هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
59 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ ، ح وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي هِلاَلُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : مَتَى السَّاعَةُ ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ : سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ لَمْ يَسْمَعْ ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ : أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ قَالَ : هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ ، قَالَ : كَيْفَ إِضَاعَتُهَا ؟ قَالَ : إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أراه السائل عن الساعة قال : ها أنا يا رسول الله ، قال : فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ، قال : كيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : مَتَى السَّاعَةُ ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ : سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ لَمْ يَسْمَعْ ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ : أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ قَالَ : هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ ، قَالَ : كَيْفَ إِضَاعَتُهَا ؟ قَالَ : إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ .

Narrated Abu Huraira:

While the Prophet (ﷺ) was saying something in a gathering, a Bedouin came and asked him, When would the Hour (Doomsday) take place? Allah's Messenger (ﷺ) continued his talk, so some people said that Allah's Messenger (ﷺ) had heard the question, but did not like what that Bedouin had asked. Some of them said that Allah's Messenger (ﷺ) had not heard it. When the Prophet (ﷺ) finished his speech, he said, Where is the questioner, who inquired about the Hour (Doomsday)? The Bedouin said, I am here, O Allah's Apostle . Then the Prophet (ﷺ) said, When honesty is lost, then wait for the Hour (Doomsday). The Bedouin said, How will that be lost? The Prophet (ﷺ) said, When the power or authority comes in the hands of unfit persons, then wait for the Hour (Doomsday.)

0059 D’après ‘Abu Hurayra, une fois, au moment où le Prophète était dans une assemblée en train de parler aux gens, arriva un Bédouin qui lui dit : « Quand est-ce arrivera l’Heure ? » Et le Messager de Dieu de rester à poursuivre ses paroles, d’où quelques-uns d’entre les présents se dirent : « Il a entendu ce que le Bédouin vient de dire mais cela lui a déplu. » D’autre : « Non, il ne l’a pas entendu. » Mais juste ayant terminé ses paroles, le Prophète demanda : « Où est celui qui vient d’interroger sur l’Heure ? » « Me voici, ô Messager de Dieu ! » « Attends-toi à l’Heure lorsqu’on manque au dépôt. » « Et comment manque-t-on au dépôt ? » « Attends-toi à l’Heure lorsque l’autorité est donnée à ceux qui n’en sont pas dignes.«   

":"ہم سے محمد بن سنان نے بیان کیا ، کہا ہم سے فلیح نے بیان کیا ( دوسری سند ) اور مجھ سے ابراہیم بن المنذر نے بیان کیا ، کہا مجھ سے میرے باپ ( فلیح ) نے بیان کیا ، کہا ہلال بن علی نے ، انھوں نے عطاء بن یسار سے نقل کیا ، انھوں نے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے کہایک بار آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم لوگوں میں بیٹھے ہوئے ان سے باتیں کر رہے تھے ۔ اتنے میں ایک دیہاتی آپ کے پاس آیا اور پوچھنے لگا کہ قیامت کب آئے گی ؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم اپنی گفتگو میں مصروف رہے ۔ بعض لوگ ( جو مجلس میں تھے ) کہنے لگے آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے دیہاتی کی بات سنی لیکن پسند نہیں کی اور بعض کہنے لگے کہ نہیں بلکہ آپ نے اس کی بات سنی ہی نہیں ۔ جب آپ صلی اللہ علیہ وسلم اپنی باتیں پوری کر چکے تو میں سمجھتا ہوں کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے یوں فرمایا وہ قیامت کے بارے میں پوچھنے والا کہاں گیا اس ( دیہاتی ) نے کہا ( حضور ) میں موجود ہوں ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جب امانت ( ایمانداری دنیا سے ) اٹھ جائے تو قیامت قائم ہونے کا انتظار کر ۔ اس نے کہا ایمانداری اٹھنے کا کیا مطلب ہے ؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جب ( حکومت کے کاروبار ) نالائق لوگوں کو سونپ دئیے جائیں تو قیامت کا انتظار کر ۔

0059 D’après ‘Abu Hurayra, une fois, au moment où le Prophète était dans une assemblée en train de parler aux gens, arriva un Bédouin qui lui dit : « Quand est-ce arrivera l’Heure ? » Et le Messager de Dieu de rester à poursuivre ses paroles, d’où quelques-uns d’entre les présents se dirent : « Il a entendu ce que le Bédouin vient de dire mais cela lui a déplu. » D’autre : « Non, il ne l’a pas entendu. » Mais juste ayant terminé ses paroles, le Prophète demanda : « Où est celui qui vient d’interroger sur l’Heure ? » « Me voici, ô Messager de Dieu ! » « Attends-toi à l’Heure lorsqu’on manque au dépôt. » « Et comment manque-t-on au dépôt ? » « Attends-toi à l’Heure lorsque l’autorité est donnée à ceux qui n’en sont pas dignes.«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [59] .

     قَوْلُهُ  فليح بِصِيغَة التصغير هُوَ بن سُلَيْمَانَ أَبُو يَحْيَى الْمَدَنِيُّ مِنْ طَبَقَةِ مَالِكٍ وَهُوَ صَدُوقٌ تَكَلَّمَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فِي حِفْظِهِ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ فِي الْأَحْكَامِ إِلَّا مَا تُوبِعَ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ لَهُ فِي الْمَوَاعِظِ وَالْآدَابِ وَمَا شَاكَلَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَفْرَادِهِ وَهَذَا مِنْهَا وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ عَالِيًا عَنْ فُلَيْحٍ بِوَاسِطَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فَقَطْ ثُمَّ أَوْرَدَهُ نَازِلًا بِوَاسِطَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فَقَطْ فَأَرَادَ أَنْ يُعِيدَ هُنَا طَرِيقًا أُخْرَى وَلِأَجْلِ نُزُولِهَا قَرَنَهَا بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ يُقَالُ لَهُ هِلَالُ بْنُ أَبِيمَيْمُونَةَ وَهِلَالُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ فَقَدْ يُظَنُّ ثَلَاثَةً وَهُوَ وَاحِدٌ وَهُوَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَشَيْخُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَوْسَاطِهِمْ .

     قَوْلُهُ  يُحَدِّثُ هُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَحُذِفَ مَفْعُولُهُ الثَّانِي لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ وَالْقَوْمُ الرِّجَالُ وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ تَبَعًا .

     قَوْلُهُ  جَاءَ أَعْرَابِيٌّ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ .

     قَوْلُهُ  فَمَضَى أَيِ اسْتَمَرَّ يُحَدِّثُهُ كَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْحَمَوِيِّ بِزِيَادَةِ هَاءٍ وَلَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ وَإِنْ ثَبَتَتْ فَالْمَعْنَى يُحَدِّثُ الْقَوْمَ الْحَدِيثَ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَلَيْسَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْأَعْرَابِيِّ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ إِنَّمَا حَصَلَ لَهُمُ التَّرَدُّدُ فِي ذَلِكَ لِمَا ظَهَرَ مِنْ عَدَمِ الْتِفَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُؤَالِهِ وَإِصْغَائِهِ نَحْوَهُ وَلِكَوْنِهِ كَانَ يَكْرَهُ السُّؤَالَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِهَا وَقَدْ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْحِصَارِ تَرْكِ الْجَوَابِ فِي الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَلِ احْتَمَلَ كَمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ لِيُكْمِلَ الْحَدِيثَ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ أَخَّرَ جَوَابَهُ لِيُوحِيَ إِلَيْهِ بِهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ وَأُرَاهُ بِالضَّمِّ أَيْ أَظُنُّهُ وَالشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَغَيْرُهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ وَلَفْظُهُ أَيْنَ السَّائِلُ وَلَمْ يَشُكَّ .

     قَوْلُهُ  إِذَا وُسِّدَ أَيْ أُسْنِدَ وَأَصْلُهُ مِنَ الْوِسَادَةِ وَكَانَ مِنْ شَأْنِ الْأَمِيرِ عِنْدَهُمْ إِذَا جَلَسَ أَنْ تُثْنَى تَحْتَهُ وِسَادَةٌ فَ.

     قَوْلُهُ  وُسِّدَ أَيْ جُعِلَ لَهُ غَيْرُ أَهْلِهِ وِسَادًا فَتَكُونُ إِلَى بِمَعْنَى اللَّامِ وَأَتَى بِهَا لِيَدُلَّ عَلَى تَضْمِينِ مَعْنَى أُسْنِدَ وَلَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِي الرِّقَاقِ إِذَا أُسْنِدَ وَكَذَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ عَنْ فُلَيْحٍ وَمُنَاسَبَةُ هَذَا الْمَتْنِ لِكِتَابِ الْعِلْمِ أَنَّ إِسْنَادَ الْأَمْرِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ غَلَبَةِ الْجَهْلِ وَرَفْعِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْرَاطِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْعِلْمَ مَا دَامَ قَائِمًا فَفِي الْأَمْرِ فُسْحَةٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْعِلْمَ إِنَّمَا يُؤْخَذُ عَنِ الْأَكَابِرِ تَلْمِيحًا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( قَولُهُ بَابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعِلْمِ) حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانَ زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ عَنْهُ عَارُمُ بْنُ الْفَضْلِ وَعَارِمٌ لَقَبٌ وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ .

