هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
597 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
597 حدثنا علي بن عياش ، قال : حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ .

Narrated Jabir bin `Abdullah:

Allah's Messenger (ﷺ) said, Whoever after listening to the Adhan says, 'Allahumma Rabba hadhihi-dda` watit-tammah, was-salatil qa'imah, ati Muhammadan al-wasilata wal-fadilah, wa b`ath-hu maqaman mahmudan-il-ladhi wa`adtahu' [O Allah! Lord of this perfect call (perfect by not ascribing partners to You) and of the regular prayer which is going to be established, give Muhammad the right of intercession and illustriousness, and resurrect him to the best and the highest place in Paradise that You promised him (of)], then my intercession for him will be allowed on the Day of Resurrection.

":"ہم سے علی بن عیاش ہمدانی نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے شعیب بن ابی حمزہ نے بیان کیا ، انھوں نے محمد بن المنکدر سے بیان کیا ، انھوں نے جابر بن عبداللہ رضی اللہ عنہ سے کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہجو شخص اذان سن کر یہ کہے «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته» اسے قیامت کے دن میری شفاعت ملے گی ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [614] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ بِالْيَاءِ الْأَخِيرَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْحِمْصِيُّ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يَلْقَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ غَيْرُهُ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الْقُدَمَاءُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ مَعَ تَقَدُّمِهِ عَلَى أَحْمَدَ عَنْهُ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ شُعَيْبًا تفرد بِهِ عَن بن الْمُنْكَدِرِ فَهُوَ غَرِيبٌ مَعَ صِحَّتِهِ وَقَدْ تُوبِعَ بن الْمُنْكَدِرِ عَلَيْهِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ نَحوه وَوَقع فِي زَوَائِد الْإِسْمَاعِيلِيّ أَخْبرنِي بن الْمُنْكَدِرِ .

     قَوْلُهُ  مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ أَيِ الْأَذَانَ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ نِدَاءَ الْمُؤَذِّنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ حَالَ سَمَاعِ الْأَذَانِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِفَرَاغِهِ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ النِّدَاءِ تَمَامَهُ إِذِ الْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْكَامِلِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ قُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَفِي هَذَا أَنَّ ذَلِكَ يُقَالُ عِنْدَ فَرَاغِ الْأَذَانِ وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إِجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ بِمِثْلِ مَا يَقُولُ بَلْ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الذِّكْرِ الْمَذْكُورِ كَفَاهُ وَقَدْ بَيَّنَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمُرَادَ وَأَنَّ الْحِينَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَاسْتدلَّ بِهِ بن بَزِيزَةَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ لِظَاهِرِ إِيرَادِهِ لَكِنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يَدَّعِي الْوُجُوبَ وَبِهِقَالَ الْحَنَفِيَّة وبن وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَخَالَفَ الطَّحَاوِيُّ أَصْحَابَهُ فَوَافَقَ الْجُمْهُورَ .

     قَوْلُهُ  رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ بِفَتْحِ الدَّالِ زَادَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالْمُرَادُ بِهَا دَعْوَةُ التَّوْحِيد كَقَوْلِه تَعَالَى لَهُ دَعْوَة الْحق وَقِيلَ لِدَعْوَةِ التَّوْحِيدِ تَامَّةٌ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ نَقْصٌ أَوِ التَّامَّةُ الَّتِي لَا يَدْخُلُهَا تَغْيِيرٌ وَلَا تَبْدِيلٌ بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ النُّشُورِ أَوْ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَسْتَحِقُّ صِفَةَ التَّمَامِ وَمَا سواهَا فمعرض للْفَسَاد.

     وَقَالَ  بن التِّينِ وُصِفَتْ بِالتَّامَّةِ لِأَنَّ فِيهَا أَتَمَّ الْقَوْلِ وَهُوَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ من أَوله إِلَى قَوْله مُحَمَّد رَسُولُ اللَّهِ هِيَ الدَّعْوَةُ التَّامَّةِ وَالْحَيْعَلَةُ هِيَ الصَّلَاةُ الْقَائِمَةِ فِي قَوْلِهِ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَبِالْقَائِمَةِ الدَّائِمَةُ مِنْ قَامَ عَلَى الشَّيْءِ إِذَا دَاوَمَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ بَيَانٌ لِلدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ الْمَدْعُوِّ إِلَيْهَا حِينَئِذٍ وَهُوَ أَظْهَرُ .

     قَوْلُهُ  الْوَسِيلَةَ هِيَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى الْكَبِيرِ يُقَالُ تَوَسَّلْتُ أَيْ تَقَرَّبْتُ وَتُطْلَقُ عَلَى الْمَنْزِلَةِ الْعَلِيَّةِ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَنَحْوُهُ لِلْبَزَّارِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيُمْكِنُ رَدُّهَا إِلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْوَاصِلَ إِلَى تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ قَرِيبٌ مِنَ اللَّهِ فَتَكُونُ كَالْقُرْبَةِ الَّتِي يُتَوَسَّلُ بِهَا .

     قَوْلُهُ  وَالْفَضِيلَةَ أَيِ الْمَرْتَبَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى سَائِرِ الْخَلَائِقِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَنْزِلَةً أُخْرَى أَوْ تَفْسِيرًا لِلْوَسِيلَةِ .

     قَوْلُهُ  مَقَامًا مَحْمُودًا أَيْ يُحْمَدُ الْقَائِمُ فِيهِ وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي كُلِّ مَا يَجْلِبُ الْحَمْدَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ وَنُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيِ ابْعَثْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَقِمْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا أَوْ ضَمَّنَ ابْعَثْهُ مَعْنَى أَقِمْهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ وَمَعْنَى ابْعَثْهُ أَعْطِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيِ ابْعَثْهُ ذَا مَقَامٍ مَحْمُودٍ قَالَ النَّوَوِيُّ ثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ بِالتَّنْكِيرِ وَكَأَنَّهُ حِكَايَةٌ لِلَفْظِ الْقُرْآنِ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ إِنَّمَا نَكَّرَهُ لِأَنَّهُ أَفْخَمُ وَأَجْزَلُ كَأَنَّهُ قِيلَ مَقَامًا أَيْ مَقَامًا مَحْمُودًا بِكُلِّ لِسَانٍ.

.

قُلْتُ وَقَدْ جَاءَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِعَيْنِهَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِالتَّعْرِيفِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَهِيَ فِي صَحِيح بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ أَيْضًا وَفِي الطَّحَاوِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الدُّعَاءِ وَالْبَيْهَقِيِّ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كَالنَّوَوِيِّ .

     قَوْلُهُ  الَّذِي وَعَدْتَهُ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ انك لَا تخلف الميعاد.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ بِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى عَسَى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ الْوَعْدُ لِأَنَّ عَسَى مِنَ اللَّهِ أوقع كَمَا صَحَّ عَن بن عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِ وَالْمَوْصُولُ إِمَّا بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَان أَو وَاقع خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَلَيْسَ صِفَةً لِلنَّكِرَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وبن خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِمَا الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيَصِحُّ وَصفه بالموصول وَالله أعلم قَالَ بن الْجَوْزِيِّ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الشَّفَاعَةُ وَقِيلَ إِجْلَاسُهُ عَلَى الْعَرْشِ وَقِيلَ عَلَى الْكُرْسِيِّ وَحَكَى كُلًّا مِنَ الْقَوْلَيْنِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ لَا يُنَافِي الْأَوَّلَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْإِجْلَاسُ عَلَامَةَ الْإِذْنِ فِي الشَّفَاعَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الشَّفَاعَةُ كَمَا هُوَ الْمَشْهُور وَأَنْ يَكُونَ الْإِجْلَاسُ هِيَ الْمَنْزِلَةُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بالوسيلة أَو الْفَضِيلَة وَوَقع فِي صَحِيح بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا يَبْعَثُ اللَّهُ النَّاسَ فَيَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْرَاءَ فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ هُوَ الثَّنَاءُ الَّذِي يُقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيِ الشَّفَاعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ مَجْمُوعُ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَيُشْعِرُ .

     قَوْلُهُ  فِي آخِرِ الْحَدِيثِ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي بِأَنَّ الْأَمْرَ الْمَطْلُوبَ لَهُ الشَّفَاعَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  حَلَّتْ لَهُ أَيِ اسْتَحَقَّتْ وَوَجَبَتْ أَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ يُقَالُ حَلَّ يَحُلُّ بِالضَّمِّ إِذَا نَزَلَ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ حَلَّتْ عَلَيْهِ وَوَقع فِي الطَّحَاوِيّ من حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَجَبَتْ لَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حلت منالْحِلِّ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحَرَّمَةً .

     قَوْلُهُ  شَفَاعَتِي اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ جَعْلَ ذَلِكَ ثَوَابًا لِقَائِلِ ذَلِكَ مَعَ مَا ثَبَتَ مِنْ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِلْمُذْنِبِينَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَاتٌ أُخْرَى كَإِدْخَالِ الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَكَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ فَيُعْطَى كُلُّ أَحَدٍ مَا يُنَاسِبُهُ وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِمَنْ قَالَهُ مُخْلِصًا مُسْتَحْضِرًا إِجْلَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مَنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مُجَرَّدَ الثَّوَابِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَهُوَ تَحَكُّمٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ وَلَوْ كَانَ أَخْرَجَ الْغَافِلَ اللَّاهِيَ لَكَانَ أَشْبَهَ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ فِي الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى الدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ حَالُ رَجَاءِ الْإِجَابَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( قَولُهُ بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الْأَذَانِ) أَيِ الِاقْتِرَاعُ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ قِيلَ لَهُ الِاسْتِهَامُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْتُبُونَ أَسْمَاءَهُمْ عَلَى سِهَامٍ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْءِ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ غَلَبَ .

