هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5458 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّهُ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ المَشْرِقِ فَخَطَبَا ، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا ، أَوْ : إِنَّ بَعْضَ البَيَانِ لَسِحْرٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5458 حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما : أنه قدم رجلان من المشرق فخطبا ، فعجب الناس لبيانهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من البيان لسحرا ، أو : إن بعض البيان لسحر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Abdullah bin `Umar:

Two men came from the East and addressed the people who wondered at their eloquent speeches On that Allah's Messenger (ﷺ) said. Some eloquent speech is as effective as magic.'

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم کو امام مالک نے خبر دی ، انہیں زید بن اسلم نے اور ان سے حضرت عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہدو آدمی پورب کی طرف ( ملک عراق ) سے ( سنہ 9ھ میں ) مدینہ آئے اور لوگوں کو خطاب کیا لوگ ان کی تقریر سے بہت متاثر ہوئے تو رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ بعض تقریریں بھی جادو بھری ہوتی ہیں یا یہ فرمایا کہ بعض تقریر جادو ہوتی ہیں ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5767] .

     قَوْلُهُ  قَدِمَ رَجُلَانِ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِمَا صَرِيحًا وَقَدْ زَعَمَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُمَا الزِّبْرِقَانِ بِكَسْرِ الزَّايِ وَالرَّاءِ بَيْنَهُمَا مُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ وَبِالْقَافِ وَاسْمُهُ الْحُصَيْنُ وَلُقِّبَ الزِّبْرِقَانِ لحسنه والزبرقان من أَسمَاء الْقَمَر وَهُوَ بن بَدْرِ بْنِ امْرِئِ الْقِيسِ بْنِ خَلَفٍ وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ وَاسْمُ الْأَهْتَمِ سِنَانُ بْنُ سُمَيٍّ يَجْتَمِعُ مَعَ الزِّبْرِقَانِ فِي كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ فَهُمَا تَمِيمِيَّانِ قَدِمَا فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَاسْتَنَدُوا فِي تَعْيِينِهِمَا إِلَى مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ مِقْسَمٍ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ فَفَخَرَ الزِّبْرِقَانُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا سَيِّدُ بَنِي تَمِيمٍ وَالْمُطَاعُ فِيهِمْ وَالْمُجَابُ أَمْنَعُهُمْ مِنَ الظُّلْمِ وَآخُذُ مِنْهُمْ بِحُقُوقِهِمْ وَهَذَا يَعْلَمُ ذَلِكَ يَعْنِي عَمْرَو بْنَ الْأَهْتَمِ فَقَالَ عَمْرٌو إِنَّهُ لَشَدِيدُ الْعَارِضَةِ مَانِعٌ لِجَانِبِهِ مُطَاعٌ فِي أُذُنَيْهِ فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ مِنِّي غَيْرَ مَا قَالَ وَمَا مَنَعَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ إِلَّا الْحَسَدُ فَقَالَ عَمْرٌو أَنَا أَحْسُدُكَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَئِيمُ الْخَالِ حَدِيثُ الْمَالِ أَحْمَقُ الْوَالِدِ مُضَيَّعٌ فِي الْعَشِيرَةِ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتُ فِي الْأُولَى وَمَا كَذَبْتُ فِي الْآخِرَةِ وَلَكِنِّي رَجُلٌ إِذَا رَضِيتُ.

.

قُلْتُ أَحْسَنَ مَا عَلِمْتُ وَإِذَا غَضِبْتُ.

.

