هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
471 وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ح ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ : حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ : جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : إِحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ ، قَالَ : تَحُتُّهُ ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ح ، وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  واللفظ له حدثنا يحيى بن سعيد ، عن هشام بن عروة قال : حدثتني فاطمة ، عن أسماء قالت : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة ، كيف تصنع به ، قال : تحته ، ثم تقرصه بالماء ، ثم تنضحه ، ثم تصلي فيه وحدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن نمير ح ، وحدثني أبو الطاهر ، أخبرني ابن وهب ، أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم ، ومالك بن أنس ، وعمرو بن الحارث ، كلهم عن هشام بن عروة بهذا الإسناد مثل حديث يحيى بن سعيد
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أسماء رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع به؟ قال تحته.
ثم تقرصه بالماء.
ثم تنضحه.
ثم تصلي فيه.



المعنى العام

حرص الإسلام على تعلم المرأة أمور دينها، وشجعها على حضور مجلس الوعظ وحضور المساجد، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولما كثر الرجال في مجالس العلم، وبعد النساء على مسامع الصوت طلبن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهن يوما فجعل لهن يوما، وحرضت عائشة على عدم الحياء في العلم، وبمدح نساء الأنصار، إذ قالت: نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.

ومن هذا المنطلق السمح الحنيف تأتي أسماء بنت أبي بكر الصديق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله عن حكم دم الحيض.
تسأله عن حكم ما يصيب ثوبها من دم الحيض، تقول: يا رسول الله إذا لم يكن للمرأة إلا ثوب واحد تحيض فيه فأصابه الدم من الحيضة، كيف تصنع به لتصلي؟ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرضه، وتحته بإصبعها، ثم تغسله وتدلكه بالماء، ثم ترشه بالماء، ثم تصلي فيه.
قالت: يا رسول الله إن لم يخرج أثره؟ وإن لم يزل لونه من الثوب بعد الحت والغسل؟ قال: يكفيك الماء ولا يضرك أثره.
قالت عائشة: كانت إحدانا تحيض، ثم تقرص الدم من ثوبها عند طهرها، فتغسله، وتنضح وترش على سائره، ثم تصلي فيه.

المباحث العربية

( عن أسماء) بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-.

( جاءت امرأة) في رواية الشافعي عن هشام في هذا الحديث أن أسماء هي السائلة، وأنكر النووي هذا، وضعف الرواية، قال الحافظ ابن حجر: ولا وجه لإنكاره، لأنه لا يبعد أن يبهم الراوي اسم نفسه.

( إحدانا) مبتدأ، والجملة بعده خبر، قال الحافظ ابن حجر: إحدانا أي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
اهـ.
وهو مبني على أن السائلة أسماء، والأولى أن يكون المراد إحدانا معشر النساء، أعم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولو كانت السائلة أسماء.

( يصيب ثوبها من الحيضة) الحيضة بفتح الحاء الحيض ومن اسم بمعنى بعض فاعل يصيب والتقدير: يصيب ثوبها بعض الحيضة.

( كيف تصنع به؟) كيف اسم استفهام مفعول مقدم لتصنع.
أي ماذا تصنع بثوبها المصاب؟.

( قال: تحته) بفتح التاء، وضم الحاء وتشديد التاء، أي تحكه، وتفركه وتقشره وتنحته، وقيل: الحت دون النحت.

( ثم تقرصه بالماء) بفتح التاء، وسكون القاف، وضم الراء، وبالصاد أو الضاد، قال في المغرب: الحت القرص باليد، والقرص بأطراف الأصابع، وفي المحكم: القرص التخميش والقرض بالأصبع، وقد قرضه وقرصه.
اهـ.
والمعنى: تحكه وتفركه جافا بدون ماء، ثم تدلك موضع الدم بأطراف أصابعها مع الماء ليتحلل بذلك، ويخرج ما تشربه الثوب منه مع الماء.

قال القاضي عياض: رويناه بفتح التاء وسكون القاف وضم الراء، وبضم التاء وفتح القاف وكسر الراء المشددة قال: وهو الدلك بأطراف الأصابع، مع صب الماء عليه، حتى يذهب أثره.

( ثم تنضحه) بفتح الضاد وضم الحاء، أي تغسله.
قاله الخطابي وقال القرطبي: المراد به الرش، لأن غسل الدم استفيد من قوله تقرضه بالماء وأما النضح فهو لما شك فيه من الثوب.
قال الحافظ ابن حجر: فعلى هذا يكون الضمير في تنضحه عائدا على الثوب، بخلاف تحته فإنه يعود على الدم.
فيلزم منه اختلاف الضمائر، وهو خلاف الأصل، فالأحسن ما قاله الخطابي.

