هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
65 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ ، عَنْ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ : قُلْ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَأَبَى ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } الْآيَةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
65 حدثنا محمد بن عباد ، وابن أبي عمر ، قالا : حدثنا مروان ، عن يزيد وهو ابن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه عند الموت : قل : لا إله إلا الله ، أشهد لك بها يوم القيامة ، فأبى ، فأنزل الله : { إنك لا تهدي من أحببت } الآية
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It is narrated on the authority of Abu Huraira that the Messenger of Allah said to his uncle at the time of his death:

Make a profession of it that there is no god but Allah and I will bear testimony (of your being a Muslim) on the Day of judgment. But he (Abu Talib) refused to do so. Then Allah revealed this verse: Verily thou canst not guide to the right path whom thou lovest. And it is Allah Who guideth whom He will and He knoweth best who are the guided (xxviii. 56).

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه عند الموت قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة فأبى.
فأنزل الله: { { إنك لا تهدي من أحببت } } [القصص: 56]


المعنى العام

توفي والد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حمل في بطن أمه، فكفله جده عبد المطلب، حتى مات ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الثامنة من عمره، فكفله عمه أبو طالب، وكان فقيرا كثير العيال، فأنزل محمدا منزلة أعز أبنائه، بل كان يصحبه في أسفاره البعيدة ويترك أولاده، خشية أن يشعر في غيابه بالوحشة ومرارة اليتم، وعلمه التجارة، ثم زوجه خديجة.

ولما بعث صلى الله عليه وسلم وقام المشركون يعادونه ويؤذونه وقف أبو طالب يحميه ويدافع عنه، وأرسلت قريش إلى أبي طالب أن يوقف محمدا صلى الله عليه وسلم عن دعوته أو يخلي بينهم وبينه ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه سانده عمه وشد من أزره، وطمأنه على استمرار حمايته بقولته الخالدة: اذهب يا ابن أخي فقل ما شئت، وادع من شئت فوالله لا أخذلك، ولا أسلمك إليهم أبدا.

ورضي أبو طالب أن تعاديه قريش من أجل محمد صلى الله عليه وسلم، وقبل الحصار الاقتصادي، والمقاطعة الاجتماعية في شعب بني طالب ثلاث سنين من أجل محمد صلى الله عليه وسلم.

وما أن نقضت صحيفة المقاطعة، وخرجوا من الشعب حتى مرض أبو طالب مرضه الأخير، فقالت قريش مستهزئة ساخرة: أرسل إلى ابن أخيك يرسل إليك من هذه الجنة التي يذكرها دواء يشفيك.

فلم يعبأ أبو طالب بهذا الاستهزاء وأرسل إلى ابن أخيه يدعوه لجواره في لحظاته الأخيرة، حبا فيه وحنانا عليه، فقدم إليه صلى الله عليه وسلم، فوجد عنده رأسي الشرك أبا جهل وابن أبي أمية.

ورأى صلى الله عليه وسلم عمه يحتضر، وكم كان صلى الله عليه وسلم حريصا على الخير له، حريصا على مكافأته على جميله، ورد بعض أياديه، وإنها للفرصة الأخيرة، وزمنها ضيق محدود، وإنه صلى الله عليه وسلم ليدرك أن وجود هذين الشيطانين سيضعف وصوله إلى قلب عمه، وحبذا لو لم يكونا في هذا المجلس، ولكنه ماذا يفعل؟ الدقائق تمضي، واللحظات الحاسمة قريبة، فليتعلق بالأمل رغم العقبات، وليحاول رغم الصعاب، وليبذل غاية جهده من أجل مصير عمه، كما ضحى عمه بالكثير من أجل مصيره.

فقال: يا عم، إنك أعظم الناس علي حقا، وأحسنهم عندي يدا، ولأنت أعظم عندي حقا من والدي، فقل كلمة صغيرة، خفيفة على اللسان، أشفع لك بها عند ربي يوم القيامة.
قل: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أضمن لك بها الجنة.

وخاف الشيطانان أن يلين قلب أبي طالب لابن أخيه، وأحسا منه ترددا أو ميلا، فقالا: يا أبا طالب.
أترغب عن دين أبيك في آخر حياتك؟ أتترك ملة عبد المطلب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عم، قل الكلمة أشهد لك بها عند الله، فقال الشيطانان: يا أبا طالب، أنت فينا من قد علمت، وأنت الرشيد، فلا تترك دين أبيك.

فنظر أبو طالب إلى ابن أخيه نظرة إشفاق وقال له: يا ابن أخي.
لولا أن يكون عارا لم أبال أن أفعل.

فكرر رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض كلمة التوحيد، فكرر الشيطانان الصد عن سبيل الله، فأعاد أبو طالب مقالته: يا ابن أخي، لولا أن تعير بها.
فيقال: جزع عمك وخاف من الموت فقالها، لقلتها، وأقررت بها عينيك.

ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه كلمة التوحيد، ولا يزالان به يحميانه ويثيران أنفته حتى كانت آخر كلمة تكلم بها قوله: هو على ملة عبد المطلب.
فقال صلى الله عليه وسلم تطييبا لخاطره.
ووفاء لفضله: والله لأستغفرن لك ربي وأدعوه من أجلك ما حييت، ما لم أنه عنك.
ونزعت روحه من جسده وأحس صلى الله عليه وسلم بالأسى والأسف العميقين، فوجهه القرآن الكريم إلى التسليم لله، والرضى بقضائه، ولو كان على غير هواه، فقال له جل شأنه: { { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين } } [القصص: 56] وطمع صلى الله عليه وسلم في فضل الله، فأخذ يستغفر لعمه بعد وفاته، كما أخذ يستغفر لأمه وأبيه، فقال المسلمون: ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا ولذوي قرابتنا؟ قد استغفر إبراهيم عليه السلام لأبيه، ومحمد صلى الله عليه وسلم لأمه وأبيه وعمه، فأنزل الله تعالى: { { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } } [التوبة: 113] .

المباحث العربية

( لما حضرت أبا طالب الوفاة) بتقديم المفعول به على الفاعل، والمراد من حضور الوفاة قربها، ففيه مجاز المشارفة، أو حضور دلائلها وعلاماتها، ففيه مجاز بالحذف.

( يا عم) عم منادى مضاف لياء المتكلم المحذوفة، فهو منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة تخفيفا.

( قل: لا إله إلا الله) قيل: إن كلمة التوحيد كناية عن الشهادتين شرعا، لأنه لا يثبت حكم الإسلام إلا بهما، وقال ابن المنير: قول لا إله إلا الله لقب جرى على النطق بالشهادتين شرعا.
وقال بعضهم: يحتمل أنه لم يسأله إلا كلمة التوحيد، لأنه كان يعلم صحة رسالته صلى الله عليه وسلم.
وهذا القول ضعيف.

( كلمة) منصوبة على البدل من مقول القول، أو على الاختصاص، ويصح رفعها على أنها خبر لمبتدأ محذوف.

( أشهد لك بها) الجملة في محل النصب أو الرفع صفة كلمة وفي رواية أحاج لك بها عند الله تعالى.

( أترغب عن ملة عبد المطلب؟) الهمزة للاستفهام الإنكاري التوبيخي، أي لا ينبغي أن ترغب عن ملة عبد المطلب، ولم يقولا له: لا تفعل، خشية معاندتهم أنفة، فإن نفس الأبي تنفر من النهي المباشر من النظير والمساوي.

والظاهر أن هذا القول لأحدهما، وعد رضى الآخر مشاركة فيه فنسب إليهما.

( يعرضها عليه) بفتح الياء وكسر الراء، أي يعرض كلمة التوحيد على أبي طالب، أي يطلب منه النطق بها.

( ويعيد له تلك المقالة) ظاهر العبارة أن فاعل يعيد يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمراد من المقالة قوله أشهد لك بها عند الله أو أحاج لك بها عند الله تعالى، وقيل: إن ضمير الفاعل لأبي طالب، أي ويعيد أبو طالب رده، وهذا بعيد، لأن رد أبي طالب لم يسبق ذكره في الحديث.
وفي نسخة ويعيدان له تلك المقالة على التثنية لأبي جهل وابن أبي أمية، قال القاضي عياض: وهذا أشبه.

( آخر ما كلمهم) ما مصدرية، أي آخر تكليمه لهم، أو موصولة أي آخر الذي كلمهم به.

( هو على ملة عبد المطلب) الظاهر أن نص عبارة أبي طالب: أنا على ملة ... فغير الراوي ضمير المتكلم استقباحا للفظ المذكور.
وهذا من محاسن التعبير.

( أما والله لأستغفرن لك) أما حرف تنبيه، وقيل: بمعنى حقا، وفي بعض النسخ أم بفتح الميم مع حذف الألف، قال النووي: وكلاهما صحيح.
وفي كتاب الأمالي: ما المزيدة للتوكيد، ركبوها مع همزة الاستفهام، واستعملوا مجموعهما على وجهين: أحدهما أن يراد به معنى حقا كقولهم: أما والله لأفعلن، والآخر أن يكون افتتاحا للكلام بمنزلة ألا كقولك: أما إن زيدا منطلق، وأكثر ما تحذف ألفها إذا وقع بعدها القسم.

( ما لم أنه عنك) ما مصدرية زمانية، أي لأستغفرن لك مدة عدم نهي عنك، وفي رواية ما لم أنه عنه أي عن الاستغفار.

{ { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } } خبر بمعنى النهي أي ما ينبغي لهم، قال الثعلبي: قال أهل المعاني: ما تأتي في القرآن على وجهين: بمعنى النفي مثل قوله تعالى { { ما كان لكم أن تنبتوا شجرها } } [النمل: 60] والآخر بمعنى النهي كقوله تعالى { { وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله } } [الأحزاب: 53] .

( ولو كان ذا قربى) الواو للحال.
وجواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه، والتقدير: لو كان المشركون أولي قربى فلا ينبغي الاستغفار لهم.