قُلْتُ أَقْبَحَ مَا وَجَدْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ عَلَيْهِمْ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ وَالزِّبْرِقَانُ وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرٍو مَا تَقُولُ فِي الزِّبْرِقَانِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الزِّبْرِقَانُ وَعَمْرُو هما المُرَاد بِحَدِيث بن عُمَرَ فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمَ إِنَّمَا هُوَ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ وَحْدَهُ وَكَانَ كَلَامُهُ فِي مُرَاجَعَتِهِ الزِّبْرِقَانَ فَلَا يَصِحُّ نِسْبَةُ الْخُطْبَةِ إِلَيْهِمَا إِلَّا عَلَى طَرِيقِ التَّجَوُّزِ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْمَشْرِقِ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَكَانَتْ سُكْنَى بَنِي تَمِيمٍ مِنْ جِهَةِ الْعِرَاقِ وَهِيَ فِي شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  فَخَطَبَا فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْبَيَانُ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا مَا تَقَعُ بِهِ الْإِبَانَةُ عَنِ الْمُرَادِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَالْآخَرُ مَا دَخَلَتْهُ الصَّنْعَةُ بِحَيْثُ يَرُوقُ لِلسَّامِعِينَ وَيَسْتَمِيلُ قُلُوبَهُمْ وَهُوَ الَّذِي يُشَبَّهُ بِالسِّحْرِ إِذَا خَلَبَ الْقَلْبَ وَغَلَبَ عَلَى النَّفْسِ حَتَّى يُحَوِّلَ الشَّيْءَ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَيَصْرِفَهُ عَنْ جِهَتِهِ فَيَلُوحُ لِلنَّاظِرِ فِي مَعْرِضِ غَيْرِهِ وَهَذَا إِذَا صُرِفَ إِلَى الْحَقِّ يُمْدَحُ وَإِذَا صُرِفَ إِلَى الْبَاطِلِ يُذَمُّ قَالَ فَعَلَى هَذَا فَالَّذِي يُشَبَّهُ بِالسِّحْرِ مِنْهُ هُوَ الْمَذْمُومُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْآخَرِ سِحْرًا لِأَنَّ السِّحْرَ يُطْلَقُ عَلَى الِاسْتِمَالَةِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي أَوَّلِ بَابِ السِّحْرِ وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمُ الْحَدِيثَ عَلَى الْمَدْحِ وَالْحَثِّ عَلَى تَحْسِينِ الْكَلَامِ وَتَحْبِيرِ الْأَلْفَاظِ وَهَذَا وَاضِحٌ إِنْ صَحَّ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي قِصَّةِ عَمْرِو بْنِ الْأَهْتَمِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الذَّمِّ لِمَنْ تَصَنَّعَ فِي الْكَلَامِ وَتَكَلَّفَ لِتَحْسِينِهِ وَصَرَفَ الشَّيْءَ عَنْ ظَاهِرِهِ فَشُبِّهَ بِالسِّحْرِ الَّذِي هُوَ تَخْيِيلٌ لِغَيْرِ حَقِيقَةٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ مَالِكٌ حَيْثُ أَدخل هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمُوَطَّأِ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخِطْبَةِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ فِي تَفْسِيرِ هَذَاالْحَدِيثِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَهُوَ أَلْحَنُ بِالْحُجَّةِ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ فَيَسْحَرُ النَّاسَ بِبَيَانِهِ فَيَذْهَبُ بِالْحَقِّ وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا صَحِيحٌ لَكِنْ لَا يَمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْآخَرِ إِذَا كَانَ فِي تَزْيِينِ الْحَقِّ وَبِهَذَا جَزَمَ بن الْعَرَبِيّ وَغَيره من فضلاء الْمَالِكِيَّة.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ أَحْسَنُ مَا يُقَالُ فِي هَذَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ ذَمًّا لِلْبَيَانِ كُلِّهِ وَلَا مَدْحًا لِقَوْلِهِ مِنَ الْبَيَانِ فَأَتَى بِلَفْظَةٍ مِنَ الَّتِي لِلتَّبْعِيضِ قَالَ وَكَيْفَ يُذَمُّ الْبَيَانُ وَقَدِ امْتَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ حَيْثُ قَالَ خلق الْإِنْسَان علمه الْبَيَان انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيَانِ فِي الْآيَةِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْخَطَّابِيُّ لَا خُصُوصَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَدْحِ الْإِيجَازِ وَالْإِتْيَانِ بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ بِالْأَلْفَاظِ الْيَسِيرَةِ وَعَلَى مَدْحِ الْإِطْنَابِ فِي مَقَامِ الْخَطَابَةِ بِحَسَبِ الْمَقَامِ وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْبَيَانِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي نَعَمِ الْإِفْرَاطُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَذْمُوم وَخير الْأُمُور أوسطها وَالله أعلم ( قَولُهُ بَابُ الدَّوَاءِ بِالْعَجْوَةِ لِلسِّحْرِ) الْعَجْوَةُ ضَرْبٌ مِنْ أَجْوَدِ تَمْرِ الْمَدِينَةِ وَأَلْيَنِهِ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ هُوَ من وسط التَّمْر.