     قَوْلُهُ  مَاهَكُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ وَرَوَاهُ الْأَصِيلِيُّ مُنْصَرِفًا فَكَأَنَّهُ لَحَظَ فِيهِ الْوَصْفَ وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى جَوَازِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْعِلْمِ بِقَوْلِهِ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ حَيْثُ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ لِبُعْدٍ أَوْ كَثْرَةِ جَمْعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا إِذَا كَانَ فِي مَوْعِظَةٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ وَذَكَرَ السَّاعَةَ اشْتَدَّ غَضَبُهُ وَعَلَا صَوْتُهُ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ فِي مَعْنَاهُ وَزَادَ حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلًا بِالسُّوقِ لَسَمِعَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ إِعَادَةِ الْحَدِيثِ لِيُفْهَمَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَبَاحِثِ الْمَتْنِ فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ بن رَشِيدٍ فِي هَذَا التَّبْوِيبِ رَمْزٌ مِنَ الْمُصَنِّفِ إِلَى أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَبْلُغَ الْغَايَةَ فِي تدوينهَذَا الْكِتَابِ بِأَنْ يَسْتَفْرِغَ وُسْعَهُ فِي حُسْنِ ترتيبه وَكَذَلِكَ فعل رَحمَه الله تَعَالَى ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ الْمُحَدِّثِ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا) قَالَ بن رَشِيدٍ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّهُ بَنَى كِتَابَهُ عَلَى الْمُسْنَدَاتِ الْمَرْوِيَّاتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.

قُلْتُ وَمُرَادُهُ هَلْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَمْ لَا وَإِيرَادُهُ قَوْلَ بن عُيَيْنَةَ دُونَ غَيْرِهِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ مُخْتَارُهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الْحُمَيْدِيُّ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ.

     وَقَالَ  لَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَهُوَ مُتَّصِلٌ وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ كَرِيمَةَ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْبَأَنَا وَمِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا وَثَبَتَ الْجَمِيعُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ قَوْله.

     وَقَالَ  بن مَسْعُودٍ هَذَا التَّعْلِيقُ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي خَلْقِ الْجَنِينِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  شَقِيقٌ هُوَ أَبُو وَائِل عَن عبد الله هُوَ بن مَسْعُودٍ سَيَأْتِي مَوْصُولًا أَيْضًا حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَيَأْتِي أَيْضًا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ وَمُرَادُهُ مِنْ هَذِهِ التَّعَالِيقِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ قَالَ تَارَةً حَدَّثَنَا وَتَارَةً سَمِعْتُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الصِّيَغِ وَأما أَحَادِيث بن عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي رِوَايَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ فَقَدْ وَصَلَهَا فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ وَأَرَادَ بِذِكْرِهَا هُنَا التَّنْبِيهَ عَلَى الْعَنْعَنَةِ وَأَنَّ حُكْمَهَا الْوَصْلُ عِنْدَ ثُبُوت اللقى وَأَشَارَ على مَا ذكره بن رَشِيدٍ إِلَى أَنَّ رِوَايَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هِيَ عَنْ رَبِّهِ سَوَاءٌ صَرَّحَ الصَّحَابِيُّ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَيَدُلُّ لَهُ حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ عَنْ رَبِّهِ وَلَكِنَّهُ اخْتِصَارٌ فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّقْدِيرِ.

.

قُلْتُ وَيُسْتَفَادُ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ مَا كَانَ ذَلِكَ سَبِيلَهُ صِحَّةُ الِاحْتِجَاجِ بِمَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ لِأَنَّ الْوَاسِطَةَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ رَبِّهِ فِيمَا لَمْ يُكَلِّمْهُ بِهِ مِثْلُ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ جِبْرِيلٌ وَهُوَ مَقْبُولٌ قَطْعًا وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَ الصَّحَابِيِّ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْبُولٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ صَحَابِيٌّ آخَرُ وَهَذَا فِي أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ دُونَ غَيْرِهَا فَإِنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ رُبَّمَا حَمَلَهَا عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ مِثْلَ كَعْبِ الْأَحْبَارِ تَنْبِيهٌ أَبُو الْعَالِيَةِ الْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ الرِّيَاحِيُّ بِالْيَاءِ الْأَخِيرَةِ وَاسْمُهُ رفيع بِضَم الرَّاء وَمن زَعَمَ أَنَّهُ الْبَرَّاءُ بِالرَّاءِ الثَّقِيلَةِ فَقَدْ وَهَمَ فَإِنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مَعْرُوفٌ بِرِوَايَةِ الرِّيَاحِيِّ دُونَهُ فَإِنْ قِيلَ فَمِنْ أَيْنَ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ حَدِيثِ بن عُمَرَ لِلتَّرْجَمَةِ وَمُحَصَّلُ التَّرْجَمَةِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ صِيَغِ الْأَدَاءِ الصَّرِيحَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِظَاهِرٍ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنِ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ إِذَا اجْتَمَعَتْ طُرُقُهُ فَإِنَّ لَفْظَ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ فَحَدَّثُونِي مَا هِيَ وَفِي رِوَايَةِ نَافِعٍ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّفْسِيرِ اخبروني وَفِي رِوَايَة عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ انبئوني وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ حَدَّثُونِي مَا هِيَ.

     وَقَالَ  فِيهَا فَقَالُوا أَخْبَرَنَا بِهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّحْدِيثَ وَالْإِخْبَارَ وَالْإِنْبَاءَ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِالْعِلْمِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللُّغَةِ وَمِنْ أَصْرَحِ الْأَدِلَّةِ فِيهِ قَوْله تَعَالَى يَوْمئِذٍ تحدث اخبارها وَقَوله تَعَالَى وَلَا ينبئك مثل خَبِير.

