هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
542 حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ ، أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا ، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ، ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ ، فَعَمِلُوا إِلَى صَلاَةِ العَصْرِ ، ثُمَّ عَجَزُوا ، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ، ثُمَّ أُوتِينَا القُرْآنَ ، فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ ، فَقَالَ : أَهْلُ الكِتَابَيْنِ : أَيْ رَبَّنَا ، أَعْطَيْتَ هَؤُلاَءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ، وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلًا ؟ قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ ؟ قَالُوا : لاَ ، قَالَ : فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
542 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، قال : حدثني إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، أنه أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس ، أوتي أهل التوراة التوراة ، فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا ، فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل ، فعملوا إلى صلاة العصر ، ثم عجزوا ، فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثم أوتينا القرآن ، فعملنا إلى غروب الشمس ، فأعطينا قيراطين قيراطين ، فقال : أهل الكتابين : أي ربنا ، أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين ، وأعطيتنا قيراطا قيراطا ، ونحن كنا أكثر عملا ؟ قال : قال الله عز وجل : هل ظلمتكم من أجركم من شيء ؟ قالوا : لا ، قال : فهو فضلي أوتيه من أشاء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عبد الله بن عمر، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ ، أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا ، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ، ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ ، فَعَمِلُوا إِلَى صَلاَةِ العَصْرِ ، ثُمَّ عَجَزُوا ، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ، ثُمَّ أُوتِينَا القُرْآنَ ، فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ ، فَقَالَ : أَهْلُ الكِتَابَيْنِ : أَيْ رَبَّنَا ، أَعْطَيْتَ هَؤُلاَءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ، وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلًا ؟ قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ ؟ قَالُوا : لاَ ، قَالَ : فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ .

Narrated Salim bin `Abdullah:

My father said, I heard Allah's Messenger (ﷺ) saying, 'The period of your stay as compared to the previous nations is like the period equal to the time between the `Asr prayer and sunset. The people of the Torah were given the Torah and they acted (upon it) till midday then they were exhausted and were given one Qirat (of gold) each. And then the people of the Gospel were given the Gospel and they acted (upon it) till the `Asr prayer then they were exhausted and were! given one Qirat each. And then we were given the Qur'an and we acted (upon it) till sunset and we were given two Qirats each. On that the people of both the scriptures said, 'O our Lord! You have given them two Qirats and given us one Qirat, though we have worked more than they.' Allah said, 'Have I usurped some of your right?' They said, 'No.' Allah said: That is my blessing I bestow upon whomsoever I wish.

":"ہم سے عبدالعزیز بن عبداللہ اویسی نے بیان کیا ، کہا مجھ سے ابراہیم بن سعد نے ابن شہاب سے ، انہوں نے سالم بن عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما سے ، انہوں نے اپنے باپ عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما سے کہ انہوں نے رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے سناآپ صلی اللہ علیہ وسلم فرما رہے تھے کہ تم سے پہلے کی امتوں کے مقابلہ میں تمہاری زندگی صرف اتنی ہے جتنا عصر سے سورج ڈوبنے تک کا وقت ہوتا ہے ۔ توراۃ والوں کو توراۃ دی گئی ۔ تو انھوں نے اس پر ( صبح سے ) عمل کیا ۔ آدھے دن تک پھر وہ عاجز آ گئے ، کام پورا نہ کر سکے ، ان لوگوں کو ان کے عمل کا بدلہ ایک ایک قیراط دیا گیا ۔ پھر انجیل والوں کو انجیل دی گئی ، انھوں نے ( آدھے دن سے ) عصر تک اس پر عمل کیا ، اور وہ بھی عاجز آ گئے ۔ ان کو بھی ایک ایک قیراط ان کے عمل کا بدلہ دیا گیا ۔ پھر ( عصر کے وقت ) ہم کو قرآن ملا ۔ ہم نے اس پر سورج کے غروب ہونے تک عمل کیا ( اور کام پورا کر دیا ) ہمیں دو دو قیراط ثواب ملا ۔ اس پر ان دونوں کتاب والوں نے کہا ۔ اے ہمارے پروردگار ! انہیں تو آپ نے دو دو قیراط دئیے اور ہمیں صرف ایک ایک قیراط ۔ حالانکہ عمل ہم نے ان سے زیادہ کیا ۔ اللہ عزوجل نے فرمایا ، تو کیا میں نے اجر دینے میں تم پر کچھ ظلم کیا ۔ انھوں نے عرض کی کہ نہیں ۔ اللہ تعالیٰ نے فرمایا کہ پھر یہ ( زیادہ اجر دینا ) میرا فضل ہے جسے میں چاہوں دے سکتا ہوں ۔

