هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
636 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا بَنِي سَلِمَةَ أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ وَقَالَ مُجَاهِدٌ : فِي قَوْلِهِ : { وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ } ، قَالَ : خُطَاهُمْ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ : أَنَّ بَنِي سَلِمَةَ أَرَادُوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا عَنْ مَنَازِلِهِمْ فَيَنْزِلُوا قَرِيبًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْرُوا المَدِينَةَ ، فَقَالَ : أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ قَالَ مُجَاهِدٌ : خُطَاهُمْ آثَارُهُمْ ، أَنْ يُمْشَى فِي الأَرْضِ بِأَرْجُلِهِمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
636 حدثنا محمد بن عبد الله بن حوشب ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا حميد ، عن أنس بن مالك ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم وقال مجاهد : في قوله : { ونكتب ما قدموا وآثارهم } ، قال : خطاهم وقال ابن أبي مريم : أخبرنا يحيى بن أيوب ، حدثني حميد ، حدثني أنس : أن بني سلمة أرادوا أن يتحولوا عن منازلهم فينزلوا قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعروا المدينة ، فقال : ألا تحتسبون آثاركم قال مجاهد : خطاهم آثارهم ، أن يمشى في الأرض بأرجلهم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا بَنِي سَلِمَةَ أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ وَقَالَ مُجَاهِدٌ : فِي قَوْلِهِ : { وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ } ، قَالَ : خُطَاهُمْ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ : أَنَّ بَنِي سَلِمَةَ أَرَادُوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا عَنْ مَنَازِلِهِمْ فَيَنْزِلُوا قَرِيبًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْرُوا المَدِينَةَ ، فَقَالَ : أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ قَالَ مُجَاهِدٌ : خُطَاهُمْ آثَارُهُمْ ، أَنْ يُمْشَى فِي الأَرْضِ بِأَرْجُلِهِمْ .

":"ہم سے محمد بن عبداللہ بن حوشب نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے عبدالوہاب ثقفی نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ مجھ سے حمید طویل نے انس بن مالک رضی اللہ عنہ سے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ، اے بنوسلمہ والو ! کیا تم اپنے قدموں کا ثواب نہیں چاہتے ؟ اور ابن ابی مریم نے بیان میں یہ زیادہ کہا ہے کہمجھے یحییٰ بن ایوب نے خبر دی ، کہا کہ مجھ سے حمید طویل نے بیان کیا ، کہا کہ مجھ سے انس بن مالک رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ بنوسلمہ والوں نے یہ ارادہ کیا کہ اپنے مکان ( جو مسجد سے دور تھے ) چھوڑ دیں اور آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کے قریب آ رہیں ۔ ( تاکہ باجماعت کے لیے مسجدنبوی کا ثواب حاصل ہو ) لیکن آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کو مدینہ کا اجاڑ دینا برا معلوم ہوا ۔ آپ نے فرمایا کہ تم لوگ اپنے قدموں کا ثواب نہیں چاہتے ؟ مجاہد نے کہا ( سورۃ یٰسین میں ) «وآثارهم» سے قدم مراد ہیں ۔ یعنی زمین پر چلنے سے پاؤں کے نشانات ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [655] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ الثَّقَفِيُّ .

     قَوْلُهُ  يَا بَنِي سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَهُمْ بَطْنٌ كَبِيرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْخَزْرَجِ وَقَدْ غَفَلَ الْقَزَّازُ وَتَبِعَهُ الْجَوْهَرِيُّ حَيْثُ قَالَ لَيْسَ فِي الْعَرَبِ سَلِمَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ غَيْرَ هَذَا الْقَبِيلِ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الَّذِينَ صَنَّفُوا فِي الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ذَكَرُوا عَدَدًا مِنَ الْأَسْمَاءِ كَذَلِكَ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَيْدِ الْقَبِيلَةِ أَوِ الْبَطْنِ فَلَهُ بَعْضُ اتِّجَاهٍ .

     قَوْلُهُ  أَلَا تَحْتَسِبُونَ كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا بِإِثْبَاتِ النُّونِ وَشَرَحَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِحَذْفِهَا وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ النُّحَاةَ أَجَازُوا ذَلِكَ يَعْنِي تَخْفِيفًا قَالَ وَالْمَعْنَى أَلَا تَعُدُّونَ خُطَاكُمْ عِنْدَ مَشْيِكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِنَّ لِكُلِّ خُطْوَةٍ ثَوَابًا اه وَالِاحْتِسَابُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْعَدُّ لَكِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِي مَعْنَى طَلَبِ تَحْصِيلِ الثَّوَابِ بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ قَوْله وَحدثنَا بن أَبِي مَرْيَمَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ.

     وَقَالَ  بن أَبِي مَرْيَمَ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَطْرَافِ بِلَفْظِ وَزَادَ بن أَبِي مَرْيَمَ.

     وَقَالَ  أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَا رِوَايَةٍ يَعْنِي مُعَلَّقًا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْكِتَابِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ فِي الْأُصُولِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ أَيْضًا وَلِلْبَاقِينَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا وَكَذَا سَمِعْنَاهُ فِي الْأَوَّلِ مِنْ فَوَائِدِ الْمُخْلِصِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمد بن مَنْصُور عَن بن أَبِي مَرْيَمَ وَلَفْظُهُ سَمِعْتُ أَنَسًا وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَقِبَ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ لِيُبَيِّنَ الْأَمْنَ مِنْ تَدْلِيسِ حُمَيْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي بَابِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي الْحَجِّ مِنْ طَرِيقِ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ وَسَاقَ الْمَتْنَ كَامِلًا .

     قَوْلُهُ  فَيَنْزِلُوا قَرِيبًا يَعْنِي لِأَنَّ دِيَارَهُمْ كَانَتْ بَعِيدَةً مِنَ الْمَسْجِدِ وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كَانَتْ دِيَارُنَا بَعِيدَةً مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَبْتَاعَ بُيُوتًا فَنَقْرُبُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَنَهَانَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