.
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِاصْطِلَاحِ فَفِيهِ الْخِلَافُ فَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَمَرَّ عَلَى أَصْلِ اللُّغَةِ وَهَذَا رَأْيُ الزُّهْرِيّ وَمَالك وبن عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانِ وَأَكْثَرِ الْحِجَازِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَعَلَيْهِ اسْتمرّ عمل المغاربة وَرجحه بن الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَنُقِلَ عَنِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى إِطْلَاقَ ذَلِكَ حَيْثُ يَقْرَأُ الشَّيْخُ مِنْ لَفْظِهِ وَتَقْيِيدِهِ حَيْثُ يُقْرَأُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه وَالنَّسَائِيّ وبن حبَان وبن مَنْدَهْ وَغَيْرِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الصِّيَغِ بِحَسَبِ افْتِرَاقِ التَّحَمُّلِ فَيَخُصُّونَ التَّحْدِيثَ بِمَا يَلْفِظُ بِهِ الشَّيْخُ وَالْإِخْبَارُ بِمَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَب بن جريج وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وبن وَهْبٍ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ ثُمَّ أَحْدَثَ أَتْبَاعُهُمْ تَفْصِيلًا آخَرَ فَمَنْ سَمِعَ وَحْدَهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ أَفْرَدَ فَقَالَ حَدَّثَنِي وَمَنْ سَمِعَ مَعَ غَيْرِهِ جَمَعَ وَمَنْ قَرَأَ بِنَفْسِهِ عَلَى الشَّيْخِ أَفْرَدَ فَقَالَ أَخْبَرَنِي وَمَنْ سَمِعَ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ جَمَعَ وَكَذَا خَصَّصُوا الْإِنْبَاءَ بِالْإِجَازَةِ الَّتِي يُشَافِهُ بهَا الشَّيْخ من يُجِيزهُ وكل هَذَا مُسْتَحْسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَهُمْ وَإِنَّمَا أَرَادُوا التَّمْيِيزَ بَيْنَ أَحْوَالِ التَّحَمُّلِ وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ فَتَكَلَّفُوا فِي الِاحْتِجَاجِ لَهُ وَعَلَيْهِ بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ نَعَمْ يَحْتَاجُ الْمُتَأَخِّرُونَ إِلَى مُرَاعَاةِ الِاصْطِلَاحِ الْمَذْكُورِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ لِأَنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً عِنْدَهُمْ فَمَنْ تَجَوَّزَ عَنْهَا احْتَاجَ إِلَى الْإِتْيَانِ بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى مُرَادِهِ وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَنُ اخْتِلَاطُ الْمَسْمُوعِ بِالْمَجَازِ بَعْدَ تَقْرِيرِ الِاصْطِلَاحِ فَيُحْمَلُ مَا يَرِدُ مِنَ أَلْفَاظِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى مَحْمَلٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْمُتَأَخِّرِينَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [59] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ.
ح.
وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي هِلاَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحَدِّثُ.
فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ.
حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟ قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ».
قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ».
[الحديث طرفه في: 6496] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا محمد بن سنان) بكسر السين المهملة وبالنونين أبو بكر البصري ( قال: حدّثنا فليح) بضم الفاء وفتح اللام وبسكون المثناة التحتية وفي آخره حاء مهملة وهو لقب له واسمه عبد الملك وكنيته أبو يحيى ( ح) .
قال البخاري: ( وحدّثني) بالإفراد، وفي رواية ابن عساكر قال: وحدّثنا ( إبراهيم بن المنذر) المدني ( قال: حدّثنا محمد بن فليح) المذكور ( قال: حدّثني) بالإفراد وفي رواية الأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت: حدّثنا.
( أبي) فليح ( قال: حدّثني) بالإفراد ( هلال بن علي) ويقال له هلال بن أبي ميمونة وهلال بن أبي هلال وهلال بن أسامة نسبة إلى جده وقد يظن أنهم أربعة والكل واحد ( عن عطاء بن يسار) مولى ميمونة بنت الحرث ( عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر أنه ( قال) : ( بينما) بالميم ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مجلس يحدث القوم) أي الرجال فقط أو والنساء تبعًا لأن القوم شامل للرجال والنساء ( جاءه) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أعرابي) الأعراب سكان البادية لا واحد له من لفظه ولم يعرف اسمه نعم سماه أبو العالية فيما نقله عنه البرماوي رفيعًا، وفيه استعمال بينما بدون إذ وإذا وهو فصيح ( فقال: متى الساعة) استفهام عن الوقت التي تقوم فيه ( فمضى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحدث) أي القوم، وفي رواية ابن عساكر وأبي ذر عن المستملي والحموي والكشميهني يحدّثه بالهاء أي يحدّث القوم الحديث الذي كان فيه فلا يعود الضمير المنصوب على الأعرابي ( فقال بعض القوم: سمع) عليه الصلاة والسلام ( ما قال فكره ما قال) أي الذي قاله فحذف العائد ( وقال بعضهم: بل لم يسمع) قوله، وبل حرف إضراب وليه هنا جملة وهي لم يسمع فيكون بمعنى الإبطال لا العطف، والجملة اعتراض بين فمضى وبين قوله ( حتى إذا قضى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( حديثه) فحتى إذا يتعلق بقوله فمضى يحدث لا بقوله لم يسمع، وإنما لم يجبه عليه الصلاة والسلام لأنه يحتمل أن يكون لانتظار الوحي أو يكون مشغولاً بجواب سائل آخر، ويؤخذ منه أنه ينبغي للعالم والقاضي ونحوهما رعاية تقدم الأسبق فالأسبق، ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أين أراه) بضم الهمزة أي أظن أنه قال أين ( السائل عن الساعة) أي عن زمانها، والشك من محمد بن فليح ولم يضبط همزة أراه في اليونينية، وفي رواية أين السائل وهو في الروايتين بالرفع على الابتداء وخبره أين المتقدم وهو سؤال عن المكان بني لتضمنه حرف الاستفهام.
( قال) الأعرابي: ( ها أنا) السائل ( يا رسول الله) فالسائل المقدر خبر المبتدأ الذي هو أناوها حرف تنبيه ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة.
قال)
الأعرابي: ( كيف إضاعتها؟ قال) عليه الصلاة والسلام مجيئًا له: ( إذا وسد) بضم الواو وتشديد السين أي جعل ( الأمر) المتعلق بالدين كالخلافة والقضاء والإفتاء ( إلى غير أهله) أي بولاية غير أهل الدين والأمانات ( فانتظر الساعة) : الفاء للتفريع أو جواب شرط محذوف، أي: إذا كان الأمر كذلك فانتظر الساعة، ولا يقال هي جواب إذا وسد لأنها لا تتضمن هنا معنى الشرط.
وقال ابن بطال فيه: إن الأئمة ائتمنهم الله على عباده وفرض عليهم النصح، وإذا قلدوا الأمر لغير أهل الدين فقد ضيعوا الأمانات، وفيه: أن الساعة لا تقوم حتى يؤتمن الخائن، وهذا إنما يكون إذا غلب الجهّال وضعف أهل الحق عن القيام به ونصرته، وفيه وجوب تعليم السائل لقوله عليه الصلاة والسلام: أين السائل، وفيه مراجعة العالم عند عدم فهم السائل لقوله: كيف إضاعتها، وهو ثمانيّ الإسناد ورجاله كلهم مدنيون مع التحديث بالإفراد والجمع والعنعنة، وأخرجه المصنف أيضًا في الرقاق مختصرًا وهو مما انفرد به عن بقية الكتب الستة.
3 - باب مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعِلْمِ ( باب من) أي الذي ( رفع صوته بالعلم) أي بكلام يدل على العلم فهو من باب إطلاق اسم المدلول على الدال، وإلاّ فالعلم صفة معنوية لا يتصوّر رفع الصوت به.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [59] حدّثنا مُحمَّدُ بْنُ سِنَان قَالَ: حدّثنا فُلَيْحُ ( ح) وحدَّثني إبْراهِيمُ بنُ المُنْذِرِ قَالَ: حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْح قَالَ: حدّثني أبي قَالَ: حدّثني هِلاَلُ بْنُ عَليٍّ عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: بَيْنَمَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَجْلِس يُحَدِّثُ القَوْمَ جاءَهُ أعْرَابِيُّ فقالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُحَدِّثُ فَقَالَ بَعضُ القَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قالَ: وقالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ.
حَتَّى إِذا قَضى حَدِيثَهُ قَالَ أيْنَ ارَاهُ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟ قالَ: هَا أَنا يَا رَسولَ! الله قَالَ: ( فإذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ) قالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قالَ: ( إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ) .
( الحَدِيث 59 طرفه فِي: 6496) .
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
بَيَان رِجَاله: وهم ثَمَانِيَة: الأول: مُحَمَّد بن سِنَان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وبالنونين، أَبُو بكر الْبَاهِلِيّ العوقي الْبَصْرِيّ، روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو حَاتِم الرَّازِيّ.
قَالَ يحيى بن معِين: ثِقَة مَأْمُون، وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن رجل عَنهُ، توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: فليح، بِضَم الْفَاء وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره حاء مُهْملَة، ابْن سُلَيْمَان بن أبي الْمُغيرَة، وَهُوَ حنين ابْن أخي عبيد بن حنين، وَكَانَ اسْمه عبد الْملك، ولقبه فليح واشتهر بلقبه، الْخُزَاعِيّ الْمدنِي، وكنيته أَبُو يحيى، روى عَن نَافِع وعدة، وروى عَنهُ عبد اللَّه بن وهب وَيحيى الوحاظي وَابْن أعين وَشُرَيْح بن النُّعْمَان وَآخَرُونَ، قَالَ يحيى بن معِين: هُوَ ضَعِيف مَا أقربه من ابْن أبي أويس، وَفِي رِوَايَة عَنهُ: لَيْسَ بِقَوي وَلَا يحْتَج بِهِ،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِالْقَوِيّ،.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ أَيْضا: لَيْسَ بِالْقَوِيّ:.

     وَقَالَ  ابْن عدي: هُوَ عِنْدِي لَا بَأْس بِهِ، وَقد اعْتَمدهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه، وَقد روى عَنهُ زيد بن أبي أنيسَة، روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ،.

