هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6776 حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ ، قَالَ : كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى ابْنِهِ ، وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ ، بِأَنْ لاَ تَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لاَ يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6776 حدثنا آدم ، حدثنا شعبة ، حدثنا عبد الملك بن عمير ، سمعت عبد الرحمن بن أبي بكرة ، قال : كتب أبو بكرة إلى ابنه ، وكان بسجستان ، بأن لا تقضي بين اثنين وأنت غضبان ، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Abdur Rahman bin Abi Bakra:

Abu Bakra wrote to his son who was in Sijistan: 'Do not judge between two persons when you are angry, for I heard the Prophet (ﷺ) saying, A judge should not judge between two persons while he is in an angry mood.

":"ہم سے آدم نے بیان کیا ، کہا ہم سے شعبہ نے بیان کیا ، کہا ہم سے عبدالملک بن عمیر نے کہا کہ میں نے عبدالرحمٰن ابن ابی بکرہ سے سنا ، کہا کہابوبکرہ رضی اللہ عنہ نے اپنے لڑکے ( عبیداللہ ) کو لکھا اور وہ اس وقت سجستان میں تھے کہ دو آدمیوں کے درمیان فیصلہ اس وقت نہ کرنا جب تم غصہ میں ہو کیونکہ میں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے سنا ہے کہ کوئی ثالث دو آدمیوں کے درمیان فیصلہ اس وقت نہ کرے جب وہ غصہ میں ہو ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [7158] .

     قَوْلُهُ  كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ يَعْنِي وَالِدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّاوِيَ الْمَذْكُورَ .

     قَوْلُهُ  إِلَى ابْنِهِ كَذَا وَقَعَ هُنَا غَيْرَ مُسَمًّى وَوَقَعَ فِي أَطْرَافِ الْمِزِّيِّ إِلَى ابْنِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَدْ سُمِّيَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَكِنْ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كَتَبَ أَبِي وَكَتَبْتُ لَهُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَوَقَعَ فِي الْعُمْدَةِ كَتَبَ أَبِي وَكَتَبْتُ لَهُ إِلَى ابْنِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَدْ سُمِّيَ إِلَخْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِسِيَاقِ مُسْلِمٍ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ لَفْظَ ابْنِهِ قِيلَ مَعْنَاهُ كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ بِنَفْسِهِ مَرَّةً وَأَمَرَ وَلَدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَنْ يَكْتُبَ لِأَخِيهِ فَكَتَبَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى.

.

قُلْتُ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ كَتَبَ أَبِي أَيْ أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ وَقَوْلَهُ وَكَتَبْتُ لَهُ أَيْ بَاشَرْتُ الْكِتَابَةَ الَّتِي أَمَرَ بِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي الْمَتْنِ الْمَكْتُوبِ إِنِّي سَمِعْتُ فَإِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لِأَبِي بَكْرَةَ لَا لِابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّهُ لَا صُحْبَةَ لَهُ وَهُوَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ بِالْبَصْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرَةَ لَوْ دَخَلُوا على مَا بهشت لَهُم بقصبة .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَهُوَ قَاضٍ بِسِجِسْتَانَ وَهِيَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَسِجِسْتَانُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ عَلَى الصَّحِيحِ بَعْدَهُمَا مُثَنَّاةٌ سَاكِنَةٌ وَهِيَ إِلَى جِهَةِ الْهِنْدِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ كَرْمَانَ مِائَةُ فَرْسَخٍ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فَرْسَخًا مَفَازَةً لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ وَيُنْسَبُ إِلَيْهَا سِجِسْتَانِيٌّ وَسِجِزْتِيٌّ بِزَايٍ بَدَلَ السِّينِ الثَّانِيَةِ وَالتَّاءِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَسِجِسْتَانُ لَا تُصْرَفُ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ أَوْ زِيَادَة الْألف وَالنُّون قَالَ بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ كَانَ زِيَادٌ فِي وِلَايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ قَرَّبَ أَوْلَادَ أَخِيهِ لِأُمِّهِ أَبِي بَكْرَةَ وَشَرَّفَهُمْ وَأَقْطَعَهُمْ وَوَلَّى عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرةٍ سِجِسْتَانَ قَالَ وَمَاتَ أَبُو بَكْرَةَ فِي وِلَايَةِ زِيَادٍ .

