هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6007 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ ، يَقُولُ : دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6007 حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) said, The invocation of anyone of you is granted (by Allah) if he does not show impatience (by saying, I invoked Allah but my request has not been granted.)

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف تنیسی نے بیان کیا ، کہا ہم کو امام مالک نے خبر دی ، انہیں ابن شہاب نے ، انہیں عبدالرحمٰن بن ازہر کے غلام ابوعبید نے اور انہیں حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا بندہ کی دعا قبول ہوتی ہے جب تک کہ وہ جلدی نہ کرے کہ کہنے لگے کہ میں نے دعا کی تھی اور میری دعا قبول نہیں ہوئی ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6340] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ هُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَوْله مولى بن أَزْهَرَ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ .

     قَوْلُهُ  يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ أَيْ يُجَابُ دُعَاؤُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الَّذين اسْتَجَابُوا لله .

     قَوْلُهُ  يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فَيَقُولُ بِزِيَادَةِ فَاءٍ وَاللَّام مَنْصُوبَة قَالَ بن بَطَّالٍ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَسْأَمُفَيَتْرُكُ الدُّعَاءَ فَيَكُونُ كَالْمَانِّ بِدُعَائِهِ أَوْ أَنَّهُ أَتَى مِنَ الدُّعَاءِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْإِجَابَةَ فَيَصِيرُ كَالْمُبْخِلِ لِلرَّبِّ الْكَرِيمِ الَّذِي لَا تُعْجِزُهُ الْإِجَابَةُ وَلَا يُنْقِصُهُ الْعَطَاءُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ وَمَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ قِيلَ وَمَا الِاسْتِعْجَالُ قَالَ يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يُسْتَجَابُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ يَسْتَحْسِرُ وَهُوَ بِمُهْمَلَاتٍ يَنْقَطِعُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَدَبٌ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ وَهُوَ أَنَّهُ يُلَازِمُ الطَّلَبَ وَلَا يَيْأَسُ مِنَ الْإِجَابَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الِانْقِيَادِ وَالِاسْتِسْلَامِ وَإِظْهَارِ الِافْتِقَارِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ لَأَنَا أَشَدُّ خَشْيَةً أَنْ أُحْرَمَ الدُّعَاءَ مِنْ أَنْ أُحْرَمَ الْإِجَابَة وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى حَدِيث بن عُمَرَ رَفَعَهُ مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فَوَهَمَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ يُخْشَى عَلَى مَنْ خَالَفَ.

     وَقَالَ  قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي أَنْ يُحْرَمَ الْإِجَابَةَ وَمَا قَامَ مَقَامَهَا مِنَ الِادِّخَارِ وَالتَّكْفِيرِ انْتَهَى وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الدُّعَاءِ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّ دَعْوَةَ الْمُؤْمِنِ لَا تُرَدُّ وَأَنَّهَا إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ الْإِجَابَةُ وَإِمَّا أَنْ تَدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ خَيْرٌ مِمَّا سَأَلَ فَأَشَارَ الدَّاوُدِيُّ إِلَى ذَلِكَ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بن الْجَوْزِيِّ بِقَوْلِهِ.

.
اعْلَمْ أَنَّ دُعَاءَ الْمُؤْمِنِ لَا يُرَدُّ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْأَوْلَى لَهُ تَأْخِيرَ الْإِجَابَةِ أَوْ يُعَوَّضُ بِمَا هُوَ أَوْلَى لَهُ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ لَا يَتْرُكَ الطَّلَبَ مِنْ رَبِّهِ فَإِنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِالدُّعَاءِ كَمَا هُوَ مُتَعَبِّدٌ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ وَمِنْ جُمْلَةِ آدَابِ الدُّعَاءِ تَحَرِّي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ كَالسُّجُودِ وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةُ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ وَتَقْدِيمُ التَّوْبَةِ وَالِاعْتِرَافُ بِالذَّنْبِ وَالْإِخْلَاصُ وَافْتِتَاحُهُ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسُّؤَالُ بِالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَأَدِلَّةُ ذَلِكَ ذُكِرَتْ فِي هَذَا الْكِتَابِ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ مَا مُلَخَّصُهُ الَّذِي يُتَصَوَّرُ فِي الْإِجَابَةِ وَعَدَمِهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ الْأُولَى عَدَمُ الْعَجَلَةِ وَعَدَمُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ الثَّانِيَةُ وُجُودُهُمَا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ عَدَمُ أَحَدِهِمَا وَوُجُودُ الْآخَرِ فَدَلَّ الْخَبَرُ عَلَى أَنَّ الْإِجَابَة تخْتَص بالصورة الأولى دون الثَّلَاث قَالَ وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ قَوْلِهِ تَعَالَى أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان مُقَيَّدٌ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ.

.

قُلْتُ وَقَدْ أُوِّلَ الْحَدِيثُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ قَبْلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِجَابَةِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ بِعَيْنِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ وَالله اعْلَم ( قَولُهُ بَابُ رَفْعِ الْأَيْدِي فِي الدُّعَاءِ) أَيْ عَلَى صِفَةٍ خَاصَّةٍ وَسَقَطَ لَفْظُ بَابٍ لِأَبِي ذَرٍّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  أَبُو مُوسَى هُوَ الْأَشْعَرِيُّ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ قَتْلِ عَمِّهِ أَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي الْمَغَازِي فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَأَشَرْتُ إِلَيْهِ قَبْلُ بِثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ فِي بَابِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وصل عَلَيْهِم قَوْله.