     وَقَالَ  الْحَاكِم: واجتماع البُخَارِيّ وَمُسلم عَلَيْهِ فِي إخراجهما عَنهُ فِي الْأُصُول يُؤَكد أمره ويسكن الْقلب فِيهِ إِلَى تَعْدِيل، توفّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَة.
الثَّالِث: إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر بن عبد اللَّه ابْن الْمُنْذر بن الْمُغيرَة بن عبد اللَّه بن خَالِد بن حزَام بن خويلدأَن كيفيتها هِيَ بالتوسد الْمَذْكُور.
قَوْله: ( فانتظر السَّاعَة) الْفَاء فِيهِ للتفريع، أَو جَوَاب شَرط مَحْذُوف يَعْنِي: إِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فانتظر السَّاعَة.
وَلَيْسَت هِيَ جَوَاب إِذا الَّتِي فِي قَوْله: ( إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله) لِأَنَّهَا لَا تَتَضَمَّن هَهُنَا معنى الشَّرْط.
فَإِن قلت: كَانَ يَنْبَغِي أَن يُقَال: لغير أَهله.
قلت: إِنَّمَا قَالَ: إِلَى غير أَهله، ليدل على معنى تضمين الْإِسْنَاد.
بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( مَتى السَّاعَة؟) أَي: مَتى يكون قيام السَّاعَة.
قَوْله: ( فكره مَا قَالَ) : أَي فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَه الْأَعرَابِي، وَلِهَذَا لم يلْتَفت إِلَى الْجَواب.
فَلذَلِك حصل للصحابة، رَضِي الله عَنْهُم، التَّرَدُّد، مِنْهُم من قَالَ: سمع فكره، وَمِنْهُم من قَالَ: لم يسمع، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكره السُّؤَال عَن هَذِه الْمَسْأَلَة بخصوصها.
قَوْله: ( أَيْن السَّائِل عَن السَّاعَة؟) أَي عَن زمَان السَّاعَة.
قَوْله: ( إِذا وسد الْأَمر) المُرَاد بِهِ جنس الْأُمُور الَّتِي تتَعَلَّق بِالدّينِ: كالخلافة وَالْقَضَاء والإفتاء، وَنَحْو ذَلِك.
وَيُقَال: أَي بِولَايَة غير أهل الَّذين والأمانات.
وَمن يعينهم على الظُّلم والفجور، وَعند ذَلِك تكون الْأَئِمَّة قد ضيعوا الْأَمَانَة الَّتِي فرض الله عَلَيْهِم حَتَّى يؤتمن الخائن ويخون الْأمين، وَهَذَا إِنَّمَا يكون إِذا غلب الْجَهْل وَضعف أهل الْحق عَن الْقيام بِهِ.
فَإِن قلت: تَأَخّر الْجَواب عَن السُّؤَال هَهُنَا، وَهل يجوز تَأْخِيره فِيمَا يتَعَلَّق بِالدّينِ؟ قلت: الْجَواب من وَجْهَيْن: الأول: بطرِيق الْمَنْع، فَنَقُول: لَا نسلم اسْتِحْقَاق الْجَواب هَهُنَا، لِأَن الْمَسْأَلَة لَيست مِمَّا يجب تعلمهَا، بل هِيَ مِمَّا لَا يكون الْعلم بهَا إِلَّا لله تَعَالَى.
وَالثَّانِي: بطرِيق التَّسْلِيم فنقوله: سلمنَا ذَلِك، وَلكنه يحْتَمل أَن يكون، عَلَيْهِ السَّلَام، مشتغلاً فِي ذَلِك الْوَقْت بِمَا كَانَ أهم من جَوَاب هَذَا السَّائِل، وَيحْتَمل أَنه أَخّرهُ انتظاراً للوحي، أَو أَرَادَ أَن يتم حَدِيثه لِئَلَّا يخْتَلط على السامعين، وَيحْتَمل أَن يكون فِي ذَلِك الْوَقْت فِي جَوَاب سُؤال سَائل آخر مُتَقَدم، فَكَانَ أَحَق بِتمَام الْجَواب.
بَيَان استنباط الْأَحْكَام: وَهُوَ على وُجُوه.
الأول: فِيهِ وجوب تَعْلِيم السَّائِل لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أَيْن السَّائِل) ثمَّ إخْبَاره عَن الَّذِي سَأَلَ عَنهُ.
الثَّانِي: فِيهِ أَن من آدَاب المتعلم أَن لَا يسْأَل الْعَالم مَا دَامَ مشتغلاً بِحَدِيث أَو غَيره، لِأَن من حق الْقَوْم الَّذين بَدَأَ بِحَدِيثِهِمْ أَن لَا يقطعهُ عَنْهُم حَتَّى يتمه.
الثَّالِث: فِيهِ الرِّفْق بالمتعلم وَإِن جَفا فِي سُؤَاله أَو جهل، لِأَنَّهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لم يوبخه على سُؤَاله قبل إِكْمَال حَدِيثه.
الرَّابِع: فِيهِ مُرَاجعَة الْعَالم عِنْد عدم فهم السَّائِل، لقَوْله: كَيفَ إضاعتها؟ الْخَامِس: فِيهِ جَوَاز اتساع الْعَالم فِي الْجَواب أَنه يَنْبَغِي مِنْهُ، إِذا كَانَ ذَلِك لِمَعْنى أَو لمصْلحَة.
السَّادِس: فِيهِ التَّنْبِيه على تَقْدِيم الأسبق فِي السُّؤَال لأَنا قُلْنَا: إِنَّه يحْتَمل أَن يكون تَأْخِير الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجَواب لكَونه مَشْغُولًا بِجَوَاب سُؤال سَائل آخر، فنبه بذلك أَنه يجب على القَاضِي والمفتي والمدرس تَقْدِيم الأسبق لاستحقاقه بِالسَّبقِ.
3 - ( بابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعلْمِ) أَي: هَذَا بَاب من رفع صَوته، فالباب: خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف مُضَاف إِلَى: من، وَهِي مَوْصُولَة، وَرفع صَوته، جملَة صلتها.
فَإِن قلت: كَيفَ يتَصَوَّر رفع الصَّوْت بِالْعلمِ، وَالْعلم صفة معنوية؟ قلت: هَذَا من بَاب إِطْلَاق اسْم الْمَدْلُول على الدَّال، وَالتَّقْدِير: من رفع صَوته بِكَلَام يدل على الْعلم.
فَإِن قلت: مَا وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ؟ قلت: من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبَاب السَّابِق سُؤال السَّائِل عَن الْعلم، والعالم قد يحْتَاج إِلَى رفع الصَّوْت فِي الْجَواب لأجل غَفلَة السَّائِل وَنَحْوهَا، لَا سِيمَا إِذا كَانَ سُؤَاله وَقت اشْتِغَال الْعَالم لغيره، وَهَذَا الْبَاب يُنَاسب ذَاك الْبَاب من هَذِه الْحَيْثِيَّة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ)
مُحَصَّلُهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَدَبِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ أَمَّا الْعَالِمُ فَلِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ تَرْكِ زَجْرِ السَّائِلِ بل أدبه بالاعراض عَنهُ أَو لَا حَتَّى اسْتَوْفَى مَا كَانَ فِيهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى جَوَابِهِ فَرَفَقَ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَعْرَابِ وهم جُفَاة وَفِيه الْعِنَايَة بِجَوَاب سُؤَالِ السَّائِلِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ السُّؤَالُ مُتَعَيِّنًا وَلَا الْجَوَابُ.

.
وَأَمَّا الْمُتَعَلِّمُ فَلِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ أَدَبِ السَّائِلِ أَنْ لَا يَسْأَلَ الْعَالِمَ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِغَيْرِهِ لِأَنَّ حَقَّ الْأَوَّلِ مُقَدَّمٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَخْذُ الدُّرُوسِ عَلَى السَّبْقِ وَكَذَلِكَ الْفَتَاوَى وَالْحُكُومَاتِ وَنَحْوُهَا وَفِيهِ مُرَاجَعَةُ الْعَالِمِ إِذَا لَمْ يَفْهَمْ مَا يُجِيبُ بِهِ حَتَّى يَتَّضِحَ لِقَوْلِهِ كَيفَ اضاعتها وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بن حِبَّانَ إِبَاحَةَ إِعْفَاءِ الْمَسْئُولِ عَنِ الْإِجَابَةِ عَلَى الْفَوْرِ وَلَكِنَّ سِيَاقَ الْقِصَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعِلْمَ سُؤَالٌ وَجَوَابٌ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا فِي الْخُطْبَةِ فَقَالُوا لَا نَقْطَعُ الْخُطْبَةَ لِسُؤَالِ سَائِلٍ بَلْ إِذَا فَرَغَ نُجِيُبُهُ وَفَصَلَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ وَاجِبَاتِهَا فَيُؤَخِّرُ الْجَوَابُ أَوْ فِي غَيْرِ الْوَاجِبَاتِ فَيُجِيبُ وَالْأَوْلَى حِينَئِذٍ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُهْتَمُّ بِهِ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَلَا سِيَّمَا إِنِ اخْتَصَّ بِالسَّائِلِ فَيُسْتَحَبُّ إِجَابَتُهُ ثُمَّ يُتِمُّ الْخُطْبَةَ وَكَذَا بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُؤَخَّرُ وَكَذَا قَدْ يَقَعُ فِي أَثْنَاءِ الْوَاجِبِ مَا يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْجَوَابِ لَكِنْ إِذَا أَجَابَ اسْتَأْنَفَ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنِ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَيْسَتْ مَعْرِفَتُهَا عَلَى الْفَوْرِ مُهِمَّةً فَيُؤَخَّرُ كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ تَرْكُ السُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ أَوْلَى وَقَدْ وَقَعَ نَظِيرُهُ فِي الَّذِي سَأَلَ عَنِ السَّاعَةِ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَأَجَابَهُ أَخْرَجَاهُ وَإِنْ كَانَ السَّائِلُ بِهِ ضَرُورَةٌ نَاجِزَةٌ فَتُقَدَّمَ إِجَابَتُهُ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي رِفَاعَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ رَجُلٌ غَرِيبٌ لَا يَدْرِي دِينَهُ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ فَتَرَكَ خُطْبَتَهُ وَأَتَى بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ فَجَعَلَ يُعَلِّمُهُ ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا وَكَمَا فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الضَّبِّ وَكَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قصَّة سَالم لَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ أَصَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَتِ الصَّلَاةُ تُقَامُ فَيَعْرِضُ الرَّجُلُ فَيُحَدِّثُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رُبَّمَا نَعَسَ بَعْضُ الْقَوْمِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ وُقُوعُ ذَلِكَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ

[ قــ :59 ... غــ :59] .

     قَوْلُهُ  فليح بِصِيغَة التصغير هُوَ بن سُلَيْمَانَ أَبُو يَحْيَى الْمَدَنِيُّ مِنْ طَبَقَةِ مَالِكٍ وَهُوَ صَدُوقٌ تَكَلَّمَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فِي حِفْظِهِ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ فِي الْأَحْكَامِ إِلَّا مَا تُوبِعَ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ لَهُ فِي الْمَوَاعِظِ وَالْآدَابِ وَمَا شَاكَلَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَفْرَادِهِ وَهَذَا مِنْهَا وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ عَالِيًا عَنْ فُلَيْحٍ بِوَاسِطَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فَقَطْ ثُمَّ أَوْرَدَهُ نَازِلًا بِوَاسِطَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فَقَطْ فَأَرَادَ أَنْ يُعِيدَ هُنَا طَرِيقًا أُخْرَى وَلِأَجْلِ نُزُولِهَا قَرَنَهَا بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ يُقَالُ لَهُ هِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ وَهِلَالُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ فَقَدْ يُظَنُّ ثَلَاثَةً وَهُوَ وَاحِدٌ وَهُوَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَشَيْخُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَوْسَاطِهِمْ .

     قَوْلُهُ  يُحَدِّثُ هُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَحُذِفَ مَفْعُولُهُ الثَّانِي لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ وَالْقَوْمُ الرِّجَالُ وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ تَبَعًا .