     قَوْلُهُ  أَنْ لَا تَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنْ لَا تَحْكُمَ .

     قَوْلُهُ  لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ بِسَنَدِهِ لَا يَقْضِي الْقَاضِي أَوْ لَا يَحْكُمِ الْحَاكِمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقِصَّةَ وَالْحَكَمُ بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ الْحَاكِمُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْقَيِّمِ بِمَا يُسْنَدُ إِلَيْهِ قَالَ الْمُهَلَّبُ سَبَبُ هَذَا النَّهْيِ أَنَّ الْحُكْمَ حَالَةَ الْغَضَبِ قَدْ يَتَجَاوَزُ بِالْحَاكِمِ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ فَمُنِعَ وَبِذَلِكَ قَالَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الْحُكْمِ حَالَةَ الْغَضَبِ لِمَا يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ مِنَ التَّغَيُّرِ الَّذِي يَخْتَلُّ بِهِ النَّظَرُ فَلَا يَحْصُلُ اسْتِيفَاءُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَجْهِ قَالَ وَعَدَّاهُ الْفُقَهَاءُ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَى كُلِّ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَغَيُّرُ الْفِكْرِ كَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ الْمُفْرِطَيْنِ وَغَلَبَةِ النُّعَاسِ وَسَائِرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقَلْبُ تَعَلُّقًا يَشْغَلُهُ عَنِ اسْتِيفَاءِ النَّظَرِ وَهُوَ قِيَاسُ مَظِنَّةٍ عَلَى مَظِنَّةٍ وَكَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى ذِكْرِ الْغَضَبِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى النَّفْسِ وَصُعُوبَةِ مُقَاوَمَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ لَا يَقْضِ الْقَاضِي إِلَّا وَهُوَ شَبْعَانُ رَيَّانُ وَقَوْلُ الشَّيْخِ وَهُوَ قِيَاسُ مَظِنَّةٍ عَلَى مَظِنَّةٍ صَحِيحٌ وَهُوَ اسْتِنْبَاطُ مَعْنًى دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ فَإِنَّهُ لَمَّا نَهَى عَنِ الْحُكْمِ حَالَةَ الْغَضَبِ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي حَالَةِ اسْتِقَامَةِ الْفِكْرِ فَكَانَتْ عِلَّةُ النَّهْيِ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ تَغَيُّرُ الْفِكْرِ وَالْوَصْفُ بِالْغَضَبِ يُسَمَّى عِلَّةً بِمَعْنَى أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْجَائِعِ قَالَ الشَّافِعِيفِي الْأُمِّ أَكْرَهُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ جَائِعٌ أَوْ تَعِبٌ أَوْ مَشْغُولُ الْقَلْبِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُغَيِّرُ الْقَلْبَ فَرْعٌ لَوْ خَالَفَ فَحَكَمَ فِي حَالِ الْغَضَبِ صَحَّ إِنْ صَادَفَ الْحَقَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى لِلزُّبَيْرِ بِشِرَاجِ الْحَرَّةِ بَعْدَ أَنْ أَغْضَبَهُ خَصْمُ الزُّبَيْرِ لَكِنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِرَفْعِ الْكَرَاهَةِ عَنْ غَيْرِهِ لِعِصْمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَقُولُ فِي الْغَضَبِ إِلَّا كَمَا يَقُولُ فِي الرِّضَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي حَدِيثِ اللُّقَطَةِ فِيهِ جَوَازُ الْفَتْوَى فِي حَالِ الْغَضَبِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ وَيَنْفُذُ وَلَكِنَّهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي حَقِّنَا وَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ فِي الْغَضَبِ مَا يُخَافُ عَلَى غَيْرِهِ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الْحُكْمِ قَبْلَ وُصُولِهِ فِي الْغَضَبِ إِلَى تَغَيُّرِ الْفِكْرِ وَيُؤْخَذُ مِنَ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَرَاتِبِ الْغَضَبِ وَلَا أَسْبَابِهِ وَكَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ وَفَصَّلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَغَوِيُّ فَقَيَّدَا الْكَرَاهَةَ بِمَا إِذَا كَانَ الْغَضَبُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَاسْتَغْرَبَ الرُّويَانِيُّ هَذَا التَّفْصِيلَ وَاسْتَبْعَدَهُ غَيْرُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِظَوَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلِلْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ نُهِيَ عَنِ الْحُكْمِ حَالَ الْغَضَبِ.