     قَوْلُهُ  وَيَذْكُرُ أَنَّ قَوْمًا اخْتَلَفُوا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ تَشَاحَّ النَّاسُ فِي الْأَذَانِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَاخْتَصَمُوا إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَقَدْ وَصَلَهُ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ فِي الْفُتُوحِ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ عَنْ شَقِيقٍ وَهُوَ أَبُو وَائِلٍ قَالَ افْتَتَحْنَا الْقَادِسِيَّةَ صَدْرَ النَّهَارِ فَتَرَاجَعْنَا وَقَدْ أُصِيبَ الْمُؤَذِّنُ فَذَكَرَهُ وَزَادَ فَخَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ فَأَذَّنَ فَائِدَةٌ الْقَادِسِيَّةُ مَكَانٌ بِالْعِرَاقِ مَعْرُوفٌ نُسِبَ إِلَى قَادِسٍ رَجُلٍ نَزَلَ بِهِ وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدَّسَ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَلِذَلِكَ صَارَ مَنْزِلًا لِلْحَاجِّ وَكَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ مَشْهُورَةٌ مَعَ الْفُرْسِ وَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَكَانَ سَعْدٌ يَوْمَئِذٍ الْأَمِيرَ عَلَى النَّاسِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [614] حدثني ابن عياش: ثنا شعيب بي أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، ان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( من قال حين يسمع النداء: اللهم، رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، ات محمد الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقأمامحموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة) ) .
هذا مما وتفرد [به] البخاري دون مسلم.
وخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب من حديث ابن المنكدر، لا نعلم احد رواه غير شعيب بن أبي حمزة.
وذكر ابن أبي حاتم، عن أبيه، قال: قد طعن في هذا الحديث، وكانعرض شعيب بن أبي حمزة على ابن المنكدر كتاباً، فامر بقراءته عليه، فعرف بعضاً وانكر بعضاً، وقال لابنه - او لابن اخيه -: اكتب هذه الاحاديث، فدون شعيب ذلك الكتاب ولم تثبت رواية شعيب تلك الاحاديث على الناس، وعرض علي بعض تلك الكتب [فرأيتها مشابهة] لحديث إسحاق بن أبي فروة، وهذا الحديث من تلك الاحاديث.
انتهى.
وقد روى الاثرم، عن أحمد، قال: نظرت في كتب شعيب، اخرجها الي ابنه، فإذا فيها من الصحة والحسن والمشكل نحو هذا.
وقد روي، عن جابر من وجه اخر بلفظ فيه بعض مخالفة، وهو يدل على ان لحديث جابر اصلاً.
خرجه الامام أحمد من رواية ابن لهيعة: ثنا ابو الزبير، عن جابر، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: "من قال حين ينادي المنادي: اللهم، رب هذه الدعوة التامة والصلاة النافعة، صل على محمد وارض عنه رضا لاسخط بعده؛ استجاب الله دعوته".
وقد روي في هذا المعنى وسؤال الوسيلة عند سماع الاذان من حديث أبي الدرداء، وابن مسعود – مرفوعا -، وفي إسنادهما ضعف.
ومما يشهد له – أيضا -: حديث خرجه مسلم من طريق كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، انه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فانه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله، وارجو ان اكون انا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) .
وعبد الرحمن بن جبير هذا: مولى نافع بن عمرو القرشي المصري، وظن بعضهم، انه: ابن جبير بن نفير، فوهم، وقد فرق بينهما البخاري والترمذي وابو حاتم الرازي وابنه.
وقد روي عن الحسن، ان هذا الدعاء يشرع عند سماع اخر الاقامة.
روي ابن أبي شيبة: ثنا ابو الاحوص، عن أبي حمزة، عن الحسن، قال: إذا قال المؤذن: ( قد قامت الصلاة) ، فقل: اللهم، رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، اعط محمداً سؤله يوم القيامة.
فلا يقولها رجل حين يقيم المؤذن الا ادخله الله في شفاعة محمد يوم القيامة.
وروي ابن السني في كتاب "عمل اليوم والليلة" من رواية عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن عطاء بن قرة، عن عبد الله بن ضمرة، عن أبي هريرة، انه كان يقول إذا سمع المؤذن يقيم: اللهم، رب هذه الدعوة التامة وهذه الصلاة القائمة، صل على محمد واته سؤله يوم القيامة.
وهذه الاثار تشهد للمنصوص عند أحمد، انه يدعو عند الاقامة، كما سبق عنه.
وقوله: ( من قال حين يسمع النداء) : ظاهره انه يقول ذلك في حال سماع النداء، قبل فراغه.
ويحتمل انه يريد به حين يفرغ من سماعه.
وحديث عبد الله بن عمرو صريح في انه يسأل الوسيلة بعد اجابة المؤذن والصلاة على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وهذا هو الاظهر؛ فانه يشرع قبل جميعالدعاء تقديم الثناء على الله والصلاة على رسوله، ثم يدعو بعد ذلك.
وقوله: ( اللهم رب هذه الدعوة التامة) .
والمراد بالدعوة التامة: دعوة الاذان؛ فانها دعاء إلى اشرف العبادات، والقيام في مقام القرب والمناجاة؛ فلذلك كانت دعوة تامة - أي: كاملة لا نقص فيها، بخلاف ما كانت دعوات اهل الجاهلية: أمافي استنصار على عدو، او إلى نعي ميت، او إلى طعام، ونحو ذلك مما هو ظاهره النقص والعيب.
وروى ابو عيسى الاسواري، قال: كان ابن عمر إذا سمع الاذان قال: اللهم رب هذه الدعوة المستجابة المستجاب لها، دعوة الحق وكلمة التقوى، فتوفني عليها، واحيني عليها، واجعلني من صالح اهلها عملاً يوم القيامة.
وقد روي عن ابن عمر - موقوفا - من وجوه اخر.
وروي عنه مرفوعا من وجه ضعيف.
قال الدارقطني: الصحيح: موقوف.
وخرج بقي بن مخلد والحاكم من حديث عفير بن معدان، عن [سليم بن عامر، عن] أبي امامة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( إذا نادى المنادي فتحت ابواب السماء واستجيب الدعاء، فمن نزل به كرب او شدة فليتحين المنادي إذا نادى، فليقل مثل مقاله، ثم ليقل: اللهم، رب هذه الدعوة التامة الصادقة الحق المستجابة،والمستجاب لها، دعوة الحق وكلمة التقوى، أحينا عليها، وامتنا عليها، وابعثنا عليها، واجعلنا من خيار اهلها محياُ ومماتاً.
ثم يسأل حاجته)
.
وعفير، ضعيف جداً.
وقوله: ( والصلاة القائمة) – أي: التي ستقوم وتحضر.
وقد خرج البيهقي حديث جابر، ولفظه: ( اللهم اني اسالك بحق هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة) .
وهذا اللفظ لا اشكال فيه؛ فان الله سبحانه جعل لهذه الدعوة وللصلاة حقا كتبه على نفسه، لا يخلفه لمن قام بهما من عباده، فرجع الامر إلى السؤال بصفات الله وكلماته.
ولهذا استدل الامام أحمد على ان القران ليس بمخلوق باستعاذة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكلمات الله التامة، وقال: انما يستعاذ بالخالق لا بالمخلوق.
وأمارواية من روي: ( اللهم، رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة) ، كما هي رواية البخاري والترمذي وغيرهما، فيقال: كيف جعل هذه الدعوة مربوبة، مع ان فيها كلمة التوحيد، وهي من القرآن، والقرآن غير مربوب ولا مخلوق؟ وبهذا فرق من فرق من اهل السنة بين افعال الايمان واقواله، فقال: اقواله غير مخلوقة، وافعاله مخلوقة؛ لان اقواله كلها ترجع إلى القران؟واجيب عن هذا بوجوه: منها: ان المربوب هو الدعوة إلى الصلاة خاصة، وهو قوله: ( حي على الصلاة، حي على الفلاح) ، وليس ذلك في القرآن، ولم يرد به التكبير والتهليل.
وفيه بعد.
ومنها: ان المربوب هو ثوابها.
وفيه ضعف.
ومنها: ان هذه الكلمات من التهليل والتكبير هي من القرآن بوجه، وليست منه بوجهه، كما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( افضل الكلام من القران اربع، وهن من القرآن: سبحانه الله، والحمد الله، ولا اله الا الله، والله اكبر) ) .
فهي من القرآن إذا وقعت في اثناء القرآن، وليست منه إذا وقعت من كلام خارج عنه، فيصح ان تكون الكلمات الواقعة من ذلك في ضمن ذلك مربوبة.
وقد كره الامام أحمد ان يؤذن الجنب، وعلل بأن في الاذان كلمات من القرآن.
والظاهر: ان هذا على كراهة التنزيه دون التحريم.
ومن الأصحاب من حملة على التحريم، وفيه نظر؛ فان الجنب لا يمنع من قول: "سبحان الله، والحمد الله، ولا قوة الا بالله، والله اكبر" على وجه الذكر، دون التلاوة.
وسئل إسحاق عن الجنب يجيب المؤذن؟ قال: نعم؛ لانه ليسبقران.
ومنها: ان الرب ما يضاف اليه الشيء، وان لم يكن خلقا لم، كرب الدار ونحوه، فالكلام يضاف إلى الله؛ لانه هو المتكلم به، ومنه بدأ، واليه يعود، فهذا بمعنى اضافته إلى [ربوبية] الله.
وقد صرح بهذا المعنى الاوزاعي، وقال فيمن قال: ( برب القران) : ان لم يرد ما يريد الجهمية فلا بأس.
يعني: إذا لم يرد بربوبيته خلقه كما يريده الجهمية، بل اراد اضافة الكلام إلى المتكلم به.
وقوله: ( ات محمداً الوسيلة) ، قد تقدم حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، انه قال: ( ( ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله، وارجو ان اكون انا هو) ) .
وخرج الامام أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال ( ( سلوا الله لي الوسيلة) ) .
قالوا: يارسول الله، وما الوسيلة؟ قال: ( ( اعلى درجة من الجنة، لاينالها الا رجل واحد ارجو ان اكون انا) ) .
ولفظ الامام أحمد: ( ( إذا صليتم علي فسلوا الله لي الوسيلة) ) - وذكر باقيه.
وخرج الامام أحمد من حديث أبي سعيد، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( الوسيلة درجة عند الله عز وجل ليس فوقها درجة، فسلوا الله ان يؤتيني الوسيلة) ) .
وأما ( ( الفضيلة) ) ، فالمراد – والله اعلم -: اظهار فضيلته على الخلق اجمعين يوم القيامة وبعده، واشهاد تفضيله عليهم في ذلك الموقف، كما قال: ( ( انا سيد ولد ادم يوم القيامة) ) ، ثم ذكر حديث الشفاعة.
وقوله: ( ( وابعثه مقأمامحمودا) ) ، هكذا في رواية البخاري وأبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم.
وعزا بعضهم إلى النسائي، انه رواه بلفظ: ( ( المقام المحمود) ) بالتعريف، وليس كذلك.
[وكذلك] وقعت هذه اللفظة بالالف واللام في بعض طرق روايات الاسماعيلي في ( ( صحيحه) ) .
ووجه الرواية المشهورة: ان ذلك متابعة للفظ القرآن، فهو اولى، وعلى هذا فلا يكون ( ( الذي وعدته) ) صفة؛ لانه النكرة لا توصف بالمعرفة وان تخصصت، وانما تكون بدلاً، لان البدل لا يشترط ان يطابق في التعريف والتنكير، او يكون منصوباً بعفل محذوف تقديره: ( ( اعني: الذي وعدته) ) ، او يكون مرفوعاً – خبر مبتدأ محذوف - أي ( ( هو الذي وعدته) ) .
و ( ( المقام المحمود) ) : فسر بالشفاعة.
وقد روي ذلك عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وغيرهم.
وفسر: بأنه يدعى يوم القيامة ليكسى حلة خضراء، فيقوم عن يمين العرش مقأمالا يقدمه احد، فيغبطه به الاولون والاخرون.
وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حديث ابن مسعود، ونحوه من حديث كعب بن مالك – أيضا - وكذا روي عن حذيفة - موقوفاً، ومرفوعاً.
وهذا يكون قبل الشفاعة.
وفسره مجاهد وغيره بغير ذلك.
وقوله: ( ( حلت له شفاعتي) ) .
قيل: معناه نالته وحصلت له ووجبت.
وليس المراد بهذ الشفاعة الشفاعة في فصل القضاء؛ فان تلك عامة لكل احد.
ولا الشفاعة في الخروج من النار، ولا بد؛ فانه قد يقول ذلك من لا يدخل النار.
وانما المراد – ولله اعلم -: انه يصير في عناية رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بحيث تتحتم له شفاعته؛ فان كان ممن يدخل النار بذنوبه شفع له [في] اخراجه منها، او في منعه من دخولها.
وان لم يكن من اهل النار فيشفع له في دخوله الجنة بغير حساب، او في رفع درجته في الجنة.