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ قــ :542 ... غــ :557]
- حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني إبْرَاهِيمُ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سَالِم بنِ عَبْدِ الله عنْ أبِيهِ أنَّهُ أخْبَرَهُ أنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ إنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ العَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أوتِيَ أهْلُ التوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا حَتَّى إذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا فأُعْطُوا قِيرَاطا قِيرَاطا ثُمَّ أُوتِيَ أهْل الإِنْجِيلِ الإنْجِيلَ فَعَمِلُوا إلَى صَلاَةِ العَصْرِ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيراطا قِيرَاطا ثُمَّ أوتِينَا القُرْآنَ فَعَمِلْنَا إلَى غُرُوب الشمْسِ فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ فقَالَ أهْلُ الكِتَابَيْنِ أيْ رَبَّنَا أعْطَيْتَ هَؤُلاَءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ وأعْطَيْتَنَا قِيرَاطا قِيرَاطا وَنَحْنُ كُنَّا أكْثَرَ عَمَلاً قَالَ قَالَ الله عَزَّ وجلَّ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شيءٍ قالُوا لاَ قالَ فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ.
.


مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( إِلَى غرُوب الشَّمْس) ، فَدلَّ على أَن وَقت الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس، وَأَن من أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر قبل الْغُرُوب فقد أدْرك وَقتهَا، فليتم مَا بَقِي، وَهَذَا الْمِقْدَار بطرِيق الِاسْتِئْنَاس الإقناعي، لَا بطرِيق الْأَمر البرهاني، وَلِهَذَا قَالَ ابْن الْمُنِير: هَذَا الحَدِيث مِثَال لمنازل الْأُمَم عِنْد الله تَعَالَى، وَإِن هَذِه الْأمة أقصرها عمرا وأقلها عملا وَأَعْظَمهَا ثَوابًا.

ويستنبط مِنْهُ للْبُخَارِيّ بتكلف فِي قَوْله: ( فعملنا إِلَى غرُوب الشَّمْس،) ، فَدلَّ أَن وَقت الْعَمَل ممتد إِلَى غرُوب الشَّمْس، وَأَنه لَا يفوت، وَأقرب الْأَعْمَال الْمَشْهُور بِهَذَا الْوَقْت صَلَاة الْعَصْر، وَهُوَ من قبيل الْأَخْذ بِالْإِشَارَةِ، لَا من صَرِيح الْعبارَة، فَإِن الحَدِيث مِثَال وَلَيْسَ المُرَاد عملا خَاصّا بِهَذَا الْوَقْت، بل المُرَاد سَائِر أَعمال الْأمة من سَائِر الصَّلَوَات، وَغَيرهَا من سَائِر الْعِبَادَات فِي سَائِر مُدَّة بَقَاء الْأمة إِلَى قيام السَّاعَة، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ: بِأَن الْأَحْكَام لَا تتَعَلَّق بالأحاديث الَّتِي تَأتي لضرب الْأَمْثَال فَإِنَّهُ مَوضِع تجوز.
.

