هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
616 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ رَأَى بِلاَلًا يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَهُنَا بِالأَذَانِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
616 حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا سفيان ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، أنه رأى بلالا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ها هنا وههنا بالأذان
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن وهب بن وهب السوائي ، أَنَّهُ رَأَى بِلاَلًا يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَهُنَا بِالأَذَانِ .

Narrated `Aun bin Abi Juhaifa:

My father said, I saw Bilal turning his face from side to side while pronouncing the Adhan for the prayer.

":"ہم سے محمد بن یوسف فریابی نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے سفیان ثوری نے عون بن ابی حجیفہ سے بیان کیا ، انھوں نے اپنے باپ سے کہانھوں نے بلال رضی اللہ عنہ کو اذان دیتے ہوئے دیکھا ۔ وہ کہتے ہیں میں بھی ان کے منہ کے ساتھ ادھر ادھر منہ پھیرنے لگا ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [634] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْريّ قَوْله هَا هُنَا وَهَا هُنَا بِالْأَذَانِ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَرِوَايَةُ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَتَمُّ حَيْثُ قَالَ فَجَعَلْتُ أتتبع فَاه هَا هُنَا وَهَهُنَا يَمِينًا وَشِمَالًا يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَهَذَا فِيهِ تَقْيِيدٌ لِلِالْتِفَاتِ فِي الْأَذَانِ وَأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بن خُزَيْمَةَ انْحِرَافُ الْمُؤَذِّنِ عِنْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ بِفَمِهِ لَا بِبَدَنِهِ كُلِّهِ قَالَ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ الِانْحِرَافُ بِالْفَمِ بِانْحِرَافِ الْوَجْهِ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَيْضًا بِلَفْظٍ فَجَعَلَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ هَكَذَا وَيُحْرِفُ رَأْسَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَتَانِ إِحْدَاهُمَا الِاسْتِدَارَةُ وَالْأُخْرَى وَضْعُ الْإِصْبَعِ فِي الْأُذُنِ وَلَفْظُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ وَيَدُورُ وَيُتْبِعُ فَاه هَا هُنَا وَهَهُنَا وَإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ فَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَيَدُورُ فَهُوَ مُدْرَجٌ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَوْنٍ بَيَّنَ ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ بِلَالًا أذن فأتبع فَاه هَا هُنَا وَهَهُنَا وَالْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا قَالَ سُفْيَانُ كَانَ حجاج يَعْنِي بن أَرْطَأَةَ يَذْكُرُ لَنَا عَنْ عَوْنٍ أَنَّهُ قَالَ فَاسْتَدَارَ فِي أَذَانِهِ فَلَمَّا لَقِينَا عَوْنًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الِاسْتِدَارَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيِّ عَنْ سُفْيَانَ لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ حَجَّاجًا وَهُوَ مَشْهُور عَن حجاج أخرجه بن ماجة وَسَعِيد بن مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ بَلْ وَافَقَهُ إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ وَمُحَمَّدٌ الْعَرْزَمِيُّ عَنْ عَوْنٍ لَكِنَّ الثَّلَاثَةَ ضُعَفَاءُ وَقَدْ خَالَفَهُمْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُمْ أَوْ أَمْثَلُ وَهُوَ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ فَرَوَاهُ عَنْ عَوْنٍ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ وَلَمْ يَسْتَدِرْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ الِاسْتِدَارَةَ عَنَى اسْتِدَارَةَ الرَّأْسِ وَمَنْ نَفَاهَا عَنَى اسْتِدَارَةَ الْجَسَدِ كُلِّهِ وَمَشى بن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَاسْتَدَلَّ بِهِ على جَوَاز الاستدارة بِالْبدنِ كُله قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِدَارَةِ الْمُؤَذِّنِينَ لِلْإِسْمَاعِ عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَسْتَدِيرُ بِبَدَنِهِ كُلِّهِ أَوْ بِوَجْهِهِ فَقَطْ وَقَدَمَاهُ قَارَّتَانِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ يَسْتَدِيرُ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مَرَّةً وَفِي الثَّانِيَتَيْنِ مَرَّةً أَوْ يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ عَنْ شِمَالِهِ وَكَذَا فِي الْأُخْرَى قَالَ وَرَجَّحَ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَكُونُ لِكُلِّ جِهَةٍ نَصِيبٌ مِنْهُمَا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ وَفِي الْمُغْنِي عَنْ أَحْمَدَ لَا يَدُورُ إِلَّا إِنْ كَانَ عَلَى مَنَارَةٍ يَقْصِدُ إِسْمَاعَ أَهْلِ الْجِهَتَيْنِ.

.
وَأَمَّا وَضْعُ الْإِصْبَعَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ فَقَدْ رَوَاهُ مُؤَمَّلٌ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَلَهُ شَوَاهِدُ ذَكَرْتُهَا فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ مِنْ أَصَحِّهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَّامٍ الدِّمَشْقِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ الْهَوْزَنِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ.

.