     قَوْلُهُ  جَاءَ أَعْرَابِيٌّ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ .

     قَوْلُهُ  فَمَضَى أَيِ اسْتَمَرَّ يُحَدِّثُهُ كَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْحَمَوِيِّ بِزِيَادَةِ هَاءٍ وَلَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ وَإِنْ ثَبَتَتْ فَالْمَعْنَى يُحَدِّثُ الْقَوْمَ الْحَدِيثَ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَلَيْسَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْأَعْرَابِيِّ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ إِنَّمَا حَصَلَ لَهُمُ التَّرَدُّدُ فِي ذَلِكَ لِمَا ظَهَرَ مِنْ عَدَمِ الْتِفَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُؤَالِهِ وَإِصْغَائِهِ نَحْوَهُ وَلِكَوْنِهِ كَانَ يَكْرَهُ السُّؤَالَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِهَا وَقَدْ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْحِصَارِ تَرْكِ الْجَوَابِ فِي الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَلِ احْتَمَلَ كَمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ لِيُكْمِلَ الْحَدِيثَ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ أَخَّرَ جَوَابَهُ لِيُوحِيَ إِلَيْهِ بِهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ وَأُرَاهُ بِالضَّمِّ أَيْ أَظُنُّهُ وَالشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَغَيْرُهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ وَلَفْظُهُ أَيْنَ السَّائِلُ وَلَمْ يَشُكَّ .

     قَوْلُهُ  إِذَا وُسِّدَ أَيْ أُسْنِدَ وَأَصْلُهُ مِنَ الْوِسَادَةِ وَكَانَ مِنْ شَأْنِ الْأَمِيرِ عِنْدَهُمْ إِذَا جَلَسَ أَنْ تُثْنَى تَحْتَهُ وِسَادَةٌ فَ.

     قَوْلُهُ  وُسِّدَ أَيْ جُعِلَ لَهُ غَيْرُ أَهْلِهِ وِسَادًا فَتَكُونُ إِلَى بِمَعْنَى اللَّامِ وَأَتَى بِهَا لِيَدُلَّ عَلَى تَضْمِينِ مَعْنَى أُسْنِدَ وَلَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِي الرِّقَاقِ إِذَا أُسْنِدَ وَكَذَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ عَنْ فُلَيْحٍ وَمُنَاسَبَةُ هَذَا الْمَتْنِ لِكِتَابِ الْعِلْمِ أَنَّ إِسْنَادَ الْأَمْرِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ غَلَبَةِ الْجَهْلِ وَرَفْعِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْرَاطِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْعِلْمَ مَا دَامَ قَائِمًا فَفِي الْأَمْرِ فُسْحَةٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْعِلْمَ إِنَّمَا يُؤْخَذُ عَنِ الْأَكَابِرِ تَلْمِيحًا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأَتَمَّ الْحَدِيثَ ثُمَّ أَجَابَ السَّائِلَ
( باب من سئل) بضم السين وكسر الهمزة ( علمًا) بالنصب مفعول ثانٍ ( وهو مشتغل في حديثه) جملة وقعت حالاً من الضمير، ( فأتم الحديث ثم أجاب السائل) عطفه بثم لتراخيه.


[ قــ :59 ... غــ : 59 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ.
ح.


وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي هِلاَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحَدِّثُ.
فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ،.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ.
حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟ قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ».
قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ».
[الحديث 59 - طرفه في: 6496] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا محمد بن سنان) بكسر السين المهملة وبالنونين أبو بكر البصري ( قال: حدّثنا فليح) بضم الفاء وفتح اللام وبسكون المثناة التحتية وفي آخره حاء مهملة وهو لقب له واسمه عبد الملك وكنيته أبو يحيى ( ح) .
قال البخاري: ( وحدّثني) بالإفراد، وفي رواية ابن عساكر قال: وحدّثنا ( إبراهيم بن المنذر) المدني ( قال: حدّثنا محمد بن فليح) المذكور ( قال: حدّثني) بالإفراد وفي رواية الأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت: حدّثنا.
( أبي) فليح ( قال: حدّثني) بالإفراد ( هلال بن علي) ويقال له هلال بن أبي ميمونة وهلال بن أبي هلال وهلال بن أسامة نسبة إلى جده وقد يظن أنهم أربعة والكل واحد ( عن عطاء بن يسار) مولى ميمونة بنت الحرث ( عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر أنه ( قال) :
( بينما) بالميم ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مجلس يحدث القوم) أي الرجال فقط أو والنساء تبعًا لأن القوم شامل للرجال والنساء ( جاءه) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أعرابي) الأعراب سكان البادية لا واحد له من لفظه ولم

يعرف اسمه نعم سماه أبو العالية فيما نقله عنه البرماوي رفيعًا، وفيه استعمال بينما بدون إذ وإذا وهو فصيح ( فقال: متى الساعة) استفهام عن الوقت التي تقوم فيه ( فمضى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحدث) أي القوم، وفي رواية ابن عساكر وأبي ذر عن المستملي والحموي والكشميهني يحدّثه بالهاء أي يحدّث القوم الحديث الذي كان فيه فلا يعود الضمير المنصوب على الأعرابي ( فقال بعض القوم: سمع) عليه الصلاة والسلام ( ما قال فكره ما قال) أي الذي قاله فحذف العائد ( وقال بعضهم: بل لم يسمع) قوله، وبل حرف إضراب وليه هنا جملة وهي لم يسمع فيكون بمعنى الإبطال لا العطف، والجملة اعتراض بين فمضى وبين قوله ( حتى إذا قضى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( حديثه) فحتى إذا يتعلق بقوله فمضى يحدث لا بقوله لم يسمع، وإنما لم يجبه عليه الصلاة والسلام لأنه يحتمل أن يكون لانتظار الوحي أو يكون مشغولاً بجواب سائل آخر، ويؤخذ منه أنه ينبغي للعالم والقاضي ونحوهما رعاية تقدم الأسبق فالأسبق، ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أين أراه) بضم الهمزة أي أظن أنه قال أين ( السائل عن الساعة) أي عن زمانها، والشك من محمد بن فليح ولم يضبط همزة أراه في اليونينية، وفي رواية أين السائل وهو في الروايتين بالرفع على الابتداء وخبره أين المتقدم وهو سؤال عن المكان بني لتضمنه حرف الاستفهام.

( قال) الأعرابي: ( ها أنا) السائل ( يا رسول الله) فالسائل المقدر خبر المبتدأ الذي هو أنا وها حرف تنبيه ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة.
قال)
الأعرابي: ( كيف إضاعتها؟ قال) عليه الصلاة والسلام مجيئًا له: ( إذا وسد) بضم الواو وتشديد السين أي جعل ( الأمر) المتعلق بالدين كالخلافة والقضاء والإفتاء ( إلى غير أهله) أي بولاية غير أهل الدين والأمانات ( فانتظر الساعة) : الفاء للتفريع أو جواب شرط محذوف، أي: إذا كان الأمر كذلك فانتظر الساعة، ولا يقال هي جواب إذا وسد لأنها لا تتضمن هنا معنى الشرط.
وقال ابن بطال فيه: إن الأئمة ائتمنهم الله على عباده وفرض عليهم النصح، وإذا قلدوا الأمر لغير أهل الدين فقد ضيعوا الأمانات، وفيه: أن الساعة لا تقوم حتى يؤتمن الخائن، وهذا إنما يكون إذا غلب الجهّال وضعف أهل الحق عن القيام به ونصرته، وفيه وجوب تعليم السائل لقوله عليه الصلاة والسلام: أين السائل، وفيه مراجعة العالم عند عدم فهم السائل لقوله: كيف إضاعتها، وهو ثمانيّ الإسناد ورجاله كلهم مدنيون مع التحديث بالإفراد والجمع والعنعنة، وأخرجه المصنف أيضًا في الرقاق مختصرًا وهو مما انفرد به عن بقية الكتب الستة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَنْ سُئِلَ عِلْماً وَهوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أجابَ السَّائِلَ.
)


الْكَلَام فِيهِ على وَجْهَيْن: الأول: أَن بابُُ، مَرْفُوع لِأَنَّهُ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف مُضَاف إِلَى قَوْله: من سُئِلَ، وَمن، مَوْصُولَة.
قَوْله: سُئِلَ، على صِيغَة الْمَجْهُول، جملَة من الْفِعْل وَالْمَفْعُول النَّائِب عَن الْفَاعِل وَقعت صلَة لَهَا.
وَقَوله: علما، نصب لِأَنَّهُ مفعول ثَان، وَقَوله: وَهُوَ مشتغل فِي حَدِيثه، جملَة وَقعت حَالا عَن الضَّمِير الَّذِي فِي: سُئِلَ، وَذكر قَوْله: فَأَتمَّ، بِالْفَاءِ وَقَوله: ثمَّ أجَاب، بِكَلِمَة: ثمَّ، لِأَن إتْمَام الحَدِيث حصل عقيب الِاشْتِغَال بِهِ.
وَالْجَوَاب بعد الْفَرَاغ مِنْهُ.
الثَّانِي: وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ على تَقْدِير وجود الْبابُُ السَّابِق فِي بعض النّسخ، من حَيْثُ إِن الْبابُُ الأول، وَإِن كَانَ الْمَذْكُور فِيهِ فضل الْعلم، وَلَكِن المُرَاد التَّنْبِيه على فضل الْعلمَاء، كَمَا حققنا الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَهَذَا الْبابُُ فِيهِ حَال الْعَالم المسؤول مِنْهُ عَن مَسْأَلَة معضلة، وَلَا يسْأَل عَن الْمسَائِل المعضلات إِلَّا الْعلمَاء الْفُضَلَاء الْعَامِلُونَ الداخلون فِي قَوْله تَعَالَى: { يرفع الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَالَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات} ( المجادلة: 11) .
وَأما على تَقْدِير عدم الْبابُُ السَّابِق فِي النّسخ، فالابتداء بِهَذَا الْبابُُ الْإِشَارَة إِلَى مَا قيل من أَن الْعلم سُؤال وَجَوَاب، وَالسُّؤَال نصف الْعلم، فتميز هَذَا الْبابُُ عَن بَقِيَّة الْأَبْوَاب الَّتِي تضمنها كتاب الْعلم، فَاسْتحقَّ بذلك التصدير على بَقِيَّة الْأَبْوَاب.
فَافْهَم.