     وَقَالَ  الْمُهلب: إِنَّمَا أَدخل البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث، والْحَدِيث الَّذِي بعده، فِي هَذَا الْبابُُ لقَوْله: ( ثمَّ أوتينا الْقُرْآن فعملنا إِلَى غرُوب الشَّمْس فأعطينا قيراطين قيراطين) ، ليدل على أَنه قد يسْتَحق بِعَمَل الْبَعْض أجر الْكل، مثل الَّذِي أعطي من الْعَصْر إِلَى اللَّيْل أجر النَّهَار كُله، فَمثله كَالَّذي أعطي على رَكْعَة أدْرك وَقتهَا أجر الصَّلَاة كلهَا فِي آخر الْوَقْت.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) : فِيهِ بعد، لِأَنَّهُ لَو قَالَ: إِن ( هَذِه الْأمة أَعْطَيْت ثَلَاثَة قراريط لَكَانَ أشبه، وَلكنهَا مَا أَعْطَيْت إلاَّ بعض أجر جَمِيع النَّهَار، نعم عملت هَذِه الْأمة قَلِيلا وَأخذت كثيرا، ثمَّ هُوَ أَيْضا منفك عَن مَحل الِاسْتِدْلَال، لِأَن عمل هَذِه الْأمة آخر النَّهَار كَانَ أفضل من عمل الْمُتَقَدِّمين قبلهَا، وَلَا خلاف أَن صَلَاة الْعَصْر مُتَقَدّمَة أفضل من صلَاتهَا مُتَأَخِّرَة، ثمَّ هَذَا من الخصائص المستثناة عَن الْقيَاس، فَكيف يُقَاس عَلَيْهِ؟ أَلا ترى أَن صِيَام آخر النَّهَار لَا يقوم مقَام جملَته، وَكَذَا سَائِر الْعِبَادَات؟ انْتهى.
قلت: كل مَا ذكرُوا هَهُنَا لَا يَخْلُو عَن تعسف، وَقَوله: لَا خلاف، غير موجه، لِأَن الْخلاف مَوْجُود فِي تَقْدِيم صَلَاة الْعَصْر وتأخيرها، وَقِيَاسه على الصَّوْم كَذَلِك، لِأَن وَقت الصَّوْم لَا يتجزى، بِخِلَاف الصَّلَاة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عبد الْعَزِيز الأويسي، بِضَم الْهمزَة، مر فِي كتاب الْحِرْص على الحَدِيث، ونسبته إِلَى أويس أحد أجداده.
الثَّانِي: ابراهيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ الْقرشِي الْمدنِي.
الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الرَّابِع: سَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب.
الْخَامِس: أَبوهُ عبد الله بن عمر.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد من الْمَاضِي فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الافراد من الْمَاضِي.
وَفِيه: القَوْل.
وَفِيه: السماع.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.
وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.
وَفِيه: رِوَايَة التابعة عَن التَّابِعِيّ.
وهما: ابْن شهَاب وَسَالم.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي بابُُ الْإِجَارَة إِلَى نصف النَّهَار عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد عَن أَيُّوب عَن نَافِع بِهِ، وَأخرجه أَيْضا فِي بابُُ فضل الْقُرْآن عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن سُفْيَان عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر، وَأخرجه أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم بن عبد الله، وَأخرجه أَيْضا فِي بابُُ مَا ذكر عَن بني إِسْرَائِيل عَن قُتَيْبَة عَن لَيْث عَن نَافِع بِهِ.
وَأخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ أَيْضا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( إِنَّمَا بقاؤكم فِيمَا سلف من الْأُمَم قبلكُمْ) ، ظَاهره لَيْسَ بِمُرَاد، لِأَن ظَاهره أَن بَقَاء هَذِه الْأمة وَقع فِي زمَان الْأُمَم السالفة، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَن نسبتكم إِلَيْهِم كنسبة وَقت الْعَصْر إِلَى تَمام النَّهَار، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: ( إِنَّمَا أجلكم فِي أجل من خلا من الْأُمَم كَمَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى مغرب الشَّمْس) .
قَوْله: ( إِلَى غرُوب الشَّمْس) ، كَانَ الْقيَاس أَن يُقَال: وغروب الشَّمْس، بِالْوَاو، لِأَن: بَين، يَقْتَضِي دُخُوله على مُتَعَدد، وَلَكِن المُرَاد من الصَّلَاة وَقت الصَّلَاة، وَله أَجزَاء، فَكَأَنَّهُ قَالَ: بَين أَجزَاء وَقت صَلَاة الْعَصْر.