     وَقَالَ  بن عُمَرَ رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكِ مِمَّاصَنَعَ خَالِدٌ وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ قِصَّةِ غَزْوَةِ بَنِي جَذِيمَةَ بِجِيمٍ وَمُعْجَمَةٍ وَزْنُ عَظِيمَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا مَعَ شَرْحِهِ فِي الْمَغَازِي بَعْدَ غَزْوَة الْفَتْح وخَالِد الْمَذْكُور هُوَ بن الْوَلِيدِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الْأُوَيْسِيُّ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَيِ بن كَثِيرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَهَذَا طَرَفٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ بِهَذَا السَّنَدِ مُعَلَّقًا وَوَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأُوَيْسِيُّ بِهِ وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ قِصَّةَ الِاسْتِسْقَاءِ مُطَوَّلَةً مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ وَحْدَهُ عَنْ أَنَسٍ مِنْ طُرُقٍ فِي بَعْضِهَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ إِلَّا هَذَا وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ رَدُّ مَنْ قَالَ لَا يَرْفَعُ كَذَا إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ بَلْ فِيهِ وَفِي الَّذِي بَعْدَهُ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَرْفَعُ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ غَيْرَ الِاسْتِسْقَاءِ أَصْلًا وَتَمَسَّكَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ لَمْ يَكُنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَهُوَ صَحِيحٌ لَكِنْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ صِفَةٌ خَاصَّةٌ لَا أَصْلُ الرَّفْعِ وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الِاسْتِسْقَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرَّفْعَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ يُخَالِفُ غَيْرَهُ إِمَّا بِالْمُبَالَغَةِ إِلَى أَنْ تَصِيرَ الْيَدَانِ فِي حَذْوِ الْوَجْهِ مَثَلًا وَفِي الدُّعَاءِ إِلَى حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ بَلْ يُجْمَعُ بِأَنْ تَكُونَ رُؤْيَةُ الْبَيَاضِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ أَبْلَغَ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ وَإِمَّا أَنَّ الْكَفَّيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ يَلِيَانِ الْأَرْضَ وَفِي الدُّعَاءِ يَلِيَانِ السَّمَاءَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَبِتَقْدِيرِ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ فَجَانِبُ الْإِثْبَاتِ أَرْجَحُ.

.

قُلْتُ وَلَا سِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً أَفْرَدَهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي جُزْءٍ سَرَدَ مِنْهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ جُمْلَةً وَعَقَدَ لَهَا الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بَابًا ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ دُونَ قَوْلِهِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو هَاجَرَ فَذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجُلِ الَّذِي هَاجَرَ مَعَهُ وَفِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو رَافِعًا يَدَيْهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ الْحَدِيثَ وَهُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو لِعُثْمَانَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ فِي قِصَّةِ الْكُسُوفِ فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ يَدْعُو وَعِنْدَهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْكُسُوفِ أَيْضًا ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو وَفِي حَدِيثِهَا عِنْدَهُ فِي دُعَائِهِ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْحَدِيثَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الطَّوِيلِ فِي فَتْحِ مَكَّةَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يَدْعُو وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي قصَّة بن اللتيية ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى فَرَفَعَ يَدَيْهِ.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّ أُمَّتِي وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمًا ثُمَّ سَرَّى عَنْهُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ فَرَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو فَمَالَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فَسَقَطَ خِطَامُهَا فَتَنَاوَلَهُ بِيَدِهِ وَهُوَ رَافِعٌ الْيَدَ الْأُخْرَى أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ وَفِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْحَدِيثَ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.

.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَارَةَ بنرُوَيْبَةَ بِرَاءٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ أَنَّهُ رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا يُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ فَقَدْ حَكَى الطَّبَرِيُّ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ.

     وَقَالَ  السُّنَّةُ أَنَّ الدَّاعِيَ يُشِيرُ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ وَرَدَّهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْخَطِيبِ حَالَ الْخُطْبَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ فَلَا مَعْنَى لِلتَّمَسُّكِ بِهِ فِي مَنْعِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ مَعَ ثُبُوتِ الْأَخْبَارِ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ رَفَعَهُ إِنَّ رَبَّكُمْ حَيّ كريم يستحى مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ خَالِيَةً وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَكَرِهَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء بن عُمَرَ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَرَأَى شُرَيْحٌ رَجُلًا يَرْفَعُ يَدَيْهِ دَاعِيًا فَقَالَ مَنْ تَتَنَاوَلُ بِهِمَا لَا أُمَّ لَكَ وَسَاقَ الطَّبَرِيُّ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ عَنْهُم وَذكر بن التِّينِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ لَيْسَ مِنْ أَمْرِ الْفُقَهَاءِ قَالَ.

     وَقَالَ  فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَخْتَصُّ الرَّفْعُ بِالِاسْتِسْقَاءِ وَيَجْعَلُ بُطُونَهُمَا إِلَى الْأَرْضِ.

.
وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ الطَّبَرِيّ عَن بن عُمَرَ فَإِنَّمَا أَنْكَرَ رَفْعَهُمَا إِلَى حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ.