     وَقَالَ  إِنَّ لَكُمْ بِكُلِّ خُطْوَةٍ دَرَجَةً وَلِلسَّرَّاجِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ أَرَادُوا أَنْ يَقْرُبُوا مِنْ أَجْلِ الصَّلَاةِ وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْهُ قَالَ كَانَتْ مَنَازِلُنَا بِسَلْعٍ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ دَارٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ دِيَارُهُمْ كَانَتْ مِنْ وَرَاءِ سَلْعٍ وَبَيْنَ سَلْعٍ وَالْمَسْجِدِ قَدْرُ مِيلٍ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يَعْرُوا الْمَدِينَةَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَنْ يُعْرُوا مَنَازِلَهُمْ وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ أَيْ يَتْرُكُونَهَا خَالِيَةً يُقَالُ أَعْرَاهُ إِذَا أَخْلَاهُ وَالْعَرَاءُ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ وَقِيلَ الْوَاسِعَةُ وَقِيلَ الْمَكَانُ الَّذِي لَا يُسْتَتَرُ فِيهِ بِشَيْءٍ وَنَبَّهَ بِهَذِهِ الْكَرَاهَةِ عَلَى السَّبَبِ فِي مَنْعِهِمْ مِنَ الْقُرْبِ مِنَ الْمَسْجِدِ لِتَبْقَى جِهَاتُ الْمَدِينَةِ عَامِرَةً بِسَاكِنِهَا وَاسْتَفَادُوا بِذَلِكَ كَثْرَةَ الْأَجْرِ لِكَثْرَةِ الْخُطَا فِي الْمَشْيِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الْفَزَارِيِّ الَّتِي فِي الْحَجِّ فَأَقَامُوا وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْمُخْلِصِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَلَمْ يَنْتَقِلُوا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ فَقَالُوا مَا يَسُرُّنَا أَنَّا كُنَّا تَحَوَّلْنَا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ خُطَاهُمْ آثَارُهُمْ وَالْمَشْيُ فِي الْأَرْضِ بِأَرْجُلِهِمْ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وللباقين.

     وَقَالَ  مُجَاهِد ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم قَالَ خُطَاهُمْ وَكَذَا وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ من طَرِيق بن أَبِي نُجَيْحٍ عَنْهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ونكتب مَا قدمُوا قَالَ أَعْمَالُهُمْ وَفِي قَوْلِهِ وَآثَارَهُمْ قَالَ خُطَاهُمْ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا التَّعْلِيقِ إِلَى أَنَّ قِصَّةَ بَنِي سَلِمَةَ كَانَتْ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَقَدْ وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس أخرجه بن مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ إِذَا كَانَتْ خَالِصَةً تُكْتَبُ آثَارُهَا حَسَنَاتٍ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السُّكْنَى بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِمَنْ حَصَلَتْ بِهِ مَنْفَعَةٌ أُخْرَى أَوْ أَرَادَ تَكْثِيرَ الْأَجْرِ بِكَثْرَةِ الْمَشْيِ مَا لَمْ يَحْمِلْعَلَى نَفْسِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ طَلَبُوا السُّكْنَى بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ لِلْفَضْلِ الَّذِي عَلِمُوهُ مِنْهُ فَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بَلْ رَجَّحَ دَرْءَ الْمَفْسَدَةِ بِإِخْلَائِهِمْ جَوَانِبَ الْمَدِينَةِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَعْلَمَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ فِي التَّرَدُّدِ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنَ الْفَضْلِ مَا يَقُومُ مَقَامَ السُّكْنَى بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ كَانَتْ دَارُهُ قَرِيبَةً مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَارَبَ الْخُطَا بِحَيْثُ تُسَاوِي خُطًا مِنْ دَارِهِ بَعِيدَةً هَلْ يُسَاوِيهِ فِي الْفَضْلِ أَوْ لَا وَإِلَى الْمُسَاوَاة جنح الطَّبَرِيّ وروى بن أبي شييبة مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ قَالَ مَشَيْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَارَبَ بَيْنَ الْخُطَا.

     وَقَالَ  أَرَدْتُ أَنْ تَكْثُرَ خُطَانَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمُسَاوَاةُ فِي الْفَضْلِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى أَنَّ فِي كَثْرَةِ الْخَطَّا فَضِيلَةً لِأَنَّ ثَوَابَ الْخُطَا الشَّاقَّةِ لَيْسَ كَثَوَابِ الْخُطَا السَّهْلَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمَاضِي قَبْلَ بَابٍ حَيْثُ جَعَلَ أَبْعَدَهُمْ مَمْشًى أَعْظَمَهُمْ أَجْرًا وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُهُمُ اسْتِحْبَابَ قَصْدِ الْمَسْجِدِ الْبَعِيدِ وَلَوْ كَانَ بِجَنْبِهِ مَسْجِدٌ قَرِيبٌ وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَهَابِهِ إِلَى الْبَعِيدِ هَجْرُ الْقَرِيبِ وَإِلَّا فَإِحْيَاؤُهُ بِذِكْرِ اللَّهِ أَوْلَى وَكَذَا إِذَا كَانَ فِي الْبَعِيدِ مَانِعٌ مِنَ الْكَمَالِ كَأَنْ يَكُونَ إِمَامُهُ مبتدعا ( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ) أَوْرَدَ فِيهِ الْحَدِيثَ الدَّالَّ عَلَى فَضْلِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ التَّرْجَمَةِ إِثْبَاتُ فَضْلِ الْعِشَاءِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ إِثْبَاتُ أَفْضَلِيَّتِهَا على غَيرهَا وَالظَّاهِر الثَّانِي وَوَجهه أَن الْفَجْرِ ثَبَتَتْ أَفْضَلِيَّتُهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَسَوَّى فِي هَذَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ وَمُسَاوِي الْأَفْضَلِ يَكُونُ أَفْضَلَ جَزْمًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [655] حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن حوشب: ثنا عَبْد الوهاب، قَالَ: حَدَّثَنِي حميد، عَن أَنَس، قَالَ: قَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( يَا بني سَلَمَة، ألا تحتسبون آثاركم؟) ) .
656 -.

