هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
511 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنِ الأَعْمَشِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي شَقِيقٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الفِتْنَةِ ، قُلْتُ أَنَا كَمَا قَالَهُ : قَالَ : إِنَّكَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ ، قُلْتُ : فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ ، قَالَ : لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ ، وَلَكِنِ الفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ البَحْرُ ، قَالَ : لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا ، قَالَ : أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ ؟ قَالَ : يُكْسَرُ ، قَالَ : إِذًا لاَ يُغْلَقَ أَبَدًا ، قُلْنَا : أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ البَابَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، كَمَا أَنَّ دُونَ الغَدِ اللَّيْلَةَ ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ ، فَقَالَ : البَابُ عُمَرُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
511 حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى ، عن الأعمش ، قال : حدثني شقيق ، قال : سمعت حذيفة ، قال : كنا جلوسا عند عمر رضي الله عنه ، فقال : أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة ، قلت أنا كما قاله : قال : إنك عليه أو عليها لجريء ، قلت : فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره ، تكفرها الصلاة والصوم والصدقة ، والأمر والنهي ، قال : ليس هذا أريد ، ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر ، قال : ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين ، إن بينك وبينها بابا مغلقا ، قال : أيكسر أم يفتح ؟ قال : يكسر ، قال : إذا لا يغلق أبدا ، قلنا : أكان عمر يعلم الباب ؟ قال : نعم ، كما أن دون الغد الليلة ، إني حدثته بحديث ليس بالأغاليط فهبنا أن نسأل حذيفة ، فأمرنا مسروقا فسأله ، فقال : الباب عمر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن حُذَيْفَةَ ، قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الفِتْنَةِ ، قُلْتُ أَنَا كَمَا قَالَهُ : قَالَ : إِنَّكَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ ، قُلْتُ : فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ ، قَالَ : لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ ، وَلَكِنِ الفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ البَحْرُ ، قَالَ : لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا ، قَالَ : أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ ؟ قَالَ : يُكْسَرُ ، قَالَ : إِذًا لاَ يُغْلَقَ أَبَدًا ، قُلْنَا : أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ البَابَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، كَمَا أَنَّ دُونَ الغَدِ اللَّيْلَةَ ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ ، فَقَالَ : البَابُ عُمَرُ .

Narrated Shaqiq:

that he had heard Hudhaifa saying, Once I was sitting with `Umar and he said, 'Who amongst you remembers the statement of Allah's Messenger (ﷺ) about the afflictions?' I said, 'I know it as the Prophet (ﷺ) had said it.' `Umar said, 'No doubt you are bold.' I said, 'The afflictions caused for a man by his wife, money, children and neighbor are expiated by his prayers, fasting, charity and by enjoining (what is good) and forbidding (what is evil).' `Umar said, 'I did not mean that but I asked about that affliction which will spread like the waves of the sea.' I (Hudhaifa) said, 'O leader of the faithful believers! You need not be afraid of it as there is a closed door between you and it.' `Umar asked, Will the door be broken or opened?' I replied, 'It will be broken.' `Umar said, 'Then it will never be closed again.' I was asked whether `Umar knew that door. I replied that he knew it as one knows that there will be night before the tomorrow morning. I narrated a Hadith that was free from any misstatement The subnarrator added that they deputized Masruq to ask Hudhaifa (about the door). Hudhaifa said, The door was `Umar himself.

":"ہم سے مسدد بن مسرہد نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے یحییٰ بن سعید قطان نے اعمش کی روایت سے بیان کیا ، اعمش ( سلیمان بن مہران ) نے کہا کہ مجھ سے شقیق بن مسلمہ نے بیان کیا ، شقیق نے کہا کہ میں نے حذیفہ بن یمان رضی اللہ عنہ سے سنا ۔ حذیفہ رضی اللہ عنہ نے فرمایا کہہم حضرت عمر رضی اللہ عنہ کی خدمت میں بیٹھے ہوئے تھے کہ آپ نے پوچھا کہ فتنہ سے متعلق رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی کوئی حدیث تم میں سے کسی کو یاد ہے ؟ میں بولا ، میں نے اسے ( اسی طرح یاد رکھا ہے ) جیسے آنحضور صلی اللہ علیہ وسلم نے اس حدیث کو بیان فرمایا تھا ۔ حضرت عمر رضی اللہ عنہ بولے ، کہ تم رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے فتن کو معلوم کرنے میں بہت بے باک تھے ۔ میں نے کہا کہ انسان کے گھر والے ، مال اولاد اور پڑوسی سب فتنہ ( کی چیز ) ہیں ۔ اور نماز ، روزہ ، صدقہ ، اچھی بات کے لیے لوگوں کو حکم کرنا اور بری باتوں سے روکنا ان فتنوں کا کفارہ ہیں ۔ حضرت عمر رضی اللہ عنہ نے فرمایا کہ میں تم سے اس کے متعلق نہیں پوچھتا ، مجھے تم اس فتنہ کے بارے میں بتلاؤ جو سمندر کی موج کی طرح ٹھاٹھیں مارتا ہوا بڑھے گا ۔ اس پر میں نے کہا کہ یا امیرالمؤمنین ! آپ اس سے خوف نہ کھائیے ۔ آپ کے اور فتنہ کے درمیان ایک بند دروازہ ہے ۔ پوچھا کیا وہ دروازہ توڑ دیا جائے گا یا ( صرف ) کھولا جائے گا ۔ میں نے کہا کہ توڑ دیا جائے گا ۔ حضرت عمر رضی اللہ عنہ بول اٹھے ، کہ پھر تو وہ کبھی بند نہیں ہو سکے گا ۔ شقیق نے کہا کہ ہم نے حذیفہ رضی اللہ عنہ سے پوچھا ، کیا حضرت عمر رضی اللہ عنہ اس دروازہ کے متعلق کچھ علم رکھتے تھے تو انھوں نے کہا کہ ہاں ! بالکل اسی طرح جیسے دن کے بعد رات کے آنے کا ۔ میں نے تم سے ایک ایسی حدیث بیان کی ہے جو قطعاً غلط نہیں ہے ۔ ہمیں اس کے متعلق حذیفہ رضی اللہ عنہ سے پوچھنے میں ڈر ہوتا تھا ( کہ دروازہ سے کیا مراد ہے ) اس لیے ہم نے مسروق سے کہا ( کہ وہ پوچھیں ) انھوں نے دریافت کیا تو آپ نے بتایا کہ وہ دروازہ خود حضرت عمر رضی اللہ عنہ ہی تھے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [525] قَوْله سَمِعت حُذَيْفَة لِلْمُسْتَمْلِي حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ .

     قَوْلُهُ  فِي الْفِتْنَةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِطْلَاقِ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَإِرَادَةِ الْخَاصِّ إِذْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ إِلَّا عَنْ فِتْنَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَمَعْنَى الْفِتْنَةِ فِي الْأَصْلِ الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَانُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ فِي كُلِّ أَمْرٍ يَكْشِفُهُ الِامْتِحَانُ عَنْ سُوءٍ وَتُطْلَقُ عَلَى الْكُفْرِ وَالْغُلُوِّ فِي التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ وَعَلَى الْفَضِيحَةِ وَالْبَلِيَّةِ وَالْعَذَابِ وَالْقِتَالِ وَالتَّحَوُّلِ مِنَ الْحَسَنِ إِلَى الْقَبِيحِ وَالْمَيْلِ إِلَى الشَّيْءِ وَالْإِعْجَابِ بِهِ وَتَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فتْنَة .

     قَوْلُهُ  أَنَا كَمَا قَالَهُ أَيْ أَنَا أَحْفَظُ مَا قَالَهُ وَالْكَافُ زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ هِيَ بِمَعْنَى عَلَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْمِثْلِيَّةُ أَيْ أَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَهُ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ أَيْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى الْمَقَالَةِ وَالشَّكُّ مِنْ أَحَدِ رُوَاتِهِ .

     قَوْلُهُ  الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ أَيِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الزَّكَاةِ .

     قَوْلُهُ  قُلْنَا هُوَ مَقُولُ شَقِيقٍ وَقَوله أَنِّي حدثته هُوَ مقول حُذَيْفَة والاغاليط جَمْعُ أُغْلُوطَةٍ وَقَولُهُ فَهَبْنَا أَيْ خِفْنَا وَهُوَ مَقُولُ شَقِيقٍ أَيْضًا وَقَولُهُ الْبَابُ عُمَرُ لَا يُغَايِرُ قَوْلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفِتْنَةِ بَابًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا أَيْ بَيْنَ زَمَانِكَ وَبَيْنَ زَمَانِ الْفِتْنَةِ وُجُودُ حَيَاتِكَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [525] حدثنا مسدد: ثنا يحيى، عن الأعمش: حدثني شقيق: حدثني حذيفة، قال: كنا جلوساً عند عمر، فقال: أيكم يحفظ قول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الفتنة؟ قلت: أنا كما قاله.
قال: إنك عليه - أو عليها - لجريء.
قلت: فتنة الرجل في أهله وماله ولده وجاره، تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنهي.
قال: ليس هذا أريد، ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر.
قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها باباً مغلقاً.
قال: يكسر أم يفتح؟ قال: يكسر.
قال: إذن لا يغلق أبداً.
قلنا: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم، كما أن دون غد الليلة، إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط، فهبنا أن نسأل حذيفة، فأمرنا مسروقاً فسأله، فقال: الباب عمر.
أصل الفتنة: الابتلاء والامتحان والاختبار، ويكونتارةً بما يسوء، وتارة بما يسر، كما قال تعالى: { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35] ، وقال: { وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168] .
وغلب في العرف استعمال الفتنة في الوقوع فيما يسوء.
والفتنة نوعان: أحدهما: خاصة، تختص بالرجل في نفسه.
والثاني: عامة، تعم الناس.
فالفتنة الخاصة: ابتلاء الرجل في خاصة نفسه بأهله وماله وولده وجاره، وقد قال [تعالى] : { ?إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] ؛ فإن ذلك غالباً يلهي عن طلب الآخرة والاستعداد لها، ويشغل عن ذلك.
ولما كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب على المنبر، ورأى الحسن والحسين يمشيان ويعثران وهما صغيران، نزل فحملهما، ثم قال: ( ( صدق الله ورسوله، { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} ، إني رأيت هذين الغلامين يمشيان ويعثران فلم أصبر) ) .
وقد ذم الله تعالى من ألهاه ماله وولده عن ذكره، فقال: { لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9] .
فظهر بهذا: أن الأنسان يبتلى بماله وولده وأهلهوبجاره المجاور له، ويفتتن بذلك، فتارةً يلهيه الاشتغال به عما ينفعه في آخرته، وتارةً تحمله محبته على أن يفعل لأجله بعض ما لا يحبه الله، وتارةً يقصر في حقه الواجب عليه، وتارةً يظلمه ويأتي إليه ما يكرهه الله من قول أو فعل، فيسأل عنه ويطالب به.
فإذا حصل للأنسان شيء من هذه الفتن الخاصة، ثم صلى أو صام أو تصدق أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر كان ذلك كفارةً له، وإذا كان الأنسان تسوؤه سيئته، ويعمل لأجلها عملاً صالحاً كان ذلك دليلاً على إيمانه.
وفي " مسند بقي بن مخلد"، عن رجل سأل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما الإيمان يا رسول الله؟ قال: ( ( أن تؤمن بالله ورسوله) ) ، فأعادها ثلاثا، فقال له في الثالثة: ( ( أتحب أن أخبرك ما صريح الإيمان؟) ) فقال: ذلك الذي أردت.
فقال: ( ( إن صريح الإيمان إذا أسأت أو ظلمت أحداً: عبدك أو أمتك، أو واحداً من الناس، صمت أو تصدقت وإذا أحسنت استبشرت) ) .
وأماالفتن العامة: فهي التي تموج موج البحر، وتضطرب، ويتبع بعضها بعضاً كأمواج البحر، فكان أولهما فتنة قتل عثمان – رضي الله عنه -، وما نشأ منها من افتراق قلوب المسلمين، وتشعب أهوائهم وتكفير بعضهم بعضاً، وسفك بعضهم دماء بعض، وكان الباب المغلق الذي بين الناس وبين الفتن عمر - رضي الله عنه -، وكان قتل عمر كسراً لذلك الباب، فلذلك لم يغلق ذلك الباب بعده أبداً.
وكان حذيفة أكثر الناس سؤالاً للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الفتن، وأكثر الناس علماً بها، فكان عنده عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علم بالفتن العامة والخاصة، وهو حدث عمر تفاصيل الفتن العامة، وبالباب الذي بين الناس وبينها، وأنه هو عمر، ولهذا قال: إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط، والأغاليط: جمع أغلوطة، وهي التي يغالط بها، واحدها: أغلوطة ومغلطة، والمعنى: أنه حدثه حديثاً حقاً، ليس فيه مرية، ولا إيهام.
وهذا مما يستدل به على أن رواية مثل حذيفة يحصل بها لمن سمعها العلم اليقيني الذي لا شك فيه؛ فإن حذيفة ذكر أن عمر علم ذلك وتيقنه كما تيقن أن دون غد الليلة لما حدثه به من الحديث الذي لا يحتمل غير الحق والصدق.
وقد كانت الصحابة تعرف في زمان عمر أن بقاء عمر أمان للناس من الفتن.
وفي "مسند الإمام أحمد" أن خالد بن الوليد لما عزله عمر، قال له رجل: اصبر أيها الأمير، فإن الفتن قد ظهرت.
فقال خالد: وابن الخطاب حي! إنما يكون بعده - رضي الله عنهما -.
وقد روي من حديث عثمان بن مظعون، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سمى عمر: غلق الفتنة، وقال: ( ( لا يزال بينكم وبين الفتنة باب شديد الغلق ما عاش هذا بين أظهركم) ) .
خرجه البزار.
وروي نحوه من حديث أبي ذر.
وروى كعب، أنه قال لعمر: أجدك مصراع الفتنة، فإذا فتح لم يغلق أبداً.
الحديث الثاني:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الصَّلَاةِ كَفَّارَةٌ)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْمُسْتَمْلِي بَابُ تَكْفِيرِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ الْقطَّان وشقيق هُوَ بن سَلمَة أَبُو وَائِل