وقد سبقت الاشارة إلى انواع شفاعة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ( ( كتاب التيمم) ) .
9 - باب الاستهام في الاذان ويذكر ان قوما اختلفوا في الاذان، فأقرع بينهم سعد.
قال عبد الله ابن الامام أحمد: ثنا أبي: ثنا هشيم، قال: ابن شبرمة اخبرنا، قال: تشاح الناس بالقادسية على الاذان، فارتفعوا إلى سعد، فأقرع بينهم.
وهذا إسناد منقطع.
قال عبد الله ابن الامام أحمد: سألت أبي عن مسجد فيه رجلان يدعيان انهما احق بالمسجد، هذا يؤذن فيه وهذا يؤذن فيه؟ فقال: إذا استووا في الصلاح والورع اقرع بينهما.
وكذلك فعل سعد، فان كان احدهما اصلح [في دينه] فينبغي لهم الا يختصموا.
فقلت: وان كان احدهما اسن واقدم في هذا المسجد، ينفق عليه ويحوطه ويتعاهده؟ قال: هذا احق به.
ومعنى هذا: انه إذا تشاح في الاذان اثنان، فان امتاز احدهما بمزيد فضل في نفسه فانه يقدم، وهو مراد أحمد بقوله: ( ( ان كان احدهما اصلح [في دينه] فينبغي لهم الا يختصموا) ) - يعني: أن الأصلح أحقفلا ينازع -، فإن استووا في الفضل في أنفسهم وامتاز أحدهم بخدمة المسجد وعمارته قدم بذلك وقال أصحابنا: إنه يقدم أحد المتنازعين باختصاصه بصفات الأذان المستحبة فيه، مثل أن يكون أحدهما اندى صوتا وأعلم بالمواقيت ونحو ذلك؛ فإن استووا في الفضائل كلها أقرع بينهم حينئذ، كما فعل سعد.
والظاهر: أن مراد أحمد: التنازع في [طلب] الأذان ابتداء، فأمامن ثبت له حق في المسجد، وهو مؤذن راتب فيه، فليس لأحد منازعته، ويقدم على كل من نازعه.
وقد نقل الشالنجي عن أحمد ما يبين هذا المعنى: قال اسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد عن القوم إذا اختلفوا في الأذان فطلبوه جميعاً؟ فقال: القرعة في ذلك حسن.
وقال: ثنا هشيم، عن ابن شبرمة، أن الناس تشاحوا يوم القادسية في الأذان، فأقرع بينهم سعد في ذلك.
قال الشالنجي: قال ابو أيوب - يعني: سليمان بن داود الهاشمي -: إن مات المؤذن وله ولد صالح فهو أحق بالأذان، وإن لم يطلبه، وإن لم يكن بأهل لذلك، وطلبه صلحاء المسجد يقرع بينهم في ذلك.
وبهقال أبو خيثمة - يعني: زهير بن حرب.
وقال ابن أبي شيبة في الأذان: على ما جاء: ( ( يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله) ) ، وكذلك الأذان.
قال الجوزجاني بعد أن ذكر هذا عن الشالجني - ما معناه -: إن اختلاف الناس يرد إلى السنة.
ثم روى حديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( ( المؤذن مؤتمن) ) من طرق.
وروى حديث حسين بن عيسى، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( ليؤذن لكم خياركم) ) .
وقد خرجه ابو داود وابن ماجه.
وتكلم فيه من جهة الحسين، والحكم – أيضا.
وفي مراسيل صفوان بن سليم، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لبني خطمة من الانصار: ( ( يابني خطمة، اجعلوا مؤذنكم أفضلكم في انفسكم) ) .
ثم قال الجوزجاني: لا بد ان يكون المؤذن خياراً، وبأن يكون مؤتمناً متبعاً للسنة، فالمبتدع غير مؤتمن.
فإن اجتمع هذه الخلال في عدة من اهل المسجد، فإن أحقهم بالأذان أنداهم صوتا.
ثم ذكر حديث عبد الله بن زيد، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: ( ( القه على بلال؛ فإنه أندى صوتا منك) ) .
قال: وإنما أظنهما كانا متقاربين في الفضل والامانة، وفضله بلالبالصوت، فلذلك رآه أحق.
فإذا اجتمع رجال في المسجد وعلاهم رجل ببعض هذه الخصال كان أحق بالاذان، وإذا استوت فيها حالاتهم فالقرعة عند ذلك حسن.
واشار إلى فعل سعد وعضده بقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( لو يعلم الناس ما في النداء، ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لا ستهموا) ) .
ثم قال: فأماالاباء والابناء والعصبة في الاذان والامامة، فانا لا نعلم فيه سنة ماضية.
والله اعلم.
انتهى ما ذكره ملخصاً.
وخرج ابو داود من رواية غالب القطان، عن رجل، عن أبيه، عن جده، ان رجلا منهم اتى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ان أبي شيخ كبير، وهو عريف الماء، وانه سألك ان تجعل الي العرافة بعده؟ فقال: ( ( ان العرافة حق، ولابد للناس من العرفاء، والعرفاء في النار) ) .
وهذا إسناد مجهول.
ولم يذكر انه جعل العرافة له بمجرد كون أبيه عريفاً، والامامة العظمى لا تستحق بالنسب، ولهذا انكر الصحابة على من بايع لولده.
وقال عبد الرحمن بن أبي بكر.
جئتم بها هرقلية، تبايعون لابنائكم! وسمع ذلك عائشة والصحابة، ولم ينكروه عليه، فدل على ان البيعة للابناء سنة الروم وفارس، وأماسنة المسلمين فهي البيعة لمن هو افضل واصلح للامة.
وما تزعمة الرافضة في ذلك فهو نزعة من نزعاتالمشركين في تقديم الاولاد والعصبات.
وسائر الولايات الدينية سبيلها سبيل الامامة العظمى في ذلك.
والله اعلم.
وقد روي ما يستدل به من جعل الاذان للابناء بعد ابائهم.
قال الامام أحمد: ثنا خلف بن الوليد: ثنا الهذيل بن بلال، عن ابن أبي محذورة، عن أبيه - او جده -، قال: جعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الاذان لنا ولموالينا، والسقاية لبني هاشم، والحجابة لبني عبد الدار.
الهذيل بن بلال، ضعفه ابن معين.
وقواه الامام أحمد، وابو حاتم.
وإسناده مشكوك فيه، ولم يسم ابن أبي محذورة هذا.
وخرج الامام أحمد والترمذي من رواية أبي مريم، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( الملك في قريش، والقضاء في الانصار، والاذان في الحبشة) ) .
وخرجه الترمذي موقوفاً على أبي هريرة، وقال: هو اصح.
وابو مريم هذا، ليس بالمشهور.
والمراد بهذا: ان سيد المؤذنين كان من الحبشة، لا انه يتوارثونه بعد بلال، فانه لا يعرف بعده من الحبشة مؤذن.
وقد يستدل – أيضا - بان ولد أبي محذورة كانوا يتوارثون الاذان بمكة مدة طويلة، وكذلك اولاد سعد القرظ بالمدينة.
وروى الدارقطني بإسناده عن سعد القرظ، ان عمر دعاه، فقال له: الاذان اليك وإلى عقبك من بعدك.
وفي الإسناد ضعف.
قال الشافعي – رحمه الله - وأصحابه: يستحب ان يكون المؤذن مولد بعض من جعل بعض الصحابة الاذان فيهم، ثم الاقرب اليهم فالاقرب.
وقال الشافعي - أيضا -: إذا تنازع جماعة في الاذان، ولم يكن للمسجد مؤذن راتب اقرع بينهم، وكذا إذا كان له مؤذنون، وتنازعوا في الابتداء، او كان المسجد صغيراً، وادى اختلاف اصواتهم إلى تهويش، فيقرع، ويؤذن من خرجت له القرعة، أماإذا كان هناك راتب، ونازعه غيره، قدم الراتب، وان كان جماعة مرتبون، وامكن اذان كل واحد في موضع من المسجد؛ ولكبره، اذن كل واحد وحده، وان كان صغيراً، ولم يؤد اختلاف اصواتهم إلى تهويش اذنوا جملة واحدة.
وهذا كله إذا كان التشاح رغبة في فضله وثوابه، فان كان رغبة في الرياسة والتقدم فينبغي ان يؤخر من قصد ذلك ولا يمكن منه، كما قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( انا لا نولي عملنا هذا من طلبه او حرص عليه) ) .
قال سيفان الثوري: إذا رايت الرجل حريصاً على الامامة فأخره.
وكذلك إذا كان غرضه اخذ العوض الذي يعطاه اهل الاذان في هذه الازمان، أماممن بيت المال - وقد عدم ذلك -، او من الوقف.
فان تشاح اثنان: احدهما غرضه ثواب الاذان، والاخر غرضه غرض الدنيا، فلا شك في ان الاول احق.
وقد قال عثمان بن أبي العاص: ان من اخر ما عهد إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ان اتخذ مؤذناً لا يأخذ على اذانه اجراً.
اخرجه الامام أحمد وابو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي.
وقال: حسن، والعمل عليه عند اهل العلم، كرهوا ان يأخذوا على الاذان اجراً، واستحبوا للمؤذن ان يحتسب في اذانه.
وروى ابو نعيم: ثنا عمارة بن زاذان، عن يحيى البكاء، قال: كنت اطوف مع سعيد بن جبير، فمر ابن عمر، فاستقبله رجل من مؤذني الكعبة، فقال ابن عمر: والله، اني لابغضك في الله؛ لاخذ الدارهم.
قال: وثنا المسعودي، عن القاسم - هو: ابن عبد الرحمن -، قال: كان يقال: اربع لا يؤخذ عليهن رزق: قراءة القرآن، والاذان، والقضاء، والمقاسم.
وروى وكيع في ( ( كتابه) ) عن عمارة بن زاذان، عن يحيى البكاء، ان ابن عمر قال له رجل في الطواف من مؤذني الكعبة: اني لاحبك في الله.
قال: واني لابغضك في الله؛ لتحسينك صوتك لاجل الدراهم.
قال: معاوية بن قرة: لا يؤذن الا محتسب.
وروى ابن أبي شيبة: ثنا ابن نمير، عن حلام بن صالح، عن فائد بن بكير، قال: خرجت مع حذيفة إلى المسجد صلاة الفجر، وابن النباح مؤذن الوليد بن عقبة يؤذن، وهو يقول: الله اكبر الله اكبر، اشهد ان لا اله الا الله، اشهد ان لا اله الا الله، يهوي بأذانه يمينا وشمالاً.
فقال حذيفة: من يرد الله ان يجعل رزقه في صوته فعل.
وهذا انما قاله حذيفة على وجه الذم له؛ لانه راه يتمايل في اذانه، كأنه يعجب بحسن صوته، فجعل حذيفة يناكل ذلك، وهذا مثل قول ابن عمر.
ونص الشافعي - في الحديث -: ان الامام ليس له أن يرزق المؤذنين وهو يجد من يؤذن له طوعا ممن له امانة.
وكذلك قال أصحابنا.
وقال الشافعي - في القديم -: قد رزقهم امام هدى: عثمان بن عفان.
وسئل الضحاك عن مؤذن يؤذن بغي اجر فيعطى: هل يأخذ؟ قال: ان عطى من غير مسألة، وكان فقيراً، فلا باس ان يأخذ.
وظاهر مذهب الامام أحمد: انه لايأخذ على شيء من الاذان اجراً، ونص عليه في الاذان بخصوصه.
وروي عنه: ان الامام يرزقهم من الفيء، وهو محمول على انه لم يجد من يتطوع بذلك.
ونقل عنه ابن منصور في الذي يقوم للناس في رمضان: أيعطى؟ قال: ما يعجبي ان يأخذ على شيء من الخير اجراً.
قال: وقال إسحاق بن راهويه: لايسعه ان يؤم على نية اخذ، وان ام ولم ينو شيئا من ذلك، فأعطي او اكرم جاز.
ونقل حرب وغيره عن أحمد: انه يقدم عند [النسا] من رضيه اهل المسجد.
فحكى القاضي وأصحابه هذه الرواية ثانية عن أحمد؛ لان الحق لهم في ذلك؛ لانهم اعرف بمن يبلغهم صوته، ومن هو اعف عن النظر عند علوة عليهم للاذان.
وجعل صاحب ( ( المغني) ) رضا الجيران مقدما على القرعة، وانه انما يقرع بعد ذلك.
والصحيح: طريقة الاكثرين؛ لان ابا داود نقل عن أحمد: انه لا يعتبر رضا الجيران بالكلية، وانما يعتبر القرعة، فعلم ان رواية ومن وافقه تخالف ذلك.
ولا يعتبر رضا من بني المسجد واختياره -: نص عليه أحمد؛ معللا بأن المسجد لله، ليس للذي بناه.
يشير إلى انه خرج من ملكه، وصار لله عز وجل.
وهذا يدل على انه لا [تصرف] له على المسجد الذي بناه.
وهو المشهور – أيضا - عن الشافعية: ان باني المسجد ليس احق بامامته واذانه من غيره.
وقال ابو حنيفة وطائفة من الشافعية – كالروياني -: ان من بني المسجد فهو احق بأذانه وامامته، كما ان من اعتق عبداً فله ولاؤه.
وهذا التشبيه لا يصح؛ لان ثبوت الولاء على العبد المعتق لا يستفيد به الولاية عليه في حياته، والحجر عليه، والانتفاع بماله، وانما يستفيد به رجوع ماله اليه بعد موته؛ لانه لا بد من انتقال مال عنه حينئذ، فالمولى المعتق احق به من غيره من المسلمين؛ لاختصاصه بإنعامه عليه.
وأماالمسجد، فالمقصود من بنائه انتفاع المسلمين به في صلواتهم واعتكافهم وعباداتهم، والباني له [كبقية] المسلمين في ذلك من غير زيادة.
فإن شرط باني المسجد عند وقفه له قبل مصيره مسجداً بالفعل انه وولده احق بإمامته واذانه صح شرطه واتبع، وان كان غيرهم اقرأ منهم واندى صوتاً، إذا كان فيهم من يصلح لذلك، وان كان غيره اولى منه -: نص على ذلك: عبيد الله بن الحسن العنبري.
وهو قياس قول أحمد في صحة الواقفلنفسه ما شاء من غلة الوقف ومنافعه.
قال البخاري –رحمه الله -:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ)
أَيْ عِنْدَ تَمَامِ النِّدَاءِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ اتِّبَاعًا لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ

[ قــ :597 ... غــ :614] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ بِالْيَاءِ الْأَخِيرَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْحِمْصِيُّ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يَلْقَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ غَيْرُهُ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الْقُدَمَاءُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ مَعَ تَقَدُّمِهِ عَلَى أَحْمَدَ عَنْهُ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ شُعَيْبًا تفرد بِهِ عَن بن الْمُنْكَدِرِ فَهُوَ غَرِيبٌ مَعَ صِحَّتِهِ وَقَدْ تُوبِعَ بن الْمُنْكَدِرِ عَلَيْهِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ نَحوه وَوَقع فِي زَوَائِد الْإِسْمَاعِيلِيّ أَخْبرنِي بن الْمُنْكَدِرِ .

     قَوْلُهُ  مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ أَيِ الْأَذَانَ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ نِدَاءَ الْمُؤَذِّنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ حَالَ سَمَاعِ الْأَذَانِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِفَرَاغِهِ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ النِّدَاءِ تَمَامَهُ إِذِ الْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْكَامِلِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ قُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَفِي هَذَا أَنَّ ذَلِكَ يُقَالُ عِنْدَ فَرَاغِ الْأَذَانِ وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إِجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ بِمِثْلِ مَا يَقُولُ بَلْ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الذِّكْرِ الْمَذْكُورِ كَفَاهُ وَقَدْ بَيَّنَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمُرَادَ وَأَنَّ الْحِينَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَاسْتدلَّ بِهِ بن بَزِيزَةَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ لِظَاهِرِ إِيرَادِهِ لَكِنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يَدَّعِي الْوُجُوبَ وَبِهِ قَالَ الْحَنَفِيَّة وبن وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَخَالَفَ الطَّحَاوِيُّ أَصْحَابَهُ فَوَافَقَ الْجُمْهُورَ .