قُلْتُ لِبِلَالٍ كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ بِلَالٌ فَجَعَلْتُ إِصْبَعِي فِي أُذُنِي فَأَذَّنْتُ وَلِابْنِ مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ الْقَرَظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَجْعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَرْفَعَ لِصَوْتِهِ وَفِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ بِلَالثَانِيهِمَا أَنَّهُ عَلَامَةٌ لِلْمُؤَذِّنِ لِيَعْرِفَ مَنْ رَآهُ عَلَى بُعْدٍ أَوْ كَانَ بِهِ صَمَمٌ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجْعَلُ يَدَهُ فَوْقَ أُذُنِهِ حَسْبُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ اسْتَحَبَّ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنْ يُدْخِلَ الْمُؤَذِّنُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ فِي الْأَذَانِ قَالَ وَاسْتَحَبَّهُ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا تَنْبِيهٌ لَمْ يَرِدْ تَعْيِينُ الْإِصْبَعِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ وَضْعُهَا وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ أَنَّهَا الْمُسَبِّحَةُ وَإِطْلَاقُ الْإِصْبَعِ مَجَازٌ عَنِ الْأُنْمُلَةِ تَنْبِيهٌ آخَرُ وَقَعَ فِي الْمُغْنِي لِلْمُوَفَّقِ نِسْبَةُ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ بِلَفْظٍ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ إِلَى تَخْرِيجِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَهُوَ وَهَمٌ وَسَاقَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فَمَا أَجَادَ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُمَا مُتَوَافِقَتَانِ وَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنَ الْإِدْرَاجِ وَسَلَامَةَ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ ذَلِك وَالله الْمُسْتَعَان ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ) أَيْ هَل يكره أم لَا قَوْله وَكره بن سِيرِين الخ وَصله بن أبي شيبَة عَن أَزْهَر عَن بن عون قَالَ كَانَ مُحَمَّد يَعْنِي بن سِيرِينَ يَكْرَهُ فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَأَصَحُّ خَبَرُهُ وَهَذَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ رَادًّا عَلَى بن سِيرِينَ وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الشَّارِعَ أَطْلَقَ لَفْظَ الْفَوات فَدلَّ على الْجَوَاز وبن سِيرِينَ مَعَ كَوْنِهِ كَرِهَهُ فَإِنَّمَا كَرِهَهُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ قَالَ وَلْيَقُلْ لَمْ نُدْرِكْ وَهَذَا مُحَصِّلُ مَعْنَى الْفَوَاتِ لَكِنَّ قَوْلَهُ لَمْ نُدْرِكْ فِيهِ نِسْبَةُ عَدَمِ الْإِدْرَاكِ إِلَيْهِ بِخِلَافِ فاتتنا فَلَعَلَّ ذَلِك هُوَ الَّذِي لحظه بن سِيرِينَ وَقَولُهُ أَصَحُّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ أَيْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قَول بن سِيرِينَ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِثُبُوتِ النَّصِّ بِخِلَافِهِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فِي قِصَّةِ نَوْمِهِمْ عَنِ الصَّلَاةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله فاتتنا الصلاةولم يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَوْقِعُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ أَبْوَابِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ أَنَّ الْمَرْءَ عِنْدَ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُدْرِكَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ لَا يُدْرِكَ شَيْئًا فَاحْتِيجَ إِلَى جَوَازِ إِطْلَاقِ الْفَوَاتِ وَكَيْفِيَّةِ الْإِتْيَانِ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ عِنْدَ فَوَاتِ الْبَعْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [634] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى بِلاَلاً يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا بِالأَذَانِ.
وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي ( قال: حدّثنا سفيان) الثوري ( عن عون بن أبي جحيفة) بضم الجيم ( عن أبيه) أبي جحيفة وهب بن عبد الله ( أنه رأى بلالاً) المؤذن ( يؤذن) ، قال أبو جحيفة: ( فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا بالأذان) أي فيه.
ولمسلم: فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يمينًا وشمالاً، يقول: حي على الصلاة حيّ على الفلاح، ففيه تقييد الالتفات في الأذان، وأن محله عند الحيعلتين، أي من غير تحويل صدره عن القبلة، وقدميه عن مكانهما، وأن يكون الالتفات يمنًا في الأولى وشمالاً في الثانية، وفائدته تعميم الناس بالإسماع.
قال في المدوّنة وأنكر مالك دورانه لغير الإسماع.
20 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ فَاتَتْنَا الصَّلاَةُ وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ أَنْ يَقُولَ: فَاتَتْنَا الصَّلاَةُ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: لَمْ نُدْرِكْ.
وَقَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصَحُّ.
( باب قول الرجل فاتتنا الصلاة) أي هل يكره أو لا.
( وذكره ابن سيرين) محمد مما وصله ابن أبي شيبة ( أن يقول) الرجل: ( فاتتنا الصلاة) وسقط لفظ الصلاة لغير أبي ذر ( ولكن ليقل) وللأربعة وليقل: ( لم ندرك) فيه نسبة عدم الإدراك إليه بخلاف فاتتنا.
قال البخاري رادًّا على ابن سيرين ( وقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الطلق للفوات ( أصح) أي صحيح بالنسبة إلى قول ابن سيرين، فإنه غير صحيح لثبوت النص بخلافه.
وأفعل قد تذكر ويراد بها التوضيح لا التصحيح، وقول مرفوع مبتدأ خبره أصح.
635 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاَةِ.
قَالَ: فَلاَ تَفْعَلُوا.
إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا».
وبالسند قال ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا شيبان) بفتح الشين المعجمة وسكون المثناة التحتية بعدها موحدة، ابن عبد الرحمن النحوي ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه) أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنهما، ( قال: بينما) بالميم ( نحن نصلي مع النبي) وفي رواية مع رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ سمع جلبة رجال) بفتح الجيم وتاليها أي أصواتهم حال حركاتهم، وسمَّى منهم الطبراني في روايته: أبا بكرة.
ولكريمة والأصيلي: جلبة رجال ( فلما صلّى) عليه الصلاة والسلام ( قال) : ( ما شأنكم) بالهمزة أي ما حالكم حيث وقع منكم الجلبة ( قالوا استعجلنا إلى الصلاة.
قال)
عليه الصلاة والسلام: ( فلا) ولأبي ذر: لا ( تفعلوا) أي لا تستعجلوا وعبر بلفظ تفعلوا مبالغة في النهي عنه ( إذا أتيتم الصلاة) جمعة أو غيرها ( فعليكم بالسكينة) بياء الجر واستشكل دخولها البرماوي كالزركشي وغيره لأنه يتعدّى بنفسه قال تعالى: { عليكم أنفسكم} .
وأجيب بأن أسماء الأفعال وإن كان حكمها في التعدّي واللزوم حكم الأفعال التي هي بمعناها إلاّ أن الباء تزاد في مفعولها كثيرًا نحو عليك به.
لضعفها في العمل فتتعدى بحرف عادته إيصال اللازم إلى المفعول، قاله الرضي وغيره فيما نقله البدر الدماميني، وفيالحديث الصحيح: عليكم برخصة الله فعليه بالصوم وعليكم بقيام الليل، وفي رواية ابن عساكر والأصيلي، فعليكم السكينة، بالنصب، بعليكم على الإغراء.
وجوّز الرفع على الابتداء، والخبر سابقه، والمعنى: عليكم بالتأنّي والهينة.
فإذا فعلتم ذلك ( فما أدركتم) مع الإمام من الصلاة ( فصلوا) معه ( وما فاتكم) منها ( فأتموا) أي أكملوا وحدكم وبقية المباحث تأتي في التالي إن شاء الله تعالى.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي وبصري وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الباب اللاحق ومسلم في الصلاة.
21 - باب لاَ يَسْعَى إِلَى الصَّلاَةِ، وَلْيَأْتِ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَقَالَ: مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا.
قَالَهُ أَبُو قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
هذا ( باب) بالتنوين فيه ذكر ( لا يسعى) الرجل ( إلى الصلاة وليأت) ولأبي ذر: وليأتها ( بالسكينة والوقار) هل بين الكلمتين فرق أو هما بمعنى واحد، وذكر الثاني تأكيد للأوّل، ويأتي ما فيه قريبًا إن شاء الله تعالى.
وقد سقطت هذه الترجمة من رواية الأصيلى، وكذا من رواية أبي ذر عن غير السرخسي، وصوّب ثبوتها لقوله فيها، قاله أبو قتادة، لأن الضمير يعود على ما ذكر في الترجمة بخلاف سقوطها فإنه يعود على المتن السابق ويلزم منه تكرار أبي قتادة من غير فائدة لأنه ساقه عنه، ووقع عند البرماوي كغيره وهو رواية الأربعة باب ما أدركتم فصلّوا.
فأسقط قوله لا يسعى إلى الوقار.
وقال: وفي بعضها باب: فليأتها بالسكينة والوقار.
( وقال) عليه الصلاة والسلام ( ما أدركتم) من الصلاة أي مع الإمام ( فصلوا وما فاتكم) منها ( فأتموا) ( قاله) أي المذكور ( أبو قتادة) راوي حديث الباب السابق ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [634] ثنا محمد بن يوسف: ثنا سفيان، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، أنه رأى بلالاً يؤذن، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا بالأذان.
هكذا خرجه البخاري هاهنا عن الفريأبي، عن سفيان الثوري - مختصراً.
ورواه وكيع عن سفيان بأتم من هذا السياق.
خرجه مسلم من طريقه، ولفظ حديثه: قال: أتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، قال: فخرج بلال بوضوئه، فمن نائل وناضح.
قال: فخرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حلة حمراء، كأني انظر إلى بياض ساقيه.
قال: فتوضأ، وأذن بلال، فجعلت أتتبع فاه هاهناوهاهنا - يقول: يميناً وشمالاً -، يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح.
قال: ثم ركزت له عنزة، فتقدم فصلى الظهر ركعتين، يمر بين يديه الحمار والكلب، لا يمنع، ثم صلى العصر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة.
ورواه عبد الرزاق، عن سفيان، ولفظ حديثه: عن أبي جحيفة، قال: رأيت بلالاً يؤذن ويدور ويتتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبعاه في اذنيه، ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قبة له حمراء - وذكر بقية الحديث.
خرجه الإمام أحمد عن عبد الرزاق.
وخرجه من طريقه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
وخرجه البيهقي، وصححه - أيضا.
وهذا هو الذي علقه البخاري هاهنا بقوله: ( ( ويذكر عن بلال، أنه جعل إصبعيه في أذنيه) ) .
وقال البيهقي: لفظة الاستدارة في حديث سفيان مدرجة، وسفيان إنما روى هذه اللفظة، في ( ( الجامع) ) – رواية العدني، عنه - عن رجل لم يسمه، عن عون.
قال: وروي عن حماد بن سلمة، عن عون بن أبي جحيفة - مرسلاً، لم يقل: ( ( عن أبيه) ) .
والله أعلم.
قلت: وكذا روى وكيع في ( ( كتابه) ) ، عن سفيان، عن عون، عن أبيه، قال: أتينا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقام بلال فأذن، فجعل يقول في أذانه، يحرف رأسهيميناً وشمالاً.
وروى وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن أبي جحيفة، أن بلالاً كان يجعل إصبعيه في أذنية.
فرواية وكيع، عن سفيان تعلل بها رواية عبد الرزاق عنه.
ولهذا لم يخرجها البخاري مسندة، ولم يخرجها مسلم - أيضا -، وعلقها البخاري بصيغة التمريض، وهذا من دقة نظره ومبالغته في البحث عن العلل والتنقيب عنها - رضي الله عنه.