[ قــ :511 ... غــ :525] قَوْله سَمِعت حُذَيْفَة لِلْمُسْتَمْلِي حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ .

     قَوْلُهُ  فِي الْفِتْنَةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِطْلَاقِ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَإِرَادَةِ الْخَاصِّ إِذْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ إِلَّا عَنْ فِتْنَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَمَعْنَى الْفِتْنَةِ فِي الْأَصْلِ الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَانُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ فِي كُلِّ أَمْرٍ يَكْشِفُهُ الِامْتِحَانُ عَنْ سُوءٍ وَتُطْلَقُ عَلَى الْكُفْرِ وَالْغُلُوِّ فِي التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ وَعَلَى الْفَضِيحَةِ وَالْبَلِيَّةِ وَالْعَذَابِ وَالْقِتَالِ وَالتَّحَوُّلِ مِنَ الْحَسَنِ إِلَى الْقَبِيحِ وَالْمَيْلِ إِلَى الشَّيْءِ وَالْإِعْجَابِ بِهِ وَتَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فتْنَة .

     قَوْلُهُ  أَنَا كَمَا قَالَهُ أَيْ أَنَا أَحْفَظُ مَا قَالَهُ وَالْكَافُ زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ هِيَ بِمَعْنَى عَلَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْمِثْلِيَّةُ أَيْ أَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَهُ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ أَيْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى الْمَقَالَةِ وَالشَّكُّ مِنْ أَحَدِ رُوَاتِهِ .

     قَوْلُهُ  الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ أَيِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الزَّكَاةِ .

     قَوْلُهُ  قُلْنَا هُوَ مَقُولُ شَقِيقٍ وَقَوله أَنِّي حدثته هُوَ مقول حُذَيْفَة والاغاليط جَمْعُ أُغْلُوطَةٍ وَقَولُهُ فَهَبْنَا أَيْ خِفْنَا وَهُوَ مَقُولُ شَقِيقٍ أَيْضًا وَقَولُهُ الْبَابُ عُمَرُ لَا يُغَايِرُ قَوْلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفِتْنَةِ بَابًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا أَيْ بَيْنَ زَمَانِكَ وَبَيْنَ زَمَانِ الْفِتْنَةِ وُجُودُ حَيَاتِكَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
الصلاة كفارة
فيه حديثان:
الأول: كفارة الصلاة:
قال:
[ قــ :511 ... غــ :525 ]
- حدثنا مسدد: ثنا يحيى، عن الأعمش: حدثني شقيق: حدثني حذيفة، قال: كنا جلوساً عند عمر، فقال: أيكم يحفظ قول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الفتنة؟ قلت: أنا كما قاله.
قال: إنك عليه - أو عليها - لجريء.
قلت: فتنة الرجل في أهله وماله ولده وجاره، تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنهي.
قال: ليس هذا أريد، ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر.
قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها باباً مغلقاً.
قال: يكسر أم يفتح؟ قال: يكسر.
قال: إذن لا يغلق أبداً.

قلنا: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم، كما أن دون غد الليلة، إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط، فهبنا أن نسأل حذيفة، فأمرنا مسروقاً فسأله، فقال: الباب عمر.

أصل الفتنة: الابتلاء والامتحان والاختبار، ويكون تارةً بما يسوء، وتارة بما يسر، كما قال تعالى: { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35] ، وقال: { وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168] .

