هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
671 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ العُصْبَةَ - مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ - قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  موضع بقباء قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة ، وكان أكثرهم قرآنا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ العُصْبَةَ - مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ - قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا .

Narrated Ibn `Umar:

When the earliest emigrants came to Al-`Usba [??] a place in Quba', before the arrival of the Prophet- Salim, the slave of Abu Hudhaifa, who knew the Qur'an more than the others used to lead them in prayer.

":"ہم سے ابراہیم بن المنذر حزامی نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے انس بن عیاض نے بیان کیا انہوں نے عبیداللہ عمری سے ، انہوں نے حضرت نافع سے انہوں نے حضرت عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما سے کہجب پہلے مہاجرین رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی ہجرت سے بھی پہلے قباء کے مقام عصبہ میں پہنچے تو ان کی امامت ابوحذیفہ کے غلام سالم رضی اللہ عنہ کیا کرتے تھے ۔ آپ کو قرآن مجید سب سے زیادہ یاد تھا ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [692] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ الْعُمَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ أَيْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ .

     قَوْلُهُ  الْعُصْبَةَ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِقَوْلِهِ قَدِمَ كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ نَزَلُوا الْعُصْبَةَ أَيِ الْمَكَانَ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ وَهُوَ بِإِسْكَانِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِهِ فَقِيلَ بِالْفَتْحِ وَقِيلَ بِالضَّمِّ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي النِّهَايَةِ ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ لَمْ يَضْبِطْهُ الْأَصِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَالْمَعْرُوفُ الْمُعَصَّبُ بِوَزْنِ مُحَمَّدٍ بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَة زَاد فِي الْأَحْكَام من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو سَلمَة أَي بن عبد الْأسد وَزيد أَي بن حَارِثَةَ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَاسْتُشْكِلَ ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ فِيهِمْ إِذْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ كَانَ رَفِيقَهُ وَوَجَّهَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَالِمٌ الْمَذْكُورُ اسْتَمَرَّ عَلَى الصَّلَاةِ بِهِمْ فَيَصِحُّ ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ إِجْمَاعُ كِبَارِ الصَّحَابَةِ الْقُرَشِيِّينَ عَلَى تَقْدِيمِ سَالِمٍ عَلَيْهِمْ وَكَانَ سَالِمٌ الْمَذْكُورُ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَعْتَقَتْهُ وَكَأَنَّ إِمَامَتَهُ بِهِمْ كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ وَبِذَلِكَ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُمْنَعُ الْعَبْدُ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ لِأَنَّهُ لَازَمَ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بَعْدَ أَنْ عُتِقَ فَتَبَنَّاهُ فَلَمَّا نُهُوا عَنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ مَوْلَاهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ وَاسْتُشْهِدَ سَالِمٌ بِالْيَمَامَةِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا إِشَارَةً إِلَى سَبَبِ تَقْدِيمِهِمْ لَهُ مَعَ كَوْنِهِمْ أَشْرَفَ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [692] حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ الْعُصْبَةَ -مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ- قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا".
[الحديث طرفه في: 7175] .
وبالسند قال: ( حدّثنا إبراهيم بن المنذر) الحزامي المدني ( قال: حدّثنا أنس بن عياض) بكسر العين المهملة ( عن عبيد الله) العمري، بضم العين فيهما ( عن نافع) مولى ابن عمر، ( عن ابن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي عن عبد الله بن عمر ( قال: لما قدم المهاجرون الأولون) من مكة ( العصبة) بفتح العين وإسكان الصاد المهملتين بعدها موحدة، أو بضم العين منصوب على الظرفية لقدم، هو ( موضع) ولأبي الوقت والأصيلي وابن عساكر: موضعًا، بالنصب بدل أو بيان ( بقباء، قبل مقدم رسول الله) ولأبوي ذر والوقت: النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) المدينة، ( كان يؤمّهم سالم) بالرفع اسم كان ( مولى أبي حذيفة) هشام بن عتبة بن ربيعة قبل أن يعتق، وإنما قيل له مولى أبي حذيفة لأنه لازمه بعد أن أعتق، فتبناه، فلما نهوا عن ذلك، قيل له: مولاه ( وكان) سالم ( أكثرم) أي المهاجرين الأولين ( قرأنًا) بالنصب على التمييز، وهذا سبب تقديمهم له مع كونهم أشرف منه.
ووجه مطابقة هذا الحديث للترجمة، كون إمامة سالم بهم قبل عتقه، كما مر.
ورواته كلهم مدنيون، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أبو داود في الصلاة.
693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ».
[الحديث 693 - طرفاه في: 696، 7142] .
وبه قال: ( حدّثنا) ولابن عساكر: حدّثني بالإفراد ( محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد المعجمة ( قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج.
( قال: حدّثني) بالإفراد ولأبوي ذر والوقت: حدّثنا ( أبو التياح) بفتح المثناة الفوقية والتحتية آخره مهملة يزيد بن حميد الضبعي ( عن أنس) وللأصيلي، زيادة ابن مالك ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : ( اسمعوا وأطيعوا) فيما فيه طاعة الله ( وإن استعمل) بضم المثناة، مبنيًّا للمفعول، أي: وإن جعل عاملاً عليكم عبد ( حبشي كأن رأسه زبيبة) في شدة السواد، أو لقصر الشعر وتفلفله.
فإن قلت: ما وجه المطابقة بين الحديث والترجمة؟ أجيب بأنه: إذا أمر بطاعته أمر بالصلاة خلفه.
ورواته ما بين بصري وواسطي، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة والأحكام، وابن ماجة في الجهاد.
55 - باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ هذا ( باب) بالتنوين ( إذا لم يتم الإمام) الصلاة بل قصرها ( وأتم من خلفه) من المقتدين به، لا يضرهم ذلك.
وهذا مذهب الشافعية كالمالكية، وبه قال أحمد، وعند الحنفية: إن صلاة الإمام متضمنة صلاة المقتدين صحة وفسادًا، ولابن عساكر: أتم من خلفه بغير واو.
694 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ».
وبالسند قال: ( حدّثنا الفضل بن سهل) البغدادي المعروف بالأعرج، المتوفى ببغداد يوم الاثنين لثلاث بقين من صفر سنة خمس وخمسين ومائتين، قبل المؤلّف بسنة ( قال: حدّثنا الحسن بن موسى) بفتح الحاء ( الأشيب) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة آخره موحدة بينهما مثناة تحتية مفتوحة، الكوفي، سكن بغداد، وأصله من خراسان، قاضي حمص والموصل وطبرستان، ( قال: حدّثنا) بالجمع، وللأصيلي: حدّثني ( عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار) مولى عبد الله بن عمر المدني ( عن زيد بن أسلم) مولى عمر بن الخطاب ( عن عطاء بن يسار) بفتح المثناة التحتية وتخفيف المهملة، مولى أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( أن رسول الله قال) : ( يصلون) أي الأئمة ( لكم) أي لأجلكم ( فإن أصابوا) في الأركان والشروط والسُّنن ( فلكم) ثواب صلاتكم ( ولهم) ثواب صلاتهم، كما عند أحمد.
أو المراد إن أصابوا الوقت، لحديث ابن مسعود المروي في النسائي وغيره، بسند حسن، وفيه لعلكم تدركون أقوامًا يصلون الصلاة لغير وقتها، فإن أدركتموهم، فصلوا في بيوتكم في الوقت الذي تعرفون، ثم صلوا معهم واجعلوها سبحة.
أو المراد ما هو أهم من ترك إصابة الوقت، فلأحمد في هذا الحديث: فإن صلوا الصلاة لوقتها، وأتموا الركوع والسجود، فهي لكم ولهم ( وان أخطؤوا) ارتكبوا الخطيئة في صلاتهم ككونهم محدثين ( فلكم) ثوابها ( وعليهم) عقابها.
فخطأ الإمام في بعض غير مؤثر في صحة صلاة المأموم إذا أصاب، فلو ظهر بعد الصلاة أن الإمام جنب، أو محدث، أو في بدنه أو ثوبه نجاسة خفية، فلا تجب إعادة الصلاة على المؤتم به، بخلاف النجاسة الظاهرة، لكن قطع صاحب التتمة والتهذيب، وغيرهما بأن النجاسة كالحدث، ولم يفرقوا بين الخفية وغيرها.
وظاهر قوله: أخطؤوا يدل على ما هو أعم مما ذكر، كالخطأ في الأركان، وهو وجه عند الشافعية، بشرط أن يكون الإمام هو الخليفة الأو نائبه، والأصح لا.
ومذهب الحنفية أن صلاة الإمام متضمنة صلاة المأموم صحة وفسادًا، كما مرّ لحديث الحاكم وقال: صحيح عن سهل بن سعد: الإمام ضامن، يعني: صلاتهم ضمن صلاته صحة وفسادًا.
ورواة هذا الحديث الستة ما بين بغدادي وكوفي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وتفرد بإخراجه البخاري.
56 - باب إِمَامَةِ الْمَفْتُونِ وَالْمُبْتَدِعِ وَقَالَ الْحَسَنُ صَلِّ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ.
( باب) حكم ( إمامة المفتون) الذي فتن بذهاب ماله وعقله، فضلّ عن الحق ( و) حكم إمامة ( المبتدع) بدعة قبيحة تخالف الكتاب والسُّنّة والجماعة.
( وقال الحسن) البصري، مما وصله سعيد بن منصور، ( صل) خلف المبتدع ( وعليه بدعته) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [692] حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْم بن المنذر: ثنا أَنَس بن عياض، عَن عُبَيْدِ الله، عَن نَافِع، عَن ابن عُمَر، قَالَ: لما قدم المهاجرون الأولون العصبة - موضع بقباء - قَبْلَ مقدم رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يؤمهم سَالِم مَوْلَى أَبِي حذيفة، وكانأكثرهم قرآنا.
وخرجه أبو داود من طريق ابن نمير، عَن عُبَيْدِ الله، وزاد: فيهم عُمَر ابن الخَطَّاب وأبو سَلَمَة بن عَبْد الأسد.
وخرجه البخاري فِي ( ( الأحكام) ) من ( ( صحيحه) ) هَذَا من طريق ابن جُرَيْج، عَن نَافِع، أخبره أن ابن عُمَر أخبره، قَالَ: كَانَ سَالِم مَوْلَى أَبِي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مسجد قباء، فيهم: أبو بَكْر وعمر وأبو سَلَمَة وزيد وعامر بن رَبِيعَة.
والمراد بهذا: أَنَّهُ كَانَ يؤمهم بعد مقدم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ ولذلك قَالَ: ( ( فِي مسجد قباء) ) ، ومسجد قباء إنما أسسه النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد قدومه المدينة، فلذلك ذكر منهم: أَبَا بَكْر، وأبو بَكْر إنما هاجر مَعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وليس فِي هذه الرواية: ( ( قَبْلَ مقدم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ) كما فِي الرواية الَّتِيْ خرجها البخاري هاهنا فِي هَذَا الباب، فليس فِي هَذَا الحَدِيْث إشكال كما توهمه بعضهم.
وإمامة سَالِم للمهاجرين بعد مقدم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مسجد فِي حكم المرفوع؛ لأن مثل هَذَا لا يخفى بل يشتهر ويبلغ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
والظاهر: أن سالماً لَمْ يعتق إلا بقدومه المدينة؛ فإنه عتيق لامرأة من الأنصار، أعتقته سائبة وأذنت لَهُ أن يوالي من شاء، فوالى أَبَا حذيفة وتبناه.
والعصبة: قَالَ صاحب ( ( معجم البلدان) ) : هُوَ بتحريك الصاد عَلَىوزن همزة، وَهُوَ حصن، قَالَ: ويروى المعصب.
الحَدِيْث الثاني: قَالَ:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِمَامَةِ الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى)
أَيِ الْعَتِيقِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لَمْ يُفْصِحْ بِالْجَوَازِ لَكِنْ لَوَّحَ بِهِ لِإِيرَادِهِ أَدِلَّتَهُ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِلَخْ وَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْمَصَاحِفِ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا غُلَامُهَا ذكْوَان فِي الْمُصحف وَوَصله بن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ غُلَامًا لَهَا عَنْ دُبُرٍ فَكَانَ يَؤُمُّهَا فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ وَوَصَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي عَائِشَةَ بِأَعْلَى الْوَادِي هُوَ وَأَبُوهُ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَنَاسٌ كَثِيرٌ فَيَؤُمُّهُمْ أَبُو عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ لَمْ يُعْتَقْ وَأَبُو عَمْرٍو الْمَذْكُورُ هُوَ ذَكْوَانُ وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ الْعَبْدِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَخَالَفَ مَالِكٌ فَقَالَ لَا يَؤُمُّ الْأَحْرَارَ إِلَّا إِنْ كَانَ قَارِئًا وهم لَا يقرؤون فَيَؤُمُّهُمْ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهَا تُجْزِئُهُ إِذَا حَضَرَهَا .