     وَقَالَ  بعض الْحَنَابِلَة لَا ينفذ الحكم فِي حَال الْغَضَبِ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْغَضَبُ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنِ اسْتَبَانَ لَهُ الْحُكْمُ فَلَا يُؤَثِّرُ وَإِلَّا فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَهُوَ تَفْصِيلٌ مُعْتَبر.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ أَدْخَلَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ الدَّالَّ عَلَى الْمَنْعِ ثُمَّ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ الدَّالَّ عَلَى الْجَوَازِ تَنْبِيهًا مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الْجَمْعِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْجَوَازَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوُجُودِ الْعِصْمَةِ فِي حَقِّهِ وَالْأَمْنِ مِنَ التَّعَدِّي أَوْ أَنَّ غَضَبَهُ إِنَّمَا كَانَ لِلْحَقِّ فَمَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ وَهُوَ كَمَا قِيلَ فِي شَهَادَةِ الْعَدُوِّ إِنْ كَانَتْ دُنْيَوِيَّةً رُدَّتْ وَإِنْ كَانَتْ دينية لم ترد قَالَه بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَغَيْرُهُ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْكِتَابَةَ بِالْحَدِيثِ كَالسَّمَاعِ مِنَ الشَّيْخِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ.

.
وَأَمَّا فِي الرِّوَايَةِ فَمَنَعَ مِنْهَا قَوْمٌ إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنِ الْإِجَازَةِ وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ نَعَمْ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَنْ لَا يُطْلَقَ الْإِخْبَارُ بَلْ يَقُولُ كَتَبَ إِلَيَّ أَوْ كَاتَبَنِي أَوْ أَخْبَرَنِي فِي كِتَابِهِ وَفِيهِ ذِكْرُ الْحُكْمِ مَعَ دَلِيلِهِ فِي التَّعْلِيمِ وَيَجِيءُ مِثْلُهُ فِي الْفَتْوَى وَفِيهِ شَفَقَةُ الْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ وَإِعْلَامُهُ بِمَا يَنْفَعُهُ وَتَحْذِيرُهُ مِنَ الْوُقُوعِ فِيمَا يُنْكَرُ وَفِيهِ نَشْرُ الْعِلْمِ لِلْعَمَلِ بِهِ وَالِاقْتِدَاءِ وَإِنْ لَمْ يُسْأَلِ الْعَالِمُ عَنْهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ هَلْ يَقْضِي الْقَاضِي أَوْ يُفْتِي وَهُوَ غَضْبَانُ)

فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الْحَاكِمُ ذَكَرَ فِيهِ ثَلَاث أَحَادِيث أَحدهمَا

[ قــ :6776 ... غــ :7158] .

     قَوْلُهُ  كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ يَعْنِي وَالِدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّاوِيَ الْمَذْكُورَ .

     قَوْلُهُ  إِلَى ابْنِهِ كَذَا وَقَعَ هُنَا غَيْرَ مُسَمًّى وَوَقَعَ فِي أَطْرَافِ الْمِزِّيِّ إِلَى ابْنِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَدْ سُمِّيَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَكِنْ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كَتَبَ أَبِي وَكَتَبْتُ لَهُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَوَقَعَ فِي الْعُمْدَةِ كَتَبَ أَبِي وَكَتَبْتُ لَهُ إِلَى ابْنِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَدْ سُمِّيَ إِلَخْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِسِيَاقِ مُسْلِمٍ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ لَفْظَ ابْنِهِ قِيلَ مَعْنَاهُ كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ بِنَفْسِهِ مَرَّةً وَأَمَرَ وَلَدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَنْ يَكْتُبَ لِأَخِيهِ فَكَتَبَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى.

.