     قَوْلُهُ  رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ بِفَتْحِ الدَّالِ زَادَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالْمُرَادُ بِهَا دَعْوَةُ التَّوْحِيد كَقَوْلِه تَعَالَى لَهُ دَعْوَة الْحق وَقِيلَ لِدَعْوَةِ التَّوْحِيدِ تَامَّةٌ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ نَقْصٌ أَوِ التَّامَّةُ الَّتِي لَا يَدْخُلُهَا تَغْيِيرٌ وَلَا تَبْدِيلٌ بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ النُّشُورِ أَوْ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَسْتَحِقُّ صِفَةَ التَّمَامِ وَمَا سواهَا فمعرض للْفَسَاد.

     وَقَالَ  بن التِّينِ وُصِفَتْ بِالتَّامَّةِ لِأَنَّ فِيهَا أَتَمَّ الْقَوْلِ وَهُوَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ من أَوله إِلَى قَوْله مُحَمَّد رَسُولُ اللَّهِ هِيَ الدَّعْوَةُ التَّامَّةِ وَالْحَيْعَلَةُ هِيَ الصَّلَاةُ الْقَائِمَةِ فِي قَوْلِهِ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَبِالْقَائِمَةِ الدَّائِمَةُ مِنْ قَامَ عَلَى الشَّيْءِ إِذَا دَاوَمَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ بَيَانٌ لِلدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ الْمَدْعُوِّ إِلَيْهَا حِينَئِذٍ وَهُوَ أَظْهَرُ .

     قَوْلُهُ  الْوَسِيلَةَ هِيَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى الْكَبِيرِ يُقَالُ تَوَسَّلْتُ أَيْ تَقَرَّبْتُ وَتُطْلَقُ عَلَى الْمَنْزِلَةِ الْعَلِيَّةِ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَنَحْوُهُ لِلْبَزَّارِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيُمْكِنُ رَدُّهَا إِلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْوَاصِلَ إِلَى تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ قَرِيبٌ مِنَ اللَّهِ فَتَكُونُ كَالْقُرْبَةِ الَّتِي يُتَوَسَّلُ بِهَا .

     قَوْلُهُ  وَالْفَضِيلَةَ أَيِ الْمَرْتَبَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى سَائِرِ الْخَلَائِقِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَنْزِلَةً أُخْرَى أَوْ تَفْسِيرًا لِلْوَسِيلَةِ .

     قَوْلُهُ  مَقَامًا مَحْمُودًا أَيْ يُحْمَدُ الْقَائِمُ فِيهِ وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي كُلِّ مَا يَجْلِبُ الْحَمْدَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ وَنُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيِ ابْعَثْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَقِمْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا أَوْ ضَمَّنَ ابْعَثْهُ مَعْنَى أَقِمْهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ وَمَعْنَى ابْعَثْهُ أَعْطِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيِ ابْعَثْهُ ذَا مَقَامٍ مَحْمُودٍ قَالَ النَّوَوِيُّ ثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ بِالتَّنْكِيرِ وَكَأَنَّهُ حِكَايَةٌ لِلَفْظِ الْقُرْآنِ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ إِنَّمَا نَكَّرَهُ لِأَنَّهُ أَفْخَمُ وَأَجْزَلُ كَأَنَّهُ قِيلَ مَقَامًا أَيْ مَقَامًا مَحْمُودًا بِكُلِّ لِسَانٍ.

.

قُلْتُ وَقَدْ جَاءَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِعَيْنِهَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِالتَّعْرِيفِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَهِيَ فِي صَحِيح بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ أَيْضًا وَفِي الطَّحَاوِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الدُّعَاءِ وَالْبَيْهَقِيِّ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كَالنَّوَوِيِّ .

     قَوْلُهُ  الَّذِي وَعَدْتَهُ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ انك لَا تخلف الميعاد.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ بِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى عَسَى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ الْوَعْدُ لِأَنَّ عَسَى مِنَ اللَّهِ أوقع كَمَا صَحَّ عَن بن عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِ وَالْمَوْصُولُ إِمَّا بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَان أَو وَاقع خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَلَيْسَ صِفَةً لِلنَّكِرَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وبن خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِمَا الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيَصِحُّ وَصفه بالموصول وَالله أعلم قَالَ بن الْجَوْزِيِّ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الشَّفَاعَةُ وَقِيلَ إِجْلَاسُهُ عَلَى الْعَرْشِ وَقِيلَ عَلَى الْكُرْسِيِّ وَحَكَى كُلًّا مِنَ الْقَوْلَيْنِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ لَا يُنَافِي الْأَوَّلَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْإِجْلَاسُ عَلَامَةَ الْإِذْنِ فِي الشَّفَاعَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الشَّفَاعَةُ كَمَا هُوَ الْمَشْهُور وَأَنْ يَكُونَ الْإِجْلَاسُ هِيَ الْمَنْزِلَةُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بالوسيلة أَو الْفَضِيلَة وَوَقع فِي صَحِيح بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا يَبْعَثُ اللَّهُ النَّاسَ فَيَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْرَاءَ فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ هُوَ الثَّنَاءُ الَّذِي يُقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيِ الشَّفَاعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ مَجْمُوعُ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَيُشْعِرُ .

     قَوْلُهُ  فِي آخِرِ الْحَدِيثِ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي بِأَنَّ الْأَمْرَ الْمَطْلُوبَ لَهُ الشَّفَاعَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  حَلَّتْ لَهُ أَيِ اسْتَحَقَّتْ وَوَجَبَتْ أَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ يُقَالُ حَلَّ يَحُلُّ بِالضَّمِّ إِذَا نَزَلَ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ حَلَّتْ عَلَيْهِ وَوَقع فِي الطَّحَاوِيّ من حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَجَبَتْ لَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حلت من الْحِلِّ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحَرَّمَةً .

     قَوْلُهُ  شَفَاعَتِي اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ جَعْلَ ذَلِكَ ثَوَابًا لِقَائِلِ ذَلِكَ مَعَ مَا ثَبَتَ مِنْ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِلْمُذْنِبِينَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَاتٌ أُخْرَى كَإِدْخَالِ الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَكَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ فَيُعْطَى كُلُّ أَحَدٍ مَا يُنَاسِبُهُ وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِمَنْ قَالَهُ مُخْلِصًا مُسْتَحْضِرًا إِجْلَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مَنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مُجَرَّدَ الثَّوَابِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَهُوَ تَحَكُّمٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ وَلَوْ كَانَ أَخْرَجَ الْغَافِلَ اللَّاهِيَ لَكَانَ أَشْبَهَ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ فِي الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى الدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ حَالُ رَجَاءِ الْإِجَابَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
الدعاء عند النداء
[ قــ :597 ... غــ :614 ]
- حدثني ابن عياش: ثنا شعيب بي أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، ان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( من قال حين يسمع النداء: اللهم، رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، ات محمد الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقأمامحموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة) ) .

هذا مما وتفرد [به] البخاري دون مسلم.

وخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب من حديث ابن المنكدر، لا نعلم احد رواه غير شعيب بن أبي حمزة.

وذكر ابن أبي حاتم، عن أبيه، قال: قد طعن في هذا الحديث، وكان عرض شعيب بن أبي حمزة على ابن المنكدر كتاباً، فامر بقراءته عليه، فعرف بعضاً وانكر بعضاً، وقال لابنه - او لابن اخيه -: اكتب هذه الاحاديث، فدون شعيب ذلك الكتاب ولم تثبت رواية شعيب تلك الاحاديث على الناس، وعرض علي بعض تلك الكتب [فرأيتها مشابهة] لحديث إسحاق بن أبي فروة، وهذا الحديث من تلك الاحاديث.
انتهى.
وقد روى الاثرم، عن أحمد، قال: نظرت في كتب شعيب، اخرجها الي ابنه، فإذا فيها من الصحة والحسن والمشكل نحو هذا.

وقد روي، عن جابر من وجه اخر بلفظ فيه بعض مخالفة، وهو يدل على ان لحديث جابر اصلاً.

خرجه الامام أحمد من رواية ابن لهيعة: ثنا ابو الزبير، عن جابر، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: "من قال حين ينادي المنادي: اللهم، رب هذه الدعوة التامة والصلاة النافعة، صل على محمد وارض عنه رضا لا سخط بعده؛ استجاب الله دعوته".

وقد روي في هذا المعنى وسؤال الوسيلة عند سماع الاذان من حديث أبي الدرداء، وابن مسعود – مرفوعا -، وفي إسنادهما ضعف.

ومما يشهد له – أيضا -: حديث خرجه مسلم من طريق كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، انه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فانه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله، وارجو ان اكون انا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) .

وعبد الرحمن بن جبير هذا: مولى نافع بن عمرو القرشي المصري، وظن بعضهم، انه: ابن جبير بن نفير، فوهم، وقد فرق بينهما البخاري والترمذي وابو حاتم الرازي وابنه.
وقد روي عن الحسن، ان هذا الدعاء يشرع عند سماع اخر الاقامة.

روي ابن أبي شيبة: ثنا ابو الاحوص، عن أبي حمزة، عن الحسن، قال: إذا قال المؤذن: ( قد قامت الصلاة) ، فقل: اللهم، رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، اعط محمداً سؤله يوم القيامة.
فلا يقولها رجل حين يقيم المؤذن الا ادخله الله في شفاعة محمد يوم القيامة.

وروي ابن السني في كتاب "عمل اليوم والليلة" من رواية عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن عطاء بن قرة، عن عبد الله بن ضمرة، عن أبي هريرة، انه كان يقول إذا سمع المؤذن يقيم: اللهم، رب هذه الدعوة التامة وهذه الصلاة القائمة، صل على محمد واته سؤله يوم القيامة.