     قَوْلُهُ  فِي الْمُصْحَفِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْمُصَلِّي مِنَ الْمُصْحَفِ وَمَنَعَ مِنْهُ آخَرُونَ لِكَوْنِهِ عَمَلًا كَثِيرًا فِي الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  وَوَلَدُ الْبَغِيِّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّشْدِيدِ أَي الزَّانِيَة وَنقل بن التِّينِ أَنَّهُ رَوَاهُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّخْفِيفِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمَوْلَى لَكِنْ فُصِلَ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِأَثَرِ عَائِشَةَ وَغَفَلَ الْقُرْطُبِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْبُخَارِيِّ فَجَعَلَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يُتَّخَذَ إِمَامًا رَاتِبًا وَعِلَّتُهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ يعير مُعَرَّضًا لِكَلَامِ النَّاسِ فَيَأْثَمُونَ بِسَبَبِهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْغَالِبِ مَنْ يَفْقَهُهُ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ .

     قَوْلُهُ  وَالْأَعْرَابِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَتِهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا وَخَالَفَ مَالِكٌ وَعِلَّتُهُ عِنْدَهُ غَلَبَةُ الْجَهْلِ عَلَى سكان الْبَوَادِي وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ يُدِيمُونَ نَقْصَ السُّنَنِ وَتَرْكَ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ غَالِبًا .

     قَوْلُهُ  وَالْغُلَامُ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمُرَاهِقَ وَيُحْتَمَلُ الْأَعَمَّ لَكِنْ يَخْرُجُ مِنْهُ مَنْ كَانَ دُونَ سِنِّ التَّمْيِيزِ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ رَاعَى اللَّفْظَ الْوَارِدَ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ فِيمَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا لَا يَؤُمُّ الْغُلَامَ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ أَنه كَانَ يؤم قومه وَهُوَ بن سَبْعِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّمَا لَمْ يُسْتَدَلَّ بِهِ هُنَا لِأَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ تَوَقَّفَ فِيهِ فَقِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذ لَك وَقِيلَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي النَّافِلَةِ دُونَ الْفَرِيضَةِ وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ زَمَانَ نُزُولِ الْوَحْيِ لَا يَقَعُ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ التَّقْرِيرُ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ أَبُو سَعِيدٍ وَجَابِرٌ عَلَى جَوَازِ الْعَزْلِ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْزِلُونَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ وَأَيْضًا فَالْوَفْدُ الَّذِينَ قَدَّمُوا عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ كَانُوا جمَاعَة من الصَّحَابَة وَقد نقل بن حَزْمٍ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ سِيَاقَ رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْفَرَائِضِ لِقَوْلِهِ فِيهِ صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ قَالَ عَمْرٌو فَمَا شَهِدْتُ مَشْهَدًا فِي جَرْمٍ إِلَّا كُنْتُ إِمَامَهُمْ وَهَذَا يعم الْفَرَائِض والنوافل وَاحْتج بن حَزْمٍ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ قَالَ فَعَلَى هَذَا إِنَّمَا يَؤُمُّ مَنْ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ بِمَأْمُورٍ لِأَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْهُ فَلَا يَؤُمُّ كَذَا قَالَ وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَأْمُورُ مَنْ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ مِنَ الْبَالِغِينَ بِأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ مَنِ اتَّصَفَ بِكَوْنِهِ أَكْثَرَ قُرْآنًا فَبَطَلَ مَا احْتَجَّ بِهِ وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ الصَّبِيِّ ذَهَبَ أَيْضًا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَكَرِهَهَا مَالِكٌ وَالثَّوْرَيُّ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمَا الْإِجْزَاءُ فِي النَّوَافِلِ دُونَ الْفَرَائِضِ .