وقد خرج الحاكم من حديث إبراهيم بن بشار الرمادي، عن ابن عيينة، عن الثوري ومالك بن مغول، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نزل بالأبطح - فذكر الحديث بنحو رواية عبد الرزاق، وذكر فيه الاستداره، وإدخال الإصبعين في الأذنين.
وقال: هو صحيح على شرطهما جميعاً.
وليس كما قال؛ وإبراهيم بن بشار لا يقبل ما تفرد به عن ابن عيينة، وقد ذمه الإمام أحمد ذماً شديداً، وضعفه النسائي وغيره.
وخرج أبو داود من رواية قيس بن ربيع، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح فإذن، فلما بلغ ( ( حيعلى الصلاة، حي على الفلاح) ) لوى عنقه يميناً وشمالاً، ولم يستدر.
وخرج ابن ماجه من رواية حجاج بن ارطاة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: أتيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالأبطح، وهو في قبة حمراء، فخرج بلال فأذن، فاستدار في أذانه، فجعل إصبعيه في أذنيه.
وحجاج مدلس.
قال ابن خزيمة: لا ندري هل سمعه من عون، أم لا؟ وقال البيهقي: يحتمل ان يكون أراد الحجاج باستدارته التفاته يمينا وشمالاً، فيكون موافقاً لسائر الرواة.
قال: وحجاج ليس بحجة.
وخرجه من طريق آخر عن حجاج، ولفظ حديثه: رأيت بلالاً يؤذن، وقد جعل إصبعيه في أذنيه، وهو يلتوي في أذانه يميناً وشمالاً.
وقد رويت هذه الاستدارة من وجه آخر: من رواية محمد بن خليد الحنفي - وهو ضعيف جداً -، عن عبد الواحد بن زياد، عنه، عن مسعر، عن علي بن الأقمر، عن عون، عن أبيه.
ولا يصح - أيضا.
وخرج ابن ماجه من حديث اولاد سعد القرظ، عن آبائهم، عن سعد، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بلالاً ان يجعل إصبعيه في أذنيه، وقال: ( ( أنه أرفع لصوتك) ) .
وهو إسناد ضعيف؛ ضعفه ابن معين وغيره.
وروي من وجوه أخر مرسلة.
وقد ذكر البخاري في هذا الباب ثلاث مسائل: الأولى: الالتفات في الأذان يميناً وشمالاً.
والسنة عند جمهور العلماء أن يؤذن مستقبل القبلة، ويدير وجهه في قول: ( ( حي على الصلاة، حي على الفلاح) ) يميناً وشمالاً.
وأنكر ابن سيرين الالتفات، حكاه ابن المنذر وابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن سيرين، أنه إذا اذن المؤذن استقبل القبلة، وكان يكره أن يستدير في المنارة.
وروى وكيع، عن الربيع، عن ابن سيرين، قال: المؤذن لا يزيل قدميه.
وكأن الروايتين لا تصرحان بكراهة لوي العنق.
وكذلك مالك.
وفي ( ( تهذيب المدونة) ) : ولا يدور في أذانه، ولا يلتفت، وليس هذا من الأذان، إلا أن يريد بالتفاته أن يسمع الناس فيؤذن كيف تيسر عليه.
قال: ورأيت المؤذنين بالمدينة يتوجهون القبلة في أذانهم ويقيمون عرضاً، وذلك واسع يصنع كيف شاء.
انتهى.
وفي حديث عبد الله بن زيد الذي رأى الأذان في منامه انه رأى الذيعلمه النداء في نومه قام فاستقبل القبلة فأذن.
خرجه أبو داود من حديث معاذ.
والذين رأوا الالتفات.
قال أكثرهم: يلتفت بوجهه، ولا يلوي عنقه، ولا يزيل قدميه، وهو قول الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد في المشهور عنه، وأبي ثور، وحكاه ابن المنذر عن أبي حنيفة وأصحابه.
وحكي - أيضا - عن الحسن والنخعي والليث بن سعد.
وروى الحسن بن عمارة، عن طلحة بن مصرف، عن سويد بن غفلة، عن بلال، قال: أمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أذنا او أقمنا أن لا نزيل أقدامنا عن مواضعها.
خرجه الدارقطني في ( ( أفراده) ) .
والحسن بن عمارة، متروك.
وقالت طائفة: إن كان في منارة ونحوها دار في جوانبها؛ لأنه أبلغ في الاعلام والاسماع، وهو رواية عن أحمد وإسحاق، وظاهر فيه مالك إذا أرادالاعلام.
وروي عن الحسن أنه يدور.
وظاهر كلام أصحابنا اختصاص الالتفات بالاذان.
وللشافعية في الالتفات في الاقامة وجهان.
والفرق بينهما: أن الاذان إعلام للغائبين، فلذلك يلتفت ليحصل القصد بتبلغيهم، بخلاف الاقامة؛ فإنها اعلام للحاضرين، فلا حاجة إلى التلفت فيها، ولذلك لم يشرع في الموعظة في خطب الجمع وغيرها الالتفات؛ لانها خطاب لمن حضر، فلا معنى للالتفات فيها.
وقال النخعي: يستقبل المؤذن بالاذان والشهادة والاقامة القبلة.
خرجه ابن أبي شيبة.
وروى بإسناده عن حذيفة، انه مر على ابن النباح وهو يؤذن، يقول: الله اكبر [الله] أكبر، أشهد أن لا اله الا الله، يهوي بأذانه يمينا وشمالا، فقال حذيفة: من يرد الله ان يجعل رزقه في صوته فعل.
وهذا يدل على انه كره التلفت في غير الحيعلة، وجعله مناكلاً بأذانه.
المسألة الثانية: جعل الاصبعين في الاذنين.
وقد حكى عن ابن عمر، انه كان لا يفعل ذلك.
وظاهر كلام البخاري: يدل على انه غير مستحب؛ لانه حكى تركه عن ابن عمر، وأماالحديث المرفوع فيه فعلقه بغير صيغة الجزم، فكأنه لم يثبت عنده.
وذكر في ( ( تاريخه الكبير) ) من رواية الربيع بن صبيح، عن ابن سيرين، قال: اول من جعل أصبعيه في أذنيه في الاذان عبد الرحمن بن الأصم مؤذن الحجاج.
وهذا الكلام من ابن سيرين يقتضي انه عنده بدعة.
وروي عن ابن سيرين بلفظ آخر.
قال وكيع في ( ( كتابه) ) : عن يزيد بن إبراهيم والربيع بين صبيح، عن ابن سيرين، قال: أول من جعل اصبعا واحدة في أذانه ابن الأصم مؤذن الحجاج.
وقال ابن أبي شيبة: ثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد، قال: كان الأذان أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، ثم يجعل اصبعيه، واول من ترك إحدى أصبعيه في أذنيه ابن الاصم.
قال: وثنا أبو أسامة، عن هشام، عن ابن سيرين، انه كان إذا اذن استقبل القبلة، فأرسل يديه، فإذا بلغ: ( ( حي على الصلاة، حي على الفلاح) ) أدخل إصبعيه في أذانه.
وهذا يقتضي انه إنما يجعلهما في أذنيه في أثناء الاذان.
وروى وكيع، عن سفيان، عن نسير بن ذعلوق، قال: رأيت ابن عمر يؤذن على بعير.
قال سفيان: قلت له: رأيته جعل إصبعيه في أذنيه؟ قال: لا.
وهذا هو المروي عن ابن عمر، الذي ذكره البخاري تعليقا.
وأكثر العلماء على ان ذلك مستحب.
قال الترمذي في ( ( جامعه) ) : العمل عند اهل العلم على ذلك، يستحب ان يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الاذان.
وقال بعض اهل العلم: وفي الاقامة – أيضا، وهو قول الاوزاعي.
انتهى.
وقال إسحاق كقول الاوزاعي.
ومذهب مالك: ان شاء جعل اصبعيه في اذانه واقامته، وان شاء ترك - ذكره في ( ( التهذيب) ) .
وظاهر هذا: يقتضي انه ليس بسنة.
وقد سهل أحمد في تركه، وفي جعل الاصبعين في احدى الاذنين.
وسئل الشعبي: هل يضع أصبعيه على أذنيه إذا أذن؟ قال: يعم عليهما، واحدهما يجزئك.
خرجه ابو نعيم في ( ( كتاب الصلاة) ) .
واختلفت الرواية عن أحمد في صفة ذلك: فروي عنه، أنه يجعل أصبعيه في أذنيه، كقول الجمهور.
وروي عنه، أنه يضم أصابعه، ويجعلها على اذنيه في الأذان والإقامة.
واختلف أصحابنا في تفسير ذلك: فمنهم من قال: يضم أصابعه، ويقبضهما على راحتيه، ويجعلهما على أذنيه، وهو قول الخرقي وغيره.
ومنهم من قال: يضم الأصابع، ويبسطها، ويجعلها على اذنه.
قال القاضي: هو ظاهر كلام أحمد.
قال أبو طالب: قلت لأحمد: يدخل إصبعيه في الأذن؟ قال: ليس هذا في الحديث.
وهذا يدل على ان رواية عبد الرزاق، عن سفيان التي خرجها في ( ( مسنده) ) والترمذي في ( ( جامهه) ) غير محفوظة، مع ان أحمد استدل بحديث أبي جحيفة في هذا في رواية محمد بن الحكم.
وقال في رواية أبي طالب - أيضا -: أحب إليّ أن يجعل أصابع يديه على أذنيه،على حديث أبي محذورة، وضم أصابعه الأربع، ووضعهما على أذنيه.
قال القاضي أبو يعلى: لم يقع لفظ حديث أبي محذورة.
قال: وروى أبو حفص العكبري بإسناده، عن [أبي] المثنى، قال: كان ابن عمر إذا بعث مؤذناً يقول له: اضمم أصابعك مع كفيك، واجعلها مضمومة على أذنيك.
واستحب الشافعية إدخال الإصبعين في الأذنين في الأذان، دون الإقامة.
المسألة الثالثة: الأذان على غير وضوء.
حكى البخاري عن عطاء، أنه قال: الوضوء حق وسنة - يعني في الأذان -، وعن النخعي، انه قال: لا بأس أن يؤذن على غير وضوء.
ورجح قوله بقول عائشة: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذكر الله على كل أحيانه.
وقد خرجه مسلم من حديث البهي، [عن عروة] ، عن عائشة.
وممن قال بالكراهة: مجاهد والأوزاعي والشافعي وإسحاق.
وممن ذهب إلى الرخصة: الحسن والنخعي وقتادة وحماد ومالك وسفيان وابن المبارك.
ورخص أحمد في الأذان على غير وضوء، دون الإقامة.
وكذا قال الحسن وقتادة ومالك.
وقال الأوزاعي: إن أحدث في أذانه أتمه، وإن أحدث في إقامته - وكان وحده - قطعها.
واستحب الشافعي لمن أحدث في أذانه أن يتطهر، ويبنى على ما مضى منه.
قال إسحاق: لم يختلفوا في الإقامة أنها أشد.
وقال الزهري: قال أبو هريرة: لا ينادي بالصلاة إلا متوضئ.
ورواه معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن أبي هريرة - مرفوعاً.
خرجه الترمذي من الطريقين، وذكر أن الموقوف أصح.
قال: والزهري لم يسمع من أبي هريرة.
وروى عمير بن عمران الحنفي: ثنا الحارث بن عيينة، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، قال: حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن إلا وهو طاهر.
خرجه الدارقطني في ( ( الأفراد) ) ، وزاد: ولا يؤذن إلا وهو قائم.
وقال: عبد الجبار، عن أبيه مرسل.
قلت: والحارث وعمير، غير مشهورين.
وما ذكره البخاري عن عطاء، هو من رواية ابن جريج، عنه، قال: حق وسنه إلا يؤذن المؤذن إلا متوضئاً.
قال: [هو] من الصلاة، هي فاتحة الصلاة، فلا يؤذن إلا متوضئاً.
وهذا مبني على قوله: إن من نسي الإقامة أعاد الصلاة، وقد سبق ذلك عنه.
وسبق الكلام في ذكر الله تعالى للمحدث، وان منهم من فرق بين الذكر الواجب كالأذان والخطبة، وبين ما ليس بواجب.
وأماأذان الجنب، فأشد كراهة من أذان المحدث.
واختلفوا: هل يعتد به، ام لا؟ فقال الأكثرون: يعتد به، منهم: سفيان وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي وابن المبارك والشافعي وأحمد.
وقال: إسحاق والخرقي من أصحابنا: لا يعتد به، ويعيده.
20 - باب قول الرجل: ( ( فاتتنا الصلاة) ) وكره ابن سيرين أن يقول: فاتتنا الصلاة، وليقل: لم ندرك.
وقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اصح.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قَوْله بَاب هَل يتتبع الْمُؤَذّن فَاه هَا هُنَا وَهَا هُنَا)
هُوَ بِيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ ثُمَّ بِتَاءَيْنِ مَفْتُوحَاتٍ ثُمَّ بِمُوَحَّدَةٍ مُشَدَّدَةٍ مِنَ التَّتَبُّعِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ يُتْبِعُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنَ الْإِتْبَاعِ وَالْمُؤَذِّنُ بِالرَّفْعِ لِأَنَّهُ فَاعِلُ التَّتَبُّعِ وفاه مَنْصُوب على المفعولية وَهَهُنَا وَهَهُنَا ظَرْفَا مَكَانٍ وَالْمُرَادُ بِهِمَا جِهَتَا الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ لَفْظُ الْمُؤَذِّنِ بِالنَّصْبِ وَفَاعِلُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ الشَّخْصُ وَنَحْوُهُ وَفَاهُ بِالنَّصْبِ بَدَلٌ مِنَ الْمُؤَذِّنِ قَالَ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ اه وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ لِمَا عُرِفَ مِنْ طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَقِفُ مَعَ اللَّفْظِ الَّذِي يُورِدُهُ غَالِبًا بَلْ يُتَرْجِمُ لَهُ بِبَعْضِ أَلْفَاظِهِ الوارده فِيهِ وَكَذَا وَقع هَا هُنَا فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ فَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ بِفِيهِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَفِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ يَتَتَبَّعُ بِفِيهِ وَوَصَفَ سُفْيَانُ يَمِيلُ بِرَأْسِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يَتَتَبَّعُ بِفِيهِ النَّاحِيَتَيْنِ وَكَانَ أَبُو جُحَيْفَةَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَتَبِّعٌ بِاعْتِبَارٍ .

