هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
593 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِيِّ ثُمَّ المَازِنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ ، قَالَ لَهُ : إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ ، أَوْ بَادِيَتِكَ ، فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ ، فَإِنَّهُ : لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ ، جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
593 حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني ، عن أبيه ، أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري ، قال له : إني أراك تحب الغنم والبادية ، فإذا كنت في غنمك ، أو باديتك ، فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء ، فإنه : لا يسمع مدى صوت المؤذن ، جن ولا إنس ولا شيء ، إلا شهد له يوم القيامة ، قال أبو سعيد : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عَنْ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ ، قَالَ لَهُ : إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ ، أَوْ بَادِيَتِكَ ، فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ ، فَإِنَّهُ : لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ ، جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

Narrated `Abdur-Rahman:

Abu Sa`id Al-Khudri told my father, I see you liking sheep and the wilderness. So whenever you are with your sheep or in the wilderness and you want to pronounce Adhan for the prayer raise your voice in doing so, for whoever hears the Adhan, whether a human being, a jinn or any other creature, will be a witness for you on the Day of Resurrection. Abu Sa`id added, I heard it (this narration) from Allah's Messenger (ﷺ).

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف تنیسی نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہمیں امام مالک نے عبدالرحمٰن بن عبداللہ بن عبدالرحمٰن بن ابی صعصعہ انصاری سے خبر دی ، پھر عبدالرحمٰن مازنی اپنے والد عبداللہ سے بیان کرتے ہیں کہ ان کے والد نے انہیں خبر دی کہ حضرت ابو سعید خدری رضی اللہ عنہ صحابی نے ان سے بیان کیا کہمیں دیکھتا ہوں کہ تمہیں بکریوں اور جنگل میں رہنا پسند ہے ۔ اس لیے جب تم جنگل میں اپنی بکریوں کو لیے ہوئے موجود ہو اور نماز کے لیے اذان دو تو تم بلند آواز سے اذان دیا کرو ۔ کیونکہ جن و انس بلکہ تمام ہی چیزیں جو مؤذن کی آواز سنتی ہیں قیامت کے دن اس پر گواہی دیں گی ۔ حضرت ابوسعید رضی اللہ عنہ نے فرمایا کہ یہ میں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے سنا ہے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [609] قَوْله عَنْ أَبِيهِ زَادَ بن عُيَيْنَةَ وَكَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي سَعِيدٍ وَكَانَت أمه عِنْد أبي سعيد أخرجه بن خُزَيْمَة من طَرِيقه لَكِن قلبه بن عُيَيْنَةَ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مَالِكٍ وَوَافَقَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ وَزَعَمَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أخرج رِوَايَته لَكِن لم تَجِد ذَلِك وَلَا ذكرهَا خلف قَالَه بن عَسَاكِرَ وَاسْمُ أَبِي صَعْصَعَةَ عَمْرُو بْنُ زَيْدِ بْنِ عَوْف بن مبذول بْنِ عَمْرِو بْنِ غُنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ مَاتَ أَبُو صَعْصَعَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَابْنُهُ عبد الرَّحْمَن صَحَابِيّ روى بن شَاهِينَ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ حَدِيثًا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي سِيَاقِهِ أَنَّ جَدَّهُ كَانَ بَدْرِيًّا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْمَغَازِي لَمْ يَذْكُرُوهُ فِيهِمْ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا أَخَاهُ قَيْسَ بْنَ أَبِي صَعْصَعَةَ قَوْله أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ أَيْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْله تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ أَيْ لِأَجْلِ الْغَنَمِ لِأَنَّ مُحِبَّهَا يَحْتَاجُ إِلَى إِصْلَاحِهَا بِالْمَرْعَى وَهُوَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ وَهِيَ الصَّحْرَاءُ الَّتِي لَا عِمَارَةَ فِيهَا قَوْله فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ لِأَنَّ الْغَنَمَ قَدْ لَا تَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ حَيْثُ لَا غَنَمَ قَوْله فَأَذَّنْتُ لِلصَّلَاةِ أَيْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ وَلِلْمُصَنَّفِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِالصَّلَاةِ أَيْ أَعْلَمْتُ بِوَقْتِهَا قَوْله فَارْفَعْ فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَذَانَ مَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ كَانَ مُقَرَّرًا عِنْدَهُمْ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَمْرِ بِالرَّفْعِ دُونَ أَصْلِ التَّأْذِينِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ لِلْقَوْلِ الصَّائِرِ إِلَى اسْتِحْبَابِ أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ حَقُّ الْوَقْتِ وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ لِاسْتِدْعَاءِ الْجَمَاعَةِ لِلصَّلَاةِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ مَنْ يَرْجُو جَمَاعَةً أَوْ لَا .

     قَوْلُهُ  بِالنِّدَاءِ أَيْ بِالْأَذَانِ .

     قَوْلُهُ  لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ أَيْ غَايَةَ صَوْتِهِ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ غَايَةُ الصَّوْتِ تَكُونُ أَخْفَى مِنِ ابْتِدَائِهِ فَإِذَا شَهِدَ لَهُ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ وَوَصَلَ إِلَيْهِ مُنْتَهَى صَوْتِهِ فَلَأَنْ يَشْهَدُ لَهُ مَنْ دَنَا مِنْهُ وَسَمِعَ مُبَادِيَ صَوْتِهِ أَوْلَى قَوْله جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ فَهُوَ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ شَجَرٌ وَلَا مَدَرٌ وَلَا حَجَرٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَنَحْوُهُ للنسائي وَغَيره من حَدِيث الْبَراء وَصَححهُ بن السَّكَنِ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَلَا شَيْءَ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا فِي تَأْوِيلِهِ عَلَى غَيْرِ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَلَا شَيْءَالْمُرَادُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي قَوْلِهِ جِنٌّ لِأَنَّهُمْ يَسْتَخْفُونَ عَنِ الْأَبْصَارِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ الْمُرَادُ كُلُّ مَا يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ مِنَ الْحَيَوَانِ حَتَّى مَا لَا يَعْقِلُ دُونَ الْجَمَادَاتِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنع عقلا وَلَا شرعا قَالَ بن بَزِيزَةَ تَقَرَّرَ فِي الْعَادَةِ أَنَّ السَّمَاعَ وَالشَّهَادَةَ وَالتَّسْبِيحَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ حَيٍّ فَهَلْ ذَلِكَ حِكَايَةٌ عَنْ لِسَانِ الْحَالِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَاتِ نَاطِقَةٌ بِلِسَانِ حَالِهَا بِجَلَالِ بَارِيهَا أَوْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ فِيهَا الْحَيَاةَ وَالْكَلَامَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ النَّارِ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ أَنَّ الْبَقَرَةَ قَالَتْ إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ اه وَنَقَلَ بن النين عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ إِنَّ قَوْلَهُ هُنَا وَلَا شَيْءَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ مِنْ شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ.

.
وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ الْآيَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَمَا عَرَفْتُ وَجْهَ هَذَا التَّعَقُّبِ فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الِاحْتِمَالِ وَنَقْلِ الِاخْتِلَافِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ إِنَّ الْآيَةَ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي كَوْنِهَا عَلَى عُمُومِهَا وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي تَسْبِيحِ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ هَلْ هُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوِ الْمَجَازِ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَائِدَةٌ السِّرُّ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّهَا تَقَعُ عِنْدَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنَّ أَحْكَامَ الْآخِرَةِ جَرَتْ عَلَى نَعْتِ أَحْكَامِ الْخَلْقِ فِي الدُّنْيَا مِنْ تَوْجِيهِ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ وَالشَّهَادَةِ قَالَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ.

     وَقَالَ  التُّورِبِشْتِيُّ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ اشْتِهَارُ الْمَشْهُودِ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْفَضْلِ وَعُلُوِّ الدَّرَجَةِ وَكَمَا أَنَّ اللَّهَ يَفْضَحُ بِالشَّهَادَةِ قَوْمًا فَكَذَلِكَ يُكْرِمُ بِالشَّهَادَةِ آخَرِينَ قَوْله إِلَّا شَهِدَ لَهُ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ إِلَّا يَشْهَدُ لَهُ وَتَوْجِيهُهُمَا وَاضِحٌ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ أَيْ هَذَا الْكَلَامَ الْأَخِيرَ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ لَا يَسْمَعُ إِلَخْ.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَوْرَدَ الرَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الشَّرْحِ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأبي سعيد انك رجل تجب الْغم وَسَاقَهُ إِلَى آخِرِهِ وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ وامامه وَالْقَاضِي حُسَيْن وبن دَاوُدَ شَارِحُ الْمُخْتَصَرِ وَغَيْرُهُمْ.