     قَوْلُهُ  لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أَيْ فَكُلُّ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ جَازَتْ إِمَامَتُهُ مِنْ عَبْدٍ وَصبي وَغَيرهمَا وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ بِلَفْظِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ الْمَذْكُورِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ أَقْرَؤُهُمْ عَلَى أَنَّ إِمَامَةَ الْكَافِرِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ لَهُ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يُمْنَعُ الْعَبْدُ مِنَ الْجَمَاعَةِ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُعَلَّقِ .

     قَوْلُهُ  بِغَيْرِ عِلَّةٍ أَيْ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لِسَيِّدِهِ فَلَوْ قَصَدَ تَفْوِيتَ الْفَضِيلَةِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ مُسْتَنَدَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى قِصَّةِ سَالِمٍ فِي أَوَّلِ حَدِيثَيِ الْبَابِ

[ قــ :671 ... غــ :692] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ الْعُمَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ أَيْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ .

     قَوْلُهُ  الْعُصْبَةَ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِقَوْلِهِ قَدِمَ كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ نَزَلُوا الْعُصْبَةَ أَيِ الْمَكَانَ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ وَهُوَ بِإِسْكَانِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِهِ فَقِيلَ بِالْفَتْحِ وَقِيلَ بِالضَّمِّ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي النِّهَايَةِ ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ لَمْ يَضْبِطْهُ الْأَصِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَالْمَعْرُوفُ الْمُعَصَّبُ بِوَزْنِ مُحَمَّدٍ بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَة زَاد فِي الْأَحْكَام من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو سَلمَة أَي بن عبد الْأسد وَزيد أَي بن حَارِثَةَ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَاسْتُشْكِلَ ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ فِيهِمْ إِذْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ كَانَ رَفِيقَهُ وَوَجَّهَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَالِمٌ الْمَذْكُورُ اسْتَمَرَّ عَلَى الصَّلَاةِ بِهِمْ فَيَصِحُّ ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ إِجْمَاعُ كِبَارِ الصَّحَابَةِ الْقُرَشِيِّينَ عَلَى تَقْدِيمِ سَالِمٍ عَلَيْهِمْ وَكَانَ سَالِمٌ الْمَذْكُورُ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَعْتَقَتْهُ وَكَأَنَّ إِمَامَتَهُ بِهِمْ كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ وَبِذَلِكَ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُمْنَعُ الْعَبْدُ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ لِأَنَّهُ لَازَمَ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بَعْدَ أَنْ عُتِقَ فَتَبَنَّاهُ فَلَمَّا نُهُوا عَنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ مَوْلَاهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ وَاسْتُشْهِدَ سَالِمٌ بِالْيَمَامَةِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا إِشَارَةً إِلَى سَبَبِ تَقْدِيمِهِمْ لَهُ مَعَ كَوْنِهِمْ أَشْرَفَ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بَاب
إمَامَةِ العَبْدِ والمَوْلَى
وكانت عَائِشَة يؤمها عبدها ذكوان من المصحف.

وَوَلدَ البَغيِّ والأعرابي والغلام الَّذِي لَمْ يحتلم
لقول النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله) ) .

ولا يمنع العبد من الجماعة بغير علةٍ
أشار البخاري - رحمه الله - بهذا التبويب إلى مسائل:
إحداها:
إمامه العبد والمولى.

ومراده بالعبد: الرقيق القن.
وبالمولى: العتيق، الَّذِي عَلِيهِ ولاء لمعتقه.

وما ذكره من إمامه ذكوان لعائشة:
فروى وكيع، عَن هِشَام بن عُرْوَةَ، عَن أَبِي بَكْر بن أَبِي مليكة، أن عَائِشَة أعتقت غلاماً لها عَن دبرٍ، فكان يؤمها فِي المصحف فِي رمضان.

ففي هذه الرواية: أَنَّهُ كَانَ مدبراً.

وقد روي من غير وجه، عَن عَائِشَة، أنها صلت خلف مملوك.

وروى أيوب، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة، أَنَّهُ كَانَ يؤمها عَبْد لها فِي المصحف.

خرجه الأثرم.
ورواه عَبْد الرحمن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه – أَيْضاً.

وذكر الإمام أحمد، أَنَّهُ أصح من حَدِيْث ابن أَبِي مليكة؛ لأن هِشَام بن عُرْوَةَ لَمْ يسمعه من ابن أَبِي مليكة، إنما بلغه عَنْهُ.

قَالَ أحمد: أبو معاوية، عَن هِشَام، قَالَ: نبئت عَن ابن أَبِي مليكة – فذكره.

قُلتُ: رواه شعيب بن أَبِي حَمْزَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة – لَمْ يذكر ابن أَبِي مليكة.

خرجه البيهقي.

وكذا رواه مَالِك فِي ( ( الموطإ) ) عَن هِشَام، عَن أَبِيه.

وروى أبو نعيم فِي ( ( كِتَاب الصلاة) ) : حَدَّثَنَا حماد بن سَلَمَة، عَن ابن أَبِي مليكة، أن عَائِشَة كَانَ يدخل عَلَيْهَا أشراف قريش، فيؤمهم غلامها ذكوان.

والظاهر: أن حماد بن سلمة إنما رواه عَن هِشَام، عَن ابن أَبِي مليكة.

ورواه الشَّافِعِيّ عَن عَبْد المجيد بن أَبِي رواد، عَن ابن جُرَيْج: أخبرني ابن أَبِي مليكة، أنهم كانوا يأتون عَائِشَة، أم المُؤْمِنيِن بأعلى الوادي – هُوَ وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير -، فيؤمهم أبو عَمْرِو مَوْلَى عَائِشَة – وأبو عَمْرِو غلامها حينئذ لَمْ يعتق، وكان إمام بني مُحَمَّد بن أَبِي بَكْر وعروة.

قَالَ أبو نعيم: وحدثنا زهير، عَن داود بن أَبِي هند: حَدَّثَنِي أبو نضرة، عَن أَبِي سَعِيد مَوْلَى أَبِي أسيد الأنصاري، قَالَ: أتاني نفر من أصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيهم: أبو ذر وحذيفة وابن مَسْعُود، فحضرت الصلاة، فقدموني وأنا مملوك، فصليت بهم.

قَالَ: وحدثنا حسن الحسنائي: ثنا زياد النميري، قَالَ: سألت أَنَس بن مَالِك، فَقُلْت: العبد ليس بدينه بأس، يؤم القوم؟ قَالَ: وما بأس بذلك.

وفي ( ( صحيح مُسْلِم) ) أن عُمَر بن الخَطَّاب قَالَ لنافع بن عَبْد الحارث – وكان عُمَر استخلفه عَلَى مكة -: من استخلفت عَلَى أهل الوادي؟ قَالَ: ابن ابزى مَوْلَى لنا.
فَقَالَ عُمَر: استخلفت عليهم مَوْلَى؟ قَالَ: يَا أمير المُؤْمِنيِن، إنه قارىء لكتاب الله، عالم بالفرائض.
فَقَالَ عُمَر: أما إن رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع بِهِ آخرين) ) .

وممن رخص فِي إمامه العبد: الشعبي والنخعي والحسن والحكم والثوري وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق.

وكره إمامه العبد جماعة، منهم: أبو مجلز.

وَقَالَ الضحاك: لا يؤم العبد القوم وفيهم حر.