     وَقَالَ  بن الْأَثِيرِ الْعَجْوَةُ ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ أَكْبَرُ مِنَ الصَّيْحَانِيِّ يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ وَهُوَ مِمَّا غَرَسَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ بِالْمَدِينَةِ وَذَكَرَ هَذَا الْأَخِيرَ الْقَزَّازُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا)
فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَالْأَصِيلِيِّ السِّحْرَ

[ قــ :5458 ... غــ :5767] .

     قَوْلُهُ  قَدِمَ رَجُلَانِ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِمَا صَرِيحًا وَقَدْ زَعَمَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُمَا الزِّبْرِقَانِ بِكَسْرِ الزَّايِ وَالرَّاءِ بَيْنَهُمَا مُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ وَبِالْقَافِ وَاسْمُهُ الْحُصَيْنُ وَلُقِّبَ الزِّبْرِقَانِ لحسنه والزبرقان من أَسمَاء الْقَمَر وَهُوَ بن بَدْرِ بْنِ امْرِئِ الْقِيسِ بْنِ خَلَفٍ وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ وَاسْمُ الْأَهْتَمِ سِنَانُ بْنُ سُمَيٍّ يَجْتَمِعُ مَعَ الزِّبْرِقَانِ فِي كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ فَهُمَا تَمِيمِيَّانِ قَدِمَا فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَاسْتَنَدُوا فِي تَعْيِينِهِمَا إِلَى مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ مِقْسَمٍ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ فَفَخَرَ الزِّبْرِقَانُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا سَيِّدُ بَنِي تَمِيمٍ وَالْمُطَاعُ فِيهِمْ وَالْمُجَابُ أَمْنَعُهُمْ مِنَ الظُّلْمِ وَآخُذُ مِنْهُمْ بِحُقُوقِهِمْ وَهَذَا يَعْلَمُ ذَلِكَ يَعْنِي عَمْرَو بْنَ الْأَهْتَمِ فَقَالَ عَمْرٌو إِنَّهُ لَشَدِيدُ الْعَارِضَةِ مَانِعٌ لِجَانِبِهِ مُطَاعٌ فِي أُذُنَيْهِ فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ مِنِّي غَيْرَ مَا قَالَ وَمَا مَنَعَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ إِلَّا الْحَسَدُ فَقَالَ عَمْرٌو أَنَا أَحْسُدُكَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَئِيمُ الْخَالِ حَدِيثُ الْمَالِ أَحْمَقُ الْوَالِدِ مُضَيَّعٌ فِي الْعَشِيرَةِ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتُ فِي الْأُولَى وَمَا كَذَبْتُ فِي الْآخِرَةِ وَلَكِنِّي رَجُلٌ إِذَا رَضِيتُ.

.

قُلْتُ أَحْسَنَ مَا عَلِمْتُ وَإِذَا غَضِبْتُ.

.