.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَأَجَابَ بن الرِّفْعَةِ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ قَوْلَ أَبِي سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِدٌ عَلَى كُلِّ مَا ذُكِرَ اهـ وَلَا يخفى بعده وَقد رَوَاهُ بن خُزَيْمَة من رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ وَلَفْظُهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ إِذَا كُنْتَ فِي الْبَوَادِي فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَسْمَعُ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَذَّنْتَ فَارْفَعْ صَوْتَكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ فَذَكَرَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ الْغَنَمِ وَالْبَادِيَةِ مَوْقُوفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ لِيَكْثُرَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ مَا لَمْ يُجْهِدْهُ أَوْ يَتَأَذَّى بِهِ وَفِيهِ أَنَّ حُبَّ الْغَنَمِ وَالْبَادِيَةِ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ نُزُولِ الْفِتْنَةِ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَفِيهِ جَوَازُ التَّبَدِّي وَمُسَاكَنَةِ الْأَعْرَابِ وَمُشَارَكَتِهِمْ فِي الْأَسْبَاب بِشَرْط حَظّ من الْعلم وَأمن غَلَبَةِ الْجَفَاءِ وَفِيهِ أَنَّ أَذَانَ الْفَذِّ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَلَوْ كَانَ فِي قَفْرٍ وَلَوْ لَمْ يُرْتَجَ حُضُورُ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ لِأَنَّهُ إِنْ فَاتَهُ دُعَاءُ الْمُصَلِّينَ فَلَمْ يَفُتْهُ اسْتِشْهَادُ مَنْ سَمعه من غَيرهم( قَوْله بَابُ مَا يُحْقَنُ بِالْأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ قَصَدَ الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَاللَّتَيْنِ قَبْلَهَا اسْتِيفَاءَ ثَمَرَاتِ الْأَذَانِ فَالْأُولَى فِيهَا فَضْلُ التَّأْذِينِ لِقَصْدِ الِاجْتِمَاعِ لِلصَّلَاةِ وَالثَّانِيَةُ فِيهَا فَضْلُ أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ لِإِيدَاعِ الشَّهَادَةِ لَهُ بِذَلِكَ وَالثَّالِثَةُ فِيهَا حَقْنُ الدِّمَاءِ عِنْدَ وُجُودِ الْأَذَانِ قَالَ وَإِذَا انْتَفَتْ عَنِ الْأَذَانِ فَائِدَةٌ مِنْ هَذِهِ الْفَوَائِدِ لَمْ يُشْرَعْ إِلَّا فِي حِكَايَتِهِ عِنْدَ سَمَاعِهِ وَلِهَذَا عَقَّبَهُ بِتَرْجَمَةِ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُنَادِي اه كَلَامُهُ مُلَخَّصًا وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ ظَاهِرٌ وَبَاقِي الْمَتْن من متعلقات الْجِهَاد وَقد أوردهُ المُصَنّف هُنَاكَ بِهَذَا الْإِسْنَاد وسياقه أَتَمُّ مِمَّا هُنَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ طَرَفَهُ الْمُتَعَلِّقَ بِالْأَذَانِ وَسِيَاقُهُ أَوْضَحُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَيِّرُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرَ وَكَانَ يَسْتَمِعُ الْأَذَانَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ أَنَّ الْأَذَانَ شِعَارُ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِهِ كَانَ لِلسُّلْطَانِ قِتَالُهُمْ عَلَيْهِ اه وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ فِي الْمَذْهَب وَأغْرب بن عَبْدِ الْبَرِّ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَأَنَّ قَوْلَ أَصْحَابِنَا مَنْ نَطَقَ بِالتَّشَهُّدِ فِي الْأَذَانِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ إِلَّا إِذَا كَانَ عِيسَوِيًّا فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مُطْلَقُ حَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّ الْعِيسَوِيَّةَ طَائِفَةٌ مِنَ الْيَهُودِ حَدَثَتْ فِي آخِرِ دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ فَاعْتَرَفُوا بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ إِلَى الْعَرَبِ فَقَطْ وَهُمْ مَنْسُوبُونَ إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو عِيسَى أَحْدَثَ لَهُمْ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي سِيَاقِ حَدِيثِ الْبَابِ لَمْ يَكُنْ يُغِرْ بِنَا وَاخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ فَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي يُغِرْ مِنَ الْإِغَارَةِ مَجْزُومٌ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ يَكُنْ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَغْدُ بِإِسْكَانِ الْغَيْنِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْغُدُوِّ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ يَغْزُو بِزَايٍ بَعْدَهَا وَاوٌ مِنَ الْغَزْوِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ يُغِيرُ كَالْأَوَّلِ لَكِنْ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ الْغَيْنِ مِنَ الْإِغْرَاءِ وَرِوَايَةِ مُسْلِمٍ تَشْهَدُ لِرِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ مِنَ الْإِغَارَةِ وَاللَّهُ أعلم( قَوْله بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُنَادِيَ) هَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنِ بن الْمُبَارك عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ وَآثَرَ الْمُصَنِّفُ عَدَمَ الْجَزْمِ بِحُكْمِ ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ ظَاهِرُ صَنِيعِهِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ مَا يَقُولُ مِنَ الْأَذَانِ إِلَّا الْحَيْعَلَتَيْنِ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي بَدَأَ بِهِ عَامٌّ وَحَدِيثَ مُعَاوِيَةَ الَّذِي تَلَاهُ بِهِ يُخَصِّصُهُ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [609] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ: «إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ -أَوْ بَادِيَتِكَ- فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
[الحديث طرفاه في: 3296، 7548] .
وبالسند قال ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال ( أخبرنا مالك) هو ابن أنس ( عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة) بمهملات مفتوحات إلاّ العين الأولى فساكنة عمرو بن زيد ( الأنصاري ثم المازني) بالزاي والنون ( عن أبيه) عبد الله ( أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري) بالدال المهملة ( قال له) أي لعبد الله بن عبد الرحمن ( إني أراك تحب الغنم و) تحب ( البادية) الصحراء التي لا عمارة فيها لأجل إصلاح الغنم بالرعي وهو في الغالب يكون فيها ( فإذا كنت في) أي بين ( غنمك) في غير بادية أو فيها ( أو) في ( باديتك) من غير غنم أو معها أو هو شك من الراوي ولأبي ذر وباديتك بالواو من غير ألف ( فأذنت بالصلاة) أي أعلمت بوقتها وللأربعة للصلاة باللام بدل الموحدة أي لأجلها ( فارفع صوتك بالنداء،) أي الأذان ( فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن) أي غايته ( جن ولا وإنس ولا شيء) من حيوان أو جماد بأن يخلق الله تعالى له إدراكًا وهو من عطف العامّ على الخاصّ ولأبي داود والنسائي المؤذن يغفر له مدّ صوته ويشهد له كل رطب ويابس ولابن خزيمة لا يسمع صوته شجر ولا مدر ولا حجر ولا جنّ ولا إنس ( إلاّ شهد له) بلفظ الماضي وللكشميهني إلا يشهد له ( يوم القيامة.
)
وغاية الصوت بلا ريب أخفى أن ابتدائه فإذا شهد له من بعد عنه ووصل إليه منتهى صوته فلأن يشهد له من دنا منه وسمع مبادي صوته أولى نبّه عليه القاضي البيضاوي.
والسر في هذه الشهادة { وكفى بالله شهيدًا} اشتهار المشهود له بالفضل وعلوّ الدرجة وكما أن الله تعالى يفضح بالشهادة قومًا يكرم بها آخرين ولأحمد من حديث أبي هريرة مرفوعًا المؤذن يغفر له مدى صوته ويصدقه كل رطب ويابس قال الخطابي مدى الشيء غايته أي أنه يستكمل المغفرة إذا استوفى وسعه في رفع الصوت فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية من الصوت أو لأنه كلام تمثيل وتشبيه يريد أن المكان الذي ينتهي إليه الصوت لو قدّر أن يكون بين أقصاه وبين مقامه الذي هو فيه ذنوب تملأ تلك المسافة غفرها الله تعالى له انتهى واستشهد المنذري للقول الأوّل برواية مدّ صوته بتشديد الدال أي بقدر مدّ صوته ( قال أبو سعيد:) الخدري ( سمعته) أي قوله أنه لا يسمع إلى آخره ( من رسول الله) وللأصيلي من النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
)
وحينئذ فذكر الغنم والبادية موقف وقال الجلال المحلي أي سمعت ما قلت لك بخطاب ليس كما فهمه الماوردي والإمام الغزالي وأورده باللفظ الدال على ذلك ليظهر الاستدلال به على أذان المنفرد ورفع صوته به.
ورواة هذا الحديث الخمسة مدنيون إلا شيخ المؤلّف وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسماع وأخرجه المؤلّف أيضًا في ذكر الجن والتوحيد والنسائي وابن ماجة في الصلاة.
