هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6101 حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ ، وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إِلَّا التُّرَابُ ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ وَقَالَ لَنَا أَبُو الوَلِيدِ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنْ أُبَيٍّ ، قَالَ : كُنَّا نَرَى هَذَا مِنَ القُرْآنِ ، حَتَّى نَزَلَتْ : { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6101 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان ، ولن يملأ فاه إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب وقال لنا أبو الوليد : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، عن أبي ، قال : كنا نرى هذا من القرآن ، حتى نزلت : { ألهاكم التكاثر }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Anas bin Malik:

Allah's Messenger (ﷺ) said, If Adam's son had a valley full of gold, he would like to have two valleys, for nothing fills his mouth except dust. And Allah forgives him who repents to Him.

":"ہم سے عبد العزیز بن عبداللہ نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے ابراہیم بن سعد نے بیان کیا ، ان سے صالح نے بیان کیا ، ان سے ابن شہاب نے کہ مجھے حضرت انس بن مالک رضی اللہ عنہ نے خبردیاور ان سے رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اگر انسان کے پاس سونے کی ایک وادی ہو تو وہ چاہے گا کہ دو ہو جائیں اور اس کا منہ قبر کی مٹی کے سوا اور کوئی چیز نہیں بھر سکتی اور اللہ اس کی توبہ قبول کرتا ہے جو توبہ کرے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6439] .

     قَوْلُهُ  أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ كَذَا وَقَعَ بِغَيْرِ لَامٍ وَهُوَ جَائِزٌ وَقَدْ تقدم من رِوَايَة بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ لَأَحَبَّ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَشَيْخُهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ لَمْ يَعُدُّوهُ فِيمَنْ خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَوْصُولًا بَلْ عَلَّمَ الْمِزِّيُّ عَلَى هَذَا السَّنَدِ فِي الْأَطْرَافِ عَلَامَةَ التَّعْلِيقِ وَكَذَا رَقَّمَ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي التَّهْذِيبِ عَلَامَةُ التَّعْلِيقِ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَهُوَ مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى اسْتِوَاءٍ قَالَ فُلَانٌ.

     وَقَالَ  لَنَا فُلَانٌ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَالَ لَنَا ظَاهِرٌ فِي الْوَصْلِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قَالَ إِنَّهَا لِلْإِجَازَةِ أَوْ لِلْمُنَاوَلَةِ أَوْ لِلْمُذَاكَرَةِ فَكُلُّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْمَوْصُولِ وَإِنْ كَانَ التَّصْرِيحُ بِالتَّحْدِيثِ أَشَدَّ اتِّصَالًا وَالَّذِي ظَهَرَ لِي بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ صَنِيعِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهَذِهِ الصِّيغَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَتْنُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ فِي أَصْلِ مَوْضُوعِ كِتَابِهِ كَأَنْ يَكُونُظَاهِرُهُ الْوَقْفَ أَوْ فِي السَّنَدِ مَنْ لَيْسَ على شَرطه فِي الِاحْتِجَاج فَمن أَمْثِلَة الأولى .

     قَوْلُهُ  فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ مَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقطَّان فَذكر عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ وَمِنَ الصهر سبع الحَدِيث فَهَذَا من كَلَام بن عَبَّاسٍ فَهُوَ مَوْقُوفٌ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُتَلَمَّحَ لَهُ مَا يُلْحِقُهُ بِالْمَرْفُوعِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  فِي الْمُزَارَعَةِ قَالَ لَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ الْعَطَّارُ فَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا الْحَدِيثَ فَأَبَانٌ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ كَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَعَبَّرَ فِي التَّخْرِيجِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِذَلِكَ وَقَدْ عَلَّقَ عَنْهُمَا أَشْيَاءَ بِخِلَافِ الْوَاسِطَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَسُقْهُ مَسَاقَ الِاحْتِجَاجِ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا لَكِنَّ السِّرَّ فِيهِ مَا ذَكَرْتُ وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ كَثِيرَةٌ تَظْهَرُ لِمَنْ تَتَبَّعَهَا .

     قَوْلُهُ  عَنْ ثَابِتٍ هُوَ الْبُنَانِيُّ وَيُقَالُ إِنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ أَثْبَتَ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ وَقَدْ أَكْثَرَ مُسْلِمٌ مِنْ تَخْرِيجِ ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِهِ وَلَمْ يُكْثِرْ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كَإِكْثَارِهِ فِي احْتِجَاجِهِ بِهَذِهِ النُّسْخَةِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أُبَيٍّ هُوَ بن كَعْبٍ وَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيٍّ وَإِنْ كَانَ أُبَيٌّ أَكْبَرَ مِنْ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ  كُنَّا نُرَى بِضَمِّ النُّونِ أَوَّلِهِ أَيْ نَظُنُّ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا مِنَ الرَّأْيِ أَيْ نَعْتَقِدُ .

     قَوْلُهُ  هَذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ هَذَا وَقَدْ بَيَّنَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَفْظُهُ كُنَّا نُرَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْقُرْآنِ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَتَمَنَّى وَادِيًا ثَالِثًا الْحَدِيثُ دُونَ قَوْلِهِ وَيَتُوبُ اللَّهُ الخ قَوْله حَتَّى نزلت أَلْهَاكُم التكاثر زَادَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَأَوَّلُهُ كُنَّا نُرَى أَنَّ هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ إِلَخْ تَنْبِيه هَكَذَا وَقَعَ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ وَعَكَسَ ذَلِك غَيره وَهُوَ الانسب قَالَ بن بطال وَغَيره قَوْله أَلْهَاكُم التكاثر خَرَجَ عَلَى لَفْظِ الْخِطَابِ لِأَنَّ اللَّهَ فَطَرَ النَّاسَ عَلَى حُبِّ الْمَالِ وَالْوَلَدِ فَلَهُمْ رَغْبَةٌ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ الْغَفْلَةُ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا أُمِرُوا بِهِ حَتَّى يَفْجَأَهُمُ الْمَوْتُ وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ ذَمُّ الْحِرْصِ وَالشَّرَهِ وَمِنْ ثَمَّ آثَرَ أَكْثَرَ السَّلَفِ التَّقَلُّلَ مِنَ الدُّنْيَا وَالْقَنَاعَةَ بِالْيَسِيرِ وَالرِّضَا بِالْكَفَافِ وَوَجْهُ ظَنِّهِمْ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ ذَمِّ الْحِرْصِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ وَالتَّقْرِيعِ بِالْمَوْتِ الَّذِي يَقْطَعُ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ وَتَضَمَّنَتْ مَعْنَى ذَلِكَ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ عَلِمُوا أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَرَحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قُرْآنًا وَنُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ لَمَّا نَزَلَتْ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ فَاسْتَمَرَّتْ تِلَاوَتُهَا فَكَانَتْ نَاسِخَةً لِتِلَاوَةِ ذَلِكَ.