وغلب في العرف استعمال الفتنة في الوقوع فيما يسوء.

والفتنة نوعان: أحدهما: خاصة، تختص بالرجل في نفسه.
والثاني: عامة، تعم الناس.

فالفتنة الخاصة: ابتلاء الرجل في خاصة نفسه بأهله وماله وولده وجاره، وقد قال [تعالى] : { ?إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] ؛ فإن ذلك غالباً يلهي عن طلب الآخرة والاستعداد لها، ويشغل عن ذلك.

ولما كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب على المنبر، ورأى الحسن والحسين يمشيان ويعثران
وهما صغيران، نزل فحملهما، ثم قال: ( ( صدق الله ورسوله، { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} ، إني رأيت هذين الغلامين يمشيان ويعثران فلم أصبر) ) .

وقد ذم الله تعالى من ألهاه ماله وولده عن ذكره، فقال: { لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9] .

فظهر بهذا: أن الأنسان يبتلى بماله وولده وأهله وبجاره المجاور له، ويفتتن بذلك، فتارةً يلهيه الاشتغال به عما ينفعه في آخرته، وتارةً تحمله محبته على أن يفعل لأجله بعض ما لا يحبه الله، وتارةً يقصر في حقه الواجب عليه، وتارةً يظلمه ويأتي إليه ما يكرهه الله من قول أو فعل، فيسأل عنه ويطالب به.

فإذا حصل للأنسان شيء من هذه الفتن الخاصة، ثم صلى أو صام أو تصدق أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر كان ذلك كفارةً له، وإذا كان الأنسان تسوؤه سيئته، ويعمل لأجلها عملاً صالحاً كان ذلك دليلاً على إيمانه.

وفي " مسند بقي بن مخلد"، عن رجل سأل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما الإيمان يا رسول الله؟ قال: ( ( أن تؤمن بالله ورسوله) ) ، فأعادها ثلاثا، فقال له في الثالثة: ( ( أتحب أن أخبرك ما صريح الإيمان؟) ) فقال: ذلك الذي أردت.
فقال: ( ( إن صريح الإيمان إذا أسأت أو ظلمت أحداً: عبدك أو أمتك، أو واحداً من الناس، صمت أو تصدقت وإذا أحسنت استبشرت) ) .

وأماالفتن العامة: فهي التي تموج موج البحر، وتضطرب، ويتبع بعضها بعضاً كأمواج البحر، فكان أولهما فتنة قتل عثمان – رضي الله عنه -، وما نشأ منها من افتراق قلوب المسلمين، وتشعب أهوائهم وتكفير بعضهم بعضاً، وسفك بعضهم دماء بعض، وكان الباب المغلق الذي بين الناس وبين الفتن عمر - رضي الله عنه -، وكان قتل عمر كسراً لذلك الباب، فلذلك لم يغلق ذلك الباب بعده أبداً.
وكان حذيفة أكثر الناس سؤالاً للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الفتن، وأكثر الناس علماً بها، فكان عنده عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علم بالفتن العامة والخاصة، وهو حدث عمر تفاصيل الفتن العامة، وبالباب الذي بين الناس وبينها، وأنه هو عمر، ولهذا قال: إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط، والأغاليط: جمع أغلوطة، وهي التي يغالط بها، واحدها: أغلوطة ومغلطة، والمعنى: أنه حدثه حديثاً حقاً، ليس فيه مرية، ولا إيهام.

وهذا مما يستدل به على أن رواية مثل حذيفة يحصل بها لمن سمعها العلم اليقيني الذي لا شك فيه؛ فإن حذيفة ذكر أن عمر علم ذلك وتيقنه كما تيقن أن دون غد الليلة لما حدثه به من الحديث الذي لا يحتمل غير الحق والصدق.

وقد كانت الصحابة تعرف في زمان عمر أن بقاء عمر أمان للناس من الفتن.

وفي "مسند الإمام أحمد" أن خالد بن الوليد لما عزله عمر، قال له رجل: اصبر أيها الأمير، فإن الفتن قد ظهرت.
فقال خالد: وابن الخطاب حي! إنما يكون بعده - رضي الله عنهما -.

وقد روي من حديث عثمان بن مظعون، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سمى عمر: غلق الفتنة، وقال: ( ( لا يزال بينكم وبين الفتنة باب شديد الغلق ما عاش هذا بين أظهركم) ) .
خرجه البزار.

وروي نحوه من حديث أبي ذر.

وروى كعب، أنه قال لعمر: أجدك مصراع الفتنة، فإذا فتح لم يغلق أبداً.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الصَّلاَةُ كَفَّارَةٌ
هذا ( باب) بالتنوين ( الصلاة كفارة) للخطايا، ولأبي ذر والمستملي وفي نسخة للأصيلي باب تكفير الصلاة لإضافة باب لتاليه.



[ قــ :511 ... غــ : 525 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ قَالَ: "كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ -رضي الله عنه- فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أَنَا، كَمَا قَالَهُ، قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ! أَوْ عَلَيْهَا -لَجَرِيءٌ.
قُلْتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ.
قَالَ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، وَلَكِنِ الْفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ.
قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا.
قَالَ: يُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ.
قَالَ: إِذَنْ لاَ يُغْلَقَ أَبَدًا.
قُلْنَا: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ.
إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ.
فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: الْبَابُ عُمَرُ".
[الحديث 525 - أطرافه في: 1435، 1895، 3586، 7096] .