6 - باب مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ ( باب ما يحقن بالأذان من الدماء) أي يمنع بسبب الأذان من إراقة الدماء.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [609] ثنا عبد الله بن يوسف: أبنا مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني، عن أبيه، أنه أخبره، أن أبا سعيد الخدري قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك وباديتك فإذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه " لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس [ولا شيء] إلا شهد له يوم القيامة".
قال ابو سعيد: سمعته من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
كذا روى مالك هذا الحديث.
ورواه ابن عيينة، عن شيخه، فقال: عنعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة.
قال الشافعي: أصاب مالك في اسم الرجل، وأخطأ ابن عيينة فيما أرى.
وذكر الإمام أحمد هذا المعنى - أيضا.
وقد تقدم بهذا الإسناد في أوائل " كتاب الإيمان" حديث: " يوشك [أن يكون] خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال" - الحديث، وذكرنا الاختلاف في إسناده على مالك، وأنه سماه بعضهم عنه كما سماه ابن عيينة، والصحيح خلافه.
وروى هذا الحديث عبد العزيز بن الماجشون، عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، كما رواه مالك، إلا أنه لم يرفعه.
وما تضمنه حديث أبي سعيد من سكنى البادية بالغنم فقد سبق القول فيه مستوفى في " كتاب الإيمان" عند الكلام على حديثه المشار اليه.
وما تضمنه من الأذان للصلاة بالبادية، فيأتي بسط القول فيه عند تبويب البخاري على " الأذان في السفر" - إن شاء الله.
أماالأمر برفع الصوت في الأذان، فإنما هو من قول أبي سعيد، واستدل له بقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا يسمع صوت المؤذن" –الحديث.
كذا رواه ابن عيينة صريحاً، وكذا ما قبله كله من قول أبي سعيد.
وقد روي نحوه عن أبي هريرة.
روى وكيع وأبو نعيم في " كتأبيهما": ثنا أبو العنيس سعيد بن كثير، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: ارفعصوتك بالأذان؛ فإنه يشهد لك كل شيء سمعك.
لفظ وكيع، وخرجه عنه ابن شيبة.
ولفظ أبي نعيم، قال: من أذن فليسمع؛ فإنه يشهد له يوم القيامة ما انتهى إليه صوته من سمعه.
وخرجه ابن أبي شيبة بإسناده، عن الزبير بن عدي، عن رجل، عن ابن عمر، انه قال لرجل: ما عملك؟ قال: الأذان.
قال: نعم العمل عملك؛ يشهد لك كل شيء سمعك.
ورى وكيع، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: المؤذن يشهد له كل رطب ويابس سمعه.
ورواه غيره عن الأعمش، عن مجاهد - مرسلاً0، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قال الدارقطني: هو أشبه.
قال: ورواه عمار بن رزيق، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر - مرفوعاً.
قال: ورواه محمد بن عبيد الطنافسي وعمرو بن عبد الغفار، عن الأعمش، عن مجاهد، عن أبي هريرة – مرفوعاً.
وقد خرجه الإمام أحمد من رواية عمار بن رزيق كما تقدم، ومن رواية زائدة عن الأعمش، عن رجل، عن ابن عمر - مرفوعاً.
ورواه عبد الله بن بشر، عن الأعمش كرواية عمار بن رزيق.
وروي عن إسماعيل بن زكريا، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس - مرفوعاً.
قال الدارقطني في موضع من " علله": الصحيح: الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر - مرفوعاً.
وهذا يخالف قوله في مسند أبي هريرة: إن إرساله أصح.
ورواه إبراهيم بن طهمان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر - موقوفاً.
ورواه حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - مرفوعاً.
وروي مرفوعاً من وجه آخر: من رواية شعبة، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبي يحيى، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: " المؤذن يغفر له مد صوته، ويشهد له كل رطب ويابس".
خرجه أبو داود والنسائي.
وخرجه ابن ماجه، وعنده: " ويسغفر له كل رطب ويابس".
وخرجه ابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما".
وقال ابن حبان: ابو يحيى هوسمعان مولى أسلم، [حدثني] أبي يحيى.
وموسى بن أبي عثمان كوفي، أثنى عليه سفيان، ووصفه بالخير.
وقال أبو حاتم: شيخ.
وله طريق آخر: من رواية منصور بن المعتمر؛ واختلف عليه: فرواه وهيب، عن منصور، عن يحيى بن عباد أبي هبيرة، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وسأل وهيب منصوراً، عن عطاء هذا، فقال: هو رجل.
قال: وليس ابن أبي رباح ولا ابن يسار.
وكذا رواه زائدة وفضيل بن عياض، عن منصور، عن ابن عباد،عن عطاء - رجل من أهل المدينة -، عن أبي هريرة - موقوفاً غير موفوعٍ.
وكذا رواه جرير، عن منصور، عن يحيى بن عباد، عن رجل من أهل المدينة، عن أبي هريرة - موقوفاً.
ورواه بعد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن عباد بن أنس، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وخرجه عنه الإمامان: أحمد وإسحاق في " مسنديهما".
قال أبو زرعة الرازي والدارقطني: حديث معمر وهم، والصحيح: حديث منصور.
قلت: ويشهد لقول منصور: أن أبا أسامة رواه عن الحسن بن الحكم، عن أبي هبيرة يحيى بن عباد، عن شيخ من الأنصار، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وخرجه عنه ابن أبي شيبة في " كتابه".
قال الدارقطني: الصحيح: قول زائدة وفضيل بن عياض وجرير، عن منصور.
يعين: الموقوف.
والله اعلم.
وخرج الإمام أحمد والنسائي من حديث قتادة، عن أبي إسحاق الكوفي، عن البراء بن عازب، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " المؤذن يغفر له مد صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه".
وأبو إسحاق هذا، قال أحمد: ما أظنه السبيعي.
وذكر الترمذي في " العلل" أنه لا يعرف لقتادة سماعاً من أبي إسحاق الكوفي.
وقوله: " لا يسمع مدى صوت المؤذن": المدى: الغاية حيث ينتهي الصوت.
وقوله: " كل رطب ويابس" يدل على أن الجمادات سواء كانت رطبة أو يابسة فإن لها سماعاً في الدنيا وشهادة في الآخرة.
فدل ذلك على صحة أشياء مختلف في بعضها: منها: إدراك الجمادات ونطقها.
وقد أثبت ذلك جمهور السلف، سواء كانت رطبة أو يابسة، كما دل عليه قوله: { يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: 10] ، وقوله: { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} ? [الإسراء: 44] .
وخص الحسن التسبيح بما كان رطباً قبل ان ييبس.
والجمهور على خلافه.
وأمامن قال: تسبيحها: دلالاتها على صانعها بلسان الحال، فقول ضعيف جداً، والأدلة الكثيرة تبطله.
ومنها: أن الجمادات [000] يوم القيامة.
وقد دل على ذلك حديث عبد الله بن أنيس في سؤال الحجر والعود.
والحديث الصحيح: أن الغال يأتي بما غل من بقر وغنم وصامت ورقاع تخفق.
وأن مانع الزكاة يجعل له ماله صفائح يكوى به.
كما دل عليه قوله: { يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: 35] .
وأماقوله في الحديث الآخر: " يغفر له مدى صوته".
فقيل: معناه: لو كانت ذنوبه أجسأمالغفر له منها قدر ما يملأ المسافة التي بينه وبين منتهى صوته.
وقيل: معناه: تمد له الرحمة بقدر مد الأذان.
وقال الخطأبي: معناه أنه يستكمل مغفرة الله تعالى إذا استوفى وسعه في رفع الصوت، فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية من الصوت.
ورفع الصوت بالأذان مستحب؛ ولهذا قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعبد الله بن زيد لما رأى الأذان في منامه: " ألقه على بلال؛ فإنه اندى صوتاً منك".
خرجه أبو داود وغيره.
والمؤذن، أماأن يؤذن لنفسه، أو يؤذن للجماعة؛ فإن أذن للجماعة فلا يحصل الإتيان بالأذان المشروع في حقهم حتى يسمعهم.
قال الإمام أحمد في رواية حنبل، في رجل ضعيف الصوت، لا يرفع صوته ولا يخرج من المسجد، فإذا كان يسمع اهل المسجد والجيران فلا بأس.
قال القاضي أبو يعلى: ظاهر هذا، أنه إذا لم يسمع الجيران لم يصب سنة الأذان؛ لأن القصد ومن الأذان الإعلام، فإذا لم يسمع الجيران لميوجد المقصود.
فأماكمال السنة فهو: أن يرفع صوته نهاية جهده، ولا يزيد على ذلك حتى يخشى على نفسه ضرراً.
قال أحمد في رواية حنبل: يرفع صوته ما استطاع.
وقال الميموني: رأيت أحمد وهو يؤذن، صوتا بين الصوتين، وكان إلى خفض الصوت أقرب.
قال القاضي: ظاهر هذا، أنه لا يرفع صوته رفعاً يخرجه عن طبعه.
ومن الأصحاب من جعل هذه رواية ثانية؛ بأن التوسط في رفع الصوت أفضل.
وفي " المراسيل" لأبي داود، عن ابن سيرين، أن بلالاً جعل اصبعيه في أذنيه في بعض أذانه، أو في إقامته، بصوت ليس بالرفيع ولا بالوضيع.
ومتى خافت ببعضه فهو كمخافتته بكله عند أصحابنا.
وإن كان يؤذن لنفسه فله أن يسر به؛ لأنه لا يعلم غيره.
وقال أصحاب الشافعي: يستحب له أن يرفع صوته ما أمكنه، بحيث لا يلحقه ضرر، فإن أسر به لم يصح على الصحيح عندهم.
ولهم وجه: أنه يصح، كما لو أسر بالقراءة في صلاة الجهر.
ووجه ثالث: يصح إن سر بعضه خاصة، ونص عليه الشافعي في [مكان] .
قال الماوردي منهم: لو سمع واحداً من الجماعة أجزأه؛ لأن الجماعة تحصل بهما.
وأمامن يؤذن لنفسه، فيجزئه أن يسمع نفسه على الصحيح عندهم.
وقيل: يشترط إسماع من عنده.
والمذهب: الأول.
ومتى رفع صوته رفعاً يخشى على نفسه الضرر منه كره.
وقد قال عمر لأبي محذورة لما سمعه يؤذن بمكة: أماخشيت أن ينشق مريطاؤك؟ ذكره أبو عبيد وغيره.
والمريطاء: بالمد والقصر.
قال أبو عبيد: والمحفوظ: المد.
قال: وهو قول الأصمعي.
قال: وقال الأحمر: هي مقصورة.
قال: وقال أبو عمرو: تمد وتقصر.
وهي ما بين السرة والعانة -: قاله أبو عبيد والأكثرون.
وقيل: ما بين الصدر والعانة.
6 - باب ما يحقن بالأذان من الدماء

