصِّهَا وَمُصُّهَا فَهَذِهِ خَمْسُ لُغَاتٍ فِي الْأَمْرِ فَتْحُ الْمِيمِ مَعَ الصَّادِ وَمَعَ كَسْرِهَا وَضَمِّ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَمَعَ كَسْرِهَا وَضَمِّهَا هَذَا كَلَامُ ثَعْلَبٍ وَالْفَصِيحُ الْمَعْرُوفُ فِي مَصِّهَا وَنَحْوِهِ مِمَّا يَتَّصِلُ بِهِ هَاءُ التَّأْنِيثِ لِمُؤَنَّثٍ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فَتْحُ مَا يَلِي الْهَاءَ وَلَا يُكْسَرُ وَلَا يُضَمُّ .

     قَوْلُهُ  ( حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِيهِ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ وَكَذَا نَقَلَهُ عَنِ الْأُصُولِ جَمِيعِهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ الْأَزْوِدَةُ جَمْعُ زَادٍ وَهِيَ لَا تُمْلَأُ إِنَّمَا تُمْلَأُ بِهَا أَوْعِيَتُهَا قَالَ وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَوْعِيَةَ أَزْوِدَتِهِمْ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَمَّى الْأَوْعِيَةَ أَزْوَادًا بِاسْمِ مَا فِيهَا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ الظَّاهِرَةِ وَمَا أَكْثَرَ نَظَائِرَهُ الَّتِي يَزِيدُ مَجْمُوعُهَا عَلَى شَرْطِ التَّوَاتُرِ وَيُحْصُلُ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ وَقَدْ جَمَعَهَا الْعُلَمَاءُ وَصَنَّفُوا فِيهَا كُتُبًا مَشْهُورَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( لَمَّا كَانَ يَوْمُ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ يَوْمُ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ هُنَا الْوَقْتُ وَالزَّمَانُ لَا الْيَوْمُ الَّذِي هُوَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَيْسَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ أَوْ أَكْثَرِهَا ذِكْرُ الْيَوْمِ هُنَا.

.
وَأَمَّا الْغَزْوَةِ فَيُقَالُ فِيهَا أَيْضًا الْغَزَاةُ.

.
وَأَمَّا تَبُوكُ فَهِيَ مِنْ أَدْنَى أَرْضِ الشَّامِ وَالْمَجَاعَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهُوَ الجوع الشديد.

     قَوْلُهُ  ( فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا) النَّوَاضِحُ مِنَ الْإِبِلِ الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الذَّكَرُ مِنْهَا نَاضِحٌ وَالْأُنْثَى نَاضِحَةٌ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ .

     قَوْلُهُ  وَادَّهَنَّا لَيْسَ مَقْصُودُهُ مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنَ الِادِّهَانِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ اتَّخَذْنَا دُهْنًا مِنْ شُحُومِهَا.

وَقَولُهُمْ لَوْ أَذِنْتَ لَنَا هَذَا مِنْ أَحْسَنِ آدَابِ خِطَابِ الْكِبَارِ وَالسُّؤَالِ مِنْهُمْ فَيُقَالُ لَوْ فَعَلْتَ كَذَا أَوْ أَمَرْتَ بِكَذَا لَوْ أَذِنْتَ فِي كَذَا وَأَشَرْتَ بِكَذَا وَمَعْنَاهُ لَكَانَ خَيْرًا أَوْ لَكَانَ صَوَابًا وَرَأْيًا مَتِينًا أَوْ مَصْلَحَةً ظَاهِرَةً وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَهَذَا أَجْمَلُ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْكَبِيرِ افْعَلْ كَذَا بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ مِنَ الْغُزَاةِ أَنْ يُضَيِّعُوا دَوَابَّهُمُ الَّتِي يَسْتَعِينُونَ بِهَا فِي الْقِتَالِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ وَلَا يَأْذَنُ لَهُمْ إِلَّا إِذَا رَأَى مَصْلَحَةً أَوْ خَافَ مَفْسَدَةً ظَاهِرَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ) فِيهِ جَوَازُ الْإِشَارَةِ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَالرُّؤَسَاءِ وَأَنَّ لِلْمَفْضُولِ أَنْ يُشِيرَ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ مَا رَأَوْهُ إِذَا ظَهَرَتْ مَصْلَحَتُهُ عِنْدَهُ وَأَنْ يُشِيرَ عَلَيْهِمْ بِإِبْطَالِ مَا أَمَرُوا بِفِعْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالظَّهْرِ هُنَا الدَّوَابُّ سُمِّيَتْ ظَهْرًا لِكَوْنِهَا يُرْكَبُ عَلَى ظَهْرِهَا أَوْ لِكَوْنِهَا يُسْتَظْهَرُ بِهَا وَيُسْتَعَانُ عَلَى السَّفَرِ .

     قَوْلُهُ  ( ثُمَّ ادْعُ اللَّهَ تَعَالَى لَهُمْ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ) هَكَذَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي رَأَيْنَا وَفِيهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ يَجْعَلُ فِي ذَلِكَ بَرَكَةً أَوْ خَيْرًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ بِهِ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ وَأَصْلُ الْبَرَكَةِ كَثْرَةُ الْخَيْرِ وَثُبُوتُهُ وَتَبَارَكَ اللَّهُ ثَبَتَ الْخَيْرُ عِنْدَهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  ( فَدَعَا بِنِطَعٍ) فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ مَشْهُورَةٌ أَشْهُرُهَا كَسْرُ النُّونِ مَعَ فَتْحِ الطَّاءِ وَالثَّانِيَةُ بِفَتْحِهِمَا وَالثَّالِثَةُ بِفَتْحِ النُّونِ مَعَ إِسْكَانِ الطَّاءِ وَالرَّابِعَةُ بِكَسْرِ النُّونِ مَعَ إِسْكَانِ الطَّاءِ .