     وَقَالَ  ابن أَبِي مريم: أنا يَحْيَى بْن أيوب: حَدَّثَنِي حميد: حَدَّثَنِي أَنَس، أن نبي سَلَمَة أرادوا أن يتحولوا عَن منازلهم فينزلوا قريباً من النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ: فكره النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يعروا منازلهم، فَقَالَ: ( ( ألا تحتسبون آثاركم؟) ) .
قَالَ مُجَاهِد: خطاهم: آثار المشي فِي الأرض بأرجلهم.
ساقه أولا من حَدِيْث عَبْد الوهاب الثَّقَفِيّ، عَن حميد مختصراً ثُمَّ ذكر من رِوَايَة يَحْيَى بْن أيوب المصري - وَهُوَ ثقة، لكنه كثير الوهم - مطولاً، وزاد فِيهِ تصريح حميد بالسماع لَهُ من أَنَس، فإن حميداً قَدْ قيل: إنه لَمْ يسمع من أَنَس إلا قليلاً، وأكثر رواياته عَنْهُ مرسلة، وقد سبق ذكر ذَلِكَ، وما قاله الإسماعيلي فِي تسامح المصريين والشامين فِي لفظه ( ( حَدَّثَنَا) ) وأنهم لا يضبطون ذَلِكَ.
وقد خرجه فِي ( ( كِتَاب الحج) ) من طريق الفزاري، عَن حميد، عَن أَنَس،قَالَ: أراد بنو سَلَمَة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فكره رَسُول الله - رضي الله عنه - أن تعرى المدينة، فَقَالَ: ( ( يَا بني، ألا تحتسبون آثاركم؟) ) .
وبنو سَلَمَة: قوم من الأنصار، كَانَتْ دورهم بعيدة من المسجد، فأرادوا أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فأمرهم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بملازمة دورهم، وأخبرهم أن خطاهم يكتب لهم أجرها فِي المشي إلى المسجد.
وخرج مُسْلِم فِي ( ( صحيحه) ) من حَدِيْث أَبِي الزُّبَيْر، عَن جابر، قَالَ: كَانَتْ دارنا نائيةً من المسجد، فأردنا أن نبيع بيوتنا فنقترب من المسجد، فنهانا رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: ( ( إن لكم بكل خطوةٍ درجة) ) .
ومن حَدِيْث أَبِي نضرة، عَن جابر، قَالَ: أراد بنو سَلَمَة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، والبقاع خالية.
قَالَ: فبلغ ذَلِكَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: ( ( يَا بني سَلَمَة، دياركم تكتب آثاركم) ) .
فقالوا: مَا يسرنا أنا كنا تحولنا.
وقوله: ( ( دياركم) ) بفتح الراء عَلَى الإغراء، أي: الزموا دياركم.
وخرجه الترمذي من حَدِيْث أَبِي سُفْيَان السعدي، عَن أَبِي نضرة، عَن أَبِي سَعِيد، قَالَ: كَانَتْ بنو سَلَمَة فِي ناحية المدينة، فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد، فَنَزَلت هذه الآية: { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12] ، فقام رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن آثاركم تكتب) ) ، فَلَمْ ينتقلوا.
وأبو سُفْيَان، فِيهِ ضعف.
والصحيح: رِوَايَة مسلمٍ، عَن أَبِي نضرة، عَن جابر، وكذا قالهالدارقطني وغيره.
وخرج ابن ماجه من رِوَايَة سماك، عَن عَكْرِمَة، عَن ابن عَبَّاس، قَالَ: كَانَتْ الأنصار بعيدةً منازلهم من المسجد، فأرادوا أن يقربوا، فَنَزَلت: { نَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} .
قَالَ: فثبتوا.
وقد ذكر البخاري عَن مُجَاهِد، أَنَّهُ فسر الآثار - يعني: فِي هذه الآية - بالخُطا، وزاد - أيضاً - بقوله: آثار المشي فِي الأرض بأرجلهم.
وفي حَدِيْث أَنَس: فكره رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يعروا المدينة أو منازلهم.
يعني: يخلوها فتصير عراةً من الأرض.
والعراء: الفضاء الخالي من الأرض، ومنه: قوله تعالى: { فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ} [الصافات: 145] .
وروى يَحْيَى بْن سَعِيد الأنصاري هَذَا الحَدِيْث، عَن حميد، عَن أَنَس،.

     وَقَالَ : فكره أن يعروا المسجد.
قَالَ الإمام أحمد وهم فِيهِ.
إنما هُوَ: كره أن يعروا المدينة.
وقد دلت هذه الأحاديث عَلَى أن المشي إلى المساجد يكتب لصاحبه أجرهُ، وهذا مِمَّا تواترت السنن بِهِ.
وقد سبق حَدِيْث أَبِي موسى:( ( أعظم النَّاس أجراً فِي الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى) ) .
وفي حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،: ( ( وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة) ) .
وقد خرجه البخاري فِي موضع آخر.
وسبق - أيضاً - حَدِيْث أَبِي صالح، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ.
وفي ( ( المسند) ) و ( ( سنن أَبِي داود) ) وابن ماجه، عَن عَبْد الرحمن بْن سعد، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجراً) ) .
وفي ( ( صحيح مُسْلِم) ) عَن أَبِي بْن كعب، قَالَ: كَانَ رَجُل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد مِنْهُ، وكان لا تخطئه صلاة.
قَالَ: فَقِيلَ لَهُ - أو قُلتُ لَهُ -: لَوْ اشتريت حماراً تركبه فِي الظلماء أو الرمضاء؟ قَالَ: مَا يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لِي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي.
فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( قَدْ جمع الله لَكَ ذَلِكَ كله) ) .
وفي رِوَايَة لَهُ - أيضاً -: فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن لَكَ مَا احتسبت) ) .
وهذا يدل عَلَى أَنَّهُ ثياب عَلَى المشي فِي رجوعه من المسجد إلى منزله.
وفي ( ( المسند) ) و ( ( صحيح ابن حبان) ) عَن عَبْد الله بْن عَمْرِو، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( من راح إلى المسجد جماعة فخطوتاه: خطوة تمحو سيئة،وخطوة تكتب حسنة، ذاهباً وراجعاً) ) .
وهذا المطلق قَدْ ورد مقيداً فِي حَدِيْث أَبِي صالح، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي خرجه البخري فيما مضى.
وسيأتي بقيدين: أحدهما: أن يخرج من بيته عَلَى طهرٍ قَدْ أحسنه وأكمله.
والثاني: أن لا يخرج إلا إلى الصلاة فِي المسجد، فلو خرج لحاجة لَهُ وكان المسجد فِي طريقه فدخل المسجد فصلى ولم يكن خروجه لذلك لَمْ يحصل لَهُ هَذَا الأجر الخاص.
وكذلك لَوْ خرج من بيته غير متطهر، لكنه يكتب لَهُ بذلك أجر، غير أن هَذَا الأجر الخاص - وهو رفع الدرجات وتكفير السيئات - لا يحصل بذلك.
وأعلم أن الدار القريبة من المسجد أفضل من الدار البعيدة، لكن المشي من الدار البعيدة أفضل.
وفي ( ( المسند) ) بإسناد منقطع، عَن حذيفة، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( فضل الدار القريبة من المسجد عَلَى الدار الشاسعة كفضل الغازي على القاعد) ) .
34 - بَابُ فَضْلِ صلاةِ العشاءِ فِي الجَماعةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ احْتِسَابِ الْآثَارِ)
أَيْ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهَا لِتَشْمَلَ كُلَّ مَشْيٍ إِلَى كُلِّ طَاعَةٍ

[ قــ :636 ... غــ :655] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ الثَّقَفِيُّ .