وهذه الاثار تشهد للمنصوص عند أحمد، انه يدعو عند الاقامة، كما سبق عنه.

وقوله: ( من قال حين يسمع النداء) : ظاهره انه يقول ذلك في حال سماع النداء، قبل فراغه.
ويحتمل انه يريد به حين يفرغ من سماعه.

وحديث عبد الله بن عمرو صريح في انه يسأل الوسيلة بعد اجابة المؤذن والصلاة على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وهذا هو الاظهر؛ فانه يشرع قبل جميع الدعاء تقديم الثناء على الله والصلاة على رسوله، ثم يدعو بعد ذلك.

وقوله: ( اللهم رب هذه الدعوة التامة) .

والمراد بالدعوة التامة: دعوة الاذان؛ فانها دعاء إلى اشرف العبادات، والقيام في مقام القرب والمناجاة؛ فلذلك كانت دعوة تامة - أي: كاملة لا نقص فيها، بخلاف ما كانت دعوات اهل الجاهلية: أمافي استنصار على عدو، او إلى نعي ميت، او إلى طعام، ونحو ذلك مما هو ظاهره النقص والعيب.

وروى ابو عيسى الاسواري، قال: كان ابن عمر إذا سمع الاذان قال: اللهم رب هذه الدعوة المستجابة المستجاب لها، دعوة الحق وكلمة التقوى، فتوفني عليها، واحيني عليها، واجعلني من صالح اهلها عملاً يوم القيامة.

وقد روي عن ابن عمر - موقوفا - من وجوه اخر.

وروي عنه مرفوعا من وجه ضعيف.

قال الدارقطني: الصحيح: موقوف.

وخرج بقي بن مخلد والحاكم من حديث عفير بن معدان، عن [سليم بن عامر، عن] أبي امامة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( إذا نادى المنادي فتحت ابواب السماء واستجيب الدعاء، فمن نزل به كرب او شدة فليتحين المنادي إذا نادى، فليقل مثل مقاله، ثم ليقل: اللهم، رب هذه الدعوة التامة الصادقة الحق المستجابة، والمستجاب لها، دعوة الحق وكلمة التقوى، أحينا عليها، وامتنا عليها، وابعثنا عليها، واجعلنا من خيار اهلها محياُ ومماتاً.
ثم يسأل حاجته)
.

وعفير، ضعيف جداً.

وقوله: ( والصلاة القائمة) – أي: التي ستقوم وتحضر.

وقد خرج البيهقي حديث جابر، ولفظه: ( اللهم اني اسالك بحق هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة) .

وهذا اللفظ لا اشكال فيه؛ فان الله سبحانه جعل لهذه الدعوة وللصلاة حقا كتبه على نفسه، لا يخلفه لمن قام بهما من عباده، فرجع الامر إلى السؤال بصفات الله وكلماته.

ولهذا استدل الامام أحمد على ان القران ليس بمخلوق باستعاذة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكلمات الله التامة، وقال: انما يستعاذ بالخالق لا بالمخلوق.

وأمارواية من روي: ( اللهم، رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة) ، كما هي رواية البخاري والترمذي وغيرهما، فيقال: كيف جعل هذه الدعوة مربوبة، مع ان فيها كلمة التوحيد، وهي من القرآن، والقرآن غير مربوب ولا مخلوق؟
وبهذا فرق من فرق من اهل السنة بين افعال الايمان واقواله، فقال: اقواله غير مخلوقة، وافعاله مخلوقة؛ لان اقواله كلها ترجع إلى القران؟ واجيب عن هذا بوجوه:
منها: ان المربوب هو الدعوة إلى الصلاة خاصة، وهو قوله: ( حي على الصلاة، حي على الفلاح) ، وليس ذلك في القرآن، ولم يرد به التكبير والتهليل.
وفيه بعد.

ومنها: ان المربوب هو ثوابها.
وفيه ضعف.

ومنها: ان هذه الكلمات من التهليل والتكبير هي من القرآن بوجه، وليست منه بوجهه، كما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( افضل الكلام من القران اربع، وهن من القرآن: سبحانه الله، والحمد الله، ولا اله الا الله، والله اكبر) ) .

فهي من القرآن إذا وقعت في اثناء القرآن، وليست منه إذا وقعت من كلام خارج عنه، فيصح ان تكون الكلمات الواقعة من ذلك في ضمن ذلك مربوبة.

وقد كره الامام أحمد ان يؤذن الجنب، وعلل بأن في الاذان كلمات من القرآن.

والظاهر: ان هذا على كراهة التنزيه دون التحريم.

ومن الأصحاب من حملة على التحريم، وفيه نظر؛ فان الجنب لا يمنع من قول: "سبحان الله، والحمد الله، ولا قوة الا بالله، والله اكبر" على وجه الذكر، دون التلاوة.

وسئل إسحاق عن الجنب يجيب المؤذن؟ قال: نعم؛ لانه ليس بقران.

ومنها: ان الرب ما يضاف اليه الشيء، وان لم يكن خلقا لم، كرب الدار ونحوه، فالكلام يضاف إلى الله؛ لانه هو المتكلم به، ومنه بدأ، واليه يعود، فهذا بمعنى اضافته إلى [ربوبية] الله.

وقد صرح بهذا المعنى الاوزاعي، وقال فيمن قال: ( برب القران) : ان لم يرد ما يريد الجهمية فلا بأس.

يعني: إذا لم يرد بربوبيته خلقه كما يريده الجهمية، بل اراد اضافة الكلام إلى المتكلم به.

وقوله: ( ات محمداً الوسيلة) ، قد تقدم حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، انه قال: ( ( ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله، وارجو ان اكون انا هو) ) .

وخرج الامام أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال ( ( سلوا الله لي الوسيلة) ) .
قالوا: يارسول الله، وما الوسيلة؟ قال: ( ( اعلى درجة من الجنة، لاينالها الا رجل واحد ارجو ان اكون انا) ) .

ولفظ الامام أحمد: ( ( إذا صليتم علي فسلوا الله لي الوسيلة) ) - وذكر باقيه.

وخرج الامام أحمد من حديث أبي سعيد، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( الوسيلة درجة عند الله عز وجل ليس فوقها درجة، فسلوا الله ان يؤتيني الوسيلة) ) .
وأما ( ( الفضيلة) ) ، فالمراد – والله اعلم -: اظهار فضيلته على الخلق اجمعين يوم القيامة وبعده، واشهاد تفضيله عليهم في ذلك الموقف، كما قال: ( ( انا سيد ولد ادم يوم القيامة) ) ، ثم ذكر حديث الشفاعة.

وقوله: ( ( وابعثه مقأمامحمودا) ) ، هكذا في رواية البخاري وأبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم.

وعزا بعضهم إلى النسائي، انه رواه بلفظ: ( ( المقام المحمود) ) بالتعريف، وليس كذلك.

[وكذلك] وقعت هذه اللفظة بالالف واللام في بعض طرق روايات الاسماعيلي في ( ( صحيحه) ) .

ووجه الرواية المشهورة: ان ذلك متابعة للفظ القرآن، فهو اولى، وعلى هذا فلا يكون ( ( الذي وعدته) ) صفة؛ لانه النكرة لا توصف بالمعرفة وان تخصصت، وانما تكون بدلاً، لان البدل لا يشترط ان يطابق في التعريف والتنكير، او يكون منصوباً بعفل محذوف تقديره: ( ( اعني: الذي وعدته) ) ، او يكون مرفوعاً – خبر مبتدأ محذوف - أي ( ( هو الذي وعدته) ) .
و ( ( المقام المحمود) ) :
فسر بالشفاعة.

وقد روي ذلك عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وغيرهم.

وفسر: بأنه يدعى يوم القيامة ليكسى حلة خضراء، فيقوم عن يمين العرش مقأمالا يقدمه احد، فيغبطه به الاولون والاخرون.

وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حديث ابن مسعود، ونحوه من حديث كعب بن مالك – أيضا - وكذا روي عن حذيفة - موقوفاً، ومرفوعاً.

وهذا يكون قبل الشفاعة.

وفسره مجاهد وغيره بغير ذلك.

وقوله: ( ( حلت له شفاعتي) ) .

قيل: معناه نالته وحصلت له ووجبت.

وليس المراد بهذ الشفاعة الشفاعة في فصل القضاء؛ فان تلك عامة لكل احد.
ولا الشفاعة في الخروج من النار، ولا بد؛ فانه قد يقول ذلك من لا يدخل النار.

وانما المراد – ولله اعلم -: انه يصير في عناية رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بحيث تتحتم له شفاعته؛ فان كان ممن يدخل النار بذنوبه شفع له [في] اخراجه منها، او في منعه من دخولها.
وان لم يكن من اهل النار فيشفع له في دخوله الجنة بغير حساب، او في رفع درجته في الجنة.

وقد سبقت الاشارة إلى انواع شفاعة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ( ( كتاب التيمم) ) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الدُّعَاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ
(باب الدعاء عند) تمام (النداء).


[ قــ :597 ... غــ : 614 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
[الحديث 614 - طرفه في: 4719] .