     قَوْلُهُ الدِّمَشْقِيُّ الْحَافِظُ فِيمَا أَجَابَ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنِ اسْتِدْرَاكَاتِهِ عَلَى مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْأَشْجَعِيَّ ثِقَةٌ مُجَوِّدٌ فَإِذَا جَوَّدَ مَا قَصَّرَ فِيهِ غَيْرُهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْحَدِيثُ لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِوَايَةِ الْأَعْمَشِ لَهُ مُسْنَدًا وَبِرِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ وَإِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ الشَّيْخُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.
وَأَمَّا شَكُّ الْأَعْمَشِ فَهُوَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ شَكٌّ فِي عَيْنِ الصَّحَابِيِّ الرَّاوِي لَهُ وَذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ.

.

قُلْتُ وَهَذَانِ الِاسْتِدْرَاكَانِ لَا يَسْتَقِيمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّا قَدَّمْنَا فِي الْفُصُولِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ بَعْضُ الثِّقَاتِ مَوْصُولًا وَبَعْضُهُمْ مُرْسَلًا فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْفُقَهَاءُ وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ الْحُكْمَ لِرِوَايَةِ الْوَصْلِ سَوَاءٌ كَانَ رَاوِيهَا أَقَلَّ عددا من رواية الارسال أو مساويا لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ فَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا وَهُوَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ جَوَّدَ وحفظ ماقصر فِيهِ غَيْرُهُ.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُمْ قَالُوا إِذَا قَالَ الرَّاوِي حَدَّثَنِي فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ وَهُمَا ثِقَتَانِ احْتُجَّ بِهِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الرِّوَايَةُ عَنْ ثِقَةٍ مُسَمًّى وَقَدْ حَصَلَ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ ذَكَرَهَا الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي الْكِفَايَةِ وَذَكَرَهَا غَيْرُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الصَّحَابَةِ فَفِي الصَّحَابَةِ أَوْلَى فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ فَلَا غَرَضَ فِي تَعْيِينِ الرَّاوِي مِنْهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا ضَبْطُ لَفْظِ الْإِسْنَادِ فَمِغْوَلٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ.

.
وَأَمَّا مُصَرِّفٌ فَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ وَأَصْحَابِ الْمُؤْتَلِفِ وَأَصْحَابِ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ وَحَكَى الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَلَعِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ أَلْفَاظُ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يُرْوَى بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ مِنْ رِوَايَةِ الْفَتْحِ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ وَلَا أَظُنُّهُ يَصِحُّ وَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَلَّدَ فِيهِ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ أَوْ بَعْضَ النُّسَخِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَهَذَا كَثِيرٌ يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَفِي الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي شَرْحِ أَلْفَاظِهَا فَيَقَعُ فِيهَا تَصْحِيفَاتٌ وَنُقُولٌ غَرِيبَةٌ لا تعرف وأكثر هذه الغريبة أَغَالِيطُ لِكَوْنِ النَّاقِلِينَ لَهَا لَمْ يَتَحَرَّوْا فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( حَتَّىهَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ) رُوِيَ بِالْحَاءِ وَبِالْجِيمِ وَقَدْ نَقَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّرَّاحِ الْوَجْهَيْنِ لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الرَّاجِحِ مِنْهُمَا فَمِمَّنْ نَقَلَ الْوَجْهَيْنِ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ الْجِيمَ وَجَزَمَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِالْحَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ فَهُوَ بِالْحَاءِ جَمْعُ حَمُولَةٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَهِيَ الْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُ وَبِالْجِيمِ جَمْعُ جِمَالَةً بِكَسْرِهَا جَمْعُ جَمَلٍ وَنَظِيرُهُ حَجَرٌ وَحِجَارَةٌ وَالْجَمَلُ هُوَ الذَّكَرُ دُونَ النَّاقَةِ وَفِي هَذَا الَّذِي هَمَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانٌ لِمُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ وَتَقْدِيمُ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ وَارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ لِدَفْعِ أَضَرِّهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ) هَذَا فِيهِ بَيَانُ جَوَازِ عَرْضِ الْمَفْضُولِ عَلَى الْفَاضِلِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً لِيَنْظُرَ الْفَاضِلُ فِيهِ فَإِنْ ظَهَرَتْ لَهُ مَصْلَحَةٌ فَعَلَهُ وَيُقَالُ بَقِيَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ لُغَةُ أَكْثَرِ الْعَرَبِ وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ وَالْفَتْحُ لُغَةُ طَيٍّ وَكَذَا يَقُولُونَ فِيمَا أَشْبَهَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ قَالَ.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاهُ)
هَكَذَا هُوَ فِي أُصُولِنَا وَغَيْرِهَا الْأَوَّلُ النَّوَاةُ بِالتَّاءِ فِي آخِرِهِ وَالثَّانِي بِحَذْفِهَا وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الْأُصُولِ كُلِّهَا ثُمَّ قَالَ وَوَجْهُهُ ذُو النَّوَى بِنَوَاهُ كَمَا قَالَ ذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ أَبِي نُعَيْمٍ الْمُخَرَّجُ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ ذُو النَّوَى بِنَوَاهُ قَالَ وَلِلْوَاقِعِ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ وَجْهٌ صَحِيحٌ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ النَّوَاةَ عِبَارَةً عَنْ جُمْلَةٍ مِنَ النَّوَى أُفْرِدَتْ عَنْ غَيْرِهَا كَمَا أُطْلِقَ اسْمُ الْكَلِمَةِ عَلَى الْقَصِيدَةِ أَوْ تَكُونَ النَّوَاةُ مِنْ قَبِيلِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلَ قَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَالَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ خَلْطِ الْمُسَافِرِينَ أَزْوَادَهُمْ وَأَكْلِهِمْ مِنْهَا مُجْتَمِعِينَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَأْكُلُ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ وَقَدْ نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( كَانُوا يَمَصُّونَهَا) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ هَذِهِ اللُّغَةِ الْفَصِيحَةُالْمَشْهُورَةُ وَيُقَالُ مَصِصْتُ الرُّمَّانَةَ وَالتَّمْرَةَ وَشِبْهَهُمَا بِكَسْرِ الصاد أمصها بفتح الميم وحكى الازهرى عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ ضَمَّ الْمِيمِ وَحَكَى أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ فِي شَرْحِ الْفَصِيحِ عَنْ ثَعْلَبٍ عن بن الْأَعْرَابِيِّ هَاتَيْنِ اللُّغَتَيْنِ مَصِصْتُ بِكَسْرِ الصَّادِ أَمُصُّ بفتح الْمِيمِ وَمَصَصْتُ بِفَتْحِ الصَّادِ أَمُصُّ بِضَمِّ الْمِيمِ مصافيهما فَأَنَا مَاصٌّ وَهِيَ مَمْصُوصَةٌ وَإِذَا أَمَرْتُ مِنْهُمَا.