     قَوْلُهُ  يَا بَنِي سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَهُمْ بَطْنٌ كَبِيرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْخَزْرَجِ وَقَدْ غَفَلَ الْقَزَّازُ وَتَبِعَهُ الْجَوْهَرِيُّ حَيْثُ قَالَ لَيْسَ فِي الْعَرَبِ سَلِمَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ غَيْرَ هَذَا الْقَبِيلِ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الَّذِينَ صَنَّفُوا فِي الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ذَكَرُوا عَدَدًا مِنَ الْأَسْمَاءِ كَذَلِكَ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَيْدِ الْقَبِيلَةِ أَوِ الْبَطْنِ فَلَهُ بَعْضُ اتِّجَاهٍ .

     قَوْلُهُ  أَلَا تَحْتَسِبُونَ كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا بِإِثْبَاتِ النُّونِ وَشَرَحَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِحَذْفِهَا وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ النُّحَاةَ أَجَازُوا ذَلِكَ يَعْنِي تَخْفِيفًا قَالَ وَالْمَعْنَى أَلَا تَعُدُّونَ خُطَاكُمْ عِنْدَ مَشْيِكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِنَّ لِكُلِّ خُطْوَةٍ ثَوَابًا اه وَالِاحْتِسَابُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْعَدُّ لَكِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِي مَعْنَى طَلَبِ تَحْصِيلِ الثَّوَابِ بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ قَوْله وَحدثنَا بن أَبِي مَرْيَمَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ.

     وَقَالَ  بن أَبِي مَرْيَمَ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَطْرَافِ بِلَفْظِ وَزَادَ بن أَبِي مَرْيَمَ.

     وَقَالَ  أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَا رِوَايَةٍ يَعْنِي مُعَلَّقًا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْكِتَابِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ فِي الْأُصُولِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ أَيْضًا وَلِلْبَاقِينَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا وَكَذَا سَمِعْنَاهُ فِي الْأَوَّلِ مِنْ فَوَائِدِ الْمُخْلِصِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمد بن مَنْصُور عَن بن أَبِي مَرْيَمَ وَلَفْظُهُ سَمِعْتُ أَنَسًا وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَقِبَ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ لِيُبَيِّنَ الْأَمْنَ مِنْ تَدْلِيسِ حُمَيْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي بَابِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي الْحَجِّ مِنْ طَرِيقِ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ وَسَاقَ الْمَتْنَ كَامِلًا .

     قَوْلُهُ  فَيَنْزِلُوا قَرِيبًا يَعْنِي لِأَنَّ دِيَارَهُمْ كَانَتْ بَعِيدَةً مِنَ الْمَسْجِدِ وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كَانَتْ دِيَارُنَا بَعِيدَةً مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَبْتَاعَ بُيُوتًا فَنَقْرُبُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَنَهَانَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

     وَقَالَ  إِنَّ لَكُمْ بِكُلِّ خُطْوَةٍ دَرَجَةً وَلِلسَّرَّاجِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ أَرَادُوا أَنْ يَقْرُبُوا مِنْ أَجْلِ الصَّلَاةِ وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْهُ قَالَ كَانَتْ مَنَازِلُنَا بِسَلْعٍ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ دَارٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ دِيَارُهُمْ كَانَتْ مِنْ وَرَاءِ سَلْعٍ وَبَيْنَ سَلْعٍ وَالْمَسْجِدِ قَدْرُ مِيلٍ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يَعْرُوا الْمَدِينَةَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَنْ يُعْرُوا مَنَازِلَهُمْ وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ أَيْ يَتْرُكُونَهَا خَالِيَةً يُقَالُ أَعْرَاهُ إِذَا أَخْلَاهُ وَالْعَرَاءُ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ وَقِيلَ الْوَاسِعَةُ وَقِيلَ الْمَكَانُ الَّذِي لَا يُسْتَتَرُ فِيهِ بِشَيْءٍ وَنَبَّهَ بِهَذِهِ الْكَرَاهَةِ عَلَى السَّبَبِ فِي مَنْعِهِمْ مِنَ الْقُرْبِ مِنَ الْمَسْجِدِ لِتَبْقَى جِهَاتُ الْمَدِينَةِ عَامِرَةً بِسَاكِنِهَا وَاسْتَفَادُوا بِذَلِكَ كَثْرَةَ الْأَجْرِ لِكَثْرَةِ الْخُطَا فِي الْمَشْيِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الْفَزَارِيِّ الَّتِي فِي الْحَجِّ فَأَقَامُوا وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْمُخْلِصِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَلَمْ يَنْتَقِلُوا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ فَقَالُوا مَا يَسُرُّنَا أَنَّا كُنَّا تَحَوَّلْنَا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ خُطَاهُمْ آثَارُهُمْ وَالْمَشْيُ فِي الْأَرْضِ بِأَرْجُلِهِمْ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وللباقين.

     وَقَالَ  مُجَاهِد ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم قَالَ خُطَاهُمْ وَكَذَا وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ من طَرِيق بن أَبِي نُجَيْحٍ عَنْهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ونكتب مَا قدمُوا قَالَ أَعْمَالُهُمْ وَفِي قَوْلِهِ وَآثَارَهُمْ قَالَ خُطَاهُمْ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا التَّعْلِيقِ إِلَى أَنَّ قِصَّةَ بَنِي سَلِمَةَ كَانَتْ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَقَدْ وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس أخرجه بن مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ إِذَا كَانَتْ خَالِصَةً تُكْتَبُ آثَارُهَا حَسَنَاتٍ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السُّكْنَى بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِمَنْ حَصَلَتْ بِهِ مَنْفَعَةٌ أُخْرَى أَوْ أَرَادَ تَكْثِيرَ الْأَجْرِ بِكَثْرَةِ الْمَشْيِ مَا لَمْ يَحْمِلْ عَلَى نَفْسِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ طَلَبُوا السُّكْنَى بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ لِلْفَضْلِ الَّذِي عَلِمُوهُ مِنْهُ فَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بَلْ رَجَّحَ دَرْءَ الْمَفْسَدَةِ بِإِخْلَائِهِمْ جَوَانِبَ الْمَدِينَةِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَعْلَمَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ فِي التَّرَدُّدِ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنَ الْفَضْلِ مَا يَقُومُ مَقَامَ السُّكْنَى بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ كَانَتْ دَارُهُ قَرِيبَةً مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَارَبَ الْخُطَا بِحَيْثُ تُسَاوِي خُطًا مِنْ دَارِهِ بَعِيدَةً هَلْ يُسَاوِيهِ فِي الْفَضْلِ أَوْ لَا وَإِلَى الْمُسَاوَاة جنح الطَّبَرِيّ وروى بن أبي شييبة مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ قَالَ مَشَيْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَارَبَ بَيْنَ الْخُطَا.