     وَقَالَ  لِيَجْعَلْهُمَا حَذْوَ صَدْرِهِ كَذَلِكَ أَسْنَدَهُ الطَّبَرِيُّ عَنهُ أَيْضا وَعَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ هَذِهِ صِفَةُ الدُّعَاءِ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَالَ الْمَسْأَلَةُ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ حَذْوَ مَنْكِبَيْكَ وَالِاسْتِغْفَارُ أَنْ تُشِيرَ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ وَالِابْتِهَالُ أَنْ تَمُدَّ يَدَيْكَ جَمِيعًا وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ قَالَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُجَاوِزَ بِهِمَا رَأسه وَقد صَحَّ عَن بن عُمَرَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ رَأَيْت بن عُمَرَ يَدْعُو عِنْدَ الْقَاصِّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ بَاطِنُهُمَا مِمَّا يَلِيهِ وَظَاهِرُهُمَا مِمَّا يَلِي وَجهه ق ( وَله بَابُ الدُّعَاءِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث قَتَادَة عَن أنس بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِينَا الْحَدِيث وَفِيهِ فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَ عَنَّا فَقَدْ غَرِقْنَا فَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا وَوَجْهٌ أَخْذَهُ مِنَ التَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْخَطِيبَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ وَأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَا فِي الْمَرَّتَيْنِ اسْتَدَارَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي آخِرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَلَا اسْتقْبل الْقبْلَة( قَولُهُ بَابُ الدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث عبد الله بن زيد قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمصلى يَسْتَسْقِي فَدَعَا واستسقى ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة وقلب رِدَاءَهُ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مُطَابِقٌ لِلتَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذَا يُرِيدُ أَنَّهُ قَدَّمَ الدُّعَاءَ قَبْلَ الِاسْتِسْقَاءِ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ لَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ أَنَّهُ لَمَّا تَحَوَّلَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ دَعَا حِينَئِذٍ أَيْضًا.

.

قُلْتُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَأَشَارَ كَعَادَتِهِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَقَدْ مَضَى فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ وَإِنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَتَرْجَمَ لَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الدُّعَاءِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَتْ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ بِالْمَسْجِدِ وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ كَانَتْ بِالْمُصَلَّى وَقَدْ سَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ فَصَارَ حَدِيثُهَا مِنْ جُمْلَةِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَيَسْقُطُ بِذَلِكَ اعْتِرَاضُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ أَصْلِهِ وَقَدْ وَرَدَ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الدُّعَاءِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ عُمَرَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَقَدْ قَدَّمْتُهُ فِي بَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء وَلمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجعل يَهْتِف بربه الحَدِيث وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ اسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَعْبَةَ فَدَعَا عَلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَارِقٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَازَ مَكَانًا مِنْ دَارِ يَعْلَى اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَفِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَبْرِ عَبْدِ اللَّهِ ذِي النِّجَادَيْنِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ رَافِعًا يَدَيْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحه قَولُهُ بَابُ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَادِمِهِ بِطُولِ الْعُمُرِ وَبِكَثْرَةِ مَالِهِ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ قَالَتْ أُمِّي يَا رَسُولَ الله خادمك ادْع الله لَهُ قَالَ اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ الْحَدِيثَ حَدِيث أَنَس قَالَتْ أُمِّي يَا رَسُول الله خادمك ادْع الله لَهُ قَالَ اللَّهُمَّ أَكثر مَاله وَولده الحَدِيث وَقَدْ مَضَى قَرِيبًا وَذَكَرَهُ فِي عِدَّةِ أَبْوَابٍ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ الْعُمُرِ فَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الدُّعَاءَ بِكَثْرَةِ الْوَلَدِ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ طُولِ الْعُمُرِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِنَوْعٍ مِنَ الْمَجَازِ بِأَنْ يُرَادَ أَنَّ كَثْرَةَ الْوَلَدِ فِي الْعَادَةِ تَسْتَدْعِي بَقَاءَ ذِكْرِ الْوَلَدِ مَا بَقِيَ أَوْلَادُهُ فَكَأَنَّهُ حَيٌّ وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ أَشَارَ كَعَادَتِهِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَأَخْرَجَ فِيفَيَتْرُكُ الدُّعَاءَ فَيَكُونُ كَالْمَانِّ بِدُعَائِهِ أَوْ أَنَّهُ أَتَى مِنَ الدُّعَاءِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْإِجَابَةَ فَيَصِيرُ كَالْمُبْخِلِ لِلرَّبِّ الْكَرِيمِ الَّذِي لَا تُعْجِزُهُ الْإِجَابَةُ وَلَا يُنْقِصُهُ الْعَطَاءُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ وَمَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ قِيلَ وَمَا الِاسْتِعْجَالُ قَالَ يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يُسْتَجَابُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ يَسْتَحْسِرُ وَهُوَ بِمُهْمَلَاتٍ يَنْقَطِعُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَدَبٌ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ وَهُوَ أَنَّهُ يُلَازِمُ الطَّلَبَ وَلَا يَيْأَسُ مِنَ الْإِجَابَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الِانْقِيَادِ وَالِاسْتِسْلَامِ وَإِظْهَارِ الِافْتِقَارِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ لَأَنَا أَشَدُّ خَشْيَةً أَنْ أُحْرَمَ الدُّعَاءَ مِنْ أَنْ أُحْرَمَ الْإِجَابَة وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى حَدِيث بن عُمَرَ رَفَعَهُ مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فَوَهَمَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ يُخْشَى عَلَى مَنْ خَالَفَ.

     وَقَالَ  قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي أَنْ يُحْرَمَ الْإِجَابَةَ وَمَا قَامَ مَقَامَهَا مِنَ الِادِّخَارِ وَالتَّكْفِيرِ انْتَهَى وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الدُّعَاءِ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّ دَعْوَةَ الْمُؤْمِنِ لَا تُرَدُّ وَأَنَّهَا إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ الْإِجَابَةُ وَإِمَّا أَنْ تَدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ خَيْرٌ مِمَّا سَأَلَ فَأَشَارَ الدَّاوُدِيُّ إِلَى ذَلِكَ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بن الْجَوْزِيِّ بِقَوْلِهِ.