.

قُلْتُ مَصَّ الرُّمَّانَةَ وَمَصِّهَا وَمُصَّهَا وَمُصِّهَا وَمُصُّهَا فَهَذِهِ خَمْسُ لُغَاتٍ فِي الْأَمْرِ فَتْحُ الْمِيمِ مَعَ الصَّادِ وَمَعَ كَسْرِهَا وَضَمِّ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَمَعَ كَسْرِهَا وَضَمِّهَا هَذَا كَلَامُ ثَعْلَبٍ وَالْفَصِيحُ الْمَعْرُوفُ فِي مَصِّهَا وَنَحْوِهِ مِمَّا يَتَّصِلُ بِهِ هَاءُ التَّأْنِيثِ لِمُؤَنَّثٍ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فَتْحُ مَا يَلِي الْهَاءَ وَلَا يُكْسَرُ وَلَا يُضَمُّ .

     قَوْلُهُ  ( حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِيهِ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ وَكَذَا نَقَلَهُ عَنِ الْأُصُولِ جَمِيعِهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ الْأَزْوِدَةُ جَمْعُ زَادٍ وَهِيَ لَا تُمْلَأُ إِنَّمَا تُمْلَأُ بِهَا أَوْعِيَتُهَا قَالَ وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَوْعِيَةَ أَزْوِدَتِهِمْ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَمَّى الْأَوْعِيَةَ أَزْوَادًا بِاسْمِ مَا فِيهَا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ الظَّاهِرَةِ وَمَا أَكْثَرَ نَظَائِرَهُ الَّتِي يَزِيدُ مَجْمُوعُهَا عَلَى شَرْطِ التَّوَاتُرِ وَيُحْصُلُ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ وَقَدْ جَمَعَهَا الْعُلَمَاءُ وَصَنَّفُوا فِيهَا كُتُبًا مَشْهُورَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( لَمَّا كَانَ يَوْمُ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ يَوْمُ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ هُنَا الْوَقْتُ وَالزَّمَانُ لَا الْيَوْمُ الَّذِي هُوَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَيْسَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ أَوْ أَكْثَرِهَا ذِكْرُ الْيَوْمِ هُنَا.

.
وَأَمَّا الْغَزْوَةِ فَيُقَالُ فِيهَا أَيْضًا الْغَزَاةُ.

.
وَأَمَّا تَبُوكُ فَهِيَ مِنْ أَدْنَى أَرْضِ الشَّامِ وَالْمَجَاعَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهُوَ الجوع الشديد.

     قَوْلُهُ  ( فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا) النَّوَاضِحُ مِنَ الْإِبِلِ الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الذَّكَرُ مِنْهَا نَاضِحٌ وَالْأُنْثَى نَاضِحَةٌ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ .

     قَوْلُهُ  وَادَّهَنَّا لَيْسَ مَقْصُودُهُ مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنَ الِادِّهَانِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ اتَّخَذْنَا دُهْنًا مِنْ شُحُومِهَا.

وَقَولُهُمْ لَوْ أَذِنْتَ لَنَا هَذَا مِنْ أَحْسَنِ آدَابِ خِطَابِ الْكِبَارِ وَالسُّؤَالِ مِنْهُمْ فَيُقَالُ لَوْ فَعَلْتَ كَذَا أَوْ أَمَرْتَ بِكَذَا لَوْ أَذِنْتَ فِي كَذَا وَأَشَرْتَ بِكَذَا وَمَعْنَاهُ لَكَانَ خَيْرًا أَوْ لَكَانَ صَوَابًا وَرَأْيًا مَتِينًا أَوْ مَصْلَحَةً ظَاهِرَةً وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَهَذَا أَجْمَلُ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْكَبِيرِ افْعَلْ كَذَا بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ مِنَ الْغُزَاةِ أَنْ يُضَيِّعُوا دَوَابَّهُمُ الَّتِي يَسْتَعِينُونَ بِهَا فِي الْقِتَالِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ وَلَا يَأْذَنُ لَهُمْ إِلَّا إِذَا رَأَى مَصْلَحَةً أَوْ خَافَ مَفْسَدَةً ظَاهِرَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ) فِيهِ جَوَازُ الْإِشَارَةِ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَالرُّؤَسَاءِ وَأَنَّ لِلْمَفْضُولِ أَنْ يُشِيرَ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ مَا رَأَوْهُ إِذَا ظَهَرَتْ مَصْلَحَتُهُ عِنْدَهُ وَأَنْ يُشِيرَ عَلَيْهِمْ بِإِبْطَالِ مَا أَمَرُوا بِفِعْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالظَّهْرِ هُنَا الدَّوَابُّ سُمِّيَتْ ظَهْرًا لِكَوْنِهَا يُرْكَبُ عَلَى ظَهْرِهَا أَوْ لِكَوْنِهَا يُسْتَظْهَرُ بِهَا وَيُسْتَعَانُ عَلَى السَّفَرِ .