.
وَأَمَّا الْحُكْمُ فِيهِ وَالْمَعْنَى فَلَمْ يُنْسَخْ إِذْ نَسْخُ التِّلَاوَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُعَارَضَةَ بَيْنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ كَنَسْخِ الْحُكْمِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ النَّسْخِ فِي شَيْءٍ.

.

قُلْتُ يُؤَيِّدُ مَا رَدَّهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ وَقَرَأَ فِيهَا إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ مَالٍ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ أُبَيٍّ الْمَذْكُورِ آنِفًا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُبَيٌّ لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ فِي آخِرِ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَمَلَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةَ السُّورَةِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّىنزلت الهاكم التكاثر فَلَمْ يَنْتَفِ الِاحْتِمَالُ وَمِنْهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ كُنَّا نَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ فَيُحَدِّثُنَا فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ إِنَّ اللَّهَ قَالَ إِنَّمَا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادٍ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقُدْسِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ مِمَّا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ جَزْمًا وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ مُسْتَمِرًّا وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى قَالَ قَرَأْتُ سُورَةً نَحْوَ بَرَاءَةٌ فَغِبْتُ وَحَفِظْتُ مِنْهَا وَلَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَتَمَنَّى وَادِيًا ثَالِثًا الْحَدِيثَ وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ كُنَّا نَقْرَأُ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِلْءَ وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ إِلَيْهِ مثله الحَدِيث ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَرِيبًا فِي بَابِ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  وَقَولُهُ تَعَالَى زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ والبنين الْآيَةَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِأَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ حب الشَّهَوَات الْآيَةَ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِثْلُ أَبِي ذَرٍّ وَزَادَ إِلَى قَوْله ذَلِك مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَسَاقَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَقَولُهُ زُيِّنَ قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي تَرْكِ الْإِفْصَاحِ بِالَّذِي زُيِّنَ أَنْ يَتَنَاوَلَ اللَّفْظُ جَمِيعَ مَنْ تَصِحُّ نِسْبَةُ التَّزْيِينِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ أَحَاطَ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْفَاعِلُ بِالْحَقِيقَةِ فَهُوَ الَّذِي أَوْجَدَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَهَيَّأَهَا لِلِانْتِفَاعِ وَجَعَلَ الْقُلُوبَ مَائِلَةً إِلَيْهَا وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِالتَّزْيِينِ لِيَدْخُلَ فِيهِ حَدِيثُ النَّفْسِ وَوَسْوَسَةُ الشَّيْطَانِ وَنِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِاعْتِبَارِ الْخَلْقِ وَالتَّقْدِيرِ وَالتَّهْيِئَةِ وَنِسْبَةُ ذَلِكَ لِلشَّيْطَانِ بِاعْتِبَارِ مَا أَقْدَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ التَّسَلُّطِ عَلَى الْآدَمِيِّ بِالْوَسْوَسَةِ الناشيء عَنْهَا حَدِيث النَّفس.

     وَقَالَ  بن التِّينِ بَدَأَ فِي الْآيَةِ بِالنِّسَاءِ لِأَنَّهُنَّ أَشَدُّ الْأَشْيَاءِ فِتْنَةً لِلرِّجَالِ وَمِنْهُ حَدِيثُ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ قَالَ وَمَعْنَى تَزْيِينِهَا إِعْجَابُ الرَّجُلِ بِهَا وَطَوَاعِيَتُهُ لَهَا وَالْقَنَاطِيرُ جَمْعُ قِنْطَارٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَقْدِيرِهِ فَقِيلَ سَبْعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ وَقِيلَ سَبْعَةُ آلَافِ دِينَارٍ وَقِيلَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَقِيلَ مِائَةُ رِطْلٍ وَقِيلَ أَلْفُ مِثْقَالٍ وَقِيلَ أَلْفٌ وَمِائَتَا أُوقِيَّةظَاهِرُهُ الْوَقْفَ أَوْ فِي السَّنَدِ مَنْ لَيْسَ على شَرطه فِي الِاحْتِجَاج فَمن أَمْثِلَة الأولى .

     قَوْلُهُ  فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ مَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقطَّان فَذكر عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ وَمِنَ الصهر سبع الحَدِيث فَهَذَا من كَلَام بن عَبَّاسٍ فَهُوَ مَوْقُوفٌ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُتَلَمَّحَ لَهُ مَا يُلْحِقُهُ بِالْمَرْفُوعِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  فِي الْمُزَارَعَةِ قَالَ لَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ الْعَطَّارُ فَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا الْحَدِيثَ فَأَبَانٌ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ كَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَعَبَّرَ فِي التَّخْرِيجِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِذَلِكَ وَقَدْ عَلَّقَ عَنْهُمَا أَشْيَاءَ بِخِلَافِ الْوَاسِطَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَسُقْهُ مَسَاقَ الِاحْتِجَاجِ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا لَكِنَّ السِّرَّ فِيهِ مَا ذَكَرْتُ وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ كَثِيرَةٌ تَظْهَرُ لِمَنْ تَتَبَّعَهَا .