[ قــ :59 ... غــ :59 ]
- حدّثنا مُحمَّدُ بْنُ سِنَان قَالَ: حدّثنا فُلَيْحُ ( ح) وحدَّثني إبْراهِيمُ بنُ المُنْذِرِ قَالَ: حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْح قَالَ: حدّثني أبي قَالَ: حدّثني هِلاَلُ بْنُ عَليٍّ عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: بَيْنَمَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَجْلِس يُحَدِّثُ القَوْمَ جاءَهُ أعْرَابِيُّ فقالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُحَدِّثُ فَقَالَ بَعضُ القَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قالَ: وقالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ.
حَتَّى إِذا قَضى حَدِيثَهُ قَالَ أيْنَ ارَاهُ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟ قالَ: هَا أَنا يَا رَسولَ! الله قَالَ: ( فإذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ) قالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قالَ: ( إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ) .

( الحَدِيث 59 طرفه فِي: 6496) .

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله: وهم ثَمَانِيَة: الأول: مُحَمَّد بن سِنَان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وبالنونين، أَبُو بكر الْبَاهِلِيّ العوقي الْبَصْرِيّ، روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو حَاتِم الرَّازِيّ.
قَالَ يحيى بن معِين: ثِقَة مَأْمُون، وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن رجل عَنهُ، توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: فليح، بِضَم الْفَاء وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره حاء مُهْملَة، ابْن سُلَيْمَان بن أبي الْمُغيرَة، وَهُوَ حنين ابْن أخي عبيد بن حنين، وَكَانَ اسْمه عبد الْملك، ولقبه فليح واشتهر بلقبه، الْخُزَاعِيّ الْمدنِي، وكنيته أَبُو يحيى، روى عَن نَافِع وعدة، وروى عَنهُ عبد اللَّه بن وهب وَيحيى الوحاظي وَابْن أعين وَشُرَيْح بن النُّعْمَان وَآخَرُونَ، قَالَ يحيى بن معِين: هُوَ ضَعِيف مَا أقربه من ابْن أبي أويس، وَفِي رِوَايَة عَنهُ: لَيْسَ بِقَوي وَلَا يحْتَج بِهِ،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِالْقَوِيّ،.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ أَيْضا: لَيْسَ بِالْقَوِيّ:.

     وَقَالَ  ابْن عدي: هُوَ عِنْدِي لَا بَأْس بِهِ، وَقد اعْتَمدهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه، وَقد روى عَنهُ زيد بن أبي أنيسَة، روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ،.

     وَقَالَ  الْحَاكِم: واجتماع البُخَارِيّ وَمُسلم عَلَيْهِ فِي إخراجهما عَنهُ فِي الْأُصُول يُؤَكد أمره ويسكن الْقلب فِيهِ إِلَى تَعْدِيل، توفّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَة.
الثَّالِث: إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر بن عبد اللَّه ابْن الْمُنْذر بن الْمُغيرَة بن عبد اللَّه بن خَالِد بن حزَام بن خويلد الْقرشِي الْحزَامِي الْمدنِي أَبُو إِسْحَاق، روى عَنهُ أَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة وَابْن مَاجَه وَغَيرهم، وروى البُخَارِيّ عَنهُ، وروى أَيْضا عَن مُحَمَّد بن غَالب عَنهُ، وروى النَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ، وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ.
قَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس.
مَاتَ سنة سِتّ، وَقيل: خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْمَدِينَةِ.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن فليح الْمَذْكُور، روى عَن هِشَام بن عُرْوَة وَغَيره، روى عَنهُ هَارُون بن مُوسَى الْفَروِي وَغَيره، لينه ابْن معِين:.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: مَا بِهِ بَأْس لَيْسَ بذلك الْقوي، مَاتَ سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة.
روى لَهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه.
الْخَامِس: أَبُو فليح الْمَذْكُور.
السَّادِس: هِلَال بن عَليّ، وَيُقَال لَهُ: هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، وَيُقَال لَهُ: هِلَال ابْن أبي هِلَال، وَيُقَال لَهُ: هِلَال بن أُسَامَة، نسبته إِلَى جده، وَقد يظنّ أَرْبَعَة وَالْكل وَاحِد.
قَالَ مَالك هِلَال بن أبي أُسَامَة: تَابعه على ذَلِك أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ،.

     وَقَالَ : هُوَ الفِهري الْقرشِي الْمدنِي، وَهُوَ من صغَار التَّابِعين، وَشَيْخه فِي هَذَا الحَدِيث من أوساطهم، سمع أنسا وَغَيره،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه وَهُوَ شيخ.
قَالَ الْوَاقِدِيّ: مَاتَ فِي آخر خلَافَة هِشَام، وروى لَهُ الْجَمَاعَة.
السَّابِع: عَطاء بن يسَار، مولى مَيْمُونَة بنت الْحَارِث، وَقد تقدم ذكره.
الثَّامِن: أَبُو هُرَيْرَة، وَقد تقدم ذكره أَيْضا.

بَيَان الْأَنْسَاب: الْبَاهِلِيّ، بِالْبَاء الْمُوَحدَة نِسْبَة إِلَى باهلة بنت صَعب بن سعد الْعَشِيرَة ابْن مَالك بن كَذَا، وَمَالك هُوَ جماع مذْحج.
العوقي، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالْوَاو وبالقاف: نِسْبَة إِلَى العوقة، وهم حَيّ من عبد الْقَيْس، وَلم يكن مُحَمَّد بن سِنَان من العوقة، وَإِنَّمَا نزل فيهم، كَانَ لَهُم محلّة بِالْبَصْرَةِ فَنزل عِنْدهم فنسب إِلَى العوقة.
الْخُزَاعِيّ، بِضَم الْخَاء وبالزاي المعجمتين: نِسْبَة إِلَى خُزَاعَة، وَهُوَ عَمْرو بن ربيعَة..
     وَقَالَ  الرشاطي: الْخُزَاعِيّ فِي الأزد وَفِي قضاعة.
فَالَّذِي فِي الأزد ينْسب إِلَى خُزَاعَة وَهُوَ عَمْرو بن ربيعَة.
وَفِي قضاعة بطن وَهُوَ خُزَاعَة بن مَالك بن عدي.
الْحزَامِي، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي الْمُعْجَمَة: نِسْبَة إِلَى حزَام أحد الأجداد..
     وَقَالَ  الرشاطي: الْحزَامِي فِي أَسد قُرَيْش وَفِي فَزَارَة.
فَالَّذِي فِي قُرَيْش: حزَام بن خويلد بن أَسد، وَالَّذِي فِي فَزَارَة: حزَام بن سعد بن عدي بن فَزَارَة.
الفِهري، بِكَسْر الْفَاء نِسْبَة إِلَى فهر بن مَالك بن النَّضر بن كنَانَة.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: إِن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع والتحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد، وَهُوَ قَوْله: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، وَفِي بعض النّسخ: حَدثنَا.
وَالْفرق بَينهمَا ظَاهر، وَهُوَ أَن الشَّيْخ إِذا حدث لَهُ وَهُوَ السَّامع وَحده يَقُول: حَدثنِي، وَإِذا حدث وَمَعَهُ غَيره، يَقُول: حَدثنَا.
وَفِيه العنعنة أَيْضا.
وَمِنْهَا: أَن هَذَا إسنادان.
أَحدهمَا: عَن مُحَمَّد بن سِنَان عَن فليح عَن هِلَال عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة.
وَالْآخر: عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن فليح عَن أَبِيه عَن هِلَال ... إِلَى آخِره، وَهَذَا أنزل من الأول بِوَاحِد.
وَمِنْهَا: أَن رجال الْإِسْنَاد الآخير كلهم مدنيون.
وَمِنْهَا: أَن فِي غَالب النّسخ قبل قَوْله: وحَدثني إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر صُورَة ( ح) وَهِي حاء مُهْملَة مُفْردَة.
قيل: إِنَّهَا مَأْخُوذَة من التَّحَوُّل لتحوله من إِسْنَاد إِلَى آخر، وَيَقُول القارىء إِذا انْتهى إِلَيْهَا: حا، وَيسْتَمر فِي قِرَاءَة مَا بعْدهَا.
وَقيل: إِنَّهَا من حَال بَين الشَّيْئَيْنِ إِذا حجز لكَونهَا حَالَة بَين الإسنادين، وَأَنه لَا يلفظ عِنْد الإنتهاء إِلَيْهَا بِشَيْء.
وَقيل: إِنَّهَا رمز إِلَى قَوْله: الحَدِيث وَأهل الْمغرب إِذا وصلوا إِلَيْهَا يَقُولُونَ الحَدِيث.
وَقد كتب جمَاعَة عَن حفاظ عراق الْعَجم موضعهَا صَحَّ، فيشعر بِأَنَّهَا رمز صَحِيح، وَحسن هُنَا كِتَابَة صَحَّ لِئَلَّا يتَوَهَّم أَنه سقط متن الْإِسْنَاد الأول، وَهِي كَثِيرَة فِي ( صَحِيح مُسلم) : قَليلَة فِي البُخَارِيّ.

( بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا كَمَا ترى، وَأخرجه أَيْضا فِي الرقَاق مُخْتَصرا عَن مُحَمَّد بن سِنَان عَن فليح بن سلمَان عَن هِلَال بن عَليّ بِهِ، وَلم يُخرجهُ من أَصْحَاب السِّتَّة غَيره.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( أَعْرَابِي) ، هُوَ الَّذِي يسكن الْبَادِيَة، وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى الْأَعْرَاب سَاكِني الْبَادِيَة، من الْعَرَب الَّذِي لَا يُقِيمُونَ فِي الْأَمْصَار وَلَا يدْخلُونَهَا إِلَّا لحَاجَة، وَالْعرب اسْم لهَذَا الجيل الْمَعْرُوف من النَّاس، وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، سَوَاء أَقَامَ بالبادية أَو المدن، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ عَرَبِيّ، وَلَيْسَ الْأَعْرَاب جمعا لعرب، وَلم يعرف اسْم هَذَا الْأَعرَابِي.
قَوْله: ( السَّاعَة) قَالَ الْأَزْهَرِي: السَّاعَة: الْوَقْت الَّذِي تقوم فِيهِ الْقِيَامَة، وَسميت بذلك لِأَنَّهَا تفجأ النَّاس فِي سَاعَة، فَيَمُوت الْخلق كلهم بصيحة وَاحِدَة.
وَفِي ( الْعبابُ) : السَّاعَة الْقِيَامَة.
قلت: أَصله: سوعة، قلبت الْوَاو الْفَا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا.
قَوْله: ( وسد) ، من وسدته الشَّيْء فتوسده إِذا جعله تَحت رَأسه، وَالْمعْنَى: إِذا فوض الْأَمر وَأسْندَ، وَفِي ( الْمطَالع) : إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله، كَذَا لكافة الروَاة، أَي: أسْند وَجعل إِلَيْهِم وقلدوه، وَعند الْقَابِسِيّ: أَسد،.

     وَقَالَ : الَّذِي احفظ: وسد،.