قُلْتُ أَقْبَحَ مَا وَجَدْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ عَلَيْهِمْ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ وَالزِّبْرِقَانُ وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرٍو مَا تَقُولُ فِي الزِّبْرِقَانِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الزِّبْرِقَانُ وَعَمْرُو هما المُرَاد بِحَدِيث بن عُمَرَ فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمَ إِنَّمَا هُوَ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ وَحْدَهُ وَكَانَ كَلَامُهُ فِي مُرَاجَعَتِهِ الزِّبْرِقَانَ فَلَا يَصِحُّ نِسْبَةُ الْخُطْبَةِ إِلَيْهِمَا إِلَّا عَلَى طَرِيقِ التَّجَوُّزِ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْمَشْرِقِ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَكَانَتْ سُكْنَى بَنِي تَمِيمٍ مِنْ جِهَةِ الْعِرَاقِ وَهِيَ فِي شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  فَخَطَبَا فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْبَيَانُ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا مَا تَقَعُ بِهِ الْإِبَانَةُ عَنِ الْمُرَادِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَالْآخَرُ مَا دَخَلَتْهُ الصَّنْعَةُ بِحَيْثُ يَرُوقُ لِلسَّامِعِينَ وَيَسْتَمِيلُ قُلُوبَهُمْ وَهُوَ الَّذِي يُشَبَّهُ بِالسِّحْرِ إِذَا خَلَبَ الْقَلْبَ وَغَلَبَ عَلَى النَّفْسِ حَتَّى يُحَوِّلَ الشَّيْءَ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَيَصْرِفَهُ عَنْ جِهَتِهِ فَيَلُوحُ لِلنَّاظِرِ فِي مَعْرِضِ غَيْرِهِ وَهَذَا إِذَا صُرِفَ إِلَى الْحَقِّ يُمْدَحُ وَإِذَا صُرِفَ إِلَى الْبَاطِلِ يُذَمُّ قَالَ فَعَلَى هَذَا فَالَّذِي يُشَبَّهُ بِالسِّحْرِ مِنْهُ هُوَ الْمَذْمُومُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْآخَرِ سِحْرًا لِأَنَّ السِّحْرَ يُطْلَقُ عَلَى الِاسْتِمَالَةِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي أَوَّلِ بَابِ السِّحْرِ وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمُ الْحَدِيثَ عَلَى الْمَدْحِ وَالْحَثِّ عَلَى تَحْسِينِ الْكَلَامِ وَتَحْبِيرِ الْأَلْفَاظِ وَهَذَا وَاضِحٌ إِنْ صَحَّ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي قِصَّةِ عَمْرِو بْنِ الْأَهْتَمِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الذَّمِّ لِمَنْ تَصَنَّعَ فِي الْكَلَامِ وَتَكَلَّفَ لِتَحْسِينِهِ وَصَرَفَ الشَّيْءَ عَنْ ظَاهِرِهِ فَشُبِّهَ بِالسِّحْرِ الَّذِي هُوَ تَخْيِيلٌ لِغَيْرِ حَقِيقَةٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ مَالِكٌ حَيْثُ أَدخل هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمُوَطَّأِ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخِطْبَةِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَهُوَ أَلْحَنُ بِالْحُجَّةِ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ فَيَسْحَرُ النَّاسَ بِبَيَانِهِ فَيَذْهَبُ بِالْحَقِّ وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا صَحِيحٌ لَكِنْ لَا يَمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْآخَرِ إِذَا كَانَ فِي تَزْيِينِ الْحَقِّ وَبِهَذَا جَزَمَ بن الْعَرَبِيّ وَغَيره من فضلاء الْمَالِكِيَّة.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ أَحْسَنُ مَا يُقَالُ فِي هَذَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ ذَمًّا لِلْبَيَانِ كُلِّهِ وَلَا مَدْحًا لِقَوْلِهِ مِنَ الْبَيَانِ فَأَتَى بِلَفْظَةٍ مِنَ الَّتِي لِلتَّبْعِيضِ قَالَ وَكَيْفَ يُذَمُّ الْبَيَانُ وَقَدِ امْتَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ حَيْثُ قَالَ خلق الْإِنْسَان علمه الْبَيَان انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيَانِ فِي الْآيَةِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْخَطَّابِيُّ لَا خُصُوصَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَدْحِ الْإِيجَازِ وَالْإِتْيَانِ بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ بِالْأَلْفَاظِ الْيَسِيرَةِ وَعَلَى مَدْحِ الْإِطْنَابِ فِي مَقَامِ الْخَطَابَةِ بِحَسَبِ الْمَقَامِ وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْبَيَانِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي نَعَمِ الْإِفْرَاطُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَذْمُوم وَخير الْأُمُور أوسطها وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا
هذا ( باب) بالتنوين ( إن من البيان سحرًا) بالنصب وللأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت وذر عن الكشميهني سحر بالرفع وللحموي والمستملي السحر بالألف واللام.