     قَوْلُهُ  وَهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الْأَذَانِ يُشِيرُ إِلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَجَعَلَ يَنْحَرِفُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ بِلَفْظِ وَالْتَفَتَ .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ جَعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَغَيْرِهِ عَنْ سُفْيَان كَمَا سنوضحه بعد قَوْله وَكَانَ بن عمر الخ أخرجه عبد الرَّزَّاق وبن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ طَرِيقِ نُسَيْرٍ وَهُوَ بِالنُّونِ والمهملة مصغر بن ذُعْلُوقٍ بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضم اللَّام عَن بن عُمَرَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي النَّخَعِيَّ إِلَخْ وَصله سعيد بن مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْهُ بِذَلِكَ وَزَادَ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُقِيمُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عَطَاءٌ إِلَخْ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاق عَن بن جَرِيرٍ قَالَ قَالَ لِي عَطَاءٌ حَقٌّ وَسُنَّةٌ مسنونة أَن لَا يُؤذن الْمُؤَذّن إِلَّا متوضأ هُوَ مِنَ الصَّلَاةِ هُوَ فَاتِحَةُ الصَّلَاةِ وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُؤَذِّنَ الرَّجُلُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ .

     قَوْلُهُ  .

     .

     وَقَالَتْ  
عَائِشَةُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ مِنْ كِتَابِ الْحَيْضِ وَأَنَّ مُسْلِمًا وَصَلَهُ وَفِي إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ لَهُ هُنَا إِشَارَةٌ إِلَى اخْتِيَارِ قَوْلِ النَّخَعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَذْكَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الطَّهَارَةِ وَلَا مِنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ كَمَا لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْخُشُوعُ الَّذِي يُنَافِيهِ الِالْتِفَاتُ وَجَعْلُ الْإِصْبَعِ فِي الْأُذُنِ وَبِهَذَا تُعْرَفُ مُنَاسَبَةُ ذِكْرِهِ لِهَذِهِ الْآثَارِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَلِاخْتِلَافِ نَظَرِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا أَوْرَدَهَا بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ

[ قــ :616 ... غــ :634] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْريّ قَوْله هَا هُنَا وَهَا هُنَا بِالْأَذَانِ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَرِوَايَةُ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَتَمُّ حَيْثُ قَالَ فَجَعَلْتُ أتتبع فَاه هَا هُنَا وَهَهُنَا يَمِينًا وَشِمَالًا يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَهَذَا فِيهِ تَقْيِيدٌ لِلِالْتِفَاتِ فِي الْأَذَانِ وَأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بن خُزَيْمَةَ انْحِرَافُ الْمُؤَذِّنِ عِنْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ بِفَمِهِ لَا بِبَدَنِهِ كُلِّهِ قَالَ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ الِانْحِرَافُ بِالْفَمِ بِانْحِرَافِ الْوَجْهِ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَيْضًا بِلَفْظٍ فَجَعَلَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ هَكَذَا وَيُحْرِفُ رَأْسَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَتَانِ إِحْدَاهُمَا الِاسْتِدَارَةُ وَالْأُخْرَى وَضْعُ الْإِصْبَعِ فِي الْأُذُنِ وَلَفْظُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ وَيَدُورُ وَيُتْبِعُ فَاه هَا هُنَا وَهَهُنَا وَإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ فَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَيَدُورُ فَهُوَ مُدْرَجٌ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَوْنٍ بَيَّنَ ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ بِلَالًا أذن فأتبع فَاه هَا هُنَا وَهَهُنَا وَالْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا قَالَ سُفْيَانُ كَانَ حجاج يَعْنِي بن أَرْطَأَةَ يَذْكُرُ لَنَا عَنْ عَوْنٍ أَنَّهُ قَالَ فَاسْتَدَارَ فِي أَذَانِهِ فَلَمَّا لَقِينَا عَوْنًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الِاسْتِدَارَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيِّ عَنْ سُفْيَانَ لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ حَجَّاجًا وَهُوَ مَشْهُور عَن حجاج أخرجه بن ماجة وَسَعِيد بن مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ بَلْ وَافَقَهُ إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ وَمُحَمَّدٌ الْعَرْزَمِيُّ عَنْ عَوْنٍ لَكِنَّ الثَّلَاثَةَ ضُعَفَاءُ وَقَدْ خَالَفَهُمْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُمْ أَوْ أَمْثَلُ وَهُوَ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ فَرَوَاهُ عَنْ عَوْنٍ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ وَلَمْ يَسْتَدِرْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ الِاسْتِدَارَةَ عَنَى اسْتِدَارَةَ الرَّأْسِ وَمَنْ نَفَاهَا عَنَى اسْتِدَارَةَ الْجَسَدِ كُلِّهِ وَمَشى بن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَاسْتَدَلَّ بِهِ على جَوَاز الاستدارة بِالْبدنِ كُله قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِدَارَةِ الْمُؤَذِّنِينَ لِلْإِسْمَاعِ عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَسْتَدِيرُ بِبَدَنِهِ كُلِّهِ أَوْ بِوَجْهِهِ فَقَطْ وَقَدَمَاهُ قَارَّتَانِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ يَسْتَدِيرُ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مَرَّةً وَفِي الثَّانِيَتَيْنِ مَرَّةً أَوْ يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ عَنْ شِمَالِهِ وَكَذَا فِي الْأُخْرَى قَالَ وَرَجَّحَ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَكُونُ لِكُلِّ جِهَةٍ نَصِيبٌ مِنْهُمَا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ وَفِي الْمُغْنِي عَنْ أَحْمَدَ لَا يَدُورُ إِلَّا إِنْ كَانَ عَلَى مَنَارَةٍ يَقْصِدُ إِسْمَاعَ أَهْلِ الْجِهَتَيْنِ.

.
وَأَمَّا وَضْعُ الْإِصْبَعَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ فَقَدْ رَوَاهُ مُؤَمَّلٌ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَلَهُ شَوَاهِدُ ذَكَرْتُهَا فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ مِنْ أَصَحِّهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَّامٍ الدِّمَشْقِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ الْهَوْزَنِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ.

.

قُلْتُ لِبِلَالٍ كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ بِلَالٌ فَجَعَلْتُ إِصْبَعِي فِي أُذُنِي فَأَذَّنْتُ وَلِابْنِ مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ الْقَرَظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَجْعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَرْفَعَ لِصَوْتِهِ وَفِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ بِلَال ثَانِيهِمَا أَنَّهُ عَلَامَةٌ لِلْمُؤَذِّنِ لِيَعْرِفَ مَنْ رَآهُ عَلَى بُعْدٍ أَوْ كَانَ بِهِ صَمَمٌ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجْعَلُ يَدَهُ فَوْقَ أُذُنِهِ حَسْبُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ اسْتَحَبَّ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنْ يُدْخِلَ الْمُؤَذِّنُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ فِي الْأَذَانِ قَالَ وَاسْتَحَبَّهُ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا تَنْبِيهٌ لَمْ يَرِدْ تَعْيِينُ الْإِصْبَعِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ وَضْعُهَا وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ أَنَّهَا الْمُسَبِّحَةُ وَإِطْلَاقُ الْإِصْبَعِ مَجَازٌ عَنِ الْأُنْمُلَةِ تَنْبِيهٌ آخَرُ وَقَعَ فِي الْمُغْنِي لِلْمُوَفَّقِ نِسْبَةُ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ بِلَفْظٍ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ إِلَى تَخْرِيجِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَهُوَ وَهَمٌ وَسَاقَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فَمَا أَجَادَ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُمَا مُتَوَافِقَتَانِ وَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنَ الْإِدْرَاجِ وَسَلَامَةَ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ ذَلِك وَالله الْمُسْتَعَان

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا؟ وهل يلتفت في الأذان؟
ويذكر عن بلال، أنه جعل إصبعيه في أذنيه.

وكان ابن عمر لا يجعل إصبعيه في أذنيه.

وقال إبراهيم: لا بأس أن يؤذن على غير وضوء.

وقال عطاء: الوضوء حق وسنة.

وقالت عائشة: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذكر الله على كل أحيانه.

[ قــ :616 ... غــ :634 ]
- ثنا محمد بن يوسف: ثنا سفيان، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، أنه رأى بلالاً يؤذن، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا بالأذان.

هكذا خرجه البخاري هاهنا عن الفريأبي، عن سفيان الثوري - مختصراً.

ورواه وكيع عن سفيان بأتم من هذا السياق.

خرجه مسلم من طريقه، ولفظ حديثه: قال: أتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، قال: فخرج بلال بوضوئه، فمن نائل وناضح.
قال: فخرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حلة حمراء، كأني انظر إلى بياض ساقيه.
قال: فتوضأ، وأذن بلال، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا - يقول: يميناً وشمالاً -، يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح.
قال: ثم ركزت له عنزة، فتقدم فصلى الظهر ركعتين، يمر بين يديه الحمار والكلب، لا يمنع، ثم صلى العصر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة.

ورواه عبد الرزاق، عن سفيان، ولفظ حديثه: عن أبي جحيفة، قال: رأيت بلالاً يؤذن ويدور ويتتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبعاه في اذنيه، ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قبة له حمراء - وذكر بقية الحديث.

خرجه الإمام أحمد عن عبد الرزاق.

وخرجه من طريقه الترمذي، وقال: حسن صحيح.

وخرجه البيهقي، وصححه - أيضا.

وهذا هو الذي علقه البخاري هاهنا بقوله: ( ( ويذكر عن بلال، أنه جعل إصبعيه في أذنيه) ) .