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَوْله بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالنِّدَاءِ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لَمْ يَنُصَّ عَلَى حُكْمِ رَفْعِ الصَّوْتِ لِأَنَّهُ مِنْ صِفَةِ الْأَذَانِ وَهُوَ لَمْ يَنُصَّ فِي أَصْلِ الْأَذَانِ عَلَى حُكْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ النَّسَائِيُّ بَابُ الثَّوَابِ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ قَوْله.

     وَقَالَ  عُمَرُ بن عبد الْعَزِيز وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ أَنَّ مُؤَذِّنًا أَذَّنَ فَطَرِبَ فِي أَذَانِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذَكَرَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الْمُؤَذِّنِ وَأَظُنُّهُ مِنْ بَنِي سَعْدِ الْقَرَظِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ حَيْثُ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ مِنَ التَّطْرِيبِ الْخُرُوجَ عَنِ الْخُشُوعِ لَا أَنَّهُ نَهَاهُ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ وَقَدْ رُوِيَ نَحْو هَذَا من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْكَعْبِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وبن عدي.

     وَقَالَ  بن حِبَّانَ لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ ثُمَّ غَفَلَ فَذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ

[ قــ :593 ... غــ :609] قَوْله عَنْ أَبِيهِ زَادَ بن عُيَيْنَةَ وَكَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي سَعِيدٍ وَكَانَت أمه عِنْد أبي سعيد أخرجه بن خُزَيْمَة من طَرِيقه لَكِن قلبه بن عُيَيْنَةَ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مَالِكٍ وَوَافَقَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ وَزَعَمَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أخرج رِوَايَته لَكِن لم تَجِد ذَلِك وَلَا ذكرهَا خلف قَالَه بن عَسَاكِرَ وَاسْمُ أَبِي صَعْصَعَةَ عَمْرُو بْنُ زَيْدِ بْنِ عَوْف بن مبذول بْنِ عَمْرِو بْنِ غُنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ مَاتَ أَبُو صَعْصَعَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَابْنُهُ عبد الرَّحْمَن صَحَابِيّ روى بن شَاهِينَ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ حَدِيثًا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي سِيَاقِهِ أَنَّ جَدَّهُ كَانَ بَدْرِيًّا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْمَغَازِي لَمْ يَذْكُرُوهُ فِيهِمْ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا أَخَاهُ قَيْسَ بْنَ أَبِي صَعْصَعَةَ قَوْله أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ أَيْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْله تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ أَيْ لِأَجْلِ الْغَنَمِ لِأَنَّ مُحِبَّهَا يَحْتَاجُ إِلَى إِصْلَاحِهَا بِالْمَرْعَى وَهُوَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ وَهِيَ الصَّحْرَاءُ الَّتِي لَا عِمَارَةَ فِيهَا قَوْله فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ لِأَنَّ الْغَنَمَ قَدْ لَا تَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ حَيْثُ لَا غَنَمَ قَوْله فَأَذَّنْتُ لِلصَّلَاةِ أَيْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ وَلِلْمُصَنَّفِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِالصَّلَاةِ أَيْ أَعْلَمْتُ بِوَقْتِهَا قَوْله فَارْفَعْ فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَذَانَ مَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ كَانَ مُقَرَّرًا عِنْدَهُمْ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَمْرِ بِالرَّفْعِ دُونَ أَصْلِ التَّأْذِينِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ لِلْقَوْلِ الصَّائِرِ إِلَى اسْتِحْبَابِ أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ حَقُّ الْوَقْتِ وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ لِاسْتِدْعَاءِ الْجَمَاعَةِ لِلصَّلَاةِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ مَنْ يَرْجُو جَمَاعَةً أَوْ لَا .

     قَوْلُهُ  بِالنِّدَاءِ أَيْ بِالْأَذَانِ .

     قَوْلُهُ  لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ أَيْ غَايَةَ صَوْتِهِ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ غَايَةُ الصَّوْتِ تَكُونُ أَخْفَى مِنِ ابْتِدَائِهِ فَإِذَا شَهِدَ لَهُ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ وَوَصَلَ إِلَيْهِ مُنْتَهَى صَوْتِهِ فَلَأَنْ يَشْهَدُ لَهُ مَنْ دَنَا مِنْهُ وَسَمِعَ مُبَادِيَ صَوْتِهِ أَوْلَى قَوْله جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ فَهُوَ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ شَجَرٌ وَلَا مَدَرٌ وَلَا حَجَرٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَنَحْوُهُ للنسائي وَغَيره من حَدِيث الْبَراء وَصَححهُ بن السَّكَنِ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَلَا شَيْءَ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا فِي تَأْوِيلِهِ عَلَى غَيْرِ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَلَا شَيْءَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي قَوْلِهِ جِنٌّ لِأَنَّهُمْ يَسْتَخْفُونَ عَنِ الْأَبْصَارِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ الْمُرَادُ كُلُّ مَا يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ مِنَ الْحَيَوَانِ حَتَّى مَا لَا يَعْقِلُ دُونَ الْجَمَادَاتِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنع عقلا وَلَا شرعا قَالَ بن بَزِيزَةَ تَقَرَّرَ فِي الْعَادَةِ أَنَّ السَّمَاعَ وَالشَّهَادَةَ وَالتَّسْبِيحَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ حَيٍّ فَهَلْ ذَلِكَ حِكَايَةٌ عَنْ لِسَانِ الْحَالِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَاتِ نَاطِقَةٌ بِلِسَانِ حَالِهَا بِجَلَالِ بَارِيهَا أَوْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ فِيهَا الْحَيَاةَ وَالْكَلَامَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ النَّارِ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ أَنَّ الْبَقَرَةَ قَالَتْ إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ اه وَنَقَلَ بن النين عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ إِنَّ قَوْلَهُ هُنَا وَلَا شَيْءَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ مِنْ شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ.