[ قــ :5458 ... غــ : 5767 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضى الله عنهما- أَنَّهُ قَدِمَ رَجُلاَنِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا -أَوْ إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ- لَسِحْرٌ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) الدمشقي ثم التنيسي الكلاعي الحافظ قال: ( أخبرنا
مالك)
الإمام ( عن زيد بن أسلم) الفقيه العمري ( عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قدم رجلان) قيل هما الزبرقان بكسر الزاي والراء بينهما موحدة ساكنة وبالقاف وهو من أسماء القمر لقب به لحسنه واسم أبيه بدر بن امرئ القيس بن خلف، والآخر عمرو بن الأهيم واسم الأهيم سنان يجتمع مع الزبرقان في كعب بن سعد بن زيد مثناة بن تميم فهما تميميان قدما في وفد تميم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سنة تسع من الهجرة ( من المشرق) أي من جهة المشرق وكان سكنى بني تميم من جهة العراق وهي في شرق المدينة ( فخطبا) في دلائل النبوّة للبيهقي من طريق مقسم عن ابن عباس جلس إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهيم وقيس بن عامر ففخر الزبرقان فقال: يا رسول الله أنا سيد بني تميم والمطاع فيهم والمجاب أمنعهم من الظلم وآخذ منهم بحقوقهم وهذا يعلم ذلك يعني عمرو بن الأهيم، فقال عمرو: إنه لشديد العارضة مانع لجانبه مطاع في أدنيه فقال الزبرقان: والله يا رسول الله لقد علم مني غير ما قال، وما منعه من أن يتكلم إلا الحسد فقال عمرو: وأنا أحسدك والله يا رسول الله إنه لئيم الخال خبيث المال أحمق الوالد مضيّع في العشيرة والله يا رسول الله لقد صدقت في الأولى وما كذبت في الأخرى ولكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت وإن غضبت قلت أقبح ما وجدت ( فعجب الناس) منهما ( لبيانهما فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن من البيان) الذي هو إظهار المقصود بأبلغ لفظ وهو من الفهم وذكاء القلب وأصل البيان الكشف والظهور ( لسحرًا - أو) قال عليه الصلاة والسلام: ( إن بعض البيان - لسحر) شك من الراوي فمن للتبعيض كما صرح به.
وقال في شرح السُّنَّة: اختلف في تأويله فحمله قوم على الذم لأنه ذم الكلام في التصنع والتكلف في تحسينه ليروق للسامعين وليستمل به قلوبهم كما يفعل السحر حيث يحول الشيء عن حقيقته ويصرفه عن جهته فيلوح للناظرين في غير معرض فكذلك المتكلم قد يحيل الشيء عن ظاهره ببيانه ويزيله عن موضعه بلسانه إرادة التلبيس على السامع أو إن من البيان ما يكسب صاحبه من الإثم ما يكتسبه الساحر بسحره أو هو الرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بحجته من صاحب الحق فيسحر القوم ببيانه فيذهب بالحق وشاهده قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه" الحديث.
وذهب آخرون إلى أن المراد منه مدح البيان والحث على تحسين الكلام وتحبير الألفاظ.