فقه الحديث

يستفاد من الحديث

1- أن الدم نجس، قال النووي: والدلائل على نجاسته متظاهرة، ولا أعلم فيه خلافا عن أحد المسلمين إلا ما حكاه صاحب الحاوي عن بعض المتكلمين أنه قال: هو طاهر، ولكن المتكلمين لا يعتمد بهم في الإجماع، قال: وفي دم السمك والجراد والدم المتحلب من الكبد والطحال وجهان مشهوران، والأصح في الجميع النجاسة.

وممن قال بنجاسة دم السمك مالك وأحمد وداود.
وقال أبو حنيفة: طاهر.
وأما دم القمل والبراغيث والبق ونحوها فنجسة عندنا، لكن يعفى عنها في الثوب والبدن للحاجة، وممن قال: بنجاسة هذه الدماء مالك.
وقال أبو حنيفة: هي طاهرة، ومما تعم به البلوى الدم الباقي على اللحم وعظامه، فيعفى عنه، ولو غلبت حمرة الدم في القدر، لعسر الاحتراز.
اهـ.

2- وأنه يجب غسل النجاسات من الثياب عند إرادة الصلاة فيها.

3- وأن إزالة النجاسة لا يشترط فيها العدد.
قال النووي: واعلم أن الواجب في إزالة النجاسة الإنقاء، فإن كانت النجاسة حكمية -وهي التي لا تشاهد بالعين، كالبول ونحوه- وجب غسلها مرة، ولا تجب الزيادة، ولكن يستحب الغسل ثانية وثالثة، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، وأما إذا كانت النجاسة عينية كالدم وغيره، فلا بد من إزالة عينها، ويستحب غسلها بعد زوال العين ثانية وثالثة، وهل يشترط عصر الثوب إذا غسله؟ فيه وجهان.
الأصح أنه لا يشترط.
وإذا غسل النجاسة العينية فبقي لونها لم يضره، بل قد حصلت الطهارة، وإن بقى طعمها فالثوب نجس، فلا بد من إزالة الطعم، وإن بقيت الرائحة ففيه قولان للشافعي: أصحهما يطهر، والثاني لا يطهر.
اهـ.
وهذا في نجاسة غير الكلب والخنزير، وقد سبق بيان حكمها.

4- قال الخطابي: فيه دليل على أن النجاسات إنما تزال بالماء، دون غيره من المائعات، قال الحافظ ابن حجر: لأن جميع النجاسات بمثابة الدم، ولا فرق بينه وبينها إجماعا، قال: وتعين الماء لإزالة النجاسة هو قول الجمهور.

وعن أبي حنيفة وأبي يوسف وداود أنه يجوز تطهير النجاسة من الثوب والبدن بكل مائع طاهر [كالبنزين والغاز والخل والكحول] ولا يجوز بدهن ومرق.
واحتجوا بحديث عائشة ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد، تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من دم الحيض قالت بريقها [أي بلته بريقها، كما جاء في رواية أبي داود] فمصعته بظفرها أي فركته وحللته بظفرها.
رواه البخاري.

قالوا: لو كان الريق لا يطهر لزادت النجاسة باستعماله، وأجيب بأنها ربما فعلت ذلك تحليلا لأثره، ثم غسلته بعد ذلك.

كما استدلوا بحديث مسح النعل، وفرك المني، وحته، وإماطته بإذخرة.
ورد بأننا لا نسلم النجاسة حتى نسلم التطهير بالمسح.

وقالوا: إن مجرد الأمر بالماء في بعض النجاسات لا يستلزم الأمر به مطلقا فذكر الماء في حديث الباب خرج مخرج الغالب لا مخرج الشرط، كقوله تعالى: { { وربائبكم اللاتي في حجوركم } } [النساء: 23] والمعنى أن الماء أكثر وجودا من غيره، ثم إن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه، ثم إنه مفهوم، ولا يعمل به عندنا؛ ولم يأت دليل يقتضي حصر التطهير في الماء.

ورد عليهم بأن الحديث نص على الماء، فإلحاق غيره به يكون بالقياس وشرطه أن لا ينقص الفرع عن الأصل في العلة، وليس في غير الماء ما في الماء من رقته وسرعة نفوذه فلا يلحق به.
قاله الحافظ ابن حجر.