.
وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ الْآيَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَمَا عَرَفْتُ وَجْهَ هَذَا التَّعَقُّبِ فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الِاحْتِمَالِ وَنَقْلِ الِاخْتِلَافِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ إِنَّ الْآيَةَ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي كَوْنِهَا عَلَى عُمُومِهَا وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي تَسْبِيحِ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ هَلْ هُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوِ الْمَجَازِ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَائِدَةٌ السِّرُّ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّهَا تَقَعُ عِنْدَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنَّ أَحْكَامَ الْآخِرَةِ جَرَتْ عَلَى نَعْتِ أَحْكَامِ الْخَلْقِ فِي الدُّنْيَا مِنْ تَوْجِيهِ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ وَالشَّهَادَةِ قَالَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ.

     وَقَالَ  التُّورِبِشْتِيُّ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ اشْتِهَارُ الْمَشْهُودِ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْفَضْلِ وَعُلُوِّ الدَّرَجَةِ وَكَمَا أَنَّ اللَّهَ يَفْضَحُ بِالشَّهَادَةِ قَوْمًا فَكَذَلِكَ يُكْرِمُ بِالشَّهَادَةِ آخَرِينَ قَوْله إِلَّا شَهِدَ لَهُ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ إِلَّا يَشْهَدُ لَهُ وَتَوْجِيهُهُمَا وَاضِحٌ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ أَيْ هَذَا الْكَلَامَ الْأَخِيرَ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ لَا يَسْمَعُ إِلَخْ.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَوْرَدَ الرَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الشَّرْحِ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأبي سعيد انك رجل تجب الْغم وَسَاقَهُ إِلَى آخِرِهِ وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ وامامه وَالْقَاضِي حُسَيْن وبن دَاوُدَ شَارِحُ الْمُخْتَصَرِ وَغَيْرُهُمْ.

.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَأَجَابَ بن الرِّفْعَةِ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ قَوْلَ أَبِي سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِدٌ عَلَى كُلِّ مَا ذُكِرَ اهـ وَلَا يخفى بعده وَقد رَوَاهُ بن خُزَيْمَة من رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ وَلَفْظُهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ إِذَا كُنْتَ فِي الْبَوَادِي فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَسْمَعُ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَذَّنْتَ فَارْفَعْ صَوْتَكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ فَذَكَرَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ الْغَنَمِ وَالْبَادِيَةِ مَوْقُوفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ لِيَكْثُرَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ مَا لَمْ يُجْهِدْهُ أَوْ يَتَأَذَّى بِهِ وَفِيهِ أَنَّ حُبَّ الْغَنَمِ وَالْبَادِيَةِ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ نُزُولِ الْفِتْنَةِ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَفِيهِ جَوَازُ التَّبَدِّي وَمُسَاكَنَةِ الْأَعْرَابِ وَمُشَارَكَتِهِمْ فِي الْأَسْبَاب بِشَرْط حَظّ من الْعلم وَأمن غَلَبَةِ الْجَفَاءِ وَفِيهِ أَنَّ أَذَانَ الْفَذِّ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَلَوْ كَانَ فِي قَفْرٍ وَلَوْ لَمْ يُرْتَجَ حُضُورُ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ لِأَنَّهُ إِنْ فَاتَهُ دُعَاءُ الْمُصَلِّينَ فَلَمْ يَفُتْهُ اسْتِشْهَادُ مَنْ سَمعه من غَيرهم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
رفع الصوت بالنداء
وقال عمر بن عبد العزيز: أذن أذانا سمحاً، وإلا فاعتزلنا.

قال وكيع: ثنا سفيان، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين المكي، أن مؤذنا أذن فطرب في أذانه، فقال له عمر بن عبد العزيز: أذن أذاناً سمحاً، وإلا فاعتزلنا.

وخرج الدارقطني هذا مرفوعاً من حديث ابن عباس، وإسناده لا يصح.

وروي عن ابن عمر، أنه قال لمؤذن: إني أبغضك في الله؛ إنك تبغي في أذانك.

يشير إلى أنه يتجاوز الحد المشروع بتمطيطه والتطريب فيه.

وفي رواية: أنه قال: إنك تختال في أذانك.

كأنه يشير إلى التفخيم في صوته والتشادق والتكبر.
وقال أحمد في التطريب في الأذان: هو محدث.

يعني: انه لم يكن على عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

والقول في الأذان بالتطريب كالقول في قراءة القرآن بالتلحين.
وكرهه مالك والشافعي - أيضا.

وقال إسحاق: هو بدعة -: نقله عنه إسحاق بن منصور.

ونقل عنه حرب، قال: التسميح احب إلي، فإن كان يؤذن باجر فإني أكرهه - يعني: التطريب -، وإن من كان بغير أجر، وكان أنشط للعامة فلا بأس.

وقد يستدل لذلك بقول ابن عمر: إني أبغضك في الله؛ إنك تحسن صوتك - يعني: في الأذان -؛ لأجل الدارهم.

وسنذكره فيما بعد – إن شاء الله.

قال البخاري - رحمه الله -:
[ قــ :593 ... غــ :609 ]
- ثنا عبد الله بن يوسف: أبنا مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني، عن أبيه، أنه أخبره، أن أبا سعيد الخدري قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك وباديتك فإذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه " لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس [ولا شيء] إلا شهد له يوم القيامة".

قال ابو سعيد: سمعته من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

كذا روى مالك هذا الحديث.

ورواه ابن عيينة، عن شيخه، فقال: عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة.

قال الشافعي: أصاب مالك في اسم الرجل، وأخطأ ابن عيينة فيما أرى.

وذكر الإمام أحمد هذا المعنى - أيضا.

وقد تقدم بهذا الإسناد في أوائل " كتاب الإيمان" حديث: " يوشك [أن يكون] خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال" - الحديث، وذكرنا الاختلاف في إسناده على مالك، وأنه سماه بعضهم عنه كما سماه ابن عيينة، والصحيح خلافه.

وروى هذا الحديث عبد العزيز بن الماجشون، عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، كما رواه مالك، إلا أنه لم يرفعه.

وما تضمنه حديث أبي سعيد من سكنى البادية بالغنم فقد سبق القول فيه مستوفى في " كتاب الإيمان" عند الكلام على حديثه المشار اليه.

وما تضمنه من الأذان للصلاة بالبادية، فيأتي بسط القول فيه عند تبويب البخاري على " الأذان في السفر" - إن شاء الله.

أماالأمر برفع الصوت في الأذان، فإنما هو من قول أبي سعيد، واستدل له بقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا يسمع صوت المؤذن" –الحديث.

كذا رواه ابن عيينة صريحاً، وكذا ما قبله كله من قول أبي سعيد.

وقد روي نحوه عن أبي هريرة.

روى وكيع وأبو نعيم في " كتأبيهما": ثنا أبو العنيس سعيد بن كثير، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: ارفع صوتك بالأذان؛ فإنه يشهد لك كل شيء سمعك.

لفظ وكيع، وخرجه عنه ابن شيبة.

ولفظ أبي نعيم، قال: من أذن فليسمع؛ فإنه يشهد له يوم القيامة ما انتهى إليه صوته من سمعه.

وخرجه ابن أبي شيبة بإسناده، عن الزبير بن عدي، عن رجل، عن ابن عمر، انه قال لرجل: ما عملك؟ قال: الأذان.
قال: نعم العمل عملك؛ يشهد لك كل شيء سمعك.

ورى وكيع، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: المؤذن يشهد له كل رطب ويابس سمعه.

ورواه غيره عن الأعمش، عن مجاهد - مرسلاً0، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قال الدارقطني: هو أشبه.

قال: ورواه عمار بن رزيق، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر - مرفوعاً.

قال: ورواه محمد بن عبيد الطنافسي وعمرو بن عبد الغفار، عن الأعمش، عن مجاهد، عن أبي هريرة – مرفوعاً.

وقد خرجه الإمام أحمد من رواية عمار بن رزيق كما تقدم، ومن رواية زائدة عن الأعمش، عن رجل، عن ابن عمر - مرفوعاً.

ورواه عبد الله بن بشر، عن الأعمش كرواية عمار بن رزيق.
وروي عن إسماعيل بن زكريا، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس - مرفوعاً.

قال الدارقطني في موضع من " علله": الصحيح: الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر - مرفوعاً.