     قَوْلُهُ  عَنْ ثَابِتٍ هُوَ الْبُنَانِيُّ وَيُقَالُ إِنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ أَثْبَتَ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ وَقَدْ أَكْثَرَ مُسْلِمٌ مِنْ تَخْرِيجِ ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِهِ وَلَمْ يُكْثِرْ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كَإِكْثَارِهِ فِي احْتِجَاجِهِ بِهَذِهِ النُّسْخَةِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أُبَيٍّ هُوَ بن كَعْبٍ وَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيٍّ وَإِنْ كَانَ أُبَيٌّ أَكْبَرَ مِنْ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ  كُنَّا نُرَى بِضَمِّ النُّونِ أَوَّلِهِ أَيْ نَظُنُّ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا مِنَ الرَّأْيِ أَيْ نَعْتَقِدُ .

     قَوْلُهُ  هَذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ هَذَا وَقَدْ بَيَّنَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَفْظُهُ كُنَّا نُرَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْقُرْآنِ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَتَمَنَّى وَادِيًا ثَالِثًا الْحَدِيثُ دُونَ قَوْلِهِ وَيَتُوبُ اللَّهُ الخ قَوْله حَتَّى نزلت أَلْهَاكُم التكاثر زَادَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَأَوَّلُهُ كُنَّا نُرَى أَنَّ هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ إِلَخْ تَنْبِيه هَكَذَا وَقَعَ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ وَعَكَسَ ذَلِك غَيره وَهُوَ الانسب قَالَ بن بطال وَغَيره قَوْله أَلْهَاكُم التكاثر خَرَجَ عَلَى لَفْظِ الْخِطَابِ لِأَنَّ اللَّهَ فَطَرَ النَّاسَ عَلَى حُبِّ الْمَالِ وَالْوَلَدِ فَلَهُمْ رَغْبَةٌ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ الْغَفْلَةُ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا أُمِرُوا بِهِ حَتَّى يَفْجَأَهُمُ الْمَوْتُ وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ ذَمُّ الْحِرْصِ وَالشَّرَهِ وَمِنْ ثَمَّ آثَرَ أَكْثَرَ السَّلَفِ التَّقَلُّلَ مِنَ الدُّنْيَا وَالْقَنَاعَةَ بِالْيَسِيرِ وَالرِّضَا بِالْكَفَافِ وَوَجْهُ ظَنِّهِمْ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ ذَمِّ الْحِرْصِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ وَالتَّقْرِيعِ بِالْمَوْتِ الَّذِي يَقْطَعُ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ وَتَضَمَّنَتْ مَعْنَى ذَلِكَ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ عَلِمُوا أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَرَحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قُرْآنًا وَنُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ لَمَّا نَزَلَتْ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ فَاسْتَمَرَّتْ تِلَاوَتُهَا فَكَانَتْ نَاسِخَةً لِتِلَاوَةِ ذَلِكَ.

.
وَأَمَّا الْحُكْمُ فِيهِ وَالْمَعْنَى فَلَمْ يُنْسَخْ إِذْ نَسْخُ التِّلَاوَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُعَارَضَةَ بَيْنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ كَنَسْخِ الْحُكْمِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ النَّسْخِ فِي شَيْءٍ.

.

قُلْتُ يُؤَيِّدُ مَا رَدَّهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ وَقَرَأَ فِيهَا إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ مَالٍ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ أُبَيٍّ الْمَذْكُورِ آنِفًا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُبَيٌّ لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ فِي آخِرِ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَمَلَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةَ السُّورَةِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّىنزلت الهاكم التكاثر فَلَمْ يَنْتَفِ الِاحْتِمَالُ وَمِنْهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ كُنَّا نَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ فَيُحَدِّثُنَا فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ إِنَّ اللَّهَ قَالَ إِنَّمَا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادٍ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقُدْسِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ مِمَّا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ جَزْمًا وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ مُسْتَمِرًّا وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى قَالَ قَرَأْتُ سُورَةً نَحْوَ بَرَاءَةٌ فَغِبْتُ وَحَفِظْتُ مِنْهَا وَلَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَتَمَنَّى وَادِيًا ثَالِثًا الْحَدِيثَ وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ كُنَّا نَقْرَأُ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِلْءَ وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ إِلَيْهِ مثله الحَدِيث ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَرِيبًا فِي بَابِ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  وَقَولُهُ تَعَالَى زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ والبنين الْآيَةَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِأَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ حب الشَّهَوَات الْآيَةَ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِثْلُ أَبِي ذَرٍّ وَزَادَ إِلَى قَوْله ذَلِك مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَسَاقَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَقَولُهُ زُيِّنَ قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي تَرْكِ الْإِفْصَاحِ بِالَّذِي زُيِّنَ أَنْ يَتَنَاوَلَ اللَّفْظُ جَمِيعَ مَنْ تَصِحُّ نِسْبَةُ التَّزْيِينِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ أَحَاطَ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْفَاعِلُ بِالْحَقِيقَةِ فَهُوَ الَّذِي أَوْجَدَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَهَيَّأَهَا لِلِانْتِفَاعِ وَجَعَلَ الْقُلُوبَ مَائِلَةً إِلَيْهَا وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِالتَّزْيِينِ لِيَدْخُلَ فِيهِ حَدِيثُ النَّفْسِ وَوَسْوَسَةُ الشَّيْطَانِ وَنِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِاعْتِبَارِ الْخَلْقِ وَالتَّقْدِيرِ وَالتَّهْيِئَةِ وَنِسْبَةُ ذَلِكَ لِلشَّيْطَانِ بِاعْتِبَارِ مَا أَقْدَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ التَّسَلُّطِ عَلَى الْآدَمِيِّ بِالْوَسْوَسَةِ الناشيء عَنْهَا حَدِيث النَّفس.