     وَقَالَ  أَرَدْتُ أَنْ تَكْثُرَ خُطَانَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمُسَاوَاةُ فِي الْفَضْلِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى أَنَّ فِي كَثْرَةِ الْخَطَّا فَضِيلَةً لِأَنَّ ثَوَابَ الْخُطَا الشَّاقَّةِ لَيْسَ كَثَوَابِ الْخُطَا السَّهْلَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمَاضِي قَبْلَ بَابٍ حَيْثُ جَعَلَ أَبْعَدَهُمْ مَمْشًى أَعْظَمَهُمْ أَجْرًا وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُهُمُ اسْتِحْبَابَ قَصْدِ الْمَسْجِدِ الْبَعِيدِ وَلَوْ كَانَ بِجَنْبِهِ مَسْجِدٌ قَرِيبٌ وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَهَابِهِ إِلَى الْبَعِيدِ هَجْرُ الْقَرِيبِ وَإِلَّا فَإِحْيَاؤُهُ بِذِكْرِ اللَّهِ أَوْلَى وَكَذَا إِذَا كَانَ فِي الْبَعِيدِ مَانِعٌ مِنَ الْكَمَالِ كَأَنْ يَكُونَ إِمَامُهُ مبتدعا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بَابُ
احْتِسَابِ الآثَارِ
[ قــ :636 ... غــ :655 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن حوشب: ثنا عَبْد الوهاب، قَالَ: حَدَّثَنِي حميد، عَن أَنَس، قَالَ: قَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( يَا بني سَلَمَة، ألا تحتسبون آثاركم؟) ) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :636 ... غــ :656 ]
- وَقَالَ ابن أَبِي مريم: أنا يَحْيَى بْن أيوب: حَدَّثَنِي حميد: حَدَّثَنِي أَنَس، أن نبي سَلَمَة أرادوا أن يتحولوا عَن منازلهم فينزلوا قريباً من النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ: فكره النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يعروا منازلهم، فَقَالَ: ( ( ألا تحتسبون آثاركم؟) ) .

قَالَ مُجَاهِد: خطاهم: آثار المشي فِي الأرض بأرجلهم.

ساقه أولا من حَدِيْث عَبْد الوهاب الثَّقَفِيّ، عَن حميد مختصراً ثُمَّ ذكر من رِوَايَة يَحْيَى بْن أيوب المصري - وَهُوَ ثقة، لكنه كثير الوهم - مطولاً، وزاد فِيهِ تصريح حميد بالسماع لَهُ من أَنَس، فإن حميداً قَدْ قيل: إنه لَمْ يسمع من أَنَس إلا قليلاً، وأكثر رواياته عَنْهُ مرسلة، وقد سبق ذكر ذَلِكَ، وما قاله الإسماعيلي فِي تسامح المصريين والشامين فِي لفظه ( ( حَدَّثَنَا) ) وأنهم لا يضبطون ذَلِكَ.

وقد خرجه فِي ( ( كِتَاب الحج) ) من طريق الفزاري، عَن حميد، عَن أَنَس، قَالَ: أراد بنو سَلَمَة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فكره رَسُول الله - رضي الله عنه - أن تعرى المدينة، فَقَالَ: ( ( يَا بني، ألا تحتسبون آثاركم؟) ) .

وبنو سَلَمَة: قوم من الأنصار، كَانَتْ دورهم بعيدة من المسجد، فأرادوا أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فأمرهم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بملازمة دورهم، وأخبرهم أن خطاهم يكتب لهم أجرها فِي المشي إلى المسجد.

وخرج مُسْلِم فِي ( ( صحيحه) ) من حَدِيْث أَبِي الزُّبَيْر، عَن جابر، قَالَ: كَانَتْ دارنا نائيةً من المسجد، فأردنا أن نبيع بيوتنا فنقترب من المسجد، فنهانا رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: ( ( إن لكم بكل خطوةٍ درجة) ) .

ومن حَدِيْث أَبِي نضرة، عَن جابر، قَالَ: أراد بنو سَلَمَة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، والبقاع خالية.
قَالَ: فبلغ ذَلِكَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: ( ( يَا بني سَلَمَة، دياركم تكتب آثاركم) ) .
فقالوا: مَا يسرنا أنا كنا تحولنا.

وقوله: ( ( دياركم) ) بفتح الراء عَلَى الإغراء، أي: الزموا دياركم.

وخرجه الترمذي من حَدِيْث أَبِي سُفْيَان السعدي، عَن أَبِي نضرة، عَن أَبِي سَعِيد، قَالَ: كَانَتْ بنو سَلَمَة فِي ناحية المدينة، فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد، فَنَزَلت هذه الآية: { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12] ، فقام رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن آثاركم تكتب) ) ، فَلَمْ ينتقلوا.

وأبو سُفْيَان، فِيهِ ضعف.

والصحيح: رِوَايَة مسلمٍ، عَن أَبِي نضرة، عَن جابر، وكذا قاله الدارقطني وغيره.

وخرج ابن ماجه من رِوَايَة سماك، عَن عَكْرِمَة، عَن ابن عَبَّاس، قَالَ: كَانَتْ الأنصار بعيدةً منازلهم من المسجد، فأرادوا أن يقربوا، فَنَزَلت: { نَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} .
قَالَ: فثبتوا.

وقد ذكر البخاري عَن مُجَاهِد، أَنَّهُ فسر الآثار - يعني: فِي هذه الآية - بالخُطا، وزاد - أيضاً - بقوله: آثار المشي فِي الأرض بأرجلهم.

وفي حَدِيْث أَنَس: فكره رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يعروا المدينة أو منازلهم.

يعني: يخلوها فتصير عراةً من الأرض.

والعراء: الفضاء الخالي من الأرض، ومنه: قوله تعالى: { فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ}
[الصافات: 145] .

وروى يَحْيَى بْن سَعِيد الأنصاري هَذَا الحَدِيْث، عَن حميد، عَن أَنَس،.

     وَقَالَ : فكره أن يعروا المسجد.

قَالَ الإمام أحمد وهم فِيهِ.
إنما هُوَ: كره أن يعروا المدينة.

وقد دلت هذه الأحاديث عَلَى أن المشي إلى المساجد يكتب لصاحبه أجرهُ، وهذا مِمَّا تواترت السنن بِهِ.

وقد سبق حَدِيْث أَبِي موسى: ( ( أعظم النَّاس أجراً فِي الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى) ) .

وفي حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،: ( ( وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة) ) .

وقد خرجه البخاري فِي موضع آخر.

وسبق - أيضاً - حَدِيْث أَبِي صالح، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ.

وفي ( ( المسند) ) و ( ( سنن أَبِي داود) ) وابن ماجه، عَن عَبْد الرحمن بْن سعد، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجراً) ) .