وهذا يخالف قوله في مسند أبي هريرة: إن إرساله أصح.

ورواه إبراهيم بن طهمان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر - موقوفاً.

ورواه حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - مرفوعاً.

وروي مرفوعاً من وجه آخر: من رواية شعبة، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبي يحيى، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: " المؤذن يغفر له مد صوته، ويشهد له كل رطب ويابس".

خرجه أبو داود والنسائي.

وخرجه ابن ماجه، وعنده: " ويسغفر له كل رطب ويابس".

وخرجه ابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما".

وقال ابن حبان: ابو يحيى هو سمعان مولى أسلم، [حدثني] أبي يحيى.

وموسى بن أبي عثمان كوفي، أثنى عليه سفيان، ووصفه بالخير.
وقال أبو حاتم: شيخ.

وله طريق آخر: من رواية منصور بن المعتمر؛ واختلف عليه:
فرواه وهيب، عن منصور، عن يحيى بن عباد أبي هبيرة، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وسأل وهيب منصوراً، عن عطاء هذا، فقال: هو رجل.
قال: وليس ابن أبي رباح ولا ابن يسار.

وكذا رواه زائدة وفضيل بن عياض، عن منصور، عن ابن عباد، عن عطاء - رجل من أهل المدينة -، عن أبي هريرة - موقوفاً غير موفوعٍ.

وكذا رواه جرير، عن منصور، عن يحيى بن عباد، عن رجل من أهل المدينة، عن أبي هريرة - موقوفاً.

ورواه بعد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن عباد بن أنس، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وخرجه عنه الإمامان: أحمد وإسحاق في " مسنديهما".

قال أبو زرعة الرازي والدارقطني: حديث معمر وهم، والصحيح: حديث منصور.

قلت: ويشهد لقول منصور: أن أبا أسامة رواه عن الحسن بن الحكم، عن أبي هبيرة يحيى بن عباد، عن شيخ من الأنصار، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وخرجه عنه ابن أبي شيبة في " كتابه".

قال الدارقطني: الصحيح: قول زائدة وفضيل بن عياض وجرير، عن منصور.

يعين: الموقوف.
والله اعلم.

وخرج الإمام أحمد والنسائي من حديث قتادة، عن أبي إسحاق الكوفي، عن البراء بن عازب، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " المؤذن يغفر له مد صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه".
وأبو إسحاق هذا، قال أحمد: ما أظنه السبيعي.

وذكر الترمذي في " العلل" أنه لا يعرف لقتادة سماعاً من أبي إسحاق الكوفي.

وقوله: " لا يسمع مدى صوت المؤذن": المدى: الغاية حيث ينتهي الصوت.
وقوله: " كل رطب ويابس" يدل على أن الجمادات سواء كانت رطبة أو يابسة فإن لها سماعاً في الدنيا وشهادة في الآخرة.

فدل ذلك على صحة أشياء مختلف في بعضها:
منها: إدراك الجمادات ونطقها.

وقد أثبت ذلك جمهور السلف، سواء كانت رطبة أو يابسة، كما دل عليه قوله: { يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: 10] ، وقوله: { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} ? [الإسراء: 44] .

وخص الحسن التسبيح بما كان رطباً قبل ان ييبس.

والجمهور على خلافه.

وأمامن قال: تسبيحها: دلالاتها على صانعها بلسان الحال، فقول ضعيف جداً، والأدلة الكثيرة تبطله.

ومنها: أن الجمادات [000] يوم القيامة.

وقد دل على ذلك حديث عبد الله بن أنيس في سؤال الحجر والعود.

والحديث الصحيح: أن الغال يأتي بما غل من بقر وغنم وصامت ورقاع تخفق.
وأن مانع الزكاة يجعل له ماله صفائح يكوى به.

كما دل عليه قوله: { يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: 35] .

وأماقوله في الحديث الآخر: " يغفر له مدى صوته".
فقيل: معناه: لو كانت ذنوبه أجسأمالغفر له منها قدر ما يملأ المسافة التي بينه وبين منتهى صوته.

وقيل: معناه: تمد له الرحمة بقدر مد الأذان.

وقال الخطأبي: معناه أنه يستكمل مغفرة الله تعالى إذا استوفى وسعه في رفع الصوت، فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية من الصوت.

ورفع الصوت بالأذان مستحب؛ ولهذا قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعبد الله بن زيد لما رأى الأذان في منامه: " ألقه على بلال؛ فإنه اندى صوتاً منك".

خرجه أبو داود وغيره.

والمؤذن، أماأن يؤذن لنفسه، أو يؤذن للجماعة؛ فإن أذن للجماعة فلا يحصل الإتيان بالأذان المشروع في حقهم حتى يسمعهم.

قال الإمام أحمد في رواية حنبل، في رجل ضعيف الصوت، لا يرفع صوته ولا يخرج من المسجد، فإذا كان يسمع اهل المسجد والجيران فلا بأس.

قال القاضي أبو يعلى: ظاهر هذا، أنه إذا لم يسمع الجيران لم يصب سنة الأذان؛ لأن القصد ومن الأذان الإعلام، فإذا لم يسمع الجيران لم يوجد المقصود.

فأماكمال السنة فهو: أن يرفع صوته نهاية جهده، ولا يزيد على ذلك حتى يخشى على نفسه ضرراً.

قال أحمد في رواية حنبل: يرفع صوته ما استطاع.

وقال الميموني: رأيت أحمد وهو يؤذن، صوتا بين الصوتين، وكان إلى خفض الصوت أقرب.

قال القاضي: ظاهر هذا، أنه لا يرفع صوته رفعاً يخرجه عن طبعه.

ومن الأصحاب من جعل هذه رواية ثانية؛ بأن التوسط في رفع الصوت أفضل.

وفي " المراسيل" لأبي داود، عن ابن سيرين، أن بلالاً جعل اصبعيه في أذنيه في بعض أذانه، أو في إقامته، بصوت ليس بالرفيع ولا بالوضيع.

ومتى خافت ببعضه فهو كمخافتته بكله عند أصحابنا.

وإن كان يؤذن لنفسه فله أن يسر به؛ لأنه لا يعلم غيره.

وقال أصحاب الشافعي: يستحب له أن يرفع صوته ما أمكنه، بحيث لا يلحقه ضرر، فإن أسر به لم يصح على الصحيح عندهم.

ولهم وجه: أنه يصح، كما لو أسر بالقراءة في صلاة الجهر.
ووجه ثالث: يصح إن سر بعضه خاصة، ونص عليه الشافعي في [مكان] .

قال الماوردي منهم: لو سمع واحداً من الجماعة أجزأه؛ لأن الجماعة تحصل بهما.

وأمامن يؤذن لنفسه، فيجزئه أن يسمع نفسه على الصحيح عندهم.
وقيل: يشترط إسماع من عنده.
والمذهب: الأول.

ومتى رفع صوته رفعاً يخشى على نفسه الضرر منه كره.

وقد قال عمر لأبي محذورة لما سمعه يؤذن بمكة: أماخشيت أن ينشق مريطاؤك؟
ذكره أبو عبيد وغيره.

والمريطاء: بالمد والقصر.

قال أبو عبيد: والمحفوظ: المد.
قال: وهو قول الأصمعي.
قال: وقال الأحمر: هي مقصورة.
قال: وقال أبو عمرو: تمد وتقصر.

وهي ما بين السرة والعانة -: قاله أبو عبيد والأكثرون.

وقيل: ما بين الصدر والعانة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالنِّدَاءِ
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَذِّنْ أَذَانًا سَمْحًا، وَإِلاَّ فَاعْتَزِلْنَا.

( باب) ثواب ( رفع الصوت بالنداء) أي الأذان ( وقال عمر بن عبد العزيز:) فيما وصله ابن أبي شيبة بلفظ أن مؤذنًا أذن فطرّب في أذانه فقال له عمر بن عبد العزيز: ( أذن) بلفظ الأمر ( أذانًا سمحًا،) بسكون الميم بغير نغمات ولا تطريب ( وإلاّ فاعتزلنا) أي اترك منصب الأذان فإن قلت النهي وقع عن التطريب فما المطابقة بينه وبين الترجمة أجيب بأن المؤلّف أراد أنه ليس كل رفع محمودًا إلا رفعًا بهذه المثابة غير مطرّب أو غير عالٍ فظيع.


[ قــ :593 ... غــ : 609 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ: «إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ -أَوْ بَادِيَتِكَ- فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
[الحديث 609 - طرفاه في: 3296، 7548] .