وروي عن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- أن رجلاً طلب إليه حاجة كان يتعذر عليه إسعافه بها فاستمال قلبه بالكلام ثم أنجزها له ثم قال: هذا هو السحر الحلال والأحسن كما قال الخطابي: إن هذا الحديث ليس ذمًّا للبيان ولا مدحًا له لقوله من البيان فأتي بلفظ من التبعيضية وبالتصريح أيضًا به، وقد اتفق على مدح الإيجاز والإتيان بالمعاني الكثيرة بالألفاظ اليسيرة.

وقال في شرح المشكاة: والحق أن الكلام إذا كان ذا وجهين يختلف بحسب المغزى والمقاصد
لأن مورد المثل على ما روي عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قصة الزبرقان وعمرو كان استحسانًا، لكن تعقب في الفتح القول بأن الرجلين المذكورين في حديث الباب هما الزبرقان وعمرو، وقال بعد ما ذكر ما سبق من قولهما وهذا لا يلزم منه أن يكونا هما المراد بحديث ابن عمر فإن المتكلم إنما هو عمرو بن الأهيم وحده وكان كلامه في مراجعة الزبرقان فلا يصح نسبة الخطبة إليهما إلا على طريقة التجوّز.

وفي جامع عبد الرزاق من مسند مجاهد قال: خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خطبة في بعض الأمر ثم قام أبو بكر فخطب خطبة دونها ثم قام عمر فخطب خطبة دون خطبة أبي بكر ثم قام شاب فاستأذن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في الخطبة فأذن له فطوّل الخطبة فلم يزل يخطب حتى قال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( هنية) أو كما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم قال: ( وإن الله لم يبعث نبيًا إلا مبلّغًا وإن تشقيق الكلام من الشيطان وإن من البيان لسحرًا) أو ( من البيان سحر) قال شيخنا الحافظ أبو الخير السخاوي: فهذه خلاف القصة الأخرى جزمًا.

وهذا الحديث سبق في النكاح في باب الخطبة، وأخرجه أبو داود في الأدب، والترمذي في أبواب البر، ورواه أكثر رواة الموطأ مرسلاً ليس فيه ابن عمر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ مِنَ البَيانِ سِحْرٌ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر يه من الْبَيَان سحر فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، والكشميهني، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي السحر بِالْألف وَاللَّام.



[ قــ :5458 ... غــ :5767 ]
- حدّثنا عبدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ زَيْدِ بن أسْلم عنْ عبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا أنَّهُ قَدِمَ رجُلانِ مِنَ المشْرِقِ فَخَطَبا فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيانِهِما، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّ مِنَ البَيانِ لَسِحْراً، أوْ: إنَّ بَعْضَ البَيانِ لَسِحْرٌ.
( انْظُر الحَدِيث: 5146) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي لفظ: الْبَيَان سحر، فَقَط، لِأَن لفظ الحَدِيث: إِن من الْبَيَان إِلَى آخِره، وَمضى الحَدِيث أَيْضا فِي كتاب النِّكَاح فِي: بابُُ الْخطْبَة: إِن من الْبَيَان سحرًا، بِدُونِ لَام التَّأْكِيد فِي خبر: إِن، وَكَذَا لفظ أبي دَاوُد أخرجه فِي كتاب الْأَدَب فِي: بابُُ رِوَايَة الشّعْر من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا.