     وَقَالَ  بن التِّينِ بَدَأَ فِي الْآيَةِ بِالنِّسَاءِ لِأَنَّهُنَّ أَشَدُّ الْأَشْيَاءِ فِتْنَةً لِلرِّجَالِ وَمِنْهُ حَدِيثُ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ قَالَ وَمَعْنَى تَزْيِينِهَا إِعْجَابُ الرَّجُلِ بِهَا وَطَوَاعِيَتُهُ لَهَا وَالْقَنَاطِيرُ جَمْعُ قِنْطَارٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَقْدِيرِهِ فَقِيلَ سَبْعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ وَقِيلَ سَبْعَةُ آلَافِ دِينَارٍ وَقِيلَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَقِيلَ مِائَةُ رِطْلٍ وَقِيلَ أَلْفُ مِثْقَالٍ وَقِيلَ أَلْفٌ وَمِائَتَا أُوقِيَّةظَاهِرُهُ الْوَقْفَ أَوْ فِي السَّنَدِ مَنْ لَيْسَ على شَرطه فِي الِاحْتِجَاج فَمن أَمْثِلَة الأولى .

     قَوْلُهُ  فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ مَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقطَّان فَذكر عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ وَمِنَ الصهر سبع الحَدِيث فَهَذَا من كَلَام بن عَبَّاسٍ فَهُوَ مَوْقُوفٌ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُتَلَمَّحَ لَهُ مَا يُلْحِقُهُ بِالْمَرْفُوعِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  فِي الْمُزَارَعَةِ قَالَ لَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ الْعَطَّارُ فَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا الْحَدِيثَ فَأَبَانٌ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ كَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَعَبَّرَ فِي التَّخْرِيجِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِذَلِكَ وَقَدْ عَلَّقَ عَنْهُمَا أَشْيَاءَ بِخِلَافِ الْوَاسِطَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَسُقْهُ مَسَاقَ الِاحْتِجَاجِ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا لَكِنَّ السِّرَّ فِيهِ مَا ذَكَرْتُ وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ كَثِيرَةٌ تَظْهَرُ لِمَنْ تَتَبَّعَهَا .

     قَوْلُهُ  عَنْ ثَابِتٍ هُوَ الْبُنَانِيُّ وَيُقَالُ إِنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ أَثْبَتَ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ وَقَدْ أَكْثَرَ مُسْلِمٌ مِنْ تَخْرِيجِ ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِهِ وَلَمْ يُكْثِرْ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كَإِكْثَارِهِ فِي احْتِجَاجِهِ بِهَذِهِ النُّسْخَةِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أُبَيٍّ هُوَ بن كَعْبٍ وَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيٍّ وَإِنْ كَانَ أُبَيٌّ أَكْبَرَ مِنْ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ  كُنَّا نُرَى بِضَمِّ النُّونِ أَوَّلِهِ أَيْ نَظُنُّ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا مِنَ الرَّأْيِ أَيْ نَعْتَقِدُ .

     قَوْلُهُ  هَذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ هَذَا وَقَدْ بَيَّنَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَفْظُهُ كُنَّا نُرَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْقُرْآنِ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَتَمَنَّى وَادِيًا ثَالِثًا الْحَدِيثُ دُونَ قَوْلِهِ وَيَتُوبُ اللَّهُ الخ قَوْله حَتَّى نزلت أَلْهَاكُم التكاثر زَادَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَأَوَّلُهُ كُنَّا نُرَى أَنَّ هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ إِلَخْ تَنْبِيه هَكَذَا وَقَعَ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ وَعَكَسَ ذَلِك غَيره وَهُوَ الانسب قَالَ بن بطال وَغَيره قَوْله أَلْهَاكُم التكاثر خَرَجَ عَلَى لَفْظِ الْخِطَابِ لِأَنَّ اللَّهَ فَطَرَ النَّاسَ عَلَى حُبِّ الْمَالِ وَالْوَلَدِ فَلَهُمْ رَغْبَةٌ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ الْغَفْلَةُ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا أُمِرُوا بِهِ حَتَّى يَفْجَأَهُمُ الْمَوْتُ وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ ذَمُّ الْحِرْصِ وَالشَّرَهِ وَمِنْ ثَمَّ آثَرَ أَكْثَرَ السَّلَفِ التَّقَلُّلَ مِنَ الدُّنْيَا وَالْقَنَاعَةَ بِالْيَسِيرِ وَالرِّضَا بِالْكَفَافِ وَوَجْهُ ظَنِّهِمْ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ ذَمِّ الْحِرْصِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ وَالتَّقْرِيعِ بِالْمَوْتِ الَّذِي يَقْطَعُ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ وَتَضَمَّنَتْ مَعْنَى ذَلِكَ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ عَلِمُوا أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَرَحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قُرْآنًا وَنُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ لَمَّا نَزَلَتْ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ فَاسْتَمَرَّتْ تِلَاوَتُهَا فَكَانَتْ نَاسِخَةً لِتِلَاوَةِ ذَلِكَ.

.
وَأَمَّا الْحُكْمُ فِيهِ وَالْمَعْنَى فَلَمْ يُنْسَخْ إِذْ نَسْخُ التِّلَاوَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُعَارَضَةَ بَيْنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ كَنَسْخِ الْحُكْمِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ النَّسْخِ فِي شَيْءٍ.

.