وبالسند قال ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال ( أخبرنا مالك) هو ابن أنس ( عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة) بمهملات مفتوحات إلاّ العين الأولى فساكنة عمرو بن زيد ( الأنصاري ثم المازني) بالزاي والنون ( عن أبيه) عبد الله ( أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري) بالدال المهملة ( قال له) أي لعبد الله بن عبد الرحمن ( إني أراك تحب الغنم و) تحب ( البادية)
الصحراء التي لا عمارة فيها لأجل إصلاح الغنم بالرعي وهو في الغالب يكون فيها ( فإذا كنت في) أي بين ( غنمك) في غير بادية أو فيها ( أو) في ( باديتك) من غير غنم أو معها أو هو شك من الراوي ولأبي ذر وباديتك بالواو من غير ألف ( فأذنت بالصلاة) أي أعلمت بوقتها وللأربعة للصلاة باللام بدل الموحدة أي لأجلها ( فارفع صوتك بالنداء،) أي الأذان ( فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن) أي غايته ( جن ولا وإنس ولا شيء) من حيوان أو جماد بأن يخلق الله تعالى له إدراكًا وهو من عطف العامّ على الخاصّ ولأبي داود والنسائي المؤذن يغفر له مدّ صوته ويشهد له كل رطب ويابس ولابن خزيمة لا يسمع صوته شجر ولا مدر ولا حجر ولا جنّ ولا إنس ( إلاّ شهد له) بلفظ الماضي وللكشميهني إلا يشهد له ( يوم القيامة.
)
وغاية الصوت بلا ريب أخفى أن ابتدائه فإذا شهد له من بعد عنه ووصل إليه منتهى صوته فلأن يشهد له من دنا منه وسمع مبادي صوته أولى نبّه عليه القاضي البيضاوي.
والسر في هذه الشهادة { وكفى بالله شهيدًا} اشتهار المشهود له بالفضل وعلوّ الدرجة وكما أن الله تعالى يفضح بالشهادة قومًا يكرم بها آخرين ولأحمد من حديث أبي هريرة مرفوعًا المؤذن يغفر له مدى صوته ويصدقه كل رطب ويابس قال الخطابي مدى الشيء غايته أي أنه يستكمل المغفرة إذا استوفى وسعه في رفع الصوت فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية من الصوت أو لأنه كلام تمثيل وتشبيه يريد أن المكان الذي ينتهي إليه الصوت لو قدّر أن يكون بين أقصاه وبين مقامه الذي هو فيه ذنوب تملأ تلك المسافة غفرها الله تعالى له انتهى واستشهد المنذري للقول الأوّل برواية مدّ صوته بتشديد الدال أي بقدر مدّ صوته ( قال أبو سعيد:) الخدري ( سمعته) أي قوله أنه لا يسمع إلى آخره ( من رسول الله) وللأصيلي من النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
)
وحينئذ فذكر الغنم والبادية موقف وقال الجلال المحلي أي سمعت ما قلت لك بخطاب ليس كما فهمه الماوردي والإمام الغزالي وأورده باللفظ الدال على ذلك ليظهر الاستدلال به على أذان المنفرد ورفع صوته به.

ورواة هذا الحديث الخمسة مدنيون إلا شيخ المؤلّف وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسماع وأخرجه المؤلّف أيضًا في ذكر الجن والتوحيد والنسائي وابن ماجة في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ رَفْعِ الصَّوْتِ بالنِّدَاءِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان رفع الصَّوْت بالنداء، أَي: رفع الْمُؤَذّن صَوته بِالْأَذَانِ، قَالَ ابْن الْمُنِير: لم ينص على حكم رفع الصَّوْت لِأَنَّهُ من صفة الْأَذَان، وَهُوَ لم ينص فِي أصل الْأَذَان على حكم، قلت: هُوَ فِي الْحَقِيقَة صفة الْمُؤَذّن لَا صفة الْأَذَان، وَلَا يحْتَاج إِلَى نَص الحكم ظَاهرا، لِأَن حَدِيث الْبابُُ يدل على أَن المُرَاد ثَوَاب رفع الْمُؤَذّن صَوته، فَيكون تَقْدِير كَلَامه: بابُُ فِي بَيَان ثَوَاب رفع الْمُؤَذّن صَوته عِنْد الْأَذَان، كَمَا ترْجم النَّسَائِيّ: بابُُ الثَّوَاب على رفع الصَّوْت بِالْأَذَانِ.

وَقَالَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ أذانْ أذانا سمْحا وإلاِّ فاعْتَزِلْنَا
مُطَابقَة هَذَا الْأَثر للتَّرْجَمَة، مَا قَالَه الدَّاودِيّ: لَعَلَّ هَذَا الْمُؤَذّن لم يكن يحسن مد الصَّوْت إِذا رفع بِالْأَذَانِ فَعلمه، وَلَيْسَ أَنه نَهَاهُ عَن رفع الصَّوْت، قلت: كَأَنَّهُ كَانَ يطرب فِي صَوته ويتنغم، وَلَا ينظر إِلَى مد الصَّوْت مُجَردا عَن ذَلِك، فَأمره عمر بن عبد الْعَزِيز بالسماحة.
وَهِي: السهولة، وَهُوَ أَن يسمح بترك التطريب ويمد صَوته، وَيدل على ذَلِك مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَاد فِيهِ لين من حَدِيث ابْن عَبَّاس: (أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَهُ مُؤذن يطرب، فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمُؤَذّن سهل سمح، فَإِن كَانَ أذانك سهلاً سَمحا وإلاَّ فَلَا تؤذن) ، وَيحْتَمل أَن هَذَا الْمُؤَذّن لم يكن يفصح فِي كَلَامه، ويغمغم فَأمره عبد الْعَزِيز بالسماحة فِي أَذَانه، وَهِي: ترك الغمغمة بِإِظْهَار الفصاحة، وَهَذَا لَا يكون إِلَّا بِمد الصَّوْت بحدة.
وروى مجاشع عَن هَارُون بن مُحَمَّد عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا يُؤذن لكم إلاَّ فصيح) ،.

     وَقَالَ  ابْن عدي: هَارُون هَذَا لَا يعرف، وَأما التَّعْلِيق الْمَذْكُور فَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن وَكِيع عَن سُفْيَان عَن عمر بن سعد عَن أبي الْحسن: أَن مُؤذنًا أذن فطرب لَهُ فِي أَذَانه، فَقَالَ لَهُ عمر ابْن عبد الْعَزِيز: أذن أذانا سَمحا وإلاَّ فاعتزلنا.
قَوْله: (أذن) بِلَفْظ الْأَمر من الْفِعْل، وَهُوَ خطاب لمؤذنه.
قَوْله: (سَمحا) أَي: سهلا بِلَا نغمات وتطريب.
قَوْله: (فاعتزلنا أَي: فاترك منصب الْأَذَان.



[ قــ :593 ... غــ :609 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ عَبْدِ الله بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ أبي صَعْصَعْة الأنْصَارِيِّ ثُمَّ المَازِنِيِّ عنْ أبِيهِ أنَّهُ أخْبَرَهُ أنَّ أَبَا سعِيدٍ الخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ إنِّي أراكَ تُحِبُّ الغَنَمَ والبَادِيَةَ فَإذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بالصَّلاَةِ فارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ فإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤذِّنٌّ جِنُّ ولاَ إنْسٌ ولاَ شَيْءٌ إلأَّ شَهِدَ لهُ يَوْمَ القِيَامَةِ قَالَ أبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ منْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فارفع صَوْتك بالنداء) .

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عبد الله بن يُوسُف التنيسِي.
الثَّانِي: الإِمَام مَالك بن أنس.
الثَّالِث: عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، بالمهملات المفتوحات إِلَّا الْعين الأولى، فَإِنَّهَا سَاكِنة: الْأنْصَارِيّ الْمَازِني: بالزاي وَالنُّون، مَاتَ فِي خلَافَة أبي جَعْفَر، وَمِنْهُم من ينْسبهُ إِلَى جده، وَاسم أبي صعصعة: عَمْرو بن زيد بن عَوْف مبذول بن عَمْرو بن غنم بن مَازِن بن النجار، مَاتَ أَبُو صعصعة فِي الْجَاهِلِيَّة وَابْنه عبد الرَّحْمَن صَحَابِيّ.
الرَّابِع: أَبوهُ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن.
الْخَامِس: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، والإخبار كَذَلِك فِي مَوضِع وَاحِد، وبصيغة الإِفراد فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
وَفِيه: أَن رُوَاته مدنيون مَا خلا شيخ البُخَارِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي ذكر الْجِنّ عَن قُتَيْبَة، وَفِي التَّوْحِيد عَن اسماعيل وَعَن ابي نعيم عَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة عَن أَبِيه.
ذكره خلف وَحده،.