( وأنزل الله في أبي طالب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال تفسير لأنزل، والآية مقصود لفظها تنازعها الفعلان.

{ { إنك لا تهدي من أحببت } } مفعول أحببت محذوف، والتقدير: من أحببته لقرابته ودفاعه عنك، أو من أحببت هدايته.

( لولا أن تعيرني قريش) أي لولا أن تقبحني قريش، وتسند إلي العار.

( يقولون) بواو الجماعة العائد على قريش باعتبار معناه وأفراده، والجملة بيان للتعبير.

( إنما حمله على ذلك الجزع) بالجيم والزاي، وهو الخوف من الموت، ونقله بعض أهل اللغة الخرع بالخاء والراء المفتوحتين، وهو الضعف والخور.

( لأقررت بها عينك) معنى أقر الله عينه، بلغه أمنيته.
حتى ترضى نفسه، وتقر عينه فلا تستشرف لشيء، وقيل: معناه: أبرد الله دمعته، لأن دمعة الفرح باردة، وقيل: معناه أراه الله ما يسره.

فقه الحديث

جمهور العلماء، والرأي المعتمد أن أبا طالب مات مشركا، وهذا الحديث نص في ذلك وتؤيده الآية الكريمة، ولا يلتفت إلى القول بأنه مات مؤمنا، اعتمادا على ما روي من أن العباس قال: ( والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرت بها يا رسول الله) لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لم أسمعها، على أن العباس قال ذلك قبل أن يسلم، ولو أداها بعد الإسلام لقبلت منه.

كما أنه لا يلتفت إلى قول القرطبي: وقد سمعت أن الله تعالى أحيا عمه أبا طالب فآمن به.

فإن قيل: جاء في بعض السير: أن أبا طالب كان مصدقا بقلبه، وفي صحة إيمان المصدق بقلبه دون أن ينطق بلسانه خلاف، فهل يدخل إيمان أبي طالب في هذا الخلاف ويعد مؤمنا عند من يعتد بذلك؟.

أجيب بأنه لا يدخل عند أي من المختلفين، لأن محل الخلاف ما لم يعلن نقيض الإيمان وأبو طالب صرح بالنقيض في قوله هو على ملة عبد المطلب وقد استشكل على رواية أحاج لك بها عند الله تعالى أن أبا طالب لو قالها لم يحتج الأمر إلى محاجة، وفي هذا يقول ابن بطال: أي محاجة يحتاج إليها من وافى ربه بما يدخله الجنة؟

وأجيب بأنه يجوز أن يكون أبو طالب حينئذ قد عاين أمر الآخرة، وأيقن بالموت وصار في حالة لا ينفع معها الإيمان، مصداقا لقوله تعالى { { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن } } [النساء: 18] .

لكن الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذه الحالة رجا له إن قال: لا إله إلا الله، وأيقن بنبوته، أن يشفع له بذلك، ويحاج له عند الله تعالى في أن يتجاوز عنه، ويقبل منه إيمانه في تلك الحالة، ويكون ذلك خاصا بأبي طالب وحده لمكانته من حمايته للرسول صلى الله عليه وسلم ومدافعته عنه.

قال القاضي عياض: وليس هذا بصحيح، فإن محاورته للرسول صلى الله عليه وسلم ولمشركي قريش في تلك اللحظة دليل على أنه كان قبل النزع وقبل معاينة أمور الآخرة.
اهـ.

والجواب الصحيح أن المراد من المحاجة الشهادة جمعا بين النصوص والروايات، وهذه الشهادة عامة في أمة الإجابة، مصداقا لقوله تعالى: { { لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } } [البقرة: 143] .

والظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم بنى استغفاره لأبي طالب بعد أن امتنع عن الإقرار بالتوحيد ومات على ذلك، بناه على اجتهاد منه صلى الله عليه وسلم مقتديا بإبراهيم عليه السلام في استغفاره لأبيه.

وأن الآية الكريمة إنما نزلت على سبيل النسخ لا للتبيين، لأنه صلى الله عليه وسلم في اجتهاده معصوم على الأصح.

وقد حمل ابن المنير استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي طالب وقوله له: والله لأستغفرن لك حمله على طلب تخفيف العذاب، لا على طلب المغفرة العامة، والمسامحة بذنب الشرك.

وهاجمه الحافظ ابن حجر بشدة، وقال: هذه غفلة شديدة من ابن المنير، لأن الشفاعة لأبي طالب في تخفيف العذاب لم ترد، وطلبها لم ينه عنه، وإنما وقع النهي عن طلب المغفرة العامة.

وقال: وإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك الشفاعة، وطلب التخفيف، بل شفع له حتى خفف عنه العذاب بالنسبة لغيره من المشركين.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم

1 - صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع.

2 - نسخ جواز الاستغفار للمشركين.

3 - من مات على الشرك فهو من أصحاب الجحيم.

4 - جواز الحلف من غير استحلاف.

والله أعلم