قُلْتُ يُؤَيِّدُ مَا رَدَّهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ وَقَرَأَ فِيهَا إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ مَالٍ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ أُبَيٍّ الْمَذْكُورِ آنِفًا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُبَيٌّ لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ فِي آخِرِ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَمَلَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةَ السُّورَةِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّىنزلت الهاكم التكاثر فَلَمْ يَنْتَفِ الِاحْتِمَالُ وَمِنْهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ كُنَّا نَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ فَيُحَدِّثُنَا فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ إِنَّ اللَّهَ قَالَ إِنَّمَا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادٍ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقُدْسِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ مِمَّا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ جَزْمًا وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ مُسْتَمِرًّا وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى قَالَ قَرَأْتُ سُورَةً نَحْوَ بَرَاءَةٌ فَغِبْتُ وَحَفِظْتُ مِنْهَا وَلَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَتَمَنَّى وَادِيًا ثَالِثًا الْحَدِيثَ وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ كُنَّا نَقْرَأُ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِلْءَ وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ إِلَيْهِ مثله الحَدِيث ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَرِيبًا فِي بَابِ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  وَقَولُهُ تَعَالَى زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ والبنين الْآيَةَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِأَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ حب الشَّهَوَات الْآيَةَ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِثْلُ أَبِي ذَرٍّ وَزَادَ إِلَى قَوْله ذَلِك مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَسَاقَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَقَولُهُ زُيِّنَ قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي تَرْكِ الْإِفْصَاحِ بِالَّذِي زُيِّنَ أَنْ يَتَنَاوَلَ اللَّفْظُ جَمِيعَ مَنْ تَصِحُّ نِسْبَةُ التَّزْيِينِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ أَحَاطَ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْفَاعِلُ بِالْحَقِيقَةِ فَهُوَ الَّذِي أَوْجَدَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَهَيَّأَهَا لِلِانْتِفَاعِ وَجَعَلَ الْقُلُوبَ مَائِلَةً إِلَيْهَا وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِالتَّزْيِينِ لِيَدْخُلَ فِيهِ حَدِيثُ النَّفْسِ وَوَسْوَسَةُ الشَّيْطَانِ وَنِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِاعْتِبَارِ الْخَلْقِ وَالتَّقْدِيرِ وَالتَّهْيِئَةِ وَنِسْبَةُ ذَلِكَ لِلشَّيْطَانِ بِاعْتِبَارِ مَا أَقْدَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ التَّسَلُّطِ عَلَى الْآدَمِيِّ بِالْوَسْوَسَةِ الناشيء عَنْهَا حَدِيث النَّفس.

     وَقَالَ  بن التِّينِ بَدَأَ فِي الْآيَةِ بِالنِّسَاءِ لِأَنَّهُنَّ أَشَدُّ الْأَشْيَاءِ فِتْنَةً لِلرِّجَالِ وَمِنْهُ حَدِيثُ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ قَالَ وَمَعْنَى تَزْيِينِهَا إِعْجَابُ الرَّجُلِ بِهَا وَطَوَاعِيَتُهُ لَهَا وَالْقَنَاطِيرُ جَمْعُ قِنْطَارٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَقْدِيرِهِ فَقِيلَ سَبْعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ وَقِيلَ سَبْعَةُ آلَافِ دِينَارٍ وَقِيلَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَقِيلَ مِائَةُ رِطْلٍ وَقِيلَ أَلْفُ مِثْقَالٍ وَقِيلَ أَلْفٌ وَمِائَتَا أُوقِيَّةالتُّرَابِ إِلَّا بِالتُّرَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ التُّرَابِ دُونَ غَيْرِهِ أَنَّ الْمَرْءَ لَا يَنْقَضِي طَمَعُهُ حَتَّى يَمُوتَ فَإِذَا مَاتَ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُدْفَنَ فَإِذَا دُفِنَ صُبَّ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَمَلَأَ جَوْفَهُ وَفَاهُ وَعَيْنَيْهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَوْضِعٌ يَحْتَاجُ إِلَى تُرَابٍ غَيْرُهُ.

.
وَأَمَّا النِّسْبَةُ إِلَى الْفَمِ فَلِكَوْنِهِ الطَّرِيقَ إِلَى الْوُصُول للجوف قَوْله فِي الطَّرِيق الثَّانِيَة لِابْنِ عَبَّاس وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ أَيْ أَنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنَ الْحَرِيصِ كَمَا يَقْبَلُهَا مِنْ غَيْرِهِ قِيلَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى ذَمِّ الِاسْتِكْثَارِ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ وَتَمَنِّي ذَلِكَ وَالْحِرْصِ عَلَيْهِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الَّذِي يَتْرُكُ ذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَابَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَابَ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ مُطْلَقُ الرُّجُوعِ أَيْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَالتَّمَنِّي.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْآدَمِيَّ مَجْبُولٌ عَلَى حُبِّ الْمَالِ وَأَنَّهُ لَا يَشْبَعُ مِنْ جَمْعِهِ إِلَّا مَنْ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَوَفَّقَهُ لِإِزَالَةِ هَذِهِ الْجِبِلَّةِ عَنْ نَفْسِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ فَوَضَعَ وَيَتُوبُ مَوْضِعَهُ إِشْعَارًا بِأَنَّ هَذِهِ الْجِبِلَّةَ مَذْمُومَةٌ جَارِيَةٌ مَجْرَى الذَّنْبِ وَأَنَّ إِزَالَتَهَا مُمْكِنَةٌ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَتَسْدِيدِهِ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فَفِي إِضَافَةِ الشُّحِّ إِلَى النَّفْسِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ غَرِيزَةٌ فِيهَا وَفِي قَوْلِهِ وَمَنْ يُوقَ إِشَارَةٌ إِلَى إِمْكَانِ إِزَالَةِ ذَلِكَ ثُمَّ رَتَّبَ الْفَلَاحَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَتُؤْخَذُ الْمُنَاسَبَةُ أَيْضًا مِنْ ذِكْرِ التُّرَابِ فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْآدَمِيَّ خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ وَمِنْ طَبْعِهِ الْقَبْضُ وَالْيُبْسُ وَأَنَّ إِزَالَتَهُ مُمْكِنَةٌ بِأَنْ يُمْطِرَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَا يُصْلِحُهُ حَتَّى يُثْمِرَ الْخِلَالَ الزَّكِيَّةَ وَالْخِصَالَ الْمُرْضِيَةَ قَالَ تَعَالَى وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يخرج الا نكدا فَوَقع قَوْله وَيَتُوب الله إِلَخْ مَوْقِعَ الِاسْتِدْرَاكِ أَيْ أَنَّ ذَلِكَ الْعُسْرَ الصَّعْبَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا عَلَى مَنْ يسره الله تَعَالَى عَلَيْهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :6101 ... غــ :6439] .