وقال البيهقي: لفظة الاستدارة في حديث سفيان مدرجة، وسفيان إنما روى هذه اللفظة، في ( ( الجامع) ) – رواية العدني، عنه - عن رجل لم يسمه، عن عون.

قال: وروي عن حماد بن سلمة، عن عون بن أبي جحيفة - مرسلاً، لم يقل: ( ( عن أبيه) ) .
والله أعلم.

قلت: وكذا روى وكيع في ( ( كتابه) ) ، عن سفيان، عن عون، عن أبيه، قال: أتينا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقام بلال فأذن، فجعل يقول في أذانه، يحرف رأسه يميناً وشمالاً.

وروى وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن أبي جحيفة، أن بلالاً كان يجعل إصبعيه في أذنية.

فرواية وكيع، عن سفيان تعلل بها رواية عبد الرزاق عنه.

ولهذا لم يخرجها البخاري مسندة، ولم يخرجها مسلم - أيضا -، وعلقها البخاري بصيغة التمريض، وهذا من دقة نظره ومبالغته في البحث عن العلل والتنقيب عنها - رضي الله عنه.

وقد خرج الحاكم من حديث إبراهيم بن بشار الرمادي، عن ابن عيينة، عن الثوري ومالك بن مغول، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نزل بالأبطح - فذكر الحديث بنحو رواية عبد الرزاق، وذكر فيه الاستداره، وإدخال الإصبعين في الأذنين.

وقال: هو صحيح على شرطهما جميعاً.

وليس كما قال؛ وإبراهيم بن بشار لا يقبل ما تفرد به عن ابن عيينة، وقد ذمه الإمام أحمد ذماً شديداً، وضعفه النسائي وغيره.

وخرج أبو داود من رواية قيس بن ربيع، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح فإذن، فلما بلغ ( ( حي على الصلاة، حي على الفلاح) ) لوى عنقه يميناً وشمالاً، ولم يستدر.

وخرج ابن ماجه من رواية حجاج بن ارطاة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: أتيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالأبطح، وهو في قبة حمراء، فخرج بلال فأذن، فاستدار في أذانه، فجعل إصبعيه في أذنيه.

وحجاج مدلس.

قال ابن خزيمة: لا ندري هل سمعه من عون، أم لا؟
وقال البيهقي: يحتمل ان يكون أراد الحجاج باستدارته التفاته يمينا وشمالاً، فيكون موافقاً لسائر الرواة.
قال: وحجاج ليس بحجة.

وخرجه من طريق آخر عن حجاج، ولفظ حديثه: رأيت بلالاً يؤذن، وقد جعل إصبعيه في أذنيه، وهو يلتوي في أذانه يميناً وشمالاً.

وقد رويت هذه الاستدارة من وجه آخر: من رواية محمد بن خليد الحنفي - وهو ضعيف جداً -، عن عبد الواحد بن زياد، عنه، عن مسعر، عن علي بن الأقمر، عن عون، عن أبيه.

ولا يصح - أيضا.

وخرج ابن ماجه من حديث اولاد سعد القرظ، عن آبائهم، عن سعد، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بلالاً ان يجعل إصبعيه في أذنيه، وقال: ( ( أنه أرفع لصوتك) ) .
وهو إسناد ضعيف؛ ضعفه ابن معين وغيره.

وروي من وجوه أخر مرسلة.

وقد ذكر البخاري في هذا الباب ثلاث مسائل:
الأولى:
الالتفات في الأذان يميناً وشمالاً.

والسنة عند جمهور العلماء أن يؤذن مستقبل القبلة، ويدير وجهه في قول: ( ( حي على الصلاة، حي على الفلاح) ) يميناً وشمالاً.

وأنكر ابن سيرين الالتفات، حكاه ابن المنذر وابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن سيرين، أنه إذا اذن المؤذن استقبل القبلة، وكان يكره أن يستدير في المنارة.

وروى وكيع، عن الربيع، عن ابن سيرين، قال: المؤذن لا يزيل قدميه.

وكأن الروايتين لا تصرحان بكراهة لوي العنق.

وكذلك مالك.

وفي ( ( تهذيب المدونة) ) : ولا يدور في أذانه، ولا يلتفت، وليس هذا من الأذان، إلا أن يريد بالتفاته أن يسمع الناس فيؤذن كيف تيسر عليه.
قال: ورأيت المؤذنين بالمدينة يتوجهون القبلة في أذانهم ويقيمون عرضاً، وذلك واسع يصنع كيف شاء.
انتهى.

وفي حديث عبد الله بن زيد الذي رأى الأذان في منامه انه رأى الذي علمه النداء في نومه قام فاستقبل القبلة فأذن.

خرجه أبو داود من حديث معاذ.

والذين رأوا الالتفات.
قال أكثرهم: يلتفت بوجهه، ولا يلوي عنقه، ولا يزيل قدميه، وهو قول الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد في المشهور عنه، وأبي ثور، وحكاه ابن المنذر عن أبي حنيفة وأصحابه.

وحكي - أيضا - عن الحسن والنخعي والليث بن سعد.

وروى الحسن بن عمارة، عن طلحة بن مصرف، عن سويد بن غفلة، عن بلال، قال: أمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أذنا او أقمنا أن لا نزيل أقدامنا عن مواضعها.

خرجه الدارقطني في ( ( أفراده) ) .

والحسن بن عمارة، متروك.

وقالت طائفة: إن كان في منارة ونحوها دار في جوانبها؛ لأنه أبلغ في الاعلام والاسماع، وهو رواية عن أحمد وإسحاق، وظاهر فيه مالك إذا أراد الاعلام.

وروي عن الحسن أنه يدور.

وظاهر كلام أصحابنا اختصاص الالتفات بالاذان.

وللشافعية في الالتفات في الاقامة وجهان.

والفرق بينهما: أن الاذان إعلام للغائبين، فلذلك يلتفت ليحصل القصد بتبلغيهم، بخلاف الاقامة؛ فإنها اعلام للحاضرين، فلا حاجة إلى التلفت فيها، ولذلك لم يشرع في الموعظة في خطب الجمع وغيرها الالتفات؛ لانها خطاب لمن حضر، فلا معنى للالتفات فيها.

وقال النخعي: يستقبل المؤذن بالاذان والشهادة والاقامة القبلة.

خرجه ابن أبي شيبة.

وروى بإسناده عن حذيفة، انه مر على ابن النباح وهو يؤذن، يقول: الله اكبر [الله] أكبر، أشهد أن لا اله الا الله، يهوي بأذانه يمينا وشمالا، فقال حذيفة: من يرد الله ان يجعل رزقه في صوته فعل.

وهذا يدل على انه كره التلفت في غير الحيعلة، وجعله مناكلاً بأذانه.
المسألة الثانية:
جعل الاصبعين في الاذنين.

وقد حكى عن ابن عمر، انه كان لا يفعل ذلك.

وظاهر كلام البخاري: يدل على انه غير مستحب؛ لانه حكى تركه عن ابن عمر، وأماالحديث المرفوع فيه فعلقه بغير صيغة الجزم، فكأنه لم يثبت عنده.

وذكر في ( ( تاريخه الكبير) ) من رواية الربيع بن صبيح، عن ابن سيرين، قال: اول من جعل أصبعيه في أذنيه في الاذان عبد الرحمن بن الأصم مؤذن الحجاج.

وهذا الكلام من ابن سيرين يقتضي انه عنده بدعة.

وروي عن ابن سيرين بلفظ آخر.

قال وكيع في ( ( كتابه) ) : عن يزيد بن إبراهيم والربيع بين صبيح، عن ابن سيرين، قال: أول من جعل اصبعا واحدة في أذانه ابن الأصم مؤذن الحجاج.

وقال ابن أبي شيبة: ثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد، قال: كان الأذان أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، ثم يجعل اصبعيه، واول من ترك إحدى أصبعيه في أذنيه ابن الاصم.

قال: وثنا أبو أسامة، عن هشام، عن ابن سيرين، انه كان إذا اذن استقبل القبلة، فأرسل يديه، فإذا بلغ: ( ( حي على الصلاة، حي على الفلاح) ) أدخل إصبعيه في أذانه.

وهذا يقتضي انه إنما يجعلهما في أذنيه في أثناء الاذان.

وروى وكيع، عن سفيان، عن نسير بن ذعلوق، قال: رأيت ابن عمر يؤذن على بعير.

قال سفيان: قلت له: رأيته جعل إصبعيه في أذنيه؟ قال: لا.

وهذا هو المروي عن ابن عمر، الذي ذكره البخاري تعليقا.

وأكثر العلماء على ان ذلك مستحب.

قال الترمذي في ( ( جامعه) ) : العمل عند اهل العلم على ذلك، يستحب ان يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الاذان.
وقال بعض اهل العلم: وفي الاقامة – أيضا، وهو قول الاوزاعي.
انتهى.

وقال إسحاق كقول الاوزاعي.

ومذهب مالك: ان شاء جعل اصبعيه في اذانه واقامته، وان شاء ترك - ذكره في ( ( التهذيب) ) .

وظاهر هذا: يقتضي انه ليس بسنة.
وقد سهل أحمد في تركه، وفي جعل الاصبعين في احدى الاذنين.

وسئل الشعبي: هل يضع أصبعيه على أذنيه إذا أذن؟ قال: يعم عليهما، واحدهما يجزئك.

خرجه ابو نعيم في ( ( كتاب الصلاة) ) .

واختلفت الرواية عن أحمد في صفة ذلك:
فروي عنه، أنه يجعل أصبعيه في أذنيه، كقول الجمهور.

وروي عنه، أنه يضم أصابعه، ويجعلها على اذنيه في الأذان والإقامة.

واختلف أصحابنا في تفسير ذلك:
فمنهم من قال: يضم أصابعه، ويقبضهما على راحتيه، ويجعلهما على أذنيه، وهو قول الخرقي وغيره.

ومنهم من قال: يضم الأصابع، ويبسطها، ويجعلها على اذنه.

قال القاضي: هو ظاهر كلام أحمد.

قال أبو طالب: قلت لأحمد: يدخل إصبعيه في الأذن؟ قال: ليس هذا في الحديث.