قُلْتُ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ كَتَبَ أَبِي أَيْ أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ وَقَوْلَهُ وَكَتَبْتُ لَهُ أَيْ بَاشَرْتُ الْكِتَابَةَ الَّتِي أَمَرَ بِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي الْمَتْنِ الْمَكْتُوبِ إِنِّي سَمِعْتُ فَإِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لِأَبِي بَكْرَةَ لَا لِابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّهُ لَا صُحْبَةَ لَهُ وَهُوَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ بِالْبَصْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرَةَ لَوْ دَخَلُوا على مَا بهشت لَهُم بقصبة .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَهُوَ قَاضٍ بِسِجِسْتَانَ وَهِيَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَسِجِسْتَانُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ عَلَى الصَّحِيحِ بَعْدَهُمَا مُثَنَّاةٌ سَاكِنَةٌ وَهِيَ إِلَى جِهَةِ الْهِنْدِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ كَرْمَانَ مِائَةُ فَرْسَخٍ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فَرْسَخًا مَفَازَةً لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ وَيُنْسَبُ إِلَيْهَا سِجِسْتَانِيٌّ وَسِجِزْتِيٌّ بِزَايٍ بَدَلَ السِّينِ الثَّانِيَةِ وَالتَّاءِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَسِجِسْتَانُ لَا تُصْرَفُ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ أَوْ زِيَادَة الْألف وَالنُّون قَالَ بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ كَانَ زِيَادٌ فِي وِلَايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ قَرَّبَ أَوْلَادَ أَخِيهِ لِأُمِّهِ أَبِي بَكْرَةَ وَشَرَّفَهُمْ وَأَقْطَعَهُمْ وَوَلَّى عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرةٍ سِجِسْتَانَ قَالَ وَمَاتَ أَبُو بَكْرَةَ فِي وِلَايَةِ زِيَادٍ .

     قَوْلُهُ  أَنْ لَا تَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنْ لَا تَحْكُمَ .

     قَوْلُهُ  لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ بِسَنَدِهِ لَا يَقْضِي الْقَاضِي أَوْ لَا يَحْكُمِ الْحَاكِمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقِصَّةَ وَالْحَكَمُ بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ الْحَاكِمُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْقَيِّمِ بِمَا يُسْنَدُ إِلَيْهِ قَالَ الْمُهَلَّبُ سَبَبُ هَذَا النَّهْيِ أَنَّ الْحُكْمَ حَالَةَ الْغَضَبِ قَدْ يَتَجَاوَزُ بِالْحَاكِمِ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ فَمُنِعَ وَبِذَلِكَ قَالَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الْحُكْمِ حَالَةَ الْغَضَبِ لِمَا يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ مِنَ التَّغَيُّرِ الَّذِي يَخْتَلُّ بِهِ النَّظَرُ فَلَا يَحْصُلُ اسْتِيفَاءُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَجْهِ قَالَ وَعَدَّاهُ الْفُقَهَاءُ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَى كُلِّ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَغَيُّرُ الْفِكْرِ كَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ الْمُفْرِطَيْنِ وَغَلَبَةِ النُّعَاسِ وَسَائِرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقَلْبُ تَعَلُّقًا يَشْغَلُهُ عَنِ اسْتِيفَاءِ النَّظَرِ وَهُوَ قِيَاسُ مَظِنَّةٍ عَلَى مَظِنَّةٍ وَكَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى ذِكْرِ الْغَضَبِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى النَّفْسِ وَصُعُوبَةِ مُقَاوَمَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ لَا يَقْضِ الْقَاضِي إِلَّا وَهُوَ شَبْعَانُ رَيَّانُ وَقَوْلُ الشَّيْخِ وَهُوَ قِيَاسُ مَظِنَّةٍ عَلَى مَظِنَّةٍ صَحِيحٌ وَهُوَ اسْتِنْبَاطُ مَعْنًى دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ فَإِنَّهُ لَمَّا نَهَى عَنِ الْحُكْمِ حَالَةَ الْغَضَبِ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي حَالَةِ اسْتِقَامَةِ الْفِكْرِ فَكَانَتْ عِلَّةُ النَّهْيِ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ تَغَيُّرُ الْفِكْرِ وَالْوَصْفُ بِالْغَضَبِ يُسَمَّى عِلَّةً بِمَعْنَى أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْجَائِعِ قَالَ الشَّافِعِي فِي الْأُمِّ أَكْرَهُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ جَائِعٌ أَوْ تَعِبٌ أَوْ مَشْغُولُ الْقَلْبِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُغَيِّرُ الْقَلْبَ فَرْعٌ لَوْ خَالَفَ فَحَكَمَ فِي حَالِ الْغَضَبِ صَحَّ إِنْ صَادَفَ الْحَقَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى لِلزُّبَيْرِ بِشِرَاجِ الْحَرَّةِ بَعْدَ أَنْ أَغْضَبَهُ خَصْمُ الزُّبَيْرِ لَكِنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِرَفْعِ الْكَرَاهَةِ عَنْ غَيْرِهِ لِعِصْمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَقُولُ فِي الْغَضَبِ إِلَّا كَمَا يَقُولُ فِي الرِّضَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي حَدِيثِ اللُّقَطَةِ فِيهِ جَوَازُ الْفَتْوَى فِي حَالِ الْغَضَبِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ وَيَنْفُذُ وَلَكِنَّهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي حَقِّنَا وَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ فِي الْغَضَبِ مَا يُخَافُ عَلَى غَيْرِهِ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الْحُكْمِ قَبْلَ وُصُولِهِ فِي الْغَضَبِ إِلَى تَغَيُّرِ الْفِكْرِ وَيُؤْخَذُ مِنَ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَرَاتِبِ الْغَضَبِ وَلَا أَسْبَابِهِ وَكَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ وَفَصَّلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَغَوِيُّ فَقَيَّدَا الْكَرَاهَةَ بِمَا إِذَا كَانَ الْغَضَبُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَاسْتَغْرَبَ الرُّويَانِيُّ هَذَا التَّفْصِيلَ وَاسْتَبْعَدَهُ غَيْرُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِظَوَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلِلْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ نُهِيَ عَنِ الْحُكْمِ حَالَ الْغَضَبِ.