وبالسند قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيي) القطان ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( قال: حدّثني) بالإفراد ( شقيق) أبو وائل بن سلمة الأسدي ( قال: سمعت حذيفة) بن اليمان، وللمستملي حدّثني بالإفراد حذيفة رضي الله عنه حال كونه ( قال) :
( كنّا جلوسًا) أي جالسين ( عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: أيّكم يحفظ قول رسول الله) ولأبي ذر والأصيلي النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الفتنة) المخصوصة وهي في الأصل الاختبار والامتحان.
قال حذيفة رضي الله عنه: ( قلت: أنا) أحفظ ( كما قاله) أي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والكاف في كما زائدة للتأكيد ( قال) عمر لحذيفة: ( إنك عليه) أي على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أو عليها) على المقالة ( لجريء) بوزن فعيل من الجرأة أي جسور مقدام قاله على جهة الإنكار والشك من حذيفة أو من غيره من الرواة.
قال

حذيفة: ( قلت) هي ( فتنة الرجل في أهله) بأن يأتي من أجلهم بما لا يحل من القول والفعل.

( و) فتنته في ( ماله) بأن يأخذه من غير مأخذه ويصرفه في غير مصرفه، ( و) فتنته في ( ولده) بفرط المحبة والشغل به عن كثير من الخيرات أو التوغّل في الاكتساب من أجلهم من غير اتقاء المحرمات ( و) فتنته في ( جاره) بأن يتمنى مثل حاله إن كان متسعًا مع الزوال هذه كلها ( تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر) بالمعروف.
( والنهى) عن المنكر كما صرح به في الزكاة وكلها تكفر الصغائر فقط لحديث "إن الصلاة إلى الصلاة كفّارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر" ففيه تقييد لما أطلق.

فإن قلت: إذا كانت الصغائر مكفّرة باجتناب الكبائر فما الذي تكفره الصلوات الخمس؟ أجيب: بأنه لا يتم اجتناب الكبائر إلاّ بفعل الصلوات الخمسة فإن لم يفعلها لم يكن مجتنبًا للكبائر فتوقف التكفير على فعلها.

( قال) عمر رضي الله عنه ( ليس هذا) الذي ذكرته ( أريد، ولكن) الذي أريده ( الفتنة) بالنصب مفعول فعل مقدّر أي أريد الفتنة الكبرى الكاملة ( التي تموج كما يموج البحر) أي تضطرب كاضطرابه، وما مصدرية ( قال) حذيفة لعمر: ( ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، وإن بينك وبينها بابًا) وللأربعة لبابًا ( مغلقًا) بالنصب صفة لسابقه اسم مفعول من أغلق رباعيًا أي لا يخرج شيء من الفتن في حياتك ( قال) عمر؛ ( أيكسر) هذا الباب ( أم يفتح؟ قال) حذيفة: ( يكسر.
قال)
عمر: ( إذا) جواب وجزاء أي إن انكسر ( لا يغلق أبدًا) فإن الإغلاق إنما يكون في الصحيح؛ وأما الكسر فهو هتك لا يجبر، ولذلك انخرق عليهم بقتل عثمان رضي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الفتن ما لا يغلق إلى يوم القيامة، وإذا حرف ناصب ولا يغلق منصوب بها لوجود ما اشترط في عملها وهو تصديرها، وكون الفعل مستقبلاً واتصاله بها وانفصاله عنها بالقسم أو بلا النافية لا يبطل عملها، وفي كتابة إذا بالنون خلاف وللكشميهني لا يغلق بالرفع بتقدير نحو ب الباب أو هو قال شقيق.
( قلنا) لحذيفة ( أكان عمر) رضي الله عنه ( يعلم الباب؟ قال: نعم) يعلمه ( كما) يعلم ( أن دون الغد الليلة) أي أن الليلة أقرب من الغد قيل: وإنما علمه عمر رضي الله عنه لأنه عليه الصلاة والسلام كان على حراء هو والعمران وعثمان رضي الله عنهم فاهتز فقال عليه الصلاة والسلام: "إنما عليك نبي وصديق وشهيدان" قال.
حذيفة: ( اني حدّثته) أي عمر ( بحديث) صدق عن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ليس بالأغاليط) بفتح الهمزة جمع أغلوطة بضمها.
قال شقيق: ( فهبنا) أي خفنا ( أن نسأل حذيفة) من الباب ( فأمرنا مسروقًا) هو ابن الأجدع أن يسأله ( فسأله، فقال) حذيفة: ( الباب) هو ( عمر) رضي الله عنه ولا تغاير بين "قوله" أولاً إن بينك وبينها بابًا مغلقًا، وبين قوله هنا: إنه هو الباب، لأن المراد بقوله بينك أي بين زمانك وزمان الفتنة وجود حياتك.
وعلم حذيفة بذلك مستند إلى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقرينة السياق والسؤال والجواب، وقيل: إن عمر لما رأى الأمر كان يتغير سأل عن الفتنة التي تأتي بعده خوفًا أن يدركها مع أنه علم الباب الذي تكون الفتنة بعد كسره، لكنه من شدة الخوف خشي أن يكون نسي فسأل من ذكره.


ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصريين وكوفيين، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة وعلامات النبوّة والفتن والصوم، ومسلم والترمذي وابن ماجة في الفتن.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ الصَّلاَةُ كَفَّارَةٌ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ الصَّلَاة كَفَّارَة، هَكَذَا: الصَّلَاة كَفَّارَة، فِي أَكثر الرِّوَايَات، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي بابُُ تَكْفِير الصَّلَاة الْكَفَّارَة عبارَة عَن الفعلة والخصلة الَّتِي من شَأْنهَا أَن تكفر الْخَطِيئَة أَي: تسترها وتمحوها، وَهِي على وزن: فعالة بِالتَّشْدِيدِ للْمُبَالَغَة، كقتالة وضرابة، وَهِي من الصِّفَات الْغَالِبَة فِي بابُُ الإسمية، واشتقاقها من الْكفْر بِالْفَتْح وَهُوَ تَغْطِيَة الشَّيْء بالاستهلاك، والتكفير مصدر من: كفر، بِالتَّشْدِيدِ.