وَقَالَ مَالِك: لا يؤمهم، إلا أن يكون العبد قارئاً ومن خلفه أعراب لا يقرءون.

وفي ( ( تهذيب المدونة) ) : لا يؤم العبد فِي الحضر فِي مساجد القبائل، وجائز أن يؤم فِي قيام رمضان وفي الفرائض فِي السفر، إن كَانَ أقرأهم، من غير أن يتخذ إماماً راتباً.

وَقَالَ أصحابنا: لا تكره إمامه العبد، والحر أولى مِنْهُ.
المسألة الثانية:
إمامه ولد البغي – وَهُوَ ولد الزنا.

وقد اختلف فِي إمامته:
فرخص فيها طائفة، منهم: عَطَاء والحسن والشعبي والنخعي والزهري وسليمان بن موسى وعمرو بن دينار والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق.

ومنهم من شرط سلامة دينه، وَهُوَ قَوْلِ أحمد.

وكره ذَلِكَ آخرون، منهم: مُجَاهِد.

وروي عَن عُمَر بن عَبْد العزيز، أَنَّهُ نهى رجلاً كَانَ يؤم بالعقيق لا يعرف لَهُ أب.

وَقَالَ مَالِك: أكره أن يتخذ إماماً راتباً.

وَقَالَ أبو حنيفة: غيره أحب إلينا مِنْهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيّ: أكره أن ينصب إماماً من لا يعرف أبوه، ومن صلى خلفه أجزأه.

وهؤلاء جعلوا النسب معتبراً فِي إمامه الصلاة، فيكره أن يرتب للأمامة من لا نسب لَهُ، كما يعتبر فِي الإمامة العظمى، فلا يصح أن ينصب إماماً من لا نسب لَهُ.

وفي هَذَا انظر؛ فإن أكثرهم رخصوا فِي إمامه العبد والمولى، مَعَ أَنَّهُ لا نسب لهما فِي العرب.

المسأله الثالثة:
إمامه الأعرابي وَهُوَ من لَمْ يهاجر إلى الأمصار من أهل البوادي.

وقد اختلف فِي إمامه الأعرابي:
فَقَالَتْ طائفة: لا بأس بِهَا إذا أقام الصلاة.

وعنه، قَالَ: العبد إذا فقه أحب إلي مِنْهُ.

ورخص فِيهِ الثوري والشافعي وأحمد – فِي المشهور عَنْهُ – وإسحاق.

وروى وكيع فِي ( ( كتابه) ) عَن شريك، عَن أَبِي إِسْحَاق، عَن رَجُل من طيىء، أن ابن مَسْعُود [حج، فصلى خلف] أعرابي.

وكره الائتمام بالأعرابي طائفة، منهم: أبو مجلز والشعبي والحسن وعطاء ومالك، وَهُوَ رِوَايَة عَن أحمد.

وروى وكيع، عَن الربيع بن صبيح، عَن ابن سيرين، قَالَ: خرجنا مَعَ عُبَيْدِ الله بن معمر، ومعنا حميد بن عَبْد الرحمن وأناس من وجوه الفقهاء، فمررنا بماء فحضرت الصلاة، فأذن أعرابي وأقام.
قَالَ: فتقدم حميد بن عَبْد الرحمن.
قَالَ: من كَانَ من أهل البلد فليتم الصلاة، وكره أن يؤم الأعرابي.

وهذا يدل عَلَى أنهم رأوا أن من كَانَ أولى بالإمامة فإنه يقدم عَلَى الإمام الراتب بغير إذنه، وقد سبق الكلام عَلِيهِ.

وَقَالَ مَالِك: الأعرابي لا يؤمهم وإن كَانَ أقرأهم.

وَقَالَ أحمد: لا يؤم الحضري، ولا فِي المصر، إلا أن يكون قَدْ علم وعرفه.

وَقَالَ – أَيْضاً -: إذا كَانَ قَدْ تعلم القرآن ودخل القرآن، ولم يكن جافياً.

وروى أشعث، عَن الْحَسَن فِي مهاجري صلى خلف أعرابي؟ قَالَ: إذا صلى أعاد تلك الصلاة.

وقد خرج ابن ماجه من حَدِيْث جابر مرفوعاً: ( ( لا يؤم أعرابي مهاجراً) ) – فِي حَدِيْث طويل، وسيأتي فيما بعد – إن شاء الله سبحانه وتعالى.

المسألة الرابعة:
إمامه الغلام الَّذِي لَمْ يحتلم.

وفيها أقوال:
أحدها: أنها جائزة فِي الفرض وغيره، وَهُوَ قَوْلِ الشَّافِعِيّ وإسحاق وأبي ثور.

وخرجه طائفة من أصحابنا رِوَايَة عَن الإمام أحمد من صحة اقتداء المفترض بالمتنفل، عَلَى رِوَايَة عَنْهُ، وفيه نظر؛ فإن المتنفل أهل للأمامة فِي الجملة بخلاف الصبي.

وحكاه ابن المنذر عَن الْحَسَن.

وروى حرب بإسناده، عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: لَمْ يزل الغلمان يصلون بالناس إذا عقلوا الصلاة وقرءوا فِي رمضان، وإن لَمْ يحتلموا.

وروى أبو نعيم فِي ( ( كِتَاب الصلاة) ) : حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن جريج، عَن عَطَاء، قَالَ: لا بأس أن يؤم الغلام قَبْلَ أن يحتلم.

وروى وكيع بإسناده، عَن الأشعث بن قيس، أَنَّهُ قدم غلاماً، فَقِيلَ لَهُ.

فَقَالَ: إني لَمْ أقدمه، إنما قدمت القرآن.

ولعل الغلام هاهنا أريد بِهِ العبد، لا الصبي.

والقول الثاني: أَنَّهُ لا يؤم الصبي حَتَّى يحتلم، روي ذَلِكَ عَن ابن عَبَّاس، خرجه عَنْهُ بإسناد فِيهِ مقال.

وخرجه الأثرم – أَيْضاً – بإسناد منقطع عَن ابن مَسْعُود، قَالَ: لا يصلي خلف الغلام حَتَّى تجب عَلِيهِ الحدود.

وَقَالَ النخعي: كانوا يكرهون أن يؤم الغلام قَبْلَ أن يحتلم.

قَالَ ابن المنذر: كره إمامة من لَمْ يبلغ: عَطَاء والشعبي ومجاهد ومالك والثوري وأصحاب الرأي.

وقد روينا عَن ابن عَبَّاس، قَالَ: لا يؤم الغلام حَتَّى يحتلم.

وكرهه – أَيْضاً - الضحاك.

والقول الثالث: يؤمهم فِي النفل دون الفرض، روي ذَلِكَ عَن الْحَسَن، ذكره وكيع، عَن الربيع بن صبيح، عَنْهُ، قَالَ: لا بأس أن يؤمهم فِي رمضان إذا أحسن الصلاة قَبْلَ أن يحتلم، وَهُوَ رِوَايَة عَن أحمد.

والقول الرابع: حكاه ابن المنذر عَن الأوزاعي، قَالَ: لا يؤم الغلام فِي الصلاة المكتوبة حَتَّى يحتلم، إلا أن يكون ليس معهم من القرآن شيء، فإنه يؤمهم المراهق.

وعن الزُّهْرِيّ، قَالَ: إن اضطروا إليه أمهم.

وقد أوما أحمد إلى هَذَا القول؛ فإنه قَالَ - فِي رِوَايَة أَبِي طالب -: لا يصلي بهم حَتَّى يحتلم، لا فِي المكتوبة ولا فِي التطوع.
قيل لَهُ: فحديث عَمْرِو بن سَلَمَة، أليس أم بهم وَهُوَ غلام؟ فَقَالَ: لعله لَمْ يكن يحسن يقرأ غيره.

ونقل عَنْهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد فِي حَدِيْث عَمْرِو بن سَلَمَة، قَالَ: كَانَ هَذَا فِي أول الإسلام من ضرورة، فأما اليوم فلا.

وكذلك نقل عَنْهُ أبو داود، قَالَ: لعله كَانَ فِي بدء الإسلام.