     قَوْلُهُ  ( ثُمَّ ادْعُ اللَّهَ تَعَالَى لَهُمْ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ) هَكَذَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي رَأَيْنَا وَفِيهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ يَجْعَلُ فِي ذَلِكَ بَرَكَةً أَوْ خَيْرًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ بِهِ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ وَأَصْلُ الْبَرَكَةِ كَثْرَةُ الْخَيْرِ وَثُبُوتُهُ وَتَبَارَكَ اللَّهُ ثَبَتَ الْخَيْرُ عِنْدَهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  ( فَدَعَا بِنِطَعٍ) فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ مَشْهُورَةٌ أَشْهُرُهَا كَسْرُ النُّونِ مَعَ فَتْحِ الطَّاءِ وَالثَّانِيَةُ بِفَتْحِهِمَا وَالثَّالِثَةُ بِفَتْحِ النُّونِ مَعَ إِسْكَانِ الطَّاءِ وَالرَّابِعَةُ بِكَسْرِ النُّونِ مَعَ إِسْكَانِ الطَّاءِ .

     قَوْلُهُ ( وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ) يُقَالُ فَضِلَ وَفَضَلَ بِكَسْرِ الضَّادِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رشيد حدثنا الوليد يعنى بن مسلم عن بن جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ) أَمَّا رُشَيْدٌ فَبِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الشِّينِ.

.
وَأَمَّا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ فَهُوَ الدِّمَشْقِيُّ صَاحِبُ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ هذا الباب بيانه وقوله يعنى بن مُسْلِمٍ قَدْ قَدَّمْنَا مَرَّاتٍ فَائِدَتَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ نَسَبُهُ فِي الرِّوَايَةِ فَأَرَادَ إِيضَاحَهُ مِنْ غير زيادة فى الرواية وأما بن جَابِرٍ فَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ الدِّمَشْقِيُّ الْجَلِيلُ.

.
وَأَمَّا هَانِئٌ فَهُوَ بِهَمْزِ آخِرِهِ.

.
وَأَمَّا جُنَادَةُ بِضَمِّ الْجِيمِ فَهُوَ جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ وَاسْمُ أَبِي أُمَيَّةَ كَبِيرٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ دَوْسِيٌّ أَزْدِيٌّ نَزَلَ فِيهِمْ شَامِيٌّ وَجُنَادَةُ وَأَبُوهُ صَحَابِيَّانِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَقَدْ رَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ حَدِيثًا فِي صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَمَانِيَةِ أَنْفُسٍ وَهُمْ صِيَامٌ وَلَهُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ التَّصْرِيحُ بِصُحْبَتِهِ قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ كَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَشَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ رِوَايَاتِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ كَاتِبُ الْوَاقِدِيِّ قَالَ بن عبد الله العجلى هو تَابِعِيٌّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَكُنْيَةُ جُنَادَةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَانَ صَاحِبَ غَزْوٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا الْإِسْنَادُ كُلُّهُ شَامِيُّونَ إِلَّا دَاوُدَ بْنَ رُشَيْدٍ فَإِنَّهُ خُوَارِزْمِيٌّ سَكَنَ بَغْدَادَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [27] مغول بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الْوَاو مصرف بِضَم الْمِيم وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وصحف من حكى فِيهَا الْفَتْح حمائلهم رُوِيَ بِالْحَاء وَالْجِيم فَالْأول جمع حمولة بِالْفَتْح وَهِي الْإِبِل الَّتِي تحمل وَالثَّانِي جمع جمالة بِالْكَسْرِ جمع جمل بَقِي بِكَسْر الْقَاف ولغة طَيء فتحهَا قَالَ.

     وَقَالَ  مُجَاهِد قَائِل ذَلِك طَلْحَة بن مصرف وَذُو النواة بنواة الأول بِالتَّاءِ آخِره وَالثَّانِي بحذفها وَفِي مستخرج أبي سَاقِطَة سَاقِطَة دَاوُد بن رشيد بِضَم الرَّاء وَفتح الشين الْوَلِيد بن مُسلم هُوَ الدِّمَشْقِي صَاحب الْأَوْزَاعِيّ هَانِئ بِهَمْزَة آخِره جُنَادَة بِضَم الْجِيم أبي أُميَّة اسْمه كَبِير بِالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ وَولده جُنَادَة صحابيان من قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن عِيسَى عبد الله وَابْن أمته وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم سمي كلمة لِأَنَّهُ كَانَ بِكَلِمَة كن فخلق من غير أَب بِخِلَاف غَيره من بني آدم وروح مِنْهُ أَي رَحْمَة ومتولد مِنْهُ أَي لَيْسَ من أَب إِنَّمَا نفخ فِي أمه الرّوح.

     وَقَالَ  بَعضهم أَي مخلوقة من عِنْده وإضافتها إِلَيْهِ إِضَافَة تشريف أدخلهُ الله من أَي أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية شَاءَ قَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ الَّذين يدعونَ من أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية أَرْبَعَة الأول هَذَا وَالثَّانِي من مَاتَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَالثَّالِث من أنْفق زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل الله وَحَدِيثه فِي الصَّحِيح وَالرَّابِع من قَالَ بعد الْوضُوء أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَحَدِيثه فِي مُسلم قلت هم أَكثر من ذَلِك وَقد استوعبتهم فِي كتاب الْبَعْث أدخلهُ الله الْجنَّة على مَا كَانَ من عمل قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على إِدْخَاله الْجنَّة فِي الْجُمْلَة فَإِن كَانَ لَهُ معاص من الْكَبَائِر فَهُوَ فِي الْمَشِيئَة فَإِن عذب ختم لَهُ بِالْجنَّةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير.
قال فنفدت أزواد القوم قال حتى هم بنحر بعض حمائلهم.
قال فقال عمر: يا رسول الله لو جمعت ما بقي من أزواد القوم، فدعوت الله عليها.
قال ففعل.
قال فجاء ذو البر ببره.
وذو التمر بتمره.
قال ( وقال مجاهد وذو النواة بنواه) قلت: وما كانوا يصنعون بالنوى؟ قال: كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء.
قال فدعا عليها.
حتى ملأ القوم أزودتهم.
قال فقال عند ذلك أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله.
لا يلقى الله بهما عبد، غير شاك فيهما، إلا دخل الجنة.