     وَقَالَ  بعض الْحَنَابِلَة لَا ينفذ الحكم فِي حَال الْغَضَبِ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْغَضَبُ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنِ اسْتَبَانَ لَهُ الْحُكْمُ فَلَا يُؤَثِّرُ وَإِلَّا فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَهُوَ تَفْصِيلٌ مُعْتَبر.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ أَدْخَلَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ الدَّالَّ عَلَى الْمَنْعِ ثُمَّ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ الدَّالَّ عَلَى الْجَوَازِ تَنْبِيهًا مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الْجَمْعِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْجَوَازَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوُجُودِ الْعِصْمَةِ فِي حَقِّهِ وَالْأَمْنِ مِنَ التَّعَدِّي أَوْ أَنَّ غَضَبَهُ إِنَّمَا كَانَ لِلْحَقِّ فَمَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ وَهُوَ كَمَا قِيلَ فِي شَهَادَةِ الْعَدُوِّ إِنْ كَانَتْ دُنْيَوِيَّةً رُدَّتْ وَإِنْ كَانَتْ دينية لم ترد قَالَه بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَغَيْرُهُ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْكِتَابَةَ بِالْحَدِيثِ كَالسَّمَاعِ مِنَ الشَّيْخِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ.

.
وَأَمَّا فِي الرِّوَايَةِ فَمَنَعَ مِنْهَا قَوْمٌ إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنِ الْإِجَازَةِ وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ نَعَمْ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَنْ لَا يُطْلَقَ الْإِخْبَارُ بَلْ يَقُولُ كَتَبَ إِلَيَّ أَوْ كَاتَبَنِي أَوْ أَخْبَرَنِي فِي كِتَابِهِ وَفِيهِ ذِكْرُ الْحُكْمِ مَعَ دَلِيلِهِ فِي التَّعْلِيمِ وَيَجِيءُ مِثْلُهُ فِي الْفَتْوَى وَفِيهِ شَفَقَةُ الْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ وَإِعْلَامُهُ بِمَا يَنْفَعُهُ وَتَحْذِيرُهُ مِنَ الْوُقُوعِ فِيمَا يُنْكَرُ وَفِيهِ نَشْرُ الْعِلْمِ لِلْعَمَلِ بِهِ وَالِاقْتِدَاءِ وَإِنْ لَمْ يُسْأَلِ الْعَالِمُ عَنْهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب هَلْ يَقْضِى الْحَاكِمُ أَوْ يُفْتِى وَهْوَ غَضْبَانُ؟
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( هل يقضي الحاكم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي القاضي أي بين الناس ( أو يفتي وهو غضبان) ؟