وهذا يشير إلى نسخ حكمه بالكلية.

ومن أصحابنا من أجاز إمامته فِي قيام رمضان، إذا لَمْ يوجد قارىء غيره؛ فإن أحمد أجاز إمامة المرأة فِي ذَلِكَ، والغلام أولى، وفيه نظر - أَيْضاً -؛ فإن المرأة من أهل التكليف ووجوب الصلاة، بخلاف الصبي.

ولهذا اختلف أصحابنا فِي إمامة الغلام إذا بلغ عَشَرَ سنين، وقلنا: تجب الصلاة عَلِيهِ، كما هُوَ رِوَايَة عَن أحمد، اختارها طائفة من أصحابه، منهم: أبو بَكْر عَبْد العزيز وأبو الحسن التميمي وأبو الْحَسَن الجزري وأبو حفص البرمكي، وحكي عَن ابن حامد - أَيْضاً.

فاختلفوا: هَلْ يصح أن يؤم فِي الصلاة المفروضة حينئذٍ، أم لا؟ عَلَى وجهين:
أحدهما: أَنَّهُ لا يؤم فيها - أَيْضاً -، قاله أبو حفص البرمكي والقاضي أبو يعلى والأكثرون.
والثاني: يصح، قاله أبو الخَطَّاب.

قَالَ القاضي وأصحابه: إذا قلنا: لا يصح أن يؤم فِي فرض فلا فرق بَيْن فروض الأعيان وفروض الكفايات كالجنائز.

وقد استدل البخاري لصحة إمامة العبد والمولى وولد الزنا والأعرابي والصبي بعموم قَوْلِ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله) ) .

وقد خرجه فِي موضع آخر مسنداً من حَدِيْث عَمْرِو بن سَلَمَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وخرجه مُسْلِم من حَدِيْث أَبِي مَسْعُود الأنصاري، وقد سبق.

وقد استدل بِهِ بنو جرم فِي عهد النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى إمامه الصبي، حَتَّى قدموا عَمْرِو بن سَلَمَة أخذاً بعمومه.

وقد أجاب بعضهم بأنه لَمْ ينقل أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بلغه ذَلِكَ وأقر عَلِيهِ.

وهذا يرجع إلى أن مَا عمل فِي زمن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم ينقل أَنَّهُ بلغة، فهل يكون حجة، أم لا؟ وفيه اخْتِلاَف مشهور.

والمخالف فِي ذَلِكَ يَقُول: عموم هَذَا الحَدِيْث لا بد من تخصيصه؛ فإن المرأة لَوْ كَانَتْ أقرأ القوم لَمْ تؤمهم مَعَ وجود قارىء غيرها إجماعاً، وعند عدمه - أَيْضاً - عِنْدَ الأكثرين، فلذلك نخص مِنْهُ الصبي؛ لأنه ليس من أهل التكليف، والكلام إنما توجه إلى من يدخل تَحْت التكليف، فيتوجه إليه الخَطَّاب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

المسألة الخامسة:
قَالَ: لا يمنع العبد من الجماعة بغير علة.

هَذَا يدل عَلَى أن البخاري يرى وجوب الصلاة فِي الجماعة عَلَى المملوك، وأن سيده لا يجوز لَهُ منعه مِنْهَا.

وَهُوَ - أَيْضاً - ظاهر كلام أحمد.

قَالَ إِسْحَاق بن هانىء: سألت أَبَا عَبْد الله عَن العبد يرسله مولاه فِي حاجته، فتحضر الصلاة: فيصلي، ثُمَّ يقضي حاجة مولاه، أو يقضي حاجة مولاه ثُمَّ يصلي؟ ولعله إن قضى حاجة مولاه لا يجد مسجداً يصلي فِيهِ؟ فَقَالَ أبو عَبْد الله: إذا علم أَنَّهُ انقضى حاجة مولاه أصاب مسجداً يصلي فِيهِ قضى حاجة مولاه، وإن علم أَنَّهُ لا يجد مسجداً يصلي فِيهِ صلى، ثُمَّ قضى حاجة مولاه.

وَقَالَ صالح بن الإمام أحمد: سألت أَبِي عَن العبد يأمره مواليه بالحاجة، وتحضر الصلاة؟ قَالَ: إن وجد مسجداً يصلي فِيهِ قضى حاجة مواليه، وإن صلى فلا بأس.

ومن المتأخرين من أصحابنا من قَالَ: يتخرج وجوب الجماعة عَلَى العبد عَلَى وجوب الجمعة عَلِيهِ، وفيه روايتان عَن أحمد، فلذلك يخرج فِي وجوب الجماعة.

ومنهم من قَالَ: لا تجب الجماعة عَلَى العبد بحال، لتكررها كل يوم وليلة بخلاف الجمعة.

وممن قَالَ: لا تجب الجماعة عَلَى العبد من أصحابنا: القاضي أبو يعلى فِي ( ( خلافه) ) وأبو الفتح الحلواني.

وروي عَن الْحَسَن مَا يدل عَلَى مثله، فروى أبو بَكْر الخلال بإسناده، عَن مهدي بن ميمون، قَالَ: سألت الْحَسَن عَن عَبْد مملوك تحضره الصلاة، فيحب أن يصليها فيرسله مولاه فِي بعض الحاجة، فبأي ذَلِكَ يبدأ؟ قَالَ: يبدأ بحاجة مولاه.

خرج البخاري فِي هَذَا الباب حديثين:
الحَدِيْث الأول:
[ قــ :671 ... غــ :692 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْم بن المنذر: ثنا أَنَس بن عياض، عَن عُبَيْدِ الله، عَن نَافِع، عَن ابن عُمَر، قَالَ: لما قدم المهاجرون الأولون العصبة - موضع بقباء - قَبْلَ مقدم رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يؤمهم سَالِم مَوْلَى أَبِي حذيفة، وكان أكثرهم قرآنا.

وخرجه أبو داود من طريق ابن نمير، عَن عُبَيْدِ الله، وزاد: فيهم عُمَر ابن الخَطَّاب وأبو سَلَمَة بن عَبْد الأسد.

وخرجه البخاري فِي ( ( الأحكام) ) من ( ( صحيحه) ) هَذَا من طريق ابن جُرَيْج، عَن نَافِع، أخبره أن ابن عُمَر أخبره، قَالَ: كَانَ سَالِم مَوْلَى أَبِي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مسجد قباء، فيهم: أبو بَكْر وعمر وأبو سَلَمَة وزيد وعامر بن رَبِيعَة.

والمراد بهذا: أَنَّهُ كَانَ يؤمهم بعد مقدم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ ولذلك قَالَ: ( ( فِي مسجد قباء) ) ، ومسجد قباء إنما أسسه النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد قدومه المدينة، فلذلك ذكر منهم: أَبَا بَكْر، وأبو بَكْر إنما هاجر مَعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وليس فِي هذه الرواية: ( ( قَبْلَ مقدم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ) كما فِي الرواية الَّتِيْ خرجها البخاري هاهنا فِي هَذَا الباب، فليس فِي هَذَا الحَدِيْث إشكال كما توهمه بعضهم.

وإمامة سَالِم للمهاجرين بعد مقدم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مسجد فِي حكم المرفوع؛ لأن مثل هَذَا لا يخفى بل يشتهر ويبلغ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

والظاهر: أن سالماً لَمْ يعتق إلا بقدومه المدينة؛ فإنه عتيق لامرأة من الأنصار، أعتقته سائبة وأذنت لَهُ أن يوالي من شاء، فوالى أَبَا حذيفة وتبناه.

والعصبة: قَالَ صاحب ( ( معجم البلدان) ) : هُوَ بتحريك الصاد عَلَى وزن همزة، وَهُوَ حصن، قَالَ: ويروى المعصب.

الحَدِيْث الثاني:
قَالَ:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِمَامَةِ الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى
وَكَانَتْ عَائِشَةُ يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِنَ الْمُصْحَفِ وَوَلَدِ الْبَغِيِّ وَالأَعْرَابِيِّ وَالْغُلاَمِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ».


( باب) حكم ( إمامة العبد والمولى) أي المعتق.
ولابن عساكر: والموالي بالجمع.