وهذا يدل على ان رواية عبد الرزاق، عن سفيان التي خرجها في ( ( مسنده) ) والترمذي في ( ( جامهه) ) غير محفوظة، مع ان أحمد استدل بحديث أبي جحيفة في هذا في رواية محمد بن الحكم.
وقال في رواية أبي طالب - أيضا -: أحب إليّ أن يجعل أصابع يديه على أذنيه، على حديث أبي محذورة، وضم أصابعه الأربع، ووضعهما على أذنيه.

قال القاضي أبو يعلى: لم يقع لفظ حديث أبي محذورة.

قال: وروى أبو حفص العكبري بإسناده، عن [أبي] المثنى، قال: كان ابن عمر إذا بعث مؤذناً يقول له: اضمم أصابعك مع كفيك، واجعلها مضمومة على أذنيك.

واستحب الشافعية إدخال الإصبعين في الأذنين في الأذان، دون الإقامة.

المسألة الثالثة:
الأذان على غير وضوء.

حكى البخاري عن عطاء، أنه قال: الوضوء حق وسنة - يعني في الأذان -، وعن النخعي، انه قال: لا بأس أن يؤذن على غير وضوء.

ورجح قوله بقول عائشة: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذكر الله على كل أحيانه.

وقد خرجه مسلم من حديث البهي، [عن عروة] ، عن عائشة.
وممن قال بالكراهة: مجاهد والأوزاعي والشافعي وإسحاق.

وممن ذهب إلى الرخصة: الحسن والنخعي وقتادة وحماد ومالك وسفيان وابن المبارك.

ورخص أحمد في الأذان على غير وضوء، دون الإقامة.

وكذا قال الحسن وقتادة ومالك.

وقال الأوزاعي: إن أحدث في أذانه أتمه، وإن أحدث في إقامته - وكان وحده - قطعها.

واستحب الشافعي لمن أحدث في أذانه أن يتطهر، ويبنى على ما مضى منه.

قال إسحاق: لم يختلفوا في الإقامة أنها أشد.

وقال الزهري: قال أبو هريرة: لا ينادي بالصلاة إلا متوضئ.

ورواه معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن أبي هريرة - مرفوعاً.

خرجه الترمذي من الطريقين، وذكر أن الموقوف أصح.

قال: والزهري لم يسمع من أبي هريرة.

وروى عمير بن عمران الحنفي: ثنا الحارث بن عيينة، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، قال: حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن إلا وهو طاهر.
خرجه الدارقطني في ( ( الأفراد) ) ، وزاد: ولا يؤذن إلا وهو قائم.

وقال: عبد الجبار، عن أبيه مرسل.

قلت: والحارث وعمير، غير مشهورين.

وما ذكره البخاري عن عطاء، هو من رواية ابن جريج، عنه، قال: حق وسنه إلا يؤذن المؤذن إلا متوضئاً.
قال: [هو] من الصلاة، هي فاتحة الصلاة، فلا يؤذن إلا متوضئاً.

وهذا مبني على قوله: إن من نسي الإقامة أعاد الصلاة، وقد سبق ذلك عنه.

وسبق الكلام في ذكر الله تعالى للمحدث، وان منهم من فرق بين الذكر الواجب كالأذان والخطبة، وبين ما ليس بواجب.

وأماأذان الجنب، فأشد كراهة من أذان المحدث.

واختلفوا: هل يعتد به، ام لا؟
فقال الأكثرون: يعتد به، منهم: سفيان وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي وابن المبارك والشافعي وأحمد.

وقال: إسحاق والخرقي من أصحابنا: لا يعتد به، ويعيده.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب هَلْ يَتَتَبَّعُ الْمُؤَذِّنُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا، وَهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ؟
وَيُذْكَرُ عَنْ بِلاَلٍ أَنَّهُ جَعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَجْعَلُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ..
     وَقَالَ  عَطَاءٌ: الْوُضُوءُ حَقٌّ وَسُنَّةٌ.

.

     .

     وَقَالَتْ  
عَائِشَةُ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ.

هذا ( باب) بالتنوين ( هل يتتبع المؤذن فاه) بالمثناة التحتية والمثناتين الفوقيتين، والموحدة المشددة المفتوحات، من التتبّع وللأصيلي يتبع بضم أوله وإسكان المثناة الفوقية وكسر الموحدة من الإتباع.

والمؤذن فاعل، وفاه مفعوله ( هاهنا وهاهنا) أي جهتي اليمين والشمال.
وعند أبي عوانة في صحيحه من رواية عبد الرحمن بن مهدي، فجعل يتتبع بفيه يمينًا وشمالاً وأعرب البرماوي كالكرماني المؤذن بالنصب وفاه بدلاً منه، والفاعل الشخص مقدّرًا قال: ليطابق قوله في الحديث: أتتبع فاه انتهى.

وتعقب بأن فيه من التكلف ما لا يخفى، وليست المطابقة بلازمة، وجعل غير اللازم لازمًا لا يخفى ما فيه ( وهل يلتفت) المؤذن برأسه ( في الأذان) يمينًا وشمالاً، أي في حيعلتيه.

( ويذكر) بضم الياء وفتح الكاف بصيغة التمريض، فيما رواه عبد الرزاق وغيره عن سفيان ( عن بلال) المؤذن ( أنه جعل) أنملتي ( إصبعيه) مسبحتيه ( في) صماخي ( أذنيه) ليعينه ذلك على زيادة رفع صوته، أو ليكون علامة للمؤذن ليعرف مَن يراه على بعد، أو كان به صمم أنه يؤذن.

ورواه أبو داود، ولفظ ابن ماجة من حديث سعد القرظ، أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أمر بلالاً أن يجعل إصبعيه في أُذنيه.
لكن في إسناده ضعف، وهو عند أبي عوانة عن مؤمل عن سفيان وله شواهد.


( وكان ابن عمر) بن الخطاب مما رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق نسير بالنون والمهملة مصغرًا ابن ذعلوق، بالذال المعجمة المضمومة وسكون العين المهملة وضم اللام، عنه ( لا يجعل إصبعيه في أُذنيه) المراد بالإصبع كالسابقة الأنملة، فهو من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء، وعبر في الأول بقوله: ويذكر بالتمريض، وفي الثاني بالجزم، ليفيد أن ميله إلى عدم جعل إصبعيه في أُذنيه، فللَّه درّه من إمام أدق نظره.

( قال إبراهيم) النخعي مما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن جرير عن منصور عنه: ( لا بأس أن يؤذن) المؤذن وهو ( على غير وضوء) نعم يكره للمحدث حدثًا أصغر لحديث الترمذي مرفوعًا لا يؤذن إلاّ متوضئ وفي إسناده ضعف.

وقال الشافعي في الأم: ويكره الأذان بغير وضوء ويجزئ إن فعل انتهى.

وللجنب أشدّ كراهة لغلظ الجنابة، والإقامة أغلظ من الأذان في الحديث والجنابة لقربها من الصلاة.

( وقال عطاء) هو ابن أبي رباح مما وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه ( الوضوء) وللأذان ( حق) ثابت في الشرع ( وسُنّة) مسنونة هو من الصلاة هو فاتحة الصلاة.

( وقالت عائشة) أم المؤمنين رضي الله عنها مما وصله مسلم ويؤيد قول النخعي: ( كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يذكر الله على كل أحيانه) سواء كان على وضوء أو لم يكن لأن الأذان ذكر فلا يشترط له الوضوء ولا استقبال القبلة كما لا يشترط لسائر الأذكار.
وحينئذٍ، فلا يلحق الأذان بالصلاة لمخالفتها حكمه فيهما، ومن ثم عرفت مناسبة ذكره لهذه الآثار عقب هذه الترجمة، وأدنى المناسبة كافٍ ولاختلاف العلماء فيها ذكرها بلفظ الاستفهام ولم يجزم.


[ قــ :616 ... غــ : 634 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى بِلاَلاً يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا بِالأَذَانِ.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي ( قال: حدّثنا سفيان) الثوري ( عن عون بن أبي جحيفة) بضم الجيم ( عن أبيه) أبي جحيفة وهب بن عبد الله ( أنه رأى بلالاً) المؤذن ( يؤذن) ، قال أبو جحيفة: ( فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا بالأذان) أي فيه.

ولمسلم: فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يمينًا وشمالاً، يقول: حي على الصلاة حيّ على الفلاح، ففيه تقييد الالتفات في الأذان، وأن محله عند الحيعلتين، أي من غير تحويل صدره عن القبلة، وقدميه عن مكانهما، وأن يكون الالتفات يمنًا في الأولى وشمالاً في الثانية، وفائدته تعميم الناس بالإسماع.

قال في المدوّنة وأنكر مالك دورانه لغير الإسماع.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ هَل يُتْبِعُ المُؤَذِّنُ فاهُ هَهنا وهَهُنا وهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ: هَل يتبع الْمُؤَذّن ... إِلَى آخِره.
قَوْله: (يتبع) ، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَإِسْكَان التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: من الإتباع، وَهُوَ رِوَايَة الإصيلي، و: الْمُؤَذّن، مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل: يتبع، و: فَاه، مَنْصُوب على أَنه مفعول.
وَفِي رِوَايَة غَيره: يتتبع، بِفَتْح الْيَاء وبالتائين المثناتين من فَوق وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمَفْتُوحَة، من: التتبع من بابُُ: التفعل.
وَقد تكلّف الْكرْمَانِي.