[ قــ :511 ... غــ :525]
- ( حَدثنَا مُسَدّد قَالَ حَدثنَا يحيى عَن الْأَعْمَش قَالَ حَدثنِي شَقِيق قَالَ سَمِعت حُذَيْفَة قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ أَيّكُم يحفظ قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْفِتْنَة قلت أَنا كَمَا قَالَه قَالَ إِنَّك عَلَيْهِ أَو عَلَيْهَا لجريء قلت فتْنَة الرجل فِي أَهله وَمَاله وَولده وجاره تكفرها الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالصَّدَََقَة وَالْأَمر وَالنَّهْي قَالَ لَيْسَ هَذَا أُرِيد وَلَكِن الْفِتْنَة الَّتِي تموج كَمَا يموج الْبَحْر قَالَ لَيْسَ عَلَيْك مِنْهَا بَأْس يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن بَيْنك وَبَينهَا بابُُا مغلقا قَالَ أيكسر أم يفتح قَالَ يكسر قَالَ إِذا لَا يغلق أبدا قُلْنَا أَكَانَ عمر يعلم الْبابُُ قَالَ نعم كَمَا أَن دون الْغَد اللَّيْلَة إِنِّي حدثته بِحَدِيث لَيْسَ بالأغاليط فهبنا أَن نسْأَل حُذَيْفَة فَأمرنَا مسروقا فَسَأَلَهُ فَقَالَ الْبابُُ عمر) مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " تكفرها الصَّلَاة " ( ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة.
الأول مُسَدّد بن مسرهد.
الثَّانِي يحيى الْقطَّان.
الثَّالِث سُلَيْمَان الْأَعْمَش.
الرَّابِع شَقِيق بن سَلمَة الْأَسدي أَبُو وَائِل الْكُوفِي.
الْخَامِس حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه حَدثنِي حُذَيْفَة رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَفِي رِوَايَة غَيره سَمِعت حُذَيْفَة وَفِيه بصريان وهما مُسَدّد وَيحيى وكوفيان الْأَعْمَش وشقيق ( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الزَّكَاة عَن قُتَيْبَة عَن جرير وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن عمر بن حَفْص قَالَه الْمزي فِي الْأَطْرَاف وَهُوَ وهم وَإِنَّمَا أخرجه عَن عمر بن حَفْص فِي الْفِتَن وَفِي الصَّوْم عَن عَليّ بن عبد الله وَأخرجه مُسلم فِي الْفِتَن عَن ابْن نمير وَأبي بكر كِلَاهُمَا عَن أبي مُعَاوِيَة قَالَه الْمزي وَهُوَ وهم وَإِنَّمَا رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق أبي مُعَاوِيَة عَن ابْن نمير وَأبي كريب وَمُحَمّد بن الْمثنى ثَلَاثَتهمْ عَن أبي مُعَاوِيَة فَوَهم فِي ذكره لأبي بكر وَفِي إِسْقَاطه لِابْنِ الْمثنى وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْفِتَن أَيْضا عَن مَحْمُود بن غيلَان وَأخرجه ابْن ماجة فِيهِ أَيْضا عَن ابْن نمير عَن أَبِيه وَأبي مُعَاوِيَة كِلَاهُمَا عَن الْأَعْمَش ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " كُنَّا جُلُوسًا " أَي جالسين قَوْله " فِي الْفِتْنَة " وَهِي الْخِبْرَة والإعجاب بالشَّيْء فتنه يفتنه فتنا وفتونا وأفتنه وأباها الْأَصْمَعِي.

     وَقَالَ  سِيبَوَيْهٍ فتنه جعل فِيهِ فتْنَة وأفتنه أوصل الْفِتْنَة إِلَيْهِ قَالَ إِذا قَالَ أفتنته فقد تعرض الْفِتَن وَإِذا قَالَ فتنته فَلم يتَعَرَّض الْفِتَن وَحكى أَبُو زيد أفتن الرجل بِصِيغَة مَا لم يسم فَاعله أَي فتن والفتنة الضلال وَالْإِثْم وَفتن الرجل أماله عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى { وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك عَن الَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك} والفتنة الْكفْر قَالَ تَعَالَى { وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} والفتنة الفضيحة والفتنة الْعَذَاب والفتنة مَا يَقع بَين النَّاس من الْقِتَال ذكره ابْن سَيّده والفتنة البلية وأصل ذَلِك كُله من الاختبار وَأَنه من فتنت الذَّهَب فِي النَّار إِذا اختبرته وَفِي الغريبين الْفِتْنَة الغلو فِي التَّأْوِيل المظلم.

     وَقَالَ  ابْن طريف فتنته وأفتنته وَفتن بِكَسْر التَّاء فُتُونًا تحول من حسن إِلَى قَبِيح وَفتن إِلَى النِّسَاء وَفتن فِيهِنَّ أَرَادَ الْفُجُور بِهن وَفِي الجمهرة فتنت الرجل أفتنه وأفتنته إفتانا وَفِي الصِّحَاح قَالَ الْفراء أهل الْحجاز يَقُولُونَ ( مَا أَنْتُم عَلَيْهِ بفاتنين) وَأهل نجد يَقُولُونَ بمفتنين من أفتنت وَزعم عِيَاض أَنَّهَا الِابْتِلَاء والامتحان قَالَ وَقد صَار فِي عرف الْكَلَام لكل أَمر كشفه الاختبار عَن سوء وَيكون فِي الْخَيْر وَالشَّر قَالَ تَعَالَى { ونبلوكم بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فتْنَة} قَوْله " قلت أَنا كَمَا قَالَه " أَي أحفظ كَمَا قَالَه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ( فَإِن قلت) الْكَاف هَهُنَا لماذا وَهُوَ حَافظ لنَفس قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا كمثله ( قلت) يجوز أَن تكون الْكَاف هُنَا للتَّعْلِيل لِأَنَّهَا اقترنت بِكَلِمَة مَا المصدرية أَي أحفظ لأجل حفظ كَلَامه وَيجوز أَن تكون للاستعلاء يَعْنِي أحفظ على مَا عَلَيْهِ قَوْله.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي لَعَلَّه نَقله بِالْمَعْنَى فاللفظ مثل لَفظه فِي أَدَاء ذَلِك الْمَعْنى ( قلت) حَاصِل كَلَامه يؤول إِلَى معنى المثلية وَهُوَ فِي سُؤَاله نفي المثلية فَانْتفى بذلك أَن تكون الْكَاف للتشبيه.