وفي ( ( صحيح مُسْلِم) ) عَن أَبِي بْن كعب، قَالَ: كَانَ رَجُل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد مِنْهُ، وكان لا تخطئه صلاة.
قَالَ: فَقِيلَ لَهُ - أو قُلتُ لَهُ -: لَوْ اشتريت حماراً تركبه فِي الظلماء أو الرمضاء؟ قَالَ: مَا يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لِي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي.
فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( قَدْ جمع الله لَكَ ذَلِكَ كله) ) .

وفي رِوَايَة لَهُ - أيضاً -: فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن لَكَ مَا احتسبت) ) .

وهذا يدل عَلَى أَنَّهُ ثياب عَلَى المشي فِي رجوعه من المسجد إلى منزله.

وفي ( ( المسند) ) و ( ( صحيح ابن حبان) ) عَن عَبْد الله بْن عَمْرِو، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( من راح إلى المسجد جماعة فخطوتاه: خطوة تمحو سيئة، وخطوة تكتب حسنة، ذاهباً وراجعاً) ) .

وهذا المطلق قَدْ ورد مقيداً فِي حَدِيْث أَبِي صالح، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي خرجه البخري فيما مضى.

وسيأتي بقيدين:
أحدهما: أن يخرج من بيته عَلَى طهرٍ قَدْ أحسنه وأكمله.
أن لا يخرج إلا إلى الصلاة فِي المسجد، فلو خرج لحاجة لَهُ وكان المسجد فِي طريقه فدخل المسجد فصلى ولم يكن خروجه لذلك لَمْ يحصل لَهُ هَذَا الأجر الخاص.

وكذلك لَوْ خرج من بيته غير متطهر، لكنه يكتب لَهُ بذلك أجر، غير أن هَذَا الأجر الخاص - وهو رفع الدرجات وتكفير السيئات - لا يحصل بذلك.

وأعلم أن الدار القريبة من المسجد أفضل من الدار البعيدة، لكن المشي من الدار البعيدة أفضل.

وفي ( ( المسند) ) بإسناد منقطع، عَن حذيفة، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( فضل الدار القريبة من المسجد عَلَى الدار الشاسعة كفضل الغازي على القاعد) ) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب احْتِسَابِ الآثَارِ
( باب احتساب الآثار) أي الخطوات إلى المسجد للصلاة.


[ قــ :636 ... غــ : 655 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا بَنِي سَلِمَةَ أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ»..
     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: { وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} قَالَ: خُطَاهُمْ.
[الحديث 655 - طرفاه في: 656، 1887] .

وبالسند قال ( حدّثنا محمد بن عبد الله بن حوشب) بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وفتح الشين المعجمة آخره موحدة، الطائفي ( قال: حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي ( قال: حدّثنا) بالجمع وفي بعض الأصول: حدّثني ( حميد) الطويل ( عن أنس) وللأصيلي: أنس بن مالك ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يا بني سلمة) بفتح السين وكسر اللام بطن كبير من الأنصار ( ألا تحتسبون آثاركم) بفتح الهمزة وتخفيف اللام للتنبيه، أي: ألا تعدون خطاكم عند مشيكم إلى المسجد، فإن بكل خطوة إليه درجة، وإنما خاطبهم عليه الصلاة والسلام بذلك حين أرادوا النقلة إلى قرب المسجد.

ورواة هذا الحديث ما بين طائفي وبصري، وفيه التحديث والعنعنة والقول.


( وقال مجاهد في) تفسير ( قوله) تعالى ( { ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال: خطاهم) رواه ابن أبي نجيح وغيره عن مجاهد مما ذكره في تفسيره وللأصيلي وأبي ذر وقال: قال مجاهد: خطاكم، آثار المشي بأرجلكم في الأرض.
ولابن عساكر، قال مجاهد: خطاهم: آثارهم، هي المشي في الأرض بأرجلهم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :636 ... غــ : 656 ]
- وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ حَدَّثَنِي أَنَسٌ: "أَنَّ بَنِي سَلِمَةَ أَرَادُوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا عَنْ مَنَازِلِهِمْ فَيَنْزِلُوا قَرِيبًا مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُعْرُوا الْمَدِينَةَ فَقَالَ: أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ".
قَالَ مُجَاهِدٌ: خُطَاهُمْ: آثَارُهُمْ، أَنْ يُمْشَى فِي الأَرْضِ بِأَرْجُلِهِمْ.

وبه قال (حدّثنا) بواو العطف، ولغير أبي ذر، وقال (ابن أبي مريم) سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم الجمحي البصري (أخبرنا يحيى بن أيوب) الغافقي المصري (قال: حدّثني) بالإفراد (حميد) الطويل (قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا (أنس) هو ابن مالك رضي الله عنه، ولأبي ذر: عن أنس (أن بني سلمة) بكسر اللام (أرادوا أن يتحوّلوا عن منازلهم) لكونها كانت بعيدة من المسجد (فينزلوا) منزلاً (قريبًا من النبي) أي من مسجده (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال) أنس: (فكره رسول الله) ولأبي ذرّ: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يعروا المدينة) بضم المثناة التحتية وسكون العين المهملة وضم الراء أي: يتركوها خالية، وللكشميهني: أن يعروا منازلهم، فأراد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تبقى جهات المدينة عامرة بساكنيها، (فقال)
(لا تحتسبون أثاركم) أي: ألا تعدون خطاكم عند مشيكم إلى المسجد، زاد في رواية الفزاري: في الحج، فأقاموا.
ولمسلم، من حديث جابر، فقالوا: ما يسرنا أنّا كنّا تحوّلنا (قال مجاهد: خطاكم: آثارهم، أن يُمشى بضم أوّله وفتح ثالثه، وفي رواية: أن يمشوا.
وفي رواية لأبي ذر: (والمشي في الأرض بأرجلهم).

وزاد قتادة فقال: لو كان الله عز وجل مغفلاً شيئًا من شأنك يا ابن آدم، اغفل ما تعفي الرياح من هذه الآثار، ولكن أحصى على ابن آدم أثره وعمله كله حتى أحصى عليه هذا الأثر فيما هو من طاعة الله تعالى، أو من معصيته.
فمن استطاع منكم أن يكتب أثره في طاعة الله فليفعل.

وأشار المؤلّف بهذا التعليق، المسوق مرتين، إلى أن قصة بني سلمة كانت سبب نزول هذه الآية، وقد ورد مصرحًا به عند ابن ماجة بإسناد قوي، وكذا عند ابن أبي حاتم، قال الحافظ ابن كثير: وفيه غرابة من حيث ذكر نزول هذه الآية والسورة بكمالها مكية اهـ.

قلت قال أبو حيان: السورة كلها مكية، لكن زعمت فرقة أن قوله: { ونكتب ما قدّموا وآثارهم} نزل في بني سلمة من الأنصار، وليس هذا زعمًا صحيحًا.
اهـ.
لكن يترجح الأوّل بقوّة إسناده.