     وَقَالَ : هما بِمَعْنى.
قَالَ القَاضِي: هُوَ كَمَا قَالَ، وَقد قَالُوا: وساد، وأساد، واشتقاقها وَاحِد، وَالْوَاو هُنَا بعد الْألف، ولعلها صُورَة الْهمزَة.
والوساد: مَا يتوسد إِلَيْهِ للنوم.
يُقَال: اساد وإسادة ووسادة.
وَفِي ( الْعبابُ) : الوساد والوسادة والوسدة: المخدة وَالْجمع: وسد ووسائد.
وسدته كَذَا أَي: جعلته لَهُ وسَادَة، وتوسد الشَّيْء جعله تَحت رَأسه..
     وَقَالَ  بَعضهم: قَوْله وسد أَي: جعل لَهُ غير أَهله وساداً.
قلت: لَيْسَ مَعْنَاهُ.
كَذَا، بل الْمَعْنى: إِذا وضعت وسَادَة الْأَمر لغير أَهلهَا، وَالْمرَاد من الْأَمر جنس الْأَمر الَّذِي يتَعَلَّق بِالدّينِ، فَإِذا وضعت وسادته لغير أَهلهَا تهان وتحقر، على مَا نبينه عَن قريب.
قَوْله: ( فانتظر) أَمر من الإنتظار.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( بَيْنَمَا) : أَصله: بَين، فزيدت عَلَيْهِ: مَا، وَهُوَ ظرف زمَان بِمَعْنى المفاجأة.
قَوْله: ( النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) مُبْتَدأ، وَقَوله: ( يحدث الْقَوْم) ، جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول خَبره، وَيحدث يَقْتَضِي مفعولين، وَأحد المفعولين هَهُنَا مَحْذُوف لدلَالَة السِّيَاق عَلَيْهِ، وَالْقَوْم: هم الرِّجَال دون النِّسَاء، وَقد تدخل النِّسَاء فِيهِ على سَبِيل التبع، لِأَن قوم كل نَبِي رجال وَنسَاء، جمعه أَقوام، وَجمع الْجمع أقاوم.
وَقَوله: ( فِي مجْلِس) حَال.
قَوْله: ( جَاءَهُ أَعْرَابِي) : جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَهُوَ: أَعْرَابِي، وَالْمَفْعُول وَهُوَ الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي جَاءَهُ، الْعَائِد إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ جَوَاب: بَيْنَمَا، وَهُوَ الْعَامِل فِي: بَيْنَمَا..
     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: الْأَفْصَح فِي جَوَابه أَن لَا يكون بإذ وَإِذا..
     وَقَالَ  غَيره: بِالْعَكْسِ، وَالصَّوَاب مَعَه لوُرُود الحَدِيث هَكَذَا.
وَقيل: بَيْنَمَا ظرف يتَضَمَّن معنى الشَّرْط، فَلذَلِك اقْتضى جَوَابا، وَفِيه نظر.
قَوْله: ( مَتى السَّاعَة؟) مُبْتَدأ وَخبر، وَكلمَة: مَتى، هَهُنَا للاستفهام.
قَوْله: ( يحدث) أَي: يحدث الْقَوْم، وَفِي بعض الرِّوَايَات بحَديثه، بِحرف الْجَرّ وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والحموي: يحدثه، بِزِيَادَة الْهَاء، وَلَيْسَت فِي رِوَايَة البَاقِينَ.
وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ لَا يعود على الْأَعرَابِي، وَإِنَّمَا التَّقْدِير: يحدث الْقَوْم الحَدِيث الَّذِي كَانَ فِيهِ.
فَإِن قلت: مَا مَحل: يحدث، من الْإِعْرَاب؟ قلت: محلهَا النصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي مضى.
قَوْله: ( فَقَالَ بعض الْقَوْم) من هَهُنَا إِلَى قَوْله: ( لم يسمع) جملَة مُعْتَرضَة.
فَإِن قلت: هَل يجوز الِاعْتِرَاض بِالْفَاءِ؟ قلت: نعم جَائِز.
قَوْله: ( سمع) أَي بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( مَا قَالَ) أَي الْأَعرَابِي، وَمَا، مَوْصُولَة..
     وَقَالَ : جملَة صلته، والعائد مَحْذُوف أَي: مَا قَالَه.
وَالْجُمْلَة مفعول: سمع.
وَيجوز أَن تكون مَا مَصْدَرِيَّة أَي: سمع قَوْله، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي قَوْله: ( فكره مَا قَالَ) .
قَوْله: ( بل لم يسمع) قَالَ الْكرْمَانِي: علام عطف: بل لم يسمع؟ إِذْ لَا يَصح أَن يعْطف على مَا تقدم، إِذْ الإضراب إِنَّمَا يكون عَن كَلَام نَفسه، بل لَا يَصح عطف أصلا على كَلَام غير العاطف: قلت: لَا نسلم امْتنَاع صِحَة الْعَطف، والإضراب بَين كَلَام متكلمين، وَمَا الدَّلِيل عَلَيْهِ سلمنَا، لَكِن يكون الْكل من كَلَام الْبَعْض الأول كَأَنَّهُ قَالَ الْبَعْض الآخر للْبَعْض الأول: قل بل لم يسمع، أَو كَلَام الْبَعْض الآخر بِأَن يقدر لفظ: سمع، قبله كَأَنَّهُ قَالَ: سمع بل لم يسمع.
قلت: هَذَا كُله تعسف نَشأ من عدم الْوُقُوف على أسرار الْعَرَبيَّة، فَنَقُول: التَّحْقِيق هَاهُنَا أَن كلمة: بل، حرف إضراب، فَإِن تَلَاهَا جملَة كَانَ معنى الإضراب إِمَّا الْإِبْطَال وَإِمَّا الِانْتِقَال عَن غَرَض إِلَى غَرَض، وَإِن تَلَاهَا مُفْرد فَهِيَ عاطفة، وَهَهُنَا تَلَاهَا جملَة، أَعنِي، قَوْله: لم يسمع، فَكَانَ الإضراب بِمَعْنى الْإِبْطَال.
قَوْله: ( حَتَّى إِذا قضى) يتَعَلَّق بقوله: فَمضى يحدث، لَا بقوله: لم يسمع.
قَوْله: ( قَالَ: أَيْن أرَاهُ السَّائِل؟) أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَقَوله: ( أرَاهُ) ، بِضَم الْهمزَة، مَعْنَاهُ: أَظن، وَهُوَ شكّ من مُحَمَّد بن فليح، وَرَوَاهُ الْحسن بن سُفْيَان وَغَيره عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن يُونُس عَن مُحَمَّد بن فليح من غير شكّ.
وَلَفظه: ( قَالَ أَيْن السَّائِل؟) فَإِن قلت: السَّائِل، مَرْفُوع بِمَاذَا؟ قلت: مَرْفُوع على ابْتِدَاء، وَخَبره قَوْله: ( أَيْن) مقدما، وَأَيْنَ، سُؤال عَن الْمَكَان بنيت لتضمنها حرف الِاسْتِفْهَام.
وَقَول بَعضهم: السَّائِل، بِالرَّفْع على الْحِكَايَة خطأ، بل هُوَ رفع على الِابْتِدَاء كَمَا قُلْنَا.
وَقَوله: ( أرَاهُ) جملَة مُعْتَرضَة بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، وَالْمعْنَى: أَظن أَنه قَالَ: أَيْن السَّائِل.
قَوْله: ( قَالَ) .
أَي: الْأَعرَابِي: هَا، حرف التنبية، وَفِي ( الْعبابُ) : هَاء، بِالْمدِّ تكون تَنْبِيها بِمَعْنى جَوَابا..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: هَا، قد تكون جَوَاب النداء تمد وتقصر، وَأَيْضًا: هَا، مَقْصُورَة للتقريب إِذا قيل لَك: أَيْن أَنْت؟ تَقول: هَا أناذا.
قَوْله: ( أَنا) مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف، أَي: أَنا سَائل، وَإِنَّمَا ترك العاطف عِنْد: قَالَ، فِي الْمَوْضِعَيْنِ السُّؤَال وَالْجَوَاب، لِأَن الْمقَام كَانَ مقَام المقاولة، والراوي يَحْكِي ذَلِك كَأَنَّهُ، لما قَالَ الْأَعرَابِي ذَلِك، سَأَلَ سَائل: مَاذَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَوَابه؟ وَبِالْعَكْسِ.
قَوْله: ( فَإِذا ضيعت الْأَمَانَة) كلمة إِذا، تضمن معنى الشَّرْط، وَلِهَذَا جَاءَ جوابها بِالْفَاءِ.
وَهُوَ قَوْله: ( فانتظر السَّاعَة) .
قَوْله: ( قَالَ: كَيفَ إضاعتها؟) أَي: قَالَ الْأَعرَابِي: كَيفَ إِضَاعَة الْأَمَانَة؟ وَفِي بعض النّسخ: ( فَقَالَ) ، بِالْفَاءِ، وَمَا بعده من قَالَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِلَا فَاء، وَوَجهه أَن السُّؤَال عَن كَيْفيَّة الإضاعة متفرع على مَا قبله، فَلهَذَا عقبه بِالْفَاءِ، بِخِلَاف اختيه.
قَوْله: ( قَالَ: إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله) جَوَاب لقَوْله: ( كَيفَ إضاعتها؟) .
فَإِن قلت: السُّؤَال إِنَّمَا هُوَ عَن كَيْفيَّة الإضاعة لقَوْله: كَيفَ، وَالْجَوَاب هُوَ بِالزَّمَانِ لَا بَيَان الْكَيْفِيَّة، فَمَا وَجهه؟ قلت: مُتَضَمّن للجواب إِذْ يلْزم مِنْهُ بَيَان أَن كيفيتها هِيَ بالتوسد الْمَذْكُور.
قَوْله: ( فانتظر السَّاعَة) الْفَاء فِيهِ للتفريع، أَو جَوَاب شَرط مَحْذُوف يَعْنِي: إِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فانتظر السَّاعَة.
وَلَيْسَت هِيَ جَوَاب إِذا الَّتِي فِي قَوْله: ( إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله) لِأَنَّهَا لَا تَتَضَمَّن هَهُنَا معنى الشَّرْط.
فَإِن قلت: كَانَ يَنْبَغِي أَن يُقَال: لغير أَهله.
قلت: إِنَّمَا قَالَ: إِلَى غير أَهله، ليدل على معنى تضمين الْإِسْنَاد.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( مَتى السَّاعَة؟) أَي: مَتى يكون قيام السَّاعَة.
قَوْله: ( فكره مَا قَالَ) : أَي فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَه الْأَعرَابِي، وَلِهَذَا لم يلْتَفت إِلَى الْجَواب.
فَلذَلِك حصل للصحابة، رَضِي الله عَنْهُم، التَّرَدُّد، مِنْهُم من قَالَ: سمع فكره، وَمِنْهُم من قَالَ: لم يسمع، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكره السُّؤَال عَن هَذِه الْمَسْأَلَة بخصوصها.
قَوْله: ( أَيْن السَّائِل عَن السَّاعَة؟) أَي عَن زمَان السَّاعَة.
قَوْله: ( إِذا وسد الْأَمر) المُرَاد بِهِ جنس الْأُمُور الَّتِي تتَعَلَّق بِالدّينِ: كالخلافة وَالْقَضَاء والإفتاء، وَنَحْو ذَلِك.
وَيُقَال: أَي بِولَايَة غير أهل الَّذين والأمانات.
وَمن يعينهم على الظُّلم والفجور، وَعند ذَلِك تكون الْأَئِمَّة قد ضيعوا الْأَمَانَة الَّتِي فرض الله عَلَيْهِم حَتَّى يؤتمن الخائن ويخون الْأمين، وَهَذَا إِنَّمَا يكون إِذا غلب الْجَهْل وَضعف أهل الْحق عَن الْقيام بِهِ.
فَإِن قلت: تَأَخّر الْجَواب عَن السُّؤَال هَهُنَا، وَهل يجوز تَأْخِيره فِيمَا يتَعَلَّق بِالدّينِ؟ قلت: الْجَواب من وَجْهَيْن: الأول: بطرِيق الْمَنْع، فَنَقُول: لَا نسلم اسْتِحْقَاق الْجَواب هَهُنَا، لِأَن الْمَسْأَلَة لَيست مِمَّا يجب تعلمهَا، بل هِيَ مِمَّا لَا يكون الْعلم بهَا إِلَّا لله تَعَالَى.
وَالثَّانِي: بطرِيق التَّسْلِيم فنقوله: سلمنَا ذَلِك، وَلكنه يحْتَمل أَن يكون، عَلَيْهِ السَّلَام، مشتغلاً فِي ذَلِك الْوَقْت بِمَا كَانَ أهم من جَوَاب هَذَا السَّائِل، وَيحْتَمل أَنه أَخّرهُ انتظاراً للوحي، أَو أَرَادَ أَن يتم حَدِيثه لِئَلَّا يخْتَلط على السامعين، وَيحْتَمل أَن يكون فِي ذَلِك الْوَقْت فِي جَوَاب سُؤال سَائل آخر مُتَقَدم، فَكَانَ أَحَق بِتمَام الْجَواب.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام: وَهُوَ على وُجُوه.
الأول: فِيهِ وجوب تَعْلِيم السَّائِل لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أَيْن السَّائِل) ثمَّ إخْبَاره عَن الَّذِي سَأَلَ عَنهُ.
الثَّانِي: فِيهِ أَن من آدَاب المتعلم أَن لَا يسْأَل الْعَالم مَا دَامَ مشتغلاً بِحَدِيث أَو غَيره، لِأَن من حق الْقَوْم الَّذين بَدَأَ بِحَدِيثِهِمْ أَن لَا يقطعهُ عَنْهُم حَتَّى يتمه.
الثَّالِث: فِيهِ الرِّفْق بالمتعلم وَإِن جَفا فِي سُؤَاله أَو جهل، لِأَنَّهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لم يوبخه على سُؤَاله قبل إِكْمَال حَدِيثه.
الرَّابِع: فِيهِ مُرَاجعَة الْعَالم عِنْد عدم فهم السَّائِل، لقَوْله: كَيفَ إضاعتها؟ الْخَامِس: فِيهِ جَوَاز اتساع الْعَالم فِي الْجَواب أَنه يَنْبَغِي مِنْهُ، إِذا كَانَ ذَلِك لِمَعْنى أَو لمصْلحَة.
السَّادِس: فِيهِ التَّنْبِيه على تَقْدِيم الأسبق فِي السُّؤَال لأَنا قُلْنَا: إِنَّه يحْتَمل أَن يكون تَأْخِير الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجَواب لكَونه مَشْغُولًا بِجَوَاب سُؤال سَائل آخر، فنبه بذلك أَنه يجب على القَاضِي والمفتي والمدرس تَقْدِيم الأسبق لاستحقاقه بِالسَّبقِ.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :59 ... غــ :59 ]
- ( كتابُ بَدْءِ الخَلْقِ)

أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان بَدْء الْخلق، البدء على وزن: فعل، بِفَتْح الْبَاء وَسُكُون الدَّال وَفِي آخِره همزَة، من بدأت الشَّيْء بَدَأَ ابتدأت بِهِ.
وَفِي ( الْعبابُ) : بدأت بالشَّيْء بَدَأَ ابتدأت بِهِ وبدأت الشَّيْء فعلته ابْتِدَاء، وَبَدَأَ الله الْخلق وأبداهم، بِمَعْنى، والخلق بِمَعْنى الْمَخْلُوق، وَهَكَذَا وَقع: كتاب بَدْء الْخلق، بعد ذكر الْبَسْمَلَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة أبي ذَر ذكر الْبَسْمَلَة، وَوَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ ذكر بَدْء الْخلق بدل: كتاب بَدْء الْخلق.