المعنى العام

في شهر رجب سنة تسع من الهجرة، وقبيل حجة الوداع بلغ المسلمين أن الروم جمعوا جموعا لقتالهم، فندب النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى ملاقاتهم، وكان المسلمون في ضيق من العيش، فاستعدوا بقليل الزاد الذي يملكون، ورأى عثمان شدة المسلمين وعسرتهم، وكان قد جهز عيرا إلى الشام فقال: يا رسول الله، هذه مائة بعير بأقتابها وأحلاسها، ومائتا أوقية.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يضر عثمان ما عمل بعدها.

ومع هذه المعونة الكبرى خرج المسلمون في قلة من الظهر، ركبانهم بالنسبة لمشاتهم ندرة وقليل، والوقت صيف والحر شديد.

وبهذه الحالة قطعوا أربع عشرة مرحلة.
في اتجاه دمشق، حتى وصلوا إلى موضع سمي تبوك.

وصلوا وقد بلغ بهم الجهد، واشتد بهم العطش، ولم يسعفهم ماء عين تبوك الناضبة، فكانوا ينحرون البعير، فيشربون ما في كرشه من الماء.

فطلب الرسول صلى الله عليه وسلم قليلا من ماء عين تبوك، فغسل وجهه ويديه بشيء منه، ثم أعاده فيها، فجرت العين، فاستقى الناس، وانفرجت عسرة الماء، ولكن ما لبثوا بعد ذلك أن خفت أزوادهم.

ونفد طعام أكثرهم، وأملقوا، وأصابتهم مجاعة كبرى، ولجئوا إلى النوى بعد نفاد التمر يمصون النواة كغذاء، ويشربون عليها الماء.

وهب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنونه في ذبح ما تبقى لديهم من إبلهم التي يركبونها وينضحون عليها الماء.
قالوا: يا رسول الله: لو أذنت لنا ذبحنا إبلنا، فسددنا منها رمقنا، وادخرنا للشدة ما يمكن ادخاره من لحم ودهن.

ولم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم منقذا - من هذه الضائقة - إلا أن يأذن لهم، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

ورأى عمر الناس يعقلون إبلهم لنحرها، فقال لهم: ما شأنكم؟ قالوا: استأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحرها، فأذن لنا، فقال: وما بقاؤكم بعد إبلكم؟ أمسكوا حتى ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ودخل عمر فزعا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله ما بقاء الناس بعد إبلهم؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكأنه يقول: وماذا ينقذ الناس غير ذلك؟ - وتذكر عمر ما كان من جريان عين تبوك بعد نضوب، وهو يؤمن بمعجزات النبي صلى الله عليه وسلم ويطمع في رحمة الله لإنقاذ المسلمين على يد نبيه، فقال: يا رسول الله، لو جمعت ما بقي من أزواد القوم وطعامهم، فدعوت الله عليها بالبركة لكان ذلك خيرا.

وسكت الرسول صلى الله عليه وسلم للمرة الثانية، إنه لم يكن يغيب عنه ما أشار به عمر، بل كان يؤمن بأن الله لن يخيب رجاءه إذا رجاه، ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يقصد تعويد الأمة على الاعتماد على نواميس الحياة دون خوارق العادات، أما وقد طلبت المعجزة - من عمر - فالطريق الموافقة عليها والاستجابة لطالبها.

فقال: نعم يا عمر.
ناد في الناس فليأتوا ببقايا أطعمتهم، ثم مد فراش الطعام ليلقوا عليه ما يجمعون.

فنادى عمر: فجعل الرجل يلقي بما يملأ الكف من الذرة، والآخر يلقي بما يملأ الكف من القمح، والآخر يلقي بما يملأ الكف من التمر، والآخر يلقي بالكسرة التي يملكها، حتى صاحب النوى ألقى بنواه، فاجتمع على النطع من ذلك كله شيء يسير.

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا وبرك عليه.

ثم قال: هاتوا أوعيتكم فخذوا فيها، فجاء كل بأوعيته فملأ، فما بقي في الجيش وعاء إلا ملئ، وفضلت فضلة كبيرة، وبقي على النطع قدر ما أخذ الناس.

فضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، سرورا بإكرام ربه له ولأمته، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يموت عبد وهو يشهد هاتين الشهادتين، لا يشك فيهما إلا دخل الجنة، لا يحجبه عنها ولا يمنعه منها ما عمل من سوء.

عفا الله عنا بفضله وكرمه وجعلنا من أهلها، إنه عفو كريم حليم.

المباحث العربية

( في مسير) أي في سفر، وقد بينته الرواية الثانية بأنه كان في غزوة تبوك، وهي غزوة العسرة، وتبوك ممنوع من الصرف على المشهور للعلمية والتأنيث ومن صرفه أراد الموضع، وهو في نصف الطريق بين المدينة ودمشق.

( فنفدت أزواد القوم) أي كادت تنفد، أو نفدت أزواد أكثر القوم، ففيه مضاف محذوف، بدليل جمع ما بقي من أزوادهم، ونفد الزاد من باب سمع فنى وذهب، والزاد طعام السفر والحضر جميعا والجمع أزواد، وعلى غير القياس أزودة.

( حتى هم بنحر بعض حمائلهم) فاعل هم ضمير يعود على النبي صلى الله عليه وسلم والهم وسط بين العزم والخطرات التي لا تندفع، والحمائل الإبل يحمل عليها، واحدها حمولة بفتح الحاء.

وروى جمائلهم بالجيم بدل الحاء جمع جمالة بكسرها، جمع جمل، وهو الذكر دون الناقة، قال ابن الصلاح: وكلاهما صحيح.

( لو جمعت ما بقي من أزواد القوم فدعوت الله عليها) لو هنا للعرض ويصح أن تكون حرف شرط غير جازم، وجوابها محذوف، تقديره لكان خيرا.

( ففعل) أي فوافق على الفعل، يؤيد ذلك ما جاء في الرواية الثانية وقال: نعم.