[ قــ :6776 ... غــ : 7158 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ: كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى ابْنِهِ وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ بِأَنْ لاَ تَقْضِىَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ فَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهْوَ غَضْبَانُ».

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا عبد الملك بن عمير) بضم العين وفتح الميم الكوفي قال: ( سمعت عبد الرحمن بن أبي بكرة) نفيع الثقفي ( قال: كتب) أبي ( أبو بكرة إلى ابنه) بالنون ولده عبيد الله بالتصغير ( وكان) عبيد الله قاضيًا ( بسجستان) بكسر المهملة والجيم على الصحيح غير منصرف للعلمية والعجمية وفيه الزيادة والتأنيث إحدى مدن العجم وهي خلف كرمان مسيرة مائة فرسخ منها أربعون مفازة ليس بها ماء وهي إلى ناحية الهند ( بأن لا تقضي بين اثنين) .

وفي عمدة الأحكام: كتب أبي وكتبت له إلى ابنه عبيد الله وهو موافق لرواية مسلم إلا أنه زاد لفظة ابنه، والضمير في ابنه عائد إلى أبي بكرة، وصرح في بعض الروايات فقال وكتبت له إلى ابنه عبيد الله بن أبي بكرة.
والحاصل أن أبا بكرة له ابن يسمى عبيد الله وهو المكتوب إليه وابن آخر يسمى عبد الرحمن راوي الحديث الذي كتب إلى أخيه عبيد الله به، وهذا التركيب يحتمل أن يكون أبو بكرة كتب بنفسه إلى ابن عبيد الله، وكتب عبد الرحمن لأخيه عبيد الله بمثل ما كتب أبو بكرة، ولكن عبد الرحمن إنما كتب لأجل أبيهما أي لأجل أمره وطواعيته ونحو ذلك ففيه تنازع بين كتب وبين كتبت في المفعول وهو أن لا يحكم بين اثنين وفي الجار والمجرور وهو إلى ابنه، ويكون قد أعمل أحدهما وأضمر في الآخر ولكنه حذف لكونه فضلة، وتعقبه في الفتح بأنه لا يتعين ذلك بل الذي يظهر أن قوله كتب أبي أي أمر بالكتابة وقوله وكتبت أي باشرت الكتابة التي أمر بها والأصل عدم التعدد، وتعقبه العيني فقال: الأصل عدم التعدد والأصل عدم ارتكاب المجاز والعدول عن ظاهر الكلام لا لعلة وما المانع من التعدد اهـ.

أو يكون المراد كتب أبي إليّ أن أكتب لابنه، ولكن حذف المفعول وهو المجرور بإلى ثم قال: وكتبت له إلى ابنه بذلك أي لأجل أمره لي بأن أكتب وعلى هذا فلا تنازع في المجرور بل في المفعول الذي هو المصدر المنسبك من أن لا تحكم الخ وأعمل أحدهما وحذف الآخر لأنه غير عمدة على ما سبق، أو يكون المراد أن كلاًّ من أبي بكرة وعبد الرحمن كتب إلى عبيد الله وكتابة ثانيهما إليه تأكيد لكتابة الأوّل، وكتابة عبد الرحمن إنما كانت لأجل أبي بكرة على معنى أنه كتب ذلك عن أبيه لا من قبل نفسه أو يكون أبو بكرة أمر بالكتابة فنسب إليه أنه كتب تجوّزًا بالسبب
عن المسبب وفيه نظر لرواية النسائي.
قال عبد الرحمن بن أبي بكرة كتب إليّ أبو بكرة يقول: ْسمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول الخ.
وفي رواية مسلم أن لا تحكم بين اثنين ( وأنت غضبان) جملة في موضع الحال وغضبان لا ينصرف والغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام وعند الترمذي عن أبي سعيد مرفوعًا: ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم أما ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه ( فإني سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) الفاء في فإني سببية.