     وَقَالَ : لفظ: الْمُؤَذّن، بِالنّصب مُوَافق لقَوْله: (فَجعلت أتتبع فَاه) .
فَإِن قلت: مَا فَاعله؟ قلت: الشَّخْص.
فَإِن قلت: فَمَا وَجه نصب فَاه؟ قلت: بدل عَن الْمُؤَذّن.
انْتهى.
قلت: الْمُوَافقَة الَّتِي ذكرهَا لَيست بلازمة، فَجعل غير اللَّازِم لَازِما تعسف.
قَوْله: (هَهُنَا وَهَهُنَا) يَعْنِي يَمِينا وَشمَالًا، وهما ظرفا مَكَان.
وَفِي (صَحِيح مُسلم) من حَدِيث أبي جُحَيْفَة: (فَجعلت أتتبع فَاه هَهُنَا وَهَهُنَا، يَقُول يَمِينا وَشمَالًا: حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح) .
وَعند أبي دَاوُد: (فَلَمَّا بلغ: حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح، لوى عُنُقه يَمِينا وَشمَالًا وَلم يستدر) .
وَعند النَّسَائِيّ: (فَجعل يَقُول فِي أَذَانه هَكَذَا، ينحرف يَمِينا وَشمَالًا) .
وَعند الطَّبَرَانِيّ: (فَجعل يَقُول بِرَأْسِهِ هَكَذَا وَهَكَذَا يَمِينا وَشمَالًا حَتَّى فرغ من أَذَانه) .
وَعند التِّرْمِذِيّ مصححا، من حَدِيث عبد الرَّزَّاق: حَدثنَا سُفْيَان عَن عون عَن أَبِيه.
قَالَ: (رَأَيْت بِلَالًا يُؤذن ويدور ويتتبع فَاه يَمِينا وَشمَالًا، هَهُنَا وَهَهُنَا) .
وَفِي رِوَايَة أبي عوَانَة فِي (صَحِيحه) : فَجعل يتبع بِفِيهِ يَمِينا وَشمَالًا) .
وَفِي رِوَايَة وَكِيع عَن سُفْيَان عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ: (رَأَيْت بِلَالًا يُؤذن يتتبع بِفِيهِ) .
وَوصف سُفْيَان يمِيل بِرَأْسِهِ يَمِينا وَشمَالًا، وَالْحَاصِل أَن بِلَالًا كَانَ يتتبع بِفِيهِ الناحيتين، وَكَانَ أَبُو جُحَيْفَة ينظر إِلَيْهِ، فَكل مِنْهُمَا متتبع بِاعْتِبَار.
قَوْله: (وَهل يلْتَفت) أَي: هَل يلْتَفت الْمُؤَذّن فِي الْأَذَان؟ نعم يلْتَفت، يدل عَلَيْهِ رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ الْمَذْكُورَة، وَرِوَايَة أبي دَاوُد أَيْضا تدل عَلَيْهِ، وَالْمرَاد من الِالْتِفَات أَن يلوي عُنُقه وَلَا يحول صَدره عَن الْقبْلَة، وَلَا يزِيل قَدَمَيْهِ عَن مكانهما، وَسَوَاء المنارة وَغَيرهَا، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو ثَوْر وَأحمد فِي رِوَايَة:.

     وَقَالَ  ابْن سِيرِين: يكره الِالْتِفَات، وَهُوَ قَول مَالك، إلاَّ أَن يُرِيد إسماع النَّاس..
     وَقَالَ  صَاحب (التَّوْضِيح) من الشَّافِعِيَّة: الِالْتِفَات فِي الحيعلتين سنة ليعم النَّاس بأسماعه، وَخص بذلك لِأَنَّهُ دُعَاء، وَفِي وَجه: يلْتَفت يَمِينا وَشمَالًا فيحيعل، ثمَّ يسْتَقْبل ثمَّ يلْتَفت فيحيعل، وَكَذَلِكَ الشمَال.
قَالَ: ويلتفت فِي الْإِقَامَة أَيْضا على الْأَصَح، ثمَّ ذكر أَبُو دَاوُد فِي روايه، وَلم يستدر، وَتَمَامه: قَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا قيس يَعْنِي ابْن الرّبيع وَحدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي حَدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان جَمِيعًا عَن عون بن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه، قَالَ: (أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة وَهُوَ فِي قبَّة حَمْرَاء من أَدَم، فَخرج بِلَال فَأذن، فَكنت اتتبع فَمه هَهُنَا وَهَهُنَا، قَالَ: ثمَّ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعَلِيهِ حلَّة حَمْرَاء برود يَمَانِية قطري) ،.

     وَقَالَ  مُوسَى: قَالَ: (رَأَيْت بِلَالًا خرج إِلَى الأبطح فَأذن، فَلَمَّا بلغ: حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح، لوى عُنُقه يَمِينا وَشمَالًا وَلم يستدر، ثمَّ دخل فَأخْرج العنزة) .
وسَاق حَدِيثه.
وَأخرج التِّرْمِذِيّ مصححا من حَدِيث عبد الرَّزَّاق: حَدثنَا سُفْيَان عَن عون عَن أَبِيه، قَالَ: (رَأَيْت بِلَالًا يُؤذن ويدور ويتتبع فَاه هَهُنَا وَهَهُنَا) .
وَفِي رِوَايَة ابْن مَاجَه، قَالَ: (أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْأَبْطح وَهُوَ فِي قبَّة حَمْرَاء، فَخرج بِلَال فَأذن فَاسْتَدَارَ فِي أَذَانه وَجعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ) .
وَاعْترض الْبَيْهَقِيّ، فَقَالَ: الاستدارة فِي الْأَذَان لَيست فِي الطّرق الصَّحِيحَة فِي حَدِيث أبي جُحَيْفَة، وَنحن نتوهم أَن سُفْيَان رَوَاهُ عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن عون، وَالْحجاج غير مُحْتَج بِهِ، وَعبد الرَّزَّاق وهم فِي إدراجه ثمَّ أسْند عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْوَلِيد عَن سُفْيَان بِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ الإستدارة.
وَقد روينَاهُ من حَدِيث قيس بن الرّبيع عَن عون، وَفِيه: (وَلم يستدر) ،.

     وَقَالَ  الشَّيْخ فِي الإِمَام: أما كَونه غير مخرج فِي الصَّحِيح فَلَيْسَ بِلَازِم، وَقد صَححهُ التِّرْمِذِيّ وَهُوَ من أَئِمَّة الشان.
وَأما عبد الرَّزَّاق وهم فِيهِ فقد تَابعه مُؤَمل، كَمَا أخرجه أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه) عَن مُؤَمل عَن سُفْيَان بِهِ نَحوه، وَتَابعه أَيْضا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي أخرجه أَبُو نعيم فِي (مستخرجه) على كتاب البُخَارِيّ، وَقد جَاءَت الاستدارة من غير جِهَة الْحجَّاج، أخرجه الطَّبَرَانِيّ عَن زِيَاد بن عبد الله عَن إِدْرِيس الْأَزْدِيّ عَن عون بن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه، قَالَ: (بَينا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحَضَرت الصَّلَاة، فَقَامَ بِلَال فَأذن وَجعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ، وَجعل يستدير يَمِينا وَشمَالًا) .
وَفِي (سنَن الدَّارَقُطْنِيّ) من حَدِيث كَامِل بن أبي الْعَلَاء: عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة: أَمر أَبُو مَحْذُورَة أَن يستدير فِي أَذَانه.

ويُذْكَرُ عَنْ بِلاَلٍ أنَّهُ جَعَلَ إصْبَعَيْه فِي أُذُنَيْهِ
ذكر هَذَا التَّعْلِيق بِصِيغَة التمريض، وَقد ذكرناالآن عَن ابْن مَاجَه حَدِيثه، وَفِيه جعل يَعْنِي بِلَال إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ.
وَكَذَا فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ الْمَذْكُورَة الْآن.
وَفِي كتاب أبي الشَّيْخ، من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سعد بن عمار: حَدثنِي أبي عَن أَبِيه عَن جده: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِلَالًا أَن يَجْعَل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ) .
وَمن حَدِيث ابْن كاسب: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد وَعُمَيْر وعمار ابْني حَفْص عَن آبَائِهِم عَن أجدادهم عَن بِلَال: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أَذِنت فَاجْعَلْ إصبعيك فِي أذنيك، فَإِنَّهُ أرفع لصوتك) .
وَذكر ابْن الْمُنْذر فِي كتاب (الْأَشْرَاف) : أَن أَبَا مَحْذُورَة (جعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ) زَاد فِي (شرح الْهِدَايَة) : ضم أَصَابِعه الْأَرْبَع ووضعها على أُذُنَيْهِ، وَفِي (المُصَنّف) لِابْنِ أبي شيبَة: عَن ابْن سِيرِين أَنه كَانَ إِذا أذن اسْتقْبل الْقبْلَة وَأرْسل يَدَيْهِ، فَإِذا بلغ: الصَّلَاة والفلاح، أَدخل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ، وَفِي الصَّلَاة لأبي نعيم عَن سهل بن سعد، قَالَ: (من السّنة أَن تدخل إصبعيك فِي أذنيك) .
وَكَانَ سُوَيْد بن غَفلَة يَفْعَله، وَكَذَا ابْن جُبَير، وَأمر بِهِ الشّعبِيّ وَشريك.
قَالَ ابْن الْمُنْذر: وَبِه قَالَ الْحسن، وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو حنيفَة وَمُحَمّد بن سِيرِين،.

     وَقَالَ  مَالك: ذَلِك وَاسع..
     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: عَلَيْهِ الْعَمَل عِنْد أهل الْعلم فِي الْأَذَان..
     وَقَالَ  بعض أهل الْعلم: وَفِي الْإِقَامَة أَيْضا، وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ..
     وَقَالَ  ابْن بطال: وَهُوَ مُبَاح عِنْد الْعلمَاء، وروى أَبُو يُوسُف عَن أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن جعل إِحْدَى يَدَيْهِ على أُذُنَيْهِ فَحسن، وَبِه قَالَ أَحْمد.
قَوْله: (جعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ) مجَاز عَن الْأُنْمُلَة من بابُُ إِطْلَاق الْكل وَإِرَادَة الْجُزْء، وَالْحكمَة فِيهِ أَنه يُعينهُ على رفع صَوته، وَلِهَذَا قَالَ فِي حَدِيث ابْن كاسب الْمَذْكُور: (فَإِنَّهُ أرفع لصوتك) .
وَيُقَال: إِنَّه رُبمَا لَا يسمع صَوته من بِهِ صمم، فيستدل بِوَضْع إصبعيه على أُذُنَيْهِ على ذَلِك، وَلم يبين فِي الحَدِيث مَا هِيَ الإصبع، وَنَصّ النَّوَوِيّ على أَنَّهَا: المسبحة، وَلَو كَانَ فِي إِحْدَى يَدَيْهِ عِلّة جعل الإصبع الْأُخْرَى فِي صماخه، وَصرح الرَّوْيَانِيّ: أَن ذَلِك لَا يسْتَحبّ فِي الْإِقَامَة لفقد الْمَعْنى الَّذِي علل بِهِ، وَعَن بَعضهم: أَنه يسْتَحبّ فِي الْإِقَامَة أَيْضا، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب.