.
اعْلَمْ أَنَّ دُعَاءَ الْمُؤْمِنِ لَا يُرَدُّ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْأَوْلَى لَهُ تَأْخِيرَ الْإِجَابَةِ أَوْ يُعَوَّضُ بِمَا هُوَ أَوْلَى لَهُ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ لَا يَتْرُكَ الطَّلَبَ مِنْ رَبِّهِ فَإِنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِالدُّعَاءِ كَمَا هُوَ مُتَعَبِّدٌ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ وَمِنْ جُمْلَةِ آدَابِ الدُّعَاءِ تَحَرِّي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ كَالسُّجُودِ وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةُ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ وَتَقْدِيمُ التَّوْبَةِ وَالِاعْتِرَافُ بِالذَّنْبِ وَالْإِخْلَاصُ وَافْتِتَاحُهُ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسُّؤَالُ بِالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَأَدِلَّةُ ذَلِكَ ذُكِرَتْ فِي هَذَا الْكِتَابِ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ مَا مُلَخَّصُهُ الَّذِي يُتَصَوَّرُ فِي الْإِجَابَةِ وَعَدَمِهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ الْأُولَى عَدَمُ الْعَجَلَةِ وَعَدَمُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ الثَّانِيَةُ وُجُودُهُمَا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ عَدَمُ أَحَدِهِمَا وَوُجُودُ الْآخَرِ فَدَلَّ الْخَبَرُ عَلَى أَنَّ الْإِجَابَة تخْتَص بالصورة الأولى دون الثَّلَاث قَالَ وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ قَوْلِهِ تَعَالَى أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان مُقَيَّدٌ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ.

.

قُلْتُ وَقَدْ أُوِّلَ الْحَدِيثُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ قَبْلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِجَابَةِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ بِعَيْنِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ وَالله اعْلَم ( قَولُهُ بَابُ رَفْعِ الْأَيْدِي فِي الدُّعَاءِ) أَيْ عَلَى صِفَةٍ خَاصَّةٍ وَسَقَطَ لَفْظُ بَابٍ لِأَبِي ذَرٍّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  أَبُو مُوسَى هُوَ الْأَشْعَرِيُّ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ قَتْلِ عَمِّهِ أَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي الْمَغَازِي فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَأَشَرْتُ إِلَيْهِ قَبْلُ بِثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ فِي بَابِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وصل عَلَيْهِم قَوْله.

     وَقَالَ  بن عُمَرَ رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكِ مِمَّاصَنَعَ خَالِدٌ وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ قِصَّةِ غَزْوَةِ بَنِي جَذِيمَةَ بِجِيمٍ وَمُعْجَمَةٍ وَزْنُ عَظِيمَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا مَعَ شَرْحِهِ فِي الْمَغَازِي بَعْدَ غَزْوَة الْفَتْح وخَالِد الْمَذْكُور هُوَ بن الْوَلِيدِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الْأُوَيْسِيُّ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَيِ بن كَثِيرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَهَذَا طَرَفٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ بِهَذَا السَّنَدِ مُعَلَّقًا وَوَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأُوَيْسِيُّ بِهِ وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ قِصَّةَ الِاسْتِسْقَاءِ مُطَوَّلَةً مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ وَحْدَهُ عَنْ أَنَسٍ مِنْ طُرُقٍ فِي بَعْضِهَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ إِلَّا هَذَا وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ رَدُّ مَنْ قَالَ لَا يَرْفَعُ كَذَا إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ بَلْ فِيهِ وَفِي الَّذِي بَعْدَهُ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَرْفَعُ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ غَيْرَ الِاسْتِسْقَاءِ أَصْلًا وَتَمَسَّكَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ لَمْ يَكُنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَهُوَ صَحِيحٌ لَكِنْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ صِفَةٌ خَاصَّةٌ لَا أَصْلُ الرَّفْعِ وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الِاسْتِسْقَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرَّفْعَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ يُخَالِفُ غَيْرَهُ إِمَّا بِالْمُبَالَغَةِ إِلَى أَنْ تَصِيرَ الْيَدَانِ فِي حَذْوِ الْوَجْهِ مَثَلًا وَفِي الدُّعَاءِ إِلَى حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ بَلْ يُجْمَعُ بِأَنْ تَكُونَ رُؤْيَةُ الْبَيَاضِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ أَبْلَغَ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ وَإِمَّا أَنَّ الْكَفَّيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ يَلِيَانِ الْأَرْضَ وَفِي الدُّعَاءِ يَلِيَانِ السَّمَاءَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَبِتَقْدِيرِ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ فَجَانِبُ الْإِثْبَاتِ أَرْجَحُ.

.

قُلْتُ وَلَا سِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً أَفْرَدَهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي جُزْءٍ سَرَدَ مِنْهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ جُمْلَةً وَعَقَدَ لَهَا الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بَابًا ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ دُونَ قَوْلِهِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو هَاجَرَ فَذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجُلِ الَّذِي هَاجَرَ مَعَهُ وَفِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو رَافِعًا يَدَيْهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ الْحَدِيثَ وَهُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو لِعُثْمَانَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ فِي قِصَّةِ الْكُسُوفِ فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ يَدْعُو وَعِنْدَهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْكُسُوفِ أَيْضًا ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو وَفِي حَدِيثِهَا عِنْدَهُ فِي دُعَائِهِ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْحَدِيثَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الطَّوِيلِ فِي فَتْحِ مَكَّةَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يَدْعُو وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي قصَّة بن اللتيية ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى فَرَفَعَ يَدَيْهِ.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّ أُمَّتِي وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمًا ثُمَّ سَرَّى عَنْهُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ فَرَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو فَمَالَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فَسَقَطَ خِطَامُهَا فَتَنَاوَلَهُ بِيَدِهِ وَهُوَ رَافِعٌ الْيَدَ الْأُخْرَى أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ وَفِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْحَدِيثَ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.