وَلَفظ التِّرْمِذِيّ: إِن من الْبَيَان سحرًا، أَو: إِن بعض الْبَيَان سحر، أخرجه فِي أَبْوَاب الْبر عَن قُتَيْبَة عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن زيد بن أسلم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي كتاب النِّكَاح، ولنذكر بعض شَيْء.
فَقَالَ ابْن بشكوال: رَوَاهُ أَكثر رُوَاة ( الْمُوَطَّأ) مُرْسلا لَيْسَ فِيهِ ابْن عمر،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: الرّجلَانِ هما: عَمْرو بن الْأَهْتَم والزبرقان بن بدر،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر وبن الْأَهْتَم التَّمِيمِي الْمنْقري أَبُو ربعي، والأهتم أَبوهُ اسْمه سِنَان بن خَالِد بن سمي، قدم وافداً فِي وُجُوه قومه من بني تَمِيم فَأسلم، وَذَلِكَ فِي سنة تسع من الْهِجْرَة، وَكَانَ فِيمَن قدم مَعَه الزبْرِقَان بن بدر بن امرىء الْقَيْس بن خلف بن بَهْدَلَة بن عَوْف بن كَعْب بن سعد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم البهدلي السَّعْدِيّ التَّمِيمِي، يكنى أَبَا عَيَّاش، فَأسلم وولاه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدقَات قومه، وَأقرهُ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا على ذَلِك..
     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: الزبْرِقَان الْقَمَر، والزبرقان الرجل الْخَفِيف اللِّحْيَة واسْمه الْحصين بن بدر، وَإِنَّمَا سمى الزبْرِقَان لحسنه شبه بالقمر، وَقد ذكرنَا خطْبَة الزبْرِقَان فِي كتاب النِّكَاح وَمَا جرى لَهُ مَعَ عَمْرو بن الْأَهْتَم.
وَاخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيل الحَدِيث الْمَذْكُور، فَقَالَ قوم من أَصْحَاب مَالك: إِنَّه خرج على الذَّم للْبَيَان، وَلِهَذَا مَالك أدخلهُ فِي: بابُُ مَا يكره من الْكَلَام، وَقَالُوا: إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شبه الْبَيَان بِالسحرِ وَالسحر مَذْمُوم محرم قَلِيله وَكَثِيره، وَذَلِكَ لما فِي الْبَيَان من التفيهق وتصوير الْبَاطِل فِي صُورَة الْحق، وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبغضكم إِلَيّ الثرثارون المتفيهقون، وَيُقَال: الرجل يكون على الْحق فيسحر الْقَوْم ببيانه فَيذْهب بِالْحَقِّ،.

     وَقَالَ  آخَرُونَ: هُوَ كَلَام خرج على مدح الْبَيَان، وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بقوله فِي الحَدِيث.
فَعجب النَّاس لبيانهما، قَالُوا.
والإعجاب لَا يكون إلاَّ بِمَا يحسن ويطيب سَمَاعه، قَالُوا: وتشبيهه بِالسحرِ مدح لِأَن معنى السحر الاستمالة، وكل من استمالك فقد سحرك، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمِين النَّاس بِفضل البلاغة لبلاغته فأعجبه ذَلِك القَوْل وَاسْتَحْسنهُ، فَلذَلِك شبهه بِالسحرِ.
وَيُقَال: أحسن مَا يُقَال فِي هَذَا الحَدِيث إِنَّه لَيْسَ بذم للْبَيَان كُله وَلَا بمدح لَهُ كُله، أَلا ترى أَن فِيهِ كلمة من للتَّبْعِيض؟ وَقد شكّ الْمُحدث أَنه قَالَ: إِن من الْبَيَان أَو: إِن من بعض الْبَيَان، وَكَيف يذم الْبَيَان كُله وَقد عده نعْمَة على عبيده؟ فَقَالَ: { خلق الْإِنْسَان علمه الْبَيَان} ( الرَّحْمَن: 3 4) قَوْله: ( من الْمشرق) أَرَادَ بِهِ النجد لِأَنَّهُ فِي شَرق الْمَدِينَة، وَهِي سُكْنى بني تَمِيم من جِهَة الْعرَاق.
قَوْله: ( سحرًا) أَي: هُوَ شَبيه بِالسحرِ فِي جلب الْعُقُول من حَيْثُ إِنَّه خارق للْعَادَة.