قَوْله: ( أُوتِيَ أهل التَّوْرَاة) ، أُوتِيَ: على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: أعطي، فالتوراة الأولى مجرورة بِالْإِضَافَة، وَالثَّانيَِة مَنْصُوبَة على أَنه مفعول ثَان، قيل: اشتقاق التَّوْرَاة من الوري، ووزنها: تفعلة،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل إسمان أعجميان، وتكلف اشتقاقهما من الوري والنجل، ووزنهما: تفعلة وإفعيل، إِنَّمَا يَصح بعد كَونهمَا عربيين.
وَقَرَأَ الْحسن: الأنجيل، بِفَتْح الْهمزَة، وَهُوَ دَلِيل على العجمة، لِأَن: أفعيل، بِفَتْح الْهمزَة عديم فِي أوزان الْعَرَب.
قَوْله: ( عجزوا) ، قَالَ الدَّاودِيّ: قَالَه أَيْضا فِي النَّصَارَى، فَإِن كَانَ المُرَاد من مَاتَ مِنْهُم مُسلما فَلَا يُقَال: عجزوا، لِأَنَّهُ عمل مَا أَمر بِهِ، وَإِن كَانَ قَالَه فِيمَن آمن ثمَّ كفر فَكيف يعْطى القيراط من حَبط عمله بِكفْر؟ وَأجِيب: بِأَن المُرَاد: من مَاتَ مِنْهُم مُسلما قبل التَّغْيِير والتبديل، وَعبر بِالْعَجزِ لكَوْنهم لم يستوفوا عمل النَّهَار كُله، وَإِن كَانُوا قد استوفوا مَا قدر لَهُم، فَقَوله: عجزوا، أَي: عَن إِحْرَاز الْأجر الثَّانِي دون الأول، لَكِن من أدْرك مِنْهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وآمن بِهِ أعطي الْأجر مرَّتَيْنِ.
قَوْله: ( قيراطا) هُوَ نصف دانق، وَالْمرَاد مِنْهُ: النَّصِيب والحصة، وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِيهِ فِي بابُُ اتِّبَاع الْجَنَائِز من الْإِيمَان، وَإِنَّمَا كرر لفظ القيراط ليدل على تَقْسِيم القراريط على جَمِيعهم، كَمَا هُوَ عَادَة كَلَامهم، حَيْثُ أَرَادوا تَقْسِيم الشَّيْء على مُتَعَدد.
قَوْله: ( ثمَّ أُوتِيَ أهل الْإِنْجِيل الْإِنْجِيل) الأول مجرور بِالْإِضَافَة، وَالثَّانِي مَنْصُوب على المفعولية.
قَوْله: ( فَقَالَ أهل الْكِتَابَيْنِ) أَي: التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل.
قَوْله: أَي رَبنَا)
، كلمة: أَي، من حُرُوف النداء، يَعْنِي: يَا رَبنَا، وَلَا تفَاوت فِي إِعْرَاب المنادى بَين حُرُوفه.
قَوْله: ( وَنحن كُنَّا أَكثر عملا) ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: إِنَّمَا قَالَت النَّصَارَى ( : نَحن أَكثر عملا لأَنهم آمنُوا بمُوسَى وَعِيسَى، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قلت: النَّصَارَى لم يُؤمنُوا بمُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على ذَلِك جمَاعَة الإخباريين، وَأَيْضًا قَوْله: ( وَنحن كُنَّا أَكثر عملا) حِكَايَة عَن قَول أهل الْكِتَابَيْنِ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قَول الْيَهُود ظَاهر، لِأَن الْوَقْت من الصُّبْح إِلَى الظّهْر أَكثر من وَقت الْعَصْر إِلَى الْمغرب، وَقَول النَّصَارَى لَا يَصح إلاَّ على مَذْهَب الْحَنَفِيَّة، حَيْثُ يَقُولُونَ: الْعَصْر هُوَ مصير ظلّ الشَّيْء مثلَيْهِ، وَهَذَا من جملَة أدلتهم على مَذْهَبهم.
قلت: هَذَا الَّذِي ذكره هُوَ قَول أبي حنيفَة وَحده، وَغَيره من أَصْحَابه يَقُولُونَ مثله، وَيُمكن أَن يُقَال: إِنَّمَا أسْند الأكثرية إِلَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَإِن كَانَ فِي إِحْدَاهمَا بطرِيق التغليب، وَيُقَال: لَا يلْزم من كَونهم أَكثر عملا أَكثر زَمَانا، لاحْتِمَال كَون الْعَمَل أَكثر فِي الزَّمَان الْأَقَل.
قَوْله: هَل ظلمتكم؟)
أَي: هَل نقصتكم؟ إِذْ الظُّلم قد يكون بِزِيَادَة الشَّيْء، وَقد يكون بنقصانه.
وَفِي بعض النّسخ: ( أظلمتكم؟) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام، وَهُوَ أَيْضا بِمَعْنى: هَل ظلمتكم؟ أَي: فِي الَّذِي شرطت لكم شَيْئا؟ .