     وَقَالَ  بَعضهم الْكَاف زَائِدَة ( قلت) هَذَا أَخذه من الْكرْمَانِي وَلم يبين وَاحِد مِنْهُمَا أَن الْكَاف إِذا كَانَت زَائِدَة مَا تكون فَائِدَته ( فَإِن قلت) لفظ أَنا مُفْرد وَهُوَ مقول قَوْله ( قلت) وَقد علم أَن مقول القَوْل يكون جملَة ( قلت) أَنا مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره أَنا أحفظ أَو أضبط أَو نَحْوهمَا قَوْله " عَلَيْهِ " أَي قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله " أَو عَلَيْهَا " أَي أَو على مقَالَته وَالشَّكّ من حُذَيْفَة قَالَه الْكرْمَانِي ( قلت) يجوز أَن يكون مِمَّن دونه قَوْله " لجريء " خبر أَن فِي قَوْله " إِنَّك " وَاللَّام للتَّأْكِيد والجريء على وزن فعيل من الجراءة وَهِي الْإِقْدَام على الشَّيْء قَوْله " فتْنَة الرجل فِي أَهله " قَالَ ابْن بطال فتْنَة الرجل فِي أَهله أَن يَأْتِي من أَجلهم مَا لَا يحل لَهُ من القَوْل أَو الْعَمَل مِمَّا لم يبلغ كَبِيرَة.

     وَقَالَ  الْمُهلب يُرِيد مَا يعرض لَهُ مَعَهُنَّ من شَرّ أَو حزن أَو شُبْهَة قَوْله " وَمَاله " فتْنَة الرجل فِي مَاله أَن يَأْخُذهُ من غير مأخذه ويصرفه فِي غير مصرفه أَو التَّفْرِيط بِمَا يلْزمه من حُقُوق المَال فتكثر عَلَيْهِ المحاسبة قَوْله " وَولده " فتْنَة الرجل فِي وَلَده فرط محبتهم وشغله بهم عَن كثير من الْخَيْر أَو التوغل فِي الِاكْتِسَاب من أَجلهم من غير اكتراث من أَن يكون من حَلَال أَو حرَام قَوْله " وجاره " فتْنَة الرجل فِي جَاره أَن يتَمَنَّى أَن يكون حَاله مثل حَاله إِن كَانَ متسعا قَالَ تَعَالَى { وَجَعَلنَا بَعْضكُم لبَعض فتْنَة} قَوْله " تكفرها الصَّلَاة " أَي تكفر فتْنَة الرجل فِي أَهله وَمَاله وَولده وجاره أَدَاء الصَّلَاة قَالَ تَعَالَى { إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} يَعْنِي الصَّلَوَات الْخمس إِذا اجْتنبت الْكَبَائِر هَذَا قَول أَكثر الْمُفَسّرين.

     وَقَالَ  مُجَاهِد هِيَ قَول العَبْد سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر قَالَ بعض المنتسبين إِلَى الْعلم من أهل عصرنا أَن الْكَبَائِر والصغائر تكفرها الصَّلَاة وَالطَّهَارَة وَاسْتدلَّ بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث وَبِحَدِيث الصنَابحِي " إِذا تَوَضَّأ خرجت الْخَطَايَا من فِيهِ " الحَدِيث.

     وَقَالَ  أَبُو عمر هَذَا جهل وموافقة للمرجئة وَكَيف يجوز أَن تحمل هَذِه الْأَخْبَار على عمومها وَهُوَ يسمع قَوْله تَعَالَى { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا} فِي آي كثير فَلَو كَانَت الطَّهَارَة وَأَدَاء الصَّلَوَات وأعمال الْبر مكفرة لما احْتَاجَ إِلَى التَّوْبَة وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي الصَّوْم وَالصَّدَََقَة وَالْأَمر وَالنَّهْي فَإِن الْمَعْنى أَنَّهَا تكفر إِذا اجْتنبت الْكَبَائِر قَوْله " وَالْأَمر " أَي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر كَمَا صرح بِهِ البُخَارِيّ فِي الزَّكَاة ( فَإِن قلت) مَا النُّكْتَة فِي تعْيين هَذِه الْأَشْيَاء الْخَمْسَة ( قلت) الْحُقُوق لما كَانَت فِي الْأَبدَان وَالْأَمْوَال والأقوال فَذكر من أَفعَال الْأَبدَان أَعْلَاهَا وَهُوَ الصَّلَاة وَالصَّوْم قَالَ الله تَعَالَى { وَإِنَّهَا لكبيرة إِلَّا على الخاشعين} وَذكر من حُقُوق الْأَمْوَال أَعْلَاهَا وَهِي الصَّدَقَة وَمن الْأَقْوَال أَعْلَاهَا وَهِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر قَوْله " تموج " من ماج الْبَحْر أَي تضطرب وَيدْفَع بَعْضهَا بَعْضهَا لعظمها وَكلمَة مَا فِي كَمَا تموج مَصْدَرِيَّة أَي كموج الْبَحْر وَهُوَ تَشْبِيه غير بليغ قَوْله " قَالَ " أَي قَالَ حُذَيْفَة قَوْله " بَأْس " أَي شدَّة قَوْله " لبابُا " ويروى " بابُُا " بِدُونِ اللَّام قَوْله " مغلقا " صفة الْبابُُ قَالَ ثَعْلَب فِي الفصيح أغلقت الْبابُُ فَهُوَ مغلق.

     وَقَالَ  ابْن درسْتوَيْه والعامة تَقول غلقت بِغَيْر ألف وَهُوَ خطأ وَذكره أَبُو عَليّ الدينَوَرِي فِي بابُُ مَا تحذف مِنْهُ الْعَامَّة الْألف.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده فِي العويص والجوهري فِي الصِّحَاح فأغلقت قَالَ الْجَوْهَرِي وَهِي لُغَة رَدِيئَة متروكة.