     قَوْلُهُ  أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ كَذَا وَقَعَ بِغَيْرِ لَامٍ وَهُوَ جَائِزٌ وَقَدْ تقدم من رِوَايَة بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ لَأَحَبَّ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَشَيْخُهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ لَمْ يَعُدُّوهُ فِيمَنْ خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَوْصُولًا بَلْ عَلَّمَ الْمِزِّيُّ عَلَى هَذَا السَّنَدِ فِي الْأَطْرَافِ عَلَامَةَ التَّعْلِيقِ وَكَذَا رَقَّمَ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي التَّهْذِيبِ عَلَامَةُ التَّعْلِيقِ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَهُوَ مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى اسْتِوَاءٍ قَالَ فُلَانٌ.

     وَقَالَ  لَنَا فُلَانٌ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَالَ لَنَا ظَاهِرٌ فِي الْوَصْلِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قَالَ إِنَّهَا لِلْإِجَازَةِ أَوْ لِلْمُنَاوَلَةِ أَوْ لِلْمُذَاكَرَةِ فَكُلُّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْمَوْصُولِ وَإِنْ كَانَ التَّصْرِيحُ بِالتَّحْدِيثِ أَشَدَّ اتِّصَالًا وَالَّذِي ظَهَرَ لِي بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ صَنِيعِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهَذِهِ الصِّيغَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَتْنُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ فِي أَصْلِ مَوْضُوعِ كِتَابِهِ كَأَنْ يَكُونُ ظَاهِرُهُ الْوَقْفَ أَوْ فِي السَّنَدِ مَنْ لَيْسَ على شَرطه فِي الِاحْتِجَاج فَمن أَمْثِلَة الأولى .

     قَوْلُهُ  فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ مَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقطَّان فَذكر عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ وَمِنَ الصهر سبع الحَدِيث فَهَذَا من كَلَام بن عَبَّاسٍ فَهُوَ مَوْقُوفٌ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُتَلَمَّحَ لَهُ مَا يُلْحِقُهُ بِالْمَرْفُوعِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  فِي الْمُزَارَعَةِ قَالَ لَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ الْعَطَّارُ فَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا الْحَدِيثَ فَأَبَانٌ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ كَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَعَبَّرَ فِي التَّخْرِيجِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِذَلِكَ وَقَدْ عَلَّقَ عَنْهُمَا أَشْيَاءَ بِخِلَافِ الْوَاسِطَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَسُقْهُ مَسَاقَ الِاحْتِجَاجِ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا لَكِنَّ السِّرَّ فِيهِ مَا ذَكَرْتُ وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ كَثِيرَةٌ تَظْهَرُ لِمَنْ تَتَبَّعَهَا .

     قَوْلُهُ  عَنْ ثَابِتٍ هُوَ الْبُنَانِيُّ وَيُقَالُ إِنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ أَثْبَتَ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ وَقَدْ أَكْثَرَ مُسْلِمٌ مِنْ تَخْرِيجِ ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِهِ وَلَمْ يُكْثِرْ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كَإِكْثَارِهِ فِي احْتِجَاجِهِ بِهَذِهِ النُّسْخَةِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أُبَيٍّ هُوَ بن كَعْبٍ وَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيٍّ وَإِنْ كَانَ أُبَيٌّ أَكْبَرَ مِنْ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ  كُنَّا نُرَى بِضَمِّ النُّونِ أَوَّلِهِ أَيْ نَظُنُّ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا مِنَ الرَّأْيِ أَيْ نَعْتَقِدُ .

     قَوْلُهُ  هَذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ هَذَا وَقَدْ بَيَّنَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَفْظُهُ كُنَّا نُرَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْقُرْآنِ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَتَمَنَّى وَادِيًا ثَالِثًا الْحَدِيثُ دُونَ قَوْلِهِ وَيَتُوبُ اللَّهُ الخ قَوْله حَتَّى نزلت أَلْهَاكُم التكاثر زَادَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَأَوَّلُهُ كُنَّا نُرَى أَنَّ هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ إِلَخْ تَنْبِيه هَكَذَا وَقَعَ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ وَعَكَسَ ذَلِك غَيره وَهُوَ الانسب قَالَ بن بطال وَغَيره قَوْله أَلْهَاكُم التكاثر خَرَجَ عَلَى لَفْظِ الْخِطَابِ لِأَنَّ اللَّهَ فَطَرَ النَّاسَ عَلَى حُبِّ الْمَالِ وَالْوَلَدِ فَلَهُمْ رَغْبَةٌ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ الْغَفْلَةُ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا أُمِرُوا بِهِ حَتَّى يَفْجَأَهُمُ الْمَوْتُ وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ ذَمُّ الْحِرْصِ وَالشَّرَهِ وَمِنْ ثَمَّ آثَرَ أَكْثَرَ السَّلَفِ التَّقَلُّلَ مِنَ الدُّنْيَا وَالْقَنَاعَةَ بِالْيَسِيرِ وَالرِّضَا بِالْكَفَافِ وَوَجْهُ ظَنِّهِمْ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ ذَمِّ الْحِرْصِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ وَالتَّقْرِيعِ بِالْمَوْتِ الَّذِي يَقْطَعُ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ وَتَضَمَّنَتْ مَعْنَى ذَلِكَ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ عَلِمُوا أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَرَحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قُرْآنًا وَنُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ لَمَّا نَزَلَتْ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ فَاسْتَمَرَّتْ تِلَاوَتُهَا فَكَانَتْ نَاسِخَةً لِتِلَاوَةِ ذَلِكَ.

.
وَأَمَّا الْحُكْمُ فِيهِ وَالْمَعْنَى فَلَمْ يُنْسَخْ إِذْ نَسْخُ التِّلَاوَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُعَارَضَةَ بَيْنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ كَنَسْخِ الْحُكْمِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ النَّسْخِ فِي شَيْءٍ.

.