( وذو النواة بنواه) هو هكذا في الأصل، وكان الظاهر أن يقول وذو النوى بنواه على طريق الجمع، كما قال ذو التمر بتمره بالجمع، وخرجه بعضهم بأن المراد من النواة جملة من النوى أفردت عن غيرها كما أطلق اسم الكلمة على القصيدة، أو أن تكون النواة من قبيل ما يستعمل في الواحد والجمع.

( كانوا يمصونه) بفتح الميم في اللغة الفصيحة المشهورة، وحكي فيها الضم.

( حتى ملأ القوم أزودتهم) الأزودة جمع زاد، وهي لا تملأ، وإنما تملأ أوعيتها، ففي الكلام مضاف محذوف، ويحتمل أنه سمى الأوعية أزوادا على سبيل المجاز المرسل من إطلاق الحال وإرادة المحل، وأطلق عليه الأبي: مجاز المجاورة، كتسمية النساء ظعائن، وإنما الظعائن الهوادج التي تحملهن.

( عبد غير شاك) هو بنصب غير في الأصول على الحال من النكرة باعتبار أن التنوين مخصص قائم مقام الوصف والتقدير: عبد آت بهما غير شاك.

( عن أبي هريرة -أو عن أبي سعيد- شك الأعمش) شك الأعمش غير قادح في متن الحديث، فإنه شك في عين الصحابي، والصحابة كلهم عدول.

( لما كان يوم غزوة تبوك) المراد من اليوم الزمن والوقت، لا اليوم نفسه، ولفظ يوم فاعل كان لأنها تامة، وليس في كثير من الأصول ذكر يوم.

( أصاب الناس مجاعة) المجاعة بفتح الميم الجوع الشديد.

( فنحرنا نواضحنا) النواضح من الإبل التي يستقى عليها، قال أبو عبيد: الذكر منها ناضح والأنثى ناضحة.

( فأكلنا وادهنا) ليس المقصود الادهان المعروف بطلاء الجسم، وإنما المراد اتخذنا دهنا من شحومها.

( إن فعلت قل الظهر) المراد بالظهر الدواب، سميت ظهرا لكونها يركب على ظهورها، أو لكونها يستظهر بها ويستعان بها على السفر.

( لعل الله يجعل في ذلك) مفعول يجعل محذوف للعلم به والتقدير أن يجعل في ذلك خيرا وبركة.

( فدعا بنطع) فيه أربع لغات مشهورة: فتح الطاء وسكونها مع كسر النون وفتحها وهو ما يبسط للطعام.

( ثم دعا بفضل أزوادهم) أي بقاياهم.

( بكف ذرة) أي بما يعادل ما يملأ الكف، والإضافة بمعنى من.

( وفضلت فضلة) فعل فضل فيه فتح الضاد وكسرها لغتان مشهورتان.

فقه الحديث

تكثير القليل من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وهو في حكم المتواتر حيث أخبر الصحابي عن واقع مشاهد أمام ملأ منهم، ولم ينكروه مع أنهم لا يقرون منكرا، فينزل مثله منزلة المتواتر، لأن سكوتهم كالنطق.

ثم الأظهر أن التكثير إنما وقع في النوع الذي يقتات به غالبا كالذرة والبر، والتمر والكسرة، بخلاف النوى، فإنه لا يقتات به إلا عند الضرورة وقد زالت.

وقال بعضهم: لا مانع من تكثيره لعلف الرواحل، وهو توجيه حسن.

أما كيفية التكثير فيحتمل أنها كانت بإعادة أمثال ما يرفع أو بتضعيف المثال وزيادة الكمية دفعة واحدة، والأول أولى بالقبول حيث لم يتعرض الرواة لعظم الكمية، ولو صح الاحتمال الثاني لقالوا مثلا: فكثر اليسير حتى صار مثل الجبل.

ويشهد لهذا الترجيح قوله في الرواية الثانية وفضلت فضلة.

وقد جاء في الرواية الأولى أن الرسول صلى الله عليه وسلم هم بنحر بعض حمائلهم، وفي الرواية الثانية أنهم استأذنوه في نحرها فأذن، وجمع بينهما باحتمال أنهم استأذنوه أولا فأذن ثم هم.

ولم يكن همه صلى الله عليه وسلم بوحي، وإلا لما حصل من عمر ما حصل وإنما كان باجتهاد منه صلى الله عليه وسلم، مستندا إلى مراعاة المصالح وتقديم الأهم فالأهم، واحتمال أخف الضررين.

ولم يكن قول عمر اعتراضا منه على تصرف الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هو عرض لما ظهر له أنه مصلحة، ليرى الإمام فيه رأيه.

ويؤخذ من الحديث

1 - حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، وإجابته إلى ما يلتمس منه أصحابه وإجراؤهم على العادة البشرية.

2 - جواز المشورة مع الإمام بالمصلحة وإن لم يطلبها، وجواز عرض المفضول على الفاضل ما يراه مصلحة.

3 - منقبة ظاهرة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه دالة على قوة ثقته بإجابة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم.

4 - جواز خلط المسافرين أزوادهم، وأكلهم منها مجتمعين وإن كان بعضهم يأكل أكثر من بعض، وقد نص بعض الفقهاء على أن ذلك سنة.

وقد اعترض على أخذ هذا الحكم من الحديث، بأن الذي حصل جمع خاص للضرورة على أن الأكل لم يكن من الأزودة، بل من الزيادة ولا حق لأحد فيها.

5 - أن الأزودة والمياه إذا قلت كان للإمام أن يجمع ما بقي منها ويطعمهم منه بالسوية، دون نظر إلى من يملك أكثر أو يأكل أكثر واعترض على هذا المأخذ بنفس الاعتراض السابق.

6 - حسن آداب خطاب العظماء والسؤال منهم، فيقال: لو فعلت كذا أو أمرت بكذا، أو أذنت بكذا، فهذا أجمل من قولهم للكبير: افعل كذا بصيغة الأمر.