     وَقَالَ  أَبُو الْقَاسِم، لم أَجِدهُ وَلَا ذكره أَبُو مَسْعُود، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الصَّباح عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي صعصعة عَن أَبِيه عَن أبي سعيد بِهِ، كَذَا يَقُول سُفْيَان.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قَالَ لَهُ) ، أَي: قَالَ أَبُو سعيد لعبد الله بن عبد الرَّحْمَن.
قَوْله: (والبادية) ، أَي: وتحب الْبَادِيَة أَيْضا لأجل الْغنم، لِأَن محب الْغنم يحْتَاج إِلَى إصلاحها بالمرعى، وَهُوَ فِي الْغَالِب يكون فِي الْبَادِيَة، وَهِي الصَّحرَاء الَّتِي لَا عمَارَة فِيهَا.
قَوْله: (فَإِذا كنت فِي غنمك) ، أَي: بَين غنمك، وَكلمَة: فِي، تَأتي بِمَعْنى بَين، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فادخلي فِي عبَادي} (الْفجْر: 29) .
وَفِي (الْمُخَصّص) : الْغنم جمع لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه..
     وَقَالَ  ابو حَاتِم: وَهِي انثى.
وَعَن صَاحب (الْعين) : الْجمع أَغْنَام وأغانم وغنوم.
وَفِي (الْمُحكم) : ثنوه فَقَالُوا: غنمان.
وَفِي (الْجَامِع) : هُوَ اسْم لجمع الضَّأْن والمعز.
وَفِي (الصِّحَاح) : مَوْضُوع للْجِنْس يَقع على الذُّكُور وَالْإِنَاث وَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا.
قَوْله: (أَو باديتك) كلمة: أَو، هُنَا يحْتَمل أَن تكون للشَّكّ من الرَّاوِي، أَو تكون للتنويع، لِأَنَّهُ قد يكون فِي غنم بِلَا بادية، وَقد يكون فِي بادية بِلَا غنم، وَقد يكون فيهمَا مَعًا.
وَقد لَا يكون فيهمَا مَعًا، وعَلى كل حَال لَا يتْرك الْأَذَان.
قَوْله: (فَأَذنت للصَّلَاة) أَي: لأجل الصَّلَاة، وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ فِي بَدْء الْخلق: (بِالصَّلَاةِ) ، وَالْبَاء للسَّبَبِيَّة ومعناهما قريب.
قَوْله: (بالنداء) أَي: الْأَذَان.
قَوْله: (مدى صَوت) ، أَي: لَا يسمع غَايَة صَوت الْمُؤَذّن.
قَالَ التوربشتي: إِنَّمَا ورد الْبَيَان على الْغَايَة مَعَ حُصُول الْكِفَايَة بقوله: (لَا يسمع صَوت الْمُؤَذّن) ، تَنْبِيها على أَن آخر مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ صَوته يشْهد لَهُ كَمَا يشْهد لَهُ الْأَولونَ..
     وَقَالَ  القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ: غَايَة الصَّوْت تكون أخْفى لَا محَالة.
فَإِذا شهد لَهُ من بعد عَنهُ وَوصل إِلَيْهِ هَمس صَوته فَلِأَنَّهُ يشْهد لَهُ من هُوَ أدنى مِنْهُ وَسمع مبادي صَوته أولى.
قَوْله: (لَا شَيْء) هَذَا من عطف الْعَام على الْخَاص، لَان الْجِنّ وَالْإِنْس يدخلَانِ فِي: شَيْء، وَهُوَ يَشْمَل الْحَيَوَانَات والجمادات.
قيل: إِنَّه مَخْصُوص بِمن تصح مِنْهُ الشَّهَادَة مِمَّن يسمع: كالملائكة، نَقله الْكرْمَانِي.
وَقيل: المُرَاد بِهِ كل مَا يسمع الْمُؤَذّن من الْحَيَوَان حَتَّى مَا لَا يعقل دون الجمادات.
وَقيل: عَام حَتَّى فِي الجمادات أَيْضا، وَالله تَعَالَى يخلق لَهَا إدراكا وعقلاً، وَهُوَ غير مُمْتَنع عقلا وَلَا شرعا..
     وَقَالَ  ابْن بزيزة: تقرر فِي الْعَادة أَن السماع وَالشَّهَادَة وَالتَّسْبِيح لَا يكون إِلَّا من حَيّ، فَهَل ذَلِك إلاَّ حِكَايَة على لِسَان الْحَال؟ لِأَن الموجودات ناطقة بِلِسَان حَالهَا بِجلَال باريها.
قَوْله: (إلاَّ شهد لَهُ) .
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (إلاَّ يشْهد لَهُ) .
وَالْمرَاد من الشَّهَادَة { وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} (النِّسَاء: 79 و 166، الْفَتْح: 28) .
اشتهاره يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا بَينهم بِالْفَضْلِ وعلو الدرجَة، وكما أَن الله يفضح قوما بِشَهَادَة الشَّاهِدين، كَذَلِك يكرم قوما بهَا، تجميلاً لَهُم وتكميلاً لسرورهم وتطمينا لقُلُوبِهِمْ قَوْله: (سمعته من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: سَمِعت هَذَا الْكَلَام الْأَخير، وَهُوَ قَوْله: (فَإِنَّهُ لَا يسمع) إِلَى آخِره.
قلت: أَشَارَ بذلك إِلَى أَن من قَوْله: (إِنِّي أَرَاك) ، إِلَى قَوْله: (فَإِنَّهُ لَا يسمع) ، مَوْقُوف، وَيُؤَيّد ذَلِك مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة من رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة وَلَفظه: (قَالَ أَبُو سعيد: إِذا كنت فِي الْبَوَادِي فارفع صَوْتك بالنداء فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يسمع مدى صَوت الْمُؤَذّن) فَذكره، وَرَوَاهُ يحيى الْقطَّان أَيْضا عَن مَالك بِلَفْظ: (أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: إِذا أَذِنت فارفع صَوْتك فَإِنَّهُ لَا يسمع) فَذكره، وَقد أورد الْغَزالِيّ والرافعي وَالْقَاضِي حُسَيْن هَذَا الحَدِيث وجعلوه كُله مَرْفُوعا، وَلَفظه: (أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ لأبي سعيد: إِنَّك رجل تحب الْغنم) .
وساقوه إِلَى آخِره، ورده النَّوَوِيّ، وتصدى ابْن الرّفْعَة للجواب عَنْهُم بِأَنَّهُم فَهموا أَن قَول أبي سعيد: سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يرجع إِلَى كل مَا ذكر، وَالصَّوَاب مَعَ النَّوَوِيّ لما ذَكرْنَاهُ.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: اسْتِحْبابُُ رفع الصَّوْت بِالْأَذَانِ ليكْثر من يشْهد لَهُ وَلَو أذن على مَكَان مُرْتَفع ليَكُون أبعد لذهاب الصَّوْت، وَكَانَ بِلَال، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يُؤذن على بَيت امْرَأَة من بني النجار، بَيتهَا أطول بَيت حول الْمَسْجِد.
وَفِيه: الْعُزْلَة عَن النَّاس خُصُوصا فِي أَيَّام الْفِتَن.
وَفِيه: اتِّخَاذ الْغنم وَالْمقَام بالبادية، وَهُوَ من فعل السّلف.
وَفِيه: أَن أَذَان الْمُنْفَرد مَنْدُوب، وَلَو كَانَ فِي بَريَّة، لِأَنَّهُ إِن لم يحضر من يُصَلِّي مَعَه يحصل لَهُ شَهَادَة من سَمعه من الْحَيَوَانَات والجمادات.
وَللشَّافِعِيّ فِي أَذَان الْمُنْفَرد ثَلَاثَة أَقْوَال: أَصَحهَا: نعم، لحَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ هَذَا، وَالثَّانِي: وَهُوَ الْقَدِيم: لَا ينْدب لَهُ لِأَن الْمَقْصُود من الْأَذَان والإبلاغ والإعلام، وَهَذَا لَا يَنْتَظِم فِي الْمُنْفَرد.
وَالثَّالِث: أَن رجى حُضُور جمَاعَة أذن لإعلامهم، وإلاَّ فَلَا، وَحمل حَدِيث أبي سعيد على أَنه كَانَ يَرْجُو حُضُور غلمانه.
وَفِيه: أَن الْجِنّ يسمعُونَ أصوات بني آدم.
وَفِيه: أَن بعض الْخلق يشْهد لبَعض.

<