.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَارَةَ بنرُوَيْبَةَ بِرَاءٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ أَنَّهُ رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا يُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ فَقَدْ حَكَى الطَّبَرِيُّ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ.

     وَقَالَ  السُّنَّةُ أَنَّ الدَّاعِيَ يُشِيرُ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ وَرَدَّهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْخَطِيبِ حَالَ الْخُطْبَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ فَلَا مَعْنَى لِلتَّمَسُّكِ بِهِ فِي مَنْعِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ مَعَ ثُبُوتِ الْأَخْبَارِ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ رَفَعَهُ إِنَّ رَبَّكُمْ حَيّ كريم يستحى مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ خَالِيَةً وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَكَرِهَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء بن عُمَرَ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَرَأَى شُرَيْحٌ رَجُلًا يَرْفَعُ يَدَيْهِ دَاعِيًا فَقَالَ مَنْ تَتَنَاوَلُ بِهِمَا لَا أُمَّ لَكَ وَسَاقَ الطَّبَرِيُّ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ عَنْهُم وَذكر بن التِّينِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ لَيْسَ مِنْ أَمْرِ الْفُقَهَاءِ قَالَ.

     وَقَالَ  فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَخْتَصُّ الرَّفْعُ بِالِاسْتِسْقَاءِ وَيَجْعَلُ بُطُونَهُمَا إِلَى الْأَرْضِ.

.
وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ الطَّبَرِيّ عَن بن عُمَرَ فَإِنَّمَا أَنْكَرَ رَفْعَهُمَا إِلَى حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ.

     وَقَالَ  لِيَجْعَلْهُمَا حَذْوَ صَدْرِهِ كَذَلِكَ أَسْنَدَهُ الطَّبَرِيُّ عَنهُ أَيْضا وَعَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ هَذِهِ صِفَةُ الدُّعَاءِ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَالَ الْمَسْأَلَةُ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ حَذْوَ مَنْكِبَيْكَ وَالِاسْتِغْفَارُ أَنْ تُشِيرَ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ وَالِابْتِهَالُ أَنْ تَمُدَّ يَدَيْكَ جَمِيعًا وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ قَالَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُجَاوِزَ بِهِمَا رَأسه وَقد صَحَّ عَن بن عُمَرَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ رَأَيْت بن عُمَرَ يَدْعُو عِنْدَ الْقَاصِّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ بَاطِنُهُمَا مِمَّا يَلِيهِ وَظَاهِرُهُمَا مِمَّا يَلِي وَجهه ق ( وَله بَابُ الدُّعَاءِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث قَتَادَة عَن أنس بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِينَا الْحَدِيث وَفِيهِ فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَ عَنَّا فَقَدْ غَرِقْنَا فَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا وَوَجْهٌ أَخْذَهُ مِنَ التَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْخَطِيبَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ وَأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَا فِي الْمَرَّتَيْنِ اسْتَدَارَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي آخِرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَلَا اسْتقْبل الْقبْلَة( قَولُهُ بَابُ الدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث عبد الله بن زيد قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمصلى يَسْتَسْقِي فَدَعَا واستسقى ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة وقلب رِدَاءَهُ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مُطَابِقٌ لِلتَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذَا يُرِيدُ أَنَّهُ قَدَّمَ الدُّعَاءَ قَبْلَ الِاسْتِسْقَاءِ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ لَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ أَنَّهُ لَمَّا تَحَوَّلَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ دَعَا حِينَئِذٍ أَيْضًا.

.

قُلْتُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَأَشَارَ كَعَادَتِهِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَقَدْ مَضَى فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ وَإِنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَتَرْجَمَ لَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الدُّعَاءِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَتْ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ بِالْمَسْجِدِ وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ كَانَتْ بِالْمُصَلَّى وَقَدْ سَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ فَصَارَ حَدِيثُهَا مِنْ جُمْلَةِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَيَسْقُطُ بِذَلِكَ اعْتِرَاضُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ أَصْلِهِ وَقَدْ وَرَدَ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الدُّعَاءِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ عُمَرَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَقَدْ قَدَّمْتُهُ فِي بَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء وَلمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجعل يَهْتِف بربه الحَدِيث وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ اسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَعْبَةَ فَدَعَا عَلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَارِقٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَازَ مَكَانًا مِنْ دَارِ يَعْلَى اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَفِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَبْرِ عَبْدِ اللَّهِ ذِي النِّجَادَيْنِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ رَافِعًا يَدَيْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحه قَولُهُ بَابُ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَادِمِهِ بِطُولِ الْعُمُرِ وَبِكَثْرَةِ مَالِهِ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ قَالَتْ أُمِّي يَا رَسُولَ الله خادمك ادْع الله لَهُ قَالَ اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ الْحَدِيثَ حَدِيث أَنَس قَالَتْ أُمِّي يَا رَسُول الله خادمك ادْع الله لَهُ قَالَ اللَّهُمَّ أَكثر مَاله وَولده الحَدِيث وَقَدْ مَضَى قَرِيبًا وَذَكَرَهُ فِي عِدَّةِ أَبْوَابٍ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ الْعُمُرِ فَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الدُّعَاءَ بِكَثْرَةِ الْوَلَدِ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ طُولِ الْعُمُرِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِنَوْعٍ مِنَ الْمَجَازِ بِأَنْ يُرَادَ أَنَّ كَثْرَةَ الْوَلَدِ فِي الْعَادَةِ تَسْتَدْعِي بَقَاءَ ذِكْرِ الْوَلَدِ مَا بَقِيَ أَوْلَادُهُ فَكَأَنَّهُ حَيٌّ وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ أَشَارَ كَعَادَتِهِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَأَخْرَجَ فِي( قَولُهُ بَابُ لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ) الْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ الدُّعَاءُ وَالضَّمِيرَانِ لِلَّهِ تَعَالَى أَوِ الْأَوَّلُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَالثَّانِي لِلَّهِ تَعَالَى جَزْمًا وَمُكْرِهَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ)
أَيْ إِذَا دَعَا مَا لَمْ يَعْجَلْ وَالتَّعْبِيرُ بِالْعَبْدِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِدْرِيسَ كَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ

[ قــ :6007 ... غــ :6340] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ هُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَوْله مولى بن أَزْهَرَ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ .

     قَوْلُهُ  يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ أَيْ يُجَابُ دُعَاؤُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الَّذين اسْتَجَابُوا لله .

     قَوْلُهُ  يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فَيَقُولُ بِزِيَادَةِ فَاءٍ وَاللَّام مَنْصُوبَة قَالَ بن بَطَّالٍ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَسْأَمُ فَيَتْرُكُ الدُّعَاءَ فَيَكُونُ كَالْمَانِّ بِدُعَائِهِ أَوْ أَنَّهُ أَتَى مِنَ الدُّعَاءِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْإِجَابَةَ فَيَصِيرُ كَالْمُبْخِلِ لِلرَّبِّ الْكَرِيمِ الَّذِي لَا تُعْجِزُهُ الْإِجَابَةُ وَلَا يُنْقِصُهُ الْعَطَاءُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ وَمَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ قِيلَ وَمَا الِاسْتِعْجَالُ قَالَ يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يُسْتَجَابُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ يَسْتَحْسِرُ وَهُوَ بِمُهْمَلَاتٍ يَنْقَطِعُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَدَبٌ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ وَهُوَ أَنَّهُ يُلَازِمُ الطَّلَبَ وَلَا يَيْأَسُ مِنَ الْإِجَابَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الِانْقِيَادِ وَالِاسْتِسْلَامِ وَإِظْهَارِ الِافْتِقَارِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ لَأَنَا أَشَدُّ خَشْيَةً أَنْ أُحْرَمَ الدُّعَاءَ مِنْ أَنْ أُحْرَمَ الْإِجَابَة وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى حَدِيث بن عُمَرَ رَفَعَهُ مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فَوَهَمَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ يُخْشَى عَلَى مَنْ خَالَفَ.

     وَقَالَ  قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي أَنْ يُحْرَمَ الْإِجَابَةَ وَمَا قَامَ مَقَامَهَا مِنَ الِادِّخَارِ وَالتَّكْفِيرِ انْتَهَى وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الدُّعَاءِ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّ دَعْوَةَ الْمُؤْمِنِ لَا تُرَدُّ وَأَنَّهَا إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ الْإِجَابَةُ وَإِمَّا أَنْ تَدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ خَيْرٌ مِمَّا سَأَلَ فَأَشَارَ الدَّاوُدِيُّ إِلَى ذَلِكَ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بن الْجَوْزِيِّ بِقَوْلِهِ.

.
اعْلَمْ أَنَّ دُعَاءَ الْمُؤْمِنِ لَا يُرَدُّ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْأَوْلَى لَهُ تَأْخِيرَ الْإِجَابَةِ أَوْ يُعَوَّضُ بِمَا هُوَ أَوْلَى لَهُ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ لَا يَتْرُكَ الطَّلَبَ مِنْ رَبِّهِ فَإِنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِالدُّعَاءِ كَمَا هُوَ مُتَعَبِّدٌ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ وَمِنْ جُمْلَةِ آدَابِ الدُّعَاءِ تَحَرِّي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ كَالسُّجُودِ وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةُ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ وَتَقْدِيمُ التَّوْبَةِ وَالِاعْتِرَافُ بِالذَّنْبِ وَالْإِخْلَاصُ وَافْتِتَاحُهُ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسُّؤَالُ بِالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَأَدِلَّةُ ذَلِكَ ذُكِرَتْ فِي هَذَا الْكِتَابِ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ مَا مُلَخَّصُهُ الَّذِي يُتَصَوَّرُ فِي الْإِجَابَةِ وَعَدَمِهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ الْأُولَى عَدَمُ الْعَجَلَةِ وَعَدَمُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ الثَّانِيَةُ وُجُودُهُمَا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ عَدَمُ أَحَدِهِمَا وَوُجُودُ الْآخَرِ فَدَلَّ الْخَبَرُ عَلَى أَنَّ الْإِجَابَة تخْتَص بالصورة الأولى دون الثَّلَاث قَالَ وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ قَوْلِهِ تَعَالَى أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان مُقَيَّدٌ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ.

.

قُلْتُ وَقَدْ أُوِّلَ الْحَدِيثُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ قَبْلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِجَابَةِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ بِعَيْنِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ وَالله اعْلَم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَعْجَلْ
هذا ( باب) بالتنوين ( يستجاب للعبد) دعاؤه ( ما لم يعجل) .