قُلْتُ يُؤَيِّدُ مَا رَدَّهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ وَقَرَأَ فِيهَا إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ مَالٍ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ أُبَيٍّ الْمَذْكُورِ آنِفًا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُبَيٌّ لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ فِي آخِرِ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَمَلَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةَ السُّورَةِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى نزلت الهاكم التكاثر فَلَمْ يَنْتَفِ الِاحْتِمَالُ وَمِنْهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ كُنَّا نَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ فَيُحَدِّثُنَا فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ إِنَّ اللَّهَ قَالَ إِنَّمَا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادٍ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقُدْسِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ مِمَّا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ جَزْمًا وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ مُسْتَمِرًّا وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى قَالَ قَرَأْتُ سُورَةً نَحْوَ بَرَاءَةٌ فَغِبْتُ وَحَفِظْتُ مِنْهَا وَلَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَتَمَنَّى وَادِيًا ثَالِثًا الْحَدِيثَ وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ كُنَّا نَقْرَأُ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِلْءَ وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ إِلَيْهِ مثله الحَدِيث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6101 ... غــ : 6439 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَوْ أَنَّ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلأَ فَاهُ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين المهملة بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ( عن صالح) هو ابن كيسان ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( أن رسول الله) ولأبي ذر أن النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( لو أن لابن آدم واديًا من ذهب أحب) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لأحب ( أن يكون له واديان) أي من ذهب ( ولن يملأ) ولأبي ذر عن الكشميهني ولا يملأ ( فاه) أي فمه ( إلا التراب) عبر في الأولى والثالثة بالجوف وفي الثانية بالعين وفي الأخيرة بفاه، وعند الإِسماعيلي من رواية حجاج بن محمد عن ابن جريج بالنفس، وعند أحمد من حديث أبي واقد بالبطن قال في الكواكب: ليس المراد الحقيقة في عضو بعينه بقرينة عدم الانحصار في التراب إذ غيره يملؤه أيضًا بل هو كناية عن الموت لأنه مستلزم للامتلاء فكأنه قال: لا يشبع من الدنيا حتى يموت فالغرض من العبارات كلها واحد وليس فيها إلا التفنن من الكلام اهـ.

قال في الفتح: وهذا يحسن فيما إذا اختلفت مخارج الحديث، وأما إذا اتحدت فهو من تصرف الرواة ثم نسبة الامتلاء للجوف واضحة والبطن بمعناه وأما النفس فعبر بها عن الذات وأطلق الذات وأراد البطن من باب إطلاق الكل وإرادة البعض، ويحتمل أن يكون المراد بالنفس العين وأما النسبة إلى الفم فلكونه طريق الوصول إلى الجوف وأما العين فلأنها الأصل في الطلب لأنه يرى ما يعجبه فيطلبه ليحوزه إليه وخص البطن في أكثر الروايات لأن أكثر ما يطلب المال لتحصيل المستلذات وأكثرها تكرار إلى والشرب.
( ويتوب الله على من تاب) .

قال في شرح المشكاة: يمكن أن يقال معناه أن بني آدم مجبولون على حب المال والسعي في طلبه وأن لا يشبع منه إلا من عصمه الله تعالى ووفقه لإزالة هذه الجبلة عن نفسه وقليل ما هم فوضع ويتوب الله على من تاب موضعه إشعارًا بأن هذه الجبلة المذكورة فيه مذمومة جارية مجرى الذنب، وأن إزالتها ممكنة، ولكن بتوفيق الله تعالى وتسديده ونحوه قوله تعالى { ومن يوق شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون} [الحشر: 19؛ والتغابن: 16] أضاف الشح إلى النفس دلالة على أنه غريزة فيها وبين إزالته بقوله ( يوق) ورتب عليه قوله: ( { فأولئك هم المفلحون} ) .

وهاهنا نكتة دقيقة فإن في ذكر بني آدم تلويحًا إلى أنه مخلوق من التراب ومن طبعه القبض واليبس فيمكن إزالته بأن يمطر الله سبحان وتعالى عليه السحاب من غمائم توفيقه فيثمر حينئذ الخلال الزكية والخصال المرضية والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدًا
فمن لا يتداركه التوفيق وتركه وحرصه لم يزدد إلا حرصًا وتهالكًا على جمع المال قال: وموقع قوله: ويتوب الله على من تاب موقع الرجوع يعني أن ذلك لعسير صعب، ولكن يسير على من يسره الله عليه فحقيق أن لا يكون هذا من كلام البشر بل هو من كلام خالق القوى والقدر اهـ.

وفي الحديث ذم الحرص والشره، ولذا آثر أكثر السلف التقلل من الدنيا والقناعة والرضا باليسير قال البخاري بالسند السابق إليه:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6101 ... غــ : 6440 ]
- وَقَالَ لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُبَىٍّ قَالَ: كُنَّا نَرَى هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ حَتَّى نَزَلَتْ { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] .

(وقال لنا أبو الوليد): هشام بن عبد الملك الطيالسي وهذا ظاهره الوصل وليس للتعليق وإن قيل إنه للإجازة أو للمناولة أو للمذاكرة لأن ذلك في حكم الموصول نعم الذي يظهر بالاستقراء من صنيع المؤلف أنه لا يأتي بهذه الصيغة إلا إذا كان المتن ليس على شرطه في أصل موضوع كتابه كأن يكون ظاهره الوقف أو في السند من ليس على شرطه في الاحتجاج قاله في الفتح (حدّثنا حماد بن سلمة) بفتحتين (عن ثابت) البناني (عن أنس عن أبي) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد التحتية ابن كعب الأنصاري -رضي الله عنه- أنه (قال: كنا نرى) بفتح النون أي نعتقد ولأبي ذر نرى بضمها أي نظن (هذا) الحديث لو كان لابن آدم واديان من مال لتمنى واديًا ثالثًا كما عند الإِسماعيلي (من القرآن حتى نزلت { ألهاكم التكاثر} [التكاثر: 1] السورة التي هي بمعنى الحديث فيما تضمنه من ذم الحرص على الاستكثار من جمع المال والتقريع بالموت الذي يقطع ذلك ولا بد لكل أحد منه، فلما نزلت هذه السورة وتضمنت معنى ذلك مع الزيادة عليه علموا أن الحديث من كلامه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنه ليس قرآنًا وقيل إنه كان قرانًا فلما نزلت ({ ألهاكم التكاثر} ) نسخت تلاوته دون حكمه ومعناه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6101 ... غــ :6439 ]
- حدّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا إبْرَاهيِمُ بنُ سَعْدٍ عنْ صالِحٍ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ: أَخْبرنِي أنَسُ بنُ مالِكٍ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( لَوْ أنَّ لابنِ آدَمَ وادِياً مِنْ ذَهَب أحَبَّ أنْ يَكُونَ لهُ وادِيان، ولَنْ يَمْلأُ فاهُ إلاّ التُّرَابُ ويَتُوبُ الله عَلى مَنْ تابَ) .

عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي الْمَدِينِيّ، وَإِبْرَاهِيم بن سعد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، كَانَ على قَضَاء بَغْدَاد، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان، وَابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد عَن عبد الله بن الحكم.

قَوْله: ( أحب) وَقع كَذَا بِغَيْر اللَّام.
قَوْله: ( وَلنْ يمْلَأ) ويروي: وَلَا يمْلَأ.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6101 ... غــ :6440 ]
- وَقَالَ لَنا أبُو الوَلِيدِ: حدّثنا حَمَّادُ بنُ سَلَمَة عنْ ثابِت عنْ أنَسٍ عَن أُبّيٍّ قَالَ: كُنَّا نُرَى هاذَا مِنَ القُرْآنِ حتَّى نَزَلَتْ { أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ} ( التكاثر: 1) .

أَبُو الْوَلِيد هُوَ هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، ذهب الْحَافِظ الْمزي إِن هَذَا تَعْلِيق، وَاعْترض عَلَيْهِ بَعضهم، قَالَ: هَذَا صَرِيح فِي الْوَصْل لقَوْله: (.

     وَقَالَ  لنا)
وَإِن كَانَ التَّصْرِيح بِالتَّحْدِيثِ أَشد اتِّصَالًا.
انْتهى.

قلت: الصَّوَاب مَا قَالَه الْمزي، لِأَن فِيهِ حَمَّاد بن سَلمَة وَهُوَ لم يعد فِيمَن، أخرج لَهُ البُخَارِيّ مَوْصُولا وَلَيْسَ هُوَ على شَرطه فِي الِاحْتِجَاج على أَن عِنْد الْبَعْض: قَالَ فلَان، أَو: قَالَ فلَان، للمذاكرة غَالِبا، وَرُبمَا يكون للإجازة أَو للمناولة.

قَوْله: ( عَن ثَابت) بِالتَّاءِ الْمُثَلَّثَة فِي أَوله وَهُوَ ابْن أسلم الْبنانِيّ أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ.
قَوْله: ( عَن أبي) هُوَ أبي بن كَعْب الْأنْصَارِيّ.

وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ.

قَوْله: ( كُنَّا نرى) بِضَم النُّون أَي: كُنَّا نظن، وَيجوز فتحهَا من الرَّأْي، أَي: كُنَّا نعتقد.
قَوْله: ( هَذَا) لم يبين الْمشَار إِلَيْهِ، وَقد بَينه الْإِسْمَاعِيلِيّ حَيْثُ قَالَ فِي رِوَايَته: كُنَّا نرى هَذَا الحَدِيث من الْقُرْآن.
لَو أَن لِابْنِ آدم وَاديا من مَال.
.
الحَدِيث.
حَتَّى نزلت: { أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ} ( التكاثر: 1) وَفِي رِوَايَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل زَاد: إِلَى آخر السُّورَة.
قيل: مَا وَجه التَّخْصِيص بِسُورَة التكاثر وَهِي لَيست ناسخة لَهُ، إِذْ لَا مُعَارضَة بَينهمَا؟ وَأجِيب: بِأَن شَرط نسخ الحكم الْمُعَارضَة، وَأما نسخ اللَّفْظ فَلَا يشْتَرط فِيهِ ذَلِك، فمقصوده أَنه لما نزلت السُّورَة الَّتِي هِيَ بِمَعْنَاهُ أعلمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بنسخ تِلَاوَته والاكتفاء بِمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ.
وَأما مُوَافَقَته لِمَعْنى فَلِأَن بَعضهم فسر زِيَارَة الْمَقَابِر بِالْمَوْتِ يَعْنِي شغلكم التكاثر فِي الْأَمْوَال إِلَى أَن متم.
وَقيل: يحْتَمل أَن يُقَال: مَعْنَاهُ كُنَّا نظن أَنه قُرْآن حَتَّى نزلت السُّورَة الَّتِي بِمَعْنَاهُ، فحين المقايسة بَينهمَا عرفنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه لَيْسَ قُرْآنًا.
فَلَا يكون من بابُُ النّسخ فِي شَيْء.
وَالله أعلم.
وَقيل: كَانَ قُرْآنًا وَنسخت تِلَاوَته.
وَلما نزلت: { آلهاكم التكاثر} واستمرت تلاوتها كَانَت ناسخة لتلاوة ذَلِك، وَمن هَذَا الْقَبِيل مَا رَوَاهُ أَحْمد من حَدِيث أبي وَاقد اللَّيْثِيّ قَالَ: كُنَّا نأتي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا نزل عَلَيْهِ فيحدثنا، فَقَالَ لنا ذَات يَوْم: أَن الله قَالَ: إِنَّمَا أنزلنَا المَال لإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة، وَلَو كَانَ لِابْنِ آدم وادٍ لأحب أَن يكون لَهُ ثانٍ.
.
الحَدِيث ظَاهره أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر بِهِ عَن الله تَعَالَى بِأَنَّهُ من الْقُرْآن.
على أَنه يحْتَمل أَن يكون من الْأَحَادِيث القدسية، فعلى الْوَجْه الأول نسخت تِلَاوَته قطعا، وَإِن كَانَ حكمه مستمراً.