وبالسند قال (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (عليّ بن عياش) بالمثناة التحتية والشين المعجمة الألهاني بفتح الهمزة الحمصي:

(قال حدّثنا شعيب بن أبي حمزة) بالحاء المهملة والزاي الحمصي (عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال (من قال حين يسمع النداء:) أي تمام الأذان المطلق محمول على الكل وليس المراد بظاهره أنه يقول ذلك حال سماع الأذان من غير تقييده بفراغه لحديث مسلم عن ابن عمر قولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ فبين أن محله بعد الفراغ (اللهم رب هذه الدعوة) بفتح الدال أي ألفاظ الأذان (التّامة) التي لا يدخلها تغيير ولا تبديل بل هي باقية إلى يوم النشور أو لجمعها العقائد بتمامها (والصلاة القائمة) الباقية قال الطيبي من قوله في أوّله إلى محمد رسول الله الدعوة التامة والحيعلة هي الصلاة القائمة في قوله يقيمون الصلاة (آتِ) بالمد أي أعط (محمدًا) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (الوسيلة) المنزلة العلية في الجنة التي لا تبتغى إلا له (والفضيلة) المرتبة الزائدة على سائر المخلوقين (وابعثه) عليه الصلاة والسلام (مقامًا محمودًا) يحمد فيه الأوّلون والآخرون (الذي وعدته).

بقولك سبحانك { عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا} وهو مقام الشفاعة العظمى وانتصاب مقامًا على أنه مفعول به على تضمين بعث معنى أعطى ونكرة للتفخيم كأنه قال مقامًا وأيّ مقام وللنسائي في هذه الرواية من رواية علي بن عياش المقام المحمود بالتعريف والموصول بدل من النكرة أو صفة لها على رأي الأخفش والقائل بجواز وصفها به إذا تخصصت أو مرفوع خبر مبتدأ محذوف وللكشميهني مما ليس في الفرع وأصله الذي وعدته { إنك لا تخلف الميعاد} (حلت) أي وجبت (له شفاعتي) أي المناسبة له كشفاعته في المذنبين أو في إدخال الجنة من غير حساب أو رفع الدرجات (يوم القيامة) وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول وأخرجه المؤلّف أيضًا في التفسير وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجة في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الدُّعاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ)
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الدُّعَاء عِنْد تَمام النداء، وَهُوَ الْأَذَان..
     وَقَالَ  بَعضهم: إِنَّمَا لم يُقَيِّدهُ بذلك إتباعا لإِطْلَاق الحَدِيث.
قلت: لَيْسَ فِي لفظ الحَدِيث هَذِه اللَّفْظَة، وَفِي لفظ الحَدِيث أَيْضا مُقَدّر، وإلاَّ يلْزم أَن يَدْعُو وَهُوَ يسمع، وَحَالَة السماع وَقت الْإِجَابَة، وَالدُّعَاء بعد تَمام السماع.