( لا يقضين) بتشديد النون تأكيد للنهي ( حكم) بفتحتين أي حاكم ( بين اثنين وهو غضبان) لأن الغضب قد يتجاوز بالحاكم إلى غير الحق، وعداه الفقهاء بهذا المعنى إلى كل ما يحصل به التغير للفكر كجوع وشبع مفرطين ومرض مؤلم وخوف مزعج وفرح شديد وغلبة نعاس وهمّ مضجر ومدافعة حدث وحرّ مزعج وبرد منكر وسائر ما يتعلق به القلب تعلقًا يشغله عن استيفاء النظر وعن أبي سعيد عند البيهقي بسند ضعيف مرفوعًا: لا يقضي القاضي إلا وهو شبعان ريان، واقتصر على ذكر الغضب لاستيلائه على النفس وصعوبة مقاومته بخلاف غيره نعم إن غضب لله ففي الكراهة وجهان.
قال البلقيني: المعتمد عدم الكراهة واستبعده غيره لمخالفته لظواهر الأحاديث وللمعنى الذي لأجله نهي عن الحكم حال الغضب، ولو خالف وحكم وهو غضبان صحّ أن صادف الحق مع الكراهة، وعن بعض الحنابلة لا ينفذ الحكم في حال الغضب لثبوت النهي عنه والنهي يقتضي الفساد، وفصل بعضهم بين أن يكون الغضب طرأ عليه بعد أن استبان له الحكم فلا يؤثر وإلاّ فهو محل الخلاف.

والحديث أخرجه مسلم في الأحكام، وأبو داود في القضاء، والترمذي في الأحكام، والنسائي في القضايا وابن ماجة في الأحكام.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ هَلْ يَقْضِي الحاكِمُ أوْ يُفْتِي وهْوَ غَضْبانُ؟)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان هَل يقْضِي الْحَاكِم، هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: هَل يقْضِي القَاضِي؟ وَجَوَاب الِاسْتِفْهَام مَحْذُوف يُوضحهُ حَدِيث الْبابُُ.



[ قــ :6776 ... غــ :7158 ]
- حدّثنا آدَمُ، حدّثنا شُعْبَةُ، حدّثنا عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ أبي بَكْرَةَ قَالَ: كَتَبَ أبُو بَكْرَةَ إِلَى ابْنِهِ وَكَانَ بِسِجسْتانَ بِأَن لَا تَقْضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وأنْتَ غَضْبانُ فإنِّي سَمِعْتُ النبيَّ يَقُولُ لَا يَقْضِينَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وهْوَ غَضْبانُ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.
وَأَبُو بكرَة اسْمه نفيع بن الْحَارِث الثَّقَفِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَحْكَام أَيْضا عَن قُتَيْبَة وَغَيره.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَحْكَام عَن هِشَام بن عمار وَغَيره.