( وكانت عائشة) رضي الله عنها، وفي رواية: وكان عائشة، مما وصله الشافعي وعبد الرزاق ( يؤمها عبدها ذكوان من المصحف) وهو يومئذ غلام لم يعتق، وهذا مذهب الشافعي، وأبي يوسف ومحمد لأنه لم يقترن به ما يبطل الصلاة.

وقال أبو حنيفة: يفسدها لأنه عمل كثير، نعم الحر أولى من العبد.

( وولد البغي) بالجر عطفًا على المولى وفتح الموحدة وكسر المعجمة وتشديد المثناة أي الزانية لأنه ليس عليه من وزرها شيء، ( والأعرابي) الذي يسكن البادية، وإلى صحة إمامته ذهب الجمهور، خلافًا لمالك، لغلبة الجهل على سكان البادية، ( والغلام) المميز ( الذي لم يحتلم) بالجر فيه على العطف كسابقه، وهذا مذهب الشافعي.

وقال الحنفية: لا تصح إمامته للرجال في فرض ولا نفل.
وتصح لمثله.

وقال المالكية، لا تصح في فرض، وبغيره تصح، وإن لم تجز.

وقال المرداوي من الحنابلة: وتصح إمامة صبي لبالغ وغيره في نفل وفي فرض بمثله فقط، ( لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في حديث مسلم وأصحاب السنن: ( يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله) قال المؤلّف: ( ولا يمنع العبد من الجماعة) ولابن عساكر: عن الجماعة أي من حضورها ( بغير علة) وللأصيلي: لغير علة، أي ضرورة لسيده، لأن حق الله تعالى مقدم على حقه.


[ قــ :671 ... غــ : 692 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ الْعُصْبَةَ -مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ- قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا".
[الحديث 692 - طرفه في: 7175] .

وبالسند قال: ( حدّثنا إبراهيم بن المنذر) الحزامي المدني ( قال: حدّثنا أنس بن عياض) بكسر العين المهملة ( عن عبيد الله) العمري، بضم العين فيهما ( عن نافع) مولى ابن عمر، ( عن ابن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي عن عبد الله بن عمر ( قال: لما قدم المهاجرون الأولون) من مكة ( العصبة) بفتح العين وإسكان الصاد المهملتين بعدها موحدة، أو بضم العين منصوب على الظرفية لقدم، هو ( موضع) ولأبي الوقت والأصيلي وابن عساكر: موضعًا، بالنصب بدل أو بيان ( بقباء، قبل مقدم رسول الله) ولأبوي ذر والوقت: النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) المدينة، ( كان يؤمّهم سالم) بالرفع اسم كان ( مولى أبي حذيفة) هشام بن عتبة بن ربيعة قبل أن يعتق، وإنما قيل له مولى أبي حذيفة لأنه لازمه بعد أن أعتق، فتبناه، فلما نهوا عن ذلك، قيل له: مولاه ( وكان) سالم ( أكثرم) أي المهاجرين الأولين ( قرأنًا) بالنصب على التمييز، وهذا سبب تقديمهم له مع كونهم أشرف منه.

ووجه مطابقة هذا الحديث للترجمة، كون إمامة سالم بهم قبل عتقه، كما مر.

ورواته كلهم مدنيون، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أبو داود في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ إمامَةِ العَبْدِ والمَوْلَى)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم إِمَامَة العَبْد وَالْمولى، وَأَرَادَ بِهِ الْمولى الْأَسْفَل، وَهُوَ المعتوق، وللفظ الْمولى معانٍ مُتعَدِّدَة، وَالْمرَاد بِهِ هُنَا: المعتوق، قيل: لم يفصح بِالْجَوَازِ،، لَكِن لوح بِهِ لإيراده أدلته.

وكانَتْ عَائِشَةُ يِؤُمُّهِا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِنَ المُصْحَفِ
إِيرَاد هَذَا الْأَثر يدل على أَن مُرَاده من التَّرْجَمَة الْجَوَاز، وَإِن كَانَت التَّرْجَمَة مُطلقَة، وَوصل هَذَا ابْن أبي شيبَة عَن وَكِيع عَن هِشَام ابْن عُرْوَة عَن أبي بكر بن أبي مليكَة: أَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أعتقت غُلَاما عَن دبر، فَكَانَ يؤمها فِي رَمَضَان فِي الْمُصحف.
وروى أَيْضا عَن ابْن علية: عَن أَيُّوب سَمِعت الْقَاسِم يَقُول: كَانَ يؤم عَائِشَة عبد يقْرَأ فِي الْمُصحف، وَرَوَاهُ الشَّافِعِي عَن عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز عَن ابْن جريج: أَخْبرنِي عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة أَنهم كَانُوا يأْتونَ عَائِشَة بِأَعْلَى الْوَادي هُوَ وَعبيد بن عُمَيْر والمسور بن مخرمَة وناس كثير، فيؤمهم أَبُو عمر وَمولى عَائِشَة، وَهُوَ يَوْمئِذٍ غُلَام لم يعْتق.
وَكَانَ إِمَام بني مُحَمَّد بن أبي بكر وَعُرْوَة.
وَعند الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي عتبَة أَحْمد بن الْفرج الْحِمصِي: حَدثنَا مُحَمَّد بن حمير حَدثنَا شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن هِشَام عَن أَبِيه أَن أَبَا عَمْرو ذكْوَان كَانَ عبدا لعَائِشَة، فأعتقته وَكَانَ يقوم بهَا شهر رَمَضَان يؤمها، وَهُوَ عبد.
وروى ابْن أبي دَاوُد فِي (كتاب الْمَصَاحِف) من طَرِيق أَيُّوب عَن ابْن أبي مليكَة: أَن عَائِشَة كَانَ يؤمها غلامها ذكْوَان فِي الْمُصحف.
وذكوان: بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وكنيته أَبُو عَمْرو، مَاتَ فِي أَيَّام الْحرَّة أَو قتل بهَا.
قَوْله: (وَهُوَ يَوْمئِذٍ غُلَام) ، الْغُلَام هُوَ الَّذِي لم يَحْتَلِم، وَلَكِن الظَّاهِر أَن المُرَاد مِنْهُ الْمُرَاهق، وَهُوَ كَالْبَالِغِ.
قَوْله: (من الْمُصحف) ، ظَاهره يدل على جَوَاز الْقِرَاءَة من الْمُصحف فِي الصَّلَاة، وَبِه قَالَ ابْن سِيرِين وَالْحسن وَالْحكم وَعَطَاء، وَكَانَ أنس يُصَلِّي وَغُلَام خَلفه يمسك لَهُ الْمُصحف، وَإِذا تعايا فِي آيَة فتح لَهُ الْمُصحف.
وَأَجَازَهُ مَالك فِي قيام رَمَضَان، وَكَرِهَهُ النَّخعِيّ وَسَعِيد بن الْمسيب وَالشعْبِيّ، وَهُوَ رِوَايَة عَن الْحسن..
     وَقَالَ : هَكَذَا يفعل النَّصَارَى، وَفِي مُصَنف ابْن أبي شيبَة وَسليمَان بن حَنْظَلَة وَمُجاهد بن جُبَير وَحَمَّاد وَقَتَادَة،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: لَا تجوز الْقِرَاءَة من الْمُصحف وَلَا من غَيره لمصل إِمَامًا كَانَ أَو غَيره، فَإِن تعمد ذَلِك بطلت صلَاته، وَبِه قَالَ ابْن الْمسيب وَالْحسن وَالشعْبِيّ وَأَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، قَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : وَهُوَ غَرِيب لم أره عَنهُ.
قلت: الْقِرَاءَة من مصحف فِي الصَّلَاة مفْسدَة عِنْد أبي حنيفَة لِأَنَّهُ عمل كثير، وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد يجوز، لِأَن النّظر فِي الْمُصحف عبَادَة، وَلكنه يكره لما فِيهِ من التَّشَبُّه بِأَهْل الْكتاب فِي هَذِه الْحَالة، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد، وَعند مَالك وَأحمد فِي رِوَايَة.
لَا تفْسد فِي النَّفْل فَقَط.