ورواة هذا الحديث ما بين طائفي وبصري، وفيه التحديث والقول.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ احْتِسَابِ الآثَارِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان احتساب الْآثَار، أَي: فِي عد الخطوات إِلَى الْمَسْجِد، والْآثَار جمع أثر، وَأَصله من أثر الْمَشْي فِي الأَرْض، وَالْمرَاد بهَا هَهُنَا: الخطوات، كَمَا فسره مُجَاهِد على مَا يَجِيء.


[ قــ :636 ... غــ :655 ]
- ( حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب قَالَ حَدثنَا عبد الْوَهَّاب قَالَ حَدثنَا حميد عَن أنس قَالَ قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا بني سَلمَة أَلا تحتسبون آثَاركُم) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله قد ذكرُوا وحوشب بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة.
وَعبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ الْبَصْرِيّ وَحميد ابْن أبي حميد الطَّوِيل.
( وَمن لطائف إِسْنَاده) أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع والعنعنة فِي مَوضِع وَفِيه أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين طائفي وبصري وَفِيه القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع قَوْله " يَا بني سَلمَة " بِفَتْح السِّين وَكسر اللَّام وهم بطن كَبِير من الْأَنْصَار ثمَّ من الْخَزْرَج.

     وَقَالَ  الْقَزاز والجوهري وَلَيْسَ فِي الْعَرَب سَلمَة غَيرهم ( قلت) لَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فَإِن ابْن مَاكُولَا والرشاطي وَابْن حبيب ذكرُوا جماعات غَيرهم قَوْله " أَلا تحتسبون " كلمة أَلا للتّنْبِيه والتحضيض وَمَعْنَاهُ أَلا تَعدونَ خطاكم عِنْد مشيكم إِلَى الْمَسْجِد إِنَّمَا خاطبهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك حِين أَرَادوا النقلَة إِلَى قرب مَسْجِد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعند مُسلم من حَدِيث جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ " خلت الْبِقَاع حول الْمَسْجِد فَأَرَادَ بَنو سَلمَة أَن يَنْتَقِلُوا إِلَى قرب الْمَسْجِد فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَهُم أَنه بَلغنِي أَنكُمْ تُرِيدُونَ أَن تنتقلوا إِلَى قرب الْمَسْجِد قَالُوا نعم يَا رَسُول الله قد أردنَا ذَلِك فَقَالَ يَا بني سَلمَة دِيَاركُمْ تكْتب آثَاركُم دِيَاركُمْ تكْتب آثَاركُم " وَفِي لفظ " كَانَت دِيَارنَا نائية من الْمَسْجِد فأردنا أَن نبيع بُيُوتنَا فنقرب من الْمَسْجِد فنهانا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ إِن لكم بِكُل خطْوَة دَرَجَة " وَعند ابْن مَاجَه من حَدِيث ابْن عَبَّاس " كَانَت الْأَنْصَار بعيدَة مَنَازِلهمْ من الْمَسْجِد فأرادوا أَن يتقربوا فَنزلت ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم قَالَ فثبتوا " زَاد عبد بن حميد فِي تَفْسِيره " فَقَالُوا بل نثبت مَكَاننَا " وَقَوله " تحتسبون " بنُون الْجمع على الأَصْل فِي عَامَّة النّسخ وَشَرحه الْكرْمَانِي بِحَذْف النُّون فَقَالَ ( فَإِن قلت) مَا وَجه سُقُوط النُّون ( قلت) جوز النُّحَاة إِسْقَاط النُّون بِدُونِ ناصب وجازم (.

     وَقَالَ  مُجَاهِد فِي قَوْله { ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم} قَالَ خطاهم)
فسر مُجَاهِد الْآثَار بالخطا وَعَن مُجَاهِد خطاهم آثَارهم أَي مَشوا فِي الأَرْض بأرجلهم وَفِي تَفْسِير عبد بن حميد عَن أبي سعيد مَوْقُوفا " نكتب مَا قدمُوا وآثارهم " قَالَ الخطا وَعند الْبَزَّار " فَقَالَ لَهُم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنَازِلكُمْ مِنْهَا تكْتب آثَاركُم " وَعند التِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ " شكت بَنو سَلمَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد مَنَازِلهمْ من الْمَسْجِد فَأنْزل الله تَعَالَى { ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم} فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنَازِلكُمْ فَإِنَّهَا تكْتب آثَاركُم ".

     وَقَالَ  حسن غَرِيب
(.

     وَقَالَ  ابْن أبي مَرْيَم قَالَ أخبرنَا يحيى بن أَيُّوب قَالَ حَدثنِي حميد قَالَ حَدثنِي أنس أَن بني سَلمَة أَرَادوا أَن يَتَحَوَّلُوا عَن مَنَازِلهمْ فينزلوا قَرِيبا من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فكره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يعروا الْمَدِينَة فَقَالَ أَلا تحتسبون آثَاركُم.
قَالَ مُجَاهِد خطاهم آثَارهم أَن يمشى فِي الأَرْض بأرجلهم)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله تقدمُوا وَابْن أبي مَرْيَم هُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم الْمصْرِيّ وَيحيى بن أَيُّوب الغافقي الْمصْرِيّ قَوْله " وَحدثنَا ابْن أبي مَرْيَم " هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر وَحده وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ.

     وَقَالَ  ابْن أبي مَرْيَم.

     وَقَالَ  صَاحب التَّلْوِيح.

     وَقَالَ  ابْن أبي مَرْيَم ثمَّ قَالَ هَكَذَا ذكر هَذَا الحَدِيث مُعَلّقا وَكَذَا ذكره أَيْضا صَاحب الْأَطْرَاف قَالَ وَالَّذِي رَأَيْت فِي كثير من نسخ البُخَارِيّ وَحدثنَا ابْن أبي مَرْيَم.

     وَقَالَ  أَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج كَذَا ذكره البُخَارِيّ بِلَا رِوَايَة يَعْنِي مُعَلّقا.