ذكر مَا يستنبط مِنْهُ فِيهِ: تَفْضِيل هَذِه الْأمة وتوفر أجرهَا مَعَ قلَّة الْعَمَل، وَإِنَّمَا فضلت بِقُوَّة يقينها ومراعاة أصل دينهَا، فَإِن زلت فَأكْثر زللها فِي الْفُرُوع، بِخِلَاف من كَانَ قبلهم كَقَوْلِهِم: { اجْعَل لنا إلاها} ( الْأَعْرَاف: 138) .
وكامتناعهم من أَخذ الْكتاب حَتَّى نتق الْجَبَل فَوْقهم، و: { فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا} ( الْمَائِدَة: 54) .

وَفِيه: مَا استنبطه أَبُو زيد الدبوسي فِي ( كتاب الْأَسْرَار) من أَن وَقت الْعَصْر إِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ قَرِيبا من أول الْعَاشِرَة، فَيكون إِلَى الْمغرب ثَلَاث سَاعَات غير شَيْء يسير، وَتَكون النَّصَارَى أَيْضا عمِلُوا ثَلَاث سَاعَات وشيئا يَسِيرا، وَهَذَا من أول الزَّوَال إِلَى أول السَّاعَة الْعَاشِرَة، وَهُوَ إِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ، وَاعْترض على هَذَا بِأَن النَّصَارَى لم تقله، وَإِنَّمَا قَالَه الْفَرِيقَانِ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى، ووقتهم أَكثر من وقتنا، فيستقيم قَوْلهم: أَكثر عملا؟ وَأجِيب: بِأَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى لَا يتفقان على قَول وَاحِد، بل قَالَت النَّصَارَى: كُنَّا أَكثر عملا وَأَقل عَطاء، وَكَذَا الْيَهُود، بِاعْتِبَار كَثْرَة الْعَمَل وَطوله، وَنقل بَعضهم كَلَام أبي زيد هَكَذَا، ثمَّ قَالَ: تمسك بِهِ بعض الْحَنَفِيَّة كَأبي زيد إِلَى أَن وَقت الْعَصْر من مصير ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَو كَانَ ظلّ كل شَيْء مثله لَكَانَ مُسَاوِيا لوقت الظّهْر، وَقد قَالُوا: كُنَّا أَكثر عملا، فَدلَّ على أَنه دون وَقت الظّهْر.
ثمَّ قَالَ: وَأجِيب بِمَنْع الْمُسَاوَاة، وَذَلِكَ مَعْرُوف عِنْد أهل الْعلم بِهَذَا الْفَنّ، وَهُوَ أَن الْمدَّة بَين الظّهْر وَالْعصر أطول من الْمدَّة الَّتِي بَين الْعَصْر وَالْمغْرب.
انْتهى.
قلت: لَا يخفى على كل أحد أَن وَقت الْعَصْر، لَو كَانَ بمصير ظلّ كل شَيْء مثله، يكون وَقت الظّهْر الَّذِي يَنْتَهِي إِلَى مصير ظلّ كل شَيْء مثله، مثل وَقت الْعَصْر الَّذِي نقُول: وقته بمصير ظلّ كل شَيْء مثله، وَمَعَ هَذَا أَبُو زيد مَا ادّعى الْمُسَاوَاة بالتحقيق، ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: وعَلى التَّنْزِيل لَا يلْزم من التَّمْثِيل والتشبيه التَّسْوِيَة من كل جِهَة.
قلت: مَا ادّعى هُوَ التَّسْوِيَة من كل جِهَة حَتَّى يعْتَرض عَلَيْهِ.