وَأما إِمَامَة العَبْد، فقد قَالَ أَصْحَابنَا: تكره إِمَامَة العَبْد لاشتغاله بِخِدْمَة مَوْلَاهُ، وأجازها أَبُو ذَر وَحُذَيْفَة وَابْن مَسْعُود، ذكره ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَاد صَحِيح، وَعَن أبي سُفْيَان أَنه كَانَ يؤم بني عبد الْأَشْهَل وَهُوَ مكَاتب وَخَلفه صحابة مُحَمَّد بن مسلمة وَسَلَمَة بن سَلام، وَصلى سَالم خلف زِيَاد مولى ابْن الْحسن وَهُوَ عبد، وَمن التَّابِعين ابْن سِيرِين وَالْحسن وَشُرَيْح وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ وَالْحكم، وَمن الْفُقَهَاء الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة وَأحمد وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق،.

     وَقَالَ  مَالك: تصح إِمَامَته فِي غير االجمعة، وَفِي رِوَايَة: لَا يؤم إلاّ إِذا كَانَ قَارِئًا وَمن خَلفه الْأَحْرَار لَا يقرأون، وَلَا يؤم فِي جُمُعَة وَلَا عيد.
وَعَن الْأَوْزَاعِيّ: لَا يؤم إلاْ أَهله.
وَمِمَّنْ كره الصَّلَاة خَلفه: أَبُو مجلز، فِيمَا ذكره ابْن أبي شيبَة، وَالضَّحَّاك بِزِيَادَة: وَلَا يؤم من لم يحجّ قوما فيهم من قد حج.
وَفِي (الْمَبْسُوط) : إِن إِمَامَته جَائِزَة وَغَيره أحب.
قلت: وَلَا شكّ أَن الْحر أولى مِنْهُ لِأَنَّهُ منصب جليل، فالحر أليق بهَا،.

     وَقَالَ  ابْن خيران من أَصْحَاب الشَّافِعِيَّة: تكره إِمَامَته للْحرّ، وَخَالف سليم الرَّازِيّ، وَلَو اجْتمع عبد فَقِيه وحر غير فَقِيه فَثَلَاثَة أوجه: أَصَحهَا أَنَّهُمَا سَوَاء، ويترجح قَول من قَالَ: العَبْد الْفَقِيه أولى لما أَن سالما مولى أبي حُذَيْفَة كَانَ يؤم الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين فِي مَسْجِد قبَاء فيهم عمر وَغَيره، لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرهم قُرْآنًا.

وَلَدِ البَغِيِّ
عطف على قَوْله: وَالْمولى، وَلَكِن فصل بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ بأثر عَائِشَة، و: الْبَغي، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وتشديدها: وَهِي الزَّانِيَة، وَنقل ابْن التِّين أَنه رَوَاهُ بِفَتْح الْبَاء وَسُكُون الْغَيْن،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَسُكُون الْمُعْجَمَة وَالتَّخْفِيف.
قلت: قَوْله: وَالتَّخْفِيف، غلط لِأَن السّكُون يُغني عَن ذكره، وَأما إِمَامَة ولد الزِّنَا فجائزة عِنْد الْجُمْهُور، وَأَجَازَ النَّخعِيّ إِمَامَته،.

     وَقَالَ : رب عبدٍ خير من مَوْلَاهُ، وَالشعْبِيّ وَعَطَاء وَالْحسن،.

     وَقَالَ ت عَائِشَة: لَيْسَ عَلَيْهِ من وزر أَبَوَيْهِ شَيْء، ذكره ابْن أبي شيبَة، وَإِلَيْهِ ذهب الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَمُحَمّد بن عبد الحكم، وكرهها عمر بن عبد الْعَزِيز وَمُجاهد وَمَالك إِذا كَانَ راتبا..
     وَقَالَ  صَاحب؛ التَّوْضِيح) : وَلَا تكره إِمَامَته عندنَا خلافًا للشَّيْخ أبي حَامِد والعبدري،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: وأكره أَن أنصب من لَا يعرف أَبوهُ إِمَامًا، وَتَابعه الْبَنْدَنِيجِيّ، وَغَيره صرح بعدمها،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: الْأَعْمَى والخصي وَالْعَبْد وَولد الزِّنَا وأضدادهم، والقرشي سَوَاء، لَا تفاضل بَينهم إلاّ بِالْقِرَاءَةِ،.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة: تكره إِمَامَة العَبْد وَولد الزِّنَا لِأَنَّهُ يستخف بِهِ، فَإِن تقدما جَازَت الصَّلَاة.

والأَعْرَابِيِّ
بِالْجَرِّ عطف على: ولد الْبَغي، وَهُوَ بِفَتْح الْهمزَة، وَقد نصب إِلَى الْجمع لِأَنَّهُ صَار علما لَهُم، فَهُوَ فِي حكم الْمُفْرد، والأعراب: سكان الْبَادِيَة من الْعَرَب..
     وَقَالَ  صَاحب (الْمُنْتَهى) خَاصَّة: وَالْجمع أعاريب، وَلَيْسَ الْأَعْرَاب جمعا لعرب، كَمَا أَن الأنباط جمع للنبط، وَذكر النَّضر وَغَيره أَن الْأَعْرَاب جمع عرب، مثل: غنم وأغنام، وَإِنَّمَا سموا أعرابا لأَنهم عرب تجمعت من هَهُنَا وَهَهُنَا، وَأَجَازَ أَبُو حنيفَة إِمَامَته مَعَ الْكَرَاهَة لغَلَبَة الْجَهْل عَلَيْهِ، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق، وَصلى ابْن مَسْعُود خلف أَعْرَابِي، وَلم ير بهَا بَأْسا إِبْرَاهِيم وَالْحسن وَسَالم.
وَفِي الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: (لَا يتَقَدَّم الصَّفّ الأول أَعْرَابِي وَلَا عجمي وَلَا غُلَام لم يَحْتَلِم) .

والغُلاَمِ الَّذِي لَمْ يَحْتلِمْ
بِالْجَرِّ أَيْضا عطف على مَا قبله، وَظَاهره مُطلق يتَنَاوَل الْمُرَاهق وَغَيره، وَلَكِن يخرج مِنْهُ من كَانَ دون سنّ التَّمْيِيز بِدَلِيل آخر، وَيفهم أَن البُخَارِيّ يجوز إِمَامَته، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي أَيْضا، وَمذهب أبي حنيفَة: أَن الْمَكْتُوبَة لَا تصح خَلفه، وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق،.

     وَقَالَ  دَاوُد: فِي النَّفْل رِوَايَتَانِ عَن أبي حنيفَة، وبالجواز فِي النَّفْل قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق،.

     وَقَالَ  دَاوُد: لَا تصح فِيمَا حَكَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ وَمُجاهد وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَعَطَاء، وَأما نَقله: ابْن الْمُنْذر عَن أبي حنيفَة وصاحبيه أَنَّهَا مَكْرُوهَة فَلَا يَصح هَذَا النَّقْل، وَعند الشَّافِعِي فِي الْجُمُعَة قَولَانِ، وَفِي غَيرهَا يجوز لحَدِيث عَمْرو بن سَلمَة الَّذِي فِيهِ: أؤمهم وَأَنا ابْن سبع أَو ثَمَان سِنِين، وَعَن الْخطابِيّ أَن أَحْمد كَانَ يضعف هَذَا الحَدِيث، وَعَن ابْن عَبَّاس: لَا يؤم الْغُلَام حَتَّى يَحْتَلِم، وَذكر الْأَثْرَم بِسَنَد لَهُ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: لَا يؤم الْغُلَام حَتَّى تجب عَلَيْهِ الْحُدُود، وَعَن إِبْرَاهِيم: لَا بَأْس أَن يؤم الْغُلَام قبل أَن يَحْتَلِم فِي رَمَضَان، وَعَن الْحسن مثله وَلم يُقَيِّدهُ.

لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَؤُمُّهُمْ أقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله
هَذَا تَعْلِيل لجمع مَا ذكر قبله من: العَبْد وَولد الْبَغي والأعرابي والغلام الَّذِي لم يَحْتَلِم، معنى الحَدِيث: لم يفرق بَين الْمَذْكُورين وَغَيرهم، وَلَكِن الَّذِي يظْهر من هَذَا أَن إِمَامَة أحد من هَؤُلَاءِ إِنَّمَا تجوز إِذا كَانَ أَقرَأ الْقَوْم.
ألاَ ترى أَن الْأَشْعَث بن قيس قدم غُلَاما، فعابوا ذَلِك عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا قَدمته.
وَلَكِن قدمه الْقُرْآن الْعَظِيم، وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يؤم الْقَوْم أقرؤهم لكتاب الله) ، تَعْلِيق، وَهُوَ طرف من حَدِيث أبي مَسْعُود، أخرجه مُسلم وَأَصْحَاب السّنَن بِلَفْظ: (يؤم الْقَوْم أقرؤهم لكتاب الله تَعَالَى) ، وروى أَبُو سعيد عِنْده أَيْضا مَرْفُوعا: (أَحَق بِالْإِمَامَةِ أقرؤهم) ، وَعند أبي دَاوُد من حَدِيث ابْن مَسْعُود: (وليؤمهم أقرؤهم) .

وَلاَ يُمْنَعُ العَبْدُ مِنَ الجَمَاعَةِ بَغَيْرِ عِلَّةٍ
هَذِه الْجُمْلَة معطوفة على التَّرْجَمَة، وَهِي من كَلَام البُخَارِيّ وَلَيْسَت من الحَدِيث الْمُعَلق، وَوجه عدم مَنعه من حُضُور الْجَمَاعَة لِأَن حق الله مقدم على حق الْمولى فِي بابُُ الْعِبَادَة، وَقد ورد وَعِيد شَدِيد فِي ترك حُضُور الْجَمَاعَة بِغَيْر ضَرُورَة، أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله: بِغَيْر عِلّة، أَي: بِغَيْر ضَرُورَة..
     وَقَالَ  بَعضهم: بِغَيْر ضَرُورَة لسَيِّده.
قلت: قيد السَّيِّد لَا طائل تَحْتَهُ، لِأَن عِنْد الضَّرُورَة الشَّرْعِيَّة لَيْسَ عَلَيْهِ الْحُضُور مُطلقًا، كَمَا فِي حق الْحر.



[ قــ :671 ... غــ :692 ]
- حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ قَالَ حدَّثنا أنسُ بنُ عِياضٍ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ نافِعٍ عنْ ابنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ الأوَّلُونَ العُصْبَةَ مَوْضِعٌ بِقُبَاءَ قَبْلَ مَقْدَمِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَؤُمُّهُمْ سالِمٌ مَوْلَى أبي حُذَيْفَةَ وكانَ أكْثَرَهُمْ قُرْآنا (الحَدِيث 692 طرفه فِي: 7175) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ دلَالَة على جَوَاز إِمَامَة الْمولى.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر أَبُو إِسْحَاق الْحزَامِي الْمدنِي، وَقد مر غير مرّة.
الثَّانِي: أُنس بن عِيَاض، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف، مر فِي: بابُُ التبرز فِي الْبيُوت.
الثَّالِث: عبيد الله بتصغير العَبْد الْعمريّ، وَقد مر غير مرّة.
الرَّابِع: نَافِع مولى ابْن عمر.
الْخَامِس: عبد الله بن عمر.

ذكر لطائف أسناده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن القعْنبِي عَن أنس بن عِيَاض، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَزَاد: وَفِيهِمْ أَبُو بكر وَعمر وَأَبُو سَلمَة وَزيد بن حَارِثَة وعامر بن ربيعَة،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: وإمامته لأبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يحْتَمل أَن تكون بعد قدومه مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لما قدم الْمُهَاجِرُونَ) أَي: من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة، وَصرح بِهِ فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ.
قَوْله: (الْأَولونَ) ، أَي: الَّذين قدمُوا أَولا قبل قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (الْعصبَة) ، بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة لِأَنَّهُ اسْم مَوضِع.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي كتاب (أَسمَاء الْبلدَانِ) : الْعصبَة مَوضِع بَقَاء، قَالَ الشَّاعِر:

(بنيته بعصبة من ماليا ... أخْشَى ركيبا أَو رجيلاً عاديا)

وَفِي (التَّوْضِيح) ضَبطه شَيخنَا عَلَاء الدّين فِي (شَرحه) : بِفَتْح الْعين وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة بعْدهَا بَاء مُوَحدَة، وَضَبطه الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي: بِضَم الْعين، وَكَذَا ضَبطه الشَّيْخ قطب الدّين الْحلَبِي فِي (شَرحه).

     وَقَالَ  أَبُو عبيد الْبكْرِيّ: مَوضِع بقباء.
روى البُخَارِيّ عَن ابْن عمر: لما قدم الْمُهَاجِرُونَ الْأَولونَ المعصب كَانَ يؤمهم سَالم مولى أبي حُذَيْفَة وَكَانَ أَكْثَرهم قُرْآنًا، كَذَا ثَبت فِي متن الْكتاب، وَكتب عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْأصيلِيّ عَلَيْهِ الْعصبَة مهملاً غير مضبوط.
قَوْله: موضعا) ، يجوز فِيهِ النصب، وَالرَّفْع، أما النصب فعلى أَنه بدل من الْعصبَة، أَو بَيَان لَهُ، وَأما الرّفْع فعلى أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ مَوضِع.
قَوْله: (بقباء) فِي مَحل النصب على الوصفية أَي: موضعا كَائِنا بقباء، وقباء يمد وَيقصر، وَيصرف وَيمْنَع، وَيذكر وَيُؤَنث.
قَوْله: (سَالم) ، بِالرَّفْع لِأَنَّهُ اسْم: كَانَ.
(وَكَانَ) أَي: سَالم (أَكْثَرهم) ، أَي: أَكثر الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين قُرْآنًا، وَهُوَ نصب على التَّمْيِيز، وَكَانَ سَالم مولى امْرَأَة من الْأَنْصَار فاعتقته، وَإِنَّمَا قيل لَهُ مولى أبي حُذَيْفَة لِأَنَّهُ لَازم أبي حُذَيْفَة بعد أَن أعتق فَتَبَنَّاهُ، فَلَمَّا نهوا عَن ذَلِك قيل لَهُ: مَوْلَاهُ، وَاسْتشْهدَ سَالم بِالْيَمَامَةِ فِي خلَافَة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَيُقَال: قتل شَهِيدا هُوَ وَأَبُو حُذَيْفَة فَوجدَ رَأس سَالم عِنْد رجل أبي حُذَيْفَة وَرَأس أبي حُذَيْفَة عِنْد رجل سَالم،.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ: سَالم مولى أبي حُذَيْفَة من كبار الْبَدْرِيِّينَ، مَشْهُور كَبِير الْقدر، يُقَال لَهُ: سَالم بن معقل، وَكَانَ من أهل فَارس من اصطخر، وَقيل: إِنَّه من الْعَجم من سبي كرمان، وَكَانَ يعد فِي قُرَيْش لتبني أبي حُذَيْفَة لَهُ، ويعد فِي الْعَجم لأصله، ويعد فِي الْمُهَاجِرين لهجرته، ويعد فِي الْأَنْصَار لِأَن معتقته أنصارية، ويعد من الْقُرَّاء، لِأَنَّهُ كَانَ أقرؤهم أَي: أَكْثَرهم قُرْآنًا، وَأَبُو حُذَيْفَة بن عتبَة ب ربيعَة بن عبد شمس بن عبد منَاف العبشمي أحد السَّابِقين.
قَوْله: (وَكَانَ أَكْثَرهم قُرْآنًا) ، إِشَارَة إِلَى سَبَب تقديمهم لَهُ مَعَ كَونه أشرف مِنْهُ وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: (لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرهم قُرْآنًا) .
وَكَانَت إِمَامَته بهم قبل أَن يعْتق لِأَن المبحث فِيهِ.