[ قــ :6007 ... غــ : 6340 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِى».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام الأعظم ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن أبي عبيد) بضم العين وتنوين الدال ( مولى ابن أزهر) بفتح الهمزة والهاء بينهما زاي ساكنة آخره راء عبد الرَّحمن ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل) بفتح التحتية والجيم بينهما عين ساكنة وقال في الكواكب: يستجاب من الاستجابة بمعنى الإِجابة.
إلى الشاعر:
فلم يستجبه عند ذاك مجيب
وقوله: لأحدكم أي يجاب دعاء كل واحد منكم إذ المفرد المضاف يفيد العموم على الأصح ( يقول) بيان لقوله: ما لم يعجل، ولأبي ذر مما في الفتح فيقول بالفاء والنصب ( دعوت فلم يستجب لي) بضم التحتية وفتح الجيم، وفي رواية أبي إدريس الخولاني عن أبي هريرة عند مسلم والترمذي: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم وما لم يستعجل، قيل: وما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء، وقوله فيستحسر بمهملات استفعال من حسر إذا أعيا وتعب وتكرار دعوت للاستمرار أي دعوت مرارًا كثيرة.
قال المظهري: من كان له ملالة من الدعاء لا يقبل دعاؤه لأن الدعاء عبادة حصلت الإجابة أو لم تحصل فلا ينبغي للمؤمن أن يمل من العبادة وتأخير الإجابة إما لأنه لم يأت وقتها فإن لكل شيء وقتًا وإما لأنه لم يقدر في الأزل قبول دعائه في الدنيا ليعطى عوضه في الآخرة، وإما أن يؤخر القبول ليلح ويبالغ في ذلك فإن الله تعالى يحب الإلحاح في الدعاء مع ما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار ومن يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له، ومن يكثر الدعاء يوشك أن يستجاب له.

وللدعاء آداب.
منها تقديم الوضوء والصلاة والتوبة والإخلاص واستقبال القبلة وافتتاحه بالحمد والثناء والصلاة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأن يختتم الدعاء بالطابع وهو آمين وأن لا يخص نفسه بالدعاء، بل يعم ليدرج دعاءه وطلبه في تضاعيف دعاء الموحدين ويخلط حاجته بحاجتهم لعلها أن تقبل ببركتهم وتجاب وأصل هذا كله ورأسه اتقاء الشبهات فضلاً عن الحرام، وفي حديث مالك بن يسار مرفوعًا: إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم.
رواه أبو داود ومن عادة من يطلب شيئًا من غيره أن يمدّ كفه إليه فالداعي يبسط كفه إلى الله متواضعًا متخشعًا وحكمة مسح الوجه بهما التفاؤل بإصابة ما طلب.
وتبركًا بإيصاله إلى وجهه الذي هو أعلى الأعضاء وأولاها فمنه يسري إلى سائر الأعضاء.

والحديث أخرجه مسلم في الدعوات أيضًا، وأبو داود في الصلاة والترمذي وابن ماجة في الدعاء.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ يُسْتَجابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَعْجَلْ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ يُسْتَجَاب للْعَبد دعاؤه مَا لم يعجل.



[ قــ :6007 ... غــ :6340 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ أبي عُبَيْد مَوْلى ابنِ أزْهَرَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقولَ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو عبيد اسْمه سعد بن عبيد، وَمولى ابْن أَزْهَر اسْمه عبد الرَّحْمَن.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الدَّعْوَات عَن يحيى بن يحيى وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن القعْنبِي.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات عَن إِسْحَاق ابْن مُوسَى الْأنْصَارِيّ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد.

قَوْله: ( يُسْتَجَاب) أَي: يُجَاب لأحدكم دعاؤه..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي يُسْتَجَاب من الاستجابة بِمَعْنى الْإِجَابَة.
قَوْله: ( لأحدكم) أَي: كل وَاحِد مِنْكُم إِذْ إسم الْجِنْس الْمُضَاف يُفِيد الْعُمُوم على الْأَصَح.
قَوْله: ( فَيَقُول) بِالنّصب لَا غير، وَفِي رِوَايَة غير أبي ذَر: يَقُول، بِدُونِ الْفَاء،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: الْمَعْنى أَنه يسأم وَيتْرك الدُّعَاء فَيكون كالملون بدعائه، أَو إِنَّه يَأْتِي من الدُّعَاء بِمَا يسْتَحق بِهِ الْإِجَابَة فَيصير كالمبخل للرب الْكَرِيم الَّذِي لَا تعجزه الْإِجَابَة وَلَا ينقصهُ الْعَطاء،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هُنَا شَرط الاستجابة عدم العجلة وَعدم القَوْل، أَي قَوْله: ( دَعَوْت فَلم يستجب لي) فَمَا حكمه فِي الصُّور الثَّلَاث الْبَاقِيَة؟ يَعْنِي: وجودهَا وَوُجُود المعجلة دون القَوْل وَالْعَكْس؟ وَأجَاب بِأَن مُقْتَضى الشّرطِيَّة عدم الاستجابة فِي الْأَوليين، وَأما الثَّالِثَة فَهِيَ غير متصورة، ثمَّ قَالَ: قَوْله عز وَجل: { أُجِيب دَعْوَة ... دعان} ( الْبَقَرَة: 186) مُطلق لَا تَقْيِيد فِيهِ.
وَأجَاب بِأَنَّهُ يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد كَمَا هُوَ مُقَرر فِي الْأُصُول.
قلت: وَفِيه نظر لَا يخفى، ثمَّ قَالَ: هَذِه الْأَخْبَار تَقْتَضِي إِجَابَة كل الدَّعْوَات الَّتِي انْتَفَى فِيهَا العدمان، لَكِن ثَبت أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَأَلت الله ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة، وَهِي: لَا يُذِيق بعض أمته بَأْس بعض، وَكَذَا مَفْهُوم كل دَعْوَة مستجابة إِن لَهُ دعوات غير مستجابة.
وَأجَاب بِأَن التَّعْجِيل من جبلة الْإِنْسَان قَالَ الله تَعَالَى: { ( 12) خلق الْإِنْسَان.
.
عجل}
( الْأَنْبِيَاء: 37) فوجود الشَّرْط مُتَعَذر أَو متعسر فِي أَكثر الْأَحْوَال.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ رَفْعِ الأيْدِي فِي الدُّعاءِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة رفع الْأَيْدِي فِي الدُّعَاء وَسقط لفظ: بابُُ، فِي رِوَايَة أبي ذَر.

وَقَالَ أَبُو مُوسَى الأشْعَرِيُّ: دَعَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ،.

     وَقَالَ : ورأيْتُ بَياضَ إبْطَيْهِ.

إسم أبي مُوسَى عبد الله بن قيس، وَهَذَا التَّعْلِيق من حَدِيث طَوِيل فِي قَضِيَّة قتل عَمه أبي عَامر الْأَشْعَرِيّ، وَتقدم فِي الْمَغَازِي مَوْصُولا فِي غَزْوَة حنين.

وَقَالَ ابنُ عُمَرَ: رَفَعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ.

     وَقَالَ : اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأ إلَيْكَ مِما صَنَعَ خالِدٌ.

خَالِد هُوَ ابْن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ وَهَذَا التَّعْلِيق أَيْضا من حَدِيث فِيهِ قَضِيَّة خَالِد فِي غَزْوَة بني جذيمة بِفَتْح الْجِيم وَكسر الذَّال الْمُعْجَمَة، وَذَلِكَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه إِلَيْهِم فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَام، فَلم يحسنوا أَن يَقُولُوا: أسلمنَا، فَجعلُوا يَقُولُونَ: صبأنا، فَجعل يقتل ويأسر، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرفع يَدَيْهِ..
     وَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا صنع خَالِد.


[ قــ :6007 ... غــ :6341 ]
- قَالَ أبُو عَبْدِ الله:.

     وَقَالَ  الأُوَيْسِيُّ: حدّثني محَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ يَحْيَى بنِ سَعيدٍ وشَرِيكٍ سَمعَا أنَساً عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رأيْتُ بَياضَ إبْطَيْهِ.
( انْظُر الحَدِيث 1031 وطرفه) .


أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، والأويسي نِسْبَة إِلَى أويس مصغر أَوْس فِي الأَصْل، وَلَكِن النِّسْبَة إِلَى أَوْس هُوَ ابْن حَارِثَة، قَبيلَة فِي الْأَنْصَار وَفِي تغلب وَفِي الأزد وَفِي خثعم، والأويسي، هَذَا نِسْبَة إِلَى أويس بن سعد بن أبي سرح إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى غَالب ابْن فهر واسْمه عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى بن عمر بن أويس الْقرشِي العامري الأويسي الْمدنِي، شيخ البُخَارِيّ، وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي كثير الْأنْصَارِيّ، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، وَشريك بن عبد الله بن نمير الْقرشِي الْمَدِينِيّ.

وَهَذَا الحَدِيث مُخْتَصر من حَدِيث الاسْتِسْقَاء، وَهَذِه التَّعَالِيق الثَّلَاثَة تدل على رفع الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء، وَلَكِن لَا تدل على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
هَل كَانَ يَجْعَل كفيه نَحْو السَّمَاء أَو نَحْو الأَرْض، وَفِي هَذَا الْبابُُ خلاف كثير، فَمنهمْ من كره رفع الْيَدَيْنِ فَإِذا دَعَا الله فِي حَاجته يُشِير بإصبعه السبابَُة، وروى شُعْبَة عَن قَتَادَة قَالَ: رأى ابْن عمر قوما رفعوا أَيْديهم فَقَالَ: من يتَنَاوَل هَؤُلَاءِ؟ فوَاللَّه لَو كَانُوا على رَأس أطول جبل مَا ازدادوا من الله قرباً، وَكَرِهَهُ جُبَير بن مطعم، وَرَأى شُرَيْح رجلا رَافعا يَدَيْهِ يَدْعُو فَقَالَ: من يتَنَاوَل بهَا لَا أم لَك؟.

     وَقَالَ  مَسْرُوق لقوم رفعوا أَيْديهم: قطعهَا الله، وَكَانَ قَتَادَة يُشِير بإصبعه وَلَا يرفع يَدَيْهِ، وَمِنْهُم من اخْتَار بسط كفيه رافعهما، ثمَّ اخْتلفُوا فِي صفته، فَمنهمْ من قَالَ: يرفعهما حَذْو صَدره بطونهما إِلَى وَجهه، رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس: إِذا رفع يَدَيْهِ حَذْو صَدره فَهُوَ الدُّعَاء، وَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يَدْعُو بباطن كفيه، وَعَن أنس مثله.
وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ صَالح بن كيسَان عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا سَأَلْتُم الله عز وَجل فَاسْأَلُوهُ ببطون كفكم وَلَا تسألوه بظهورها، وامسحوا بهَا وُجُوهكُم.
وَمِنْهُم من اخْتَار رفع أَيْديهم إِلَى وُجُوههم، رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر وَابْن الزبير رَضِي الله عَنْهُم وَمِنْهُم من اخْتَار رفع أَيْديهم حَتَّى يحاذوا بهَا وُجُوههم وَظُهُورهمَا مِمَّا تلِي وُجُوههم، وَمِنْهُم من يَجْعَل بطونهما إِلَى السَّمَاء فِي الرَّغْبَة وَإِلَى الأَرْض فِي الرهبة، وَقيل: يَجْعَل بطونهما إِلَى السَّمَاء مُطلقًا فِي كل حَال..
     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: رُوِيَ حَدِيث فِي إِسْنَاده نظر: أَن الدَّاعِي يمسح وَجهه بيدَيْهِ عِنْد آخر دُعَائِهِ.
قلت: كَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّد بن كَعْب عَن ابْن عَبَّاس، هَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بطرق، قَالَ الْحَافِظ الْمزي: كلهَا ضَعِيفَة.