[ قــ :597 ... غــ :614 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ قَالَ حدَّثنا شُعَيبُ ابنُ أبي حَمْزَةَ عنْ مُحَمَّدٍ بنِ المُنْكدِرِ عنْ جابِرِ بنِ عبدِ الله أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ والصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتٍ مُحَمَّدا الوَسِيلَةَ والفَضِيلَة وابْعَثْهُ مَقَاما مَحْمُودا الَّذِي وعَدْتَهُ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ.
( الحَدِيث 614 طرفه فِي: 4719) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: عَليّ بن عَيَّاش، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف شين مُعْجمَة: الْأَلْهَانِي، بِفَتْح الْهَمْز وَسُكُون اللَّام وبالنون بعد الْألف: الْحِمصِي، مَاتَ سنة تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من كبار شُيُوخ البُخَارِيّ.
الثَّانِي: شُعَيْب بن أبي حَمْزَة، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي: الْحِمصِي، وَقد تقدم.
الثَّالِث: مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، بِوَزْن اسْم الْفَاعِل من الانكدار، وَقد تقدم.
الرَّابِع: جَابر بن عبد الله.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَلم يرو عَنهُ أحد من السِّتَّة غَيره، وَقد حدث عَنهُ القدماء بِهَذَا الحَدِيث، أخرجه أَحْمد فِي ( مُسْنده) عَنهُ، وَرَوَاهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ شيخ البُخَارِيّ مَعَ تقدمه عَن أَحْمد عَنهُ، أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيقه، وَذكر التِّرْمِذِيّ أَن شعيبا تفرد بِهِ عَن ابْن الْمُنْكَدر، فَهُوَ غَرِيب مَعَ صِحَّته، وَقد توبع ابْن الْمُنْكَدر عَلَيْهِ عَن جَابر.
أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر نَحوه، وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: أَخْبرنِي ابْن الْمُنْكَدر.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين حمصيين ومدنيين.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن عَليّ بن عَيَّاش، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن أَحْمد بن حَنْبَل.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سهل بن عَسْكَر، وَإِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن عَمْرو بن مَنْصُور.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن يحيى وَالْعَبَّاس بن الْوَلِيد وَمُحَمّد ابْن أبي الْحُسَيْن، سبعتهم عَن عَليّ بن عَيَّاش،.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( من قَالَ حِين يسمع النداء) ، أَي: الْأَذَان، وَظَاهر الْكَلَام كَانَ يَقْتَضِي أَن يُقَال: حِين سمع، بِلَفْظ الْمَاضِي، لِأَن الدُّعَاء مسنون بعد الْفَرَاغ من الْأَذَان، لَكِن مَعْنَاهُ: حِين يفرغ من السماع أَو المُرَاد من النداء تَمَامه، إِذْ الْمُطلق مَحْمُول على الْكَامِل، وَيسمع، حَال لَا إستقبال، وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، أخرجه مُسلم بِلَفْظ: ( قُولُوا مثل مَا يَقُول، ثمَّ صلوا عَليّ ثمَّ سلوا الله لي الْوَسِيلَة) .
فَفِي هَذَا: إِن ذَلِك إِنَّمَا يُقَال عِنْد فرَاغ الْأَذَان.
قَوْله: ( اللَّهُمَّ) ، يَعْنِي: يَا ألله، وَالْمِيم عوض عَن الْيَاء، فَلذَلِك لَا يَجْتَمِعَانِ.
قَوْله: ( رب) ، مَنْصُوب على النداء، وَيجوز رَفعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: أَنْت رب هَذِه الدعْوَة، والرب: المربي المصلح للشأن..
     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: ربه يربه فَهُوَ رب، وَيجوز أَن يكون وَصفا بِالْمَصْدَرِ للْمُبَالَغَة، كَمَا فِي الْوَصْف بِالْعَدْلِ، وَلم يطلقوا الرب إلاَّ فِي: الله، وَحده وَفِي غَيره على التَّقْيِيد بِالْإِضَافَة، كَقَوْلِهِم: رب الدَّار، وَنَحْوه.
قَوْله: ( االدعوة) ، بِفَتْح الدَّال وَفِي ( الْمُحكم) : الدعْوَة والدعوة بِالْفَتْح وَالْكَسْر، والمدعاة: مَا دَعَوْت إِلَيْهِ، وَخص اللحياني بالمفتوحة: الدُّعَاء إِلَى الْوَلِيمَة.
قلت: قَالُوا: الدعْوَة، بِالْفَتْح فِي الطَّعَام، والدعوة بِالْكَسْرِ فِي النّسَب، والدعوة بِالضَّمِّ فِي الْحَرْب، وَالْمرَاد: بالدعوة، هَهُنَا أَلْفَاظ الْأَذَان الَّتِي يدعى بهَا الشَّخْص إِلَى عبَادَة الله تَعَالَى.
وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: من طَرِيق مُحَمَّد بن عَوْف عَن عَليّ ابْن عَيَّاش: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِحَق هَذِه الدعْوَة، وَالْمرَاد بهَا: دَعْوَة التَّوْحِيد، كَقَوْلِه تَعَالَى: { لَهُ دَعْوَة الْحق} ( الرَّعْد: 14) .
قَوْله: ( التَّامَّة) صفة للدعوة، وصفت بالتمام لِأَن الشّركَة نقص، وَقيل: مَعْنَاهَا الَّتِي لَا يدخلهَا تَغْيِير وَلَا تَبْدِيل، بل هِيَ بَاقِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَقيل: وصفت بالتمام لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تسْتَحقّ صفة التَّمام، وَمَا سواهَا معرض الْفساد..
     وَقَالَ  ابْن التِّين: وصفت بالتامة لِأَن فِيهَا أتم القَوْل، وَهُوَ: لَا إِلَه إِلَّا الله.
وَقيل: التَّامَّة الْكَامِلَة، وكمالها أَن لَا يدخلهَا نقص وَلَا عيب كَمَا يدْخل فِي كَلَام النَّاس.
وَقيل: معنى التَّمام كَونهَا محمية عَن النّسخ بَاقِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة..
     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: من أَوله إِلَى قَوْله: مُحَمَّد رَسُول الله، هِيَ الدعْوَة التَّامَّة.
قَوْله: ( وَالصَّلَاة الْقَائِمَة) أَي: الدائمة الَّتِي لَا يغيرها مِلَّة وَلَا ينسخها شَرِيعَة، وَأَنَّهَا قَائِمَة مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض.
قَوْله: ( آتٍ) أَي: أعْط وَهُوَ أَمر من الإيتاء، وَهُوَ الْإِعْطَاء.
قَوْله: ( الْوَسِيلَة) وَهِي فِي اللُّغَة: مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الْغَيْر والمنزلة عِنْد الْملك، يُقَال: وسل فلَان إِلَى ربه وَسِيلَة، وتوسل إِلَيْهِ بوسيلة: إِذا تقرب بِعَمَل، وَهِي على وزن فعيلة، وَتجمع على: وَسَائِل ووسل، وفسرها فِي حَدِيث مُسلم بِأَنَّهَا: منزلَة فِي الْجنَّة، حَدثنَا مُحَمَّد بن مسلمة الْمرَادِي حَدثنَا عبد الله بن وهب عَن حَيْوَة وَسَعِيد بن أبي أَيُّوب وَغَيرهمَا عَن كَعْب بن عَلْقَمَة عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير: ( عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن فَقولُوا مثل مَا يَقُول، ثمَّ صلوا عَليّ فَإِنَّهُ من صلى عَليّ صَلَاة صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ بهَا عشرا.
ثمَّ سلوا الله لي الْوَسِيلَة، فَإِنَّهَا منزلَة فِي الْجنَّة لَا تنبغي لأحد إلاَّ لعبد من عباد الله، وَأَرْجُو أَن أكون أَنا هُوَ، فَمن سَأَلَ الله لي الْوَسِيلَة حلت لَهُ الشَّفَاعَة)
.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ إيضا وَأخرجه الطَّحَاوِيّ وَلَفظه: ( فَإِنَّهَا منزلَة فِي الْجنَّة) ، فالمنزل والمنزلة وَاحِد، وَهِي المنهل وَالدَّار.
قَوْله: ( والفضيلة) أَي: الْمرتبَة الزَّائِدَة على سَائِر الْخَلَائق، وَيحْتَمل أَن تكون الْفَضِيلَة منزلَة أُخْرَى..
     وَقَالَ  بَعضهم: أَو تكون تَفْسِيرا للوسيلة.
قلت: لَا إِبْهَام فِي الْوَسِيلَة مَعَ أَنَّهَا بيّنت فِي الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ عَن عبد الله بن عَمْرو.
قَوْله: ( مقَاما مَحْمُودًا) انتصاب مقَاما على أَن يُلَاحظ معنى الْإِعْطَاء فِي الْبَعْث، فحينئذٍ يكون مَفْعُولا ثَانِيًا لَهُ، وَذكر الْكرْمَانِي فِيهِ وُجُوهًا أُخْرَى مَا تمشي إِلَّا بالتعسف، وَقد استبعد بَعضهم بِأَن قَالَ: نصب على الظَّرْفِيَّة، وَهُوَ مَكَان غير مُبْهَم، فَلَا يجوز أَن يقدر فِيهِ كلمة: فِي.
فَإِن قلت: مَا وَجه التنكير فِيهِ؟ قلت: ليَكُون حِكَايَة عَن لفظ الْقُرْآن..
     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: إِنَّمَا نكر لِأَنَّهُ أفحم وأجزل، كَأَنَّهُ قيل: مقَاما، أَي: مقَاما مَحْمُودًا بِكُل لِسَان..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: ثبتَتْ الرِّوَايَة بالتنكير.
قلت: وَقع فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَغَيرهمَا: الْمقَام الْمَحْمُود، بِالْألف وَاللَّام..
     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: الْأَكْثَر على أَن المُرَاد يالمقام الْمَحْمُود: الشَّفَاعَة.
وَقيل: إجلاسه على الْعَرْش.
وَقيل: على الْكُرْسِيّ وَقيل: مَعْنَاهُ: الَّذِي يحمده الْقَائِم فِيهِ وكل من رَآهُ وعرفه، وَهُوَ مُطلق فِي كل مَا يجلب الْحَمد من أَنْوَاع الكرامات.
وَعَن ابْن عَبَّاس: مقَام يحمدك فِيهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ، وتشرف فِيهِ على جَمِيع الْخَلَائق، تُسأل فتعطي، لَيْسَ أحدا إلاَّ تَحت لوائك.
وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هُوَ الْمقَام الَّذِي أشفع فِيهِ لأمتي.
فَإِن قلت: قد وعده الله بالْمقَام الْمَحْمُود، وَهُوَ لَا يخلف الميعاد، فَمَا الْفَائِدَة فِي دُعَاء الْأمة بذلك؟ قلت: أما لطلب الدَّوَام والثبات، وَإِمَّا للْإِشَارَة إِلَى جَوَاز دُعَاء الشَّخْص لغيره، والاستعانة بدعائه فِي حَوَائِجه، وَلَا سِيمَا من الصَّالِحين.
قَوْله: ( الَّذِي وعدته) بدل من قَوْله: مقَاما، أَو مَرْفُوع بِتَقْدِير: هُوَ، أَو مَنْصُوب على الْمَدْح.
فَإِن قلت: هَل يجوز أَن يكون صفة للمقام؟ قلت: أَن قُلْنَا: الْمقَام الْمَحْمُود، صَار علما لذَلِك الْمقَام يجوز أَن يكون صفة، وإلاَّ لَا يجوز لِأَنَّهُ نكرَة.
وَأما على رِوَايَة النَّسَائِيّ: الْمقَام الْمَحْمُود، فَيجوز بِلَا نزاع، وَالْمرَاد بالوعد، مَا قَالَه تَعَالَى: { عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} ( الْإِسْرَاء: 79) .
وَأطلق عَلَيْهِ: الْوَعْد، لِأَن عَسى من الله وَاقع، وَلَيْسَ على بابُُه فِي حق الله تَعَالَى، وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: ( الَّذِي وعدته إِنَّك لَا تخلف الميعاد) .
قَوْله: ( حلت شَفَاعَتِي) ، جَوَاب: من.
وَمعنى: حلت أَي: اسْتحقَّت، وَيكون من الْحَلَال لِأَنَّهُ من كَانَ الشَّيْء حَلَاله كَانَ مُسْتَحقّا لذَلِك، وَبِالْعَكْسِ، وَيجوز أَن يكون من الْحُلُول بِمَعْنى النُّزُول، وَتَكون اللَّام بِمَعْنى: على، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة مُسلم: ( حلت عَلَيْهِ) ، وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود: ( وَجَبت لَهُ) ، وَلَا يجوز أَن يكون من الْحل خلاف الْحُرْمَة، لِأَنَّهَا لم تكن قبل ذَلِك مُحرمَة.
فَإِن قيل: كَيفَ جعل ذَلِك ثَوابًا بالقائل ذَلِك مَعَ أَنه ثَبت أَن الشَّفَاعَة للمذنبين؟ وَأجِيب: بِأَن للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شفاعات مُتعَدِّدَة: كإدخال الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب، وَرفع الدَّرَجَات، فَيشفع لكل أحد بِمَا يُنَاسب حَاله.
وَنقل القَاضِي عِيَاض عَن بعض شُيُوخه: أَنه كَانَ يرى تَخْصِيص ذَلِك بِمن قَالَ مخلصا مستحضرا لجلال الله تَعَالَى، لَا بِمن قصد بذلك مُجَرّد الثَّوَاب وَنَحْو ذَلِك، وَهَذَا مُجَرّد تحكم، فَلَيْسَ بمناسب..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَلَو كَانَ أخرج من ذَلِك الغافل اللاهي لَكَانَ أشبه، وَفِيه نظر أَيْضا على مَا لَا يخفى.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: الحض على الدُّعَاء فِي أَوْقَات الصَّلَاة حِين تفتح أَبْوَاب السَّمَاء للرحمة، وَقد جَاءَ: ( ساعتان لَا يرد فيهمَا الدُّعَاء: حَضْرَة النداء بِالصَّلَاةِ، وحضرة الصَّفّ فِي سَبِيل الله) .
فدلهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَوْقَات الْإِجَابَة.
فَإِن قلت: هَل الْإِتْيَان بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ الْمَذْكُورَة سَببا لاسْتِحْقَاق الشَّفَاعَة، أَو غَيرهَا يقوم مقَامهَا؟ قلت: روى الطَّحَاوِيّ من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( مَا من مُسلم يَقُول، إِذا سمع النداء، فيكبر الْمُنَادِي فيكبر، ثمَّ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَيشْهد على ذَلِك ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ أعْط مُحَمَّدًا الْوَسِيلَة واجعله فِي الأعلين دَرَجَته، وَفِي المصطفين محبته، وَفِي المقربين ذكره إلاَّ وَجَبت لَهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة) .
وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا.
قَوْله: ( واجعله) أَي: وَاجعَل لَهُ دَرَجَة فِي الأعلين، وَهُوَ جمع أَعلَى، وَهُوَ صفة من يعقل هَهُنَا لِأَن المُرَاد مِنْهُم الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَلذَلِك جمع بِالْوَاو وَالنُّون، فإعرابه بِالْوَاو حَالَة الرّفْع وبالياء حالتي النصب والجر، وَهَذَا مَقْصُور، والضمة والكسرة فِيهِ مقدرتان فِي حالتي النصب والجر.
قَوْله: ( المصطفين) ، بِفَتْح الْفَاء جمع: مصطفى، وَهُوَ أَيْضا كَذَلِك بِالْوَاو وبالياء حالتي النصب والجر، والمصطفى: الْمُخْتَار من الصفوة، وَأَصله مصتفى، بِالتَّاءِ، فقلبت طاء كَمَا عرف فِي مَوْضِعه.
وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث أم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَت: ( عَلمنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،.

     وَقَالَ : يَا أم سَلمَة إِذا كَانَ عِنْد أَذَان الْمغرب فَقولِي: اللَّهُمَّ عِنْد اسْتِقْبَال ليلك، وإدبار نهارك، وأصوات دعائك، وَحُضُور صلواتك، إغفر لي)
وَأخرجه أَبُو دَاوُد، وَلَفظه: ( اللَّهُمَّ هَذَا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعائك فَاغْفِر لي) .
وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْكَبِير) وَفِي آخِره: وَكَانَت إِذا تعارت من اللَّيْل تَقول: رب إغفر وَارْحَمْ، واهد السَّبِيل الأقوم، وروى أَبُو الشَّيْخ من حَدِيث ابْن عَبَّاس يرفعهُ: ( من سمع النداء فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، أبلغه الدرجَة والوسيلة عنْدك، واجعلنا فِي شَفَاعَته يَوْم الْقِيَامَة، إلاَّ وَجَبت لَهُ الشَّفَاعَة) وَفِيه: إِثْبَات الشَّفَاعَة للْأمة صَالحا وطالحا لزِيَادَة الثَّوَاب أَو إِسْقَاط الْعقَاب، لِأَن لَفْظَة: من، عَامَّة، فَهُوَ حجَّة على الْمُعْتَزلَة حَيْثُ خصصوها بالمطيع لزِيَادَة درجاته فَقَط.