ومن الإنصاف القول بأن بعض المائعات كالخل والبنزين لا تنقص عن الماء في إزالة آثار النجاسة، بل تزيد عليه، وحيث كان القصد الإنقاء وإزالة عين النجاسة -طعمها وريحها ولونها- وسال المائع وعصر، فإنه يلحق بالماء.
نعم الماء أصل في التطهير، لوصفه بذلك في قوله تعالى: { { وأنزلنا من السماء ماء طهورا } } [الفرقان: 48] وقوله صلى الله عليه وسلم: الماء طهور فهو يطهر كل فرد من أفراد النجاسة المنصوص على تطهيرها، وقد يتعين غيره مطهرا، كالدباغ في جلود الميتة مثلا، لكن كونه أصلا لا يمنع قيام غيره مقامه إذا أدى مؤداه، ومن الإنصاف أيضا القول بأن بعض المائعات إن أدى مؤدي الماء في إزالة النجاسة فإنه لا يؤدي مؤداه في رفع الحدث، خلافا لما ذهب إليه ابن أبي ليلى، حيث جوز رفع الحدث وإزالة النجس بكل مائع طاهر، وخلافا لما روي عن أبي حنيفة من أنه جوز الوضوء بالنبيذ، وهو مردود بقوله تعالى: { { فلم تجدوا ماء فتيمموا } } [النساء: 43] .

بقي أن يقال: إذا لم يمكن إزالة جرم النجاسة بالماء وحده وجب إضافة ما يزيل جرمها، [كالصابون والبوتاس] ووجب الحت والقرض، فقد أخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان من حديث أم قيس بنت محصن أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيضة يصيب الثوب، فقال حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر قال ابن الأعرابي: الضلع هنا العود.

5- ويستفاد من الحديث أنه لا فرق بين قليل الدم وكثيره في وجوب تطهيره، لقوله صلى الله عليه وسلم.
تحته، ثم تقرصه بالماء حيث لم يفرق بين قليله وكثيره، ولم يسألها عن مقداره، وهو مذهب الشافعية، ويؤيدهم قوله تعالى: { { وثيابك فطهر } } [المدثر: 4] ولم يرخصوا إلا في دم البراغيث لعدم التمكن من التحرز عنه.

أما المالكية والحنفية فقد حملوا الحديث على الدم الكثير.
قال مالك: قليل الدم معفو عنه، ويغسل قليل سائر النجاسات.
وحدد الحنفية القليل بما دون الدرهم، واستندوا إلى ما روي عن علي وابن مسعود أنهما قدرا النجاسة بالدرهم.

قال العيني: وكفى بهما في حجة الاقتداء.

وقدر العيني الدرهم بمثل عرض الكف، ونقل ذلك عن المحيط، وأيد هذا التقدير بما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قدره بظفره.
قال: وفي المحيط: وكان ظفره قريبا من كفنا.
اهـ.
وليس من السهل علينا أن نتصور أن ظفر عمر كان قدر كف طفل، فضلا عن كونه قدر كفنا.

ومما استدل به ما روي عن أبي هريرة من أنه كان لا يرى بالقطرة والقطرتين بأسا في الصلاة، وما روي عن ابن عمر أنه عصر بثرة، فخرج منها دم، فمسحه بيده وصلى.
ورغم أن هذه الآثار واهية، ورغم أنها لا تدل على ما ذهب إليه الحنفية من العفو عن قدر الكف نجد العيني يتحامل على الشافعية، ويقول: فالشافعية ليسوا بأكثر احتياطا من أبي هريرة وابن عمر، ولا أكثر رواية عنهما حتى خالفوهما، حيث لم يفرقوا بين القليل والكثير.
اهـ.

ومما استدل به العيني ما نقله عن ابن بطال من استدلاله على حمل الحديث على الدم الكثير، بقوله: إن الله تعالى شرط في نجاسته أن يكون مسفوحا.
قال: وهو كناية عن الكثير الجاري.
اهـ.
والذي عليه المفسرون أن المراد بالسفوح السائل، وليس فيه معنى الكثرة، بل كل ما إذا وضع على شيء تجاوز موضعه وسال إلى ما حوله، وهذا احتراز عن الكبد والطحال.

6- وفيه جواز سؤال المرأة عما يستحيا من ذكره.

7- والإفصاح بذكر ما يستقذر للضرورة.

8- وجواز مشافهتها الرجال فيما يتعلق بأمور الدين.

9- واستحباب فرك النجاسة اليابسة ليهون غسلها.

والله أعلم