7 - أنه لا ينبغي للجيش أن يتصرفوا في دوابهم، ولا في أدواتهم التي يستعينون بها في القتال بغير إذن الإمام، ولا يأذن لهم إلا إذا رأى مصلحة، أو خاف مفسدة ظاهرة.

8 - أخذ بعضهم من الحديث وقوع النسخ قبل الفعل، لأن إذنه الأول إباحة، والإباحة حكم شرعي، فرفعها نسخ.

9 - فيه حجة لأهل السنة أن من مات على الشهادتين دخل الجنة، وقد تقدم تفصيل هذا الموضوع والمذاهب فيه في الحديث السابق.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ سـ :68 ... بـ :27]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ قَالَ فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ قَالَ حَتَّى هَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ فَدَعَوْتَ اللَّهَ عَلَيْهَا قَالَ فَفَعَلَ قَالَ فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ قَالَ.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاهُ.

قُلْتُ وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى قَالَ كَانُوا يَمُصُّونَهُ وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهَا حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ قَالَ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَدِيثَ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ شَكَّ الْأَعْمَشُ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ غَزْوَةِ تَبُوكَ الْحَدِيثَ ) هَذَانِ الْإِسْنَادَانِ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَعَلَّلَهُ .
فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَعَلَّلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ وَغَيْرَهُ خَالَفُوا عُبَيْدَ اللَّهِ الْأَشْجَعِيَّ فَرَوَوْهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ مُرْسَلًا.

وَأَمَّا الثَّانِي فَعَلَّلَهُ لِكَوْنِهِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْأَعْمَشِ .
فَقِيلَ فِيهِ أَيْضًا عَنْهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ وَكَانَ الْأَعْمَشُ يَشُكُّ فِيهِ .
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : هَذَانِ الِاسْتِدْرَاكَانِ مِنَ الدَّارَقُطْنِيِّ مَعَ أَكْثَرِ اسْتِدْرَاكَاتِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ قَدْحٌ فِي أَسَانِيدِهِمَا غَيْرُ مُخْرِجٍ لِمُتُونِ الْأَحَادِيثِ مِنْ حَيِّزِ الصِّحَّةِ .
وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَبُو مَسْعُودٍ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ الْحَافِظُ فِيمَا أَجَابَ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنِ اسْتِدْرَاكَاتِهِ عَلَى مُسْلِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْأَشْجَعِيَّ ثِقَةٌ مُجَوِّدٌ ، فَإِذَا جَوَّدَ مَا قَصَّرَ فِيهِ غَيْرُهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْحَدِيثُ لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرِوَايَةِ الْأَعْمَشِ لَهُ مُسْنَدًا ، وَبِرِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ وَإِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ سَلَمَةَ .
قَالَ الشَّيْخُ : رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ..
وَأَمَّا شَكُّ الْأَعْمَشِ فَهُوَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ شَكٌّ فِي عَيْنِ الصَّحَابِيِّ الرَّاوِي لَهُ وَذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كُلُّهُمْ عُدُولٌ .
هَذَا آخِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو - رَحِمَهُ اللَّهُ - ..
قُلْتُ : وَهَذَانِ الِاسْتِدْرَاكَانِ لَا يَسْتَقِيمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا .

أَمَّا الْأَوَّلُ : فَلِأَنَّا قَدَّمْنَا فِي الْفُصُولِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ بَعْضُ الثِّقَاتِ مَوْصُولًا وَبَعْضُهُمْ مُرْسَلًا فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْفُقَهَاءُ وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ الْحُكْمَ لِرِوَايَةِ الْوَصْلِ سَوَاءٌ كَانَ رَاوِيهَا أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ رِوَايَةِ الْإِرْسَالِ ، أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا ; لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ .
فَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا وَهُوَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ جَوَّدَ وَحَفِظَ مَا قَصَّرَ فِيهِ غَيْرُهُ ..
وَأَمَّا الثَّانِي : فَلِأَنَّهُمْ قَالُوا : إِذَا قَالَ الرَّاوِي : حَدَّثَنِي فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ وَهُمَا ثِقَتَانِ احْتُجَّ بِهِ بِلَا خِلَافٍ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الرِّوَايَةُ عَنْ ثِقَةٍ مُسَمًّى ، وَقَدْ حَصَلَ .
وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ ذَكَرَهَا الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي الْكِفَايَةِ ، وَذَكَرَهَا غَيْرُهُ .
وَهَذَا فِي غَيْرِ الصَّحَابَةِ فَفِي الصَّحَابَةِ أَوْلَى ; فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ .
فَلَا غَرَضَ فِي تَعْيِينِ الرَّاوِي مِنْهُمْ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا ضَبْطُ لَفْظِ الْإِسْنَادِ فَمِغْوَلٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ .

وَأَمَّا ( مُصَرِّفٌ ) فَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ .
هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ وَأَصْحَابِ الْمُؤْتَلِفِ ، وَأَصْحَابِ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ .
وَحَكَى الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَلَعِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ ( أَلْفَاظُ الْمُهَذَّبِ ) أَنَّهُ يُرْوَى بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا .
وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ مِنْ رِوَايَةِ الْفَتْحِ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ وَلَا أَظُنُّهُ يَصِحُّ وَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَلَّدَ فِيهِ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ أَوْ بَعْضَ النُّسَخِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ، وَهَذَا كَثِيرٌ يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ ، وَفِي الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي شَرْحِ أَلْفَاظِهَا ، فَيَقَعُ فِيهَا تَصْحِيفَاتٌ وَنُقُولٌ غَرِيبَةٌ لَا تُعْرَفُ .
وَأَكْثَرُ هَذِهِ أَغَالِيطُ لِكَوْنِ النَّاقِلِينَ لَهَا لَمْ يَتَحَرَّوْا فِيهَا .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( حَتَّى هَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ ) رُوِيَ بِالْحَاءِ وَبِالْجِيمِ .
وَقَدْ نَقَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّرَّاحِ الْوَجْهَيْنِ لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الرَّاجِحِ مِنْهُمَا - فَمِمَّنْ نَقَلَ الْوَجْهَيْنِ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ ، وَغَيْرُهُمَا .
وَاخْتَارَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ الْجِيمَ .
وَجَزَمَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِالْحَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهَا .
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو - رَحِمَهُ اللَّهُ - : وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ فَهُوَ بِالْحَاءِ جَمْعُ حَمُولَةٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَهِيَ الْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُ .
وَبِالْجِيمِ جَمْعُ جِمَالَةً بِكَسْرِهَا جَمْعُ جَمَلٍ .
وَنَظِيرُهُ حَجَرٌ وَحِجَارَةٌ .
وَالْجَمَلُ هُوَ الذَّكَرُ دُونَ النَّاقَةِ وَفِي هَذَا الَّذِي هَمَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانٌ لِمُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ وَتَقْدِيمُ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ وَارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ لِدَفْعِ أَضَرِّهِمَا .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ ) هَذَا فِيهِ بَيَانُ جَوَازِ عَرْضِ الْمَفْضُولِ عَلَى الْفَاضِلِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً لِيَنْظُرَ الْفَاضِلُ فِيهِ ، فَإِنْ ظَهَرَتْ لَهُ مَصْلَحَةٌ فَعَلَهُ وَيُقَالُ : بَقِيَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ لُغَةُ أَكْثَرِ الْعَرَبِ .
وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ وَالْفَتْحُ لُغَةُ طَيٍّ .
وَكَذَا يَقُولُونَ فِيمَا أَشْبَهَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ ، وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ .
قَالَ :.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ : وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاهُ )
هَكَذَا هُوَ فِي أُصُولِنَا وَغَيْرِهَا .
الْأَوَّلُ النَّوَاةُ بِالتَّاءِ فِي آخِرِهِ وَالثَّانِي بِحَذْفِهَا .
وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الْأُصُولِ كُلِّهَا ثُمَّ قَالَ : وَوَجْهُهُ ذُو النَّوَى بِنَوَاهُ كَمَا قَالَ ذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ .
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو : وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ أَبِي نُعَيْمٍ الْمُخَرَّجُ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ ذُو النَّوَى بِنَوَاهُ .
قَالَ : وَلِلْوَاقِعِ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ وَجْهٌ صَحِيحٌ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ النَّوَاةَ عِبَارَةً عَنْ جُمْلَةٍ مِنَ النَّوَى أُفْرِدَتْ عَنْ غَيْرِهَا كَمَا أُطْلِقَ اسْمُ الْكَلِمَةِ عَلَى الْقَصِيدَةِ أَوْ تَكُونَ النَّوَاةُ مِنْ قَبِيلِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ .
ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلَ قَالَ : مُجَاهِدٌ هُوَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ .
قَالَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ خَلْطِ الْمُسَافِرِينَ أَزْوَادَهُمْ وَأَكْلِهِمْ مِنْهَا مُجْتَمِعِينَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَأْكُلُ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ .
وَقَدْ نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( كَانُوا يَمَصُّونَهَا ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ هَذِهِ اللُّغَةِ الْفَصِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ وَيُقَالُ : مَصِصْتُ الرُّمَّانَةَ وَالتَّمْرَةَ وَشِبْهَهُمَا بِكَسْرِ الصَّادِ أَمَصُّهَا بِفَتْحِ الْمِيمِ .
وَحَكَى الزُّهْرِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ ضَمَّ الْمِيمِ .
وَحَكَى أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ فِي شَرْحِ الْفَصِيحِ عَنْ ثَعْلَبٍ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ هَاتَيْنِ اللُّغَتَيْنِ ( مَصِصْتُ ) بِكَسْرِ الصَّادِ ( أَمُصُّ ) بِضَمِّ الْمِيمِ ، وَمَصَصْتُ بِفَتْحِ الصَّادِ أَمُصُّ بِضَمِّ الْمِيمِ مَصًّا فِيهِمَا فَأَنَا مَاصٌّ وَهِيَ مَمْصُوصَةٌ .
وَإِذَا أَمَرْتُ مِنْهُمَا.

قُلْتُ مَصَّ الرُّمَّانَةَ وَمَصِّهَا وَمُصَّهَا وَمُصِّهَا وَمُصُّهَا فَهَذِهِ خَمْسُ لُغَاتٍ فِي الْأَمْرِ فَتْحُ الْمِيمِ مَعَ الصَّادِ وَمَعَ كَسْرِهَا وَضَمِّ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَمَعَ كَسْرِهَا وَضَمِّهَا هَذَا كَلَامُ ثَعْلَبٍ .
وَالْفَصِيحُ الْمَعْرُوفُ فِي مَصِّهَا وَنَحْوِهِ مِمَّا يَتَّصِلُ بِهِ هَاءُ التَّأْنِيثِ لِمُؤَنَّثٍ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فَتْحُ مَا يَلِي الْهَاءَ وَلَا يُكْسَرُ وَلَا يُضَمُّ .

قَوْلُهُ : ( حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِيهِ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ وَكَذَا نَقَلَهُ عَنِ الْأُصُولِ جَمِيعِهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ .
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ : الْأَزْوِدَةُ جَمْعُ زَادٍ وَهِيَ لَا تُمْلَأُ إِنَّمَا تُمْلَأُ بِهَا أَوْعِيَتُهَا قَالَ وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَوْعِيَةَ أَزْوِدَتِهِمْ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَمَّى الْأَوْعِيَةَ أَزْوَادًا بِاسْمِ مَا فِيهَا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ الظَّاهِرَةِ .
وَمَا أَكْثَرَ نَظَائِرَهُ الَّتِي يَزِيدُ مَجْمُوعُهَا عَلَى شَرْطِ التَّوَاتُرِ وَيُحْصُلُ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ وَقَدْ جَمَعَهَا الْعُلَمَاءُ وَصَنَّفُوا فِيهَا كُتُبًا مَشْهُورَةً .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .