هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4813 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالمَدِينَةِ ثَلاَثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلاَ لَحْمٍ أُمِرَ بِالأَنْطَاعِ ، فَأَلْقَى فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَقِطِ وَالسَّمْنِ ، فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ فَقَالَ المُسْلِمُونَ : إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ ، أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ ، فَقَالُوا : إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4813 حدثنا قتيبة ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن حميد ، عن أنس رضي الله عنه ، قال : أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاثا يبنى عليه بصفية بنت حيي ، فدعوت المسلمين إلى وليمته فما كان فيها من خبز ولا لحم أمر بالأنطاع ، فألقى فيها من التمر والأقط والسمن ، فكانت وليمته فقال المسلمون : إحدى أمهات المؤمنين ، أو مما ملكت يمينه ، فقالوا : إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين ، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه فلما ارتحل وطى لها خلفه ومد الحجاب بينها وبين الناس
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Anas:

The Prophet (ﷺ) stayed for three days between Khaibar and Medina, and there he consummated his marriage to Safiyya bint Huyai. I invited the Muslims to the wedding banquet in which neither meat nor bread was offered. He ordered for leather dining-sheets to be spread, and dates, dried yoghurt and butter were laid on it, and that was the Prophet's wedding banquet. The Muslims wondered, Is she (Saffiyya) considered as his wife or his slave girl? Then they said, If he orders her to veil herself, she will be one of the mothers of the Believers; but if he does not order her to veil herself, she will be a slave girl. So when the Prophet (ﷺ) proceeded from there, he spared her a space behind him (on his shecamel) and put a screening veil between her and the people.

":"ہم سے قتیبہ بن سعید نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے اسمٰعیل بن جعفر نے بیان کیا ، ان سے حمیدی نے اور ان سے حضرت انس رضی اللہ عنہ نے بیان کیاکہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے خیبر اور مدینہ کے درمیان تین دن تک قیام کیا اور یہیں ام المؤمنین حضرت صفیہ بنت حیی رضی اللہ عنہا کے ساتھ خلوت کی ۔ پھر میں نے آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کے ولیمہ کی مسلمانوں کو دعوت دی ۔ اس دعوت ولیمہ میں نہ تو روٹی تھی اور نہ گوشت تھا ۔ دسترخوان بچھا نے کا حکم ہوا اور اس پر کھجور ، پنیر اور گھی رکھ دیا گیا اور یہی آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کا ولیمہ تھا ۔ بعض مسلمانوں نے پوچھا کہ حضرت صفیہ امہات المؤمنین میں سے ہیں ( یعنی آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے ان سے نکاح کیا ہے ) یا لونڈی کی حیثیت سے آپ نے ان کے ساتھ خلوت کی ہے ؟ اس پرکچھ لوگو ں نے کہا کہ اگر آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم ان کے لئے پردہ کا انتظام فرمائیں تو اس سے ثابت ہو گا کہ وہ امہات المؤمنین میں سے ہیں اور اگر ان کے لئے پردہ کا اہتمام نہ کریں تو اس سے ثابت ہو گا کہ وہ لونڈی کی حیثیت سے آپ کے ساتھ ہیں ۔ پھر جب کوچ کرنے کا وقت ہوا تو آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے ان کے لئے اپنی سواری پر بیٹھنے کے لئے جگہ بنا ئی اور ان کے لئے پردہ ڈالا تاکہ لوگوں کو وہ نظر نہ آئیں ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5085] أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلِمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ النَّاسُ لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجَهَا أَمِ اتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ تَرَدُّدُ الصَّحَابَةِ فِي صَفِيَّةَ هَلْ هِيَ زَوْجَةٌ أَوْ سُرِّيَّةٌ فَيُطَابِقُ أَحَدَ رُكْنَيِ التَّرْجَمَةِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ دَلَّ تَرَدُّدُ الصَّحَابَةِ فِي صَفِيَّةَ هَلْ هِيَ زَوْجَةٌ أَوْ سُرِّيَّةٌ عَلَى أَنَّ عِتْقِهَا لَمْ يَكُنْ نَفْسَ الصَّدَاقِ كَذَا قَالَ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ التَّرَدُّدَ إِنَّمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَالِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا زَوْجَةٌ وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَا ذُكِرَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ بِغَيْرِشُهُودٍ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ فِي تَزْوِيجِ صَفِيَّةَ شُهُودٌ لَمَا خَفِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ حَتَّى يَتَرَدَّدُوا وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّذِينَ حَضَرُوا التَّزْوِيجَ غَيْرُ الَّذِينَ تَرَدَّدُوا وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ تَرَدَّدُوا فَذَلِكَ مَذْكُورٌ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ أَوَّلِ الْحَدِيثِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِتْقِ فِي الَّذِي بعده ( قَولُهُ بَابُ مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الْأَمَةِ صَدَاقَهَا) كَذَا أَوْرَدَهُ غَيْرَ جَازِمٍ بِالْحُكْمِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ مِنَ الْقُدَمَاءِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَإِبْرَاهِيمُ وَطَاوُسٌ وَالزُّهْرِيُّ وَمِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ قَالُوا إِذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا صَحَّ الْعَقْدُ وَالْعِتْقُ وَالْمَهْرُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَأَجَابَ الْبَاقُونَ عَن ظَاهر الحَدِيث بأجوبة أقربها إِلَى لَفْظُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَوَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا وَكَانَتْ مَعْلُومَةً فَتَزَوَّجَهَا بِهَا وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ سَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ ثَابِتٌ لِأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا قَالَ نَفْسَهَا فَأَعْتَقَهَا هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَغَازِي وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ فِي حَدِيثٍ قَالَ وَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسًا مَا أَمْهَرَهَا قَالَ أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا فَتَبَسَّمَ فَهُوَ ظَاهِرٌ جدا فِي أَن المجمول مَهْرًا هُوَ نَفْسُ الْعِتْقِ فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوَاعِدِ حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْقِيمَةُ مَجْهُولَةً فَإِنَّ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَجْهًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ بَلْ جَعَلَ نَفْسَ الْعِتْقِ الْمَهْرَ وَلَكِنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ .

     قَوْلُهُ  أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا مَعْنَاهُ أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَمَّا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَاقَ لَهَا صَدَاقًا قَالَ أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا أَيْ لَمْ يُصْدِقْهَا شَيْئًا فِيمَا أَعْلَمُ وَلَمْ يَنْفِ أَصْلَ الصَّدَاقِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيّ من الشَّافِعِيَّة وبن الْمُرَابِطِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا أَنَّهُ قَوْلُ أَنَسٍ قَالَهُ ظَنًّا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَرُبَّمَا تَأَيَّدَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمَيْمَةَ وَيُقَالُ أَمَةُ اللَّهِ بِنْتُ رَزِينَةَ عَنِ أُمِّهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَخَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَمْهَرَهَا رَزِينَةَ وَكَانَ أَتَى بِهَا مَسْبِيَّةً مِنْ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَهَذَا لَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ وَيُعَارِضُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ نَفْسِهَا قَالَتْ أَعْتَقَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ عِتْقِي صَدَاقِي وَهَذَا مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَنَسٍ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَنَسًا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا ظَنَّهُ وَقَدْ خَالَفَ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا مَا عَلَيْهِ كَافَّةُ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ صَفِيَّةَ مِنْ سَبْيِ خَيْبَرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَعْتَقَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَنْكِحَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فَلَزِمَهَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَهَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهِ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ قَالَ بن الصَّلَاحِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعِتْقَ يَحِلُّ مَحَلَّ الصَّدَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَدَاقًا قَالَ وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ الْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ قَالَ وَهَذَا الْوَجْهُ أَصَحُّ الْأَوْجُهِ وَأَقْرَبُهَا إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَمِنَ الْمُسْتَغْرَبَاتِ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَقَالَ وَكَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا حَتَّى يَجْعَلَ لَهَا مَهْرًا سِوَى الْعتْق وَالْقَوْل الأول أصح وَكَذَا نقل بن حَزْمٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ لَكِنْ لَعَلَّ مُرَادَ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَلَا سِيَّمَا نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَقَبِلَتْ عَتَقَتْ وَلَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ لَكِنْ يَلْزَمُهَا لَهُ قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِعِتْقِهَا مَجَّانًا فَصَارَ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَإِنْ رَضِيَتْ وَتَزَوَّجَتْهُ عَلَى مَهْرٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ كَانَ لَهَا ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَعَلَيْهَا لَهُ قِيمَتُهَا فَإِنِ اتَّحَدَا تَقَاصَّا وَمِمَّنْ قَالَ بقول أَحْمد من الشَّافِعِيَّة بن حبَان صرح بذلك فِي صَحِيحه قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الظَّاهِرُ مَعَ أَحْمَدَ وَمَنْ وَافَقَهُ وَالْقِيَاسُ مَعَ الْآخَرِينَ فَيَتَرَدَّدُ الْحَالُ بَيْنَ ظَنٍّ نَشَأَ عَنْ قِيَاسٍ وَبَيْنَ ظَنٍّ نَشَأَ عَنْ ظَاهِرِ الْخَبَرِ مَعَ مَا تَحْتَمِلُهُ الْوَاقِعَةُ مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَكِنْ يَتَقَوَّى ذَلِكَ بِكَثْرَةِ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّكَاحِ وَخُصُوصًا خُصُوصِيَّتَهُ بِتَزْوِيجِ الْوَاهِبَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا للنَّبِي الْآيَةَ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنَ الْخَصَائِصِ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ وَكَذَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَمَوْضِعُ الْخُصُوصِيَّةِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا مُطْلَقًا وَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَهَذَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ جَوَازَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَمِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَعْتِقَ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا يَرَوْنَ بَأْسًا أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لِاسْتِحَالَتِهِ وَتَقَرَّرَ اسْتِحَالَتُهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَقْدَهَا عَلَى نَفْسِهَا إِمَّا أَنْ يَقَعَ قَبْلَ عِتْقِهَا وَهُوَ مُحَالٌ لِتَنَاقُضِ الْحُكْمَيْنِ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ حُكْمُهَا الِاسْتِقْلَالِ وَالرِّقُّ ضِدُّهُ.

.
وَأَمَّا بَعْدَ الْعِتْقِ فَلِزَوَالِ حُكْمِ الْجَبْرِ عَنْهَا بِالْعِتْقِ فَيَجُوزُ أَنْ لَا تَرْضَى وَحِينَئِذٍ لَا تُنْكَحُ إِلَّا بِرِضَاهَا الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّا إِذَا جَعَلْنَا الْعِتْقَ صَدَاقًا فَإِمَّا أَنْ يَتَقَرَّرَ الْعِتْقُ حَالَةَ الرِّقِّ وَهُوَ مُحَالٌ لِتَنَاقُضِهِمَا أَوْ حَالَةَ الْحُرِّيَّةِ فَيَلْزَمُ أَسْبَقِيَّتُهُ عَلَى الْعَقْدِ فَيَلْزَمُ وُجُودُ الْعِتْقِ حَالَةَ فَرْضِ عَدَمِهِ وَهُوَ مُحَالٌ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ تَقَرُّرُهُ عَلَى الزَّوْجِ إِمَّا نَصًّا وَإِمَّا حُكْمًا حَتَّى تَمْلِكَ الزَّوْجَةُ طَلَبَهُ فَإِنِ اعْتَلُّوا بِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ فَقَدْ تَحَرَّزْنَا عَنْهُ بِقَوْلِنَا حُكْمًا فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهَا حَالَةَ الْعَقْدِ شَيْءٌ لَكِنَّهَا تَمْلِكُ الْمُطَالَبَةُ فَثَبَتَ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا حَالَةَ الْعَقْدِ شَيْءٌ تُطَالِبُ بِهِ الزَّوْجَ وَلَا يتأنى مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا وَتُعَقِّبَ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الِاسْتِحَالَةِ بِجَوَازِ تَعْلِيقِ الصَّدَاقِ عَلَى شَرْطِ إِذَا وُجِدَ اسْتَحَقَّتْهُ الْمَرْأَةُ كَأَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى مَا سَيُسْتَحَقُّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ وَهُوَ كَذَا فَإِذَا حَلَّ الْمَالُ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّتْهُ وَقَدْ أخرج الطَّحَاوِيّ من طَرِيق نَافِع عَن بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَهُوَ مِمَّا يَتَأَيَّدُ بِهِ حَدِيثُ أَنَسٍ لَكِنْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ جُوَيْرِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا لَمَّا جَاءَتْ تَسْتَعِينُ بِهِ فِي كِتَابَتِهَا هَلْ لَكِ أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجَكِ قَالَتْ قَدْ فعلت وَقد استشكله بن حَزْمٍ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إِنْ كَانَ أَدَّى عَنْهَا كِتَابَتَهَا أَنْ يَصِيرَ وَلَاؤُهَا لِمُكَاتِبِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا قَدْ فَعَلْتُ رَضِيتُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوَّضَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ عَنْهَا فَصَارَتْ لَهُ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا كَمَا صَنَعَ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ أَوْ يَكُونُ ثَابِتٌ لَمَّا بَلَغَتْهُ رَغْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبَهَا لَهُ وَفِي الْحَدِيثِ لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَتَهُ إِذَا أَعْتَقَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى وَلِيٍّ وَلَا حَاكِمٍ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ يَأْتِي فِي بَابِ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْخَاطِبَ بعد نَيف وَعشْرين بَابا قَالَ بن الْجَوْزِيِّ فَإِنْ قِيلَ ثَوَابُ الْعِتْقِ عَظِيمٌ فَكَيْفَ فَوَّتَهُ حَيْثُ جَعَلَهُ مَهْرًا وَكَانَ يُمْكِنُ جَعْلُ الْمَهْرِ غَيْرَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتُ مَلِكٍ وَمِثْلُهَا لَا يَقْنَعُ إِلَّا بِالْمَهْرِ الْكَثِيرِوَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ ذَاكَ مَا يُرْضِيهَا بِهِ وَلَمْ يَرَ أَنْ يَقْتَصِرَ فَجَعَلَ صَدَاقَهَا نَفْسَهَا وَذَلِكَ عِنْدَهَا أشرف من المَال الْكثير قَولُهُ بَابُ مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الْأَمَةِ صَدَاقَهَا كَذَا أَوْرَدَهُ غَيْرَ جَازِمٍ بِالْحُكْمِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ مِنَ الْقُدَمَاءِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَإِبْرَاهِيمُ وَطَاوُسٌ وَالزُّهْرِيُّ وَمِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ قَالُوا إِذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا صَحَّ الْعَقْدُ وَالْعِتْقُ وَالْمَهْرُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَأَجَابَ الْبَاقُونَ عَنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ أَقْرَبُهَا أَيْ لَفْظُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَوَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا وَكَانَتْ مَعْلُومَةً فَتَزَوَّجَهَا بِهَا وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ سَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ ثَابِتٌ لِأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا قَالَ نَفْسَهَا فَأَعْتَقَهَا هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَغَازِي وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ فِي حَدِيثٍ قَالَ وَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسًا مَا أَمْهَرَهَا قَالَ أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا فَتَبَسَّمَ فَهُوَ ظَاهِرٌ جِدًّا فِي أَنَّ الْمَجْهُولَ مَهْرًا هُوَ نَفْسُ الْعِتْقِ فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوَاعِدِ حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْقِيمَةُ مَجْهُولَةً فَإِنَّ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَجْهًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ بَلْ جَعَلَ نَفْسَ الْعِتْقِ الْمَهْرَ وَلَكِنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ .

     قَوْلُهُ  أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا مَعْنَاهُ أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَمَّا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَاقَ لَهَا صَدَاقًا قَالَ أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا أَيْ لَمْ يُصْدِقْهَا شَيْئًا فِيمَا أَعْلَمُ وَلَمْ يَنْفِ أَصْلَ الصَّدَاقِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ من الشَّافِعِيَّة وبن المرابط من الْمَالِكِيَّة وَمن تبغهما أَنَّهُ قَوْلُ أَنَسٍ قَالَهُ ظَنًّا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَرُبَّمَا تَأَيَّدَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمَيْمَةَ وَيُقَالُ أمة الله ينت رَزِينَةَ عَنِ أُمِّهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَخَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَمْهَرَهَا رَزِينَةَ وَكَانَ أَتَى بِهَا مَسْبِيَّةً مِنْ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَهَذَا لَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ وَيُعَارِضُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ نَفْسِهَا قَالَتْ أَعْتَقَنِي النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحصل عِتْقِي صَدَاقِي وَهَذَا مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَنَسٍ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَنَسًا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا ظَنَّهُ وَقَدْ خَالَفَ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا مَا عَلَيْهِ كَافَّةُ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ صَفِيَّةَ مِنْ سَبْيِ خَيْبَرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَعْتَقَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَنْكِحَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فَلَزِمَهَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَهَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيْرِهِ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ قَالَ بن الصَّلَاحِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعِتْقَ يَحِلُّ مَحَلَّ الصَّدَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَدَاقًا قَالَ وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ الْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ قَالَ وَهَذَا الْوَجْهُ أَصَحُّ الْأَوْجُهِ وَأَقْرَبُهَا إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَمِنَ الْمُسْتَغْرَبَاتِ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ قَالَ وَكَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا حَتَّى يَجْعَلَ لَهَا مَهْرًا سِوَى الْعِتْقِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أصح وَكَذَا نقل بن حَزْمٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ لَكِنْ لَعَلَّ مُرَادَ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَلَا سِيَّمَا نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَقَبِلَتْ عَتَقَتْ وَلَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ لَكِنْ يَلْزَمُهَا لَهُ قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِعِتْقِهَا مَجَّانًا فَصَارَ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَإِنْ رَضِيَتْ وَتَزَوَّجَتْهُ عَلَى مَهْرٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ كَانَ لَهَا ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَعَلَيْهَا لَهُ قِيمَتُهَا فَإِنِ اتَّحَدَا تَقَاصَّا وَمِمَّنْ قَالَ بقول أَحْمد من الشَّافِعِيَّة بن حبَان صرح بذلك فِي صَحِيحه قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الظَّاهِرُ مَعَ أَحْمَدَ وَمَنْ وَافَقَهُ وَالْقِيَاسُ مَعَ الْآخَرِينَ فَيَتَرَدَّدُ الْحَالُ بَيْنَ ظَنٍّ نَشَأَ عَنْ قِيَاسٍ وَبَيْنَ ظَنٍّ نَشَأَ عَنْ ظَاهِرِ الْخَبَرِ مَعَ مَا تَحْتَمِلُهُ الْوَاقِعَةُ مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَكِنْ يَتَقَوَّى ذَلِكَ بِكَثْرَةِ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّكَاحِ وَخُصُوصًا خُصُوصِيَّتَهُ بِتَزْوِيجِ الْوَاهِبَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا للنَّبِي الْآيَةَ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنَ الْخَصَائِصِ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ وَكَذَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَمَوْضِعُ الْخُصُوصِيَّةِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا مُطْلَقًا وَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَهَذَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ جَوَازَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَمِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَعْتِقَ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا يَرَوْنَ بَأْسًا أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لِاسْتِحَالَتِهِ وَتَقَرَّرَ اسْتِحَالَتُهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَقْدَهَا عَلَى نَفْسِهَا إِمَّا أَنْ يَقَعَ قَبْلَ عِتْقِهَا وَهُوَ مُحَالٌ لِتَنَاقُضِ الْحُكْمَيْنِ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ حُكْمُهَا الِاسْتِقْلَالِ وَالرِّقُّ ضِدُّهُ.

.
وَأَمَّا بَعْدَ الْعِتْقِ فَلِزَوَالِ حُكْمِ الْجَبْرِ عَنْهَا بِالْعِتْقِ فَيَجُوزُ أَنْ لَا تَرْضَى وَحِينَئِذٍ لَا تُنْكَحُ إِلَّا بِرِضَاهَا الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّا إِذَا جَعَلْنَا الْعِتْقَ صَدَاقًا فَإِمَّا أَنْ يَتَقَرَّرَ الْعِتْقُ حَالَةَ الرِّقِّ وَهُوَ مُحَالٌ لِتَنَاقُضِهِمَا أَوْ حَالَةَ الْحُرِّيَّةِ فَيَلْزَمُ أَسْبَقِيَّتُهُ عَلَى الْعَقْدِ فَيَلْزَمُ وُجُودُ الْعِتْقِ حَالَةَ فَرْضِ عَدَمِهِ وَهُوَ مُحَالٌ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ تَقَرُّرُهُ عَلَى الزَّوْجِ إِمَّا نَصًّا وَإِمَّا حُكْمًا حَتَّى تَمْلِكَ الزَّوْجَةُ طَلَبَهُ فَإِنِ اعْتَلُّوا بِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ فَقَدْ تَحَرَّزْنَا عَنْهُ بِقَوْلِنَا حُكْمًا فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهَا حَالَةَ الْعَقْدِ شَيْءٌ لَكِنَّهَا تَمْلِكُ الْمُطَالَبَةُ فَثَبَتَ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا حَالَةَ الْعَقْدِ شَيْءٌ تُطَالِبُ بِهِ الزَّوْجَ وَلَا يَتَأَتَّى مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا وَتُعَقِّبَ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الِاسْتِحَالَةِ بِجَوَازِ تَعْلِيقِ الصَّدَاقِ عَلَى شَرْطِ إِذَا وُجِدَ اسْتَحَقَّتْهُ الْمَرْأَةُ كَأَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى مَا سَيُسْتَحَقُّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ وَهُوَ كَذَا فَإِذَا حَلَّ الْمَالُ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّتْهُ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَهُوَ مِمَّا يَتَأَيَّدُ بِهِ حَدِيثُ أَنَسٍ لَكِنْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ جُوَيْرِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا لَمَّا جَاءَتْ تَسْتَعِينُ بِهِ فِي كِتَابَتِهَا هَلْ لَكِ أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجَكِ قَالَتْ قَدْ فعلت وَقد استشكله بن حَزْمٍ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إِنْ كَانَ أَدَّى عَنْهَا كِتَابَتَهَا أَنْ يَصِيرَ وَلَاؤُهَا لِمُكَاتِبِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا قَدْ فَعَلْتُ رَضِيتُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوَّضَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ عَنْهَا فَصَارَتْ لَهُ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا كَمَا صَنَعَ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ أَوْ يَكُونُ ثَابِتٌ لَمَّا بَلَغَتْهُ رَغْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبَهَا لَهُ وَفِي الْحَدِيثِ لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَتَهُ إِذَا أَعْتَقَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى وَلِيٍّ وَلَا حَاكِمٍ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ يَأْتِي فِي بَابِ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْخَاطِبَ بعد نَيف وَعشْرين بَابا قَالَ بن الْجَوْزِيِّ فَإِنْ قِيلَ ثَوَابُ الْعِتْقِ عَظِيمٌ فَكَيْفَ فَوَّتَهُ حَيْثُ جَعَلَهُ مَهْرًا وَكَانَ يُمْكِنُ جَعْلُ الْمَهْرِ غَيْرَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتُ مَلِكٍ وَمِثْلُهَا لَا يَقْنَعُ إِلَّا بِالْمَهْرِ الْكَثِيرِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ ذَاكَ مَا يُرْضِيهَا بِهِ وَلَمْ يَرَ أَنْ يَقْتَصِرَ فَجَعَلَ صَدَاقَهَا نَفْسَهَا وَذَلِكَ عِنْدَهَا أَشْرَفُ من المَال الْكثير ( قَولُهُ بَابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ) تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ النِّكَاحِ بَابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ الَّذِي مَعَهُ الْقُرْآنُ وَالْإِسْلَامُ وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ وَعَلَّقَ هُنَاكَ حَدِيثَ سَهْلٍ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَبْسُوطًا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ بَعْدَ ثَلَاثِينَ بَابًا .

     قَوْلُهُ  لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِم الله من فَضله هُوَ تَعْلِيلٌ لِحُكْمِ التَّرْجَمَةِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ الْفَقْرَ فِي الْحَالِ لَا يَمْنَعُ التَّزْوِيجَ لِاحْتِمَالِ حُصُولِ المَال فِي الْمَآل وَالله أعلم قَولُهُ بَابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ النِّكَاحِ بَابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ الَّذِي مَعَهُ الْقُرْآنُ وَالْإِسْلَامُ وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ وَعَلَّقَ هُنَاكَ حَدِيثَ سَهْلٍ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَبْسُوطًا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ بَعْدَ ثَلَاثِينَ بَابًا .

     قَوْلُهُ  لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِم الله من فَضله هُوَ تَعْلِيلٌ لِحُكْمِ التَّرْجَمَةِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ الْفَقْرَ فِي الْحَالِ لَا يَمْنَعُ التَّزْوِيجَ لِاحْتِمَالِ حُصُولِ المَال فِي الْمَآل وَالله أعلم( قَولُهُ بَابُ الْأَكْفَاءِ) فِي الدِّينِ جَمْعُ كُفْءٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ الْمِثْلُ وَالنَّظِيرُ وَاعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ فِي الدِّينِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَا تَحِلُّ الْمُسْلِمَةُ لِكَافِرٍ أَصْلًا .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وصهرا الْآيَةَ قَالَ الْفَرَّاءُ النَّسَبُ مَنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ وَالصِّهْرُ مَنْ يَحِلُّ نِكَاحُهُ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا رَأَى الْحَصْرَ وَقَعَ بِالْقِسْمَيْنِ صَلُحَ التَّمَسُّكُ بِالْعُمُومِ لِوُجُودِ الصَّلَاحِيَّةِ إِلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ الْكَافِرِ وَقَدْ جَزَمَ بِأَنَّ اعْتِبَارَ الْكَفَاءَةِ مُخْتَصٌّ بِالدِّينِ مَالِكٌ وَنُقِلَ عَن بن عمر وبن مَسْعُودٍ وَمِنَ التَّابِعِينَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاعْتَبَرَ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ الْجُمْهُورُ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ قُرَيْشٌ أَكْفَاءُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَالْعَرَبُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ كُفْأً لِقُرَيْشٍ كَمَا لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ كُفْأً لِلْعَرَبِ وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالصَّحِيحُ تَقْدِيمُ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَمَنْ عَدَا هَؤُلَاءِ أَكْفَاءُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ.

     وَقَالَ  الثَّوْرِيُّ إِذَا نَكَحَ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَتَوَسَّطَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ لَيْسَ نِكَاحُ غَيْرِ الْأَكْفَاءِ حَرَامًا فَأَرُدُّ بِهِ النِّكَاحَ وَإِنَّمَا هُوَ تَقْصِيرٌ بِالْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ فَإِذَا رَضُوا صَحَّ وَيَكُونُ حَقًّا لَهُمْ تَرَكُوهُ فَلَوْ رَضُوا إِلَّا وَاحِدًا فَلَهُ فَسْخُهُشُهُودٍ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ فِي تَزْوِيجِ صَفِيَّةَ شُهُودٌ لَمَا خَفِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ حَتَّى يَتَرَدَّدُوا وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّذِينَ حَضَرُوا التَّزْوِيجَ غَيْرُ الَّذِينَ تَرَدَّدُوا وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ تَرَدَّدُوا فَذَلِكَ مَذْكُورٌ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ أَوَّلِ الْحَدِيثِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِتْقِ فِي الَّذِي بعده ( قَولُهُ بَابُ مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الْأَمَةِ صَدَاقَهَا) كَذَا أَوْرَدَهُ غَيْرَ جَازِمٍ بِالْحُكْمِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ مِنَ الْقُدَمَاءِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَإِبْرَاهِيمُ وَطَاوُسٌ وَالزُّهْرِيُّ وَمِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ قَالُوا إِذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا صَحَّ الْعَقْدُ وَالْعِتْقُ وَالْمَهْرُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَأَجَابَ الْبَاقُونَ عَن ظَاهر الحَدِيث بأجوبة أقربها إِلَى لَفْظُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَوَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا وَكَانَتْ مَعْلُومَةً فَتَزَوَّجَهَا بِهَا وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ سَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ ثَابِتٌ لِأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا قَالَ نَفْسَهَا فَأَعْتَقَهَا هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَغَازِي وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ فِي حَدِيثٍ قَالَ وَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسًا مَا أَمْهَرَهَا قَالَ أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا فَتَبَسَّمَ فَهُوَ ظَاهِرٌ جدا فِي أَن المجمول مَهْرًا هُوَ نَفْسُ الْعِتْقِ فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوَاعِدِ حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْقِيمَةُ مَجْهُولَةً فَإِنَّ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَجْهًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ بَلْ جَعَلَ نَفْسَ الْعِتْقِ الْمَهْرَ وَلَكِنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ .

     قَوْلُهُ  أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا مَعْنَاهُ أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَمَّا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَاقَ لَهَا صَدَاقًا قَالَ أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا أَيْ لَمْ يُصْدِقْهَا شَيْئًا فِيمَا أَعْلَمُ وَلَمْ يَنْفِ أَصْلَ الصَّدَاقِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيّ من الشَّافِعِيَّة وبن الْمُرَابِطِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا أَنَّهُ قَوْلُ أَنَسٍ قَالَهُ ظَنًّا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَرُبَّمَا تَأَيَّدَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمَيْمَةَ وَيُقَالُ أَمَةُ اللَّهِ بِنْتُ رَزِينَةَ عَنِ أُمِّهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَخَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَمْهَرَهَا رَزِينَةَ وَكَانَ أَتَى بِهَا مَسْبِيَّةً مِنْ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَهَذَا لَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ وَيُعَارِضُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ نَفْسِهَا قَالَتْ أَعْتَقَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ عِتْقِي صَدَاقِي وَهَذَا مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَنَسٍ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَنَسًا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا ظَنَّهُ وَقَدْ خَالَفَ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا مَا عَلَيْهِ كَافَّةُ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ صَفِيَّةَ مِنْ سَبْيِ خَيْبَرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَعْتَقَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَنْكِحَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فَلَزِمَهَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَهَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهِ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ قَالَ بن الصَّلَاحِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعِتْقَ يَحِلُّ مَحَلَّ الصَّدَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَدَاقًا قَالَ وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ الْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ قَالَ وَهَذَا الْوَجْهُ أَصَحُّ الْأَوْجُهِ وَأَقْرَبُهَا إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَمِنَ الْمُسْتَغْرَبَاتِ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَقَالَ وَكَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا حَتَّى يَجْعَلَ لَهَا مَهْرًا سِوَى الْعتْق وَالْقَوْل الأول أصح وَكَذَا نقل بن حَزْمٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ لَكِنْ لَعَلَّ مُرَادَ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَلَا سِيَّمَا نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَقَبِلَتْ عَتَقَتْ وَلَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ لَكِنْ يَلْزَمُهَا لَهُ قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِعِتْقِهَا مَجَّانًا فَصَارَ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَإِنْ رَضِيَتْ وَتَزَوَّجَتْهُ عَلَى مَهْرٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ كَانَ لَهَا ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَعَلَيْهَا لَهُ قِيمَتُهَا فَإِنِ اتَّحَدَا تَقَاصَّا وَمِمَّنْ قَالَ بقول أَحْمد من الشَّافِعِيَّة بن حبَان صرح بذلك فِي صَحِيحه قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الظَّاهِرُ مَعَ أَحْمَدَ وَمَنْ وَافَقَهُ وَالْقِيَاسُ مَعَ الْآخَرِينَ فَيَتَرَدَّدُ الْحَالُ بَيْنَ ظَنٍّ نَشَأَ عَنْ قِيَاسٍ وَبَيْنَ ظَنٍّ نَشَأَ عَنْ ظَاهِرِ الْخَبَرِ مَعَ مَا تَحْتَمِلُهُ الْوَاقِعَةُ مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَكِنْ يَتَقَوَّى ذَلِكَ بِكَثْرَةِ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّكَاحِ وَخُصُوصًا خُصُوصِيَّتَهُ بِتَزْوِيجِ الْوَاهِبَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا للنَّبِي الْآيَةَ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنَ الْخَصَائِصِ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ وَكَذَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَمَوْضِعُ الْخُصُوصِيَّةِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا مُطْلَقًا وَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَهَذَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ جَوَازَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَمِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَعْتِقَ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا يَرَوْنَ بَأْسًا أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لِاسْتِحَالَتِهِ وَتَقَرَّرَ اسْتِحَالَتُهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَقْدَهَا عَلَى نَفْسِهَا إِمَّا أَنْ يَقَعَ قَبْلَ عِتْقِهَا وَهُوَ مُحَالٌ لِتَنَاقُضِ الْحُكْمَيْنِ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ حُكْمُهَا الِاسْتِقْلَالِ وَالرِّقُّ ضِدُّهُ.

.
وَأَمَّا بَعْدَ الْعِتْقِ فَلِزَوَالِ حُكْمِ الْجَبْرِ عَنْهَا بِالْعِتْقِ فَيَجُوزُ أَنْ لَا تَرْضَى وَحِينَئِذٍ لَا تُنْكَحُ إِلَّا بِرِضَاهَا الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّا إِذَا جَعَلْنَا الْعِتْقَ صَدَاقًا فَإِمَّا أَنْ يَتَقَرَّرَ الْعِتْقُ حَالَةَ الرِّقِّ وَهُوَ مُحَالٌ لِتَنَاقُضِهِمَا أَوْ حَالَةَ الْحُرِّيَّةِ فَيَلْزَمُ أَسْبَقِيَّتُهُ عَلَى الْعَقْدِ فَيَلْزَمُ وُجُودُ الْعِتْقِ حَالَةَ فَرْضِ عَدَمِهِ وَهُوَ مُحَالٌ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ تَقَرُّرُهُ عَلَى الزَّوْجِ إِمَّا نَصًّا وَإِمَّا حُكْمًا حَتَّى تَمْلِكَ الزَّوْجَةُ طَلَبَهُ فَإِنِ اعْتَلُّوا بِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ فَقَدْ تَحَرَّزْنَا عَنْهُ بِقَوْلِنَا حُكْمًا فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهَا حَالَةَ الْعَقْدِ شَيْءٌ لَكِنَّهَا تَمْلِكُ الْمُطَالَبَةُ فَثَبَتَ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا حَالَةَ الْعَقْدِ شَيْءٌ تُطَالِبُ بِهِ الزَّوْجَ وَلَا يتأنى مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا وَتُعَقِّبَ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الِاسْتِحَالَةِ بِجَوَازِ تَعْلِيقِ الصَّدَاقِ عَلَى شَرْطِ إِذَا وُجِدَ اسْتَحَقَّتْهُ الْمَرْأَةُ كَأَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى مَا سَيُسْتَحَقُّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ وَهُوَ كَذَا فَإِذَا حَلَّ الْمَالُ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّتْهُ وَقَدْ أخرج الطَّحَاوِيّ من طَرِيق نَافِع عَن بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَهُوَ مِمَّا يَتَأَيَّدُ بِهِ حَدِيثُ أَنَسٍ لَكِنْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ جُوَيْرِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا لَمَّا جَاءَتْ تَسْتَعِينُ بِهِ فِي كِتَابَتِهَا هَلْ لَكِ أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجَكِ قَالَتْ قَدْ فعلت وَقد استشكله بن حَزْمٍ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إِنْ كَانَ أَدَّى عَنْهَا كِتَابَتَهَا أَنْ يَصِيرَ وَلَاؤُهَا لِمُكَاتِبِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا قَدْ فَعَلْتُ رَضِيتُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوَّضَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ عَنْهَا فَصَارَتْ لَهُ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا كَمَا صَنَعَ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ أَوْ يَكُونُ ثَابِتٌ لَمَّا بَلَغَتْهُ رَغْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبَهَا لَهُ وَفِي الْحَدِيثِ لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَتَهُ إِذَا أَعْتَقَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى وَلِيٍّ وَلَا حَاكِمٍ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ يَأْتِي فِي بَابِ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْخَاطِبَ بعد نَيف وَعشْرين بَابا قَالَ بن الْجَوْزِيِّ فَإِنْ قِيلَ ثَوَابُ الْعِتْقِ عَظِيمٌ فَكَيْفَ فَوَّتَهُ حَيْثُ جَعَلَهُ مَهْرًا وَكَانَ يُمْكِنُ جَعْلُ الْمَهْرِ غَيْرَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتُ مَلِكٍ وَمِثْلُهَا لَا يَقْنَعُ إِلَّا بِالْمَهْرِ الْكَثِيرِوَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ ذَاكَ مَا يُرْضِيهَا بِهِ وَلَمْ يَرَ أَنْ يَقْتَصِرَ فَجَعَلَ صَدَاقَهَا نَفْسَهَا وَذَلِكَ عِنْدَهَا أشرف من المَال الْكثير قَولُهُ بَابُ مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الْأَمَةِ صَدَاقَهَا كَذَا أَوْرَدَهُ غَيْرَ جَازِمٍ بِالْحُكْمِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ مِنَ الْقُدَمَاءِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَإِبْرَاهِيمُ وَطَاوُسٌ وَالزُّهْرِيُّ وَمِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ قَالُوا إِذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا صَحَّ الْعَقْدُ وَالْعِتْقُ وَالْمَهْرُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَأَجَابَ الْبَاقُونَ عَنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ أَقْرَبُهَا أَيْ لَفْظُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَوَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا وَكَانَتْ مَعْلُومَةً فَتَزَوَّجَهَا بِهَا وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ سَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ ثَابِتٌ لِأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا قَالَ نَفْسَهَا فَأَعْتَقَهَا هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَغَازِي وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ فِي حَدِيثٍ قَالَ وَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسًا مَا أَمْهَرَهَا قَالَ أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا فَتَبَسَّمَ فَهُوَ ظَاهِرٌ جِدًّا فِي أَنَّ الْمَجْهُولَ مَهْرًا هُوَ نَفْسُ الْعِتْقِ فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوَاعِدِ حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْقِيمَةُ مَجْهُولَةً فَإِنَّ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَجْهًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ بَلْ جَعَلَ نَفْسَ الْعِتْقِ الْمَهْرَ وَلَكِنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ .

     قَوْلُهُ  أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا مَعْنَاهُ أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَمَّا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَاقَ لَهَا صَدَاقًا قَالَ أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا أَيْ لَمْ يُصْدِقْهَا شَيْئًا فِيمَا أَعْلَمُ وَلَمْ يَنْفِ أَصْلَ الصَّدَاقِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ من الشَّافِعِيَّة وبن المرابط من الْمَالِكِيَّة وَمن تبغهما أَنَّهُ قَوْلُ أَنَسٍ قَالَهُ ظَنًّا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَرُبَّمَا تَأَيَّدَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمَيْمَةَ وَيُقَالُ أمة الله ينت رَزِينَةَ عَنِ أُمِّهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَخَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَمْهَرَهَا رَزِينَةَ وَكَانَ أَتَى بِهَا مَسْبِيَّةً مِنْ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَهَذَا لَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ وَيُعَارِضُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ نَفْسِهَا قَالَتْ أَعْتَقَنِي النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحصل عِتْقِي صَدَاقِي وَهَذَا مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَنَسٍ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَنَسًا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا ظَنَّهُ وَقَدْ خَالَفَ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا مَا عَلَيْهِ كَافَّةُ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ صَفِيَّةَ مِنْ سَبْيِ خَيْبَرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَعْتَقَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَنْكِحَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فَلَزِمَهَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَهَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيْرِهِ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ قَالَ بن الصَّلَاحِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعِتْقَ يَحِلُّ مَحَلَّ الصَّدَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَدَاقًا قَالَ وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ الْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ قَالَ وَهَذَا الْوَجْهُ أَصَحُّ الْأَوْجُهِ وَأَقْرَبُهَا إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَمِنَ الْمُسْتَغْرَبَاتِ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ قَالَ وَكَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا حَتَّى يَجْعَلَ لَهَا مَهْرًا سِوَى الْعِتْقِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أصح وَكَذَا نقل بن حَزْمٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ لَكِنْ لَعَلَّ مُرَادَ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَلَا سِيَّمَا نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَقَبِلَتْ عَتَقَتْ وَلَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ لَكِنْ يَلْزَمُهَا لَهُ قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِعِتْقِهَا مَجَّانًا فَصَارَ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَإِنْ رَضِيَتْ وَتَزَوَّجَتْهُ عَلَى مَهْرٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ كَانَ لَهَا ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَعَلَيْهَا لَهُ قِيمَتُهَا فَإِنِ اتَّحَدَا تَقَاصَّا وَمِمَّنْ قَالَ بقول أَحْمد من الشَّافِعِيَّة بن حبَان صرح بذلك فِي صَحِيحه قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الظَّاهِرُ مَعَ أَحْمَدَ وَمَنْ وَافَقَهُ وَالْقِيَاسُ مَعَ الْآخَرِينَ فَيَتَرَدَّدُ الْحَالُ بَيْنَ ظَنٍّ نَشَأَ عَنْ قِيَاسٍ وَبَيْنَ ظَنٍّ نَشَأَ عَنْ ظَاهِرِ الْخَبَرِ مَعَ مَا تَحْتَمِلُهُ الْوَاقِعَةُ مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَكِنْ يَتَقَوَّى ذَلِكَ بِكَثْرَةِ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّكَاحِ وَخُصُوصًا خُصُوصِيَّتَهُ بِتَزْوِيجِ الْوَاهِبَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا للنَّبِي الْآيَةَ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنَ الْخَصَائِصِ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ وَكَذَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَمَوْضِعُ الْخُصُوصِيَّةِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا مُطْلَقًا وَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَهَذَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ جَوَازَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَمِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَعْتِقَ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا يَرَوْنَ بَأْسًا أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لِاسْتِحَالَتِهِ وَتَقَرَّرَ اسْتِحَالَتُهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَقْدَهَا عَلَى نَفْسِهَا إِمَّا أَنْ يَقَعَ قَبْلَ عِتْقِهَا وَهُوَ مُحَالٌ لِتَنَاقُضِ الْحُكْمَيْنِ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ حُكْمُهَا الِاسْتِقْلَالِ وَالرِّقُّ ضِدُّهُ.

.
وَأَمَّا بَعْدَ الْعِتْقِ فَلِزَوَالِ حُكْمِ الْجَبْرِ عَنْهَا بِالْعِتْقِ فَيَجُوزُ أَنْ لَا تَرْضَى وَحِينَئِذٍ لَا تُنْكَحُ إِلَّا بِرِضَاهَا الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّا إِذَا جَعَلْنَا الْعِتْقَ صَدَاقًا فَإِمَّا أَنْ يَتَقَرَّرَ الْعِتْقُ حَالَةَ الرِّقِّ وَهُوَ مُحَالٌ لِتَنَاقُضِهِمَا أَوْ حَالَةَ الْحُرِّيَّةِ فَيَلْزَمُ أَسْبَقِيَّتُهُ عَلَى الْعَقْدِ فَيَلْزَمُ وُجُودُ الْعِتْقِ حَالَةَ فَرْضِ عَدَمِهِ وَهُوَ مُحَالٌ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ تَقَرُّرُهُ عَلَى الزَّوْجِ إِمَّا نَصًّا وَإِمَّا حُكْمًا حَتَّى تَمْلِكَ الزَّوْجَةُ طَلَبَهُ فَإِنِ اعْتَلُّوا بِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ فَقَدْ تَحَرَّزْنَا عَنْهُ بِقَوْلِنَا حُكْمًا فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهَا حَالَةَ الْعَقْدِ شَيْءٌ لَكِنَّهَا تَمْلِكُ الْمُطَالَبَةُ فَثَبَتَ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا حَالَةَ الْعَقْدِ شَيْءٌ تُطَالِبُ بِهِ الزَّوْجَ وَلَا يَتَأَتَّى مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا وَتُعَقِّبَ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الِاسْتِحَالَةِ بِجَوَازِ تَعْلِيقِ الصَّدَاقِ عَلَى شَرْطِ إِذَا وُجِدَ اسْتَحَقَّتْهُ الْمَرْأَةُ كَأَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى مَا سَيُسْتَحَقُّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ وَهُوَ كَذَا فَإِذَا حَلَّ الْمَالُ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّتْهُ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَهُوَ مِمَّا يَتَأَيَّدُ بِهِ حَدِيثُ أَنَسٍ لَكِنْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ جُوَيْرِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا لَمَّا جَاءَتْ تَسْتَعِينُ بِهِ فِي كِتَابَتِهَا هَلْ لَكِ أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجَكِ قَالَتْ قَدْ فعلت وَقد استشكله بن حَزْمٍ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إِنْ كَانَ أَدَّى عَنْهَا كِتَابَتَهَا أَنْ يَصِيرَ وَلَاؤُهَا لِمُكَاتِبِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا قَدْ فَعَلْتُ رَضِيتُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوَّضَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ عَنْهَا فَصَارَتْ لَهُ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا كَمَا صَنَعَ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ أَوْ يَكُونُ ثَابِتٌ لَمَّا بَلَغَتْهُ رَغْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبَهَا لَهُ وَفِي الْحَدِيثِ لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَتَهُ إِذَا أَعْتَقَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى وَلِيٍّ وَلَا حَاكِمٍ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ يَأْتِي فِي بَابِ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْخَاطِبَ بعد نَيف وَعشْرين بَابا قَالَ بن الْجَوْزِيِّ فَإِنْ قِيلَ ثَوَابُ الْعِتْقِ عَظِيمٌ فَكَيْفَ فَوَّتَهُ حَيْثُ جَعَلَهُ مَهْرًا وَكَانَ يُمْكِنُ جَعْلُ الْمَهْرِ غَيْرَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتُ مَلِكٍ وَمِثْلُهَا لَا يَقْنَعُ إِلَّا بِالْمَهْرِ الْكَثِيرِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ ذَاكَ مَا يُرْضِيهَا بِهِ وَلَمْ يَرَ أَنْ يَقْتَصِرَ فَجَعَلَ صَدَاقَهَا نَفْسَهَا وَذَلِكَ عِنْدَهَا أَشْرَفُ من المَال الْكثير ( قَولُهُ بَابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ) تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ النِّكَاحِ بَابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ الَّذِي مَعَهُ الْقُرْآنُ وَالْإِسْلَامُ وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ وَعَلَّقَ هُنَاكَ حَدِيثَ سَهْلٍ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَبْسُوطًا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ بَعْدَ ثَلَاثِينَ بَابًا .

     قَوْلُهُ  لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِم الله من فَضله هُوَ تَعْلِيلٌ لِحُكْمِ التَّرْجَمَةِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ الْفَقْرَ فِي الْحَالِ لَا يَمْنَعُ التَّزْوِيجَ لِاحْتِمَالِ حُصُولِ المَال فِي الْمَآل وَالله أعلم قَولُهُ بَابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ النِّكَاحِ بَابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ الَّذِي مَعَهُ الْقُرْآنُ وَالْإِسْلَامُ وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ وَعَلَّقَ هُنَاكَ حَدِيثَ سَهْلٍ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَبْسُوطًا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ بَعْدَ ثَلَاثِينَ بَابًا .

     قَوْلُهُ  لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِم الله من فَضله هُوَ تَعْلِيلٌ لِحُكْمِ التَّرْجَمَةِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ الْفَقْرَ فِي الْحَالِ لَا يَمْنَعُ التَّزْوِيجَ لِاحْتِمَالِ حُصُولِ المَال فِي الْمَآل وَالله أعلم( قَولُهُ بَابُ الْأَكْفَاءِ) فِي الدِّينِ جَمْعُ كُفْءٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ الْمِثْلُ وَالنَّظِيرُ وَاعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ فِي الدِّينِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَا تَحِلُّ الْمُسْلِمَةُ لِكَافِرٍ أَصْلًا .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وصهرا الْآيَةَ قَالَ الْفَرَّاءُ النَّسَبُ مَنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ وَالصِّهْرُ مَنْ يَحِلُّ نِكَاحُهُ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا رَأَى الْحَصْرَ وَقَعَ بِالْقِسْمَيْنِ صَلُحَ التَّمَسُّكُ بِالْعُمُومِ لِوُجُودِ الصَّلَاحِيَّةِ إِلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ الْكَافِرِ وَقَدْ جَزَمَ بِأَنَّ اعْتِبَارَ الْكَفَاءَةِ مُخْتَصٌّ بِالدِّينِ مَالِكٌ وَنُقِلَ عَن بن عمر وبن مَسْعُودٍ وَمِنَ التَّابِعِينَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاعْتَبَرَ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ الْجُمْهُورُ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ قُرَيْشٌ أَكْفَاءُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَالْعَرَبُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ كُفْأً لِقُرَيْشٍ كَمَا لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ كُفْأً لِلْعَرَبِ وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالصَّحِيحُ تَقْدِيمُ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَمَنْ عَدَا هَؤُلَاءِ أَكْفَاءُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ.

     وَقَالَ  الثَّوْرِيُّ إِذَا نَكَحَ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَتَوَسَّطَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ لَيْسَ نِكَاحُ غَيْرِ الْأَكْفَاءِ حَرَامًا فَأَرُدُّ بِهِ النِّكَاحَ وَإِنَّمَا هُوَ تَقْصِيرٌ بِالْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ فَإِذَا رَضُوا صَحَّ وَيَكُونُ حَقًّا لَهُمْ تَرَكُوهُ فَلَوْ رَضُوا إِلَّا وَاحِدًا فَلَهُ فَسْخُهُوَلَفْظُهُ عِنْدَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ جَدِيدٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَانِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَمْ يَقَعْ لِابْنِ حَزْمٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ الْحِمَّانِيِّ فَضَعَّفَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ بِهِ وَلَمْ يُصِبْ وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَفَرَّدَ بِهَا عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ فِيهِ اضْطِرَابًا عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ كَأَنَّهُ عَنَى فِي سِيَاقِ الْمَتْنِ لَا فِي الْإِسْنَادِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ اضْطِرَابًا لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ ذِكْرُ الْمَهْرِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ عِتْقَ الْأَمَةِ لَا يَكُونُ نَفْسَ الصَّدَاقِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ شَرْطٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَجْرَانِ الْمَذْكُورَانِ وَلَيْسَ قَيْدًا فِي الْجَوَازِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى وَالصَّوَابُ مَا عِنْدَ الْجَمَاعَةِ عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى بِحَذْفٍ عَنِ الَّتِي قبل أبي مُوسَى الحَدِيث الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :4813 ... غــ :5085] أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلِمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ النَّاسُ لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجَهَا أَمِ اتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ تَرَدُّدُ الصَّحَابَةِ فِي صَفِيَّةَ هَلْ هِيَ زَوْجَةٌ أَوْ سُرِّيَّةٌ فَيُطَابِقُ أَحَدَ رُكْنَيِ التَّرْجَمَةِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ دَلَّ تَرَدُّدُ الصَّحَابَةِ فِي صَفِيَّةَ هَلْ هِيَ زَوْجَةٌ أَوْ سُرِّيَّةٌ عَلَى أَنَّ عِتْقِهَا لَمْ يَكُنْ نَفْسَ الصَّدَاقِ كَذَا قَالَ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ التَّرَدُّدَ إِنَّمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَالِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا زَوْجَةٌ وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَا ذُكِرَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ فِي تَزْوِيجِ صَفِيَّةَ شُهُودٌ لَمَا خَفِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ حَتَّى يَتَرَدَّدُوا وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّذِينَ حَضَرُوا التَّزْوِيجَ غَيْرُ الَّذِينَ تَرَدَّدُوا وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ تَرَدَّدُوا فَذَلِكَ مَذْكُورٌ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ أَوَّلِ الْحَدِيثِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِتْقِ فِي الَّذِي بعده

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4813 ... غــ : 5085 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاَثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلاَ لَحْمٍ، أُمِرَ بِالأَنْطَاعِ فَأَلْقَي فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَقِطِ وَالسَّمْنِ، فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ؟ فَقَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهْيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهْيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأ لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ.

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا إسماعيل بن جعفر) المدني ( عن حميد) الطويل ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال: أقام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين خيبر والمدينة) بسدّ الصهباء ( ثلاثًا) ، أي ثلاثة أيام ( يبنى عليه بصفية بنت حيي) بعد أن دفعها لأم سليم حتى تهيئها له ويبنى بضم التحتية وسكون الموحدة وفتح النون مبنيًّا للمفعول من البناء وهو الدخول بالزوجة قال في المصابيح وفيه رد على الجوهري حيث خطأ من قال بنى الرجل بأهله ( فدعوت المسلمين إلى وليمته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فما كان فيها من خبز ولا لحم) وسقطت من لأبي ذر ( أمر) بضم الهمزة وكسر الميم ولأبي ذر بفتحهما وفي أصل اليونينية أمر بلالًا ( بالأنطاع فألقى) بفتح الهمزة والقاف ( فيها من التمر والإقِطِ والسمن فكانت وليمته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليها ( فقال المسلمون: أحدى أمهات المؤمنين أو مما ملكت يمينه) وعند مسلم فقال الناس لا ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد ( فقالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه فلما ارتحل وطأ) أي هيأ ( لها) شيئًا تقعد عليه ( خلفه) أي على الراحلة ( ومدّ الحجاب بينها وبين الناس) .

قيل: ومطابقة الحديث للترجمة من تردد الصحابة هل صفية زوجة أو سرية.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4813 ... غــ :5085 ]
- حدَّثنا قتَيْبَةُ حَدثنَا إسْماعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ حُمَيْدٍ عنْ أنَسٍ، رَضِي الله عنهُ، قَالَ: أقامع النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَيْنَ خَيْبَرَ والمَدِينَةِ ثَلاَثا يُبْنَى علَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمينَ إِلَى ولِيمَتِهِ، فَما كانَ فِيها مِنْ خُبْزٍ ولاَ لَحْمٍ أُمِرَ بالأنْطاعِ فألْقَى فِيها منَ التَّمْرِ والأقِطِ والسَّمْنِ، فكانَتْ ولِيمَتَهُ فَقَالَ المُسْلِمُونَ: إحْدَى المُؤْمِنِينَ، أوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ؟ فقالُوا: إنْ حَجَبَها فَهْيَ مِنْ أمهاتِ المُؤْمِنِينَ، وإنْ لَمْ يَحْجُبْها فَهْيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينَهُ.
فلَمَّا ارْتَحَلَ وطَأ لَها خَلْفَهُ ومَدَّ الحِجابَ بَيْنَها وبَيْنَ النَّاسِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الصَّحَابَة تردد فِي أَن صَفِيَّة: هَل هِيَ زَوجته أَو سريته؟ فيطابق الْجُزْء الأول من التَّرْجَمَة.

والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي فِي غَزْوَة خَيْبَر، وَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَة عَن قُتَيْبَة أَيْضا.
وَحمد بن سَلام فرقهما.

وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي النِّكَاح وَفِي الْوَلِيمَة عَن عَليّ بن حجر، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( يُبنى عَلَيْهِ) على صِيغَة الْمَجْهُول من الْبناء وَهُوَ الدُّخُول بِالزَّوْجَةِ، وَالْأَصْل فِيهِ أَن الرجل، إِذا تزوج امْرَأَة بني عَلَيْهَا قبَّة ليدْخل بهَا فِيهَا، فَيُقَال: بنى الرجل على أَهله،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: وَلَا يُقَال بني بأَهْله.
قَوْله: ( إِحْدَى) الْهمزَة الاستفهامية مقدرَة أَي: أإحدى إِلَيّ آخِره.
قَوْله: ( وطَّأها خَلفه) أَي: هيأ لصفيه شَيْئا تقعد عَلَيْهِ خَلفه على النَّاقة.