     وَقَالَ  بَعضهم هَذَا هُوَ الصَّوَاب ( قلت) هَذِه دَعْوَى بِلَا دَلِيل قَوْله " عَن أنس " هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر وَحده وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ حَدثنَا أنس وَكَذَا ذكره أَبُو نعيم أَيْضا قَوْله " فينزلوا قَرِيبا " أَي منزلا قَرِيبا من مَسْجِد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَن دِيَارهمْ كَانَت بعيدَة عَن الْمَسْجِد وَقد صرح بذلك فِي رِوَايَة مُسلم من حَدِيث جَابر بن عبد الله يَقُول " كَانَت دِيَارنَا بعيدَة من الْمَسْجِد فأردنا أَن نبتاع بُيُوتنَا فنتقرب من الْمَسْجِد فنهانا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

     وَقَالَ  إِن لكم بِكُل خطْوَة دَرَجَة " وَفِي مُسْند السراج من طَرِيق أبي نَضرة عَن جَابر " أَرَادوا أَن يتقربوا من أجل الصَّلَاة " وَفِي رِوَايَة ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أُخْرَى عَن أبي نَضرة عَنهُ قَالَ " كَانَت مَنَازلنَا بسلع " ( فَإِن قلت) فِي الاسْتِسْقَاء من حَدِيث أنس " وَمَا بَيْننَا وَبَين سلع من دَار " فَهَذَا يُعَارضهُ ( قلت) لَا تعَارض لاحْتِمَال أَن تكون دِيَارهمْ كَانَت من وَرَاء سلع وَبَين سلع وَالْمَسْجِد قدر ميل قَوْله " أَن يعروا الْمَدِينَة " وَفِي رِوَايَة الْكشميهني " أَن يعروا مَنَازِلهمْ " وَهُوَ بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة أَي يتركوها عراء أَي فضاء خَالِيَة قَالَ عز وَجل { فنبذناه بالعراء} أَي بِموضع خَال قَالَ ابْن سَيّده هُوَ الْمَكَان الَّذِي لَا يسْتَتر فِيهِ شَيْء وَقيل الأَرْض الواسعة وَجمعه أعراء وَفِي الغريبين الْمَمْدُود المتسع من الأَرْض قيل لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ لَا شجر فِيهِ وَلَا شَيْء يغطيه والعرا مَقْصُورا النَّاحِيَة وَوجه كَرَاهَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَنعهم من الْقرب من الْمَسْجِد هُوَ أَنه أَرَادَ أَن تبقى جِهَات الْمَدِينَة عامرة بساكنيها قَوْله ".

     وَقَالَ  مُجَاهِد خطاهم آثَار الْمَشْي فِي الأَرْض بأرجلهم " كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ.

     وَقَالَ  مُجَاهِد { ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم} قَالَ خطاهم وَهَكَذَا وَصله عبد بن حميد من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَنهُ قَالَ فِي قَوْله { ونكتب مَا قدمُوا} قَالَ أَعْمَالهم وَفِي قَوْله { وآثارهم} قَالَ خطاهم وَأَشَارَ البُخَارِيّ بِهَذَا التَّعْلِيق إِلَى أَن قصَّة بني سَلمَة كَانَت سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة وَقد ورد مُصَرحًا بِهِ من طَرِيق سماك عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أخرجه ابْن مَاجَه وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب ( ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) فِيهِ الدّلَالَة على كَثْرَة الْأجر لِكَثْرَة الخطا فِي الْمَشْي إِلَى الْمَسْجِد وَسُئِلَ أَبُو عبد الله بن لبابَُُة عَن الَّذِي يدع مَسْجده وَيُصلي فِي الْمَسْجِد الْجَامِع للفضل فِي كَثْرَة النَّاس قَالَ لَا يدع مَسْجده وَإِنَّمَا فضل الْمَسْجِد الْجَامِع للْجُمُعَة فَقَط وَعَن أنس بن مَالك أَنه كَانَ يُجَاوز الْمَسَاجِد المحدثة إِلَى الْمَسَاجِد الْقَدِيمَة وَفعله مُجَاهِد وَأَبُو وَائِل وَأما الْحسن فَسئلَ أيدع الرجل مَسْجِد قومه وَيَأْتِي غَيره فَقَالَ كَانُوا يحبونَ أَن يكثر الرجل قومه بِنَفسِهِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ وَهَذِه الْأَحَادِيث تدل على أَن الْبعد من الْمَسْجِد أفضل فَلَو كَانَ بجوار الْمَسْجِد فَهَل لَهُ أَن يُجَاوِزهُ للأبعد فكرهه الْحسن قَالَ وَهُوَ مَذْهَبنَا وَفِي تخطي مَسْجده إِلَى الْمَسْجِد الْأَعْظَم قَولَانِ وَاخْتلف فِيمَن كَانَت دَاره قريبَة من الْمَسْجِد وقارب الخطا بِحَيْثُ يُسَاوِي خطاه من دَاره بعيدَة هَل يُسَاوِيه فِي الْفضل أَو لَا وَإِلَى الْمُسَاوَاة مَال الطَّبَرِيّ ( فَإِن قلت) روى ابْن أبي شيبَة من طَرِيق أنس قَالَ " مشيت مَعَ زيد بن ثَابت إِلَى الْمَسْجِد فقارب بَين الخطا.

     وَقَالَ  أردْت أَن تكْثر خطانا إِلَى الْمَسْجِد " ( قلت) لَا يلْزم مِنْهُ الْمُسَاوَاة فِي الْفضل وَإِن دلّ على أَن فِي كَثْرَة الخطا فَضِيلَة لِأَن ثَوَاب الخطى الشاقة لَيست كثواب الخطى السهلة واستنبط بَعضهم من الحَدِيث اسْتِحْبابُُ قصد الْمَسْجِد الْبعيد وَلَو كَانَ بجنبه مَسْجِد قريب فَقيل هَذَا إِذا لم يلْزم من ذَهَابه إِلَى الْبعيد هجر الْقَرِيب وَإِلَّا فإحياؤه بِذكر الله أولى ثمَّ إِذا كَانَ إِمَام الْقَرِيب مبتدعا أَو لحانا فِي الْقِرَاءَة أَو قومه يكرهونه فَلهُ أَن يتْركهُ وَيذْهب إِلَى الْبعيد وَكَذَا إِذا كَانَ إِمَام الْبعيد بِهَذِهِ الصّفة وَفِي رَوَاحه إِلَيْهِ لَيْسَ هجر الْقَرِيب لَهُ أَن يتْرك الْبعيد وَيُصلي فِي الْقَرِيب.
وَفِيه أَن أَعمال الْبر إِذا كَانَت خَالِصَة تكْتب آثارها حَسَنَات.
وَفِيه اسْتِحْبابُُ السُّكْنَى بِقرب الْمَسْجِد إِلَّا لمن حصلت مِنْهُ مَنْفَعَة أُخْرَى أَو أَرَادَ تَكْثِير الْأجر بِكَثْرَة الْمَشْي مَا لم يُكَلف نَفسه وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنهم طلبُوا السُّكْنَى بِقرب الْمَسْجِد للفضل الَّذِي علموه مِنْهُ فَمَا أنكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِم ذَلِك وَإِنَّمَا كره ذَلِك لدرء الْمفْسدَة لإخلائهم جَوَانِب الْمَدِينَة كَمَا ذَكرْنَاهُ -