     وَقَالَ  ابْن هِشَام فِي شَرحه الْأَفْصَح غلقت بِالتَّشْدِيدِ قَالَ الله تَعَالَى { وغلقت الْأَبْوَاب} وَفِيه نظر لِأَن غلقت مُشَدّدَة للتكثير قَالَه الْجَوْهَرِي وَغَيره وَفِي الْمُحكم غلق الْبابُُ وأغلقه وغلقه الأولى من ابْن دريرد عزاها إِلَى أبي زيد وَهِي نادرة وَالْمَقْصُود من هَذَا الْكَلَام أَن تِلْكَ الْفِتَن لَا يخرج مِنْهَا شَيْء فِي حياتك قَوْله " قَالَ أيكسر " أَي قَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أيكسر هَذَا الْبابُُ أم يفتح قَوْله " قَالَ يكسر " أَي قَالَ حُذَيْفَة يكسر قَوْله " قَالَ إِذا لَا يغلق أبدا " أَي قَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا لَا يغلق أبدا هَذَا الْبابُُ وَإِذا هُوَ جَوَاب وَجَزَاء أَي إِذا انْكَسَرَ لَا يغلق أبدا لِأَن المكسور لَا يُعَاد بِخِلَاف المفتوح وَالْكَسْر لَا يكون غَالِبا إِلَّا عَن إِكْرَاه وَغَلَبَة وَخلاف عَادَة وَلَفظ لَا يغلق رُوِيَ مَرْفُوعا ومنصوبا وَجه الرّفْع أَن يُقَال أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَالتَّقْدِير الْبابُُ إِذا لَا يغلق وَوجه النصب أَن لَا يقدر ذَلِك فَلَا يكون مَا بعده مُعْتَمدًا على مَا قبله وَالْحَاصِل أَنه فعل مُسْتَقْبل مَنْصُوب بِإِذن وَأذن تعْمل النصب فِي الْفِعْل الْمُسْتَقْبل بِثَلَاثَة أَشْيَاء وَهِي أَن يعْتَمد مَا قبلهَا على مَا بعْدهَا وَأَن يكون الْفِعْل فعل حَال وَأَن لَا يكون مَعهَا وَاو الْعَطف وَهَذِه الثَّلَاثَة مَعْدُومَة فِي النصب قَوْله " قُلْنَا " هُوَ مقول شَقِيق قَوْله " كَمَا أَن دون الْغَد اللَّيْلَة " أَي كَمَا يعلم أَن الْغَد أبعد منا من اللَّيْلَة يُقَال هُوَ دون ذَلِك أَي أقرب مِنْهُ قَوْله " إِنِّي حدثته " مقول حُذَيْفَة قَوْله " لَيْسَ بالأغاليط " جمع أغلوطة وَهِي مَا يغالط بهَا قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ حدثته حَدِيثا صدقا محققا من أَحَادِيث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا من اجْتِهَاد رَأْي وَنَحْوه وغرضه أَن ذَلِك الْبابُُ رجل يقتل أَو يَمُوت كَمَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون حُذَيْفَة علم أَن عمر يقتل وَلكنه كره أَن يُخَاطب عمر بِالْقَتْلِ فَإِن عمر كَانَ يعلم أَنه هُوَ الْبابُُ فَأتى بِعِبَارَة يحصل مِنْهَا الْغَرَض وَلَا يكون إِخْبَارًا صَرِيحًا بقتْله قَالَ وَالْحَاصِل أَن الْحَائِل بَين الْفِتْنَة وَالْإِسْلَام عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَهُوَ الْبابُُ فَمَا دَامَ عمر حَيا لَا تدخل الْفِتَن فِيهِ فَإِذا مَاتَ دخلت وَكَذَا كَانَ قَوْله " فهبنا " أَي خفنا من هاب وَهُوَ مقول شَقِيق أَيْضا قَوْله " مسروقا " هُوَ مَسْرُوق بن الأجدع وَقد تقدم ذكره قَوْله " فَقَالَ الْبابُُ عمر " أَي قَالَ مَسْرُوق الْبابُُ هُوَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ( فَإِن قلت) قَالَ أَولا أَن بَيْنك وَبَينهَا بابُُا فالبابُ يكون بَين عمر وَبَين الْفِتْنَة وَهنا يَقُول الْبابُُ هُوَ عمر وَبَين الْكَلَامَيْنِ مُغَايرَة ( قلت) لَا مُغَايرَة بَينهمَا لِأَن المُرَاد بقوله " بَيْنك وَبَينهَا " أَي بَين زَمَانك وَبَين زمَان الْفِتْنَة وجود حياتك.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي أَو المُرَاد بَين نَفسك وَبَين الْفِتْنَة بدنك إِذْ الرّوح غير الْبدن أَو بَين الْإِسْلَام والفتنة.

     وَقَالَ  أَيْضا ( فَإِن قلت) من أَيْن علم حُذَيْفَة أَن الْبابُُ عمر وَهل علم من هَذَا السِّيَاق أَنه مُسْند إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بل كل مَا ذكر فِي هَذَا الْبابُُ لم يسند مِنْهُ شَيْء إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ( قلت) الْكل ظَاهر مُسْند إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِقَرِينَة السُّؤَال وَالْجَوَاب وَلِأَنَّهُ قَالَ حدثته بِحَدِيث وَلَفظ الحَدِيث الْمُطلق لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي حَدِيثه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ( فَإِن قلت) كَيفَ سَأَلَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن الْفِتْنَة الَّتِي تَأتي بعده خوفًا أَن يُدْرِكهَا مَعَ علمه بِأَنَّهُ هُوَ الْبابُُ ( قلت) من شدَّة خَوفه خشى أَن يكون نسي فَسَأَلَ من يذكرهُ