قَوْله كتب أَبُو بكرَة إِلَى ابْنه وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: عَن عبد الرحمان بن أبي بكرَة، قَالَ: كتب أبي إِلَى عبيد الله بن أبي بكرَة، وَهَذَا يُفَسر رِوَايَة البُخَارِيّ المبهمة، وَكَذَا وَقع فِي أَطْرَاف الْمزي: إِلَى ابْنه عبيد الله، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم عَن عبد الرحمان قَالَ: كتب أبي، وكتبت إِلَى عبيد الله بن أبي بكرَة، قيل: مَعْنَاهُ كتب أَبُو بكرَة بِنَفسِهِ مرّة، وَأمر وَلَده عبد الرحمان أَن يكْتب لِأَخِيهِ فَكتب لَهُ مرّة أُخْرَى.
انْتهى..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَلَا يتَعَيَّن ذَلِك بل الَّذِي يظْهر أَن قَوْله: كتب أبي أَي: أَمر بِالْكِتَابَةِ.
وَقَوله: وكتبت لَهُ أَي: باشرت الْكِتَابَة الَّتِي أَمر بهَا، وَالْأَصْل عدم التَّعَدُّد.
انْتهى.
قلت: الأَصْل عدم التَّعَدُّد وَالْأَصْل عدم ارْتِكَاب الْمجَاز والعدول عَن ظَاهر الْكَلَام لَا لعِلَّة، وَمَا الْمَانِع من التَّعَدُّد؟ .
قَوْله: وَكَانَ بسجستان وَفِي رِوَايَة مُسلم: وَهُوَ قَاضِي بسجستان، وَهِي جملَة حَالية وَهِي فِي الأَصْل اسْم إقليم من الأقاليم العراقية وَهُوَ إقليم عَظِيم وَاسم قصبته زرنج، بِفَتْح الزَّاي وَالرَّاء وَسُكُون النُّون وبالجيم، وَهِي مَدِينَة كَبِيرَة من سجستان..
     وَقَالَ  ابْن حوقل: وَقد يُطلق على زرنج نَفسهَا سجستان.
قلت: اسْم سجستان أنسي هَذَا الْيَوْم وَأطلق اسْم الإقليم على الْمَدِينَة وَهِي بَين خُرَاسَان ومكران والسند، وَبَين كرمان بَينهمَا وَبَين كرمان مائَة فَرسَخ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فرسخاً مفازة لَيْسَ فِيهَا مَاء، وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا سجستاني وسجزي بزاي بدل السِّين الثَّانِيَة وَالتَّاء وَهُوَ على غير قِيَاس.
قَوْله: غَضْبَان الْغَضَب غليان دم الْقلب لطلب الانتقام، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي سعيد مَرْفُوعا أَلا وَإِن الْغَضَب جَمْرَة فِي قلب ابْن آدم، أما ترَوْنَ إِلَى حمرَة عَيْنَيْهِ وانتفاخ أوداجه؟ قَوْله: حكم بِفتْحَتَيْنِ هُوَ الْحَاكِم..
     وَقَالَ  الْمُهلب: سَبَب هَذَا النَّهْي أَن الحكم حَالَة الْغَضَب قد يتَجَاوَز إِلَى غير الْحق فَمنع.
وَبِذَلِك قَالَ فُقَهَاء الْأَمْصَار،.

     وَقَالَ  الْغَزالِيّ: فهم من هَذَا الحَدِيث أَنه لَا يقْضِي حاقناً أَو جائعاً أَو متألماً بِمَرَض..
     وَقَالَ  الرَّافِعِيّ: وَكَذَلِكَ لَا يقْضِي بِكُل حَال يسوء خلقه فِيهَا ويتغير عقله فِيهَا.
بجوع وشبع مفرط وَمرض مؤلم وَخَوف مزعج وحزن وَفَرح شديدين وكغلبة نُعَاس وملال، وَكَذَا لَو حَضَره طَعَام وَنَفسه تتوق إِلَيْهِ.
قَالَ: وَالْمَقْصُود أَن يتَمَكَّن من اسْتِيفَاء الْفِكر وَالنَّظَر.
فَإِن قلت: هَل هَذَا النَّهْي نهي تَحْرِيم أَو كَرَاهَة؟ .
قلت: نهي تَحْرِيم عِنْد أهل الظَّاهِر، وَحمله الْعلمَاء على الْكَرَاهَة حَتَّى لَو حكم فِي حَال غَضَبه بِالْحَقِّ نفذ حكمه، وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور.
فَإِن قلت: قد صَحَّ عَنهُ، أَنه قد حكم فِي حَالَة غَضَبه كحكمه للزبير فِي شراج الْحرَّة حِين قَالَ لَهُ الْأنْصَارِيّ: إِن كَانَ ابْن عَمَّتك؟ فَتَلَوَّنَ وَجه رَسُول الله، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم،.

     وَقَالَ : اسْقِ يَا زبير ... الحَدِيث، وَفِي الصَّحِيح أَيْضا فِي قصَّة عبد الله بن عمر حِين طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض، فَذكره عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لرَسُول الله، فتغيظ رَسُول الله، قلت: أجابوا عَنهُ بأجوبة أحْسنهَا أَنه كَانَ مَعْصُوما فَلَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ احْتِمَال مَا يخْشَى من غَيره فِي الحكم وَغَيره.