5013 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ ، قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا ، وقَالَ عُثْمَانُ : حَدَّثَنَا - جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ، حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ، ثُمَّ قُلْ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، وَاجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلَامِكَ ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ ، مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالَ : فَرَدَّدْتُهُنَّ لِأَسْتَذْكِرَهُنَّ فَقُلْتُ : آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، قَالَ : قُلْ : آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ إِدْرِيسَ ، قَالَ : سَمِعْتُ حُصَيْنًا ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِهَذَا الْحَدِيثِ ، غَيْرَ أَنَّ مَنْصُورًا أَتَمُّ حَدِيثًا ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ حُصَيْنٍ وَإِنْ أَصْبَحَ أَصَابَ خَيْرًا |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب مَا يَقُولُ عِنْدَ النَّوْمِ وَأَخْذِ الْمَضْجَعِ
[ سـ :5013 ... بـ :2710]
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا وَقَالَ عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ وَاجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلَامِكَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالَ فَرَدَّدْتُهُنَّ لِأَسْتَذْكِرَهُنَّ فَقُلْتُ آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ قُلْ آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ حُصَيْنًا عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ أَنَّ مَنْصُورًا أَتَمُّ حَدِيثًا وَزَادَ فِي حَدِيثِ حُصَيْنٍ وَإِنْ أَصْبَحَ أَصَابَ خَيْرًا
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ : ( إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ، ثُمَّ قُلْ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ...إِلَى آخِرِهِ ) فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ ) مَعْنَاهُ : إِذَا أَرَدْتَ النَّوْمَ فِي مَضْجَعِكَ ، فَتَوَضَّأْ وَالْمَضْجَعُ : بِفَتْحِ الْمِيمِ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : ثَلَاثُ سُنَنٍ مُهِمَّةٍ مُسْتَحَبَّةٍ ، لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ : إِحْدَاهَا : الْوُضُوءُ عِنْدَ إِرَادَةِ النَّوْمِ ، فَإِنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا كَفَاهُ ذَلِكَ الْوُضُوءُ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ النَّوْمُ عَلَى طَهَارَةٍ ; مَخَافَةَ أَنْ يَمُوتَ فِي لَيْلَتِهِ ، وَلِيَكُونَ أَصْدَقَ لِرُؤْيَاهُ ، وَأَبْعَدَ مِنْ تَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِي مَنَامِهِ ، وَتَرْوِيعِهِ إِيَّاهُ .
الثَّانِيَةُ النَّوْمُ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ ، وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ إِلَى الِانْتِبَاهِ .
وَالثَّالِثَةُ : ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى لِيَكُونَ خَاتِمَةُ عَمَلِهِ
.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ ) أَيْ : اسْتَسْلَمْتُ وَجَعَلْتُ نَفْسِي مُنْقَادَةً لَكَ طَائِعَةً لِحُكْمِكَ .
قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْوَجْهُ وَالنَّفْسُ هُنَا بِمَعْنَى الذَّاتِ كُلِّهَا ، يُقَالُ : سَلَّمَ وَأَسْلَمَ وَاسْتَسْلَمَ بِمَعْنًى .
وَمَعْنَى ( أَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ) أَيْ : تَوَكَّلْتُ عَلَيْكَ ، وَاعْتَمَدْتُكَ فِي أَمْرِي كُلِّهِ ، كَمَا يَعْتَمِدُ الْإِنْسَانُ بِظَهْرِهِ إِلَى مَا يُسْنِدُهُ .
وَقَوْلُهُ : ( رَغْبَةً وَرَهْبَةً ) أَيْ : طَمَعًا فِي ثَوَابِكَ ، وَخَوْفًا مِنْ عَذَابِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ ) أَيْ : الْإِسْلَامِ ، ( وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيْرَ ) أَيْ : حَصَلَ لَكَ ثَوَابُ هَذِهِ السُّنَنِ ، وَاهْتِمَامُكُ بِالْخَيْرِ ، وَمُتَابَعَتُكُ أَمْرَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَوْلُهُ : ( فَرَدَّدْتُهُنَّ لِأَسْتَذْكِرُهُنَّ ، فَقُلْتُ : آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، قَالَ : قُلْ آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدِّهِ اللَّفْظَ ، فَقِيلَ : إِنَّمَا رَدَّهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ : ( آمَنْتُ بِرَسُولِكَ ) يَحْتَمِلُ غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ ، وَاخْتَارَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ سَبَبَ الْإِنْكَارِ أَنَّ هَذَا ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ ، فَيَنْبَغِي فِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى اللَّفْظِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ ، وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْجَزَاءُ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ ، وَلَعَلَّهُ أُوحِي إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ ، فَيَتَعَيَّنُ أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا ، وَهَذَا الْقَوْلُ حَسَنٌ ، وَقِيلَ : لِأَنَّ قَوْلَهُ : ( وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ) فِيهِ جَزَالَةٌ مِنْ حَيْثُ صَنْعَةِ الْكَلَامِ ، وَفِيهِ جَمْعُ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ ، فَإِذَا قَالَ : رَسُولِكِ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ لَفْظِ ( رَسُولٍ وَأَرْسَلْتَ ) جَائزٌ وَأَهْلُ الْبَلَاغَةِ يَعِيبُونَهُ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ شَرْحِ خُطْبَةِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الرِّسَالَةِ النُّبُوَّةُ وَلَا عَكْسُهُ وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْعِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى ، وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى جَوَازِهَا مِنَ الْعَارِفِ ، وَيُجِيبُونَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْمَعْنَى هُنَا مُخْتَلِفٌ وَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ إِذَا اخْتَلَفَ الْمَعْنَى .