وَكَانَ ابنُ عُمَرَ لاَ يَجْعَلُ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ
ذكر هَذَا التَّعْلِيق بِصِيغَة التَّصْحِيح، فَكَأَن ميله إِلَيْهِ.
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن وَكِيع: حَدثنَا سُفْيَان عَن نسير قَالَ: رَأَيْت ابْن عمر يُؤذن على بعير، قَالَ سُفْيَان: فَقلت لَهُ: رَأَيْته يَجْعَل أَصَابِعه فِي أُذُنَيْهِ؟ قَالَ: لَا.
ونسير، بِضَم النُّون وَفتح السِّين الْمُهْملَة: ابْن ذعلوق، بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَضم اللَّام وَفِي آخِره قَاف: أَبُو طعمة.

وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: لاَ بَأسَ أنْ يُؤَذِّن عَلَى غَيرِ وُضُوءٍ
إِبْرَاهِيم هُوَ: النَّخعِيّ، وروى هَذَا التَّعْلِيق ابْن ابي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن جرير عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ: لَا بَأْس أَن يُؤذن على غير وضوء، ثمَّ ينزل فيتوضأ.
وَحدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم: لَا بَأْس أَن يُؤذن على غير وضوء.
وَعَن قَتَادَة وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود وَحَمَّاد: لَا بَأْس أَن يُؤذن الرجل وَهُوَ على غير وضوء، وَعَن الْحسن: لَا بَأْس أَن يُؤذن غير طَاهِر، وَيُقِيم وَهُوَ طَاهِر..
     وَقَالَ  صَاحب (الْهِدَايَة) من أَصْحَابنَا: وَيَنْبَغِي أَن يُؤذن وَيُقِيم على طهر، لِأَن الْأَذَان وَالْإِقَامَة ذكر شرِيف، فَيُسْتَحَب فِيهِ الطَّهَارَة، فَإِن أذن على غير وضوء جَازَ، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَعَامة أهل الْعلم، وَعَن مَالك: أَن الطَّهَارَة شَرط فِي الْإِقَامَة دون الْأَذَان..
     وَقَالَ  عَطاء وَالْأَوْزَاعِيّ وَبَعض الشَّافِعِيَّة: تشْتَرط فيهمَا..
     وَقَالَ  أَصْحَابنَا: وَيكرهُ أَن يُقيم على غير وضوء لما فِيهِ من الْفَصْل بَين الْإِقَامَة وَالصَّلَاة، بالاشتغال بأعمال الْوضُوء.
وَعَن الْكَرْخِي: لَا تكره الْإِقَامَة بِلَا وضوء، وَتكره عندنَا أَن يُؤذن وَهُوَ جنب، وَذكر مُحَمَّد فِي (الْجَامِع الصَّغِير) : إِذا أذن الْجنب أحب إِلَيّ أَن يُعِيد الْأَذَان، وَإِن لم يعد أَجزَأَهُ..
     وَقَالَ  صَاحب (الْهِدَايَة) : الْأَشْبَه بِالْحَقِّ أَن يُعَاد أَذَان الْجنب، وَلَا تُعَاد الْإِقَامَة، لِأَن تكْرَار الْأَذَان مَشْرُوع فِي الْجُمْلَة.

وَقَالَ عَطَاءٌ الوُضُوءُ حقٌّ وَسُنَّةٌ
أَي: عَطاء بن أبي رَبَاح.
قَوْله: حق أَي ثَابت فِي الشَّرْع قَوْله (وَسنة) أَي: وَسنة للشَّرْع، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج، قَالَ: قَالَ لي عَطاء: حق وَسنة مسنونة أَن لَا يُؤذن الْمُؤَذّن إلاَّ متوضأ، هُوَ من الصَّلَاة، هُوَ فَاتِحَة الصَّلَاة، وروى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن مُحَمَّد بن عبد الله الْأَسدي، عَن معقل بن عبيد الله، عَن عَطاء أَنه كره أَن يُؤذن الرجل وَهُوَ على غير وضوء، وَقد جَاءَت هَذِه اللَّفْظَة مَرْفُوعَة، وَذكرهَا أَبُو الشَّيْخ عَن أبي عَاصِم: حَدثنَا هِشَام بن عمار حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم عَن مُعَاوِيَة عَن يحيى عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا يُؤذن إِلَّا متوضىء) ..
     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: كَذَا رَوَاهُ مُعَاوِيَة بن يحيى الصَّدَفِي وَهُوَ ضَعِيف، وَالصَّحِيح رِوَايَة يُونُس وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ مُرْسلا وَلما ذكر التِّرْمِذِيّ حَدِيث يُونُس قَالَ: هَذَا أصح، يَعْنِي من الحَدِيث الْمَرْفُوع الَّذِي عِنْده من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، وَعند أبي الشَّيْخ من حَدِيث عبد الْجَبَّار بن وَائِل عَن أَبِيه قَالَ: حق وَسنة مسنونة أَن لَا يُؤذن إلاَّ وَهُوَ طَاهِر..
     وَقَالَ هُ عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، وَرَوَاهُ عَن أَبِيه أَيْضا مَرْفُوعا، وَعند ابْن أبي شيبَة أَمر مُجَاهِد مؤذنه أَنه لَا يُؤذن حَتَّى يتَوَضَّأ.

وقَالَتْ عائِشَةُ كانَ النبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَذْكُرُ الله عَلَى كلِّ أحْيَانِهِ
هَذَا التَّعْلِيق وَصله مُسلم من حَدِيث عبد الله الْبَهِي عَنْهَا،.

     وَقَالَ  فِيهِ التِّرْمِذِيّ: حسن غَرِيب.
فَإِن قلت: ذكر البُخَارِيّ هُنَا عَن بِلَال وَابْن عمر وَإِبْرَاهِيم وَعَطَاء وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَمَا وَجه ذَلِك فِي هَذَا الْبابُُ وَلَيْسَ فِي التَّرْجَمَة، مَا يشْتَمل على شَيْء من ذَلِك؟ قلت: إِنَّه لما ترْجم هَذَا الْبابُُ بِمَا ترْجم بِهِ، وَذكر فِيهِ الِاسْتِفْهَام فِي موضِعين، وَلم يجْزم بِشَيْء فيهمَا لأجل الِاخْتِلَاف الَّذِي ذَكرْنَاهُ فيهمَا، أَشَارَ بِالْخِلَافِ الَّذِي بَين بِلَال وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، إِلَى أَن هَذَا الَّذِي شَاهد بِلَالًا حِين يتبعهُ فَاه، رَآهُ بِالضَّرُورَةِ أَنه جعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ، وَالَّذِي شَاهد ابْن عمر لم ير مِنْهُ ذَلِك، فَكَانَ لذكر ذَلِك فِي هَذَا الْبابُُ وَجه من هَذِه الْحَيْثِيَّة، ثمَّ أَشَارَ بِالْخِلَافِ الَّذِي بَين إِبْرَاهِيم وَعَطَاء: إِلَى أَن هَذَا الْمُؤَذّن الَّذِي يتبع فَاه أَو غَيره يتبع فَاه كَيفَ حَاله؟ أهوَ فِي الطَّهَارَة أم لَا؟ وَهُوَ أَيْضا وَجه مَا من هَذِه الْحَيْثِيَّة، فَوجدت الْمُنَاسبَة فِي ذكر هذَيْن الشَّيْئَيْنِ، وَأدنى الْمُنَاسبَة كافٍ، لِأَن الْمقَام إقناعي غير برهاني.
وَأما وَجه ذكر مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، هَهُنَا فَهُوَ لبَيَان عدم صِحَة إِلْحَاق الْأَذَان بِالصَّلَاةِ، فَإِن مِنْهُم من شَرط فِيهِ الطَّهَارَة، وَذكر أَن حكمه مُخَالف لحكم الصَّلَاة، لِأَنَّهُ من جملَة الْأَذْكَار، فَلَا تشْتَرط فِيهِ الطَّهَارَة كَمَا لَا تشْتَرط فِي سَائِر الْأَذْكَار، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِك بِحَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور، لِأَن قَوْلهَا: (على كل أحيانه) متناول لحين الْحَدث، وَأَشَارَ بِهَذَا أيضاإلى أَن قَوْله فِي ذَلِك هُوَ مثل قَول النَّخعِيّ، وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا أَيْضا.
كَمَا ذَكرْنَاهُ.



[ قــ :616 ... غــ :634 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ عَوْنِ بنِ أبي جُحَيْفَةَ عنْ أبِيهِ أنَّهُ رَأى بِلالاً يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أتَتَبَّعُ فاهُ هَهُنَا وهَهُنَا بِالأذَانِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَعون، بِفَتْح الْعين: ابْن أبي جُحَيْفَة، وَأَبوهُ أَبُو جُحَيْفَة، بِضَم الْجِيم: واسْمه وهب بن عبد الله، وَقد تقدمُوا كلهم.

وَأخرجه الغساني فِي الصَّلَاة عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن وَكِيع عَنهُ نَحوه، وَرِوَايَة وَكِيع عَن سُفْيَان عِنْد مُسلم أتم من رِوَايَة البُخَارِيّ فَإِنَّهُ أوردهُ مُخْتَصرا، وفيهَا: (فَجعلت أتتبع فَاه هَهُنَا وَهَهُنَا يَمِينا وَشمَالًا يَقُول: حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح) .
وَفِيه تَقْيِيد الِالْتِفَات فِي الْأَذَان وَأَن مَحَله عِنْد الحيعلتين، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ ابْن خُزَيْمَة: انحراف الْمُؤَذّن عِنْد قَوْله: حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح، بفمه لَا بِبدنِهِ كُله.
قَالَ: وَإِنَّمَا يُمكن الانحراف بالفم بانحراف الْوَجْه، ثمَّ سَاقه من طَرِيق وَكِيع أَيْضا بِلَفْظ: فَجعل يَقُول فِي أَذَانه هَكَذَا، ويحرف رَأسه يَمِينا وَشمَالًا، وَقد ذكرنَا اخْتِلَاف الرِّوَايَات فِيهِ فِي أول الْبابُُ.
وَالله أعلم.