وَفِيه: مَا استنبطه بَعضهم أَن مُدَّة الْمُسلمين من حِين ولد سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قيام السَّاعَة ألف سنة، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ جعل النَّهَار نِصْفَيْنِ الأول للْيَهُود، فَكَانَت مدتهم ألف سنة وسِتمِائَة سنة وَزِيَادَة فِي قَول ابْن عَبَّاس، رَوَاهُ أَبُو صَالح عَنهُ، وَفِي قَول ابْن إِسْحَاق: ألف سنة وَتِسْعمِائَة سنة وتسع عشرَة سنة، وَلِلنَّصَارَى كَذَلِك، فَجَاءَت مُدَّة النَّصَارَى لَا يخْتَلف النَّاس أَنه كَانَ بَين عِيسَى وَنَبِينَا صلوَات الله على نَبينَا وَعَلِيهِ سِتّمائَة سنة، فَبَقيَ للْمُسلمين ألف سنة وَزِيَادَة، وَفِيه نظر، من حَيْثُ إِن الْخلاف فِي مُدَّة الفترة، فَذكر الْحَاكِم فِي ( الإكليل) أَنَّهَا مائَة وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ سنة، وَذكر أَنَّهَا أَرْبَعمِائَة سنة، وَقيل: خَمْسمِائَة وَأَرْبَعُونَ سنة.
وَعَن الضَّحَّاك أَرْبَعمِائَة وبضع وَثَلَاثُونَ سنة، وَقد ذكر السُّهيْلي عَن جَعْفَر بن عبد الْوَاحِد الْهَاشِمِي: أَن جعفرا حدث بِحَدِيث مَرْفُوع: ( إِن أَحْسَنت أمتِي فبقاؤها يَوْم من أَيَّام الْآخِرَة، وَذَلِكَ ألف سنة، وَإِن أساءت فَنصف يَوْم) .
وَفِي حَدِيث زمل الْخُزَاعِيّ، قَالَ: ( رَأَيْتُك يَا رَسُول الله على مِنْبَر لَهُ سبع دَرَجَات، وَإِلَى جَنْبك نَاقَة عجفاء كَأَنَّك تبعتها، ففسر لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاقة بِقِيَام السَّاعَة الَّتِي أنذر بهَا، ودرجات الْمِنْبَر عدَّة الدُّنْيَا: سَبْعَة آلَاف سنة، بعث فِي آخرهَا ألفا) قَالَ السُّهيْلي: والْحَدِيث، وَإِن كَانَ ضَعِيف الْإِسْنَاد، فقد رُوِيَ مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس من طرق صِحَاح، أَنه قَالَ: ( الدُّنْيَا سَبْعَة أَيَّام، كل يَوْم ألف سنة) ، وَصحح الطَّبَرِيّ هَذَا الأَصْل وعضده بآثار.

وَفِيه: مَا اسْتدلَّ بِهِ بعض أَصْحَابنَا على أَن آخر وَقت الظّهْر ممتد إِلَى أَن يصير ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنه جعل لنا من الزَّمَان من الدُّنْيَا فِي مُقَابلَة من كَانَ قبلنَا من الْأُمَم بِقدر مَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس، وَهُوَ يدل أَن بَينهمَا أقل من ربع النَّهَار، لِأَنَّهُ لم يبْق من الدُّنْيَا ربع الزَّمَان، لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( بعثت أَنا والساعة كهاتين، وَأَشَارَ بالسبابُة وَالْوُسْطَى) ، فَشبه مَا بَقِي من الدُّنْيَا إِلَى قيام السَّاعَة مَعَ مَا انْقَضى بِقدر مَا بَين السبابَُة وَالْوُسْطَى من التَّفَاوُت.
قَالَ السُّهيْلي: وَبَينهمَا نصف سبع، لِأَن الْوُسْطَى ثَلَاثَة أَسْبَاع، كل مفصل مِنْهَا سبع، وزيادتها على السبابَُة نصف سبع، وَالدُّنْيَا على مَا قدمْنَاهُ عَن ابْن عَبَّاس سَبْعَة آلَاف سنة، فَلِكُل سبع ألف سنة، وفضلت الْوُسْطَى على السبابَُة بِنصْف الْأُنْمُلَة، وَهُوَ ألف سنة فِيمَا ذكره أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ وَغَيره، وَزعم السُّهيْلي: أَنه بِحِسَاب الْحُرُوف الْمُقطعَة أَوَائِل السُّور تكون تِسْعمائَة سنة وَثَلَاث سِنِين، وَهل هِيَ من مبعثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو هجرته أَو وَفَاته؟ وَالله أعلم.